احمد الصراف

ثلاثية إخوانية

1 – وضعت بضع حكومات – ومنها الحكومة المصرية – تنظيم «الإخوان المسلمين» ضمن لائحة الإرهاب، علما بأن مصر هي مركز الإخوان وحاضنتهم، ومقرهم الرئيسي! ولكن الصحيح أن من وضعها، كما يقول ثروت الخرباوي، القيادي الإخواني السابق والخبير بمؤامراتهم، هو حسن البنا، مؤسس التنظيم، والذي وصمه به. وجاء من بعده سيد قطب وأكده ونفذه، ثم جاء بعدهما محمد بديع ومحمد مرسي وخيرت الشاطر ومحمود عزت وغيرهم من قيادات الإرهاب الإخواني، وتوسعوا في استخدام العنف وسيلة لغاية. وبالتالي فإن دماء آلاف الضحايا الذين سقطوا برصاص الإخوان أو بغيرهم، برقبتهم. وكل العنف الذي بدر ولا يزال يبدر منهم في الأشهر الأخيرة، على الأقل، لا يمكن أن يصنفهم بغير الإرهاب. ويكفي النظر لشعار التنظيم، المتمثل بالمصحف والسيفين، مع كلمة «وأعدوا»، وهي بداية آية: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل «ترهبون» به عدو الله وعدوكم»، لنعرف أهداف مؤسس التنظيم ومن جاء بعده، فالرسم والنص يدعوان لذلك، وهذا من صلب الدعوة، وليس فيهما ما يمكن إخفاؤه أو التنكر له. فحسن البنا، وكل من جاء قبله ومن بعده، آمنوا بأن الإسلام لا ينتشر الا بالسيف، ولا يواجه خصومه إلا بالسيف، والأنكى أنهم اعتبروا الإخوان هم الممثلون الحقيقيون للإسلام، كما هو منطق بقية الجماعات الإسلامية، أو الدينية الأخرى.
2 – يقول صاحبهم، الذي طالما أصابنا بالغثيان، وهو يكرر تبرئة نفسه وحزبه من «وصمة» الانتماء للإخوان، ثم الإصرار المرة تلو الأخرى على تكرار دفاعه المستميت عنهم، والذي اعتقد يوما أن ذاكرة البشر ضعيفة، وأنهم سريعا ما سينسون ما قام به وشريكه المصري في الإيقاع بمجموعة كبيرة من المستثمرين، ودفعهم للاستثمار في مشروع عقاري تبين لاحقا أنه زراعي ولا فائدة ترجى منه، يقول في مقال له انه يتحدى البشر والحجر في أن يثبتوا أنه أثرى يوما أو «تربح» من المناقصات الحكومية! ولا أعتقد أن الأمر يحتاج لكل هذا الغضب والتحدي، فالأمور أكثر من واضحة، ولو كان هناك قانون يتعلق بـ «من اين لك هذا» لعرفنا دربنا له!
3 – قامت جمعية الإصلاح، الفرع المحلي للإخوان المسلمين، التابع للتنظيم الدولي، بتزيين مقرها في الروضة بطريقة تختلف كثيرا عن السنوات السابقة، وبشكل مثير للانتباه، وسبب هذا «العجاف» والتملق معروف طبعا. الغريب أن الجمعية تخلت هذا العام، ولأول مرة، عن المناداة بـ «دولية» الحركة، وأصبح «الوطن» لديها، وفجأة: أكثر أهمية.

أحمد الصراف

سامي النصف

من هم بحق أعوان الاستعمار؟!

لم تدمر تهمة الأوطان العربية وتغير خارطة المنطقة السياسية للأسوأ مثل تهمة «العمالة للاستعمار» التي كانت تطنطن بها الإذاعات الثورية والتي أسقطت بسببها الأنظمة الملكية العربية ذات التوجهات الليبرالية، وحلت محلها الأنظمة الثورية القمعية التي أهلكت الزرع والضرع وأفقرت الأمة وتسببت في الهزائم المنكرة واحتلال الأراضي العربية، لذا من الواجب أن نعرف المستعمر الحقيقي كي نعرف أعوانه وعملاءه.

***

مع انتهاء الحرب العالمية الثانية قررت الحكومة العمالية البريطانية التي انتخبت عام 1945 ان استعمار الدول الأخرى قضية غير مجدية ومكلفة اقتصاديا بسبب التزايد السكاني الضخم للشعوب المستعمرة وبدء هجرتهم المعاكسة لبريطانيا، لذا تم الانسحاب من الهند جوهرة التاج البريطاني، ولم تعد هناك بالتبعية حاجة للتواجد العسكري في الشرق الأوسط الذي وجد لحماية الطريق إلى الهند، وعليه فقد تم سحب القوات من فلسطين وعقدت اتفاقيات جلاء عام 1946 مع العراق ومصر مع اشتراط حق العودة للمنطقة في حال محاولة الاتحاد السوفييتي احتلالها واستعمارها كما تم له احتلال دول شرق أوروبا تعلما من درس السماح لهتلر باحتلال الدول الأوروبية الصغيرة، وهو ما تسبب في إطالة زمن الحرب الكونية الثانية لست سنوات بسبب استخدام هتلر للموارد البشرية والطبيعية للدول التي احتلها، وقد حرك ستالين المظاهرات في مصر والعراق ضد معاهدتي بيفن ـ صدقي وبيفن ـ جبر رغم تضمنهما سحب القوات البريطانية منهما دون حرب أو ضرب.

***

ولم تكن الولايات المتحدة دولة استعمارية، ومن ثم لا صحة لأكذوبة «محاربة الاستعمار الغربي» التي راجت آنذاك والتي قيل إنها السبب في تحرر الشعوب، والمثال الواضح على زيف تلك الدعاوى، منح بريطانيا الكويت استقلالها عام 1961 والإمارات عام 1972 وجميعها دول نفطية وافرة الثراء قليلة السكان لم تطلق فيها رصاصة واحدة ضد الإنجليز، بل على العكس فقد تمت محاولة طلب تأجيل الانسحاب البريطاني من دول الإمارات المتصالحة خوفا من احتلالها بالكامل من قبل شاه إيران، إلا ان بريطانيا أصرت على الالتزام ببرنامج الانسحاب من شرق السويس.

***

في المقابل كان الاتحاد السوفييتي هو الدولة الاستعمارية الأولى في العالم، حيث كان يستعمر الجمهوريات الإسلامية وأوكرانيا وجمهوريات البلطيق ودول القوقاز بدلالة استقلالها اللاحق منه، إضافة الى احتلال واستعمار دول أوروبا الشرقية فور انتهاء الحرب الكونية وأفغانستان لاحقا، ومن ثم فقد كان حلفاؤه الثوريون بالمنطقة ممن منحوه القواعد العسكرية والمعاهدات الدفاعية التي كانت شروطها أسوأ بكثير من شروط حلف بغداد مع قيام الدب السوفييتي وسفرائه ممن كانوا بمثابة مندوبين ساميين بالتدخل الكامل في شؤون حلفائه بالمنطقة الداخلية والخارجية، هو من يصح أن يطلق عليه بحق لقب «الاستعمار» وعلى حلفائه «أعوان وعملاء الاستعمار» لا العكس.

***

آخر محطة:

(1) المنطق المعكوس الذي ساد آنذاك يتكرر هذه الأيام بالمنطقة، فمن يدعي بالعمالة على الأنظمة والتوجهات الليبرالية في مصر وليبيا وغيرهما هو.. للعمالة أقرب!

(2) من الأكاذيب الفاقعة لذلك العصر، دفع موسكو لعملائها في المنطقة وخارجها لخلق منظومة ادعوا انها غير منحازة للمعسكرين الشرقي أو الغربي، بينما هي في واقعها منحازة حتى النخاع للاتحاد السوفييتي ونظامه القمعي ومعادية حتى النخاع للمعسكر الليبرالي الغربي حتى انها سكتت عن نحر الشعب الهنغاري (عام 1956) والتشيكي (عام 1968) من قبل جيش الاحتلال السوفييتي!

احمد الصراف

حيدوهم

مع بدء انحسار نفوذ الجماعات والاحزاب الدينية، الذي ساد لأربعة عقود، تم فيها استغلال الدين لتحقيق منافع مادية ومعنوية وشخصية للقائمين على تلك الأحزاب ومؤيديهم، نقول ما إن بدأت بالانحسار حتى بدأت الفضائح بالظهور. فقد أعلنت وزارة الشؤون ـ القبس ـ عن حل مجلس إدارة جمعية الفروانية لوجود شبهة تجاوزات مالية فيها، وهذه آخر جمعية تحل الحكومة مجلس إدارتها، بسبب شبهات مالية، ومعروف أن غالبية الجمعيات التعاونية، وجزءا كبيرا من جمعيات النفع العام، والخيرية بالذات، كانت تحت سيطرة حزب الإخوان المسلمين، الفرع المحلي للتنظيم العالمي.
كما فاحت مؤخرا رائحة تجاوزات جمعية الضبابية، أو الشفافية، ووصلت الى مجلس الأمة، بعد أن بح صوتنا ونحن نكتب عن تلك التجاوزات. ويذكر أن الجمعية تعتبر، ضمنا، محسوبة بفكر القائمين عليها، على حزب الإخوان المسلمين.
ثم جاءت فضيحة مناقصة طباعة 250 ألف نسخة من القرآن من قبل هيئة القرآن التابعة لوزارة الأوقاف، وترجمتها وشحنها وتوزيعها على جماهير كرة القدم في البرازيل! ومعروف أن أمام الهيئة ثلاثة مستحيلات هنا: أولها يتعلق باستحالة طباعة كل هذه الكمية من القرآن في هذه الفترة القصيرة. ويستحيل ثانيا مراجعة صحة طباعتها وصحة ترجمتها لأربع لغات! ويستحيل ثالثا شحنها في الوقت المناسب وقبل بدء المباريات! وحتى لو حدثت المعجزة واستطاعت الوزارة وهيئتها من تحقيق المعجزات الثلاث، فإن قوانين الفيفا تمنع اصلا توزيع اي منشورات أو كتب دعائية او دينية بأي وسيلة كانت في المناسبات الرياضية الدولية.

***
تقدم وكيل بالأوقاف الموظف في الحكومة، بشكوى الى مخفر منطقته السكنية، ضد مجهول لقيام الأخير بإتلاف ممتلكات أمام منزله، ومنها 11 سيارة!
يقع بيتي في شارع فيه أربعة من اصحاب الملايين لا تقف أمام بيت اكثرهم غنى أكثر من 6 سيارات.

***
ورد على لسان وزير الداخلية المصري (القبس 5/23)، أنه لا يعرف سبب اختيار مرسي له ليكون وزيرا للداخلية، وان مرسي أرسل يطلب منه اعتقال شخصيات إعلامية وسياسية، ولكنه رفض تنفيذ القرار! كلام الوزير إبراهيم دليل على مدى تطرف وفساد نظام الإخوان، ورد على كل المفترين الذين طالما كتبوا واصفين فترة حكم مرسي بأنها كانت خالية من الاعتقالات، وكافلة للحريات!

أحمد الصراف

طارق العلوي

سمو.. المغلوب على أمره!

أيام جنكيز خان العظيم، والعهدة على الفنان إبراهيم الصلال، كانوا يطلقون على ملوكهم ألقاباً تليق بأعمالهم، مثل المعتصم بالله.. والمنتصر بالله.. والغالب بأمر الله. ولو كان سمو الشيخ جابر المبارك رئيسا لمجلس الوزراء في عهد التتار، لربما أطلقوا على سموه لقب.. «المغلوب على.. أمره»!
فسموه «حد يوشه» ان يشير الى المشكلة، وكثر الله ألف خيره..أما ان يجد لها حلا، فهذا أمر.. «خارج نطاق التغطية».
اجتمع بنا سموه في نوفمبر من عام 2012، وقال: «هل تعلمون السبب الرئيسي في تخلف البلد؟.. السبب هو أننا لم نحول أي واحد من القيادات الادارية في البلد للتحقيق أو النيابة.. وهل تعلمون ان جهازنا الاداري هو أساس المشكلة؟ فأغلبيته جاءت بالواسطة وليس بالكفاءة.. وهل تعلمون ان الحكومة الناجحة بحاجة لوزراء يكونون رجال دولة؟ لكني محاط بموظفين من درجة وزير»! متابعة قراءة سمو.. المغلوب على أمره!

محمد الوشيحي

مات الأصمعي أيها المتجيهلون

لم يعد لجاهلٍ عذر، ولم تعد كلمة “لا أعلم” مقبولة. ورحم الله الأصمعي، الراوية، الشاعر، الحافظ، عالم اللغة والتاريخ، وغير ذلك… رحمه الله، فقد كان في عصره هو وكالة الأنباء شبه اليتيمة، وكانت مهمته الطواف على القرى والمدن النائية، وزيارة البدو الرحل ومعاشرتهم، وحفظ قصائدهم وأخبارهم وعاداتهم وحكاياتهم ولهجاتهم، قبل أن يدوّن كل ذلك، ثم يرويه على مسامع الخلفاء بمقابل مجزٍ.
كان هو المصدر الوحيد، أو شبه الوحيد، للأخبار. كان هو المحرر، والمصحح، و”المدسّك”، أو المسؤول عن صياغة الأخبار، والمخرج، ونائب رئيس التحرير، ورئيس التحرير، وشركة التوزيع، وغير ذلك. ويكفي القول “قال الأصمعي” ليُعتبر الخبر موكوداً موثوقاً قابلاً للانتشار. متابعة قراءة مات الأصمعي أيها المتجيهلون

سامي النصف

لقاء حول الأمن الفكري والإرهاب!

استضافتنا قناة العربية ضمن برنامج «بانوراما» الذي تقدمه السيدة منتهى الرمحي للحديث حول الأمن الفكري والإرهاب المنتشر بشكل لافت في المنطقة العربية هذه الأيام بشكل بات يهدد وحدة اراضيها، وقد رأينا ان الارهاب هو مرض خطير حاله كحال اي مرض آخر يساهم في استفحاله وانتشاره ثلاثة امور: اولها انكار الاصابة بالمرض، ثم التشخيص الخاطئ، والثالث تركه دون علاج.

***

وظاهرة الارهاب ليست امرا مستجدا على الساحة العربية حيث كانت بدايتها في الستينيات والسبعينيات عندما انفردنا كعرب دون الحركات التحررية والوطنية واليسارية الأخرى في العالم بعمليات الارهاب وترويع الابرياء من رجال ونساء عبر خطف الطائرات والبواخر السياحية وتفجير السفارات ومهاجمة المطارات والقيام بالاغتيالات واقتحام الدورات الأولمبية العالمية، ولم يدن احد تلك الممارسات الارهابية التي لم يقم بمثلها الفيتناميون او الافارقة خوفا من ان تمس الإدانة سمعة القضية الفلسطينية التي ارتكبت كل تلك الجرائم باسمها ومن ثم بالتبعية انكار الاصابة بالمرض تارة وتشخيصه بشكل خاطئ تارة اخرى عندما اعتبرت تلك الأعمال ضمن المقاومة الوطنية المشروعة ومن ثم استفحل وانتشر المرض.

***

وإبان الحرب العراقية ـ الايرانية فترة الثمانينيات تحول الارهاب اليساري الى ارهاب لقوى إسلامية شيعية قامت بخطف الطائرات وتفجير السفارات.. إلخ، والملاحظ ان الفاعلين آنذاك لم يكونوا من الشيعة غير العرب بل كانوا عربا من لبنان والعراق ودول الخليج مما يظهر ان الارهاب قضية تقبل بها ثقافتنا العربية التي تتقبله كوسيلة للوصول الى الغايات التي تراها نبيلة.

***

وبعد مرحلة غزو الكويت حتى اليوم انحسر الارهاب – الشيعي العربي كما انحسر قبله الارهاب اليساري – العربي بعد ان ثبتت عدم جدواه ليحل محله ارهاب سني – عربي كذلك، ممثل في تنظيم القاعدة وتوابعها ولم يلحظ احد وجود مشاركين في تلك الأعمال الارهابية من مسلمين إندونيسيين أو ماليزيين أو بنغال وأفارقة وباكستانيين وهنود.. إلخ رغم كثرتهم العددية وتنوع ثقافاتهم مما بات يهدد بتشطير وتفتيت بلداننا العربية ولو أننا لم نجامل لوأدنّا وحاربنا الارهاب منذ يومه الأول قبل خمسين عاما بدلا من التسلي بمقولة اننا ـ ودون امم الارض ـ لا نعرف تعريفا محددا للارهاب ولا الفارق بينه وبين حركات التحرر الوطني، لما استشرى سرطان الارهاب ولما وصلنا الى ما وصلنا إليه.

***

آخر محطة: (1) جميل ان يتبنى وزراء الداخلية العرب كما حدث مؤخرا قضية «الأمن الفكري» كوسيلة لتعزيز المواطنة ومحاربة الارهاب.

(2) كانت جماعة أبو نضال ابان النضال الارهابي اليساري هي الاكثر تشددا في الوطنية كحال تشدد تنظيمي القاعدة وداعش في دعاوى الاسلام هذه الأيام، فيما بعد كشف الباحث البريطاني المختص في شؤون المنطقة باتريك سيل في كتابه الشهير «أبونضال بندقية للإيجار» ان ابونضال الذي يدعي التشدد كان مرتزقا اجيرا لمن يدفع اكثر وانه استخدم كثيرا من اعداء الأمة.

(3) كانت اوروبا حتى النصف الاول من القرن العشرين تماما كحال الأمة العربية هذه الأيام تمتلئ ارضها بالحروب الخارجية والأهلية والفقر المدقع والدمار وقضايا النزوح واللاجئين والارهاب، حتى ان الحرب الكونية الأولى التي ذهب ضحيتها 15 مليون اوروبي تسبب فيها عمل ارهابي قامت به منظمة «الكف الأسود» الصربية ضد ولي عهد النمسا وزوجته، بعد النصف الأول من القرن العشرين توقفت الحروب في اوروبا واستقرت في منطقتنا العربية وستبقى وستستفحل ما لم نواجه مشاكلنا بصراحة وصدق.

 

حسن العيسى

بنج وليس «بينج»

محاضرة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السابق د. محمد الصباح في منتدى التنمية مهمة، لأنها خطاب صادر من شخص شغل منصب المسؤولية لسنوات طويلة في عدة تشكيلات حكومية، ولم تكن المحاضرة تنظيراً فكرياً فقط لأزمة العجز القادمة بتقدير المحاضر ومعظم المسؤولين الاقتصاديين.
أخطر ما جاء في المحاضرة هو استناد المحاضر إلى دراسة المجلس الأعلى للتخطيط عن التراجع المطلق والنسبي في مؤشرات الفساد بالدولة، ليقرر في ما بعد أن "معظم المتورطين في الفساد في القطاع العام هم شاغلو الوظائف العليا والقيادية"، ثم (وهنا مكمن العلة برأيي) ينتقل د. محمد ليقطع بـ"افتقار المجتمع الكويتي لنموذج القدوة في تطبيق القانون والعدالة…"، ويستمر الشيخ محمد الصباح في عرض حقائق اقتصادية، مثل أن نصيب الفرد هو الأكثر في الاستهلاك الحكومي من بين دول مجلس التعاون بعد قطر، وأن الحلول لإنقاذ الدولة من العجز المتراكم القادم لن يكون إلا بالخصخصة التي "… لا تعني شيئاً إذا انحصرت في نقل ملكية النشاط الاقتصادي من القطاع العام إلى الخاص، وإنما تكمن بديناميكية الخصخصة في تغيير أنماط الإنتاج القديمة لمصلحة أنماط أكثر إبداعاً…"، يمكن القول هنا كتعقيب على فكرة الخصخصة بالعبارات المنسوبة للزعيم الصيني الراحل "دينج هشياو بينج"، والذي نقل الاقتصاد الصيني من اقتصاد متخلف إلى ثاني أكبر اقتصاد في العالم، حين طرحت عليه فكرة خصخصة الاقتصاد قال "إنه لا يهم أن يكون الكلب أسود أو أبيض المهم أن ينبح…"، أيضاً يمكن القول، بعكس ذلك، بأن الخصخصة لو حدثت على الطريقة الكويتية بإدارتها السياسية القبلية والعائلية ودوائر النفوذ المهيمنة حول مركز القرار، فلن تكون الخصخصة كلباً ينبح محذراً إذا شاهد لصاً، وإنما فأر يقتسم ثروة البلاد مع بقية جرذان الدولة. فالمسألة تنحصر في مبادئ الشفافية والعدالة وسيادة حكم القانون، بمعنى المساواة حين نتحدث عن الخصخصة، فأنور السادات مثلاً خصخص الاقتصاد المصري عام 74 تحت باب قوانين الانفتاح، والسويد أيضاً خصخصت، ولنا أن نرى الفرق بين المثالين…!
أعود إلى النقطة المثيرة في محاضرة الدكتور محمد الصباح، والتي يقرر فيها "بغياب القدوة في تطبيق القانون". هنا العلة وبؤرة المرض، كما ذكرت في مقالات عدة، فيستحيل أن نطالب الناس بالعطاء والتضحية، بينما تعجز الإدارة السياسية عن تقديم القدوة والمثال، كي يحتذي بها الناس، ففاقد الشيء لا يعطيه… وهذه مصيبتنا في هذه الإدارة وما سبقها من إدارات سياسية التي هي عاجزة في كل شيء عدا "دهان سير المتردية والنطيحة". لنقر بأننا نلفظ اسم الزعيم الصيني "بنج" وليس بينج، وهذا يعني التخدير إلى ما شاء الله في مسيرة الدولة.

احمد الصراف

الخطر والمحبة

قامت وزارة الصحة، وبجهود مشكورة من وكيلها د. خالد السهلاوي، بافتتاح ثلاثة مراكز صحية لفحص الماموغرام. وتقع هذه المراكز في منطقة الزهراء الصحية، وخيطان الجنوبي، ومركز العقيلة الصحي، وجارٍ افتتاح مركز رابع في النعيم. ويمكن الاتصال برقم 24620989 لتحديد موعد للفحص في أي من هذه المراكز.
والماموغرام، هو الاسم المخفف للكشف عن سرطان الثدي الذي يصيب نسبة كبيرة من السيدات، وأعداد المصابات به حول العالم بازدياد. ولكن يمكن تلافي تبعاته الخطرة إن تم تشخيص المرض أو اكتشافه في سن مبكرة، لأنّ معالجة سرطان الثدي، عندما يكون الورم صغيراً جداً، وبحجم حبة الأرز، تعطي نتائج أفضل. وعند اكتشاف هذا السرطان في مرحلة مبكرة، غالبا ما تتعافى المصابات به سريعاً، ليعاودن ممارسة حياتهن بصورة طبيعية.
ويُذكر أن نسبة الإصابة بهذا المرض بين النساء هي واحد إلى كل 8 أو 9 نساء، حسب المنطقة الجغرافية، وليس هناك اي استثناءات، فلا الرياضة ولا نوعية الطعام لها علاقة بالأمر، كما هو معروف حتى الآن.
ويفضل جدا أن تقوم النساء بإجراء أوّل صورة شعاعية للثدي في سن الخمسين، ثمّ تكرار الفحص مرّة كل سنتين حتى سن التاسعة والستين. والفحص لا يتطلب موافقة طبية، فهو إجراء روتيني لا يستغرق القيام به أكثر من دقائق معدودة، وليس له أي اخطار جانبية أو إشعاعية.

***
غيابي المستمر في تقطعه، والمتغيّر في فتراته، عن الوطن أبعدني عن الكثير من المنغصات والتصرفات الخاطئة، والتفكير، ثم الكتابة عن فشل الحكومة المستمر في ولو قاطرة واحدة على السكة الصحيحة. هذا الغياب أفادني كثيرا من الناحية النفسية، ولكنه، في جانب آخر، تسبب في فقدي للصلة والتواصل بالكثير من الأحبة، وبالتالي شعرت بالحزن لقراءتي خبر مرض الزميلة دلع المفتي، ليس لما بيننا من محبة وزمالة وصداقة فحسب، بل ولما لهذه السيدة من نشاط اجتماعي بارز، وحضور جميل ويد خيّرة في مجالات عديدة. ولا يسعنا هنا غير تمني الشفاء العاجل لها، فهي من نوعية من البشر الذين يعطون أكثر مما يأخذون، وهؤلاء قلة، وأعدادهم في تناقص مستمر. نكتب ذلك وثقتنا كبيرة بقوة «دلع» وبقدرتها على التغلب على مرضها، مادام الأحبة، وعلى رأسهم، غسان، من حولها.
ملاحظة: ليس هناك علاقة أو رابط بين فقرتي المقال أعلاه.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

هيهات منا الذلة

منذ اتفاقية سايكس بيكو في مطلع القرن الماضي وتوزيع البلاد العربية تحت هيمنة النفوذ البريطاني والفرنسي والإيطالي، والأمة تعيش في ذلة ومهانة لم يسبق لهما مثيل، واكتملت المأساة في عام 1924، عندما أعلن أتاتورك سقوط الخلافة الإسلامية إلى غير رجعة! وبعد الحرب العالمية الثانية بدأت الشعوب العربية تتحرر من أغلال الاستعمار الغربي، باحثة عن الحرية الغائبة منذ عقود، لكنها وقعت في شراك استعمار من نوع آخر، حيث حكمتها أنظمة ليبرالية لا تقل سوءاً عن الحكم الغربي، فشاهدنا ظاهرة الحكم الفردي المستبد، من أمثال بورقيبة وعبدالناصر وغيرهما، وفتحت السجون للكفاءات من أبناء الوطن، وعقدت المحاكم الصورية، والتهم المعلبة، ونصبت المشانق لأصحاب الرأي المخالف، وتحول الشعب إلى مخابرات وأمن دولة، وأصبح الوطن سجناً كبيراً لكل من فيه! واستمرت هذه الحالة قرناً من الزمان أو يزيد، حتى وصل الفساد إلى جميع مرافق الدولة، ووصلت الحالة النفسية إلى وضع لم يعد يحتمل، فثارت الشعوب ثورة رجل واحد على الطغيان، وتبين أن هذه الأنظمة البوليسية ليست إلا أجساداً من كرتون لم تلبث أن تطايرت مع أول انتفاضة شعبية، فكانت ثورات الربيع العربي التي اقتلعت الدكتاتوريات إلى مزبلة التاريخ. متابعة قراءة هيهات منا الذلة

سامي النصف

إشكال مصر ليس بالقصر!

إن كنا ومثلنا الأغلبية المطلقة من الشعب المصري قد دعمنا المرشح عبدالفتاح السيسي، إلا أننا لا ندعي للحظة أن بيده مفتاحا سحريا لحل كل إشكالات مصر المتعاظمة والذاهبة إلى المزيد من التعقيد مع كل يوم يمر، فما نقوله هو أنه أفضل بكثير من منافسة على الرئاسة، وأفضل ممن سبقه والذي أساء لما يمثله بأكثر مما يستطيعه أعدى أعداء ذلك التوجه السياسي.

***

فمشكلة مصر مرتبطة بالشارع وليس بالقصر، وأولى تلك الإشكالات الكبرى هي «الانفجارات السكانية» على أرض محدودة الموارد يتم فيها توفير الخدمات التعليمية والصحية بالمجان، كما تتعهد الدولة بتوظيف الجميع، ويتم تقديم الخبز والكهرباء والماء بأسعار زهيدة تتحمل كلفتها الحقيقية ميزانية الدولة ذات العجوزات الضخمة، إضافة الى حقيقة أن الشرائح الأسرع تكاثرا هي الأقل اهتماما بالتربية والتعليم والتدريب مما ينتج عنه وجود أعداد بشرية وافرة غير منتجة وتشكل عبئا كبيرا على الدولة المصرية.

***

ويزيد الطين بلة مجموعة إشكالات غير مسبوقة في تاريخ مصر، منها تناقص مياه النيل بشكل كبير ومتوقع أن يبدأ أوائل عام 2016 كنتيجة لانتهاء أعمال سد النهضة الحبشي وتجميع المياه خلفه، مما يجعل مصر مهددة خلال عامين من تولي المشير السياسي الرئاسة بالعطش والتصحر والظلام، ومن الإشكالات انتشار العمليات الإرهابية المدعومة هذه المرة من جماعات سياسية رئيسية تضم أعدادا كبيرة من الأتباع، وتحظى بدعم دول كبرى بعكس العمليات الإرهابية السابقة التي كانت تقوم بها مجاميع صغيرة يمكن السيطرة عليها.

***

وبسبب الإرهاب ونقص الطاقة قد يحجم بعض المستثمرين والسائحين عن القدوم لمصر مما سيضاعف حجم المشاكل الاقتصادية ويشكل ضغطا على سعر صرف الجنيه في بلد يستورد كل شيء، يضاف الى ذلك موروثات العهد الاشتراكي من عدم اتقان الجموع لحرفها وعدم الرغبة في العمل لساعات طوال في ظل العولمة، حيث تتوافر البدائل الأكثر جودة والأرخص سعرا من دول العالم الأخرى وعلى رأسها الصين ودول شرق آسيا.

آخر محطة: (1) نرجو ألا تضطر أو ترغم مصر مستقبلا على التورط في حروب خارجية ضد اثيوبيا كنتيجة للضغط الشعبي وأخرى ضد بعض الجماعات المتطرفة في ليبيا تزامنا مع حرب ثالثة ضد الإرهاب بالداخل.

(2) الانخفاض المتوقع في الحقبة القادمة لأسعار النفط والغاز سيضر مصر بشكل مزدوج، فمن ناحية سيخفض من دخلها كونها دولة مصدرة للنفط والغاز وسيحد في الوقت ذاته من الدعم الخليجي.

(3) تعلمنا تجارب المنطقة أن إبقاء حالة الفوضى وعدم الاستقرار يقتضي تقوية الطرف الضعيف وإضعاف الطرف القوي، لذا لابد أن نشهد في المستقبل القريب عودة قوية للقوى المعادية للمشير السيسي بعد انتصاراته السياسية الساحقة الأخيرة.

 
@salnesf