سامي النصف

الطبقة الوسطى

شاركنا خلال الفترة الماضية في ورش عمل مؤتمر «موقع الطبقة الوسطى» الذي أقامته مجموعة الأخت الفاضلة نورية السداني والذي يهدف لربط خطة التنمية المقبلة وبرنامج عمل الحكومة بتعزيز موقع الطبقة الوسطى في المجتمع التي تستقر باستقرارها المجتمعات الإنسانية، ومن المنتظر ان ترفع توصيات ورش العمل تلك للسلطات المعنية أواخر الشهر الجاري.

 

والتقيت صباح قبل أمس بمدير عام شركة الخليج للاستثمار المملوكة لحكومات الدول الخليجية هشام الرزوقي، ومما ذكره ضرورة ان تتضمن الخطة الإنمائية القادمة مشاريع تصنيع صغيرة وكبيرة كالحال القائم في منطقة جبل علي، حيث ان مشاريع المقاولات الكبرى ستقوم بها في الأغلب شركات عالمية سترحل بعد انتهائها بينما تبقى المصانع قائمة تدر الموارد للشباب وللكويت.

 

وفي رأينا ان إنشاء الشركات الحكومية المساهمة وتوزيع 50% من أسهمها على المواطنين لا يخلق بذاته طبقة وسطى بل يبقى داعما لها، متى ما حرصنا على توفير فرص عمل ومبادرات فردية في قطاعات الصناعة والخدمات يستطيع ان يتحول الشباب الكويتي من خلالها من طالب وظيفة الى خالق وظيفة عبر خطوات عديدة منها:

البدء في كسر احتكار الأنشطة الاقتصادية المختلفة حيث ان هناك تجارب محلية مريرة لا يسمح بمثلها في دول الاقتصاد الحر المتقدمة من قيام تكتلات وكارتيلات بإفلاس أي قادم جديد للأنشطة التي يحتكرونها. ان الحقبة القادمة مع انشاء مدينة الحرير الاقتصادية يجب أن يكون شعارها تكافؤ الفرص أمام الجميع وكسر الاحتكار وفرض المنافسة.

 

كما يجب ان تعي البنوك المحلية واجبها الاجتماعي فتنشئ إدارات فنية تختص بعمل دراسات الجدوى الاقتصادية للعديد من الأنشطة ثم تقوم بعد ذلك بتمويل الشباب الكويتي الراغب في ممارسة تلك الأنشطة اي التحول من إعطاء القروض الاستهلاكية للموظفين الحكوميين كما هو الحال القائم الى إعطاء القروض المنتجة والتنموية للشباب العاطل أو غير المعتمد على الوظيفة الحكومية تشجيعا له.

 

ولو ملك شخص مليون دينار وأورثه لابن أو اثنين لبقيت تلك الأسرة ضمن الطبقة الوسطى أو الغنية، اما لو ترك نفس المبلغ لعشرين من الأبناء لتحولوا للطبقة المحتاجة والفقيرة، لقد أثبتت دراسة نشرتها «القبس» الأحد الماضي ان الأسرة المكونة من اكثر من اثنين من الأبناء تعاني من الأمراض والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية بسبب إهمال الوالدين لأنفسهم للاعتناء بأبنائهم أكثر.

 

إن الحفاظ على الكويت الثرية وعلى الطبقة الوسطى يحتم بالضرورة النظر في الزيادات السكانية الرهيبة التي نعيشها والتي هي من الأعلى في العالم أجمع، ان الجميع ـ وليس فقط رب الأسرة المعنية ـ يدفع ثمن كثرة الأبناء الذي يشكل استنزافا خطيرا لثروات الكويت المستقبلية، وان ما أفقر الدول العربية والإسلامية والهندوسية والكاثوليكية هو التزايد السكاني على نفس الموارد المالية وواضح اننا نسير سريعا في ذلك الدرب.

 

آخر محطة: رسالة من الأخ الفاضل مشعل زمانان ([email protected]) يتساءل فيها ضمن تعقيبه على مقالنا يوم الاثنين، هل يعقل ان يكون هناك موظفون بنفس التخصص ونفس العمر ونفس الدرجة يبلغ التفاوت بينهم في الراتب الى ما يصل الى الف دينار؟! ويرى ان على الدولة ان تنظر لتحقيق العدل والمساواة بين الموظفين لتقريب هذا البون الشاسع في الرواتب عبر إقرار بعض الكوادر.

 

احمد الصراف

5 آلاف دينار لإنقاذ سمعة وطني

يتطلب الأمر عادة السير بالخطوات المعقدة التالية للمباشرة بعمل تجاري:
الحصول على رأس مال نقدي كاف وتجميده في بنك، واستخراج شهادة مصرفية وتقديمها لوزارة التجارة، وتعبئة نماذج عدة لهذا الغرض، واستخراج شهادة حسن سيرة وسلوك، وتأجير محل والحصول على شهادة من البلدية بصلاحيته للغرض المطلوب، ومراجعة الإطفاء وغرفة التجارة، وفتح ملف في الداخلية، ومراجعة التأمينات الاجتماعية ودوائر أخرى في البلدية لاستخراج رخصة اسم المحل، وتلبية طلبات للشؤون الخاصة بفتح ملف ومراجعة وزارة الصحة لاستخراج شهادات خلو العمالة من الأمراض، وعشرات المراجعات والتواقيع والأختام والرسوم الأخرى والانتظار لأسابيع مع ضرورة إنهاء معاملات البصمة وفئة الدم والبطاقة المدنية وسلسلة طويلة أخرى من الإجراءات، وهذه جميعها تمكنت وافدة مصرية من الاستغناء عنها والتغلب عليها بمساعدة «رشوة نقدية» دفعتها لجيش صغير من الموظفين والموظفات الكويتيين، الذين ربما تدل مظاهر غالبيتهم على التزام ديني واضح، حيث نجحت هذه المرأة في استخراج 400 ترخيص بأسماء مواطنين كويتيين حقيقيين يعيشون بيننا، وهذه التراخيص مكنتهم من جلب 1500 عامل هامشي وإدخالهم البلاد ورميهم في الشارع بعد قبض أكثر من مليون دينار منهم!!
ثم يأتي محررو الصحف ليكتبوا بالبنط العريض: مصرية زورت 400 ترخيص تجاري! وكان حريا بهم أن يكتبوا: عشرات المواطنين، من موظفي الحكومة، يسهلون لوافدة مصرية تزوير 400 رخصة تجارية مقابل رشاوى نقدية! فالرشوة تحتاج عادة إلى طرفين راش ومرتش، ولو كان للوافدة عذرها القبيح بأن خراب الكويت وتعكير صفو أمنها ليسا من مهامها أو أولوياتها، فما هو عذر المواطنين الذين كانوا لها عونا وسندا، وفي زمن الصحوة الدينية، وهم الذين طالما طرشوا آذاننا بأناشيد حبهم للكويت والذين ربما تمتلئ مركباتهم من الداخل والخارج بتمائم ومعلقات ونصوص دينية تدل على صلاحهم وطيب خلقهم!
قد تأخذ العدالة دورها وتقتص من هذه الفئة المجرمة في حق وطنها وأمنه وسلامته، إن لم يتدخل نائب أو متنفذ لفركشة الموضوع ووضع المسؤولية بكاملها على رأس الوافدة المصرية، وعفا الله عما سلف، وربما تكون هذه العصابة واحدة من العشرات المماثلة لها والتي لم يتم حتى الآن اكتشافها، ولكن ما يهمني كإنسان هو مصير هؤلاء العمال الــ1500 الذين دفع البعض منهم، من دون مبالغة، دما وربما أعضاء من أجسادهم، لدخول الكويت، غير مدركين أن عقود عملهم مزيفة وغير صالحة وأن لا عمل لهم ولا أمل! من أجل هؤلاء وسمعة وطني أنا على استعداد للتبرع بمبلغ خمسة آلاف دينار لجمعية حقوق الإنسان مقابل قيامها بتبني حملة جمع تبرعات للتعويض على هؤلاء المساكين وإعادتهم لوطنهم، سترا لسمعة وطننا التي عبث بها هؤلاء.. المواطنون!

أحمد الصراف