مبارك الدويلة

أسباب العبث السياسي

عندما طالبنا بالأحزاب السياسية لوقف هذا العبث السياسي الذي يمارس يوميا من قبل بعض السياسيين والإعلاميين، كنا ندرك خطورة العمل الفردي العشوائي، الذي بدأنا نشعر بسلبياته هذه الأيام. وقد يقول قائل إن الكتل السياسية البرلمانية تفي بالغرض، فنقول إن بلانا من بعض تصرفات هذه الكتل! خذ مثلا كتلة العمل الشعبي، التي تعتبر أكثر الكتل شعبية في الدائرتين الرابعة والخامسة، فتصريحات ممثليها سببت الكثير من الاحتقان السياسي، وأفكار عرابها الذي حولها إلى قوانين مثل قانون الشركات المساهمة وقانون B.O.T تسببت في الركود الاقتصادي وتعطلت التنمية، مع يقيني بالنية الطيبة في تبني هذه القوانين. أما كتلة التنمية والإصلاح فواضح فيها الفردية في التصرفات، ففيصل المسلم ووليد الطبطبائي يتبنيان أفكاراً يلزمان بها الحربش وهايف، وتسير الكتلة على طريق وعر أحيانا، مع يقيني بأنها الكتلة التي تمثل الفكرة الإسلامية والرؤية الإسلامية.
ثالثة الأثافي كتلة العمل الوطني، وهي تجمع لحزبين يمثلان التيار الشيوعي والتقدمي، وعدد من المستقلين المحافظين الذين لم يرغبوا في المحافظة على استقلاليتهم خوفا من الضياع السياسي، فانضموا لهذه الكتلة!
هذه الكتلة بهذه التركيبة العجيبة صارت مثل الزئبق في مواقفها، لا تستطيع أن تحدد لها خطا ومنهاجاً، فتارة هنا وتارة هناك، حسب تأثير نواب التيارات اليسارية والقومية فيها (العنجري والملا وأسيل)، وحسب مصالح أعضائها التجارية، لذلك تجد الغرابة في تباين مواقفها.
من العوامل الرئيسية في الاستقرار السياسي ضبط الحس السياسي عند رجل الشارع، فإن كان رجل الشارع موجها توجيها سليما وفقا لرؤية محددة ومنهج واضح، كانت ردة فعله إيجابية بغض النظر عن الموقف، وإن كانت الأمور «سايبة» ولا يوجد توجيه واضح للشارع، ولا توجد رايات محددة تلعب بالساحة، عندها سيكون الشارع عاملا مساعدا على الفوضى السياسية والعبث السياسي، وفي أفضل الأحوال.. السلبية.. والبقاء في البيت والديوانية لمزيد من التحلطم واللطم. وهذا ما يحدث اليوم في غياب الموجّه لهذا الشارع، ألا وهي الأحزاب المنظمة.
أما دور الإعلام المنظم في توجيه الشارع ودور رجل الإعلام الفالت في تغييب الحقائق وتضليل هذا الشارع، فسأترك له مقالا آخر، لكن لا يفوتني مثال قرأته بالأمس عندما قال أحد هؤلاء الفالتين الذين لم يعد يوجههم منهج وفكر، بل حقد وضلالة: إن من اسباب انتشار الرشوة سيطرة الجماعات الدينية على الجمعيات التعاونية.

لماذا ناصر المحمد؟
يتساءل البعض: لماذا ناصر المحمد؟ لماذا ليست الحكومة كاملة؟ لماذا شخص واحد يتحمّل كامل المسؤولية؟ وأفضل اجابة سمعتها هي ان المآخذ على سمو الشيخ ناصر المحمد هي علاقته برجل اعلام ايراني، وما نتج عنها من تقارب عجيب مع ايران وتنافر واضح مع دول الخليج. كذلك طريقة كسب المؤيدين من النواب على حساب المصلحة العامة، والثالثة طريقة ادارته لمجلس الوزراء وميانته على الجميع فيه، كلها بلا شك يتحملها شخص سموه.

محمد الوشيحي

أخلاق الكازينو

أطلق بصرك يميناً ويساراً، أو يمنة ويسرة كما يقول المتفاصحون، في الكويت من أقصى غلافها إلى أقصى غلافها، بحثاً عن الفن والعراقة والإتقان والنحت والتشكيل، وسيرجع إليك البصر خاسئاً وهو حسير.
الكويت دولة بلا مشاعر، أو هي دولة جُرّدت من المشاعر، وجردت من العمق، ومن الأصالة، ومن الفنون، والإبداع، والحس، واليوم يتم خلع ثياب الصدق عنها، بعد أن نجحوا في خلع ثياب حيائها… الكويت جردت من كل قيمة، لم يبقَ فيها إلا قطرتان بائستان أبقتهما لدواعي البكاء.
صرخت في وجه صديق خليجي أبلغني نيته زيارة الكويت: "احذر، احذر… لن تجد أمامك فناً معمارياً يستحق البحلقة والدهشة، ولا رسومات على الجسور ولا على جدران المناطق القديمة تستحق التوقف أمامها، ولا مقاهي أو مطاعم يعزف فيها فنان على عوده الأغاني الخالدة فتسهر مع أعزائك على وقع خطوات ريشته، ولا دار أوبرا، ولا مساجد أو كنائس نحتت أسقفها يد فنان مرهف، ولا رسامين ينتشرون في شارع خصص للمشاة، يرسمون العشاق والأطفال والطبيعة، كما في باريس وبرشلونة وغيرهما، ولا حدائق متناثرة هنا وهناك تجرك، كما يجر السقا دلوه، إلى نظم الشعر وكتابة القصص والروايات، وما أعظم القصائد التي ولدت على أطراف عيون الماء".
وأضفت: "لا تسألني عن المجلس البلدي أو عن البلدية أو عن بقية مؤسسات الزينة، التي تُسمى، زوراً وبهتاناً، مؤسسات الدولة، فهذه قصة تُنسي الخنساء أخاها صخراً".
وواصلت تحذيري، أو ربما بكائي الصامت، لا أعلم: "إذا زرت الكويت، فستجد نفسك واقفاً في "كازينو" مترامي الأطراف، يملؤه ضجيج ماكينات القمار، وصراخ المقامرين، والكل فيه يبحث عن أعلى قدر من الربح، وأظنك تعرف "أخلاق الكازينو"، أو على الأقل تتخيلها".
"انفذ بجلدك، حذّرته، ولا تضع إجازتك في بلد الشحوب والغش، أما إذا كنت من عشاق زيارة المقابر والأطلال، وأصررت على زيارة الكويت، فاحرص على أن تتزود بأكبر كمية ممكنة من الدموع الفارهة".
قال، بعد صمت: "لا تنكّلوا إذاً بجثث موتاكم".
قلت، بعد حزن: "لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها".

حسن العيسى

هل هي نهاية الأقليات؟

خوف المسيحيين وبقية الأقليات من الربيع العربي له ما يبرره، فأحداث أمس الأول بين الأقباط والجيش أمام مبنى ماسبيرو كانت بداية الشرور بين الربيع المصري والأقباط، وإذا كانت بيانات المجلس العسكري الحاكم قد شددت على ذكر وفاة اثنين أو ثلاثة عسكريين في هذه الأحداث، فإن الضحايا الأقباط كانوا أضعاف هذا العدد، حسب ما ذكره شاهد عيان لـ"بي بي سي".
وفي سورية ظهرت بعض أعراض جانبية مخيفة للثورة، حين تعرض بعض الأهالي العلويين لعمليات قتل وتصفيات طائفية في بعض المناطق. ربما، وليس لأحد أن يقطع بالجزم، كانت المخابرات والشبيحة وراء تلك الحوادث الطائفية كي يبيّض النظام وجهه، ويبرز نفسه على أنه الرابط الوحيد بين الطوائف السورية بمختلف أشكالها، لكن مهما كان المشتبه فيهم وراء تلك الجرائم، فمن المؤكد أن الربيع العربي لا يبشر بالخير للأقليات العربية، مسيحية وغير مسيحية، حتى بالنسبة للشيعة، فهم أقليات في المحيط العربي والإسلامي.
إذا كان المسيحيون في الماضي، وقبيل الاستقلال، رفعوا شعارات العروبة والقومية العربية كرفض للحكم العثماني، فهذا كان رابطهم للانصهار وتأكيد مطلب المساواة بين المواطنين حسب القومية العربية، لا حسب الدين والمذهب السني. وذُكِر في كتاب الباحثَين لورانت شابري وأني شابري تحت عنوان "سياسة وأقليات" أنه "… عندما تسعى أقلية إلى التكيف مع موقف بالتعديل الظاهر لهويتها فإنها لا تلجأ بالضرورة إلى وضع التشكل الذاتي للحرباء، أي التستر التام على هوية الأقلية (التقية)، وهذه الاستراتيجية الأخيرة السهلة المنال نسبياً على فرد ضائع في كتلة الأكثرية، ليست كذلك في المقابل على جماعة برمتها. وهذه الجماعة تتصرف بنحو آخر بهويتها لتخفيف تباينها، لمحاولة إزالة الحدود جزئياً، التي تفصلها عن جماعة الأكثرية…".
كيف للمسيحيين، والعلويين أو الأكراد (على الأقل في سورية) أن يجدوا الرابط الذي يوحدهم مع الثورات العربية اليوم، بعد أن زادت حوادث الاضطهاد ضدهم، ففي مصر نفهم غضب الأقباط، حين نعرف أنه منذ عام ٢٠٠٨ حتى ٢٠١٠ تعرض الأقباط لـ٥٢ حالة اعتداء، ولم يقدم أي مشتبه فيه إلى المحاكمة، كما أن تمييز قانون الأحوال الشخصية ضدهم في مسائل التبني وبناء الكنائس ليس بالأمر السهل عندهم. وفي العراق أصبحت كنائس الآشوريين هي المكان الرخو لضربات "القاعدة" والأصوليين، وذكر أشور كيوا أركيس في جريدة "النهار" أن نسبة الآشوريين كانت ٨ في المئة من مجموع العراقيين أيام صدام، أما نسبتهم الآن فلا تتجاوز ٣ في المئة.
ولو اجتهدنا وبحثنا عن أعداد المسيحيين في الوطن العربي لوجدنا أنهم في حالة تناقص أو "انقراض"، وفي هذه الحالة تجد الأقليات هنا حمايتها من مشاعر الغضب الشعبي التي تتجه إليها بعد أن عجزت الشعوب عن مواجهة الآلة العسكرية للنظام المستبد في النظام المستبد ذاته، فهو، عند تلك الأقليات، أهون الشرَّين وأخف الضررين. من هنا علينا إن لم نقبل تصريحات البطريرك اللبناني الراعي بشأن الثورة في سورية، فإننا يمكن أن نتفهمها في ضوء التاريخ وواقع الحال العربي، فشباب الربيع العربي لم يرفعوا شعار "حرية، إخاء، مساواة" مثلما فعل الفرنسيون في الثورة الفرنسية، بل كانوا حركة رفض غاضبة لأنظمة مستبدة، ولم تكن أرض الفكر عندنا قد أنجبت فولتير وروسو ومونتيسكو كما حدث في عصر الأنوار في أوروبا، فالمستبدون هنا مهدوا أرضنا منذ السبعينيات لعمليات الاستنساخ لمشايخ الصحوة، وتلك فترة، طالت أو قصرت، سيزيلها حكم التاريخ.
***
ملاحظة: ختاماً يراودني شعور مطلق بأن "ليبراليي" الكويت أو بقاياهم حكمهم من حكم الأقليات العربية.

احمد الصراف

«عشرة» حيوية

يقول الدكتور Gary small، رئيس مركز دراسات التقدم في العمر في UCLA الاميركية المرموقة، ان الأبحاث بينت خطأ الاعتقاد بأن مرض الزهايمر وراثي. فهو مثل اي مرض آخر يتطور على مدى سنوات، ويتأثر بطريقة معيشتنا ونسبة الكوليسترول في الدم، والسمنة والكآبة والتعليم والتغذية وعادات النوم والأنشطة الذهنية والبدنية. وقد اثبت أفضل الباحثين والخبراء، في افضل مختبرات العالم، أن اشياء كثيرة تخفض من احتمال اصابتنا بمرض الزهايمر والأمراض الأخرى المصاحبة للتقدم في العمر، الا أن أهمها عشرة:
1ــ شرب القهوة بكثرة، لانها تساعد على تخلص المخ من السموم، الا اذا كان هناك ما يمنع ذلك صحيا.
2ــ تنظيف الأسنان: فيمكن التنبؤ بمدى احتمال اصابة شخص ما بالنسيان من حالة لثته واسنانه، فأمراض اللثة «تهاجر» ـ كما يؤمن هؤلاء ـ الى المخ.
3ــ الانترنت: فالبحث في غوغل مثلا عن المعلومات يمكن أن يحفز الذهن، ويوقد الذاكرة أكثر من قراءة كتاب. وكنت أقوم بذلك لسنوات من دون أن أعرف ذلك، ومصدر معلومات هذا المقال من الانترنت، وهو ما يأخذه البعض عليّ، وكأن الاستشهاد بمرجع مكتوب أفضل من الاستشهاد بالانترنت.
4ــ الاحتفاظ بخلايا المخ الجدية حية. فالجسم ينتج الآلاف منها يوميا، والعبرة في الاحتفاظ بها حية، ويمكن ذلك عن طريق ممارسة الرياضة، ولو المشي لنصف ساعة يوميا، وتشغيل العقل بشكل مكثف، وتناول الاسماك المدهنة كالسلمون، والتخلص من السمنة، وتجنب الحرمان من النوم.
5ــ تناول عصير التفاح، وعصير التوت الأسود والبريز، وكأس نبيذ للنساء واثنتان للرجال.
6ــ حماية الرأس، حتى من الضربات غير العنيفة. فاحتمال اصابة بعض لاعبي كرة القدم والملاكمين بالزهايمر تزيد 19 مرة على غيرهم؟
7ــ ممارسة التأمل، ولو لربع ساعة في اليوم.
8ــ تناول فيتامين D3 بكميات يحددها الطبيب.
9ــ زيادة مخزون المعرفة: فالعقل بحاجة الى المعلومات بشكل مستمر سواء من تجارب الحياة أو التعليم، والزواج، والتواصل الاجتماعي، والعمل، وتعلم لغات جديدة، وأن نجعل لحياتنا هدفا نعمل من اجله.
10ــ تجنب العدوى: فالأبحاث الحديثة بينت أن اصابات معدية كالزكام والقرحة تزيد من احتمال الاصابة بالزهايمر. ونتمنى للجميع صحة جيدة.

***
ينشر بالتزامن مع «المدى» العراقية

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

حيتان

والدك كان يعمل في تجارة البحر قبل النفط، فكان يجول الدول المجاورة ليستورد منها احتياجات أهل الكويت، فيبيعها عليهم، وتدر عليه المبيعات ربحا مقبولاً، يمكّنه من شراء بعض البيوت الطينية في مدينة الكويت، أو أن يمتلك “حفيز” لبيع البضائع المستوردة.
فيأتي النفط مصادفة ليمنح الكويت ثروات وخيرات هائلة، فتقرر السلطة آنذاك أن يكون توزيع هذه الثروة المفاجئة عن طريق التثمين، ولأن والدك كما ذكرنا في الفقرة الأولى تمكن من شراء بعض البيوت فإن نصيبه من التثمين كان أكبر من مواطنين آخرين، وقد قرر بعد أن قام ببناء بيت حديث من أموال التثمين أن يستثمر الأموال الباقية في استيراد حاجيات الشعب الجديدة، وقرر أن يتخصص في استيراد الثلاجات.
وفي نفس الوقت أتممت أنت دراستك الثانوية، فتكفلت الدولة بابتعاثك إلى أفضل الجامعات الغربية لاستكمال تحصيلك العلمي كي تعود لخدمة بلدك بشكل أفضل وهو ما تحقق.
تمكن والدك من تكوين ثروة كبيرة خلال فترة وجيزة؛ لأنه قام باختيار سوق مميز، ويحتاجه كل مقيم على أرض الكويت، فلم يكتفِ أو يقف عند هذا الحد، بل وسّع من تجارته وزاد في تنويع السلع لدرجة مكنته من أن يكون مصدرا أساسيا في تزويد كل قطاعات الدولة الحكومية أو الخاصة بالمعدات التي تحتاجها.
وكما ذكرنا آنفا فقد تمكنت أنت من استكمال تحصيلك العلمي ودراستك العليا في أفضل الجامعات الغربية؛ لتعود إلى الكويت وتتولى منصبا مرموقا في أحد القطاعات الحكومية الحيوية والمهمة لندرة الخريجين، وتتدرج في السلم الوظيفي لتصل إلى أعلى هرم ذلك القطاع مع مرور السنوات. وعندما احتلنا العراقيون وعانى أهل الكويت المرابطون في الداخل، ساهم والدك وأنت معه في توفير الأموال والمستلزمات الضرورية وبالمجان، لقناعة بأن ما قدمته الكويت لن تفيه كنوز الدنيا لتسدده.
وانفرجت الأزمة وعادت الحياة إلى طبيعتها، وتوليت أنت وأشقاؤك تجارة والدك الضخمة، وساهمتم في إعادة إعمار الكويت، وتقديم خدماتكم التجارية المتنوعة إلى كل قطاعات الدولة.
وليقينكم بأن النجاح لا يمنح بل ينتزع، فقد بتم ترفضون أي عطايا أو منح أو زيادات غير مستحقة لا تساعد إلا على الخمول والجشع والاتكالية، بل أصبحتم تحاربون وبعلانية كل من يسعى إلى هذا الاتجاه.
فكانت نهاية هذه المسيرة الطويلة والمحفوفة بالمغامرات التجارية الصعبة، والابتعاد عن الأهل والغربة والتضحيات الكبيرة الأصعب، ولمجرد أنكم ترفضون أن يدير البلد من يريد تبديد ثرواته أصبحتم حيتانا، ووجودكم هو ما يهدد البلد وأهله، وللأسف فقد بات الكثيرون يصدقون نظرية “الحيتان” تلك ويسعون إلى ترسيخها.

ضمن نطاق التغطية:
لا أقصد أبدا عائلة بعينها في هذا المقال، ولا أقصد أيضا أن كل التجار صالحون، ولكن لا أرضى أن يصور البعض العوائل ذات الامتداد الاقتصادي بأنهم حيتان يسعون إلى نهب البلاد، ولا تهمهم مصلحتها.

سامي النصف

على مفترق خمس دول وأربعة بحور..!

  رغم زيارتي لكثير من بلدان العالم إلا ان لشبه جزيرة سيناء إعجابا خاصا، فشمالها مصيف لا يقل برودة وجمالا عن سواحل وشواطئ غرب الاسكندرية، وجنوبها مشتى، ويحدها أربعة بحور ففي الشرق خليج العقبة والغرب خليج السويس والشمال البحر المتوسط والجنوب البحر الأحمر، وأهلها وناسها وقبائلها هم الأقرب في كرمهم ودماثة خلقهم ولبسهم ومأكلهم إلى شعوبنا الخليجية، لذا أعجب من قلة زيارة الخليجيين لها رغم قربها الجغرافي من دولنا الخليجية.

* * *

عندما تجلس في «طابا» يمكن لك ان ترى عن قرب منظرا رائعا وفريدا حيث تصبح على مفترق أربع دول رئيسية في المنطقة والخامسة على الطريق (دولة فلسطين) فأمامك السعودية ثم الأردن ثم مدينة وميناء إيلات الإسرائيلي في الطرف الجنوبي لصحراء النقب التي يقطنها عرب فلسطين، يتلو ذلك فندق هيلتون طابا الشهير الذي من ضمنه قرية نيسلون السياحية الرائعة وبعد ذلك سلسلة فنادق طابا المتعددة والمتنوعة، وإلى الغرب عن بعد دير سانت كاترين التاريخي الذي تعجب من برودة أجوائه رغم انه محاط بالجبال.

* * *

والشارع الرئيسي في «طابا» مسمى باسم رجل القانون المصري المعارض د.وحيد رأفت، الذي لم تمنع معارضته للرئيس «المخلوع» من استعانته به وبخبراء ومستشارين من أميركا وبريطانيا وفرنسا وسويسرا لاسترداد طابا بعد 8 سنوات مضنية من التفاوض (الاستعانة بالخبراء الأجانب فكرة يمكن لنا أن نستفيد بها في الكويت ونحن نتفاوض على حدودنا البحرية)، كما قام ذلك النظام «البائد» بإنشاء شبكة طرق تربط سيناء بمصر تضاهي أرقى الطرق الأميركية، كما أحيا مدن سيناء مثل رأس سدر والطور وشرم الشيخ ودهب وطابا والعريش ونويبع وملأها بالمساكن والمدارس والفنادق والمنتجعات، ما جعلها تدر ما يزيد على 10 مليارات دولار للخزينة العامة للدولة.

* * *

بالمقابل قام الزعيم خالد الذكر عبدالناصر بالتخلي مرتين ـ لا مرة ـ عن سيناء دون حرب (56 و67) وفي تبرير ذلك الأمر العجيب قال غوبلز العرب الأستاذ هيكل ان سيناء صحراء قاحلة و«الصحراء مقبرة لمن يدافع عنها» ـ حسب قوله ـ وهو ما يدل دلالة قاطعة على ان الأستاذ لم يزر سيناء قط (حالها كحال الدول العربية التي يكتب عنها الأكاذيب دون ان يزورها) فسيناء مليئة بالجبال شاهقة الارتفاع التي كان من الممكن أن تمثل موانع طبيعية تمكن الجيش المصري في أعوام 56 و67 من الصمود لمدة عام على الأقل دون الحاجة لغطاء جوي، وتلك التضاريس هي التي منعت الجيش المصري من استردادها في حرب أكتوبر 73 بسبب تخندق الجيش الإسرائيلي بها وسيطرتهم على ممراتها وعدم وجود كاتب أو كاذب إسرائيلي يروج لـ «الصحراء مقبرة»…إلخ.

* * *

آخر محطة: (1) أعلن المرشح الهزلي للرئاسة حازم أبواسماعيل انه سيستبدل السياحة الثقافية والترفيهية الحالية بالسياحة العلاجية(!!) أي انه سيطلق العشرة عصافير التي في اليد في سبيل الإمساك بالعصفور العلاجي الجالس فوق الشجرة، عداء أبواسماعيل للدعم الخليجي والسياحة الغربية حكمة ما بعدها حكمة ويتساءل البعض: لماذا تقلق على مستقبل مصر؟!

(2) نقترح على وزير السياحة المصري ان يرجع سيناء الى أصلها الآسيوي وبذا تصبح مصر دولة افريقية ـ آسيوية وهو عامل جذب قوي للسياحة كحال زيارة الملايين لتركيا كونها تمثل التقاء آسيا بأوروبا..!

احمد الصراف

خلافاتنا أم إيران أهم؟

قامت شركة غوغل قبل فترة باستفتاء متصفحي موقعها عن أي تسميتي الخليج أكثر دقة، العربي أم الفارسي؟! وبالرغم من أن النتيجة، بصرف النظر عن مدى دقتها وطريقة المشاركة فيها، جاءت لمصلحة «الفارسي»، إلا أنها لا تعني شيئا على أرض الواقع. وفي هذا الصدد، كتب لي قارئ طالبا الكتابة في موضوع العلاقة بيننا وبين إيران، وكيف أنها أصبحت أكثر اضطرابا في السنوات الأخيرة. وتساءل إن كان هناك مجال لأن يقوم الطرفان، أو وسيط ما، بفعل ما لتجسير العلاقة وجعلها أقل عدائية. وقال إن مشاعر الكراهية والانتقام والتآمر والشوفينية والقومية والصراع التاريخي والعنصرية وأمورا أخرى هي التي تتحكم في العلاقة حاليا، وهو ما يعيدنا إلى القرون الوسطى، وليس للأمام كما ينبغي. وقال ان حتى شركة غوغل لم تترك مسألة الخلاف بين الطرفين تمر من دون أن تسهم في إشعال نيرانها، عندما قامت بذلك الاستفتاء، الذي ربما لم يطالبها أحد به! واضاف أنه يقترح أن يقوم أكاديميو ومثقفو الطرفين بالمساهمة في تقديم تصورات تخرجنا من هذه الدوامة، فلكل طرف كرامته وكبرياؤه وحقه في الوجود في المنطقة! واقترح أن يتفق على تسمية الخليج، والتي تعتبر واحدة من أكثر المسائل الخلافية بعدا عن المنطق، بــ«خليج السلام» أو «خليج الصداقة»! وانهى كلامه بالقول ان بإمكان اي حكومة في المنطقة الطلب من شركة غوغل التصويت على التسميتين اللتين اقترحهما، أو أي تسمية اخرى، بدلا من المختلف عليهما تاريخيا وعاطفيا وعرقيا… وربما مذهبيا!

***
وجهة نظر القارئ معقولة، ولكن الخلاف بيننا وبين إيران ليس خلافا بين طرفين محددين، فلا إيران، عدا سلطة المرشد، كتلة واحدة، ولا الدول العربية، وحتى الخليجية، كتلة واحدة. فان تقتنع دولة بوجهة نظر معينة يعني أن أمامك الجبال لتقنع غيرها بوجهة النظر نفسها! وبالتالي نحن بحاجة قبل كل شيء لأن نصفي قلوبنا ونتحد ونتفق على المسائل الخلافية بيننا، قبل ان نتجه صوب إيران ونحاول رأب الصدع معها، وما أكثر الصدوع بيننا! ففي نشرة ابريل 2011 من «رسالة الكويت»، الصادرة عن مركز البحوث والدراسات الكويتية، نقلا عن «اللطائف المصورة» المصرية لعام 1934، نشرت صورة لسمو الأمير العربي الشيخ أحمد الجابر الصباح، أمير الكويت، وذكرت تحتها أنه أجل زيارته لمصر بسبب انشغاله بالتدخل في حسم النزاع الذي نشب بين إمارتي قطر والبحرين على أرض الزبارة!
فهل تغير التاريخ أم تغيرنا؟

ينشر بالتزامن مع «المدى» العراقية

أحمد الصراف

عادل عبدالله المطيري

تكلفة الإصلاح السياسي

  كان هناك من يرى ان إبقاء الوضع السياسي الحالي والمتأزم وإدارته ببعض التنازلات والتحالفات والترضيات، هو أفضل من الرضوخ لطلبات الشارع السياسي والمعارضة والمتمثل بإسقاط الحكومة وتغفل هذه الرؤية عن حقيقة أثبتها التاريخ القريب والبعيد، بأن كل تأخير بإجراءات الإصلاح السياسي يحمل النظام السياسي تكلفة باهظة، لأنه حتما يؤدي لرفع سقف المطالبات الشعبية والنيابية!

فكانت المطالبات بتنمية اقتصادية ومراقبة السلوك المالي للحكومة فقط، وكانت أكثر الاستجوابات موجهة إلى وزراء المالية، فتطور الأمر إلى استجواب وزراء الأسرة الحاكمة، ثم طالت المساءلة رئيس مجلس الوزراء.

وكان طموح المعارضة السياسية فقط أن تكون جلسة استجواب رئيس الوزراء علنية وليست سرية، ولم تحصل على مطلبها، بل في الاستجواب الأخير لسمو الرئيس تم تحويل الاستجواب الى المحكمة الدستورية ولم يناقش مطلقا، ولم تتمكن المعارضة حتى من استجواب سموه حتى ولو بجلسة سرية بالتأكيد نجح النظام السياسي بتأجيل سقوط الرئيس، ولكن ماذا فعلت الحكومة من إنجاز تنموي يساعدها على البقاء، كإنشاء مستشفى أو جامعة أو مدينة سكنية أو طرق سريعة لا شيء وعلى الصعيد السياسي كان الإخفاق الأكبر، فالفتن الطائفية والفئوية إن لم تكن الحكومة هي التي أفتعلتها كما يدعي خصومها، فإنها لم تحاول حتى إخماد نارها التي مازالت تشتعل بمجتمعنا، صراع أبناء الأسرة الحاكمة كان حاضرا، أما علاقة الحكومة مع مجلس الأمة فحدّث ولا حرج، فلا تعاون ولا يحزنون، وكانت المعارضة في السابق تتشكل من نائب او نائبين او حتى كتلة برلمانية واحدة، فأصبحوا بفضل سياسة الحكومة إلى ما يقارب نصف البرلمان «22 نائبا مع عدم التعاون».

أما حلفاؤها من النواب فتدور حول مواقفهم ودعمهم للحكومة في الاستجوابات الكثير من الشبهات، حتى وصل الأمر إلى ما يسمى بالتحويلات المليونية وفي هذا الخضم تناست الحكومة واجبها التنموي وأصبحت مقاومة رغبة المعارضة وأغلبية المواطنين برحيلها هو شغلها الشاغل.

فأصبحت المظاهرات تكبر يوما بعد يوم، ومطالب المتظاهرين تزداد، فكانوا يريدون رحيل الحكومة، فأصبحوا ينادون بمحاكمتها وليس فقط استجوابها على ضوء (الفضيحة المليونية)، بل رفعت المعارضة من سقف مطالبها لتشمل الدائرة الانتخابية الواحدة، وإنشاء الأحزاب السياسية وهيئة مستقلة للانتخابات، بل ذهب بعض الشباب المتحمس إلى المطالبة بإمارة دستورية إشارة إلى جعل منصب رئيس الوزراء من الشعب وفي النهاية كلما كان الإصلاح السياسي والاقتصادي مبكراً قلت تكلفته على النظام السياسي الذي نؤمن به ونحبه.

٭ شكر وتقدير إلى د.حسين الهدبة أستاذ أصول التربية في كلية التربية الأساسية على حسن تعامله مع الطلبة ومساعدتهم.

والشكر إلى د.سلوى البرجس رئيسة مكتب التربية العملية في كلية التربية الأساسية، على حسن تعاملها مع الطلبة.

سامي النصف

لا تحسبينا غياباً يا… سورية!

هناك بعض البديهيات التي لا تستوعبها عقول بعض كبار حكمائنا وساستنا ومفكرينا العرب ومنها انه ليس لأحد ان يتدخل في شأن بيتك مادامت الأمور طبيعية فيه، اما إذا بدأت بتعذيب وقتل نسائك وأطفالك وقطع رؤوسهم وفصل أطرافهم فللآخرين حق التدخل دون حاجة لإذن من أحد.

***

ان ما يحدث في سورية هذه الأيام لا يمكن ان يقبل به انسان مهما قسا قلبه وأظلمت سريرته، فنحن أمام شعب يباد في وضح النهار وأمام العالم أجمع ولا يسمع شعبه المذبوح إلا صيحات ودعاوى من يدعون كذبا تعاطفهم معه ولكنهم يرفضون في الوقت ذاته التدخل الغربي الذي هو الوسيلة «الوحيدة» لإنهاء الإشكال ووقف الدماء التي تجري أنهارا هناك.

***

ولم نسمع من الانجليز او الفرنسيين إبان الحرب الكونية الثانية، او الكوريين الجنوبيين وأهل البوسنة بعدها من يعترض على قدوم الأميركان الأخيار لنجدتهم، والحال معنا في الكويت ممن كنا أكثر ذكاء وحصافة وحكمة ممن أرادوا التغرير بنا وتسويق ما سمي بـ «الحل العربي»، واسألوا شعوب العراق وليبيا وسورية واليمن هذه الأيام ان كانوا مازالوا يؤمنون بتلك الفرية الكبرى التي لم يصدقها حتى الرئيس الراحل حافظ الأسد، فأرسل قواته لتحارب كتفا بكتف مع القوات الأميركية والانجليزية والفرنسية لتحرير شعبنا في الكويت من إبادة حزب البعث العراقي له.

***

ومن الأكاذيب الكبرى الدعوة لقبول نحر وإبادة الشعب السوري بحجة الحفاظ على أنظمة «الممانعة» ودعم المقاومة، وإذا ما بعدنا عن الحديث الزائف والكلمات الساخنة التي «لا تودي ولا تجيب» وركزنا على حقيقة ما حدث منذ الستينيات حتى الآن لوجدنا ان الجبهة السورية هي الأهدأ والأبرد مع إسرائيل وان الجيش السوري لم يستخدم قط خلال نصف قرن للمقاومة والتحرير بل كان عمله الأساسي هو قتل وقمع شعوب سورية ولبنان والعراق من الوريد الى الوريد، فعن أي ممانعة ومقاومة يتحدثون؟!

***

آخر محطة: نرجو ان تظهر الشعوب العربية وكنوع من التغيير امتنانها الشديد للولايات المتحدة فلولاها لكانت تلك الشعوب أسرى وسبايا وعبيدا لجيوش هتلر الألماني وموسوليني الإيطالي وستالين الروسي وايدن الانجليزي وموليه الفرنسي وصدام البعثي ومعمر المدمر الليبي و..جيوش جيرانهم المسلمين الآخرين… وقليل من العرفان أمر لا يضر..!

 

حسن العيسى

عدم الترحُّم على ستيف جوبز

ترحَّم عليه المسلمون أم لم يترحموا، فهذا لن يغير من التاريخ الإنساني حين يحفر الكبار أسماءهم وأعمالهم العظيمة على صفحاته؛ فالدكتور عجيل النشمي، في تعليق له على وفاة ستيف جوبز، نصح الجمهور الإسلامي بأن من حقهم أن يذكروا الفوائد الكبيرة التي قدمها ستيف للعالم، ولكن ليس لهم أن يترحموا عليه!. وفقاً لفتاوى "علماء" الدين لا يجوز طلب الرحمة لغير المسلمين، فلنا أن نترحم على روح بن لادن، مثلاً، وعلى كل "أبطال القاعدة" الذين سفكوا دماء الأبرياء دون أن يفرقوا بين المسلم وغير المسلم، ولنا أن نترحم على صدام حسين وعلي الكيماوي وكل الحثالات البشرية التي حفرت جرائمها في ألواح الذاكرة العربية والإسلامية، ولكن مرة ثانية وثالثة ليس من حقنا أن نترحم على لويس باستير، مكتشف البسترة والبنسلين، ولا أن نترحم على أديسون ولا هنري فورد، ولا على أي من العلماء الحقيقيين الذين قدموا أعظم المساهمات للبشرية، وخدموا أو أنقذوا حياة ملايين البشر! لماذا لا يجوز طلب الرحمة لهم ولا يجوز أن نحييهم بتحية الإسلام؟ لأنهم كفار وليسوا مسلمين!
هؤلاء من أمثال ستيف جوبز، الذي هز نبأ موته عالم التكنولوجيا، وغيَّر من نمط حياتنا، وغيره، ليست أرواحهم بحاجة إلى طلب الرحمة عليهم من البشر المسلمين، وليس لنا أن نصادر مفاتيح طلب الرحمة في صناديق مشايخنا، فالرحمة وعدم الرحمة بيد الله وحده، لمن يؤمن، وليست رهناً بفقه "علماء" شرعنا.
في محاضرة لستيف جوبز عام ٢٠٠٥ بجامعة ستانفورد، وكانت تلك المحاضرة بعد سنتين من اكتشاف الأطباء لمرض سرطان البنكرياس فيه، ذكر الراحل تلك الفقرة عن معنى الموت وصراع الحياة، وأترجمها بتصرف "… تذكري أني سأموت قريباً هو أعظم تحد واجهته، لأنه منحني في الوقت ذاته القدرة على اتخاذ أكبر القرارات في حياتي، لأنه – تقريباً كل شيء – كل الآمال الكبيرة، والكبرياء، والخوف من حرج الفشل كل تلك الأمور تتضاءل وتتنحى جانباً حين نواجه شبح الموت، ليبقى ما هو عظيم فقط، وحين تتذكر أنك ستموت يوماً ما ستتجنب مصيدة الأسى على خسارة ما فات. ستبقى عارياً، وعليه فليس هناك ما يحول دون أن تتبع ما يمليه عليك قلبك…" هل نفكر قليلاً بحكمة ستيف جوبز وفلسفته وشجاعته قبل أن نفتي بجواز الرحمة عليه أو عدم جوازها، ويا الله لترحمنا برحمتك.