سامي النصف

القذف من خلف ستار الحصانة!

بعد تصريح النائب حسن جوهر الشهير بأنه سيشهد أمام لجان حقوق الإنسان الدولية ضد بلده الكويت، عاد بالأمس للطعن في أبناء بلده المخلصين القائمين على الجامعة و«التطبيقي»، مما يدل بشكل قاطع على أن الدكتورين الفاضلين الفهيد والرفاعي يسيران ويخدمان بلدهما بالشكل الصحيح، فلو كان الاثنان ممن يغيبون ضمائرهم ويقبلون توسط من لا يستحق لحصدوا ثقة البعض ولاستبدل العداء بالثناء الشديد.

 

إن الطعن في الشهادات قد حسمته المحاكم ـ كما يعلم النائب ـ لصالح مدير عام التطبيقي حين أصدرت أحكامها النهائية من محكمة التمييز ضد من طعن في شهادته العلمية، ولو كان ذلك الطعن صحيحا ـ وهو جزما غير ذلك ـ لأدان النائب قبل المدير لسكوته طوال الأعوام الماضية التي تردد خلالها على المدير في مكتبه، مما يعني اعترافا صريحا بشهادته ومكانته، وقبل ذلك عندما كان النائب عضوا في اللجنة التعليمية لمجلس الأمة، وكان الدكتور عميدا لكلية الدراسات التجارية لمدة ست سنوات طوال، ولو كانت الدعوى محقة لطالب كعضو في تلك اللجنة بإقالته من ذلك المنصب الأكاديمي الرفيع.

 

إن الحقائق الجلية تظهر أن الدكتور الفاضل يعقوب الرفاعي قد حصل على البكالوريوس بدرجة جيد جدا من جامعة الكويت، ثم أُرسل في بعثة حكومية، حيث حصل على الماجستير وبعدها ـ لا قبلها ـ الدكتوراه من جامعة كليرمونت الشهيرة التي تخرج فيها كثير من رجال الدولة الكبار الذين لم يطعن أحد في شهادتهم أو في أهلية تلك الجامعة العريقة، وأما الدكتور الفهيد فموقفه وهو مريض ـ إن صح الادعاء ـ خير من موقف ألف من الأصحاء المجاملين.

 

ويعلم الجميع أن التعليم قد دُمر في الماضي بسبب المجاملات وقبول الوساطات فيها لا يجوز التوسط فيه ونعني القضايا الأكاديمية والتعليمية، ويأتي هجوم من تغيرت عليه الأوضاع كشهادة وصك براءة لمسؤولي الجامعة والتطبيقي، ونأمل أن يكون الرد الحاسم على الهجوم غير المبرر هو الإسراع بإعلان التمديد للدكتورين الفاضلين كأمر مستحق ولتعزيز هيبة السلطة التنفيذية تجاه من يحاول القفز على مواد الدستور وسلب صلاحياتها.

 

لقد ضجت الناس ومجت من عمليات الابتزاز والتشهير القائمة على معطى «حقق لي مطالب وافعل بعدها ما تشاء»، أو بالمقابل إن رفضت ما أطالب به فسأستخدم حصانتي البرلمانية في غير موضعها وسأجعلها ستارا أقذف من خلفه الآمنين بالأحجار والدعاوى الكاذبة الزائفة. ولا حول ولا وقوة إلا بالله.

 

آخر محطة: الحمد على سلامة الزميل العزيز فؤاد الهاشم ونتمنى عودته قريبا لأهله وبلده وقرائه الكثر، وما تشوف شر يا بوعبدالرحمن.

احمد الصراف

الوطن العائم 3 ـــ 3

ما إن انتهت عملية التحرير وسارت السفينة في طريقها تتهادى بكل جلال حتى هبت ريح شمالية قوية عليها، ما لبثت ان تحولت لشرقية عاتية قبل ان تنتهي لجنوبية قاتلة ارتفع خلالها الموج عاليا، ولكن الأمور هدأت فجأة ولكن بعد ان تركت وراءها عددا من الضحايا والخسائر المادية، وبيّنت، وما سبقها من تجربة الاحتلال، مدى الحاجة لمشاركة الآخرين الرأي وعدم التفرد به، وان العودة لبرنامج التعاون السابق على الاحتلال هو الافضل. وعلى الرغم من اتفاق الجميع على ذلك فان التعاون لم يستمر طويلا، حيث اعتقد كل طرف ان الطرف الآخر يعتدي على «صلاحياته»، مما اضطر لحل لجان التعاون والتفرد، فساد التذمر والاحتجاج، ولكن مقاومة الركاب وبعض البحارة السلبية اعادت اللجان للعمل بروحية جديدة، مما كان له احسن الأثر في احداث تغيرات ايجابية ساهمت في تطمين النفوس القلقة، وتبين انه كان القرار الافضل لسلامة المركب وبحارته وقاطنيه.
سارت الامور على ما يرام لفترة، ولكن دوام الحال من المحال، فقد بدأت العلاقة بين الطرفين بالتخلخل، بعد ان اكتشف احد اعضاء اللجان الفرعية قيام بعض البحارة بالاستحواذ على كميات من طعام اكثر من حاجتهم، وقيام بحارة آخرين بالضغط على الربان لاعطائهم مساحات اكبر من السفينة لمزاولة تجارتهم ورغد عيشهم. وهنا بدأت عمليات الشد والجذب واضطر النوخذة للتدخل ووضع حل لخلافات البحارة والركاب، ولكنه غض الطرف عن بعض التجاوزات، مما ترك اثرا سيئاً في نفوس البعض وزادت الاعتراضات السلمية على ما يرتكب من مخالفات، الامر الذي دفع الربان لحل اللجنة مرة اخرى، لم يقبل الركاب بالوضع واستمر الشد والجذب بين الطرفين وانتهى الامر بتشكيل لجنة رئيسية جديدة.
سارت الامور لفترة على ما يرام ولكن النوخذة وبحارته احسوا ان من الافضل شراء ولاء فئة من الركاب لمساعدتهم في السيطرة على الاوضاع في السفينة، وهكذا سهلوا امر فئة محددة واطلقت يدها في العديد من المجالات، وبدأ هؤلاء بمصادرة كل الآلات الموسيقية بحجة انها «حرام» ثم تبعوها بأوراق اللعب وصادروا الكتب ومنع الجديد منها، وأصبح اداء الشعائر الدينية اجباريا وتم تقنين المؤن الغذائية بحيث تكون الاولوية في التوزيع للمرضي عنهم، وسنت انظمة تحرم الكثير على الاقليات وصودرت صحون التقاط القنوات، وطلب من النهام الجديد، الذي تحول سلفه لمؤذن، الابتعاد عن الشدو بأغاني الامس لاحتوائها على ما يخدش مشاعر البعض، ومنعت الافلام والمسرحيات وحتى الصور المتحركة لكونها مفسدة للاخلاق، وقصروا اطوال ملابسهم واطالوا لحاهم واستبدلوا فراشي الاسنان بمساويك، ولم تلق اعتراضات الركاب اذنا مصغية، وتدنى مستوى المعيشة وغادر البعض السفينة وفضل آخرون الانزواء والتفرغ لاعمالهم والسكوت على كل تجاوزات الملالي الجدد، وهذا افسح المجال للقطط السمان بحيث اصبح «المخامط» السمة السائدة، واصبح الملالي سادة الساحة وأصبحت السفينة، ولأول مرة، معرضة للخطر من الداخل، فهل ستنجو من هذه الكارثة؟

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

طلال الفهد


عزفت عن متابعة مقابلة السيد طلال الفهد في إحدى القنوات المحلية قبل أيام، ولم ينبع عزوفي عن متابعة طلال لرفضي سماع الرأي المعارض لرأيي، بل أعزو المسألة لاعتقادي الراسخ بأن من لا يجرؤ حتى على مواجهة المكالمات التليفونية، بل يشترط ألا تتضمن مقابلاته أي مواجهة مهما كان نوعها، فهذا يعني أن كلامه ومنطقه هش لا يتحمل أبسط أنواع المعارضة. على الرغم من هذا العزوف، فإنني أجبرت للأسف على مشاهدة تسجيل هذا اللقاء بعدما وجدت أن البعض ممن هم حولي انطلت عليهم بعض أقاويل الرئيس السابق وأسلوبه في طرح قضيته ورؤاه. إليكم بعض ما قاله السيد طلال الفهد مع التفنيد: – بدأ حديثه بتهنئة اتحاده الشرعي، على حد تعبيره، على وصول المنتخب إلى نهائيات كأس آسيا! على الرغم من عدم اعتراف أي جهة في العالم محلية كانت أو دولية بما يسميه الاتحاد الشرعي، وهو ما يعني أن «صاحبنا» يفتقر حتى لأبسط أنواع المنطق التي تجعل المرء يتمكن من سماعه. – في معرض تعليقه على حكم المحكمة الدستورية الذي ينص على عدم جواز إقالة من يجمع بين منصبين رياضيين دون أن يتم تخييره، ذكر أن الحكم الحالي يسمح له بالجمع بين المناصب، وهو تدليس على حكم رسمي صادر من السلطة القضائية، والذي كما ذكرت بأنه ينص على التخيير، أي أنه لا يمكن للمرء الجمع بين منصبين رياضيين حتى بعد حكم المحكمة الدستورية على عكس ما دلسه طلال الفهد. – ادعى بأن من ساهم في مشاركة منتخب الكويت في كأس الخليج هو وزير التنمية أحمد الفهد، وهو تحوير بيِّن للحقائق التي تثبت أن قرار المشاركة كان قد اتخذ قبل تحرك وزير التنمية. هذا جزء فحسب من ادعاءات الرئيس السابق في تلك المقابلة، أما الشق الآخر من المقابلة فقد كان مساحة لفتل العضلات الوهمية التي مازال يعتبرها الكثيرون شجاعة وبطولة وقوة، فالسيد طلال يقول في معرض حديثه إنه «سيلسّب» رئيس الهيئة العامة للشباب والرياضة قضائياً، نعم المصطلح كما قرأتموه صدر من شخصية كانت قيادية قبل أشهر تجاه لواء متقاعد قدم الكثير لبلده على الصعيد الرياضي والعملي. لا أستهدف في هذا المقال نقد شخصية هي برأيي من أسوأ أمثلة القيادات التي مرت على هذا البلد أخيرا، بل لكي تتضح الصورة للعقول عن مدى ضحالة طرح من يفاخر البعض بوجوده كشخصية رياضية. نعم نجح طلال الفهد نجاحاً باهراً في الإدارة الرياضية في بعض الأحيان «نادي القادسية» وفشل فشلاً ذريعاً في أحيان أخرى «اتحاد كرة السلة سابقاً»، ولكن لا الفشل ولا النجاح يجعلانه يستمرئ التدليس والانحدار في الطرح لهذه الدرجة. ضمن نطاق التغطية: لجأ إلى القضاء في قضية خلعه من رئاسة نادي القادسية، ولجأ إلى المحكمة الدستورية للطعن في عدم دستورية قانون عدم الجمع بين المناصب، وفي الحالتين طبق القانون ومن ثم اشتكى، إلا أن الشخص نفسه رفض أن يطبق قانون انتخاب الاتحادات ولم يلجأ إلى القضاء، بل أدخل الكويت ومازال في دوامة رياضية أمدها ثلاث سنوات، هل مازال البعض يعتقد أنه يهدف إلى الإصلاح؟ 

محمد الوشيحي

أعقل من كده إيه؟

البرلمان الصيني أصابته لوثة في عقله، الله يدفع البلاء، وقرر، قبل نحو سنة، إيقاف مراجعة خطة التنمية الإسكانية بعدما اكتشف فساداً في وزارة الإسكان، وطالبَ الحكومة بالمساهمة معه في التحقيق للكشف عن اللصوص. وأثناء التحقيق كانت الصحافة تنقل أحدث الأخبار، فرأى المواطنون الصينيون وقرأوا ما يشيب له شعر الغراب الفتيّ. واستطاعت الحكومة (أكرر، الحكوووومة، لمن في عينه عمش) تثبيت الأدلة التي تدين أحد مسؤوليها، فأحالته إلى لجنة الإسكان التي أحالته بدورها إلى القضاء، قبل أن تستأنف اللجنة بحث الخطة من جديد. وصدر حكم القضاء بإعدام المسؤول الإسكاني الكبير، وتم إعدامه فعلاً قبل ثمانية أيام. وأصدرت الحكومة بياناً تعتذر فيه إلى الشعب والبرلمان، بينما أصدر البرلمان بياناً شديد اللهجة يحذر فيه الحكومة من تكرار أخطاء بهذا الحجم، ويأمرها أن تنتقي كبار موظفيها ومستشاريها بعناية.

شنو هؤلاء البوذيون. إعدام واعتذار وبيان شديد اللهجة! كل هذا بسبب عملية نصب في قضية إسكانية؟ يا عمي تعالوا شوفوا منطقة «المنقف» عندنا، وأنا كنت أحد سكانها ولا فخر، في البيوت التي تقع خلف المضخة. ولأنني كنت طويلاً، وماأزال، فقد كنت أنام على سريري فتظهر أقدامي من تحت البطانية إلى الشارع العام مباشرة. وفي الصباحية قطعة أربعة، مقابل منزل النائب السابق شارع العجمي، هناك قطعة أرض فضاء، خُصصت ميزانية لبنائها، فالتهمت القطة بيوتها وميزانيتها. وفي محافظة الجهراء، في منطقة الواحة، أو «الكوريّات» كما يسميها الناس، لا حاجة إلى أن تشتري بطاطين لأولادك، إذ تستطيع أن تغطّي البيت كله ببطانية مورا، التي تمنحك دفئاً وحناناً… ومع ذا لم نعاقب المسؤول الإسكاني السابق، وبإذن الله لن نعاقب المسؤول الإسكاني اللاحق، لأننا «عقلاء»، ونوابنا أغلبيتهم «عقلاء».

إعدام مرة وحدة، وعلى قضية فرعية! يا عمي نحن شارف نفطنا على النضوب، وقريباً ستمسح أرضنا كفيها وتفتح ذراعيها وتقول لنا «باح، جف ضرعي»، ومازالت شوارعنا مصابة بالجدري، ومباني وزاراتنا تمر بجانبها القطط والكلاب وهي تسد أنوفها لعطانة الرائحة، بينما أرصدة مسؤولينا تزداد وتزداد وتزداد، وبيوتهم تتحول إلى قصور لو رآها سلطان بروناي لسرقَ مخططاتها وقلّدها، ومع ذا تحملنا، ولم نسجن أحداً. ليش؟ لأن نوابنا «عقلاء» يحاربون التأزيم.

إعدام مرة وحدة! ما الذي كان سيفعل برلمانهم بالحكومة لو أن مجاريهم طفحت كما طفحت مجاري مشرف؟ أظن أنه كان سيسحب المسؤول عن محطة مشرف الصينية بأذنه اليمنى ويدفعه إلى قاع المحطة كي يموت غرقاً في المجاري. وماذا كان سيفعل برلمانهم لو أن «ستاد ماوتسي تونغ» بُنيَ على طريقة «ستاد جابر»؟ وماذا كان سيفعل برلمانهم لو أن أحد التجار تلاعب بأموال أحد البنوك، فقررت الحكومة تعويضه من أموال الشعب؟

كفرة فجرة هؤلاء الصينيون، وجوههم ترهقها قترة… إعدام مرة وحدة؟! 

حسن العيسى

هل لفّق البراك التهم؟

لماذا خلط الأوراق؟ فإذا كان السيد وزير الإعلام حصل على الأغلبية في التصويت على طرح الثقة فهذه مسألة، ويستحق الوزير صك النجاح في موضوع الاستجواب تحديداً، فقد ظلم فيها دون وجه حق، وإن كان لابد أن يستجوب فليكن استجوابه، كما أسلفت في مقال سابق، على ترضية ثوار الوحدة الوطنية على حساب حرية الضمير، واتضح بعدها أن مشروع تغليظ العقوبات الحكومي لجرائم النشر كان "زلقة بطيحة"… زلقة متعمدة من الجويهل، وجدت الحكومة فيها ضالتها لحرق القليل الباقي من الحرية الإعلامية.
كان ذلك موضوعاً، ومسألة انتهت، لكن نقد وإدانة عدد من النواب لزميلهم مسلم البراك حين قال: "إن لكل استجواب ثمناً، وإن لكل اقتراح ثمناً، وهناك نواب يتلقون أموالاً خارجية لتشويه الديمقراطية في الكويت"، ومصدري هنا مقال الزميل بدر الديحاني بـ "الجريدة"، فتلك مسألة أخرى… فمن يطلب من مسلم البراك أن يقدم الدليل على أن هناك فساداً في المؤسسة التشريعية وفي جل مؤسسات الدولة فكأنه  يحجب الشمس بمنخل! ما هو المطلوب من البراك أو غيره لإثبات وقائع الفساد وشراء الذمم؟ ليس في هذا أو ذاك الاستجواب فقط وإنما في تسيير وإدارة الدولة كلها…! هل يفترض بالنائب أن يقدم صوراً فوتوغرافية وتسجيلات صوتية تمثل  صور الفساد في المؤسسة التشريعية، وهي تتربع على قمة من قمم مؤسسات الدولة "الصالحة"! وسمو الأمير قال قبل سنوات حين كان رئيساً للوزراء: "الفساد في البلدية ما تشيله البعارين…". كانت تلك حقيقة… وهناك حقائق أخرى تقطع بأن الفساد يكاد يعم اليوم معظم مؤسسات الدولة؟ نراه ونلمسه باليد في شوارعنا… في شراء رخص القيادة أو التوسط فيها أو تمرير المخالفات والصمت عن حرب الشوارع… نراه… في تفصيل المناقصات والممارسات على مقاس المتزلفين وأهل الحظوة عند السلطة… أليس مشهد تجمع مئات تناكر المجاري عند بداية الدائري السادس في مشرف، وتلويث البحر بأطنان نفايات المجاري… وكيف رست المناقصة في محطة ضخ الكوارث بمشرف، ومن كان المسؤول عنها… وزيراً أم غيره… وهل تمت محاسبته… أو حتى سؤاله…! أليس هذا التغافل واللامبالاة أبشع صور الفساد…؟ الفساد لدينا ينطق ببلاغة الوقاحة… ويتحرك بكل صوب وكل اتجاه… في التعيينات بالوظائف… في الترقيات الوظيفية… في كل صغيرة وكبيرة تحدث في البلد… الدولة تتدهور… وعلاج دائها ليس في وصفات النائب هايف الأخلاقية… وليس دواؤها في الاصطفاف مع الحكومة بالحق والباطل… لأنها المرجع القوي لوهن التقدميين… حلنا لن يكون بغير حكم القانون… والقانون إما غائب أو نائم… ولا فرق بين الاثنين.

احمد الصراف

الوطن العائم (3-2)

مرت الأيام جميلة وهانئة على الجميع بسبب وفرة الطعام والشراب وصفاء النفوس، فقد كان الكل يعمل يدا واحدة، وكان من الصعب التفرقة بين الشيخ الكبير الذي أصبح ربان السفينة ونوخذتها ومساعديه من جهة وبقية الركاب من جهة أخرى، فمصير الجميع واحد وهدفهم واحد، شرا كان أم خيرا، كما صادفتهم مواسم صيد وتجارة جيدة جنوا منها الكثير.
بعد فترة واجهتهم أول مشكلة كبيرة في أحد الموانئ، فعند قيام بعض مواطني السفينة ببيع التبغ الذي سبق ان جلبوه خاما من الضفة البحرية المقابلة وصنعوه على ظهر السفينة، هجم على هؤلاء جمع من رجال الدين يريدون ايقاع الاذى بهم لبيعهم الحرام، فرد عليهم هؤلاء وقتلوا أحدهم وفروا لاجئين للسفينة، وعلى الأرض تأججت النفوس وثارت ثائرة الأهالي لمقتل أحد «علمائهم» وقرروا الهجوم على السفينة واضرام النار بمن فيها لما احتوته من موبقات وكفر وانحلال واختلاط مذاهب واجناس، وانتشار بدع لا تقرها عقولهم، وخروجهم من الملة! لكن تكاتف الركاب مع النوخذة والبحارة مكنهم من الصمود والابحار بالسفينة بعيدا عن الميناء ولكن ليس دون فقد البعض من بحارة وركاب شجعان كانوا أوائل قائمة طويلة من شهداء وطن الباخرة.
وبعد مرور سنوات أخرى على الوطن العائم تخللتها مشاكل عدة نجح بحارة السفينة في التغلب عليها، بالتعاون مع بواخر تجارية أخرى، ضرب الحظ ضربته معهم بعثورهم على منطقة بحرية ثرية بثرواتها الهائلة من اللؤلؤ والاحجار الكريمة الغالية الثمن، ودار صراع بين البحارة وبقية الركاب على من له الحق في الثروة الطائلة الجديدة وكاد ان ينشب صراع، لكن حكمة الربان الشيخ الكبير نجحت في وضع برنامج توزيع عادل للثروة، بحيث ينعم بمدخولها الجميع ومن يعترض فله حق مغادرة السفينة في اي ميناء يرغب، وهذا ما حدث بالفعل مع البعض، إما باختيارهم، وإما بخلاف ذلك.
استمرت السفينة في برنامجها التجاري السابق، وزادت عليه الكثير، بعد تدفق الثروة الجديدة، وأصبحت تعود بين الفينة والأخرى لمصدر ثرائها تنهل منه، وفي احدى الليالي وجد الجميع أنفسهم أمام قارب ضخم يزيد على حجم قاربهم بكثير وهو واقف من دون حراك والرياح تتلاعب بأشرعته، وما ان دنوا منه لمساعدة ركابه حتى كشف هؤلاء عن وجوههم فاذا هم قراصنة سرعان ما قفزوا للسفينة الوطن واحتلوها، ولكن ربانها وبعض البحارة وقليلا من الركاب تمكنوا من الافلات واستقلوا قارب نجاة صغيرا ولجأوا لبارجة حربية تابعة لدولة عظمى، حيث شرحوا لهم معاناتهم وما تعرضوا له من غزو بحري غاشم، وبسبب السمعة البحرية الجميلة التي كونها شعب الدولة العائمة في المنطقة فقد تعهد قبطان البارجة بالتدخل لتخليص سفينتهم من القراصنة، وبعد حرب قصيرة لم تخل من فقد ارواح الكثير من الابرياء والابطال وخسائر مادية كبيرة نجحت قيادة البارجة، وبعض السفن الحربية الاخرى التي ساندتها في تحرير السفينة من قراصنتها واعادتها لشعبها وربانها وبحارتها.

أحمد الصراف

سامي النصف

«ماكو أوامر» من أنشاص إلى سرت

رغم تسمية القمة الدورية الحالية بالثانية والعشرين إلا أن الزعماء العرب اجتمعوا في حقيقة الأمر حتى الآن في 34 قمة عادية وغير عادية، والغريب أن قمة أنشاص (29/5/46) لم تسم القمة العربية الأولى ولا حتى قمة لبنان (13/11/56)، بل قرر إعلام هيكل وأحمد سعيد أن يسمي القمة التي دعا إليها الرئيس عبدالناصر في 13/1/64 بالقمة العربية الأولى كحال تسمية الداعي لها بأول رئيس جمهورية لمصر متناسين الرئيس محمد نجيب، والغريب أن القمة العربية العاشرة عقدت في تونس (20/11/79) وقد تلتها القمة العربية الثانية عشرة في المغرب (25/11/1981) ولا أحد يعلم أين ذهبت أو عقدت القمة الحادية عشرة؟!

 

أغلب النكبات العربية من احتلال فلسطين حتى احتلال الكويت سبقها عقد مؤتمر قمة عربي، ففي عام 46 التقى القادة العرب على معطى المسألة الفلسطينية التي بدأت غيومها الداكنة تظهر في الأفق، وكان القادة العرب منقسمين آنذاك ما بين قادة مخلصين للقضية وقادة آخرين يظهرون خلاف ما يبطنون، وقد أظهرت حقائق ما بعد النكبة من كان يعمل منهم للمشاركة في التهام الكعكة الفلسطينية ومن أرسل الجيوش التي رفع قادتها شعار «ماكو أوامر» الشهير.

 

وكان حريا بالقمة الحالية أن تسمى بقمة «الحفاظ على السودان» وتحصر أعمالها ومناقشاتها في إيجاد حل سلمي لإقناع الجنوب السوداني بالبقاء ضمن الدولة الواحدة عبر خلق مشروع مارشال عربي لتطوير الجنوب وإبقائه ضمن الدولة الأم، وواضح أن أمرا كهذا لم يتم، وعندما يسأل التاريخ يوما قادة صناديق التنمية العربية عن سبب إحجامهم عن الاستثمار في الجزء الأفريقي من السودان وتضييعه بالتبعية ستأتي الإجابة.. ماكو أوامر!

 

إن السودان بات مرشحا لأن يصبح يوغسلافيا القرن الجديد وستغطي مذابحه وحروبه الأهلية – من تاني – على القضية الفلسطينية كما حدث ابان حرب لبنان والحرب العراقية – الإيرانية والغزو الصدامي للكويت حيث تراجعت أخبار فلسطين الى الصفحات الداخلية من الصحف مع فارق أن انشطار يوغسلافيا بقي محصورا في أرضها بينما قد يمتد انشطار السودان إلى أراضي الدول الأخرى.

 

آخر محطة: (1) صدر كتاب محامي صدام، خليل الدليمي، وينسب ضمنه للطاغية قوله نصا «ان الكويتيين من العسكريين كانوا شجعانا وأبدوا مقاومة حقيقية تستحق كل الاحترام» والشهادة ما شهد به الأعداء وبه رد على بعض الافتراء.

(2) وعن موقف عزة الدوري (ابي احمد) في مؤتمر جدة يقول صدام «إن أخي أبا أحمد قد أبدى الموقف المتشدد بناء على توجيهاتي وكان الغرض من التشدد دفع الكويت لحل النزاع!».. رد حازم على من يدعي أن التشدد الكويتي في جدة هو من تسبـب في الغزو.

(3) وأرسل صدام رسائل خاصة ضمن الكتاب (ص 460) إلى 3 من الإعلاميين العرب هم: مصطفى بكري وعبدالباري عطوان ود.محمد المسفر، وفي هذا يقول الدليمي (ص115) «كان الرئيس صدام يدرك بعمق أهمية الإعلام ودوره الحيوي».

احمد الصراف

أنا واليهود.. والتشريح!

في منتصف السبعينات، دخلت وزوجتي أحد فنادق روما للمبيت فيه، وكان الوقت متأخرا، وما هي إلا لحظات حتى امتلأ البهو بعدد من الشباب، وخلال لحظات عرفنا أنهم يهود وعلموا من نحن. لم نهنأ بنومنا في تلك الليلة، لاعتقادنا بأننا سنتعرض حتما للأذى أو الإزعاج منهم، ولكننا كنا نعيش في وهم كبير. بعدها بسنوات زارني والدي في لندن فاصطحبته وأبنائي الى حديقة عامة، وفجأة وقع ابننا محمد من احدى الألعاب، ومن علو 3 أمتار تقريبا على الأرض، دون حراك، فحملته وأنا أتلفت طالبا المساعدة فلم أجد أحدا، فركضت به كالمجنون نحو الطريق الخالي تماما ولمحت، بعد دهر، سيارة قادمة توقف سائقها ونقلني لأقرب مستشفى، وفي الطريق تناهشتني الأفكار من كل صوب فموت محمد يعني موت أمه حزنا عليه! وماذا عن أبي والأولاد الذين تركتهم في الحديقة من غير علم، وغير ذلك من الأفكار المقلقة جدا. في المستشفى استعاد الصبي وعيه، ولكن الخطر لم يزل عنه كليا، فشكرت الرجل الشهم على مساعدته وودعته فرفض، وقال انه سينتظر لحين زوال الخطر ليعيدني من حيث أتى بي! من حديثنا المقتضب علمت أنه مهندس بريطاني وعرف من أكون. حالتي النفسية لم تسمح بالاسترسال أكثر. بعدها بأشهر تقدم لي رجل في حفل وصافحني متسائلا إن كنت أتذكر أين التقينا، فهززت رأسي بالنفي، فقال انه الذي نقلني وابني للمستشفى فعانقته بحرارة، واعتذرت له على تقصيري في حقه، ولكنه قال انه لم يكن ليختلف لو كان في وضعي، وعلمت بعدها أنه يهودي ملتزم.
لا أقصد من وراء ما سردته أعلاه تجميل صورة اليهود، فهم حسب تجاربي الكثيرة، ويشاركني الرأي من عرفهم عن كثب، لا يختلفون عن غيرهم، ففيهم، كما هي الحال معنا، الطيب والشرير، ولكن المشكلة أن تراثنا الديني يأبى علينا ذلك، ويدفع للعداء الأزلي ليس فقط مع الكفرة والمشركين والزنادقة والملحدين، بل وحتى مع الليبراليين والعلمانيين والمسيحيين واليهود، دع عنك البوذيين والهندوس وغيرهم.
وفي موقع الشبكة الإسلامية www.islamweb.net ورد النص التالي، الذي يعطي فكرة عن حقيقة نظرتنا لبعض القضايا، ففي فتوى عن موضوع تشريح الجثث في كليات الطب يقول هؤلاء انه لا يمكن أن يحدث تساهل في تشريح الجثث، فيؤتى بجثة مسلم لتشرح، فهذا لا يجوز مطلقا. ولكن لضرورة التعليم يؤتى بأجساد ليست لمسلمين «ليحصل عليها» قضايا التعلم.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

كتابنا الجواهر


أكرر دائماً: «الإبداع يأتي – غالباً – من الخلف، من المجتمع الخلفي»، وأصدق من يقول إن: «الإبداع يحتاج إلى وقود، إلى معاناة». والأوراق المصقولة التي لقحتها أقلام ألمانية وإيطالية باهظة الثمن، تلِدُ إنتاجاً هشاً، رخواً، يتكسر وهو يمشي، لا آه فيه ولا دمعة حارة ولا ضحكة صافية. إنتاج بلا فلفل ولا ليمون ولا نكهة.

وفي بدايات القرن العشرين، انتقل أمير الشعراء أحمد بيه شوقي إلى القصور، إلى حفلات الكوكتيل، إلى الشبع حد التخمة، فداخلَهُ الغرور، وكتب عن شعر «ابن الرومي» ينتقده، ونشرت الصحف ما قاله بتطبيل وتزمير، تقرباً من شوقي وتزلفاً إلى القصر، فتصدى له شاب مجهول، لم يسمع باسمه أحد من قبل، سلتوح صعيدي رث الثياب، لم يكمل دراسته الابتدائية، وبيّن لشوقي خطأه، بالحجة والدليل، ولم تنشر مقالته إلا صحيفة واحدة، فانبهر الناس من جرأة هذا الشاب المجهول، ووقاحته، وراحت الصحف توبّخه وتقلل من قيمته، لكن شوقي أدرك أنه أمام موهبة، فردّ عليه (قيل إنه ترفع عن الرد عليه، وكلف آخرين بالرد نيابة عنه)، فردّ العقاد، ورفضت الصحف التي بروزت ردود شوقي نشر ردود الشاب المجهول، إلا الصحيفة تلك. واستمر التراشق الأدبي، بين أعلى هامة أدبية في مصر والعالم العربي، وبين مجهول فقير. وكتبت إحدى الصحف تستهزئ بالشاب: «من أنت؟ ومن أين جئت؟»، فأجابها: «اسمي عباس العقاد، جئت من أسوان». فسخرت الصحافة وشخرت. لكن شوقي اعترف بعظمة هذا الشاب، وانتصرت حجة العقاد، واعتمدت وزارات التربية والتعليم في العالم العربي تدريس شعر «ابن الرومي» بسبب تلك المناظرة الصحفية بين العظيمين، شوقي والعقاد. وكتب أحد المثقفين المحايدين: «ابحثوا عن الكنوز في المناطق الفقيرة، بالقرب من عباس العقاد». وبدأت ما تسمى بـ»ثورة الأفندية»، أي البسطاء، وامتلأت الصحف والمكتبات بإنتاج المبدعين الفقراء، أبناء الريف والمناطق الخلفية، ونهضت مصر، فقتلتها الثورة.

الإبداع يأتي من الخلف، من تحت الركام. وفي الكويت، يعلّق على مقالاتي شاعر مبدع سبق أن كتبت عنه، اسمه «أبو مشاري المطيري». بهر الجميع بعمقه وموهبته، وكان موضوع نقاشات كثيرة وطويلة جمعتني مع الأصدقاء. حرصت على أن أتعرف عليه فاكتشفت صدق قناعتي السابقة. موهوب أتى من المناطق الخلفية. صحيح أنه لا يقرأ الكتب ولا الروايات، وصحيح أنه اكتسب ثقافته ومبادئه من بيئته، المغلقة أساساً، التي ترى أنها هي الأفضل على ظهر الكوكب، رغم أنها عكس ذلك، واكتفى، لكن هذا لا يمنع من الانحناء أمام عظمة موهبته التي صفق لها متابعوه.

موهوب آخر اسمه «فلاح الشعلاني» يكتب في جريدة «عالم اليوم»، ساحر فنان، سيكون له شأن. وآخر يكتب في الصحيفة نفسها اسمه «عبدالهادي الجميل»، شفاف، يشاركني الإعجاب في ما يكتبه عدد من الزملاء، مثلي يتابعونه. راسلته: «أنت موهوب، أستمتعُ بمتابعة إبداعاتك»، فأجابني وهو يجلد ذاته: «أنت تتابعني بإعجاب، وأنا أتابعك لأتتبع زلاتك، وهنا الفرق»، هاهاها. ورابع يكتب في هذه الجريدة اسمه «علي خاجة»، موهوب جداً. هاتفته: «أنت موهوب، يعيبك التبرير، لست سياسياً كي تبرر، اضرب ضربتك وأرِق دماء فكرتك، وغادر المكان بسرعة. اترك مسرح جريمتك خلفك للشرطة والقراء يبحثون عن إدانتك أو تبرئتك». هؤلاء الكتاب الثلاثة الموهوبون لا يعانون أمراض الفئوية والطائفية المنتشرة في الكويت كالوباء، ولا ينتهجون القص واللصق من الإنترنت، ولا يحصرون عقولهم في اتجاه واحد إجباري، جلودهم ناصعة النقاء، وهذا هو أحد أسرار تفوقهم، وعسى ألا يلوثهم غبار التمزيق.

الموهوبون في الكويت كثر (أنا هنا اتحدث عن الشباب، ولا أدري هل عبدالهادي الجميل شاب، أم كان شاباً)، ولا أدري لماذا تصر صحافتنا على أسماء بعينها، على الماركات المشهورة، تستقبلها في صالة التشريفات وتفرش لها البساط الأحمر.

الإبداع يأتي من الخلف، كتابة وشعراً. والفقر الذي نعانيه في أغانينا الوطنية سببه سيطرة بعض شعراء اللزوجة على الساحة. 

سامي النصف

الشيخ مشاري الخراز ود.ابتهال الخطيب

الكويت بلد صغير يعاني منذ عقود من أزمة وجود وأزمة هوية ومن ثم يجب أن تتضافر جهود أبنائه من مختلف المشارب لدعم المبدعين والبارزين الكويتيين من جميع الاتجاهات والتوجهات حتى نظهر للعالم اننا لسنا نفطا فقط بل ابداعا وفكرا وعلما وشعبا يستحق الحياة، ان تخذيل المبدعين ومحاربتهم وهي ظاهرة متفشية للأسف الشديد لا تقل ضررا على الكويت في المدى البعيد عما قام به صدام كونها تمهد لتكرار الغزو والاختفاء.

لقد شهدنا في الفترة الأخيرة بروز الشيخ مشاري الخراز وكذلك بروز ابنة الكويت د.ابتهال الخطيب والاثنان يستحقان وبحق الدعم والنصرة والتأييد، لا الهجوم والتحبيط للشيخ الخراز او الطعن بالدكتورة ابتهال وتحريف أقوالها وأنا العالم بحسن تربيتها على يد والديها الكريمين اللذين أعرفهما منذ زمن بعيد.

أثناء زيارتي للسعودية التقيت وسمعت بإعلاميين وأدباء وشعراء بارزين كاللواء الشاعر خلف هذال والكاتب محمد الرطيان وسليمان الفليح ومثلهم الشعراء فهد عافت وسامي المانع وجميعهم ممن ولدوا وعاشوا في الكويت ولو كنا نحرص على المبدعين والبارزين لكنا جنسنا أمثال هؤلاء الأفاضل الذين يعتبرون وزارات اعلام متنقلة قائمة بذاتها الا اننا للأسف تركناهم وفتحنا الباب واسعا لغيرهم.

وضمن اجابتي عن سؤال لمذيع القناة الثقافية عن مغزى مقالتي «قصيبين وربعيين» ذكرت له حقيقة ان المبدع د.غازي القصيبي دُعم من بلده وظل يسخر كفاءته الاستثنائية لخدمتها حتى أعياه المرض هذه الأيام ـ شافاه الله ـ بينما أهمل مثيله المبدع د.أحمد الربعي ولم تستغل قدراته حتى وافته المنية رحمه الله، ويمكن في هذا السياق المقارنة بين الفنانين محمد عبده وطلال مداح والماجد وعبدالمجيد وامثالهم الكويتيين شادي الخليج ومصطفى احمد وعبدالمحسن المهنا وصالح الحريبي ممن تعرضوا كذلك للمحاربة بدلا من التشجيع، والاهمال بدلا من الاهتمام، والحال كذلك عند مقارنة اللاعبين ماجد عبدالله وسامي الجابر واقرانهم الكويتيين، والفنانين القصبي والسدحان ومن سبقهم من كويتيين مخضرمين امثال سعد الفرج وعبدالحسين عبدالرضا.

وفي الأردن ـ محدود الموارد المالية ـ تم تطبيق قانون «تفرغ المبدعين» حيث تتكفل الدولة برواتبهم مع اعطائهم تفرغا كاملا لأعمالهم وهو امر مطبق بأشكال مختلفة في الدول الأخرى، حيث تستقطب الجامعات الاميركية مبدعي العلوم والرياضة وتتكفل بدفع مصاريفهم، وفي مصر طبقت تلك النظرية عبر تسجيل المبدعين امثال نجيب محفوظ وغيره في الصحف القومية مع التفرغ التام للعمل الابداعي حتى عرفوا وحصدوا أعلى الجوائز لبلدهم.

وقد كانت الرياضة الكويتية في أوج مجدها عندما ابتدعت فكرة التوظيف الصوري للاعبين وتفريغهم للرياضة وتأخرنا عندما بدأنا نطلب منهم ان يمارسوا اعمالهم حتى المساء ثم يقوموا باللعب بعد ذلك فخسرنا الاثنين اي لا عمل ولا ابداع رياضي، ان الكويتي بحاجة لتخصيص مدارس للمبدعين الصغار ودعم وتفريغ المبدعين الكبار وسن تشريعات لا تكتفي بدعمهم بل بمحاسبة من يحاربهم ودون ذلك قد نختفي في يوم بعيد دون ان يشعر العالم باختفائنا.

آخر محطة:

(1) توجه الشيخ المبدع مشاري الخراز لمحلات «اليوسفي» لشراء شاشات عرض كبيرة توضع في المسجد الكبير إبان إلقاء أحاديثه ومواعظه، لما علم ان سعرها يتجاوز 80 الف دينار أحجم عن الشراء الا ان القائمين الخيرين على تلك المؤسسة وتشجيعا له قدموها مجانا وهكذا يترجم حب الكويت وتشجيع المبدعين وإلا فلا.

(2) بلدنا هو الوحيد في التاريخ الذي يشتكي فيه مر الشكوى المبدع والمخلص والكفؤ الأمين ويسعد به الآخرون ممن هم غير ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله.