احمد الصراف

سبتيات لطيفة وأخرى غير لطيفة *

قالت الزوجة لصديقتها: إذا كنت تحبين شخصا، أو حتى طيرا حرا، هو ملك يديك، فأطلقي سراحه فإن عاد فسيكون لك ابد العمر، وان لم يعد فهو لم يكن لك اصلا، ولكنه ان عاد وجلس هناك في غرفة المعيشة غير مكترث، مسببا الفوضى في كل مكان، يأكل طعامك ويستخدم هاتفك ويستعين بأموالك ولا يبدو عليه انه مدرك لحقيقة انك سبق ان اطلقت سراحه، فهو في هذه الحالة اما زوجك أو ابنك! وتذكري انه ليس هناك افضل من لبس حذاء ضيق لكي ننسى جميع متاعبنا الأخرى.
* * *
وبمناسبة الحديث عن الاخلاقيات والصداقة، فإن هناك في الشبكة العنكبوتية الموقع الالكتروني التالي: www.sorraq.com  الذي تخصص المشرفون عليه في البحث والكشف وعرض السرقات الادبية والصحفية، وبالذات في الصحافة الكويتية، وقد تمكن هؤلاء حتى ساعة كتابة هذا المقال، من رصد ثلاث سرقات صحفية لكتاب كويتيين معروفين، والبعض منهم سبق ان تكررت منهم السرقة لاكثر من مرة، ولكن بسبب «عرض» وجوههم فإنهم لم يكترثوا لهذه الاتهامات، وتمسكت احزابهم «السياسية الدينية» بهم بنواجذها، ربما لاعتقادهم بأن سرقة مخرجات أفكار الآخرين لا تمثل سرقة حقيقية، وهي لا تختلف، بنظرهم طبعا، عن سرقة الاموال العامة، فالمستولي على المال العام لا يمكن ان يكون سارقا، لانه «ببساطة» يأخذ حصة مما له فيه «حق»!!
ونتمنى على الزملاء الذين وردت اسماؤهم في هذا الموقع الرد، من خلال زواياهم وتوضيح اللبس أو التهمة لكي ترتاح النفوس وتطمئن القلوب.
اما الموقع الالكتروني الثاني فهو: www.Firewallffilter.com  الذي يمكن بواسطته الدخول على اي موقع من خلال طباعة اسمه في الفراغ المخصص لذلك اسفل صفحة الموقع.
و Voila !
(*) من قراءاتي

أحمد الصراف

محمد الوشيحي


 مرمانا… انتفخ

إطلاقاً، لا علاقة لي بالرياضة لا من قريب ولا من حبيب. مع أنني شاركت في بعض المباريات التاريخية، أهمها المباراة التي جمعت قبيلتي العجمان ومطير في مصر، أثناء الدراسة الجامعية، وكانت القوانين تنص على أن يلعب ستة من كل فريق، وكان عددنا على المقاس، ستة فقط، وكان الخصم، الذي هو قبيلة مطير الشقيقة، ستة وعشرين نسمة، ينتقون منهم ستة، والبقية عند اللزوم، أي أن لديهم فائضاً من الذخيرة في المخازن، بينما نحارب نحن بذخيرتنا المحشوّة في البنادق فقط، وعند انتهائها وانقضائها ليس لنا إلا أن نلجأ إلى السناكي والحراب وشد الشعر باليد المجردة.

وقبل بدء المباراة، مررت بجانب الخصوم الستة وهم يسخّنون ويهرولون متمتماً بخشوع وأنا أمسح شاربي: «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً»، وأشرت بيدي إلى حارس عرين مرمانا محمد صنيدح العجمي الذي أيقظناه من نومه والتحق بنا قبل المباراة بثوانٍ: «هذا كالقعقاع الذي هو عن ألف رجل… فاحذروه»، وتبين لاحقا أن قعقاع العجمان، الذي هو صنيدح، يعتقد أن القوانين تبيح اللكم والخنق والشلاليت، فطبّق القوانين على أكمل وجه وعلى خير ما يرام، فسحبه حكم المباراة من ياقة فانيلته إلى خارج الملعب، فجلس على الخط، وراح يمد كراعه أمام كل لاعب مطيري يمر بجانبه ليسقطه على وجهه. وكانت العقوبة الأصح التي يستحقها القعقاع هي حلق الشعر والنفي خارج البلاد وقطع يديه ورجليه من خلاف، لكنّ ربك سلّم. وأكملنا المباراة بخمسة لاعبين (انسحبنا من المباراة قبل نهاية الشوط الأول)، ولا أتذكر كم هدفاً سجلوا في مرمانا، فقط أتذكر أن المطران كانوا يهرولون باتجاهي بعد كل هدف: «فئة قليلة… هاه؟ والقعقاع وموسى بن نصير؟ والله لو استعنتم بالظاهر بيبرس والدولة الأيوبية». وكان محمد بن دبلان العجمي، كابتن الفريق، أو عقيد القوم، كلما هجمَ المطران على مرمانا، تركنا نواجه مصيرنا البائس وركز ساقيه وراح يجري بأقصى سرعة إلى مرماهم من دون كرة، فأصرخ فيه: «يا عمي وين رايح؟ تريد أن تلتف عليهم من وراء الجبل لتأسر الأطفال وتسبي النساء أم ماذا؟ تعال ساعدنا»، وكانت خطته أن نمرر له الكرة بسرعة أثناء وجود لاعبي الخصم في ملعبنا.

واستمرت مبارياتي على شاكلة المباراة هذه، إلى أن سألني طالب مصري ملحوس: «زملكاوي أم أهلاوي؟»، فأجبته: «كلنا لآدم»، فشرح لي: «الزمالك بتاع علية القوم وركّاب المرسيدس، والأهلي بتاع الصنايعية وركاب الأتوبيس»، ولأن جيناتي وأنزيماتي تميل تلقائياً ناحية الأتوبيس، فقد شجعت الأهلي (اكتشفت لاحقاً أن الزملكاوية والأهلاوية يركبون الأتوبيس)، وإن كنت أتمنى أن يفوز الزمالك ولو بعد حين، كي لا يخلو الدوري المصري من الملح. والزمالك هم الفئة القليلة والأهلي هم الفئة الكثيرة. وكان صاحبي الملحوس بعد كل مباراة – طبعاً يفوز فيها الأهلي – يصرخ بتشفٍّ وشماتة: «هوّه فيه إيه يا جدعان، دا الهواء أصعب من الزمالك»، وترجمتها: «هوّه فيه ماذا؟».

كذلك الحال مع برشلونة وريال مدريد، فالأخير هو نادي الملك والطبقة الثرية، بينما برشلونة هو نادي عمال المصانع والمزارعين، لذا فأنا برشلوني. وفي الفن الخليجي انقسم الناس ما بين محمد عبده وطلال مداح، ولأن عبده هو فنان الصالات والمخمل، ومداح الله يرحمه هو فنان الحوش والحصير، فقد وجدت نفسي مدّاحياً متحمساً.

وحكومتنا اليوم، بميزانيتها ووزرائها ونوابها وفضائياتها وصحفها ورسلها وجهّالها وحقوق إنسانها وخليجها الفارسي، هي الفئة الكثيرة، ومشجعوها من ركاب المرسيدس، والراغبين في ركوب المرسيدس، ونحن المعارضة الفئة القليلة، ركاب الأتوبيس، وقتلانا وجرحانا اليوم لا عدّ لهم، لكننا سنلتف عليهم من وراء الجبل عما قريب، بعد أن ندفن قتلانا ونداوي جرحانا ونعيد ترتيب صفوفنا ورسم خططنا… يا معين. 

حسن العيسى

جرة النائب علي الراشد

حسن النية مفترض في النائب علي الراشد حين قدم اقتراحاته بتعديل بعض مواد الدستور، لكن حسن النية المفترض لا يكفي حين تغيب القراءة الصحيحة للواقع  السياسي الكويتي، فماذا يريد النائب علي الراشد تحديداً؟ إذا كان الهدف الكبير من اقتراحات التعديل ضبط سيل استجوابات النواب للوزراء ورئيس الحكومة، كما انها (الاقتراحات بالتعديل) تهدف إلى الحد من مساءلة الوزراء ورئيس الوزراء، فقد جانب علي التوفيق… فليست حكومتنا، كما يروج وهماً، هي حكومة مشكلة من ديمقراطية حقيقية، هي حكومة عائلة واحدة هي أسرة الصباح الحاكمة، فرئيس الوزراء ومناصب وزارات السيادة، إن صحت التسمية (الدفاع والداخلية والخارجية وأحيانا وزارة الإعلام)، محتكرة بعرف غير ديمقراطي لأبناء الأسرة، وهم بهذه الصفة يشكلون قلب الحكومة والآمر الناهي فيها، فهم حكومة الحكومة كما سميتها قبل سنوات، فما تريده حكومة الحكومة في النهاية سيظل ويبقى دون جدل ولو خالفهم الرأي الوزراء الشعبيون.
لماذا ننظر إلى النصوص الدستورية كمثال، ويروج عبرها الوهم بالحلم الديمقراطي الكامل، بينما الواقع غير ذلك، فهل وزراء الحكومة هنا في حاجة إلى ضمانات أكثر من حقيقة الواقع السياسي في الكويت حتى يتقدم النائب الراشد باقتراحات ستصل في النهاية إلى ارتفاع الوزراء ورئيس مجلس الوزراء فوق المساءلة الدستورية، ويضحي التعديل المقترح ليس إلا واجهة تخفي نزعة تفرد واستبداد سلطوية تمحو القليل المتبقي من الرقابة والمشاركة الشعبية في الحكم.
الأمر الآخر، وعلى ضوء نتائج الانتخابات الأخيرة، وما انتهت إليه نتائجها في تشكيل هذا المجلس، لا نتصور أن هناك أي عثرة في طريق حكومة الحكومة، فـ "اللي تبيه الحكومة يصير"، وهنا مكمن الخطر في اقتراحات النائب علي بالتعديلات الدستورية، فهي ستكون شبه مضمونة متى قدمت، فأين سيكون موضع النقاش والتحليل والجدل في جوهر تلك الاقتراحات متى عرفنا النتائج مقدماً؟!
تبقى هناك ملاحظة أخيرة، فالنائب علي يرفض أن يطرح تعديل المادة الثانية للدستور من قبل النواب الإسلاميين لتصبح الشريعة الإسلامية المصدر الوحيد للتشريع، ويقول إن مجرد طرح مثل هذا الاقتراح سيعتبر خلطاً للأوراق وتخريباً لمقترحه! هنا نسأل علي: لماذا يبيح لنفسه ما يحرمه على غيره؟ لماذا يكون له حق اقتراح التعديل ولا يكون للنواب الإسلاميين مثل حقه في تعديل المادة الثانية؟! ألا يرى حضرة النائب أن اقتراحاته بالتعديل ستكون بمنزلة فتح جرة بندورا للشرور، كما في الميثولوجيا اليونانية، هي جرة بندورا لا صندوق بندورا، كما جرى خطأ تسميتها، وهي جرة على رأس كل نائب في هذا المجلس، فليحذروا من إسقاطها، فتغرق الكويت في شرور التسلط والاستبداد.

احمد الصراف

عماد حمدي وسنة 1980

شاهدت وأنا أمارس رياضة المشي في نادي الكورنيش، وبطريق الصدفة، مقطعين تلفزيونيين: الأول لحفلة غنائية بالأبيض والأسود لأم كلثوم، والثاني لفيلم غير ملون أيضا عن قصة حب بين أحمد (عماد حمدي) وفاطمة (شادية)، وربما يكون المقطعان من إنتاج ستينات القرن الماضي. في مقطع حفلة أم كلثوم استرعت نظري أمور كثيرة أهمها ذلك التغير الهائل الذي طال هيئات مرتادي الحفلات وحركاتهم في عاصمة كانت، بالنسبة لنا قبل نصف قرن، رائدة في كل شيء، وأصبحت بفضل «الثورة أو الانقلاب»، ومن بعدها الصحوة المباركة في آخر الركب، وأيضا في كل شيء! ولم أستطع مقاومة مقارنة ما كانت عليه الحال، وما أصبحنا نراه اليوم في شوارع القاهرة من ظواهر شديدة السلبية، ونسبة مرتديات الحجاب الطاغية، والتي لم تمنع الشباب، وحتى العجائز من التحرش بهن بالقول والفعل أمام الجميع، عيني عينك!! قد تكون هذه الأمور غير ذات أهمية لدى البعض، فتقدم الأمم لا يقاس بما ترتديه شعوبها، ولكن بما في عقول أبنائها، ولكن هل أصبحت مصر بالفعل، أو أي عاصمة عربية كبيرة أخرى، أكثر تقدما وفضيلة وعفة مما كانت عليه قبل نصف قرن مثلا؟ الجواب معروف ويمكن الاطلاع عليه في سجلات المخافر والإحصائيات الأمنية، وما يكتب في صحافتها، وصحافتنا الخليجية وزيادة نسبة الجرائم وتنوعها، والأخلاقية منها بالذات، بمعدلات مخيفة عاما بعد آخر. لقد عشت وشفت بما يكفي لكي أؤكد بكل ثقة أن الكويت، وهي ليست استثناء ولا تختلف عن أي دولة عربية أو إسلامية أخرى، كانت قبل الصحوة الدينية المباركة التي تاجر بها واستفاد منها الكثير من ملتحي الأطراف كافة، أكثر أمنا وأكثر اعتدالا ومحبة ووفاء منها الآن، بالرغم من زيادة الثروات في أيدي الأفراد وزيادة تعلمهم، فقد رأينا، وفي وقت قياسي، تطرفا من كل جهة وشحنا طائفيا من كل صوب، وصورا ولافتات دينية تتزايد كل يوم على حوائط البيوت وأمام المداخل وعلى المركبات. كما أصبحنا نرى من يضع لافتات وشاشات سينمائية ضخمة تعرض رسائله حتى لو تضمنت إساءة لمشاعر الغير، وهذا لم يحدث مصادفة، بل مهد له رجال الدين من كل طرف، بعد أن رأوا أن ارتفاع شأنهم في عيون بني ملتهم يكمن في زيادة تطرفهم، ولو على حساب وطنهم.
أما المقطع الثاني المتعلق بفيلم شادية وعماد حمدي، فكان تأثيره أكبر، خاصة عندما طلب بطل الفيلم (أحمد) من حبيبته (فاطمة) أن تخرج معه للمقهى القريب، فرفضت بحجة الخوف من كلام الناس، فقال لها: خلاص بأه، احنا بقينا في سنة ثلاثين، أي أن عليها أن تتشجع وتخرج معه لأن الزمن تغير والأمور اختلفت وأنهما الآن في ثلاثينات القرن العشرين! والآن، وبعد مرور ثمانين عاما على قصة ذلك الفيلم ما الذي نراه حولنا؟ ولماذا حدث كل هذا التغير؟ وهل هو للأحسن حقا؟ وهل بإمكان أحد أن يثبت أن أوضاعنا المعيشية والأمنية والأخلاقية هي بالفعل الآن أحسن مما كانت قبل 30 أو 60 عاماً؟

***
• ملاحظة: صدر في تركيا، وهي اكبر دولة صناعية إسلامية، 88 ألف ورقة بحثية بين عامي 1996 و 2005، ويمثل هذا الرقم عددا أقل من عدد البحوث التي نشرتها جامعة أميركية كبيرة واحدة خلال الفترة ذاتها!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

متفوقون… يتحدون الظروف

 

نماذج مشرفة من شباب البحرين من الجنسين، لم يرضخوا لقساوة الحياة وشدة الأزمات، وخصوصا أولئك الذين عاشوا في كنف أسر ضعيفة أو متوسطة الحال، فتحدوا الظروف بتفوقهم ومثابرتهم، حتى استطاعوا بعزيمة وإصرار، مواصلة تعليمهم الجامعي، وذات العزيمة والإصرار التي يتمتعون بها، ستمكنهم من مواجهة أي عقبات تعترض طريق حياتهم المهنية مستقبلا.

هناك فئة من الشباب أكملوا تعليمهم الجامعي بتفوق وإرادة قوية، ولم يكترثوا لعقبات التمييز أو الإقصاء أو حرمانهم من الحصول على فرصهم الوظيفية وفق تكافؤ الفرص، فحققوا حلمهم، وبالتأكيد، أن من يتوكل على الله فهو حسبه، وهذا ما نأمله من شباب الدفعة الحادية عشرة من طلبة برنامج سمو ولي العهد للمنح الدراسية العالمية.

ولعل هؤلاء الشباب يقدمون أنفسهم كنموذج وقدوة لغيرهم ممن يستسلمون للظروف في بداية الطريق، فيتركون الدراسة والتحصيل العلمي لعلمهم بأن النتيجة واحدة وهي: لماذا التعب طالما سنبقى في صفوف العاطلين أو سنعمل في وظائف دون المستوى لا تليق بشهاداتنا العلمية؟

قد نعذرهم ونتفق معهم في أن هناك عددا كبيرا من الخريجين تعرضوا للظلم، لكن أن تواصل طريقك المهني وأنت مؤهل علميا أفضل بكثير من أن تكون بلا شهادة ولا حرفة، فالله سبحانه وتعالى يفتح في كل يوم أبواب التوفيق للمجتهدين، فما عليكم سوى التحلي بالصبر والإرادة وتحدي الظروف.

منذ تأسيسه في العام 1999، وفر برنامج سمو ولي العهد أكثر من 100 بعثة للطلبة البحرينيين المتفوقين في جامعات عالمية مرموقة، سواء كانوا من خريجي المدارس الخاصة أم الحكومية، وبلا شك فإن برنامجا كهذا استحق ثناء وتقدير أولياء الأمور وابنائهم الطلاب والطالبات، بل وشجع الكثير من المتفوقين على أن يواصلوا تفوقهم للحصول على هذه البعثات وخصوصا مع وجود النية لتقديم فرص لأولئك الشباب لمواصلة دراستهم الجامعية، حتى أن صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى صرح خلال استقباله الدفعة الحادية عشرة من طلبة البرنامج يوم الثلثاء الماضي بأن «عنصر الاستمرار كان أكبر تحدٍ لنا في هذا البرنامج، ولكن التزامنا التام نحو الفرد البحريني جعل من التحدي مسئولية وطنية نتبنى عبرها النخبة المتميزة ونعمل معا لبناء الأفضل».

شباب البحرين من المتفوقين (ثروة) حقيقية لا يجب التفريط بها أيا ما كانت الظروف، فمن المؤسف أن نسمع عن حالات من التسرب بين طلبة المرحلتين الإعدادية والثانوية بل وحتى الابتدائية؛ لأسباب تعود في معظمها الى مصاعب المعيشة، لكن لا يجب أن ننسى بأنه على مر السنين، كانت الكوادر البحرينية المتميزة في مجالات الطب والهندسة والتعليم والتخصصات المهمة هم من أبناء الأسر الفقيرة في حالها المعيشي، الكبيرة بطموحها وتفاؤلها بالمستقبل.

سامي النصف

تأملات في مرحلة قادمة

إحدى مشاكلنا الكبرى ترديدنا كلمات مدمرة يقولها احد ساستنا فيرددها الجميع بعده دون وعي او تفكير، كحال لوم الدولة على عدم انشاء بنى أساسية بعد مشاريع أوائل الثمانينيات الكبرى، والحقيقة ان ذلك أمر طبيعي جدا فعندما تقوم الدولة بإنشاء عدد من المستشفيات والواجهات والطرق والجسور كما حدث آنذاك فعليها ان تتوقف لسنوات بعدها كي «تحلل» ما صرف فيها وليس من الحكمة والفطنة ان تبادر في العام الذي يليه بإنشاء المزيد منها ناهيك عن الظروف التي مررنا بها آنذاك من انهيار لأسعار النفط وعجوزات الميزانية وكلفة سوق المناخ والحرب العراقية ـ الإيرانية والانتهاء بالغزو وعمليات إعادة الإعمار.

والدعوات المجنونة قائمة لإنشاء المزيد من المستشفيات والطرق حتى تطفئ النار المشتعلة في قلوب بعض السياسيين والمواطنين ممن يريدون ان تتوافر أسرّة أو وسادات خالية تنعق فوقها البوم تنتظر زحلقة المواطن عند خروجه من حمام الهنا لتقول له «شبيك لبيك سريرك في المستشفى او عيادة اسنانك فاضية امام يديك»، كما يحلم البعض منا بمدينة فاضلة يقود بها سيارته في شارع مخصص له وحده ويحمل اسمه، ان تلك الأحلام وأوهام الفلاسفة ستصرف لتحقيقها مبالغ، ولن تتحقق قط، قد تجعل دينارنا يعادل في قيمته عند انتهائها قيمة دينار جار الشمال فننجح في غفلتنا فيما فشل صدام في تحقيقه، وكم من احلام لنا في الليل تحولت الى كوابيس مرعبة عند سطوع شمس النهار!

ومن «الكليشيهات» التي صمت الآذان الشكوى المريرة من توسع الانفاق في الباب الأول (الرواتب) والطلب بتحويل أموال ذلك الباب الى الباب الرابع (المشاريع)، والحقيقة ان الباب الاول يعكس التسريب الحقيقي والمنصف والحكيم لدخل النفط على ملاكه من مئات الآلاف من الكويتيين، اما الباب الرابع فكل مبلغ يصرف فيه (في دولة مجانية الخدمات) يعني ذهاب 90% من الأموال للشركات الأجنبية المنفذة و10% لعدد من المتنفذين لا يزيدون على اصابع اليد الواحدة مع السفك «المزدوج» لعوائد النفط اي صرف أولي للبناء وصرف دائم على صيانة وإدارة ما تم بناؤه.

ومن الأمور المستغربة الدفع بالخصخصة عبر حجية تزايد اعداد الشباب الكويتي القادم للعمل في الأعوام المقبلة في وقت يعلم به الدافعون بتلك الحجة ان القطاع الخاص لم يوظف عبر 50 عاما (نصف قرن) الا 2% من الكويتيين بينما وظّف القطاع العام الذي يحاربونه 98% من الكويتيين وفّر لهم سبل العيش الكريم ومنحهم التدريب والخبرة اللازمة للعمل في القطاع الخاص، فأي من القطاعين يجب دعمه وتقويته لتوفير فرص العمل للشباب الكويتي؟!

ومن الأمور المضحكة جدا ان نجد من يعتبر ان «الأرض عرض»، ويحارب بشدة توفير الدولة الأراضي للمشاريع المختلفة التي يستفيد منها الشباب، يتباكى بشدة على انعدام الفرص للمواطنين الكويتيين، وسؤالنا المستحق كيف توفر الفرص لإنشاء مشاريع ومصانع وكراجات وحرف صغيرة وأنتم من يمنع الدولة من توفير الأراضي العامة القاحلة الصفراء؟ اي هل ستقام المشاريع في الهواء؟! وللموضوع صلة.

آخر محطة:

أغلب منشآت القطاع العام ليست محتاجة لتحويلها للقطاع الخاص ـ الذي يجب ان يدعم بشكل آخر ـ كي يكمل تدميرها وتفكيكها وبيعها بعد طرد المواطنين منها، ما تحتاجه الكويت كنوع من التغيير هو بدء عمليات تطهير وتغيير في الوزارات والمؤسسات والإدارات والشركات الحكومية التي سادت عليها منهاجية «الحرمنة» و«الحمرنة» فدمرتها، ولو سلمت لأيد كفؤة أمينة لتحولت لحسن الأداء والربحية وتوسعت بالتبعية عمليات التوظيف فيها، فكبرى الشركات الرابحة في الخليج مازالت ـ للمعلومة ـ ملكا لدولها لا لقطاعها الخاص.

احمد الصراف

ظاهرة الاقتراب من الموت

يعتقد البعض أنهم مروا بتجربة العودة من الموت، أو الاقتراب الشديد منه. وقد دوَّن الكثيرون تجاربهم في كتب ومنشورات، وعلى الرغم من تعدد خلفيات وثقافات أصحاب هذه التجارب، فانهم اتفقوا تقريبا على رواية مشاهد محددة لظواهر معينة. ولهذا بدأ العلماء قبل 100 عام تقريبا بالاهتمام بهذه الظاهرة وتدوين تجارب الأفراد ومراقبة الحالات ومحاولة وزن الأجساد بآلات قياس وزن بالغة الدقة، وادعوا أنهم وجدوا فروقا لا تذكر بين وزن الجسم قبل الوفاة وبعدها، أو خروج الروح، كما يقال.
ومع زيادة وسائل الاتصال وانتشار الانترنت زادت تقارير العودة الى الحياة بعد الموت، وتأسست من أجل ذلك جمعيات وصدرت كتب عدة في هذا المجال المثير والمحير، وعن تجارب الموت التي واجهوها، وكتبوا حتى عن «الحياة في الجانب الآخر»! وتوجد على الانترنت مواقع عدة تعالج هذه الظاهرة التي يؤمن بها عدد متزايد من البشر، وأن الأرواح موجودة ولها وزن يمكن قياسه وأنها عندما تغادر الجسد تجتمع في مكان محدد، وقد تعود مرة أخرى الى الأرض لتتجسد في شكل بشري أو آخر.
هذا في جانب، أما في جانب آخر فقد اكتشف العلماء مؤخرا، بعد سلسلة من الاستطلاعات والاختبارات، أن لظاهرة الموت والعودة الى الحياة سببا آخر لا علاقة له بالأرواح. فعندما يظن المرء أنه يرتفع بروحه عن جسده بحيث يراه ممددًا تحته على السرير، أو يشعر بدرجة من النشوة والطمأنينة «غير الدنيوية» التي لم يشهد مثلها طيلة حياته، أو أنه يسير داخل نفق مظلم في آخره ضوء ساطع، أو أنه يلتقي بأقاربه الموتى، قبل «استيقاظه» من هذه الحالة، وهي الحالات التي أجمع غالبية من مروا بهذه التجربة أنهم مروا بواحدة أو أكثر منها، وهي الحالة أو الظاهرة التي تسمى علميا «تجربة الاقتراب من الموت»، أو«العودة من الموت»، هي ظاهرة يكثر حدوثها خصوصا وسط أولئك الذين يخضعون لمبضع الجرّاح أو في اللحظات التي يعانون فيها ذبحة صدرية. لكن دورية «كريتيكال كير» الطبية البريطانية نشرت قبل أيام بحثا أعده فريق علمي من سلوفينيا يقول انه ربما وجد تفسيرا للأمر، حيث يقول فريق جامعة ماريبور انه وجد رابطا يمكن أن يؤدي الى حدوث هذه التجربة الغريبة، يتمثل في ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الدم. وتبعا له فان هذا الارتفاع يؤدي الى تغيّر التوازن الكيميائي في الدماغ، مما يؤدي بدوره الى خداع صاحبه. فيجد أن روحه ترتفع عاليا فعلاً فوق جسده، أو أنه يسير في نفق يصل بين الحياة والموت، الى آخره من تلك التخيلات الغريبة.
وقد نظر الفريق الطبي في حالات 52 من المرضى الذين عولجوا من أزمات قلبية بالمستشفيات، وكان كل منهم قد أُنعش و«أعيد الى قيد الحياة» بعد توقف قلبه عن الخفقان وانقطاع أنفاسه. وفحص مستوى الكيماويات في أجساد هؤلاء خلال معالجتهم، خاصة ثاني أكسيد الكربون، وطلب اليهم لاحقا الاجابة عما يتعلق بتجاربهم وأحاسيسهم خلال فترة المعالجة.
وتبعا لنتائج هذا الاستطلاع، فقد قال 11 من أولئك المرضى، انهم وقفوا على الحد الفاصل بين الموت والحياة، ومرّوا باحدى الحالات التي اخذت ظاهرة «العودة من الموت» اسمها هذا. وقالت الدكتورة زليخة كيتيس، التي ترأست فريق البحث: «وجدنا أن لدى أولئك المرضى الأحد عشر معدل تركيز ثاني أوكسيد الكربون في دمائهم يزيد كثيرا بالمقارنة مع تركيزه لدى أولئك الذين لم يشهدوا الظاهرة». وأضافت هذه الباحثة أن الأرجح هو أن «تجربة العودة من الموت» لا ترتبط بالعمر أو الجنس أو المعتقدات الدينية أو الخوف من الموت أو العقاقير التي يحقن بها المريض، مع اقرارها بأن مزيدا من التجارب ضروري لقطع الشك باليقين، فقد قالت ان الأمر يتعلق أساسا بزيادة معدلات ثاني أكسيد الكربون في الدم، وان هذا هو المدخل الصحيح الى الفهم الكامل لأسباب تلك الظاهرة.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

آيات وبايات

خذوها مني وارموها في البحر، أو خذوها مني وأعيدوها إليّ، أنتم وضمائركم: «ستتغير الخارطة التجارية الحالية في الكويت تغيراً جذرياً، وستختفي بعض الأسماء وستتبدد كالرذاذ، وستحل محلها أسماء لم يكن لها إعراب تجاري من قبل، بسبب قانون الخصخصة، وبسبب الرقابة الهشة التي ستسمح للشركات بالدوران على حل شعرها بلا رقيب ولا عريف. وستنتقل كفة القوة من الأسرة الحاكمة إلى الأسر التجارية الصاعدة المتوحشة». وأدي دقني جاهزة للحلاقة بلا معجون ولا عطر «أفتر شيف». فكما اختفت أسماء أسر تجارية قرأنا وسمعنا عنها، وسيطرت أسماء أخرى، بعد موت أبي الدستور الشيخ عبدالله السالم، ستختفي غداً بعض الأسماء الحالية وستظهر أسماء جديدة بدلاً منها.

ولا نحتاج إلى قارئة فنجان، أو ضاربة ودع، أو منجّمة أبراج، أو أي مشعوذة مهما كان مسمّاها الوظيفي كي تتنبأ لنا بأسماء التجار الجدد والبُدد (أي البائدين)، فكل من يتحكحك اليوم بجدران مجلس الوزراء سيحلّق مع النسور في عالم المال والأعمال، وسينافس «آيات الله الإيرانيين» بالثروة والسلطة والجاه، وستنتشر شركاته القابضة والخانقة والعاصرة في أرجاء البلد، أما التاجر الذي ينهبل ويمشي على القانون ما يلخبطوش، ويحترم نفسه ووطنه وشعبه، فسيصبح «عزيز قوم…»، وسيقول على طريقة «باي تونس»: «هذه ليست الكويت، وهؤلاء ليسوا الكويتيين». وكان الاحتلال العثماني قد ولّى على تونس عميلاً تونسياً لُقّب بـ»الباي»، وعلى الجزائر عميلاً جزائرياً لُقّب بـ»الداي»، ولا أدري ما معنى الباي ولا الداي، ولا يهم. ما يهم هو أن الأستاذ الباي ودّى تونس في الباي باي، وعاش ولا القياصرة، وترك الشعب يطبخ التراب ويأكل الهواء، مرة مطبوخاً وأخرى مسلوقاً، وأعدمَ وعذّبَ وسجنَ معارضيه تحت شعار «أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ». وعاشت تونس تحت عصاه ليلاً طويل القامة، إلى أن نجح انقلاب بورقيبة. عندها أُصيب أخونا الباي بلحسة في مخه، وراح يمسح دموعه ويهذي: «هذه ليست تونس، وهؤلاء ليسوا التوانسة».

ولم يكن بيني وبين الخصخصة عداوة ولا محبة، حالها عندي حال بقية الأشياء، إلى أن قضيت اليومين الماضيين بالتنقل بين ذوي الدراية، أخرجُ من بيت هذا إلى ذاك، ومن مكتب ذاك إلى ذياك، فاتضحت لي الصورة بلا رتوش، فعدت إلى بيتي مهرولاً، واحتضنت أطفالي، وقلت لهم بفحيح «بعد عشر سنوات ستسألوني وسأجيبكم: كانت الكويت دولة رفاه، كما أراد لها عبد الله السالم، وكان الشعب يشارك الأسرة الحاكمة الحكم عبر برلمانه، فلعبت الحكومة ونوابها لعباً محرّماً، فاختفى الرفاه، وتلاشى البرلمان واختفى، واختفى معه حكم الأسرة الحاكمة الفعلي، وبقي في البروتوكولات، واختفت كويت عبدالله السالم، وأصبح التجار قسمين (آيات وبايات)، ويا ويلكم من سطوة وجشع وعنف غالبية الآيات، تجار الخصخصة، ويا سواد ليلكم. الفاتحة على أرواح الضعفاء والبسطاء». 

حسن العيسى

طبعاً الشيوخ أبخص

قالوا "من صادها بالأول عشّى عياله"، وقالوا أيضاً "من سبق لبق"، وكلنا نعرف "أنهم" الأوائل في الصيد دائماً، و"أنهم" الأسبق في "التلبق"، وإذا كان كل إناء بما فيه ينضح، فالكويت بالمحسوبيات والواسطات تنضح ويفيض إناؤها ويُغرِق طلاب العدل والمظلومين.
النائبة رولا دشتى سألت وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء عن أسماء شاغلي الوظائف القيادية وما يعادلها في الوزارات والإدارات الحكومية… وتضمن سؤالها استفساراً عن "الأسس والمعايير التي يتم على أساسها الترشيح للوظائف القيادية وتجديد التعيين فيها"؟
لو كنت مكان الوزير لتكلمت بصراحة، وقلت لها: إنك تعرفين وأنا أعرف… وكلنا عيال قرية… فلماذا هذا السؤال المحرج، فالتعيين والتجديد في الوظائف القيادية  وحتى ما دون القيادية، يجريان حسب قاعدة الذين اصطادوا أولاً عشّوا أقاربهم ومعارفهم ومحاسيبهم، فالوزير عندما يصل المنصب يسارع إلى زرع المعارف في المناصب القيادية… وهؤلاء يردّون الجميل بدورهم في شتل الوظائف الأدنى لأحبابهم ومحاسيبهم، وتمتد الأمور بهذه الصورة من بداية رأس الهرم الإداري حتى القاعدة، وهكذا يُعمَّم الفساد الإداري وتُقنَّن المحسوبية، وإذا كان هناك قانون مثل قانون الخدمة المدنية لضبط الأمور،  فنحن ندرك أن مجال الاستثناء واسع، وفتح المنافذ في حوائط النص سهلة متى فسدت النفوس.
كتب مرة مظفر عبدالله وسنجار محفوظ في جريدة الطليعة "…إن الحديث عن توزيع المناصب صار يعلو على التطوير والإصلاح في أعمال الوزارات، وبذلك فقَدَ المنصب القيادي ميزة الاستقرار والثبات التي تُعين على التفكير الهادئ الذي يتطلبه أيُّ عمل من أجل التطوير  والإصلاح، وخلقت هذه المعادلة الجديدة جواً من النفاق أو الخضوع الذي يفرضه ميزان القوة بين الوزير والوكيل، وما لم يكُن الأخير سائراً على هوى الأول، فإن التهديد بعدم التجديد هو أقل ما يمكن أن يناله أصحاب المناصب القيادية…".
وفي لقاء جريدة الطليعة كانت آراء نواب مثل عبدالله الرومي وحسن جوهر متفقة مع هذا الرأي، وبدوره اجتهد النائب وليد الطبطبائي وقدم اقتراحاً بقانون تنص المادة الثانية منه على "…إن التعيين في المناصب القيادية بمرسوم ولمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرتين متتاليتين،  ولا يجوز بعد انقضاء هذا التجديد تعيين ذات القيادي في أي وظيفة قيادية أخرى… ويكون التعيين بعد الإعلان بشفافية عن الوظيفة المطلوب شغلها والشروط الواجب توافرها فيها…".
محاولة جيدة من النائب وليد لكن، كما يقولون "الشق عود"، والقضية أكبر من القانون ونصوصه، هي أولاً وقبل كل شيء قضية "قبائلية" لا "قبلية"، في إدارة كل الدولة، والفرق بين القبلية والقبائلية تجدونه عند المفكر السعودي عبدالله الغذامي في كتابه تحت عنوان "القبلية والقبائلية"، فالقبلية ظاهرة طبيعية، أما الثانية فهي مرض معدٍ ووباء أصاب أبناء العوائل قبل أبناء القبائل والطوائف… لا فرق…  وفرَّخ لنا المحسوبية والواسطة والفساد… فضاع العدل والإنصاف والمساواة في الفرص.
في النهاية، لننتظر الإجابة من السيد وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء على  سؤال رولا…! لكن لماذا يُتعِب نفسه في البحث عن معضلة حل السؤال؟ ليجيبها بأن… الشيوخ أبخص يا سيدتي…!

احمد الصراف

آية الله وتوطين العمل الخيري

لعلم من لم يعلم فقد كانت الكويت، ولقرون، فقيرة يعاني أهلها شظف العيش وقسوة الحياة وقلة في كل مورد وزيادة في الأمراض واتساعا في الأمية، وعلى الرغم من عمري القصير نسبيا، مقارنة بعمر الدول والأمم، فانني «لحقت» أو شاهدت الكثير من قسوة العيش تلك، خصوصا في أوقات الفيضانات والحر الشديد والعواصف الرملية المخربة وحتى القحط. وأثناء تلك السنوات كانت دول كثيرة مثل الهند (باكستان) وإيران والعراق تنعم بالكثير من الخير وصفاء العيش والخاطر مع توافر مختلف الموارد والخيرات لديهم، ومع هذا لم يتذكرنا أحد منهم ويرسل لنا ما يقيم أودنا أو يبعد عنا شر الأوبئة وأخطار المجاعة.
وبناء على قاعدة أن ما يحتاجه البيت يحرم على المسجد، فإن كل الأموال التي جمعت في نصف القرن الماضي، سواء في صورة خمس أو زكاة وأرسلت الى خارج الكويت لصرفها على حوزات علمية أو بناء مساجد أو حفر آبار وتجييش دعاة، ما كان يجب أن تخرج قبل أن تنتهي حاجة أهل البيت، أو الكويت، ومن فيها.
ومن هذا المنطلق كتبنا قبل أيام نؤيد فكرة آية الله الكويتي، الشيخ علي الصالح، المتعلقة بسعيه لإبقاء أموال الخمس داخل الكويت وصرفها على حاجات الناس بدلا من إرسالها للخارج الذي يبدو أنه في غنى عنها. فكيف نرسل أموالنا لخارج الكويت وهناك عشرات الآلاف الذين هم بأمس الحاجة اليها، ومن يقول ان مستوصفا في قرية في باكستان أو جنوب لبنان أو في أي مكان في العالم أكثر أهمية من مستوصف في الصليبية مثلا التي تفتقد كل خدمة؟. ولماذا نهتم بإرسال مئات ملايين الدولارات لمساعدة فقراء الهند وأندونيسيا وبنغلادش، بينما يعيش عشرات الآلاف منهم في الكويت في أسوأ الظروف، وبشهادة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل؟ الذي صرح للصحافة قبل أيام أن الوزارة رفعت الحد الأدنى للأجور ليصبح 60 دينارا، وأن هناك من العمال من يتقاضى 18 دينارا فقط في الشهر، هذا غير عشرات آلاف «البدون» الذين يعيش غالبيتهم في ظروف بائسة حقا وهم بأمس الحاجة للمساعدة، فكيف يحرم عليهم ويحل لفقراء أفريقيا وآسيا؟
لقد سبق أن شكلت «الشؤون» لجنة دائمة لتوطين العمل الخيري، ولكن لارتباط مصالح الكثيرين داخل الكويت، ومن مسؤولي الجمعيات، بإرسال الأموال للخارج، حيث لا رقابة على طريقة الصرف، فقد حوربت اللجنة ولم تستطع فعل شيء. وقد أصدر الوزير الكبير العفاسي قرارا بإعادة تشكيلها، ولكن من المتوقع أن يجد التشكيل الجديد مصير سابقه نفسه بفضل جهود أصحاب المصالح الكبيرة في أموال الجمعيات!

***
ملاحظة: صرح آية الله كاظم صديقي في خطبة الجمعة الماضية في طهران ان السبب وراء تزايد حدوث الزلازل في العالم يعود لتزايد العلاقات الجنسية غير المشروعة. وان الكوارث الطبيعية هي نتيجة سلوكنا، وان الكثير من النساء اللواتي لا يرتدين ملابسهن كما يجب يفسدن الشباب!! ربما نسي مولانا أن آخر زلزال كبير ضرب إيران حدث في منطقة قروية نائية لا مجال فيها لما ذكره من أسباب.

أحمد الصراف