محمد الوشيحي


جسد امرأة

عندما كنا صغاراً، أرعبنا «علماء الدين»: «من يضع (الدش) في بيته، فهو ديوث، عليه لعنات الله»، وازداد هلعنا عندما حذرونا: «هذا غزو صليبي يحتل البيوت وغرف النوم، وهو أخطر من الغزو العسكري الذي يحتل مناطق». وكنت أمرّ في شارعنا أحسب عدد «الديايثة»، فأيقنت أن الغربيين احتلوا غرف نومنا، خلاص، وقررت المقاومة، على بركة الله، فالإسلام كما فهمته مبني على «جسد امرأة»، شعرها وخصرها وحيضها وعينيها وصوتها، ووو، هذا جل ما كانوا يتحدثون عنه… شرّف الله الدين عن دنسهم.

وكبرت، وابتلاني الله بآفة لا شفاء لي منها، القراءة. فاكتشفت أن علماء الأزهر في مصر طردوا إمامهم الأكبر الشيخ العلامة محمد عبده من الأزهر، ومنعوه من الإفتاء وكفروه، بعدما أفتى أن «خلع الطربوش وارتداء البرنيطة حلال»، واتهموه بأنه يقبض أموالاً من الإنكليز ليغير الثقافة العامة المصرية ويساعدهم في غزوهم الثقافي. ثم أصدروا فتوى مضادة: «ارتداء البرنيطة كفر». ثم قرأت في كتب الثورات أن أحمد عرابي طلبَ من أتباعه تعلّم اللغة الإنكليزية، على أساس أن «من تعلم لغة قوم أمن مكرهم»، فأصدروا حكمهم: «خرج عرابي عن الملة»، فانصرف أنصاره من مجلسه وبقي وحيداً مع أولاده.

وقرأت أن تدريس البنات في السعودية كان محرماً، وجهاز «التلكس» كان محرماً، بحجة أنه «استخدام للجن»، ومن صدّق باختراع «الإِمطار»، أي المطر الصناعي، كافر، ومن «ادّعى» معرفة ما في الأرحام كافر، طقة واحدة، فـ»الغيث وما في الأرحام» لا يعلمهما إلا الله، وهلمّ جرا على أشواك الفتاوى.

وكبرت أكثر، للأسف، فشاهدت «العلماء» ينتشرون في الفضائيات بواسطة الدش، واكتشفت أن بناتهم أصبحن جامعيات، وقرأت فتاوى لهؤلاء «العلماء» يأتي في أسفلها رقم «الفاكس والتلكس» الخاص بهم، وهو دليل على أن الجن يتطور، فبعدما كان على شكل تلكس، أصبح فاكس رول، واليوم صار الجني على هيئة إنترنت 3 ميغا بايت، وصارت شركات الاتصال تؤجر لنا الجن بالشهر، وأصبحت هناك صيانة للجن، واقتنع «العلماء» اليوم أن أي طبيب في «طيبة كلينيك» بإمكانه اكتشاف جنس المولود منذ الشهر الرابع للحمل، بل وبإمكان الأبوين التنسيق مع طبيب الولادة لتحديد جنس المولود. ثم شاهدت المصريين يرتدون البرنيطة، وعلمت أن أبناء علماء الأزهر أصبحوا بلابل إنكليزية، ووو…
ويقول الدراويش لنا: «ما العائق الذي وضعناه أمام العلم، نحن على العكس نطالب بالعلم»، فنجيبهم: «أنتم تفسرون الدين خطأ وتزرعونه عائقاً أمام العلم والاختراعات، وحكاية (الإمطار) شاهدة عيان، وحكاية جنس المولود، بل وحتى الزلازل والأعاصير والبراكين أنتم تدّعون أنها (غضب إلهي) وتطوون الصفحة وتنامون، ولو صدقكم الأميركان واليابانيون لما استطاعوا اكتشاف فورة البراكين وأجلوا الناس قبل انفجارها، ولما استطاعوا اكتشاف الأعاصير والزلازل، في الغالب، قبل موعدها، ولو بفترة وجيزة، فتقلص بذلك عدد الضحايا. وانظروا إليهم الآن وهم يرصدون مليارات الدولارات لمحاولة اكتشاف الزلازل ومهاجمتها تحت الأرض، لقتلها في مهدها، ومازالوا يحاولون، وسينجحون بالتأكيد. في حين أن علماء الطبيعة والجيولوجيا المسلمين لم يبحثوا في الأمر وصدقوكم واتكؤوا على تفسيركم (غضب إلهي)، وناموا».

واليوم، يصرخ أحمدي نجاد وشركاؤه، أثناء انتظارهم المهدي، كما يدّعون: «إسرائيل وأميركا والغرب يغزون إيران ثقافياً»! الحجة الأزلية ذاتها، وهي تشبه لعبة شعبية كويتية يمارسها الأطفال «أنا الذيب باكلكم، أنا أمكم باحميكم»، والغرب هو الذئب، ونجاد هو الأم الحنون التي تُجلس خصومها السياسيين على خوازيق، وتنتهك أعراضهم في السجون، وتُطلق عليهم الكلاب في الشوارع.

وأنا أصدق نجاد، وأظن أن الموساد الإسرائيلي، فعلاً، غزا إيران والأمة العربية، ونجح في أن زرع لنا أعداداً هائلة من «المفتين، ومفسري الأحلام على الطريقة الإسلامية، ومشعوذي البصق على وجوه المرضى»، الذين شغلونا وانشغلوا بجناح البعوضة، فانشغل الغرب وعلماؤه بجناح طائرة الشبح وجناح المكوك الذي وصل إلى القمر… والجناح بالجناح والبادئ أظلم.

وفي مقالة الغد سأضع براهيني على أن بعض علماء السنة والشيعة مِن صُنع الموساد، أو على الأقل، هم يفعلون ما يرضي الموساد. 

سامي النصف

1961 ـ 1990

استضاف الزميل ماضي الخميس مجموعة من الإعلاميين للحديث عن تاريخ الكويت الحديث وتجربتي عامي 1961 و1990، وكان مما ذكرته الأخت الفاضلة نورية السداني ان قسم متابعة الأخبار في الإذاعة الكويتية كان يرصد ما يقال في الإذاعات العربية والأجنبية ومنها إذاعة بغداد ثم يتم ارسالها ليلا الى منزلنا في شرق حيث كان الوالد رحمه الله يكتب الردود عليها لإنزالها كتعليقات اذاعية وبيانات لسكرتارية حكومة الكويت.

 

في يونيو 1961 دفع الاتحاد السوفييتي طاغية العراق عبدالكريم قاسم للمطالبة بالكويت بقصد احراج الرئيس جمال عبدالناصر الداعي للوحدة العربية بعد ان اصبح ينتقدهم في خطبه وملأ المعتقلات المصرية والسورية بالشيوعيين ردا على مذابح الموصل عام 1959 التي سحل الشيوعيون خلالها القوميين وعلقوا جثثهم على أعمدة النور.

 

تصدت الجامعة العربية آنذاك لدعاوى قاسم وقام أمينها العام عبدالخالق حسونة بإصدار قرار (بالأغلبية البسيطة وليس بالإجماع بعد ان اعترض العراق) نص على ارسال قوات عسكرية للجامعة بلغ عددها 2250 ضابطا وجنديا (منهم 159 من ج.ع.م أي اتحاد مصر وسورية آنذاك) الى الحدود الشمالية للكويت كي تحل محل القوات البريطانية، وقد صرح مندوب ج.ع.م في الجامعة العربية محمود رياض في رده على المندوب العراقي بأن قواته لديها أوامر بعدم الاشتباك مع القوات العراقية مهما حدث! وهو فارق أساسي ورئيسي مع الموقف المصري والسوري المشرف عام 1990.

 

وقد أحسن «حسونة» في عمله وأصدر القرار الأنجح في تاريخ الجامعة العربية حتى يومنا هذا، حيث استطاعت الجامعة العربية للمرة الأولى ولربما الأخيرة في تاريخها ان تردع وتوقف عدوانا محتملا على احدى دولها، في حين أخفقت الأمم المتحدة آنذاك اخفاقا ذريعا في حل الاشكال بسبب الفيتو السوفييتي المعادي للكويت.

 

في أزمة عام 1990 حدث العكس تماما حيث أخفقت الجامعة العربية في حل الأزمة إبان عهد أمينها العام «القلابي» الشاذلي القليبي الذي لم يرد على أكاذيب وإهانات أحد الزعامات الثورية العربية الذي طالب بإصدار القرارات بالإجماع «المستحيل» دون ان يذكّره بسابقة عام 1961 وقرارات تحريك الجيوش بالأغلبية البسيطة، وبالمقابل كان هناك نجاح غير مسبوق للأمم المتحدة عندما توحدت دولها واتفقت على تحريك جيوشها لتحرير الكويت، لذا فبلدنا يبقى تاريخيا هو القاسم المشترك في النجاح الأكبر للجامعة العربية عام 1961 والأمم المتحدة عام 1991.

 

آخر محطة: نرجو من وزير الشؤون الفاضل د.محمد العفاسي ان يلحق قرار إلغاء نقابة الأطباء بإلغاء قرار انشاء نقابة ديوان المحاسبة، حيث انه أمر لا مثيل له في تاريخ الأجهزة الرقابية بالعالم، ديوان المحاسبة يجب ان يكون بعيدا عن اي ضغوط وطبيعة عمل النقابة هي الضغط والتهديد بالإضراب… الخ.

احمد الصراف

النظام الاقتصادي الفاشل

«.. إن من الغطرسة أن نزعم وجود اقتصاد إسلامي أمام هذا الكم الهائل من المؤلفات والأبحاث في الاقتصاد الوضعي والذي ساهم (ويساهم) في تطويره أفراد من ديانات وجنسيات مختلفة، ومن الظلم أن نضيع جهود المسلمين بأن نوحي لشبابنا بوجود مثل هذا المجال..»
(حامد الحمود، القبس 2010/2/8)

•••
إن قصة استغلال الدين الإسلامي وإقحامه في الاقتصاد، أو العكس، رغبة في تحقيق ثراء سهل، قصة محزنة ومؤلمة في الوقت نفسه، كما هي الحال في العديد من الأنشطة الأخرى التي ربطت بالدين ربطا. واستغلال الدين يكون أشد نفعا كلما كانت المجتمعات التي تعمل فيها هذه الأنظمة أكثر تخلفا، وليس غريبا أن فكرة الاقتصاد الإسلامي، وتطبيقاته في المصارف والشركات الاستثمارية، لم تر النور أبدا إلا مع بدء انهمار الثروات النفطية على الدول الخليجية ذات الأنظمة التعليمية والاقتصادية والمالية المتخلفة، مقارنة، ليس بدول الغرب فقط، بل حتى بأنظمة مثل مصر، ما قبل خمسينات القرن الماضي ولبنان، ودول غرب شمال أفريقيا.
لقد تطلب الأمر من البعض 40 عاما لكي يعرف حقيقة ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي، وقد يكون بعض مفكري إيران، عهد الشاه، ورجال دينها ومن يماثلهم مكانة في النجف من أوائل من كتب في هذا الموضوع قبل أكثر من نصف قرن بقليل، ولكن مع هذا لم تجد التجربة لها أي مجال للتطبيق الحقيقي إلا مع بروز ظاهرة البتروـ دولار التي وجد البعض أن الحصول على حصة منها يتطلب تقديم نماذج مالية جديدة.
ولو نظرنا الى الوضع المأساوي الذي وصلت اليه غالبية المؤسسات المالية الإسلامية لوجدنا أن الكثيرين خدعوا بالفكرة ودفعوا ثمنا غاليا لاعتقادهم هذا، فالتجربة بالرغم من عدم وقوفها على أرضية صلبة، تفتقر الى العمق. ولو استعرضنا ما كتب وألف في هذا الموضوع، من الناحية الإيجابية، لوجدناه بالكاد يذكر، مع غلبة التناقض والاختلاف فيه على الاتفاق. كما أن من عمل في مثل هذه المؤسسات اعتمد على أمرين: تجارب المؤسسات السابقة عليها، والتجربة الشخصية، وكانت نتيجة ذلك كارثية بصريح العبارة. ففي عام 2009 مثلا تكبد مؤشر غلوبل الإسلامي خسائر أكثر من %14 مقارنة بمعدل خسارة يقل عن %10 لمؤشر غلوبل العام (أوان 2010/1/7). وفي تقرير نشر في «الشرق الأوسط» في 5 يناير 2010، أكد علي القرة داغي أستاذ الشريعة الإسلامية، ورئيس الكثير من الهيئات الشرعية في دول الخليج، أن الكثير من البنوك الإسلامية لا تلتزم بقرارات المجاميع الفقهية فيما يتعلق بتحريم بعض المنتجات كالتورق والمرابحة في السلع الدولية. وأكد في حديثه للمجلة أنه تأكد شخصيا من وجود بضائع واقفة في مكانها منذ سنوات وتجري عليها البنوك والشركات الإسلامية عمليات البيع بأوراق صورية، وأن المستودعات الأوروبية، التي توجد لديها هذه البضائع لا تمارس البيع الحقيقي، ولكنها تتعامل مع البنوك الإسلامية.
من كل ذلك نرى أن المسألة برمتها لم تزد يوما عن محاولة استغلال الضعف البشري والوازع الديني لتحقيق أقصى الأرباح وأكثرها سهولة.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

آمال ثلث سكان البحرين معلقة على سمو ولي العهد

 

بعد توجيهات ولي العهد نائب القائد الأعلى رئيس مجلس التنمية الاقتصادية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة بإلغاء مشروع البيوت الذكية يوم الخميس 11 فبراير/ شباط الماضي، طالب سموه بإعداد التصاميم الجديدة للمشاريع الإسكانية في غضون أسبوعين، ويوم الخميس الماضي 25 فبراير، ترأس سموه اللجنة التنفيذية لمجلس التنمية الاقتصادية، وتكمن أهمية ذلك الاجتماع لكونه لم يتأخر عن سابقه، وفيه أكد سموه على ضرورة منح المواطن البحريني فرصة الظفر بسكن كريم ولائق ودائم.

لذلك، فإن ثلث سكان البحرين يعلقون الآمال على سموه، فإجمالي الطلبات الإسكانية، حسب الأرقام الإحصائية الإسكانية المعلنة، يفوق 47 ألف طلب إسكاني، وهو ما يعادل ثلث عدد المواطنين، والأرقام تشير إلى أن هذا الرقم يتضخم بمعدل 7 آلاف طلب سنويا، ولهذا أيضا، يصبح من الصعب جدا أن يحصل المواطن الذي يتقدم بطلب إسكاني اليوم على مبتغاه في العام 2027، والوضع أصعب بكثير بالنسبة لثلث سكان البحرين الذين لا يزالون ينتظرون الفرج، ويرون في اهتمام سموه بارقة أمل كبيرة أنعشت آمالهم، خصوصا وأن سموه استفسر (بالتفصيل عن كل نقطة في المشروع لدى عرض التصاميم المتعلقة بالمساحة والانسجام مع روح المواطن البحريني، والسعي لتلبية متطلباته الاجتماعية ومناقشة كلفة هذه المساكن بغية تحقيق أفضل الأسعار لمصلحة المواطن الذي طالب سموه بتوخي مصلحته المالية والاجتماعية وتحقيق ما يصبو إليه من آمال والاستفادة من الشراكة المتكاملة والاستراتيجية بين القطاعين العام والخاص).

لن يكون من المفيد استعراض جملة من المعاناة التي تتعرض لها مئات الآلاف من الأسر البحرينية… أي ثلث سكان البحرين وفق العدد المعلن، بسبب افتقارهم للمسكن الملائم، فهذه الصورة من المعاناة والضيق واضحة لدى قيادة البلاد تماما كما هي واضحة لدى المواطنين أنفسهم، لكن، هذا الثلث من المواطنين الذي يكبر عاما بعد عام، والذي تجددت الآمال لديه بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل اهتمام سمو ولي العهد ومتابعته الحثيثة لملف المشكلة الإسكانية، لا يتحمل العيش، مزيدا من السنين، في وضع معيشي مخنوق وبلا استقرار، ولا يستطيع أن يبقى متفائلا وهو يرى فرصته في الحصول على المسكن تضيع وتذهب إلى (آخرين) ليسوا بأفضل منه وليسوا أكثر منه استحقاقا أو أسبقية.

الوقت ملائم لتصحيح أخطاء فادحة وقعت على مدى السنوات السابقة بسبب افتقار الآلية القانونية والمنصفة لمنح المستحقين من المواطنين مساكن، وبسبب القفز على الطلبات بصورة حرمت الكثير من المواطنين من حقوقهم، ولهذا، حين يفرح ثلث سكان البحرين ويدعون لسموه بطول العمر ويبتهجون لأن ملف المشكلة الإسكانية خاضع اليوم لتدقيق لم تشهده الأزمة من قبل، فإن الفرحة ستكتمل وستدخل كل البيوت حينما يتسلم ثلث سكان البحرين مفاتيح مساكنهم اللائقة بهم، وهم يستحقون.