احمد الصراف

ليس حباً في معاوية.. ولكن!

يقول المثل: «كثر الدق يفك اللحام»، فعندما صرح وكتب كل ذلك العدد من الكتاب والمعلقين ببراءة إيران من تهمة محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن، وتصويره وكأنه مؤامرة أميركية للوقيعة بين إيران والسعودية، حتى «كدت» أؤيد رأيهم، وأتفق بأن في التهمة شيئاً ما، خاصة بعد أن شارك في حملة الدفع ببراءة النظام الإيراني من عرف عنهم شديد عدائهم له، ولكل ما يمثله من ثقل ديني، مع علمي بأن منطلقاتهم ليس حباً في علي بقدر ما هو كره في معاوية! أقول انني وبسبب استمرار ذلك الدق المركز والمستمر ببراءة إيران، وهو ما لا يمكن استبعاده تماما، إلا تصريح علي لاريجاني رئيس البرلمان الإيراني لرئيس مجلس الامة جاسم الخرافي في لقائهما الأخير، جاء ليعيد لي صوابي، فقد صرح بأن المتهم الأميركي بمحاولة الاغتيال، الإيراني الأصل، كان شخصاً معتوهاً، عندما كان يعيش في إيران، وبسبب عتهه ذاك تم ابعاده منها قبل 30 عاما! ولو صح ذلك لادعى نصف سكان إيران بالعته ليتم استبعادهم إلى أميركا وأوروبا! إضافة إلى أن هذا التصريح هو إقرار من أعلى سلطة تشريعية في إيران بأن كل من يشك في عتهه يبعد عن البلاد، ويعني كذلك أن الجمهورية الإسلامية شبه خالية الآن من المعتوهين!
من جانب آخر، نرى أن الكثير من الأنظمة العربية، والإسلامية المتشددة بالذات، لا تجد وسيلة أفضل لاشغال شعوبها والهائهم عن مشاكلهم اليومية وقضاياهم الإنسانية ومطالباتهم بالحريات والحقوق المدنية، لا تجد أفضل من القضية الطائفية والتلويح بقميصها وبخطورتها بين الفترة والأخرى، ليبقى هاجسا يقظا في النفوس! ويعتقد البعض أن هذه الأنظمة تقوم بتصوير إيران ومذهبها الشيعي، كفزاعة، وتقول لهم بصراحة إن البديل يعني في جميع الأحوال «دولة شيعية كبرى»! وهذا النوع من التهديد كفيل بإسكات أعلى الأصوات المطالبة بالتغيير! والغريب أن إيران، بتصرفاتها وتصريحاتها، تزيد من تخوف هذه الشعوب منها ومن طموحاتها بسبب شديد تركيزها على القضية الطائفية، فهل من مخرج من هذا المأزق؟
لا تزال قضية الاتهام في بداياتها وستتطور بشكل كبير خلال الأيام القليلة المقبلة، وقد تكون كافية لقيام إسرائيل بضربة استباقية لمشاريع إيران النووية، وسيقربها ذلك كثيرا لقلوب بعض القيادات والشعوب العربية المعادية لنوايا إيران وطموحاتها!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

إحنا مو مال دولة

تنقلب الكويت رأسا على عقب لأن خطيبا في مسجد يحلل ويحرم ويضيف كبائر كما يهوى، فهذا الخطيب وصف زيارة كربلاء كأحد المزارات الدينية بأنها أكبر وأعظم من الزنى!! فيخرج بعض الكويتيين ممن يعتنقون زيارة كربلاء رفضا لما يقوله هذا الخطيب مطالبين السلطة بمعاقبة من اعتدى على عقائدهم ووصفهم بأنهم أشد جرما من الزناة، فينتصر بعض الكويتيين الآخرين ممن لا يزورون كربلاء انتصارا لهذا الخطيب وما قاله، وتملأ الصحف بتعليقات تثبت مدى حماسنا للتفرقة ووهن وحدتنا المزعومة، فلتحترق الكويت من أجل أن نثبت أن مؤرخا قبل 1400 سنة انتصر على مؤرخ آخر.

***
ننتظر يوما بعد يوم وساعة بعد الأخرى لكي يفجر لنا نائب مفاجآت فساد من العيار الثقيل كما يدّعي، فيدفعنا الفضول والشغف، وليس الخوف قطعا، إلى معرفة هذه المفاجآت، وكأننا نشاهد الحلقة الأخيرة من مسلسل، فنفاجأ حقا بما يكشف من أدلة مزعومة على قضايا فساد مالي يعود تاريخها إلى خمس سنوات سابقة، وأقرت في ميزانيات الدولة المتعاقبة دون أن يتحدث عنها أحد طيل السنوات السابقة (هذا إن كانت صحيحة)، ونفس النائب موجود في كل تلك السنوات السابقة، بل أكثر منها دون أن نسمع منه شيئا عن مفاجآته المزعومة، ولكننا نصفق ونهلل ونرمي “العقل”.

***
يطعنون بنواب وتيارات سياسية لأنها تخالفهم بالسلوك والتعاطي مع القضايا، وينعتونهم بالمتواطئين وأصحاب الصفقات على الرغم من أن الطاعنين هم من يعملون لدى سراق المال العام، وهم من تخلص الحكومة معاملاتهم، وهم من باتوا أبطالا لقناة أحمد الفهد الجديدة، وهم أيضا من سكتت الحكومة عن فرعياتهم!!

***
كل الطرق والسبل والأدلة والقضايا تؤدي إلى طريق واحد، وهو أن هناك نوابا فاسدين، ولكن لا يذكر أحد أسماءهم، ويذكر فقط من حدد واكتشف أسعارهم فقط، لأن أي ذكر لأسمائهم سيقر بفسادنا نحن كمجتمع وفساد اختياراتنا.
باختصار نحن لا نستحق الدولة فكل أمورنا لا نديرها من أجل الدولة، بل من أجل مصالحنا الخاصة، فهذا سعره يتمثل بأموال تدفع له، وآخر سعره يتمثل بإقصاء المذهب المخالف له، وثالث سعره يتمثل بأن يحتل هو موقع المعارضة وحيدا، ولا يجوز لأحد أن يعارض معارضته، وأخير يعتبر أن الفاسد هو من يتعارض فساده مع فساد غيره فقط.

سامي النصف

ديموقراطيتنا.. سمكة بين الأشجار

الديموقراطية في بلدنا هي ـ للأسف ـ أشبه بمشاهدة سمكة بين الأشجار حيث تشعر منذ الوهلة الأولى بأنها في غير مكانها الطبيعي، كما أن حالها يظهر عدم قدرتها على العيش والبقاء حيث إنها متجهة لا محالة للموت والفناء، إن ديموقراطيتنا حالها حال السمكة في حاجة ماسة إلى بيئة حاضنة وحانية وراعية كي تعيش وتنمو وتصبح القدوة الحسنة بين الأمم لا القدوة السيئة للشعوب كما هو الحال الآن حيث ترفع كفزاعة مخيفة ومدمرة بعد أن أصبح شعار لاعبيها.. كلنا يا عزيزي رابحون ومستفيدون والخاسر الوحيد هو.. الوطن ومستقبل شعبه!

*****

يحق لمن يريد أن يختلف مع أي وزير أو مع رئيس الوزراء بشرط ألا يفجر بالخصومة وألا يدمر الدستور واللعبة الديموقراطية في سبيل الوصول لذلك الهدف، فالدستور هو أعراف وممارسات قبل أن يكون نصوصا جامدة فما نرتضيه هذه الأيام من ممارسات كوسيلة للوصول للغاية يعني القبول باستخدام نفس الأدوات في الغد حتى لو سخر لنا يوما رئيس يجمع بين دهاء بسمارك وحكمة درزائلي وحنكة تشرشل وقدرة مهاتير وذكاء لي كوان.. أي سنبقى ضمن دائرة الأزمات الطاحنة كائنا من كان الرئيس وشخوص وزرائه.

*****

وواضح استمرار ممارسات سياسية مدمرة تقتل الديموقراطية كما يقتل الهواء السمك كاستجواب رئيس الوزراء ـ أي رئيس وزراء ـ على أعمال الوزراء الآخرين ممن سينضمون حسب هذا الفهم العقيم للنواب المعصومين ومن ثم سيفسدون كحالهم حيث إن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، ومن الممارسات القاتلة للعملية الديموقراطية التعسف باستخدام الأدوات الدستورية وعلى رأسها الاستجواب رغم ضوابط المحكمة الدستورية المنظمة لها (حكم عام 2006)، وإضفاء قدسية الكتب السماوية المنزلة على الدستور البشري الوضعي وتكفير من يدعو لتعديله وتطويره وعلى رأس هؤلاء بالطبع الآباء المؤسسون له ممن قاموا بكتابته ودعوا لتنقيحه بعد مرور خمس ـ لا خمسين سنة من تجربته.

*****

ومن الممارسات الخانقة للديموقراطية والمدمرة للعبة السياسية الارتضاء بحكم الأغلبية عندما تكون لصالح طرف ما ورفضها في الوقت ذاته عندما لا تكون لصالحه واللجوء عندها للفوضى والتجمهر بقصد فرض «دكتاتورية» الأقلية التي تعكس الجهل الشديد بأبسط معاني الديموقراطية، ومن الممارسات الخاطئة إعطاء النائب مرتبة من لا يحاسب قط عما يفعله عبر رفض إنشاء «لجان قيم» والعمل بمبدأ غريب مضمونه إن أخطأت الحكومة فهي مخطئة وإن أخطأ النواب بسبب غياب آلية الحساب والعقاب.. فالحكومة هي المخطئة كذلك وحسبنا الله ونعم الوكيل.

*****

ومن الممارسات المدمرة استخدام أحد طرفي اللعبة السياسية ـ التي هي أقرب للعبة الرياضية ـ لكل أدواته الدستورية بل وحتى التعسف بها في الوقت الذي يرفض فيه استخدام الطرف الآخر لنفس الأدوات التي أعطاه إياها نفس الدستور، كإحالة المواضيع للجان المختصة أو للمحكمة الدستورية وآخر ما سمعناه في هذا الصدد بعض الآراء التي تتسبب في ضحك كالبكاء كالقول إن قرارات المحكمة الدستورية غير ملزمة(!) فلماذا إذن إنشاء المحكمة والصرف عليها ما دامت أحكامها غير ملزمة ولا يستمع إليها؟!

*****

آخر محطة:

1 ـ وصلنا مؤخرا كتاب قيم جدا من تأليف الزميل البرلماني عبداللطيف الراضي حول «العلاقة بين الحكومة والمجلس وفق أحكام المحكمة الدستورية» ومما جاء في ص 23 «في حال تقرير المحكمة الدستورية عدم دستورية قانون أو لائحة يعتبر كأنه لم يكن»، وص 36 «القضاء الدستوري هو حامي الدستور من تعسف السلطات المختلفة»، وقول للدكتورة المختصة عزيزة شريف «كلما ارتفع المستوى الثقافي والفكري لأعضاء البرلمان زاد تفهمهم لدور المحكمة الدستورية وكلما انخفض مالت العلاقة مع المحكمة نحو العداء السافر والتحدي الواضح» وهناك عشرات الأمثلة الأخرى.

2 ـ ضمن كتاب نظام الحكم في أميركا دعوى ماربوري ضد ماديسون عام 1803 وحكم المحكمة الدستورية العليا الذي جاء ضمنه «أي ممارسة تشريعية مناقضة للدستور لا تجوز ولا تصبح قانونا».

احمد الصراف

نظرة شديد الشديدة

يرى أنتوني شديد، وهو مراسل صحفي أميركي مميز، ومن اصل لبناني، في مقال نشر في «الأنترناشيونال هيرالد تريبيون» قبل أيام، بعد أن عاد من زيارة سرية لسوريا، أن الحركات الإسلامية قد تجذرت في المجتمعات العربية، وأصبحت هويتها الأساسية، بعد أن دمّرت الأنظمة العربية، وبالذات التي تدعي الليبرالية، باحتكارها للسلطة، كل مقومات الليبرالية الحقيقية. وقال ان هذه التنظيمات، وخاصة «الاخوان المسلمين»، الذين تمتد جذورهم لعشرينات القرن الماضي، نموا بشكل كبير، بعد أن عجزت السلطات في القضاء عليهم، رغم الترهيب والسجن والقتل، لتحصنهم بالمساجد والملتقيات الأخرى، ونموهم في محيطها، وهو الأمر غير المتوافر لغيرهم، وبالتالي صار الإسلام هو البديل لليبرالية الطغاة وادعاءاتهم المبتذلة! ويعتقد شديد أن وصول الإسلاميين للسلطة شبه مؤكد، ولكن إن سمحوا بتكوين أحزاب ليبرالية، فإن تقدم المجتمعات العربية، تعليما وثقافة، سيرفع من مستوياتها المعيشية ويؤدي في نهاية الأمر، وإن بعد سنوات مخاض طويلة، لتكوين احزاب بإمكانها بلورة مفاهيم ليبرالية، وإقناع المواطن بمفاهيمها المتقدمة ومفاهيم الحرية والديموقراطية الحقة. ويعتقد شديد اننا يجب أن نعطي الحركات الدينية وقتها والا نرتعب من فكرة وصولها للسلطة! انتهى.
كلام واقعي، وشبه متفائل في ظاهره، وأعتقد أن لا مناص من الإيمان به، فليس هناك من بديل، فسيصل هؤلاء حتما للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع، وسيرتكبون أخطاء كالجبال حجما وسيفشلون فشلا لا مناص منه، وهذه هي الطريقة الوحيدة لكشفهم وتعريتهم للجماهير الجاهلة بحقيقتهم، وحقيقة الوهم الذي عاشوه على مدى عقود بأن لدى الإسلاميين النظام البديل والعلاج لكل قضايانا وأمراضنا! أما الذين يعتقدون بأن الدول العربية ستصل لما وصلته تركيا في عهد أردوغان، فهم واهمون، فتركيا اليوم هي ابنة تركيا الأمس والغد العلمانية، وعندما تؤمن الأحزاب الدينية المقبلة للسلطة بمفاهيم الحرية التي يؤمن بها الحزب الإسلامي الحاكم في تركيا، فإننا وقتها سنكون بخير، ولن نحتاج لدروس من احد، والأمر الوحيد المطمئن هو أن الأحزاب الدينية «العربية» التي تفتقد لقاعدة العلمانية التي لدى تركيا، ستفشل كما فشل نظام ملالي إيران وإخوان السودان وحماس غزة، فلا مجال في عالم اليوم للدكتاتوريات، ولو كانت دينية!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

أجيال آل وشيح

كل ما شيّدَته وزارة التربية في سنين هدمته في ليلة.
كنت قد جمعت الأجيال القادمة من "آل وشيح" (آل وشيح أسرة كآل وندسور، إلا أن الأخيرة كانت تحكم الجزيرة العربية في فترة ما، في حين كانت الأولى مطاردة في أطراف الجزيرة تلك، وفي فترة "الما" تلك… المسرح واحد لكن الأدوار تختلف)، المهم أنني جمعت ما استطاعت يداي جمعه من ذخيرة آل وشيح ورصيدها، وابتعدت بهم عن ذويهم، ورحت أغرز سمومي في عقولهم…
قلت لهم وأنا أشير إلى مصافي الشعيبة النفطية: نفطكم تفرَّق دمه على "المؤلفة جيوبهم".
وقلت: لا يفسد الفاسد حين يفسد إلا بدعم من "المفسود بهم" أنفسهم.
وشرحت لهم معاني بعض المفردات بعد أن تم تحريفها…
– العقلاء: مجموعة من "المؤلفة جيوبهم" أذلاء للسلطة أشداء على الشعب.
– المعارضة الجديدة: مصطلح اخترعه أنصار الحكومة المتنكرون.
– الدستور: سيف انتُزِعَ من يد الشعب ليُضربَ به.
– وزارة الخارجية: غادرها محمد الصباح بعد أن تحوّلت إلى مكتب نقل يوصل البضاعة من الباب إلى الباب.
– الحكومة الحالية: عم اليتيم الذي أكل ماله.
– اللجان البرلمانية الرئيسية في برلماننا هذا: لحية عم اليتيم التي تُظهرُه وَرِعاً زاهداً.
– مكتب البرلمان: مسبحة عم اليتيم.
– ساحة الإرادة: آخر قطعة خبز يابسة في يد اليتيم الجائع، يريد عمه انتزاعَها منه.
– الاستجوابات: يتم فيها تقاسم أموال اليتيم.
– القضاء: لا راد له.
– الطائفية: مثل المرجوحة، أنت تجلس على طرفها ذاك، وأنا أجلس على طرفها هذا. أنت تضغط لأرتفع أنا، وأنا أضغط لترتفع أنت… إن تَرَكَ أحدنا اللعبة وقع الآخر.
– متدينو السلطة: لو لم يجدوا جملة "طاعة ولي الأمر" لاخترعوها.
– استاد جابر: شاهد على هذا العصر.
– علي الراشد: وزير في هذا العصر.
وواصلت مهمتي مع أجيالنا القادمة، أنزع ما تحقنهم به المدارس ووسائل الإعلام وأضع بدلاً منه سمومي، ولم أُرجعهم إلى ذويهم إلا بعد أن أيقنت أن أرقامهم في السجن المركزي محفوظة… مسألة وقت ليس إلا.

سامي النصف

أبو الأيتام وسلطان القلوب

  العزاء الحار لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وللأسرة المالكة الكريمة، وللشعب السعودي كافة بوفاة فقيد المملكة والعرب والمسلمين الراحل الكبير سلطان بن عبدالعزيز الذي اشتهر عنه حبه الشديد لأعمال الخير حتى جاز معها تسميته بـ «أبو الأيتام وسلطان القلوب»، فرحمه الله وأسكنه فسيح جناته.

***

ولأبي خالد مواقف تاريخية لا تنسى في نصرة الحق الكويتي وتسخيره كل الموارد البشرية والمادية لعودة الكويتيين الى أرضهم وبيوتهم (فإما تعود الكويت وإما تذهب المملكة معها) وقد سجل التاريخ للمملكة الشقيقة وقيادتها الحبيبة إصرارها على جعل جيشها في مقدمة الجيوش المحررة للكويت وأولها وصولا إلى عاصمتها.

***

وقد اعتدنا لقاء الراحل الكبير كل عام في رمضان ابان أدائنا مناسك العمرة ضمن الوفد الشعبي الذي يختاره ويقوده الأخ الفاضل عبدالعزيز البابطين، وكنا لا نلقى سموه إلا هاشا باشا لا تفارق الابتسامة محياه، ومن مزاياه تخصيصه الساعات الطوال للقاء الوفد يشرح خلالها ما يجري في المنطقة من أحداث ولا ينهي اللقاء إلا بإظهار حرصه الشديد على وحدة المصير بين البلدين الشقيقين ونقل تحياته الحميمة للقيادة وللشعب الكويتي.

***

ومازلنا نذكر روايته المؤثرة عن كيفية بدء فكرة إنشاء مؤسستيه العملاقتين المختصة أولاهما بأعمال الخير العامة والثانية بأعمال الإغاثة العاجلة، حيث يروي سموه أنه شاهد على إحدى المحطات بعض اللاجئين الافارقة وهم يأكلون من خشاش الأرض فلم يشعر إلا والدمع يسيل من مقلتيه، وقد قرر في حينها إرسال الدعم الغذائي والطبي لذلك البلد، وأن يبدأ بتخصيص جل أمواله لأعمال الخير والإغاثة من ذلك اليوم.

***

وقد ساهم اعتناء سموه بالجيش السعودي في حسمه السريع لحرب المتسللين جنوب البلاد أو ما اصطلح على تسميته بحرب الحوثيين، رغم وعورة التضاريس التي تسببت قبل ذلك في هزيمة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان والولايات المتحدة في فيتنام بعد سنوات طوال من الحرب، ويوجد على الـ«يوتيوب» صور معبرة لزيارة الراحل الكبير لجرحى تلك الحرب من أبناء القوات المسلحة السعودية، حيث يظهر أبو خالد تواضعه الجم، وذلك عبر حرصه ع‍لى تقبيل رأس كل جريح من جنود وضباط، وهو مشهد إنساني ندر أن تشهد مثله في الدول الأخرى.

***

آخر محطة: سمو الأمير سلطان بن عبدالعزيز هو كذلك الأب الروحي للخطوط الجوية السعودية، حيث يحرص على تحديث أساطيلها وتطوير أدائها ويستقدم كل عام وفدا من وكالة الطيران ـ الاتحاد الأميركي لفحص أدائها ومستوى سلامة الطيران فيها وتقديم تقرير مباشر لسموه بعد انتهاء عمليات الرقابة والتفتيش.

احمد الصراف

أين الحقيقة يا وزير التربية؟

ورد في وسائل الإعلام أن ديوان الخدمة المدنية أرسل كتابا للتعليم العالي يتعلق بوقوع خطأ جسيم في معهد الفنون المسرحية، لتعيين عميده 12 من حملة شهادات «الدكتوراه بالمراسلة» في قسم «وهمي»! وأن هؤلاء يتقاضون 3500 دينار شهريا من دون القيام بأي عمل! ونشرت الصحف صورة عن كتاب الديوان الرسمي لوزير التعليم!
الخبر مؤلم وفضيحة كبيرة بكل المقاييس، إن صح، وفضيحة أكبر واشد ألما إن كان عكس ذلك، وقبل الكتابة عن الموضوع قمت بالاتصال بالسيد فهد السليم، عميد المعهد المعني بالفضيحة، فأكد لي عدم صحة الخبر، وأن الديوان مخطئ تماما، وأنه بصدد توضيح الأمر للجهة المعنية! وزيادة في الاطمئنان أجريت اتصالات عدة تأكد لي بعدها أن المسألة برمتها تدعو حقا للشفقة ولا تخرج عن أن تكون مؤشرا، بين مؤشرات عدة أخرى، على مدى انهيار القيم في المجتمع وتدهور الأوضاع الإدارية والأخلاقية بسبب الوضع السياسي المزري الذي نعيشه، فالذين اتهموا بحمل شهادات دكتوراه بالمراسلة، شهاداتهم جميعا، او على الأقل التي اطلعت عليها، معتمدة من وزارة التعليم العالي، وبعضهم يعمل بشهادته المعتمدة من الجهات الرسمية منذ سنوات، ويتقاضون رواتب أقل بكثير مما ورد ذكره في كتاب الديوان، ومنهم من عمل بوظيفته بموافقة ديوان الخدمة، أي الجهة نفسها التي احتجت على توظيفهم، وبالتالي فإن تعيينهم في المعهد لم يخرج عن القواعد والأصول الإدارية، وهنا يشكل خطاب الديوان فضيحة نضعها بتصرف وزير التربية والتعليم العالي، معتمدين على صحة ضميره، طالبين منه بحث الأمر في مجلس الوزراء لكي نرى، ولو لمرة واحدة، محاسبة حقيقية لمن اساء لشرف وأمانة وسمعة غيره، عامدا متعمدا.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

القذافي عبرة للكل

نهاية القذافي يجب ان يستفاد منها.. والمستفيد ليس فقط حاكم سوريا أو حاكم اليمن.. بل يجب ان يستفيد منها كل الحكام العرب بشكل خاص وكل حاكم آخر لا يحكم بالعدل والاحسان. ما يجري في العالم العربي ربيعان: ربيع للشعوب كي تزيل الجاثوم من على صدرها وتتنفس الحرية.. وربيع لبعض الحكام كي يثبتوا للعالم رضا شعوبهم عليهم لأنهم يحكمون بالعدل.
القذافي لم يكن بالسوء الذي به اليوم بعض حكام العرب، على الأقل في ظاهره، لذلك على من هو أسوأ منه ان يبادر ليس باصلاحات.. فزمن الاصلاحات منهم قد ولى، ولكن بالتنازل عن الحكم ونقل السلطة سلمياً الى من يراه الشعب قبل خراب البصرة. وأعتقد ان حكام المغرب والجزائر والعراق وإيران لن يكونوا بعيدين عن انتفاضة شعوبهم على الأوضاع المزرية في تلك الدول.

***
أعجبتني مقالة الزميل غسان العتيبي اليوم (أمس السبت) في القبس عن «غباء السياسة الأميركية»، وفعلاً بدأت أميركا تتخبط في سياستها بالمنطقة، بعد ان اثبتت أحداث الربيع العربي انها سياسة خاطئة أدت الى مزيد من الكره لأميركا التي ظهرت لشعوب العالم الثالث بانها في الحقيقة راعية للأنظمة الدكتاتورية، وان على الشعوب ان ارادت حريتها ان تعتمد على نفسها، وأكبر دليل على غباء هذه السياسة ما نراه عندنا في الخليج من طريقة تعامل الأميركان مع أحداث المنطقة، ولعل أحداث البحرين تؤكد ما ذهبت اليه.

***
قرار ايقاف خطيبين عن الخطابة يوم الجمعة حتى ينتهي التحقيق في ما اثير حولهما، قد يكون قراراً مقبولاً على مضض، لكن ان يكون القرار نتيجة تهديد نائب طائفي أو رمز لطائفة فهذا غير مقبول تماماً لانها ستكون سابقة لكل من هب ودب لاصدار تهديداته، ونحن نعرف جيداً ان الطرف الآخر غير عاجز عن التهديد، وليذهب الوطن إلى الجحيم! وكم كنت أتمنى ان يكون الايقاف بعد انتهاء التحقيق لا قبله.
وبالمناسبة.. اعتقد انه قد حان الوقت لوضع تصور واضح للجميع يحدد المقبول وغير المقبول في الحديث والخطابة والنشر عن الأمور الدينية حتى لا نأتي كل يوم وندخل في مشكلة بين السنة والشيعة، هذا التحديد لا يحدده صالح عاشور ومحمد هايف ولا يحدده صلاح الخميس والمهري، بل تحدده وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية شريطة ألا يكون القرار خاضعا لهواجس نائب أو شيخ معمم.

سامي النصف

كلمة حق في وزير رحل!

  مرة أخرى تفقد الكويت طاقة نادرة من طاقاتها وعقلا نيرا من عقولها الخيرة ـ وما أندرها ـ بسبب المناكفات السياسية التي لا تنتهي، فالشيخ د.محمد الصباح خريج جامعة هارفارد وهي إحدى أكبر وأشهر الجامعات في العالم، كما أنه تلميذ نجيب في مدرسة سمو الشيخ صباح الأحمد الديبلوماسية، حيث عمل بشكل لصيق مع سموه لسنوات عديدة.

***

وبترك أبوصباح موقعه تفقد الكويت مدافعا شرسا عن حقوقها في المحافل العربية والدولية، ولاتزال صورته وهو يتصدى لبذاءات الصدامي عزة الدوري ابان القمة الاسلامية التي عقدت في الشقيقة قطر، راسخة في الأذهان، والحاجة هذه الأيام أكثر وأكبر لجهده وقراءته الصحيحة للأحداث وسط المتغيرات الإقليمية والدولية القائمة.

***

وقد استطاع الشيخ د.محمد الصباح أن يبني شبكة علاقات عربية ودولية متميزة خدمت الكويت بشكل كبير ابان تفجر بعض الأزمات كحال صداقته المتميزة مع القائمين على الخارجية الأميركية والأوروبية والعربية والخليجية وتحديدا العراقية، وستحتاج الكويت الى سنوات طوال لتعويض التراكم الكمي الذي خلقه الوزير الكفؤ الذي استقال.

***

وتميز أبوصباح بالعديد من الخصائص الشخصية الطيبة والنادرة، فلا يختلف اثنان على مقدار أدبه وتهذيبه، وصفاء سريرته وطهارة يده، كما أنه مرجع حقيقي في تاريخ الكويت وخبير مختص في علم الأنساب والقبائل والعوائل، فلا يقابله مواطن إلا وسرد له معلومات لصيقة عن أجداده وآبائه وأقاربه، إضافة الى حرصه الشديد على تطوير ذاته ومتابعة المتغيرات أولا بأول وإبداء الرأي السديد حولها.

***

إن الاستقصاد المتكرر على «الهوية» كما نرى ونسمع والذي حذرنا منه مرارا وتكرارا في السابق قد تسبب في فقداننا لكثير من الكفاءات الكويتية النادرة التي لا تعوض وقد يكون آخرها الشيخ د.محمد الصباح الذي نعلم علم اليقين انه لا تنقصه الحجة والبيان للرد على منتقديه أو مستجوبيه، وقد آن الأوان لإبعاد المسؤولين عن دفع ثمن المماحكات والأزمات السياسية التي لا تنتهي، فالكويت لا تستحق وبحق ما يجري لها.

***

إن استقصاد الوزراء «الشيوخ» بالاستجوابات لشخوصهم لا بسبب أخطائهم بعد أن تكتل النواب الآخرون حول وزرائهم، قضية محزنة للغاية، فليس هذا جزاء أسرة حاكمة فريدة لم يعرف عنها إلا الحب والود الشديد لشعبها حيث لم تلطخ يديها عبر تاريخها الطويل بدمه كحال كثير من الأنظمة الأخرى، بل سبقت عصرها بأخذها بالخيار الديموقراطي وتوزيع الثروة توزيعا عادلا بين الناس، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟!

***

آخر محطة: في ربيع هذا العام منحت جامعة كليرمونت الأميركية الشهيرة شهادة الدكتوراه الفخرية في القانون للشيخ د.محمد الصباح الذي ألقى كلمة رائعة قال ضمنها إن الشهادة التي تم منحها له يستحقها قبله بلده الكويت الذي أصبح جسرا للصداقة والود بين الأمم.. نرجو كما ذكر الوزير علي الراشد أن تكون الفترة الحالية استراحة محارب للشيخ د.محمد الصباح، فالكويت في أمس الحاجة لعلمه وجهده ولا تطول السفرة يا بوصباح.

احمد الصراف

نهاية أغنى وأغبى رجل في التاريخ

تساءلت في مقال نشر قبل أكثر من سنة تقريبا عن سر انفراد ليبيا بكونها الدولة الغنية الوحيدة في العالم، وربما في التاريخ، التي لم يكن فيها عدد يتناسب ودخلها من أصحاب الثروات، محليا وخارجيا. كما لم تشتهر ليبيا، بالرغم من ثرائها النقدي، بأي استثمارات عالمية حقيقية، غير حالات قليلة ومتواضعة مقارنة بمثيلاتها من الدول النفطية. ولو استبعدنا مغامرات عقيدها المجنونة في تشاد وغيرها وتمويله لعدد من حركات العصيان والمقاومة هنا وهناك، وما دفعه للسكوت عن تتويج نفسه «ملكا لملوك أفريقيا»، وما بذله من جهد للتغاضي عن تعيين نفسه «عميدا» للزعماء العرب، فاننا نجد أن ليبيا خلت، نسبيا، من قصص الفساد المالي التي اشتهرت بها نظيراتها النفطية، وبالتالي لم تعرف القطط السمان ولا استثمارات ضخمة، ولكن ما ان أطيح بالقذافي حتى انكشف السر، واذا بنا أمام الرجل الأغنى في العالم بسلطة غير محدودة وقدرة على صرف اكثر من 160 مليار دولار اميركي عدا ونقدا من دون أي خوف من مساءلة أو حساب، ومع كل هذا الثراء كان العقيد «شخبوطيا» بامتياز، وكان غباؤه بحجم ثرائه، فقد احتفظ بكل تلك الثروة وكأنه سيعيش الى الأبد وهو يراها تكبر يوما بعد يوم، أو ربما اعتقد أنه لن يموت أو سيأخذها معه الى القبر. فبالرغم مما أشيع عنه من صرف على ملذاته الشخصية، فان حياته كانت تتسم بقدر من التقشف، هذا بصرف النظر عما كان يصرفه أبناؤه على ملذاتهم ومغامراتهم العاطفية في الخارج، والذي لم يكن يقارن بتصرفات أمثالهم، أو يتناسب وثراء أبيهم، فحياة العقيد «الأخوت» كانت بسيطة ومزيفة في الوقت نفسه، فصلعته كان يغطيها بباروكة، وأكثر احذيته كانت بكعب مرتفع، الا أن اصراره على العيش في خيمة كان صادقا، وعلامة على جهله بكيفية الاستمتاع بالحياة، وهذا انسحب على نفسيته ومنعه بالتالي عن فهم كيفية الصرف على شعبه الذي حكمه بالارهاب لأكثر من أربعة عقود. وهكذا عمل جاهدا على الاحتفاظ بكل تلك الثروة، التي ربما أضاع مثلها على أخطائه وهفواته وجرائمه وحرسه ومخابراته وجيشه الوهمي، وشيئا منها على عائلته، ورفض الصرف على أي مشاريع حيوية وحرم على شعبه كل شيء تقريبا، حتى النهر العظيم الذي تكلم عنه على مدى ثلاثين عاما، لم يسبق للكثيرين أن شاهدوا له صورة أو لقطة واحدة، هذا بالرغم من أنه كلف ليبيا ملياري دولار.
مات الغني الغبي كالجرذ، وهو الذي وصف شعبه بالجرذان، وهذه عادة نهاية الطغاة، وعاش الشهور الستة الأخيرة من حياته مطاردا مشردا بعيدا عن أهله، ولم تذرف دمعة حزن حقيقية واحدة على مقتله، من غير أهله ربما، الذي فشل في تربيتهم كما فشل في قيادته واستثمار ثروة بلاده، واصراره على كتابه الأخضر الأكثر تفاهة منه، فهل يتعظ الآخرون من الدرس ويدركون أن من الاستحالة أن يتغلب أي فرد كان أو عائلة أو حزب أو جماعة على شعب كامل، مهما طال الزمن؟

أحمد الصراف