سامي النصف

يا حلو.. ديموقراطيتنا!

  الديموقراطيات في العالم تشجع الحريات.. ديموقراطيتنا.. تئدها!

الديموقراطيات في العالم تحارب الفساد المالي.. ديموقراطيتنا.. تشجعه!

الديموقراطيات في العالم تعزز الوحدة الوطنية.. ديموقراطيتنا.. تقتلها!

الديموقراطيات في العالم تحافظ على الثروة الوطنية.. ديموقراطيتنا.. تبددها!

الديموقراطيات في العالم تقضي على الفتن.. ديموقراطيتنا.. توقظها!

الديموقراطيات في العالم تتعلم من أخطائها.. ديموقراطيتنا.. تكررها!

الديموقراطيات في العالم تنهي مشاعر العداء والأحقاد.. ديموقراطيتنا.. تشعلها!

الديموقراطيات في العالم تنجح العقلاء والحكماء.. ديموقراطيتنا.. تسقطهم وتبعدهم!

الديموقراطيات في العالم تهدف لتقليل المشاكل والأزمات السياسية.. ديموقراطيتنا.. تخلقها من عدم!

الديموقراطيات في العالم تعزز العلاقات مع الجيران.. ديموقراطيتنا.. تدمرها!

الديموقراطيات في العالم تقوم على الفطنة وبعد النظر.. ديموقراطيتنا.. على الغفلة وقصر النظر الشديد الذي يقارب.. العمى!

الديموقراطيات في العالم تقوم على التسامح والتغاضي.. ديموقراطيتنا.. على الانتقام وعدم النسيان أو المغفرة!

الديموقراطيات في العالم تدعم تكافؤ الفرص.. ديموقراطيتنا.. المخل الأول بمبادئ العدالة والمساواة!

الديموقراطيات في العالم تعلم شبابها مبادئ احترام التشريعات.. ديموقراطيتنا.. تعلمهم القفز العالي على.. القوانين!

الديموقراطيات في العالم تأخذ بها الأمم فتصحو وتنهض.. ديموقراطيتنا.. أخذنا بها.. فنمنا!

الديموقراطيات في العالم هي القدوة الحسنة والشعلة المضيئة للآخرين.. ديموقراطيتنا.. هي القدوة السيئة لدى الجيران والتي لم يعد لديها ما تصدره لهم إلا مشاعر الكراهية والبغضاء!

أخيرا، الديموقراطيات في العالم بسبب حسن فهمهم لها تعمر.. الديموقراطية لدينا.. بسبب سوء فهمنا لها تدمر!

***

آخر محطة: حضرت خلال اليومين الماضيين فعاليات منتدى التنمية الخليجي السنوي الثالث والثلاثين في الدوحة وقد أحصيت بعد متابعة الفعاليات والمداخلات عدد 7 صداميين بين الحاضرين موزعين كالآتي: 3 كويتيين، سعوديان، إماراتي، بحريني.. يا حليلهم!

احمد الصراف

هل نحن حقا متدينون؟

عنوان المقال هو تساؤل طرحه الأديب المصري علاء الأسواني في مقال نشر له أخيرا عن حقيقة تدين مجتمعاتنا الإسلامية، والعربية بالذات، وشكك في الأمر، وقال إن الواقع غير ذلك، وأورد قصة صديق له مع صيدلي ملتح رفض اعطاء والدته حقنة إنسولين، بعد نوبة فاجأتها في منطقة نائية، بحجة مخالفة ذلك للشرع، وطلب منه البحث عن طبيبة، ولم يقتنع بأنها جاوزت السبعين، وحالتها خطرة! كما تعرض لظاهرة تعطل كثير من الخدمات الضرورية، وبخاصة الخدمات العلاجية في المستشفيات، في رمضان، بسبب مغادرة كثير من الطاقم الطبي، وحتى من العناية المركزة والحوادث، لأعمالهم لتناول الافطار، ولا يعودون قبل ساعتين كاملتين، حتى يتسنى لهم أداء صلاة التراويح في المسجد. تاركين المرضى المساكين لمواجهة مصيرهم، فقد تتدهور حالاتهم أو يموتون، بينما الأطباء والممرضون يتعبدون في المسجد، لأنهم ربما يعتبرون أداء صلاة التراويح أهم بكثير من أي شيء في الدنيا، حتى ولو كانت حياة انسان بريء مريض يفترض أنهم مسؤولون عنه! وهذه الظاهرة وجدنا انها اصبحت تتفشى في الكويت في كثير من المرافق، وخصوصا في المطار والمخافر، ومراكز الخدمة الليلية، ومعروف ان الانتاجية في شهر الصيام، وبخاصة في الفترة المسائية تهبط إلى درجات متدنية، ومرشح لها أن تتزايد مع تزايد أعداد «حماة الدين» في السلطة التشريعية!
ويتساءل الأسواني عن سبب إصرار بعض الضباط في مصر على السماح لهم بإطلاق لحاهم، وكيف أن هؤلاء كانوا شهودا بائسين على جرائم العهد السابق، وشاهدوها وشاركوا فيها، أو على الأقل كان لهم علم بها، ومع هذا لم يتركوا ليحتجوا ان ينبسوا بكلمة أو يستقيلوا، فكيف اصبحت اللحية الآن عندهم أهم من شرف وعرض وحياة وصراخ وآلام وكرامة الملايين من اخوتهم وابناء وطنهم من ضحايا النظام السابق، وما سبقه على مدى 60 عاما؟ وكيف أصبحت مسألة إطلاق اللحى معركة مقدسة لكثير من الضباط بعد رفض القيادة لطلبهم؟
كما تطرق لظاهرة غريبة، نعرفها جيدا في الكويت منذ عقود، وتتعلق بذلك الإصرار الشديد على أداء الصلاة في المسجد، ولو تطلب الأمر افتراش الشارع واغلاق الشوارع واحتلال الأرصفة، وهذا جميل لو كان هذا التصرف يعكس حقيقة تعاملاتهم اليومية والمالية وتصرفاتهم، ومدى قربهم من الصدق والوفاء بالوعد والدين وعدم حلف الكذب والغش في البضاعة، وان هذا يمثل انفصالا بين العقيدة والسلوك، ولو كان الأمر مقتصرا على قلة لقلنا بنفاق هؤلاء، ولكن ما الوصف المناسب إن كان الأمر يشمل قطاعات كبيرة من المجتمع؟ علما بأن هؤلاء المتدينين الذين يحرصون على الشكل من دون الجوهر ليسوا بالضرورة منافقين أو أشرارا، لكنهم ببساطة يطبقون الدين كما فهموه وتعلموه. وان القراءة الرائجة للدين الآن في مصر تقدم الشكل على الجوهر، وتهتم بالعبادات أكثر بكثير من السلوك، وهذه الطبعة من الاسلام ليست مصرية في الواقع، لأن التدين المصري المعتدل انسحب أمام الاسلام الوهابي القادم من الخليج. وتم على مدى ثلاثين عاما استعمال أموال النفط الوفيرة لإغراق مصر وغيرها بالافكار الوهابية، وهذا الدعم للمذهب الوهابي غرضه سياسي بالأساس!
والآن بما ان الكويت تسير على درب مصر، بفضل فشلهم وفشلنا في تحصين ابنائنا من هذه الأوبئة، بالأفكار الليبرالية والعلمانية السليمة، التي تفصل الدين عن الدولة، والتي تضع مصلحة الوطن فوق كل شيء، فإن علينا العيش في العهد الأسود المقبل، لا أمل لنا في غير أن يأكل هؤلاء بعضهم بعضا.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الشوط الثاني

كل الحكاية أن الشوط الأول انتهى، وبدّل لاعبو الفريقين أماكنهم… أتحدث عن البرلمان الكويتي.
وللواقفين بعيداً عن الأحداث الكويتية، والمنشغلين بالأحداث السورية واليمنية والمصرية وغيرها، إليكم سأحمل طبقاً صغيراً من المطبخ الكويتي، تلتهمونه وتواصلون شؤون حياتكم.
أكتب إليكم هذه الرسالة، وأنا أقهقه بسبب انفعالات “الفريق الأسود”، فريق الغالبية السابق، وهو يهدد ويتوعد ويحدث الجلبة كي لا نستمتع بسيمفونيات النصر.
تلك أيام، كان فيها اللون الأسود هو الغالب في البرلمان، الذي تحول إلى “مجلس شورى”، يرتدي نوابه البشوت الفارهة ويمتطون السيارات الفارهة ويقبضون الأموال الفارهة، في حين تنهمر من عيون الشعب الدمعات الفارهة. كانت مرحلة فارهة القبح.
كانت الريح تهب من جهة الفساد. كانت قوية في وجه الوطن. وكان الوطن، بعد أن طارت غترته وسقط عقاله، يحتمي خلف جذوع الشجر كلما هاجت الريح.
في تلك الفترة، برز مجموعة من شبان المعارضة الغاضبين يحملون الألوية الحمراء، فأفسحنا لهم الطريق خشية أن يدهسونا، كان هديرهم مخيفاً، كانوا يزمجرون. وكنا قبل بروز هؤلاء الشبان نُعتبر من المعارضة الشرسة المتوحشة، فأضحينا، مقارنةً بهم، معارضة أليفة، ناعمة، لا مخالب لها ولا أنياب، تتمدد على شاطئ الريفيرا، وتتناول آيس كريم الجوز، في حين أن أول ما يلفتك في شبان الألوية الحمراء هو أنيابهم البارزة، وحواجبهم المعكوفة إلى الأعلى، كسن الفيل، كان منظرهم مهيباً.
تقدم الشبان الصفوف، فاصطف خلفهم “نوابهم”، وتوحدت الخطوة على وقع الطبلة العسكرية، وتوحدت الصيحة العسكرية، وبدأوا معركتهم، فكان النصر حليفاً للشبان، والنصر لا يحالف الجبناء.
واستعدنا البرلمان، وأعدناه “برلماناً” بعد أن تحول إلى مجلس شورى، ومنه إلى حديقة تلهو فيها الحكومة وأتباعها. وبدّل اللاعبون أماكنهم، فانتقل “نوابنا” إلى يمين الشاشة، ونواب السواد إلى يسارها، بعد أن فقد فريق السواد لاعبه الرئيسي، وبدأنا تسجيل الأهداف، الهدف تلو الآخر.
ويا لمحاسن “الطُرَف”، لم يكتف الفريق الأسود بتبديل مكانه، بل بدل قناعاته أيضاً، فأصبح، وهو الذي يرفض “التأزيم”، سيد التأزيم.
كل الحكاية، أن الفريق الأسود عندما كان هو المسيطر، نشر السواد والفساد، فجاء الفريق الأبيض الآن، لا ليمحو السواد فحسب، بل ليحاسب من “سوّد” وجه الوطن.

احمد الصراف

المتاجرة بالثأر

نشر السيد رشيد الخيون مقالا في جريدة «الاتحاد»، ذكر فيه أن ليس هناك حدث دخل الوجدان «الشيعي» مثل مقتل الحسين عام 61 هـ. في المقابل، ليس من حدث وظف، على مدى العصور، في السياسة والحزبية والتجارة بحجم توظيف هذه القضية، وان مع العاطفة النبيلة تجاه عاشوراء، الذي امتد إلى عشرة أيام، في فترات لاحقة، وصار شعاراً لغايات دول وسلاطين، لا لقتيل كربلاء. وهنا نسأل: كيف جُعل ما يؤدى في عاشوراء، م.ن كل.ّ عام، على أنه شعائر الله، وهذا ليس في القول الشائع الذائع على لسان الناس فحسب، وإنما يُثقف به في كتب وتعاليم، م.ن هذا عنوان كتاب لآية الله محمد مهدي الآصفي «الشَّعائر والش.ّعارات الحُسينية» (النَّجف 2009)، الذي يُلازم فيه بين الشعيرة والشعار، ويرفع الأخير ثأراً مفتوحاً؟ واستطرد الكاتب في القول: الآصفي سعى في كتابه المذكور إلى تكريس ثقافة الثأر، ولم يجعل لقتل الإمام الشهيد تاريخاً محدداً ولا مسؤولية رجال بعينهم، إنما أطلق الحدث إلى مدى الدهر. كله، والأجيال المتعاقبة قاطبةً، وعليها أن تمثل دور القاتل والمقتول، ليس بما يسمى السبايا أو التشبيه في العاشر م.ن محرم، إنما على الحقيقة لا المجاز، حتى ظهور المهدي المنتظر. فمن السنة 61 هـ، ومروراً بلحظة الغياب سنة 326 هـ، وحتى زمننا وما بعده يجب ألا تخلو الدنيا من تقابل الحسين وقاتله إلى أبد الآبدين! مع علمنا أن مؤلف الكتاب ليس بالمعمم الثانوي، إنما يعد من الجيل الثاني في حزب طلب إقامة نظام إسلامي، في ظله ينام المواطن ملء جفونه، والآصفي يقدم على أنه آية الله، بمعنى أنه بلغ درجة الاجتهاد، وأن له مقلدين، وهكذا، باسم الحسين، يخلد الثأر فاعلاً في الصدور ضاخاً الكراهية في الرؤوس ضد المختلف، من له رأي مخالف تجاه مذهب أو دين يصنف عدواً للحسين. كما يرى المشاركون في المواكب، وبدافع حماسة العاطفة الجمعية، أن كل من لا يلبس السواد ولا يلطم صدره ويفلق هامته أنه مطلوب بدم الحسين، وعلى مدى الأزمان والأحقاب، كم يصير للحسين أعداء في هذه الدنيا. وأضاف أن الآصفي قال في ديمومة الثأر: «إن هذا الص.ّراع يمتد من جيل إلى جيل، ومن أرض إلى أرض، وما أصدق الكلمة المعروفة: كل أرضٍ كربلاء وكل يوم عاشوراء» (ص 14). لا أدري متى يرى الآصفي الشروع بالعُمران، وهو رجل كان حزبياً وغض الطَّرف عن فكرة الانتظار ليُقيم دولة إسلامية، وعاش في ظل دولة كان يُجاهد لتحقيق مثلها بالعراق، فهل انتهى فيها هذا الصراع الأبدي، وقُرت العدالة المثالية؟! وهل المنتظر أو الموعود مهمته الثأر؟! فما هذا التزييف للعقل، وتشويه لشخصية كبيرة، غير أنه دور يُنفذ باسمه، والمستفيد هو، المبشر بهذه الثقافة. فدعوا الناس يبكونه لأنهم يحبونه، لا يحملهم على الثأر مثلما تحملهم عليه باسمه هذه الكائنات الحزبية. وانهى الخيون مقالته بالقول: اتقوا الله في الحسين أولا، وفي الشيعة ثانياً، مما تثقفون به من خلود عاطفة الثأر، واشغال العراقيين، والشيعة، عن البناء وفضح المفسدين. وأن مصلحة الحسين تكون بتفوق أتباعه علميا، لا بتركهم مقاعد الدراسة طوال محرم وصفر وفي مناسبات ولادات ووفيات بقية الأئمة.

أحمد الصراف

سامي النصف

حب الكويتي لوطنه.. شكل تاني!

نحتفل هذه الأيام بأعياد الكويت الوطنية.. ثم يهدد الجميع وطنهم بتركه هذه المرة عند أولى بوادر اعتداء عليه.. وخوش حب!

نحب الكويت.. ونرفض مشروع اتحادها الكونفيدرالي مع شقيقاتها كي نتركها مرة أخرى لقمة سائغة لأعدائها!

نحب الكويت.. ونعادي حلفاءها ونصادق أعداءها!

نحب الكويت.. ويشتم البعض منا الولايات المتحدة والسعودية وقطر والبحرين الذين لولاهم بعد الله لما تحررنا!

نحب الكويت.. ويستفز البعض منا جاري الكويت الكبيرين ايران والعراق وكأننا تحولنا من بلد المليون نسمة إلى أمة المائة مليون مقاتل!

نحب الكويت.. ونقدم ولاءاتنا البديلة (القبيلة، الطائفة، العائلة) على ولائنا لها!

نحب الكويت.. ونسرقها مع كل إشراقة شمس بألف طريقة وطريقة!

نحب الكويت.. ولم يبق بطل تحرير أو مقاوم في الداخل والخارج إلا وتمت الإساءة اليه كي.. لا يكرر عمله مستقبلا!

نحب الكويت.. وندمرها كل يوم بالاضرابات والمسيرات والمطالبات المالية غير العقلانية التي لم يشهد لها التاريخ مثيلا!

نحب الكويت.. ونعتدي على رجال أمنها المنوط بهم الدفاع عنها!

نحب الكويت.. ونرفض دفع قروضنا ونطالب الكويت التي ندعي حبها بدفعها بدلا عنا «خوش حب متجرد من المصلحة»!

نحب الكويت.. وندمر ونهدم في كل ساعة سور وحدتنا الوطنية الذي يحمينا!

نحب الكويت.. ونرفع على الأكتاف وننتخب كل من يريد حرقها وتدميرها!

نحب الكويت.. ونضحي لأجل الكراسي الزائلة بماضيها وحاضرها ومستقبلها!

نحب الكويت.. ونخلق التشريعات التي تطفش الكويتي والعربي والأجنبي من الاستثمار فيها ثم نلقي باللوم على جهاز المبادرات.. حلوة!

نحب الكويت.. ونرفض خلق نظام تجنيد متطور يجعلنا مؤهلين كحال جميع الدول الصغيرة أمثال سنغافورة وإسرائيل والسويد وسويسرا للدفاع عنها!

نحب الكويت.. ونرفض دفع فواتير ما نستخدمه من ماء وكهرباء المدعومين من الدولة ونبالغ في الإسراف حتى أصبحنا.. الأكثر استهلاكا لهما في العالم!

نحب الكويت.. ونفخر بمؤتمر جدة الذي جدد البيعة للأسرة الحاكمة ثم نكمل فخرنا بذلك المؤتمر بـ «المطالبة بالحكومة الشعبية والاستفراد باستجواب وابعاد.. المسؤولين من أبناء الأسرة الحاكمة.. «وخوش حب وخوش فخر»!

نحب الكويت.. ونستخدم ذكاءنا (ان وجد) وقدراتنا الكلامية لا للدفاع عنها بل.. للاضرار بها!

نحب الكويت.. ونجعل ديموقراطيتها ولعبتها السياسية اضحوكة الأمم!

نحب الكويت.. ونكافئ نساءها ممن خرجن في أول مظاهرات ضد الاحتلال واستشهد العديد منهن في سبيل تحريرها بعدم انتخابهن أو توزيرهن!

نحب الكويت.. ونحارب من خلق بجهده الخاص.. متحفا للتذكير بغزوها وتخليد مقاومتها!

نحب الكويت.. ونخلق عمليات تأزيم سياسية متتالية تعرقل مسيرتها التنموية وتقربها من تقاتل أهلها!

نحب الكويت.. ونطالب بتعديلات دستورية ستجعلنا في مواجهة المجتمع الدولي الذي حررنا!

***

آخر محطة: جميع تلك الأعمال نقوم بها تحت دعاوى حبها فما الذي كنا سنفعله لو كنا ندعي.. كراهيتها وننتوي الإضرار بها؟! لست أدري.

 

احمد الصراف

الغريب

تتطلب شروط وزارة الأشغال وجود طرف أجنبي عند تصميم أي مشروع كبير، وإشراف تلك الجهة على تنفيذه، ويهون الأمر، إلى حد ما، إن كان الاشتراط مقتصرا على البيوت الهندسية الأميركية أو الأوروبية العملاقة، ولكن القرار يتعلق فقط بــ«جهة أجنبية»، حتى ولو كانت أقل قدرة وحرفية من البيوت الاستشارية الهندسية المحلية، وكأن في الأمر نية مبيتة لاستبعاد الأخيرة. وقد تسبب هذا الشرط المجحف في خسائر أطراف عدة، منها المال العام والاقتصاد المحلي، لمئات ملايين الدنانير، فتكليف مكتب استشاري أجنبي بدراسة وتصميم والإشراف على عقد إنشائي كبير لا يؤدي عادة الى خلق وظائف جديدة، حيث يقوم المكتب عادة بتصميم المشروع في مكاتبه في الخارج! كما انه غير مطلوب منه نسبة عمالة، وينتهي دوره بانتهاء المشروع، من دون مردود فني أو اقتصادي على البلاد! ومنذ ما بعد التحرير لم تقم الدولة بدعوة اي مكتب هندسي محلي للقيام بتصميم اي مشروع كبير، يحدث ذلك علىالرغم من بلوغ البعض منها مراتب مهنية عالية، وحصولها على جوائز تقديرية، وتجاوز الطواقم الفنية، من مهندسين وخبراء، للبعض منها إلى الآلاف، مع خبرات متراكمة تقارب نصف القرن، وليس في الرقمين اي مبالغة، ومع هذا تفضل وزارة الأشغال التعامل مع مكاتب من الهند او مصر، كمثال، مع الاحترام للدولتين، وبخبرات وإمكانات أقل بكثير من المحلية، فقط لأنها «أجنبية» حسب ما تتطلبه شروط المشاريع الكبيرة. ولو نظرنا الى وضع أحد هذه المكاتب، كــ «المهندس الكويتي»، على سبيل المثال، لوجدنا أنه يشرف على مشاريع هندسية بمليارات الدولارات في الخارج، وتم اختياره كأكبر استشاري في أكثر من دولة خليجية، ومع هذا لم تقم الوزارة، منذ عقدين تقريبا، بدعوته للمشاركة في تصميم اي مشروع كبير، ورغم ذلك يتعرض، وغيره من المكاتب الهندسية الكبيرة، الى شتى الضغوط للإسراع في عملية تكويت وظائفه، أي توظيف عدد أكبر من الكويتيين!
إن هذا الوضع مخجل، ولا يستند إلى أي مبرر غير حب الانتقام من البعض ربما، أو لاستمرار استفادة الوكلاء المحليين لبعض المكاتب الهندسية من الوضع، علما بأن القانون يمنع وجود وكيل لمكتب هندسي أجنبي!
على وزير الأشغال المعني أساساً بخطة التنمية تفعيل دور «لجنة الاستشاريين» في الوزارة، وإعادة النظر في قرار المنع لما سيكون له من مردود مادي ومعنوي ووطني كبير، هذا إذا كانت الحكومة جادة في تنفيذ خطة التنمية!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الكويتيون… عظماء

الكويتيون مليون نفر، لكن صوتهم هو الأعلى في سورية، أعلى حتى من السوريين أنفسهم. وهم أصحاب القضية في البحرين لا البحرينيون. البحرينيون متطفلون على القضية. ويا ويل أمك إذا قلت إن الدافع طائفي قح.
والحمد لله أن النزاع في نيجيريا لا علاقة له بالسنة والشيعة، وإلا كنا سحبنا البساط من تحت أرجل الفريقين، وتركناهم على الأرض وتولينا نحن قضيتهم، فنحن أولى بها.
وفي قطر، تتدخل القيادة، القيادة فقط، في الشأن الدولي بقوة، من شرقستان الأرض إلى غربستانها، في حين ينشغل المواطن القطري بحياته الخاصة، وتجارته الخاصة، ومتعته الخاصة، وهمومه الخاصة. أما في الكويت، فالقيادة تتعمد الوقوف بعيداً عن الغبار الدولي، في حين يقتحم الكويتيون الغبار ويضاعفونه ويصنعون غبارهم الخاص، و”زيادة الغبار غبارين”. ومن رحمة الله أن الشعب الكويتي لا تقوده القيادة القطرية، وإلا كنا سحبنا الأضواء من الزلازل والبراكين.
وتعيدني الذاكرة إلى ما قبل الغزو، عندما كنا، مجموعة من الطلبة الكويتيين ندرس في الكلية العسكرية في القاهرة، وكنا، كعادة المراهقين، نتعارك مع الآخرين، من باب إثبات الرجولة أو فرض السيطرة أو تزجية وقت الفراغ. لكن معاركنا كانت تحت أعلام دولنا، إذ تنشب معركة بين “الكويتيين” و”العراقيين”، لا نعرف مذاهبهم ولا يعرفون مذاهبنا. ويا للصدف، إذا تعارك البحرينيون مع العراقيين، وبلغنا خبر المعركة، تقدمنا بحاملات طائراتنا إلى البحر الأحمر نصرة للبحرينيين، قبل أن نعرف “محاور المعركة وأسبابها”. يبدو أن هناك بنداً في ميثاق دول مجلس التعاون الخليجي ينص على هذا. الله أعلم.
ولو أننا ندرس الآن في الكلية ذاتها، لانتصر السني منا للسني من هؤلاء أو أولئك، ولانتصر الشيعي للشيعي، بعيداً عن أعلام الدول. وكنا انتزعنا قضاياهم من أيديهم لنتبناها وتركناهم على قارعة الطريق، لا شغلة لهم ولا عملة، يعانون البطالة، وقد يدمنون المخدرات لشدة الفراغ، وقد يتعلمون الرسم بالفحم، وقد تضمر عضلاتهم لشدة الكسل، في حين نتقاضى نحن مكافآت العمل الإضافي “أوفر تايم”.
الكويتيون مصدر قلق لكوكب الأرض وكائناته. هم أعظم الكائنات وأقواها. ففي الكويت هناك الكاتب “فؤاد الفضائي” الذي يعرف ما لا تعرفه أجهزة “الموساد” و”الشين بيت” و”السي آي أيه” و”الكي جي بي”، وينتشر مراسلوه وجواسيسه في القارات الست (يعاني نقصاً في الجواسيس في القطب الجنوبي مع الأسف) وتلتقط أقماره الصناعية الرسائل السرية المرسلة من جواسيس إيران في أصقاع الأرض إلى طهران، “حيروحوا منه فين بس”.
وهناك “الكاتبجي” محمد الوشيحي، الذي يعرف مصلحة المصريين أكثر منهم، ويطالبهم بالتصويت في الرئاسة لمحمد البرادعي، ويحذرهم من أحمد شفيق وعمر سليمان وعمرو موسى الذي يؤيده أنصار حسني مبارك من الكتّاب العرب، سمير عطا الله مثلاً. وكان الكاتبجي قد حذر المصريين من التصويت للسلف والإخوان المسلمين في البرلمان، فاستمعوا إلى نصائحه فكانت نسبة الإسلاميين في البرلمان لا تتجاوز الخمسة والسبعين في المئة، فقط.
الكويتيون مهمومون بقضايا سكان الأرض، ولا يلتفتون إلى توافه الأمور، كالبنية التحتية لبلدهم، أو التنمية البشرية أو المادية. وإذا كان ياسر عرفات يسمي الفلسطينيين “شعب الجبارين”، فإن الكاتبجي يسمي الكويتيين “شعب العظماء”.

احمد الصراف

الربيع العربي والأرخبيل

من سمع بــ «جمهورية الرأس الأخضر»، أو كاب فيردي؟ سمعت بها أخيرا فقط من خلال احصائية صادرة عن الأمم المتحدة، كواحدة من أكثر الدول استقراراً في محيط شديد الاضطراب، فأرخبيل جزر الرأس الأخضر يقع غرب سواحل شمال أفريقيا، وكان سابقا مركزا لتجارة العبيد، ومناخها معتدل طوال العام بالنسبة إلى موقعها البحري، وأهم جزرها سانتاغو، وفيها العاصمة، برايا، ثم جزيرة القديسة ونسانت، وسبق أن اكتشفها البرتغاليون عام 1460، واستقلت عنها في 1975. وبالرغم من فقرها النسبي، فإن ذلك لم يحل دون استقرارها السياسي، فرئيسها يتم انتخابه باقتراع شعبي لفترة خمس سنوات، ورئيس الوزراء يرشح من قبل البرلمان، ويعينه رئيس الجمهورية، وأعضاء البرلمان ينتخبون لــ 5 سنوات، وهناك ثلاثة أحزاب تتبادل الحكم، او تتقاسمه. وتتمتع الكاب فيردي بنظام قضائي مستقل، يتكون من محكمة عليا ومجلس قضاء ومحاكم إقليمية، وأخرى منفصلة تهتم بالقضايا المدنية والدستورية والجنائية.
يبلغ عدد سكان الرأس اكثر من نصف مليون بقليل، غالبيتهم خليط برتغالي أفريقي، يتحدثون بلغة الــ «كريول» إضافة الى البرتغالية، وتوجد جالية كبيرة منهم في السنغال والبرازيل. وتشكو الجمهورية من شح الموارد، ونقص حاد في المياه، واقتصادها يعتمد أساسا على الخدمات مثل التجارة، والسياحة التي تسهم بـ %66 من الدخل القومي. بالرّغم من أن %70 تقريبا من السكّان يعيشون في الأرياف، فإن حصة الزراعة في الدخل القومي متواضعة، وبالتالي تعاني عجزا تجاريا كبيرا يُغطى بالمساعدات الأجنبية وحوالات المهاجرين؛ وتتجه الإصلاحات الاقتصادية نحو تطوير القطاع الخاص، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية لتنويع مصادر الدخل.
المهم في الموضوع أن هذه الدولة الصغيرة والفقيرة مميزة في إحصاءات الأمم المتحدة بسبب استقرار أوضاعها وقلة فساد سياسييها، مقارنة بمحيطها الافريقي، ودليل على أن الاستقرار مع غياب الفساد، ولو مع الفقر، افضل من الغنى المادي والنقدي بوجود فساد! هل نتكلم عن الكويت هنا؟ ولو نظرنا إلى أوضاع أنظمة الربيع العربي، التي تدهورت كثيرا نتيجة حالة عدم الاستقرار التي تبعت ثوراتها، لوجدنا أن كثيرين أصبحوا يتحسرون على الأنظمة السابقة، وكأنها كانت نعيما مستمرا، متناسين أن ما يحدث الآن من خراب واضطراب ليسا إلا نتيجة مباشرة لفساد وخراب تلك الأنظمة التي أوصلت الأمور إلى مرحلة الانفجار بسبب «جهلها» من جهة، وتشبثها بالحكم لعقود عدة من جهة أخرى، مفسدين العقول والاقتصاد والنظام والبشر وحتى الحجر، وبالتالي سيمر وقت قبل أن تستقر أوضاع هذه الدول، فالهدم سهل، والبناء أكثر صعوبة.
• • •
• ملاحظة:
لفت الزميل عبدالله العتيبي نظري الى أن ما تطرقت اليه بالأمس من افتقاد «الثورات» العربية لفكر ومفكرين، كان من مقال كتبه غسان بن جدو، وهذا صحيح، وحتما حدث سهوا ربما لانزعاجي من موقف الكاتب الذي رضع من خير مسؤولي«الجزيرة وقطر» لسنوات، وما ان اختلف معهم، حتى اصبحوا فجأة مجرمين كبارا!

أحمد الصراف

سامي النصف

10 خطوات وفساد الاستجوابات

أولى خطوات هدم الدستور تمت عندما خالفنا رغبة الآباء الحكماء المؤسسين ورفضنا تعديل لوائحه للحد من إساءة استخدام أداة الاستجواب التي اختزل ـ عند بعض النواب ـ الدستور بها وأصبحت وسيلة للتدمير لا التعمير ونشر الفساد لا محاربته.

ثاني خطوات الهدم قامت عندما رفضنا خلق أداة لمحاسبة ومعاقبة النواب الفاسدين وجعلنا النائب في منزلة من لا يحاسب قط عن عمله وأضفنا لـ «حصانته» مبدأ «عصمته»، وما بين الاثنين تفشى الفساد التشريعي وتم شراء الذمم وفسد الملح الذي ما وضعناه إلا لـ «محاربة الفساد»!

ثالث خطوات هدم الدستور عندما قبلنا الكوميديا السوداء المسماة «وراهم وراهم.. عليهم عليهم» اي ملاحقة المسؤول والإساءة إليه ومحاسبته على خطأ موظفيه وكأنه يقود وزارة من الملائكة.

رابع خطوات هدم الدستور عندما أعطيناه قدسية لم يقل بها آباؤه المؤسسون ورفضنا تنقيحه وتعديله إلى الأفضل خوفا من ان يتسبب ذلك التعديل في الحد من المغانم والمكاسب التي يحصدها رافضو التعديل.

خامس خطوات هدم الدستور ومعها اهم اسس هدم مبادئ العدالة الانسانية عندما ارتضينا مبدأ الحكم قبل المداولة اي الاستجواب قبل تعيين الوزير وقسمه وسحب الثقة قبل التعيين.

سادس خطوات هدم الدستور عندما جعلنا احكام وتفسيرات محكمته الدستورية صورية وغير ملزمة وما فائدة محكمة نأخذ او لا نأخذ بأحكامها وتفسيراتها؟!

سابع خطوات هدم الدستور عندما استخدمناه لتعطيل عمليات التنمية وإيصال غير الأكفاء عبر الواسطات، وقد سقطت دولة بحجم الاتحاد السوفييتي بسبب طلب أعدائها من عملائها أن يحرصوا على ابعاد الاكفاء والاذكياء فهل هذا هو السبب الحقيقي لاستقصاد الوزراء والمقتدرين بالاستجوابات والسكوت عمن عداهم؟!

ثامن خطوات هدم الدستور تقوم على استخدام الحريات التي وفرها لنشر الفوضى والفرقة والفتن بين الناس وضرب الوحدة الوطنية وتقليل هيبة الدولة والإساءة لرجال الأمن.

تاسع خطوات هدم الدستور جعله وسيلة لدغدغة المشاعر وإفراغ خزائن الدولة عبر المطالبات المالية غير المعقولة كي يسهل اعلان افلاسها مستقبلا، وما المثال اليوناني عنا ببعيد.

عاشر خطوات هدم الدستور التهجم على بيته وهتك حرمة منزله وهل يرضى احدنا ان يفعل في بيته ما فعل في بيت الدستور؟!

(مقال «10 خطوات لهدم الدستور» وقد نشر يوم الأحد 20/11/2011 ونعيد نشره لنسأل هل توقف الهدم؟).

****

أثبتت التجربة البرلمانية ان الاستجواب قد تحول في الاغلب والأعم الى اداة فساد وإفساد وانه يوجه عادة الى المسؤولين الأكفاء والأمناء بقصد إبعادهم ومنع الوطن من الاستفادة من قدراتهم، والسبب في تلك الظاهرة الفريدة ان المسؤول الكفؤ الأمين لا يمرر الطلبات والخدمات والتجاوزات والواسطات، لذا يحق في العادة استجوابه وبهدلته على امور لا ذنب له فيها، ويتساءل البعض عما يخيف المسؤول من الاستجواب مادام ليست لديه تجاوزات والحقيقة ان اهم الاسباب الطابع الكرنفالي للاستجواب الذي تتفرد به الديموقراطية الكويتية وتحويل الاستجوابات الى حفلات ردح وشتم وإساءة للمسؤول المستجوب الذي لديه عائلة وأبناء وأصدقاء في غياب لجان القيم التي يفترض ان تحاسب النائب المتعدي، إضافة الى القبول بمبدأ الحكم المسبق قبل سماع الرأي والرأي الآخر.

(من مقال «الاستجواب المطلق فساد مطلق» المنشور في يوم السبت 8/10/2011).

****

آخر محطة: رغم وفرة الشكاوى من أداء مجالس الأمة المتعاقبة وما ذكرناه وما يذكره غيرنا في هذا الخصوص، إلا أن الأمر يبقى دون تغيير او تعديل او تطوير، ويستمر هناك من «يبرر» دائما الممارسات الخاطئة بحجج مختلفة بدلا من القيام بـ «تصحيحها».

احمد الصراف

إركد يا أخ مبارك

يقول د. أحمد الخطيب، في مقال له نشر قبل أيام في القبس، ورد عليه الزميل مبارك الدويله، إن الإخوان المسلمين في الكويت منذ نشأتهم لم يهتموا بأي حراك إصلاحي ديموقراطي. فكان دورهم مغيباً في التحرك الشعبي الديموقراطي، لأن المطالبة بالإصلاح والمشاركة في اتخاذ القرار لا تعنيهم… وأن الانسجام كان واضحاً بين الحكم والإخوان، ويحكمه العداء المشترك للمشاركة الشعبية. ولذلك عندما قرر النظام التخلص من دستور 1962 بعد أن استقوت القوى الديموقراطية، لجأ إلى استنفار الإخوان للمشاركة في ضرب القوى الديموقراطية، وسلمهم وزارات التربية والأوقاف والإعلام وبيت التمويل، وهنا لم يقصد د. الخطيب بالضرورة تعيين وزراء بل كبار مسؤولي هذه الوزارات، والمتحكمين الحقيقيين في مقدراتها. كما أطلق العنان لهم لجمع الأموال بكل الوسائل المكشوفة والمستورة، ولا أعتقد أن هذه ينكرها الأخ مبارك، وهي القوة الضاربة التي اعتمدوا عليها في تحقيق كل انتصاراتهم. ويضيف د. الخطيب بأن الإخوان، لم يكتفوا بالوقوف مع النظام في تعطيل الدستور، بل وشاركوا في الحكم غير الدستوري، ورفضوا التعاون مع من طالبوا بعودة الحياة الدستورية، وهنا يتساءل عن السبب في حصول الطلاق مؤخراً، بل المواجهة، بين النظام وبين الإخوان، بعد الانتصار الكبير الذي حققوه والسلفيون في الانتخابات الأخيرة؟
صحيح أن تغيير خطابهم من ديني إلى إصلاحي قد أكسبهم بعض الشعبية، إلا أن ذلك لا يمكن أن يفسر موقفهم المعارض للنظام، فالجميع يعلم أننا قد انتقلنا منذ أكثر من ثلاثين عاماً من نظامنا الدستوري الديموقراطي إلى نظام لا وجود فيه لسلطة حقيقية لمؤسسات الدولة كلها، واقتربنا إلى التحالف التاريخي المعروف بين الأنظمة والمؤسسات الدينية لاحتكار كل شيء. ويتساءل أيضاً: هل هذا الخلاف بسبب القوة الواضحة لهذه الأحزاب الدينية التي أغراها الانتصار الانتخابي في محاولة الاستيلاء على كل الكعكة، أو معظمها؟
ويجيب بأنه لا يظن بأن هذه الأحزاب بمثل هذا الغباء. فهي تعلم أن النظام ليس بهذه الهشاشة التي يراها البعض، لأنها مصطنعة تخفي وراءها مخططاً لمن يعرفها، وذلك بهدف تحميل الدستور كل هذه المآسي التي كان النظام السبب الأساسي لها حتى تحين فرصة القضاء على النظام الدستوري بأكمله، والجواب الشافي لن نجده داخلياً فقط بل ضمن الصورة الكاملة للوضع الإقليمي والعربي الجديد وتأثرنا به.
فهناك زلزال يعصف بالمنطقة العربية وأسقط حتى الآن أعتى الأنظمة الدكتاتورية فيها، وأن سبب الإعصار، وهذا ما نختلف فيه مع دكتورنا، وما يجعلني وإياه نختلف عن تيار الإخوان، سببه الثأر للعزة والكرامة اللتين انتهكتا لعقود عدة، ورفض للوصاية والذل والاستعداد للتضحية لبناء مجتمع المساواة والحرية! فهذه المطالب، بالرغم من شرعيتها، بحاجة إلى مفكرين ومحركين وفلاسفة لها، وهذا ما افتقدته وتفتقده كل الانتفاضات العربية، فلا فكر يقف وراءها يغذيها ويحركها غير الرغبة في الإطاحة بالنظام السابق، لأن هذا الفكر مغيب أو بالأحرى غائب تماماً، وهذا سهّل للقوى المنظمة الأخرى وبالذات الدينية، الأشد دكتاتورية والأخطر، لتحل محلها وهي تغطي نفسها ودكتاتوريتها بعباءة الدين، ومن يجرؤ على اتهامهم وقتها بالفساد؟! وبالتالي، فإن الثأر للكرامة والعزة لا يأتي بغير بديل واضح هو الحرية والمساواة والعدل، وهذه تحتاج لقيادة تملك فلسفة واضحة، وهذه الثورات لا تمتلك لا قيادة ولا فلسفة، وليس أمامنا بالتالي غير الخضوع لأنظمة دينية صارمة في تعاملها، وواضحة في عدائها للآخر، ولا يمكن بالتالي أن نتوقع حرية ولا عدالة ولا مساواة في ظلها، أو بالأحرى في شمسها!

أحمد الصراف