محمد الوشيحي


الكنارة ليست 
من العصافير

مَن يقرأ مانشيتات بعض الصحف عن استجواب العبدالله، وعن تراجع عدد مؤيدي الاستجواب وطرح الثقة، يعتقد أن الدقباسي نفسه سيصوت غداً ضد طرح الثقة، أو أن هذه الصحف تتحدث عن استجواب آخر أخفاه الدقباسي عنا، سامحه الله.

لكن بعيداً عن «أفلام المقاولات»، وبعيداً عما سيجري داخل قاعة البرلمان، والرهان الذي تم بيني وبين صاحبي، وقلت فيه «إن أحدا لن يتحدث مؤيداً للوزير إلا النائب القلاف»، وقال هو: «بل لن يتحدث أحد معه، بعد أن فاض ماء المخالفات على الطحين»… وإذا تغاضينا عن أن الدقباسي هو صاحب مشروع «التكويت» الرائع، بينما العبدالله هو صاحب مشروع «تكبيل الحريات» الضائع، وهنا يتضح الفرق في الأداء السياسي… أقول بعيداً عن ذاك وذيّاك، تعالوا نشوف المشهد.

فبعد أن عجزوا عن منازلته في الميادين والدواوين، راحوا يشيعون أن «الدقباسي خرج على القبيلة»! لأنهم يدركون أن الناس حساسون تجاه بعض المصطلحات، وأن الشعب «مُخرج» بطبيعته، يُخرج هذا من الملة، وذاك من قبيلته، والثالث من طائفته، والرابع من فئته، والخامس من بلده! ويبدو أن مَن اقترح هذه الخطة (خطة إشاعة خروج الدقباسي على رغبة قبيلته) هي خطّابة خسيسة، تسعى إلى هدم البيوت، وتفريق الزوجين، كي تبحث عن زوج للمطلّقة، وزوجة للمطلّق، فتستفيد. ملعونة.

طيب خلونا نرجع إلى موضوعنا، وندردش مع الدقباسي وهو خير المدردشين: شوف يا أبا سالم، أعرف أن المحاولة الخسيسة لانتزاعك من قبيلتك، وتحريضها عليك، جارحة ومؤلمة أشد الألم، أقول ذا وأنا المجرب، لكنني أعرف أيضاً أنك لست نتاج تربية المربيات الآسيويات و»ياي مامي دادي» كي يوقفك مثل هذا التجني عن مواصلة المسيرة، فلا يعجز ويتذمر من النقد، مهما كانت رذالته ورذالة رعاته، إلا العَجَزة، وتكرم لحيتك عن العجز، وتكرم قبيلتك عن الاستماع لما يقوله أمثال هذه الخطّابة.

أبا سالم، خصومك كُثر وسيتكاثرون غداً كالقطط والأرانب، منهم من يخاصمك لأدائك، وهذا على الرأس يوضع، ومنهم من يتقرب إلى القصور، ومنهم من يبحث عن الشهرة على حسابك، وهذا كالعصفور الذي يبحث عن شجرة سدر تظلله بظلها. وكلما كبرت السدرة كثرت عصافيرها، ولا يضير السدرة كثرة العصافير، وهل سمعت يوماً أن سدرة كتبت على أحد أغصانها: «لا يوجد شاغر».

والناس تدرك الفرق بين أشجار السدر والعصافير، فالفرق فارق. وهو فارق يعلمه عابر السبيل الذي يستظل تحت السدرة، ويعلم أن «الكنارة»* إذا سقطت فوق رأسه فهي من السدرة، وأن الفضلات من العصافير. والشاعر القديم يغني على ألحان ربابته: «حذرا تنام وفوق رأسك عصافير»، والرواة ينقلون عن بني هلال قولهم: «حنا عصافير(ن) وأبو زيد سدرة». وإذا التفتّ أنت إلى العصافير تُهتَ وضللت الطريق، فالملتفت لن يصل.

أبا سالم… «هش» العصافير بيدك وواصل شموخك.

* ثمرة السدرة 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *