احمد الصراف

الدين المعاملة.. أي معاملة؟

منذ كنا صغارا ونحن نسمع مقولة «الدين المعاملة»! وحيث ان النص لم يحدد معاملة من لمن، وحيث اننا أجلف ما نكون في تعاملنا مع الغير، فمن الطبيعي الافتراض ان المقصود هو تعاملنا بعضنا مع بعض.. كمسلمين! وحيث اننا لسنا بأقل جلافة هنا ايضا فمن حقنا القول اننا، في غالبيتنا، أبعد ما نكون عن مضمون المقولة!
وفي مقال للزميل احمد الاسواني تساءل فيه بحرقة كيف يمكن أن يثور ويشتم ويقيم الدنيا مسلمون على من أساء للإسلام ورموزه برسم تافه أو فيلم متواضع لأن مشاعرهم الدينية «الحساسة» جرحت، ومع هذا لم تهتز تلك المشاعر نفسها قط لمناظر ذبح وقتل الآخرين وتفجير الانتحاريين لأنفسهم في النساء والأطفال من عاصمة غربية لأخرى، ومن مدينة شيعية لجارة سنية شاملين الرياض بمدريد بلندن بالكويت وبمدن العراق وأفغانستان وباكستان باسم الإسلام، مسيئين لوضع ومستقبل وحياة ملايين المسلمين الذين طالهم أذى هؤلاء. وكيف يمكن أن نفهم خروج المظاهرة للإشادة بفروسية أسامة بن لادن وشجاعة الظواهري ودهاء الملا عمر، الذين خططوا لغزوتي واشنطن ونيويورك، وننسى أوضاعنا التعليمية والصحية والصناعية القريبة من المأساة، أو اشد احيانا، و«عشرات آلاف مساجين الحرية في الكثير من سجوننا الأكثر شهرة من جامعاتنا»؟
ويستطرد الأسواني، مدرس الفيزياء في أسوان، في القول ان من يسيء للرسول هو رجل مثل القرضاوي الذي يحرض على قتل الأطفال اليهود في أرحام أمهاتهم (محاضرة بنقابة الصحافيين المصرية سنة 1996)، ويحرض على العمليات الانتحارية باسم الدين، ويعلن الجهاد في العراق؟ من يسيء الى الرسول هم من ينادون العالم لإصدار قرار بمنع ازدراء الأديان وهم يمارسونه مع كل صلاة في مساجدهم وفي مدارسهم وفي فضائياتهم، وخاصة مع المسيحيين واليهود ويدعون عليهم في كل صلاة. (…)
من يسيء الى الإسلام هو من يعتقد ان المرأة عورة، وانها تقطع الصلاة مثلها مثل الكلب والحمار كما جاء في أحد الصحاح، وان المرأة ناقصة عقل ودين، وينساها أما وأختا وحبيبة وابنة وزوجة. ومن المؤسف ان غالبية المسلمات يؤمن بصحة هذه الأحاديث.
من يسيء الى الرسول هم من ينشرون الخرافات بين المسلمين مثل الطب النبوي وتفسير الأحلام ويدعون أتباعهم لسنة النبي الكريم لينشروا الجهل والتخلف.
من يسيء الى الإسلام هم أولئك الحكام الذين حولوا دولهم الى معاقل الطغيان والدكتاتورية، وقاموا بتطويع النصوص الدينية لتبرر جرائمهم. من يسيء الى الرسول ليس الغرب بل نحن، لفرضنا النموذج الإرهابي المنافق الكاره للحياة، الذي يتغذى من قتل الآخرين باسم الجهاد ومحاربة الرأي الحر بحجة ثوابت الأمة، وهي لا تعني إلا التخلف والتحجر.
•••
• ملاحظة: على الرغم من الضعف البدني الذي يشعر به من هو في حالته، والذي يمنعه من التواصل المستمر مع محبيه وقرائه، فإن الصديق الاستاذ أحمد البغدادي يتمتع بمعنويات عالية، وصحته في تحسن مستمر، وخسر إيجابيا الكثير من وزنه الزائد، وأصبح بإمكانه الخروج من المستشفى قليلا والتريض خارجها، وسيعود لنا جميعا قريبا معافى.
نذكر ذلك ردا على كمّ الاستفسارات التي تردني كل يوم لتسأل عن أحواله.

أحمد الصراف

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *