احمد الصراف

مسجد النقطة صفر

سبق أن تطرقنا لموضوع قلة اهتمام مثقفي الرأي وأصحابه في مجتمعاتنا، بما يجري في العالم من أحداث، وهذا يعود إما لتواضع معارفنا، أو عدم اكتراثنا بما يجري حولنا أو بسبب الكم الكبير من المشاكل التي تحيط بنا والتي تشغلنا عن الاهتمام بغيرها، ولكن الصورة عكس ذلك لدى الغير، خاصة في الدول الغربية، حيث يبدي البعض هناك اهتماما متزايدا بقضايانا وكوارثنا. والغريب أننا عندما نحاول الدفاع عن موقف أو وجهة نظر طرف آخر، وبالذات أميركا وإيران وإسرائيل، نتعرض لمختلف تهم الخيانة والعمالة لأطراف خارجية!
تطرق كيث أولبرمان، المعلق الأميركي المعروف، في قناة nbc يوم 8/16 لقضية المسجد المزمع بناؤه على أرض مركز التجارة الدولي في مدينة نيويورك، وهو المركز الذي هدمه الفكر العربي الإسلامي المتطرف، في 11 سبتمبر 2001 على رأس أكثر من 3000 بريء. وقال المعلق، على لسان القس الألماني(Martin Niemller)، إنه لم يحرك ساكنا عندما أنهى النازيون في وطنه زعماء اتحادات العمال، وسكت عندما قضوا على الشيوعيين، فهو لم يكن شيوعيا، وعندما بدأوا بتصفية اليهود لم يكترث، وعندما جاءوا له لم يكن هناك أحد ليقف معه! ومن هذا المنطلق فإنه، أي كيث أولبرمان، يشعر بأن عليه اليوم أن يقف ويتكلم في موضوع المسجد، من دون مقارنة طبعا بين وضع اليهود حينها ووضع مسلمي أميركا اليوم، وليقول إن هذه القضية أخذت أبعادا خطرة وشابتها مبالغة وشحن لمشاعر الرأي العام ضد فكرة بناء المسجد على أرض مركز التجارة الدولي، لما يمثله من تحد واحتقار لذكرى أرواح آلاف الأبرياء الذين قضوا في ذلك الموقع، وأن المسجد سيستخدم لتدريب الإرهابيين! ولكن الحقيقة أنه لا يوجد مسجد في مركز التجارة «كرواند زيو» ولا مركز للإرهاب، فما هو مخطط لبنائه يقع في 45 بارك بليس، وهو مركز مكون من 13 طابقا يحتوي على ملاعب ومدارس ومكتبة وفي طوابقه الأخيرة مكان للعبادة، ويبعد أربعة أو خمسة «بلوكات» عن موقع مركز التجارة ولا يشاهد منه، ويجب ألا يثير وجوده حفيظة أحد. وقال إن في منهاتن مساجد يعود تاريخها لما قبل تاريخ بناء برجي التجارة، وأن أميركا، منذ تأسست، وهي تحارب من أجل حق الجميع في ممارسة الاعتقاد، وأن هؤلاء المعترضين انفسهم سبق ان اعترضوا قبل 50 عاما على انتخاب رئيس كاثوليكي للبلاد، وأن رفض بناء المسجد سيعني في النهاية أن من اعتدوا علينا في الحادي عشر من سبتمبر قد حققوا أهدافهم.
وفي جانب آخر ألقى عمدة نيويورك، الملياردير اليهودي مايكل بلومبرغ، في 8/29 خطبة مؤثرة، وبحضور رجال دين يهود ومسيحيين، أعرب فيها عن تأييده الواضح لفكرة بناء مركز إسلامي في المدينة. وقال إن ذلك امتحان لمثل الشعب الأميركي ولمبدأ فصل الدولة عن الكنيسة وحق المواطنين في التصرف بممتلكاتهم بالطريقة التي تناسبهم. وبما أن أرض المسجد المزعوم، والأصح المركز الإسلامي، ملكية خاصة، فإن الحكومة لا تستطيع إنكار حق الملاك في التصرف بأرضهم. ولو قام معارضو بناء المركز برفع الأمر للقضاء فإن المحكمة، في الغالب، سترفض دعواهم لمخالفتها دستور الولايات المتحدة.
وقال إننا قد لا نتفق مع جيراننا في المبنى نفسه ولكننا نتقبل اختلافاتنا ويتحمل بعضنا بعضا، وهذه الروحية والانفتاح والقبول للآخر هي التي حاول المعتدون على برجي التجارة تحطيمها والقضاء عليها. فأميركا تأسست على مبدأ أن الحكومة يجب ألا تختار بين العقائد الدينية أو أن تميز إحداها ضد الأخرى، وسنكون غير صادقين مع أنفسنا وأخلاقياتنا ومبادئنا إن رفضنا بناء المسجد في منهاتن. كما أن رضوخنا لمطالب المعارضين سيسعد كثيرا متطرفي الطرف الآخر. وقال إنه في يوم 9/11 اندفع الآلاف لداخل حطام وركام المبنيين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه دون أن يسألوا من الذين قاموا بإنقاذهم، وأي رب يعبدون ولأي ديانة ينتمون، وأن 400 من أولئك الرجال لم يعودوا في ذلك اليوم لأهاليهم! وقال إن الخلافات والمواضيع المثيرة للجدل تأتي وتذهب، ولكن قيمنا وتقاليدنا يجب أن تبقى.

أحمد الصراف

سامي النصف

خطاب واجب التنفيذ

بعد تهنئة صاحب السمو الأمير ـ حفظه الله ـ أبناءه المواطنين والمقيمين بدخول العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، توجه سموه في خطابه السنوي مباشرة لقضية الوحدة الوطنية التي أرساها الآباء والأجداد ويفرط فيها هذه الأيام بقصد أو دونه بعض الأبناء، ومما جاء في الخطاب المهم «ضرورة الوقوف بحزم في وجه كل من يحاول الإساءة للوطن العزيز بإثارة النعرات الطائفية أو القبلية أو الفئوية وبث روح الفرقة والتعصب والتحزب وشق وحدة الصف».

وواضح ان هناك من يستخدم بعض وسائل الإعلام لتفكيك وحدتنا الوطنية، آملا ان ينتهي الوضع بما آل إليه الحال في بعض الدول التي ابتليت بالتناحر الأهلي وهو أكثر ضررا وخطرا من الغزو الخارجي، لذا أتى في خطاب سموه «ضرورة الارتقاء بإعلامنا المقروء والمسموع والمرئي وممارسة دوره المنشود في تكوين الرأي العام المستنير الذي يعزز الولاء للوطن وينشر المحبة بين الناس».

وتظل الكويت بلدا صغيرا وسط منطقة شديدة السخونة مما يحوجنا لأن نعمل جميعا لتحسين صورتنا لدى الآخرين، لذا طلب سموه من وسائل الإعلام «ان تنشر المحبة بين الناس وتسهم في تقوية أواصر الإخاء والصداقة والتعاون بين الكويت والدول الشقيقة وتجنب كل ما يعكر صفو العلاقات مع هذه الدول أو الإساءة اليها».

وجريا على عادة الكويت في تقديم الدعم للدول الصديقة والشقيقة، وكتنويه بأعمال الخير التي قام بها المواطنون والمقيمون أتى في الخطاب «أن الكويت سارعت كعادتها في مواجهة الكارثة الإنسانية فقدمت جميع المساعدات الممكنة لجمهورية باكستان الإسلامية وقامت بفتح باب التبرعات حيث تسابق المواطنون والمقيمون في تقديم العون والمساعدة».

وكان جميلا أن يستذكر سموه من سبقه وعمل معه من حكام وقادة، لذا أتى في الخطاب «نستذكر في هذه الأيام الطيبة المباركة بالإجلال والتقدير والعرفان أميرنا الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح وأميرنا الوالد الشيخ سعد العبدالله الصباح طيب الله ثراهما وأسكنهما فسيح جناته، سائلين المولى العلي القدير ان يرحم شهداءنا الأبرار وموتانا جميعا ويعلي منازلهم في جنات النعيم، انه سميع مجيب».

ان خطاب والد الجميع يحتاج الى ان يتحول الى منهاج وبرنامج عمل نلتزم به جميعا، فلم يأت الضرر ويحل الشرر وتدمر البلدان الآمنة الا من اعمال ضرب الوحدة الوطنية التي تفرق بين الشقيق وشقيقه، والاستخدام غير المسؤول لوسائل الإعلام.. فالحذر الحذر.

احمد الصراف

ما يكل وماج فلادارس

سبق ان كتبت أن عملي في البنك في ستينات القرن الماضي كان نقطة فاصلة في حياتي، ولهذا اضطر أحيانا للرجوع لتلك الفترة للنهل منها، وأستميح القراء عذرا إن كان في هذا التكرار ما يزعجهم ولا أريد هنا أن أبدو كصاحبنا المؤرخ الذي كان دائم الإشارة لجدته قبل الدخول في أي حديث أو قصة تاريخية!
***
كان «مايكل فلادارس» مديرا لي في بداية عملي في البنك، وكان شخصا لطيف المعشر دمث الخلق، ويختلف إلى حد كبير عن الصورة النمطية للموظف الهندي، حيث كان عالي الصوت دائما وصاخبا في عمله، وكان ذا اطلاع واسع بما كان مسؤولا عنه وبالحياة عامة، وكان لديه دائما كم من الروايات التي كان يسعد بسردها عن تجاربه ورحلاته حول العالم. وكانت زوجته «ماج» تعمل في وظيفة مرموقة في السفارة الأميركية وقتها، وقد ساعدتها وظيفتها في مرحلة لاحقة في الحصول على الجنسية الأميركية والهجرة وأسرتها لأميركا، حيث انقطعت أخبارهم عنا منذ ذلك الحين، وربما يكون فلادارس الآن في منتصف الثمانينات من عمره، إن كان لا يزال على قيد الحياة.
اسم فلادارس برتغالي، وربما اكتسبته أسرته من أيام استعمار البرتغال لمناطق واسعة من جنوب الهند مثل «جوا». كان يبدي اهتماما خاصا بتدريبي وتمضية وقت وجهد في شرح عمليات البنك المعقدة لي. وفي يوم استضافني في بيته لتناول العشاء، ولا أزال أتذكر تحذيره لأبنائه من الإفراط في تناول الزبدة، وهي النصيحة التي أعمل بها حتى اليوم، وقد شكرته كثيرا على تكريمي بمشاركة عائلته عشاءهم.
كان فلادارس يحب الحياة والحديث عن أسفاره، وكان يبدأ قصصه خلال فترات الاستراحة، أو بعد إغلاق أبواب البنك للعملاء، بسؤالي عما إذا سبق ان زرت المدينة التي ينوي الحديث عنها في ذلك اليوم، وكنت وقتها لم أزر غير العراق وإيران ولبنان، وبالتالي كان جوابي دائما بالنفي، وهنا كان ينطلق في الحديث عن رحلته إلى النمسا أو سان فرنسيسكو أو دزني لاند أو لندن ومغامراته وذكرياته في كل منها! وفي يوم ما، وهو مستطرد في سرده، قاطعته متسائلا عن عمره ففوجئ بسؤالي وقال بتردد: 45 عاما! فقلت له بكل هدوء انني أصغر منه بربع قرن، وعندما أصبح في عمره سأكون قد زرت أضعاف ما قام بزيارته من مدن ومعالم! ففغر فاه، لا أدري مستغربا أو مستنكرا، ولم يقل شيئا ولم يكمل روايته، ولا أعرف ما الذي كان يفكر فيه وقتها، ولكن علاقتنا أصبحت بعدها أكثر ندية وفسرت سكوته بأنه ربما صدم من ذلك الفارق بين عمرينا، أو ربما شعر بأنني على حق، أو أنه اعتبرني فظا، وصريحا أكثر من اللازم.
تذكرت تلك القصة وأنا أقرأ عن أن احدى علامات التقدم في العمر هي عندما نشعر بأننا نعرف الكثير عن الحياة، وفي هذه اللحظة بالذات يتوقف الآخرون، من أصدقاء وأبناء بسؤالنا عن أي شيء، لأنهم أصبحوا هم كذلك يعرفون الشيء الكثير عن الحياة!
الخلاصة أن الكبر يصبح أمرا متعبا، وأحيانا، مثيرا للشفقة إن لم نحتط له بجميل الذكريات وعديد الصداقات والمحافظة على الصحة والإكثار من الآهات، فلا حياة من غير فضول وبهجة وحب ودهشة!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الدكتور رفعة

الحاخام اليهودي الذي دعا على الزعماء العرب بالطاعون، وتحدثت عنه في مقالتي الماضية فقلت: «يبدو أن جذوره عربية»، تبيّن فعلاً أن جذوره عربية، على ذمة رسالة من أحد القراء، وأنه عراقي بصراوي، تنقل ما بين مصر والعراق قبل أن يستقر في فلسطين المحتلة. الله يغربله.

الجينات العربية في الغالب تعلق بثوب صاحبها، وحتى لو ذهب إلى أستراليا أو تشيلي لَبَقِيَتْ الجرثومة العربية متشبثة بدماغه. وقريبنا الحاخام البصراوي رغم أنه يعيش في إسرائيل، الدولة المتطورة طبياً، لم يدعُ على أعدائه بتليّف خلايا الدماغ مثلاً، أو بأي مرض اكتُشف حديثاً، بل دعا بالطاعون، لأنه مرض مذكور في تراثه الديني.

ما علينا… سابقاً كانت قبائل جزيرة العرب تتعمد اختيار أسماء مرعبة لأبنائها خوفاً من الحسد، فتجد «حديحيد وجعيشان وقريشيع وفجيحي وهضيبان وطنيقر وسحيلي وقنيبر…»، والأخير هو أحد أجدادي الأفاضل، ولو أنك أعدت النظر وركّزت قليلاً لاكتشفت أن «ياء التصغير» تنتشر في غالبية الأسماء، من باب التدليع والتغنيج، فـ»قريشيع» هو اسم الدلع لـ»قرشع» أو «قرشيع»، و»طنيقر» اسم الدلع لـ»طنقر». ولا أدري كيف كانت زوجاتهم يدلعنهم في لحظات التجلّي، وبالذات الأخ حديحيد… يا حدحودتي؟ كارثة.

على أن المصريين وبقية العرب ليسوا عنا ببعيد، فجولة واحدة على أسماء لاعبي منتخب الجزائر الذين شاركوا في كأس العالم ستجعلك تشعر بالشفقة تجاه «قريشيع» وأشقائه. وفي مصر كان معنا أثناء الدراسة مجند يحمل شهادة الدبلوم، رُزق بولد فأسماه «النص»، ليش؟ سألته، فاجاب: «أمّال عايزني أسميه تامر أو رامي أو أي اسم ناعم؟ أنا عايزه يطلع راجل خشن، والبداية من اسمه»! لكن رحمة ربك دفعت الهيئة المسؤولة عن شهادات الميلاد إلى رفض الاسم وأجبرت الأب على تغييره.

ويقول الوالد رحمه الله: كنت في منتصف عمري (توفي عام 2005 بعد أن بلغ نحو مئة عام)، عندما أُبلغت بمرض خالي «زنيفر» رحمه الله، الذي يقطن في الجهراء، فأتيت لنقله بسيارتي إلى المستشفى، إذ لم يكن في عائلتنا من يمتلك سيارة سواي… وفي المستشفى، قلّب الطبيب أوراق خالي، وارتدى نظارته الطبية مذهولاً وتمعّن في الأوراق، ثم خلع نظارته وأخذ يحدّق بنا، ثم ارتدى نظارته وراح يتمعّن في الأوراق ويحدّق بنا فاغراً فاه، ثم خلع نظارته وسألني بلهجته المصرية: «المريض اسمه ايه؟ زنْيَفَر؟»، فصححت له: «زنيفر»، فهمهمَ: «ليه بس، هيّه الأسامي بقت بفلوس؟» (الترجمة المصرية من عندي أنا، إذ نقل الوالد الرواية بلهجته)، فبرّر الوالد خجلاً: «أجدادنا كانوا يعتقدون واهمين أن الأسماء الصعبة تبعد الجن، ومنهم توارثت الأجيال هذه الأسماء»، فسأله الطبيب: «وانت اسمك ايه؟»، يقول فأجبته: «عايض»، فهز الطبيب رأسه غاضباً: «أستغفر الله العظيم، ايه ده، زَنْيَفر وعايض، وامبارح كان عندي واحد اسمه بعيجان وواحد اسمه شلْيَويح، ووو، دي أسماء كوارث مش بني آدمين، وكله كوم وشحيبر كوم لوحده»، وراح الطبيب مستنكراً يعدد الأسماء الغريبة التي واجهها في الكويت. يقول الوالد فسألته بصوت كسير: «وأنت ما اسمك؟»، يقول فأجابني بزهو: «رفعت»، فصرخت في وجهه: «آبو لحيتك، توقعت أن اسمك (إبراهيم باشا)، أو أي اسم آخر فخم، فإذا أنت (رفعة)! على الأقل أسماؤنا أسماء رجال أما أنت فاسمك على اسم جدتي، يا رخمة».

احمد الصراف

العناق اليهودي المسيحي القاتل

لا يمكن التطرق للقضية الفلسطينية دون شجون ومشاعر متضاربة. ومهما حاولنا إيجاد مبرر لسلبية غالبية مثقفي الأمة من القضية، مقارنة بإيجابية مثقفي الغرب، فلن نصل الى نتيجة، غير أن الأمر جزء من تخلفنا الذي جعلنا عاجزين عن الاهتمام بقضايانا فما بالك بقضايا غيرنا! والغرب، الذي يكره الكثيرون مثُله ويحتقرون طريقة تفكيره، يعج بمئات «الإنسانيين» الذين أثروا حياتنا بمواقفهم وملأوها أملا، بعد أن فشلنا في التصدي لقضايانا والدفاع عنها، وكان الفضل دائما لمثقفي الغرب ووسائل إعلامه في كشف وتسليط الضوء على الجرائم اللاإنسانية التي ارتكبناها بعضنا في حق بعض من مجازر المخيمات الفلسطينية وقبلها معارك وأحداث الحرب الأهلية اللبنانية، وقتل سكان حلبجة بالغازات السامة، وما قاسته وتقاسيه المرأة والطفل في غالبية دولنا، من أفغانستان وباكستان وصومالستان ويمنستان على يد طغم متعطشة للدماء، والتي رفضت غالبيتنا حتى الحديث عنها.
من هؤلاء الإنسانيين الناشط السياسي اليهودي الأميركي مارك برافرمان (Mark Braverman) الذي ولد في القدس لعائلة تعود جذورها لخمسة أجيال في فلسطين، وهاجر في شبابه لأميركا حيث درس التقاليد اليهودية والإنجيل والأدب العبري والتاريخ اليهودي. وبسبب خلفيته الأكاديمية كرس وقته لتقديم النصح والعلاج لمن سبق أن تعرض لضغوط نفسية كبيرة نتيجة أحداث مرعبة وقعت له. وقادته اهتماماته الإنسانية عام 2006 لإسرائيل وهناك صدم لسوء أوضاعها الأمنية، وما يتعرض له دعاة السلام من أذى، وقرر تكريس جهده ووقته للتخفيف من حدة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومن أجل ذلك شارك في تأسيس وإدارة جمعيات ولجان خيرية تهتم بشكل أساسي بتأييد حقوق الفلسطينيين في أراضيهم وبالتعايش السلمي بين الشعبين ومعارضة سياسة هدم المنازل. وقام اخيرا، ومن واقع تجاربه في ميادين محاربة العنصرية والدعوة للسلام، بتأليف كتاب «العناق القاتل» الذي لخص فيه نظريته في كيفية تحقيق السلم بين الفلسطينيين والإسرائيليين عن طريق إنهاء حالة العناق المميتة بين الإسرائيليين ومسيحيي الغرب، وأميركا بالذات! ويقول برافرمان ان فكرة الكتاب خطرت له بعد صدمته بما كان يحدث في فلسطين التاريخية صيف ذلك العام، وكيف قام شعبه بمصادرة أملاك الفلسطينيين وقتلهم وتشريدهم وتوجيه مختلف الإهانات لهم باسم المحافظة على أمنه كيهودي، وإن السلام لن يأتي أبدا وعائلته لن تشعر بالأمان في إسرائيل، وبالتالي فإن شعبه مطالب بالتوقف والتفكير في ما يحدث من ظلم واعتداء على الفلسطينيين، وإنه عندما عاد لوطنه أميركا اكتشف أن لا أحد من أهله ومعارفه من اليهود يود سماع شيء عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأنه معاد لقومه وأن دعوته ستؤدي لمحرقة جديدة، ودفعه هذا للتشكيك في أسس الصهيونية ومشاريعها وهو الذي تربى على الإيمان بها وتشرب مبادئها طوال حياته. ولكنه اكتشف، عندما انتقل للحديث عما يقلقه من الوضع في إسرائيل، أن رواد الكنائس المسيحيين أكثر تقبلا لما كان يروج له ووجد لديهم آذانا صاغية وتجاوبا وإيمانا بضرورة مناصرة حقوق الفلسطينيين المدنية ووقف طردهم من بيوتهم وتشريد المزيد منهم، ولكنه واجه معضلة تتعلق بموقف هؤلاء المسيحيين من اليهود، حيث تبين له أن لديهم ما يشبه عقدة الذنب تجاه اليهود، وأنهم في مهمة مقدسة وذات هدف وبعد عاطفي واضح يتمثل في ضرورة وقف معاناة اليهود المستمرة منذ ألفي عام، والتي أدت الى الهولوكوست، والتكفير عما ارتكب بحقهم من جرائم من خلال الوقوف بجانبهم في كل قضاياهم! وبالرغم من نبل هذا الهدف واتفاقه شخصيا معهم فيه، فإنه اكتشف في المقابل أن من الصعوبة توجيه أي نقد لإسرائيل أمام هؤلاء، وان السلام لن يستتب بين الشعبين بغير قيام إسرائيل بالتصرف بعدالة وإنصاف الفلسطينيين انصافا كاملا، وهذا ما لا يستطيع الأميركيون بغالبيتهم قبوله، بالرغم من أنه كان يقول لهم انه يهودي وإن جده ولد في فلسطين وانه يحب إسرائيل ونصف عائلته يعيشون فيها، وانها مكان رائع للعيش، لكن قلبه ينفطر لرؤية ما يحدث فيها من ظلم، وإذا كانوا كمسيحيين مؤمنين يريدون الخير لإسرائيل فعليهم التخلي عن عناقها وتقبل فكرة انتقادها ومطالبتها بوقف ظلمها وتعسفها مع الشعب الفلسطيني، فهذا العناق الذي طالما ربط المسيحي الأميركي واليهودي هو عناق قاتل وسيتسبب لا محالة في موت أحد طرفيه أو كليهما في نهاية الأمر.
الكتاب شائق ويستحق القراءة ويمكن الاطلاع عليه من خلال الرابط التالي:
http://books.google.com/books?id=xoAcz1N2oOsC&printsec=frontcover&dq=mark+braverman&source=bl&ots=MRXB7KJ

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

تلك الوجوه… تلك السماحة

 

قد ينجرف الإنسان انجرافاً عاتياً شديداً وهو يطالع بعض فقرات تلفزيونية أو يتصفح بضع منتديات إلكترونية، أو يقضي وقتاً في مطالعة صحف يومية، فيكون أمام ثلاث صفات من المشاعر: إما الخوف والقلق، وإما الحسرة والأسى والثالثة هي الفرح والسرور بما يشاهد ويطالع ويقرأ من (جنون) معنون بعنوان حب الوطن وهو خطأ فادح.

اترك عنك يا عزيزي كل تلك المظاهر الكاذبة، فالوجه للوجه أبيض كما يقال في الأمثال، لأنك إن أردت أن ترى وجوهاً بحرينية حقيقية عليها سيماء السماحة والمحبة والصدق والإخلاص، فعليك أن تكون حاضراً في المجالس الرمضانية التي يجتمع فيها الناس، وهم في حالهم ذاك، لا يمكن أن تغيب عنهم أمور البلد وشئونه وشجونه وهم يعيشون تطورات مذهلة يوماً بعد يوم… لكنك لن تسمع منهم إلا الرأي الحكيم الصائب والكلمة الطيبة والطرح العقلاني.

ولربما كانت أمور أخرى تجري في مجالس ما اعتاد عليها أهل البحرين… تلك المجالس المتسترة وراء العديد من الستائر قد تكون فرحة للغاية بما يجري في البلد… ليس على صعيد تطبيق القوانين والحفاظ على هيبة الدولة، بل على صعيد ملأ الأرض طولاً وعرضاً بالكثير الكثير من الافتراضات والتخيلات والأكاذيب، وكأنما الدولة، تصدق كل ما هب ودب… شرقاً أو غرباً.

على مدى الأيام القليلة الماضية، لاحظت كما لاحظ غيري أن شعب البحرين الأصيل لا يمكن أن يتلون حين يكون أمام (بعضه البعض) وجهاً لوجه… قد تتغير الوجوه وراء الأسماء المستعارة قطعاً في المواقع السيئة الذكر، وقد تختفي ملامح الخلق فيما يحاك هنا وهناك للإضرار بالوحدة الوطنية، لكن لا يمكن للناس الذين يتصافحون ويتعانقون ويتبادلون الدعاء بنيل ثواب الشهر الفضيل، إلا أن يكونوا صادقين فيما يقولونه لبعضهم البعض ولقيادتهم ولوطنهم… هذا الوطن، لا يتحمل المزيد من الطعنات الخفية، أياً كانت اليد التي وجهتها.

خلاصة القول، ستذهب كل الحملات المغرضة والموجهة للنيل من تماسك المجتمع البحريني سدى… ربما انتشى البعض وشعر بالفرح لوجود شعور عارم بأن المجتمع البحريني بدأ يأكل بعضه بعضاً… لكنّ ذلك شعور ينتاب كل شخص لا يعرف من هم أهل البحرين.

سامي النصف

ليالٍ رمضانية ودواوين

زيارة صاحب السمو الأمير حفظه الله وسمو ولي عهده الأمين وسمو رئيس مجلس الوزراء ومن بمعيتهم من أبناء الأسرة الحاكمة للدواوين والمقاهي والجمعيات والتجمعات الشعبية تعكس بشكل جميل البساطة والتواضع ودفء العلاقة الإنسانية القائمة بين الحاكم والمحكوم في بلدنا الآمن، وهي ميزة لا تراها في الدول الأخرى.

ومبادرة طيبة ومعتادة من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، عندما أمر باستضافة الجرحى من الأشقاء العراقيين في مستشفيات الكويت، واعتقد ان على الاخوين سفير الكويت في العراق وسفير العراق في الكويت ان يحرصا على أن تقوم وسائل الإعلام في البلدين بنشر تلك المبادرة الإنسانية لترطيب القلوب وتحسين العلاقات بين الشعبين الكويتي والعراقي.

التقينا في ديوان السيد عبدالعزيز سعود البابطين العامر بضيف الكويت الكبير السيد عمار الحكيم والوفد المرافق له، ومما طرحه السيد عمار الحاجة لتواجد وتداخل عربي أكبر في العراق عبر مشاريع تنموية واستثمارية، وأن تضاف للسفارات العربية في بغداد قنصليات في البصرة والنجف والموصل وكركوك وغيرها كحال بعض الدول الأخرى القريبة والبعيدة.

كررت في سنوات ماضية الدعوة لخلق بروتوكولات موحدة لكيفية تقديم التهنئة في الدواوين الكويتية منعا للالتباس، ومما طرحناه أن الأفضل هو السلام باليد على أصحاب الديوانية فقط والاكتفاء بالتهنئة الشفوية الجماعية لباقي الضيوف ممن قد يكون الفرد قد التقاهم في أكثر من ديوانية أخرى ومن ثم يصبح محرجا تهنئتهم مرة ثانية وثالثة.. الخ.

وضمن تلك البروتوكولات ضرورة وضع لوحات عند باب الديوانية قبل الدخول للإبلاغ عن حالة العزاء عند حدوثها وان أهل الديوان يستقبلون العزاء لا التهنئة ودون ذلك تحدث احراجات كثيرة خاصة في اليوم الأول للعزاء، كما ان من الضرورة بمكان وضع لوحات منذ أوائل الشهر الفضيل تخبر الزائرين بالأيام المحددة للتهنئة، فكثير من مشاوير هذه الأيام تزحم الطرق وتنتهي بديوانيات مغلقة لا يعلم أحد متى تفتح.

من يشتك من زحمة رمضان في الكويت التي لا تزيد على دقائق قليلة فعليه أن يتابع أخبار أكبر زحمة في التاريخ والتي تسببت فيها أعمال الطرق في العاصمة الصينية وعدم وجود منافذ (EXIT) على الطرق السريعة المؤدية لها مما جعل السائقين ينتظرون 10 أيام في سياراتهم، ومن يشتك من سوء القيادة أو الحوادث أو عدم الالتزام بقوانين السير في الكويت أو مصر أو لبنان فعليه أن يشاهد الحوادث التي تسجلها كاميرات المرور الصينية التي تظهر انهم لم يتعودوا بعد على الثقافة المرورية ولا يعلم البعض منهم ان للسيارات فرامل وان الإشارات المرورية والتقاطعات يجب ان تحترم، اذهب الى «اليوتيوب» وابحث عن CHINESE TRAFFIC ACCDENT.

آخر محطة:

مما تعلمته خلال الأيام الماضية ضرورة التأكد في بلدنا ـ خاصة في رمضان ـ من عشرة مصادر مختلفة على الأقل حتى يمكن لك التيقين من صحة المعلومات التي تصلك.. فعذرا لأي خطأ غير مقصود.

احمد الصراف

نوم الأطفال

يعتبر النوم العميق، إضافة للغذاء الجيد والصحة العقلية، ضروريا لحياة أجمل وأكثر سعادة! هذا ما توصل له الطبيب الاختصاصي في علوم التغذية وأساليب المعيشة كيغان شريدان، في بحث طويل على الإنترنت، أراد فيه التوصل لكيفية النوم كالطفل الصغير، حيث يقول: عندما ننام فإننا نحول الطاقة إلى داخلنا لإعادة بناء الخلايا والأنسجة التالفة وشحن جهاز المناعة وإعطاء المخ فرصة التجول بحرية دون قيود. أما عندما نكون مستيقظين فإن الطاقة تخرج منا لتساعدنا في الكلام والأكل والحركة. وقال ان الجمعية الوطنية للنوم، ولدينا مثلها أمة كاملة، وجدت أن الإنسان العصري ينام أقل بـ90 دقيقة من الساعات الثماني المثالية، التي كان يحصل عليها الإنسان قبل 100 عام، والتي يحصل عليها الآن %28 فقط من الغربيين. ويقول ان هناك علاقة بين قلة النوم والإصابة بالاكتئاب والشعور بالإرهاق وزيادة الوزن وفقدان الذاكرة ونقص الحيوية الذهنية.
ويقول إن إجهاد البدن قبل الذهاب للنوم ليس أمرا سليما، وان النوم المثالي يحتاج إلى تدريب وهذا يتطلب وقتا وصبرا. دعونا نلق. نظرة على الأمور التالية ونحاول دمجها أو دمج البعض منها في حياتنا:
أولا: إغلاق التلفزيون والكمبيوتر والهاتف النقال 30 دقيقة قبل النوم لخلق أجواء الهدوء المناسبة.
ثانيا: النوم بعيدا عن الأجهزة وترتيب الغرفة وإزالة قطع الأثاث والأدوات والأوراق والكتب غير الضرورية، ووضع بقية الأشياء في أماكنها بعيدا عن النظر، وجعل الغرفة تبدو هادئة وبسيطة.
ثالثا: اجعل الغرفة مظلمة وهادئة قدر الإمكان.
رابعا: احتفظ بورقة وقلم بجانب السرير، ودوّن عليها ما يطرأ على بالك من أمور ترغب في القيام بها صباح اليوم التالي، لكي تزيلها من فكرك ولا تنشغل بها.
خامسا: ضع قطرة من عطر تحبه خلف كل أذن، ولا تستعمل هذه الرائحة لغير هذا الغرض، لأهمية ربط الرائحة بالراحة والاسترخاء.
سادسا: حدد وقتا محددا للنوم، وحاول التقيد به، فهذا سيساعد كثيرا في حصولك على النوم الأقصى.
وحالما تعتاد على اتباع نمط أو عادة نوم معينة قم بتدوين ساعة الذهاب للفراش وساعة القيام من النوم لتراقب تطور أو تزايد ساعات نومك، أو العكس، وستلاحظ، مع ازدياد تلك الساعات أن أداءك العام قد تحسن كثيرا، وأصبحت أكثر نشاطا، فحاجتنا الى النوم الكافي لا تقل أبدا عن حاجتنا الى كمية كافية من الطعام والشراب. نوما سعيدا!
***
• ملاحظة: في تحقيق صحفي عن وضع المساجد، وفي سؤال لمستشار الشيخة في أمور الجنوس والأحلام، قال ان هناك تقصيرا في مراقبة المساجد، والحل في مراقبة المراقبين! ولكن الشيخ لم يقل لنا من يراقب المراقبين!
ويقال ان هذا الشخص يكسب من «استشاراته» شهريا ما يعادل رواتب ثلاثة أساتذة جامعيين!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

دروشة الدين

انتشر مفهوم «الإسلام السياسي» بأقلام بعض الزملاء الخصوم، الذين يريدون ان يحصروا الدين في العبادات فقط، ويطوقوه بالتواشيح الدينية، في محاولة منهم لعزل الدين عن بقية شؤون الحياة.
هذا المفهوم للإسلام هو إسلام الدراويش، اي ان من يطالب بذلك فهو يطالب بدروشة الانسان المسلم! وهذا العزل للدين عن الحياة ليس له اصل في شرع الله، بل ان مفهوم الدين منذ القدم جاء لتحرير الانسان من رق البشر، وتبيان كيفية تعامله مع الآخرين. فها هو موسى عليه السلام يطالب فرعون بـ«أن أرسل معي بني اسرائيل ولا تعذبهم»، فرسالته تحرير شعبه من عبودية الطاغية، وها هو عيسى عليه السلام يجسد رسالة الدين في تعامله مع الآخرين «وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا» ثم يأتي محمد صلى الله عليه وسلم ليختتم هذا المفهوم الدقيق للرسالة: «قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين».
والسياسة في مفهوم العصر هي كيفية التعامل مع الآخرين، سواء كانوا خصوما او أصدقاء، لذلك شارك الرسول صلى الله عليه وسلم في قيادة الحروب، وشرّع ضوابط للأسرى والجزية والغنائم، وسنّ المعاهدات السلمية مع خصوم الدولة الاسلامية ووضع لها تشريعا، وأنزل الله قرآنا مفصلا في كيفية التعامل مع اليهود والنصارى والمشركين، ناهيك عن التشريعات الواضحة في البيع والشراء والمكافآت والعقوبات ومؤهلات الحاكم وضوابط التنصيب القيادي، إلى آخره من امور تتعلق بالحياة العامة.
فمن يدَّع أن الاسلام محصور بزوايا المسجد وأداء الفرائض والنوافل، فادعاؤه هذا تهميش متعمَّد لمفهوم الدين، القصد منه عزله عن ممارسة دوره في حياة البشر!
بالأمس كانوا يعيبون علينا اننا دراويش لا نفقه من امور الدنيا شيئا.. واليوم وبعد مرور رياح الصحوة الاسلامية المباركة على العالم الاسلامي، والنضج الفكري لدى العاملين في مجال الدعوة الاسلامية، أخذوا ينعتوننا بأننا من جماعات الاسلام السياسي! لذلك نريح زملاءنا الخصوم ونقول لهم: نعم.. نحن اسلامنا سياسي.. واسلامنا شرعي.. واسلامنا تعبّدي.. واسلامنا نمارسه في امور ديننا ودنيانا، وهو الاسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.. ولا ننتظر منكم ان تعلمونا إن كان هذا هو الاسلام ام لا. نرفض الدروشة ونرفض قصر الدين على العبادات. ومما يؤسف له أن الحكومة تبنت بعض هذه المفاهيم في دروشة الدين عندما حصرت دور المسجد في العبادات فقط، وتناست ان المسجد كان مركز إشعاع حضاري لكل بقاع الأرض.

***

• لفتة كريمة
نتقدم في الحركة الدستورية الاسلامية بالشكر والتقدير لكل من شاركنا في حفل استقبالنا السنوي لهذا العام، وأخص بالذكر الزملاء وليد النصف وعلي البغلي وفهد الخنة وغانم النجار وسعد بن طفلة وزايد الزيد وطارق المطيري ووليد الطبطبائي وعلي الطراح وساجد العبدلي وعلي العدواني وبشار الصايغ ومحمد عبدالقادر الجاسم ومرضي عياش، وعددا كبيرا من الزملاء الذين لا تسعفني الذاكرة لذكرهم، ولهم جميعا الشكر والتقدير، وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

مبارك فهد الدويلة

محمد الوشيحي

حاخامنا

نحن واليهود «الحال من بعضه والجيب واحد»، وأتذكر مقالة كتبتها بعنوان «مشايخ آل كابوني»، استنكرتُ فيها طريقة تفكير بعض جهّال الدعاة الذين تحوّلوا إلى قناصة، يختبئون فوق السطوح في انتظار مرور يهودي أو بوذي أو مسيحي، بل إنهم قصفوا أوروبا وأميركا واليابان وبقية سكان الكوكب من غير المسلمين في عقر ديارهم بما لذ وطاب من الأمراض والزلازل والبراكين والشلل ووو، والحمد لله أن الحيوانات والنباتات سلمت منهم: «اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم» ليش يا شباب؟ لأنهم أعداء الله (على اعتبار أننا أحبابه)، «اللهم دمر بلدانهم واجعل عاليها سافلها»، «اللهم سكّن ما تحرك منهم وحرّك ما سكن»، والجملة الأخيرة تعني أن يصيب العدو مرضٌ يجعل كل عضو ساكن من أعضائه يتحرك، كالأنف مثلاً، فيقف العدو أمامك وأنفه يرفرف، وأذنه تدور، في حين تثبت الأعضاء المتحركة وتسكن. وأتحدى أكبر «كونسولتو طبي» أن يعالج مرضاً كهذا.

وأتذكر أنني تلقيت رسالة مؤدبة، بعد كتابة المقالة، من عمي الكاتب السوداني الجميل «جعفر عباس»، الذي لا أدري كيف يجد وقتاً لشرب الماء، دع عنك التنزّه مع الأسرة أو مشاهدة التلفزيون، إذ إنه، ما شاء الله، يكتب في خمس صحف أو ست، إضافة إلى منصبه الذي يشغله في قناة الجزيرة كمدير لإدارة الجودة… أقول راسلني يستأذن في نشر مقالتي في عموده الصحافي، فأجبته فوراً: «الفضل لك لا لي». وأزعم أن مقالتي تلك هي أكثر مقالاتي انتشاراً، أو فلنقل «من أكثر مقالاتي انتشاراً»، في المنتديات العربية والصحف والمدونات، فقد نشرها كاتبان في أعمدتهما الصحافية، والعهدة على ذاكرتي…

المهم، كتبت المقالة من هنا، وعينك ما تشوف إلا النور من هنا، كتبت: «لماذا لا يدعو الدعاة بأن يهتم المسلمون بالمختبرات والبحوث؟»، فجاءتني الردود: «عليك لعنة الله، وهل دعا بذلك محمد بن عبدالله الهاشمي (صلى الله عليه وسلم)، أو أحد من صحابته، وهل كان في وقتهم مختبرات وإدارات بحوث، لعنة الله عليك يا مبتدع؟!»، وكتبت: «لماذا لا يدعو الدعاة بأن يساهم أطباؤنا في اكتشاف أدوية للأمراض المستعصية؟»، فجاء الرد: «يا عدو الله، ألا تعلم أن العسل وحبة البركة والرقية الشرعية فيها كل الشفاء، ولا حاجة إلى مختبراتك ومختبرات أعمامك اليهود، شلت يمينك»، فبيّنت لهم: «حتى لو شُلّت يميني، سأكتب باليسرى على الكمبيوتر، لا فرق، ادعوا على الكمبيوتر (شُل كيبوردك)»، وكتبوا وكتبت وكتبوا وكتبت، وكانت كتاباتهم تبدأ باللعن، وتنتهي بالدعاء الأسود.

وهذه الأيام خرج إلينا في الفضائيات دعاة ما أجملهم على القلب، منهم الشاب السعودي الرائع أحمد الشقيري، الذي كتب عنه الزميل الهادئ العميق الجميل «حمد نايف العنزي» في هذه الجريدة يمتدحه… الشقيري استنكر مثل هذا الدعاء على غير المسلمين، ووضع اقتراحات أخرى للدعاء أجمل من دعاء القصف والدمار الشامل. كذلك فعل الشيخ سلمان العودة، والدكتور طارق السويدان الذي أعتذر إليه عن ظلمي إياه، إذ حسبته من هذه النوعية من الدعاة الأفاقين (حقك عليّ يا دكتور فقد أخطأت في حقك).

وليت دعاتنا يغيّرون دعاءهم ليصبح: «اللهم علّم الشعب كيف يتظاهر ضد الفساد والمفسدين تظاهراً سلمياً، اللهم سكّن يد النائب المرتشي وهي قابضة على الفلوس وحرّك لسانه للخارج والداخل وهزهز أكتافه كي يتجمهر عليه الصحافيون بكاميراتهم فيفضحوه، اللهم أعد كرسي رئاسة «برلمان الشعب» إلى الشعب، اللهم وافضح أهداف الضباع والثعالب، وهكذا»، فيدعو كل شيخ ما يهم مواطني بلده.

وكما ذكرت في البداية، نحن واليهود «الحال من بعضه والجيب واحد»، إذ خرج قبل أيام حاخام أهبل – يبدو أن جذوره عربية – يدعو على زعماء العرب بالطاعون.