احمد الصراف

لبنان الكويتي

قد لا يكون لبنان أكثر الدول فسادا، ولكن بعض أهله حتما الأكثر ذكاء في فسادهم، وقد تعلم الكويتيون منهم الكثير!
تكمن مشكلة لبنان، في جزء منها، في غياب التربية الوطنية شبه التام عن مناهج المدارس الخاصة، وغياب مادة التاريخ عن مناهج المدارس الحكومية، وهذا جعل قلة فقط تعرف وطنها وتشعر بالانتماء اليه، وهذا بالضبط ما تتجه الأمور له في الكويت! فخلال الحرب الأهلية التي اجتاحت غالبية لبنان لأكثر من 15عاما، كانت تمر أيام يلقى فيها المئات حتفهم في جزء من لبنان في معارك عبثية تستخدم فيها أشرس الأسلحة وأكثرها فتكا، في الوقت الذي تعيش فيه أجزاء أخرى منه، لا تبعد عن الأولى كثيرا، في عالم آخر لا يمت للحرب والهلاك بصلة! ولو لفت أحد نظر المحتفلين بما يحدث في الجانب آخر، لاكتفوا بهز اكتافهم علامة عدم الاكتراث، نتيجة جهل الكل بالكل! فما الذي يعرفه ابن بشري مثلا عمن يسكن الحاصباني، أو عيون قرقش أو عنجر، أو العكس؟ وهل تعني أي منطقة من لبنان للبناني شيئا، بخلاف منطقته، إن تهدمت أو احترقت أو ابتلعها البحر، وهو الذي لم يسمع بها من قبل، ولم تكن يوما جزءا من وجدانه الوطني؟ إن هذا الشعور بعدم اكثرات مواطني منطقة بمصير غيرها، لا يقتصر على فئة ما، بل يشمل الجميع، وبالدرجة نفسها تقريبا. وقد خبرت ذلك بنفسي، من أسئلتي لمئات اللبنانيين، من أهل وأصدقاء ومعارف، وإخضاعهم، من دون علمهم، لتجارب وأسئلة محددة.
نرى مثلا أن لبنان يشكو منذ عقود من مشكلة انقطاع الكهرباء، التي تفاقمت مع الحرب الأهلية، وصراع المصالح! فكل من تولى الوزارة أنعم على نفسه، وحزبه، بشيء من خيراتها! ويقال ان الوزير إيلي حبيقة خرج منها بمئات الملايين، ولكنه لم ينعم بها، حيث اغتيل في موجة الاغتيالات التي اجتاحت لبنان قبل سنوات، وربما كان الوحيد الذي لم يكترث لموته أحد. وقد اخبرني صديق بأن حكومة خليجية قررت قبل سنوات المساهمة في التخفيف من مشكلة الكهرباء في منطقة جبلية، وبناء محطة توليد فيها، وما أن سمع مسؤول لبناني كبير في وزارة الكهرباء بالخبر حتى قام بزيارة الدولة الخليجية طالبا منها تأجيل المشروع، ولو لبضع سنوات، لكي يسترد ما استثمره في شراء عدة مولدات كهرباء ضخمة تقوم بتغذية المنطقة نفسها بحاجتها من الكهرباء! ومعلوم أن الحكومة اللبنانية لا تحقق اي عائد مادي من توليد الكهرباء للمواطنين وبيعها، فهي إما مسروقة أو مدعومة، ولكنها حتما تحقق الشيء الكثير من استهلاك المواطنين والشركات لوقود المازوت المستورد، وبالتالي هي ليست في عجلة من امرها لحل مشكلة الكهرباء، ولو أن القانون الأخير يقول شيئا غير ذلك، أو هذا ما نتمناه!
***
ينشر بالتزامن مع «المدى» العراقية

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

التغيير قادم

الكثير يتساءلون: هل سيتم تعديل او تغيير حكومي شامل قبل بداية دور الانعقاد الجديد في الخامس والعشرين من هذا الشهر، ام ان الشيخ ناصر المحمد سيعود مرة اخرى ويكمل مدة هذه الحكومة حتى نهاية الفصل التشريعي؟
أنا اعتقد ان ذلك يعتمد على ثلاثة امور: الاول، استمرار قناعة سمو الامير باداء الشيخ ناصر وقدرته على السير بالبلاد نحو الافضل. والثاني، تمكن الحكومة من وقف هذا الانهيار الذي يحصل اليوم بسبب التسيب في الاداء والشلل في مؤسسات الدولة بسبب الاضرابات المتكررة وقدرتها (الحكومة) على معالجتها بحكمة وحنكة.
اما الامر الثالث الذي يتوقف عليه تغيير الحكومة فهو استمرار المعارضة في التصعيد واقناع الشارع ومزيد من القطاعات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني بدعمها وتأييد مطالبها في هذا التغيير.
وعودة الى العامل الاول الذي يعتمد عليه تغيير الحكومة، وهو الارادة السامية ومدى قناعة سموه باداء رئيس الوزراء، فلا نريد الخوض في هذا الامر حتى لا يفهم انه تدخل في شأن اسرة الحكم، مع اننا عرضنا في هذه الزاوية فكرة تعيين النائب الاول كمرحلة انتقالية لحين اجراء انتخابات تشريعية جديدة يتم بعدها اختيار الرئيس الجديد للحكومة في ضوء نتائجها. واما العامل الثاني فاعتقد ان الحكومة لم توفق في معالجة الاضرابات بدليل تدافع القطاعات على التسابق لاعلان اضراباتها! والقشة التي قصمت ظهر البعير هي بلا شك اضراب النفط وطريقة معالجته، والذي بعده «كرت السبحة»! واخطر هذه الاضرابات ما قام به طلبة المدارس يوم الخميس الماضي! فإن وصلت الامور الى شعور الطلبة في المدارس بحقهم في الاضراب فهذا دليل ع‍لى وجود خلل في المسيرة لا يمكن التغاضي عنه. ولا اظنني خالفت الحقيقة إن قلت انه لم تمر على الكويت اضرابات واضطرابات بهذا الشكل ولا حتى ايام دواوين الاثنين في نهاية عام 1989.
اما العامل الثالث المؤثر في التغيير فهو الحراك الشعبي، واعتقد ان القوى السياسية ابلت بلاء حسنا في حشد التأييد الشعبي لمطالبها، ولا يجوز قياس نجاح هذه القوى بعدد من حضر لساحة الارادة كما يزين البعض، بل القياس الحقيقي هو الاستياء العام عند الناس مما وصلت اليه الاوضاع في البلاد، وهذا يقاس بسهولة من امرين: الاول حديث الدواوين والمنتديات، والثاني ان من كان يؤيد حكومة الشيخ ناصر في الايام الماضية قل حماسه لهذا التأييد واكثرهم التزم الصمت في احسن الاحوال، خصوصا بعد ان وصل الفساد في البلاد الى درجة افساد ذمم بعض اعضاء مجلس الامة المناط بهم الرقابة على اداء الحكومة.
الخلاصة.. اعتقد ان التغيير اصبح حتمياً.. والمصلحة العامة تقول ذلك.. فقد اصاب الشلل معظم القطاعات ووصل الفساد الى الجذور.. وللمرة الأولى ينفرز المجتمع بهذا الشكل الطائفي والقبلي والطبقي في الكثير من الامور حتى اصبحت وحدتنا الوطنية في خطر.. ولاول مرة تتردى علاقتنا بجيراننا الى هذا المستوى، فهذا يرسل جواسيسه ليل نهار، وذاك يهدد بالغاء اتفاق الحدود وترسيمها، وثالث يعتب علينا عتب الاخ على اخيه، والقادم اعظم.
فهل بعد كل ذلك نعتقد بامكانية الاستمرار مع هذه الحكومة؟! اعتقد ان التغيير اصبح لازما وبشكل فوري.. حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.

سامي النصف

الاستجواب المطلق.. فساد مطلق!

  لم يكن الآباء المؤسسون للدستور أئمة معصومين أو أولياء صالحين أو ملائكة منزلين كي يكشف عنهم حجاب المستقبل ويعلموا ان هناك من سيرفع دستورهم دون إذنهم إلى منزلة الكتب المقدسة التي لا يجوز التعديل أو التغيير فيها، بل أوضح هؤلاء الآباء الأفاضل انهم بشر يصيبون ويخطئون وان على الأبناء أن يجربوا الدستور ثم تعديله بما يحفظ مصلحة الوطن والمواطنين.

* * *

أثبتت التجربة البرلمانية بما لا يقبل الشك ان الاستجواب قد تحول في الأغلب والأعم الى أداة فساد وإفساد وانه يوجه في العادة الى الوزراء الأكفاء والأمناء بقصد إبعادهم ومنع الوطن من الاستفادة من قدراتهم، وان الاستجوابات تبعد عن المتجاوزين من المسؤولين ممن بقوا سنوات طوال على كراسيهم تحت سمع وبصر محترفي الاستجوابات من النواب ممن لم يحركوا ساكنا وتلك حقيقة يعلم بها حتى الطفل الصغير.

* * *

والسبب في تلك الظاهرة الفريدة ان الوزير الكفؤ الأمين لا يمرر الطلبات والخدمات والتجاوزات والواسطات، لذا يحق في العادة استجوابه وبهدلته على أمور لا ذنب له فيها وبالتعاون في كثير من الأحيان مع الأطقم الفاسدة في وزارته، بينما لا يستجوب الوزير المتجاوز ضمن تلك المعادلة كونه يمرر كل ما يطلبه النواب بحق أو باطل!

ويتساءل البعض جهلا أو غفلة: ما الذي يخيف المسؤول من الاستجواب مادام ليست لديه تجاوزات؟! والجواب له أسباب عدة منها: ان الإنجاز والأمانة والكفاءة قد لا تكون مرتبطة بالقدرة على الكلام والبيان، فحتى نبي الله موسى عليه السلام دعا ربه أن يفك عقدة لسانه حتى يفهم قومه قوله، ولم يكن مخطئا أو متجاوزا، والحقائق الجلية تظهر ان اكثر حكام الكويت وحكام الخليج انجازا هم أقلهم قدرة على الحديث المسترسل وفي المقابل فأكثر حكام العرب تدميرا وقمعا وقتلا كحال صدام والقذافي هم الأكثر قدرة على الكلام المدغدغ.

* * *

ومن تلك الأسباب الطابع الكرنفالي للاستجواب الذي تنفرد به الديموقراطية الكويتية في غياب «لجنة القيم» البرلمانية التي تحاسب وتعاقب النائب المستوجب حال تحويله الاستجواب الى حفلة ردح وشتم وإساءة للمسؤول الذي له عائلة وأبناء وأصدقاء، وأمام الكاميرات والفضائيات ومندوبي الصحف التي تنقل وبشكل فريد لا مثيل له في الديموقراطيات الأخرى كل كلمة و«شتيمة» و«تهمة» تقال وتلصق بالمسؤول.

* * *

على من يدعي المحاربة الحقيقية للفساد في البلد أن يدعم تعديل متطلبات الاستجواب كي تتحول من أداة فساد يخشاها الأمناء، كما هو الحال القائمة الى أدة إصلاح يخشاها المتجاوزون.. ومن ذلك:

أ ـ وضع حد أدنى لمن يقدم الاستجواب وليكن 5 نواب فالقضية العامة والحقة ستحصد دعم الكثيرين، اما الاستجواب الكيدي والشخصي فلن يدعمه أحد.

ب ـ يجب ان يحصل الاستجواب بشكل روتيني على دعم اللجنة التشريعية أو مكتب المجلس للتأكد من عدم كيديته وصحة بياناته.

جـ ـ النظر كقاعدة عامة في جعل الاستجوابات سرية لمنع المزايدات المدمرة والتكسب الانتخابي الذي يجعل النائب لا يحكم ضميره بل يستمع لجمهور الهتيفة والشجيعة الذين يحشدهم النائب المستوجب.

* * *

آخر محطة:

(1) حقيقة، ان إجادة الحكي لا تعني الأمانة والصدق، وخدمة الوطن لا تشمل فقط الوزراء، بل النواب ايضا، فهناك من هم شعلة نشاط في أعمال المجلس واجتماعات اللجان ممن لم يعرف عنهم قط تقديم الاستجوابات أو توجيه الإساءات للآخرين.

(2) أين المنطق في تحميل وزير النفط مسؤولية وقوع حادث في احدى المصافي؟ المسؤولية والمحاسبة واجبة لو لم يأمر الوزير بالتحقيق والمحاسبة وعدا ذلك سنحتاج كل يوم الى تعيين 10 وزراء بدلا من كل وزير نستغني عنه نتيجة وقوع خطأ في وزارته، فالوزارات يعمل فيها بشر خطاءون لا.. ملائكة!

احمد الصراف

نهاية العالم

يبدو أن هناك من يستمتع بأخبار وتنبؤات نهاية العالم وانفجار الكون او الكرة الأرضية وفناء البشر، وربما لهذا كثر المنجمون والمتنبئون، ومن هؤلاء الواعظ الأميركي الشهير ويليام ميللر، الذي ظهر في منتصف القرن 19 وذكر أن النهاية ستكون ما بين 21 مارس 1843 وسنة بعدها، ودفع ذلك الكثير من أتباعه وقتها للتنازل عن ممتلكاتهم! ثم جاء بات روبرتسون «الواعظ الأشهر» والأكثر تطرفا وخبالا في أميركا، وادعى في 1976 بأن نهاية العالم ستكون ما بين اكتوبر ونوفمبر 1982، ونتيجة لمكانته آمن الكثيرون بنبوءته الخرقاء. ثم جاء هيفن غيت، عضو جماعة دينية تؤمن بأن الأرض سيعاد تكوينها وفقا لعقيدتهم، وان الجسم البشري مجرد وعاء يهدف للوصول بهم الى الحياة الأخرى، وقام و38 عضوا آخر من الجماعة بالانتحار جماعيا في 19 و20 مارس عام 1997 حتى يتمكنوا من الوصول الى الحياة الثانية. ثم جاءت مشكلة عام 2000، وتنبأ البعض بأن نهاية العالم ستكون في اليوم الأول منها، حيث ستؤدي اخطاء الكمبيوتر الرهيبة الى تحطم الطائرات وانفجار المفاعلات النووية وتعطل الأجهزة الطبية وبلوغ نهاية الحياة! وسبق للعراف الفرنسي نوستر داموس أن كتب في هذا الموضوع بالذات، وقال ان نهاية العالم ستكون في آخر 1999.
وطبقا لما ورد على لسان المنجم الفرنسي كاميل فلامريون، فإن الحياة على الأرض ستفنى على يد المذنب «هالي»، الذي يتكون من غاز السيانوجين السام، حيث ستمر الأرض عبر الذيل وينهي الغاز الحياة، وهذا دفع البعض الى تخزين ادوية وأجهزة للوقاية من خطر الغاز السام. ثم جاء هارولد كامبينغ، المذيع الأميركي الشهير، وقال ان النهاية ستكون في 21 مايو 2011، وقد عرضه ذلك لسخرية شديدة، ولكن لم يمنعه من العودة والتنبؤ بأن النهاية ستكون في 21 أكتوبر 2011! وتطمينا للجميع فإنني أؤكد هنا خطأ هذا الدجال، وغيره، وأن شيئا لن يحدث، وإن حدثت فلن يكون هناك أحد ليسخر مني. وكل عام والجميع بخير.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

لا تتشوقنوا

الذي كان يتمشى على الشاطئ مرتدياً الشورت، تداعب أصابع قدمه حبات الرمال الناعمة، لا يحق له، لاحقاً، الحديث عن بطولته في المعركة التي كانت تجري في عرض البحر، في تلك الأثناء! وجوده على الشاطئ بعيداً عن غضب العواصف وجنون الأمواج لا يشفع له بأن يعتبر نفسه من أبطال المعركة البحرية.
وبعض الصحف، والقنوات الفضائية، والكتّاب، ونواب المعارضة السابقين، ورجال الأعمال، وكل ذي شأن، يصمت اليوم – بعد كل هذه الرشاوى التي حولت "صوت الشعب" إلى "صفاة غنم" – أو حتى ينتقد لكن بعموميات، وينتقي كلمات "حمالة أوجه"، كيلا تغضب عليه السماء فتحجب أمطارها عن أرضه، ويحرص على ألا تتسخ ثيابه من غبار المعارضة… كل هؤلاء يتمشون على الشاطئ، ولن نقبل غداً أن نقرأ أسماءهم في أعلى قائمة الشرف، ولا أن يمسح الواحد منهم الدماء المزيفة من على جبهته، متمتماً بصوت يتصنع التواضع: "الكويت تستاهل".
فما لم تهاجمك صحف الفساد وقنواته وأدواته، وتفتري عليك وتختلق الأكاذيب، وتنهش لحمك الضباع والنسور، وتطعن في شرفك ونظافة يدك وعرضك، وتحارب مصالحك، ووو، ما لم تتعرض لكل ذلك فلا تقل "الكويت تستاهل".
وأقسم برب البيت، لو أن الفعاليات التجارية، بجلالة تأثيرها ومكانتها، انتفضت وأعلنت غضبها مما يحدث، واتخذت إجراءات تدل على ذلك، وتسابقت إلى ساحة الإرادة… ولو أن أساتذة الجامعة، ممثلين بهيئة التدريس، أصدروا بياناً أحمر فاقعاً لونه، تظهر فيه حواجبهم مرتكزة لشدة الغضب، وتسابقوا إلى ساحة الإرادة… ولو تجمهرت النقابات في ساحة الإرادة، كما فعلت عند مطالبتها بزيادة رواتب أعضائها… ولو تسابق أعضاء المجلس البلدي إلى ساحة الإرادة، خصوصاً مَن يدّعي منهم إحباطه مما يجري… ولو ولو ولو ما كانت الكويت بهذه الكآبة، وما ارتدت هذه الأسمال البالية المشققة.
وبمناسبة الحديث عن المجلس البلدي، كنت قد قرأت خبراً  تعلن فيه عضوة المجلس البلدي المهندسة أشواق المضف نيتها خوض انتخابات البرلمان، وكنت قد سمعت كلمات متناثرة من هنا وهناك تدل على أن المهندسة أشواق تعارض الحكومة، فتتبعت تصريحاتها لأستشف موقفها، لكونها عضواً معيناً في «البلدي» (لغير الكويتيين، المجلس البلدي يضم عشرة أعضاء منتخبين وستة أعضاء تعيّنهم الحكومة)، ولأنني أعرف أن كل عضو بلدي جاء بالتعيين لابد أن تكون ابتسامته تعجب الحكومة، وحديثه يشرح صدرها، وهذا ما دفعني إلى التمتمة والهمهمة: "أشواق المضف معارضة؟ هل كيف؟".
المهم أنني تتبعت تصريحاتها، فوجدتها فعلاً معارِضة، لكنها تعارض البرلمان لا الحكومة، وتتحدث عن فساد أعضاء البرلمان لا عن فساد الوزراء ولا خيبة الحكومة التي تتضاءل هيبتها أمام سطوة إحدى شركات الاتصال وتعجز عن "افتكاك" مواطنيها من بين أنياب الشركة التي ترفض السماح بتبادل الأرقام.
وتبحث عن المهندسة أشواق وعن "أشواقات" أخرى من الرجال والنساء في ساحة الإرادة فلا تجدهم، فتلتفت هناك، فتجد أشواق وكل الأشواقات يتمشون على شاطئ البحر، تداعب أقدامهم حبات الرمال الناعمة، أو يتمددون على كراسي البحر ويتناولون  "آيس تي" مع "بيتي فور"، قبل أن يقدموا أنفسهم إلى المجتمع بصورة أبطال المعركة التي جرت في عرض البحر، حيث العواصف العاتية والأمواج اللاطمة المتلاطمة.
لذا نقولها بوضوح للجميع: "لا تتشوقنوا على عقولنا… ساهموا معنا في رأس المال أو فاصمتوا".

احمد الصراف

إلى عبدالوهاب مع التحية

من معوقات التنمية في دول العالم الثالث عدم اكتراث حكوماتها بالمشاريع الطويلة الأمد، التي تحتاج الى سنوات لكي تظهر نتائجها، ومنها خطط ومشاريع التعليم، فعادة ما يبحث المسؤولون عن المشاريع «الشعبية» والسهلة كنافورة راقصة أو تشجير منطقة، وهكذا.
تعتبر فنلندا من أصغر اقتصاديات أوروبا الغربية، وكانت تعاني قبل اربعة عقود مشاكل اقتصادية وتنموية هائلة، ولكن بعد وضع خطة محكمة اصبح وضعها أفضل بكثير، وكان عماد الخطة تغيير التعليم الذي أثار دهشة الأميركيين واعجابهم، بعد مشاهدتهم للفيلم الوثائقي «بانتظار سوبرمان».
بدأت نهضة فنلندا المعاصرة قبل 40 عاما، عندما آمنت حكومتها بأن الأزمة الاقتصادية، التي كانت تمر بها، لا يمكن أن تحل بغير إحداث نقلة نوعية في التعليم، ولم تظهر نتائج الخطة إلا بعد ثلاثة عقود تقريبا، عندما قورنت نتائج اختبارات خضع لها أطفال في الخامسة عشرة من العمر من 40 دولة، وتبين منها ان شباب فنلندا هم الأفضل في العالم قراءة. وبعدها بثلاث سنوات أصبحوا الأفضل في العالم في الرياضيات، وفي 2006 اصبحت فنلندا الأولى على 57 دولة في مادة العلوم، وفي 2009 أصبحت، وحسب اختبارات عالمية مؤكدة، الثانية في العلوم والثالثة في القراءة والسادسة في الرياضيات، ضمن اختبارات شارك فيها نصف مليون طالب في العالم! لم يحدث ذلك عبثا، فقد تبين ان الفضل الأكبر يعود للمدرس الفنلندي، غير المرتبط بالحزب الديني السياسي، الذي كان على استعداد دائم لبذل كل ما يتطلبه الأمر، وهذا الشعار ليس خياليا ولم يأت من فراغ، بل كان القوة الدافعة لأكثر من 62 الف مدرس فنلندي، في 3500 مدرسة، الذين تم اختيارهم من الــ%10 الأوائل من خريجي الجامعات، ومن حاملي شهادات «الماستر» في التعليم، حيث منحوا امتيازات مالية ومعنوية عالية، وساعدهم صغر حجم الفصول الدراسية في معرفة طلبتهم، حيث تبين ان %30 من هؤلاء بحاجة الى عناية خاصة في سنوات الدراسة الأولى، علما بأن المدارس الفنلندية تحتوي على نسب متزايدة من الطلبة من العراق واستونيا وبنغلادش وروسيا والصومال وأثيوبيا. ولو حاولنا مقارنة خطة التعليم الفنلندية بخطة التعليم الكويتية، التي بدأت في الفترة نفسها تقريبا، فإننا سنصاب حتما بآلام حادة في المعدة!
فيا وزير التخطيط والتنمية، إذا اردت ان يخلد التاريخ اسمك، عليك بالتعليم، وليس بتأسيس شركات صناعية وتجارية!
***
ملاحظة: ذكرنا في مقال الــ 4422 مدرسا، أن هناك مدرسين كويتيين فقط لمادة الفيزياء، والصحيح واحد فقط لا غير! وعاشت أمة الرسالة الخالدة!

أحمد الصراف

سامي النصف

ظاهرة وزير شيطان ونائب ملاك!

بعيدا عن حفلات «الموالد» القائمة والمصفقين والمهللين والثعالب ـ وما أكثرها ـ التي ترتدي ثياب الواعظين نسأل: هل هناك رغبة حقيقية في محاربة الفساد أم ان الأمر لا يزيد عن مزايدات تتم لامتصاص غضب الناس على بعض النواب ولتحقيق أهداف سياسية وانتخابية بينما تبقى العربة سائرة وجيوب ركابها محملة بأموال فساد الداخل والخارج؟!

***

ولنبدأ بحقيقة ان الفساد يطول السلطات المختلفة بالدولة ومنها من أنيط به الرقابة ومحاربة الفساد (!)، كما يمتد الأمر للقطاع الخاص والشركات المساهمة والجمعيات التعاونية.. الخ، ضمن بلد أغنى رب العباد شعبه بحلاله عن حرامه فالخدمات مجانية أو شبه مجانية والشعب مرفه والتأمينات تتكفل بالحياة الكريمة حتى الممات وأغلب ما يسرق لا يستخدم لسد الرمق أو تعليم وطبابة النفس والأبناء بل لزيادة الأصفار في الحسابات الشخصية التي يتوفى السارق ولم يصرف منها شيئا.

***

ومن المسلّمات في محاربة الفساد ان المظاهر والأقوال لا تدل على المخابر وان ادعاء البعض التدين او الوطنية لا يعني اطلاقا عدم الفساد، فكم من الأسماء التي يتم تداولها هذه الأيام من شنف اذان ناخبيه بوعود الطهارة والعفة معتمدا على ظاهر التدين او الانتماء الوطني وكم تحت ثوب الزهد من صياد!

***

ومن الحقائق ان اللقاءات الإعلامية التي يقوم بها من يريد نفي التهم عن نفسه لا قيمة لها ولا معنى، حيث يتم الاستماع لأقوال مرسلة لا محاسبة على اي عدم دقة او زيف فيها، كما ان الحقائق ان وجدت فقد تأتي منقوصة أو غير كاملة مع غياب قدرة المستمعين أو القراء على فحص وتمحيص ما يقال.

***

وقضية مهمة جدا طرحها الزميل المختص سعود السبيعي في مقاله حول طلب بعض النواب من النيابة العامة فحص حساباتهم البنكية وثرواتهم الشخصية، حيث يذكر العزيز بوعزيز ان النيابة العامة غير مختصة بتلك الطلبات التي ليس لها قيمة أدبية أو قانونية، حيث ان اختصاص النيابة يتمحور في فحص الشكاوى التي تنطوي على اتهامات وشبهات مخالفة القانون وليس من شأنها اثبات حسن نية فلان او طهارة يد علان.

***

ومن المسلّمات ان قانوني «من أين لك هذا؟» و«الذمة المالية» ليسا كافيين على الإطلاق لمحاربة الفساد لعدة أمور أولها خلوهما من العقوبات المغلظة الرادعة لمن يكذب في تقديم بياناته، ثانيها غياب الأجهزة المختصة القادرة على متابعة الأموال في غياب النظام الضريبي ومن ثم معرفة صدق او كذب الاقرار، وثالثها عدم محاسبتهما لمن يروج للفساد الإداري في أجهزة الدولة عبر الواسطات غير المبررة والذي هو في أحيان كثيرة أخطر من الفساد المالي ولا يردعه الا وجود لجان قيم يمكن للمسؤول الحكومي ان يشتكي النائب المتجاوز عندها.

***

في الختام ان المحاربة «الحقيقية» لا «الصورية» للفساد تكمن في عدة أمور تشريعية ومجتمعية منها رفض المجتمع للفاسدين وخلق «لجان قيم» كحال جميع الديموقراطيات الأخرى لمحاسبة رجال الرقابة والتشريع من النواب ممن هم كالملح ان فسد لا طبابة بعده، ومما يظهر الرغبة بـ «الصورية» الجدية بمحاربة الفساد في الجهاز التشريعي عدم المطالبة بتلك اللجنة الهامة ومن ثم ترك الأمور يسرح ويمرح بها كثيرون ممن يقولون ما لا يفعلون.

***

آخر محطة: (1) يسهل على المواطن او الناخب ان يعرف النائب الفاسد وخاصة من يخفي فساده، عبر طرح سؤال واحد عليه وهو «هل تؤيد إنشاء لجنة قيم تحاسب الفاسدين من النواب وتسقط عضويتهم؟»، ولا ينفع الرد بأكذوبة ان الناخب هو المسؤول عن محاربة النائب الفاسد بعد أربع سنوات طوال من الفساد عبر انتخابه او عدم انتخابه، فمن يقل ذلك يحمّل الناس البسطاء ما لا يحتملون ومن ثم يشجع ضمنا الفساد النيابي الذي أزكمت رائحته الأنوف!

(2) هناك مئات الاستجوابات التي قدمت للوزراء، بالمقابل لم يحاسب قط نائب واحد خلال نصف قرن من الحياة البرلمانية على تجاوزه رغم ان الحسابات المتضخمة تخص نوابا لا وزراء فهل نحن أمام ظاهرة كويتية فريدة أخرى ملخصها ان كل وزير شيطان وكل نائب.. ملاك؟!

(3) المقال القادم.. «الاستجواب المطلق فساد مطلق»!

 

احمد الصراف

من لا يعرف جبران؟

لا يعرف مدى جمال طبيعة لبنان من لم يزر مدينة بشرّي في الشمال، والطريق لأرزها وقرنتها السوداء، أعلى قمم جبالها الساحرة! في بشرّي ولد جبران خليل جبران 1883 وتوفي في نيويورك، التي سافر إليها مع أهله عام 1895، عن عمر لا يزيد على الثامنة والأربعين، بعد أن ترك للبشرية أثراً أدبياً وفنياً لا يُنسى، فقد انتهى عام 1923 من رائعته «النبي»، التي ـــ ككل مؤلفاته ـــ كانت بالإنكليزية، وهي التي ربما كانت الأكثر جذباً للمثقفين والمترجمين لتحويلها للعربية، كما أنه سبق أن ترجم لأكثر من 50 لغة، ويُعد من الكتب الخمسين الأكثر مبيعاً في العالم، فقد وضع بين دفتيه خلاصة أفكاره الاجتماعية ومثاليته وتأملاته الفلسفية في كل مناحي الحياة، وتكلم فيه عن العقاب والرحمة والحياة والموت والحب والأولاد والكرم والجشع والشرائع الدينية وغيرها، وسرد كل ذلك في قالب رائع على لسان نبي سماه «المصطفى، أو المختار»، وهي رسالة المتصوف المؤمن بوحدة الوجود، وبأن الروح تتعطش للعودة إلى مصدرها، وبأن الحب جوهر الحياة. ويقال إن جبران حمل كتابه هذا في كيانه منذ طفولته، واستغرقت كتابته أربعة أعوام. وعلى الرغم من أنه كتب بغير العربية، فإن ترجماته لا تقل جمالاً عن الأصل، بصوره واستعاراته وتلميحاته اللغوية، ويأخذ البعض على الكاتب تأثر مادته بكتاب «هكذا تكلم زرادشت» للفيلسوف الألماني نيتشه، مع الفارق أن كتاب جبران أكثر سلاسة وفهماً، كما أن نيتشه اتبع الرمزية والفصاحة بكثرة. وباختصار، فإن كتاب «النبي» هو عن التفاؤل والأمل، ولكن بشاعرية عذبة وأسلوب سلس، وهو رسالة روحية تدعو إلى المحبة والسلام.
لم يتزوج جبران، ولكنه احتفظ بعلاقة قوية مع ماري هاسكال، التي رعته وساعدته في شق دربه. كما تبادل والأديبة مي زيادة العديد من الرسائل، وكانت معجبة به، ولكنه لم يلتق بها أبداً، على الرغم من شوقه لذلك.
بعد نجاح تجربة توزيع نسخ من «قصة أميرة عثمانية» والتي تجاوزت الـ 200 طلب بقليل، فإننا نعرض هنا إرسال نسخ إلكترونية وصوتية للراغبين في قراءة أو سماع «النبي».
* * *
• ملاحظة: على الانتهازيين في لجنة «الداخلية والدفاع»، إما تغيير القانون الذي يمنع المنقبة من قيادة المركبة، أو إقرار ما يلغي ذلك، فالسكوت عن المخالفات البسيطة، شجع بعض ناخبي النواب أنفسهم على ارتكاب جرائم أكبر من دون خوف، والأمثلة والأدلة كثيرة!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الوحدة.. أو الانهيار

كل يوم تثبت الاحداث المتسارعة في المنطقة اهمية الاتحاد الكونفدرالي للكويت. فلم يعد هناك مجال للعيش في هذا العالم من دون استناد الى ظهر يحميك ويحفظ أمنك، وإلا فالكويت تقع في مثلث الموت: ضلعان من هذا المثلث يتربصان بنا الدوائر، والثالث اثبت الزمان انه الملاذ الآمن.
فايران الثورة لها طموحات لم تعد تخفيها، ويساعدها على ذلك ان جزءاً مهماً من تركيبة هذا المجتمع ما زال ينظر إليها على انها الأم والاصل والمرجع! كما ان تركيبة الساحل الغربي للخليج تهيئ الاجواء لاي امتداد للمخطط الفارسي في المنطقة.
أما العراق، فمهما قدمنا إليه من تضحيات ومساعدات، فالغل والحسد والحقد والذكريات التي تسيطر على النفوس تحول دون بناء جسور الثقة من جديد. ولعل السيطرة المذهبية على مقاليد الحكم في بغداد ساهمت في تناغم الطموح والطمع في الكويت مع الجارة الاخرى ايران، فها هي تصريحات المسؤولين وولولة الناعقين من نوابهم تذكرنا بتلك التي كنا نسمعها من ابواق النظام البعثي البائد.
قد يقول قائل ان القواعد الاميركية والاتفاقيات الامنية صمام الامان لنا. فنقول ان عين الاميركان اليوم على ايران والعراق، حيث الثروات والمواقع الاستراتيجية ومقومات القوة والاستقرار، اما الكويت فستكون عالة على من يرعاها ويتكفل بحمايتها، ذلك ان الوضع الداخلي للكويت اليوم ينبئ بخطر نحن عنه غافلون، فلأول مرة اشعر اليوم ان الدولة تنهار من الداخل، ومما زاد من مؤشر الخطر عندي ان المعنيين لا يشعرون بهذا الانهيار! لذلك ارجع واقول ان الامن هو الاساس في تفكيرنا اليوم، ولا أمن لهذه الدولة الصغيرة الا بالوحدة الخليجية. لهذا نحن كنا وما زلنا نطالب بهذه الوحدة منذ فترة طويلة، لكن على مراحل:
الاولى كونفدرالية.. والثانية فدرالية.. والثالثة دول الاتحاد الخليجي. ومع كل هذه المراحل تحافظ كل دولة على خصوصيتها في الحكم الذاتي. وقد يقول قائل اننا سنكون عالة ع‍لى السعودية، حيث سننقل إليها كل مشاكلنا مع جيراننا، فنقول نعم، ولكن هذه المشاكل لم تعد قائمة في وجود سياسة خارجية واحدة مع دول الخليج، وسياسة نفطية واحدة وجيش واحد.
إذا ارادت دول الخليج الاستقرار الامني الداخلي والخارجي، فليس لها الا الاتفاق على الوحدة والا… الانهيار والتلاشي وخبر كان.!

محمد الوشيحي

خيبر والصليبيخات

من كلمات شاعر إماراتي تغني عزيزة جلال أغنيتها الخالدة، وما أجمل صوت عزيزة وما أحلى العُرَب في حنجرتها وما أنقاها عندما تتجلى فيسبح صوتها في الفضاء بانسيابية مذهلة: "سيّدي يا سيد ساداتي"، ويغني معها العربان، من المخيط إلى الخريط، لحكوماتهم وحكامهم: "راعني وارفق بحالاتي".
حتى في إسرائيل هناك من يغني خلف عزيزة، لكن ليس الشعب بل المسؤولون. والفرق بين العربان والإسرائيليين يكمن في هوية المغني لا أكثر.
وتسأل العربي: "ما رأيك في اليهودي؟" فيجيبك وهو يمسح قفاه من أثر حذاء حكومته: "مهان، جبان، رعديد، غشاش، ووو". طبعاً يقول ذلك دون أن يعلم أن الإسرائيليين من أقل الشعوب تعرضاً للغش والجشع من تجارهم، في حين أنه هو لم يعد يعرف نوع النعال – أجلكم الله – التي تهوي على صدغه، هل هي من التاجر الجشع أم من الحكومة التي لا يساوي عندها جناح بعوضة.
ويتصرف المسؤول العربي في أموال الدولة وكأنها أموال الذين خلفوه، في حين يُحاكم رئيس وزراء إسرائيل وزوجته بعد أن تلقيا هدية عبارة عن تذكرة طيران لرحلة واحدة من إحدى الشركات، ويتم إيقاف تعاقدات الشركة مع الحكومة.
ويشتكي نادل مطعم (جرسون) في تل أبيب أحدَ المسؤولين الإسرائيليين بحجة أنه أهانه، فيحاكَم المسؤول، فيطلب تسوية الأمر، فيرفض الجرسون، فيستجديه المسؤول، فيوافق بشرط تعويضه مالياً بعد أن يعتذر إليه أمام زملائه الجراسين. وتم له ذلك.
وتمسح الحكومات العربية كرامة النواب والمثقفين والمواطنين على الأرصفة،  واسألوا رصيف الصليبيخات، ثم تجرجرهم في المحاكم، ومع ذا يرى العربان أنفسهم شجعاناً أحراراً أما الإسرائيليون فجبناء و"دجاج خيبر".
وفي الأعمال الفنية، مسلسلات وأفلام، تتم عمليات التخدير والتزوير، فبعد أن عجز الفنانون العربان عن إيجاد قصص من عصرنا هذا تتحدث عن الكرامة لجأوا إلى التاريخ، المزوّر في الغالب، فأنتجوا لنا "باب الحارة" و"القبضاي" و"الخرطاي"، وها هم يستعدون لإنتاج مسلسل اسمه "خيبر"، وبالطبع سنشاهد اليهودي في المسلسل منكوش الشعر، يضحك بهعهعة "هاع هاع هاع"، ويمسك فخذة خروف بكلتا يديه وينهشها والزيت يتقاطر منها على فمه وثيابه.
وتحتل الجامعات الإسرائيلية مواقعها في أفضل الجامعات العالمية، ويتنافس أساتذتها في تأليف الكتب الثقافية والعلمية، وتتكدس جامعات العربان في حظيرة التخلف والتراجع. ويحدثنا العميد الركن المصري عبدالمعين، أستاذ الكيمياء، رحمه الله حياً كان أو ميتاً، أثناء مناقشة رسالة البكالوريوس: "اعتمدوا في بحوثكم على المرجع كذا والكتاب كذا والموسوعة كذا" ويضيف متحسراً: "للأسف كلها لعلماء إسرائيليين".
ويتحدث مذيع مصري: "الطالب الجامعي اليهودي يقرأ إلى جانب كتب المقرر زهاء 12 كتاباً في تخصصه"، (أكرر، إلى جانب كتب المقرر الجامعي)، إضافة إلى كتب أخرى في مجالات شتى.
وفي إحصائية سابقة، يصرف البيت العربي 35 مليار دولار على الخدم، وتعتمد المرأة العربية على أكثر من خادمة في البيت (1.7 كما في الإحصائية)، ويكاد يخلو البيت الإسرائيلي من الخدم، رغم أن نسبة الموظفات الإسرائيليات تفوق نسبة الموظفات العربيات بأضعاف مضاعفة.
وتتفوق إسرائيل بمفردها على الدول العربية مجتمعة بخمسة عشر ضعفاً في الإنفاق على البحوث العلمية، بل وتتفوق على فرنسا بجلالة علمها وبحثها.
وتصفق دول العالم وقوفاً لإسرائيل في رعايتها الفائقة للمعاقين، في حين تحشر الكويت معاقيها في منطقة مكتظة بالسكان، وفي مبنى يعجز أبطال الوثب العالي عن الصعود إلى مكاتبه العليا، ويتم تعيين مسؤول المعاقين بناء على ترضية سياسية.
ولو غصنا في المقارنات غرقنا… وبعد كل ذا يفاخر العربي: "نحن قومٌ" و"إني لمن قومٍ"… يا حبيبي "قوووم زين". على أن أكثر من تغضبه هذه النوعية من الحقائق الحادة الصادقة هم قليلو القراءة.
الخلاصة: من المحزن أن تسخر أسماك الزينة من ضعف أسماك القرش.