خارج نطاق التغطية: لم يسعفني لا الوقت ولا الكلمات في رثاء أبناء وطني في هذه الفاجعة المؤلمة التي أصابت الكويت، والتي تعد الأكبر في عدد الضحايا بعد الغزو العراقي الغاشم، ولكن ما يواسيني حقاً هو تلك اللحمة الوطنية الجميلة التي رأيتها من خلال كم رسائل المناشدة من الجميع للتبرع بالدم، والإقبال الجميل على <بنك الدم> لمنح دمائنا بعضنا بعضا دون المبالاة بجنس أو عرق أو طائفة، فدماؤنا اختلطت منذ الأزل… وإن شابت الظواهر بعض الشوائب، فإن البواطن حتما ما هي إلا دماء كويتية شيعية في عروق سنية وحضرية في عروق بدوية، تلك هي الكويت وهؤلاء هم شعبها. * * * «كشفت مصادر أن وزارة الإعلام بصدد تغليظ عقوبة الإساءة للذات الأميرية». خبر طالعتنا به إحدى الصحف قبل أيام على صفحتها الأولى. قد يفهم القارئ العادي لهذا الخبر أن الكويت تعاني حالة إساءة للذات الأميرية يوميا، وهو ما أجبر الحكومة على أن تغلّظ العقوبة كي تردع المسيئين، فالحاجة لتغيير التشريعات خصوصا تغليظ عقوباتها وزيادة روادعها لا تأتي إلا بسبب تفشي ظاهرة ما وقصور التشريع عن وأدها. فالمخالفات المرورية على سبيل المثال كتجاوز السرعة والإشارة الحمراء مثلا، ولأنها بازدياد قاتل فإن المشرّع يحتاج فعلا لتغليظ العقوبة لزيادة السلامة في الطرق وهو أمر مفهوم ومحمود بالوقت نفسه. لكن أن تأتي وزارة الإعلام لتغلظ عقوبة الإساءة للذات الأميرية وهو أمر نادر الحدوث جدا، وقد لا تتجاوز حالات هذا الجرم أصابع اليدين سنويا فهو أمر غير مفهوم أو مبرر إطلاقا. فما الذي تصبو إليه وزارة الإعلام من خلال هذا التعديل على قانون المطبوعات؟ وبأي شكل من أشكال تطوير الأداء الإعلامي يصب هذا التعديل؟ لو أنني لا أعرف الكويت والإعلام الكويتي ولم أتابعه عن كثب لقلت إن وزارة الإعلام قد طوّرت كل شيء، ولم يتبق لها سوى بعض التعديلات الشكلية لتغلق جميع منافذ خرق القوانين والاستهانة بها. ولكن للأسف فتلفزيون الكويت وهو واجهة وزارة الإعلام أصبح أرشيفه كماء السبيل الكل يملأ دلوه منه دون حسيب أو رقيب، فالمسرحيات والأغاني والبرامج والمسلسلات أصبحت عرضة للنهب الصريح دون أي دينار يدفع، ليس ذلك فحسب بل إن الكوادر البشرية التي تصقلها وزارة الإعلام وتهيئها للمعترك الإعلامي تسلّم جاهزة للقنوات المحلية أو الخارجية بلا أدنى مقابل. بل ليت الأمر اقتصر على هذا الحد، فوزارة الإعلام الرائدة وهي كلمة ملازمة للكويت في شتى المجالات لوجود رجال سعوا إلى الريادة قبل أن تلحقهم أجيال الإبادة، أقول إن وزارة الإعلام لا تملك كاميرات إلا تلك التي تعرض لنا اللون الأحمر أزرق، وكل الديكورات اللازمة مازالت تصنع من خشب مصبوغ بشكل رديء، ومازال إعلامنا يتفنن في إجبار المشاهد على مغادرة محطاته الحكومية، ويُترك كل هذا التردي من أجل تغليظ عقوبة جريمة نادرة. وإن افترضنا أن الوزارة ترغب بداية في تحسين القوانين قبل الولوج إلى عالم التطوير في الوزارة، وإن كنت أشك في ذلك، أوليس من باب أولى أن يتم تغليظ عقوبات الصحف والوسائل الإعلامية التي تدق الإسفين تلو الآخر في سفينة الكويت؟ هل نسينا حينما ألّبت صحيفة أسوأ وزير في تاريخ الكويت القبائل على الدولة بعناوين صارخة بالتحريض؟ أم نسينا ما تمارسه صحيفة تاجر الغفلة الكويتي الحديث على البلد وتجنيده الطائفي على حساب البلد؟ كل تلك الأمور تتجاهلها وزارة الإعلام وآلاف المشاكل غيرها لتغلّظ عقوبة الإساء للذات الأميرية.