سامي النصف

ربع قرن على الجريمة الغامضة!

يصادف هذه الأيام مرور ما يقارب ربع القرن على جريمة غزو الكويت وتهديد دول الخليج ومازالت الأسئلة تطرح حول ذلك الحدث الجلل دون إجابات شافية عنها، وأولها ما هدف القيادة العراقية آنذاك من ذلك الغزو الذي ادعت بعد أن عجزت عن تبريره أنه وحي أتى من السماء (!) فقد كان العراق قد خرج للتو من حرب طاحنة ضد إيران وقبلها وبعدها حرب دموية ضد الأكراد، وكان الاعتقاد أن النظام سيخطط لمائة عام من السلام لبناء العراق المدمر وتعويض شعبه الصابر.

***

ولم نسمع حتى اليوم عن سبب مقنع واحد للغزو، فلو أن الكويت وقفت ضده أو حتى على الحياد في حربه مع إيران لقيل ان ذلك مبرر الغزو، إلا أن الكويت وقفت معه وتحملت الأذى لأجله دون مقابل، كما لا يصدق أحد ان الكويت ذات الإنتاج الذي لا يتجاوز المليون برميل آنذاك يمكن لها أن تتحكم في أسعار سوق نفطي يبلغ مجمل إنتاجه 87 مليون برميل يوميا، ومثل ذلك أكذوبة احتلالها لأرضه حيث تبين العكس تماما وان العراق هو الذي كان يحتل أراضي الكويت دون علم أحد، وفي مؤتمر جدة تحقق مطلب العراق بالحصول على 11 مليار دولار، حيث وافقت الكويت على دفع 10 مليارات والمملكة على دفع مليار، فلماذا ترك الدوري اللقاء دون سبب أو مبرر ليبدأ الغزو فجر اليوم التالي؟!

***

وتظهر مذكرات قادة الحرس الجمهوري انه تم إبلاغهم بالرغبة في احتلال الكويت كاملة في أوائل شهر يوليو وتم تحليفهم على المصاحف ألا يفشوا السر ومن ثم تصبح المذكرة العراقية التي أرسلت في 17/ 7/ 1990 ولقاء الرئيس العراقي مع السفيرة الأميركية في 24/ 7/ 1990 ومؤتمر جدة اللاحق ما هي إلا عمليات لذر الرماد في العيون، فالأمر مقرر سلفا بأمر إلهي سماوي – الأصح شيطاني أرضي – على القائد الضرورة وهو أمر لا راد له أو مانع.

***

والغموض لا يغطي فقط أسباب حرب الكويت عام 1990 ومحاولة قتل الدجاجة التي تبيض المليارات الأغلى من الذهب وآخرها 10 مليارات مؤتمر جدة، بل يمتد الغموض لأسباب حرب أم الهزائم عام 1991 بعد أن حصل النظام على تعهد بألا يمسه سوء إذا ما قرر الانسحاب من الكويت، من الدولتين العظميين في العالم أي أميركا وروسيا، وكان بإمكانه الانسحاب والبقاء على الحدود ولإكمال ابتزازه، ولا يعلم أحد كذلك أسباب تجويعه لجيشه وإرعابه له بالنشرات الدورية التي تصل له مما جعل الجيش ينهار قبل الحرب لا بعدها.

***

آخر محطة: (1) واضح فيما حدث منذ أغسطس 1990 حتى أبريل 2003 وقد صمد العراق رغم توقفه عن تصدير النفط ان الوضع الاقتصادي لم يكن بالسوء الذي صوّره صدام وحاول جعله مبررا للغزو.

(2) قد يكون السبب الحقيقي للغزو هو خوف صدام من جيش المليون جندي أن يرتد عليه، لذا تآمر على جيشه وزجه في حروب غير متكافئة لتدميره، إلا أن السحر ارتد على الساحر!

@salnesf

سعيد محمد سعيد

تكريس الصراع السني – الشيعي

 

هل يمكن القول، كما نكرر دائماً، أن الصهاينة ودوائرهم وعملائهم يقفون وراء تكريس الصراع السني – الشيعي في المجتمع الإسلامي؟ وهل هذا المجتمع، دولاً وحكومات ومؤسسات وشعوباً، لديه القابلية لأن يأكل الطعم المسموم وينفذ الأجندات الطائفية؟ ولماذا تفشل جهود المؤسسات والهيئات الإسلامية المعتدلة، كالأزهر الشريف والمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب مثلاً، في صد تلك المؤامرة؟

مع وجود الكثير من الدلائل والحقائق، سنعتمد على مؤتمر «هرتزيليا» الثالث عشر، وسنعود إلى شهر مارس/ آذار من العام 2013، ولنعيد النظر قليلاً في أهم توصية صدرت عن ذلك المؤتمر، وهي «ضرورة تكريس الصراع السني – الشيعي، وتشكيل محورين من دول المنطقة: سني وشيعي»… (انظر المقال المنشور في الوسط، الأحد 0 أبريل/ نيسان 2013 تحت عنوان: «هرتزيليا تشكر جهود الطائفيين»).

ولقراءة المشهد بوضوح، حري بنا أن نعيد التذكير بالتقسيم الإسرائيلي، فإن هناك محور شر هو المحور الشيعي، ويبحث الصهاينة عن محور بديل أسموه «المحور السني» تكون نواته من الملكيات العربية التي تخشى أن يصل قطار الثورات العربية إليها، إضافةً إلى مصر وتركيا، اللتين أشار إليهما تقرير المؤتمر بـ «الأطراف التي عملت على إنهاء الأزمة في أعقاب العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة في 2012»، وأن هذه الأطراف «تجسد التغيير، حتى لو كان محدوداً، الذي طرأ في المجموعة السنية في المنطقة، والمهتمة بعمل علاقات مع إسرائيل، سواء مباشرة أو غير ذلك، بهدف الحفاظ على الأمن الإقليمي».

وهذه الجزئية الخطيرة بحثها مؤتمر الصهاينة بتكثيف عميق، فاختيار مصر وتركيا إضافةً إلى الأردن للانضمام للمحور السني المرتقب، الذي من المفترض أن يكون متحالفاً مع «إسرائيل» والغرب، لم يأتِ من فراغ، فـ «التحركات الدبلوماسية حول العملية في غزة والأزمة السورية تشير إلى تعاون وتنسيق متزايد بين الولايات المتحدة الأميركية، مصر، تركيا، الأردن ودول الخليج»، بحسب التقرير، الذي يرى في تشكيل هذا المحور ضرورة استراتيجية، و»صفقة شاملة» من شأنها أن تزيد من أمن «إسرائيل»، وتدفع نحو شرق أوسط جديد.

لكن، هل انتبه الباحثون والمخططون الاستراتيجيون العرب والمسلمون، لتلك التوصيات ووضعوها تحت مجهر البحث؟ حسب متابعتي المتواضعة، فإن الباحث المصري في الشئون الإسرائيلية طارق فهمي أعد دراسة مفصلة حول المؤتمر وتوصياته، وما يهمنا هنا هو الجانب المتعلق بتأجيج الصراع السني – الشيعي، فالباحث توقف عند أوراق عمل من واقع القراءة التحليلية أمام المخاطر التي تواجه «إسرائيل» داخلياً، فمن المهم إشغال الأنظمة السياسية العربية والشعوب الإسلامية بالصراع الطائفي.

وفى هذا الإطار، كما يرى الباحث فهمي، يمكن تصور آليات التعامل الإسرائيلى فى المحيط الإقليمى والدولى التي تراها دوائر الاستخبارات في الكيان الصهيوني، فنجاح ثورات التحرر والمطالبة بالحقوق والديمقراطية وإحياء المناهضة والمقاومة للكيان المحتل، ستجعل الأنظمة السياسية العربية أقل خضوعاً للمطالب الإسرائيلية بفعل تنامي وزن الشارع العربي في القرار السياسي، وهو أمر قد يخلق حالة من الاضطراب الواسع في المنطقة بشكل يؤثر على الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.

الصفقة الشاملة التي يخطط لها الصهاينة، ومع انتقادهم لما أسموه «سياسة الاختفاء من أمام العاصفة»، وهو المصطلح الذي يوجب استفادة الصهاينة من الاضطرابات في المنطقة واستغلال الفرص لتحقيق المزيد من التدمير للمجتمعات الإسلامية والعربية، تعتبر بالنسبة للصهاينة من أنجح الصفقات وأيسرها تحقيقاً! كيف؟

الصهاينة يدركون أن الحليف الأقوى لهم وهو الولايات المتحدة الأميركية، يتحكم في المنطقة كيفما يشاء، ولهذا، فمن السهولة بمكان ضمان استمرار الصراع المذهبي بين السنة والشيعة في الأمة وتأجيجه إلى الدرجة التي تضاعف الحريق المدمر، ولأن هناك بيئات حاضنة، من قادة وأنصار وأتباع الايديولوجيا الطائفية، فإن الصورة التي نشهدها اليوم في المجتمعات الإسلامية من احتدام الصدام الطائفي، ومشاركة حكام في إشعال المزيد من النيران الطائفية، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن المجتمعات الإسلامية حينما تتصارع مذهبياً فليس من أجل «الدين الإسلامي وأبناء الأمة»، إنما بالتأكيد، هو لصالح الغرب عموماً والصهاينة تحديداً.

الإعلام العربي والإسلامي، في واجهته الكبرى التي تظهر اليوم من خلال آلة التدمير في الفضائيات الطائفية ووسائل الإعلام الجديد، تعمل باجتهاد من أجل إشعال الصراع المذهبي إلى أعلى درجاته، وتطبق سياسات كيان العدو ضد العرب والمسلمين لتمزيقهم، وتبدو الكثير من الحكومات العربية متآمرة مع هذا الاتجاه، لكن ربما يعيد الصهاينة حساباتهم مع العدوان الوحشي على غزة وصمود المقاومة الفلسطينية، ومع ذلك، لن يعيد الطائفيون وأسيادهم حساباتهم إلا في حالة كونها تصب في صالح أسيادهم الصهاينة.

د. شفيق ناظم الغبرا

غزة: بين دموية الاحتلال وتحدي الظلم والحصار

نجح الشريط الضيق المسمى غزة والذي لا تزيد مساحته عن ١.٣٪ من مساحة فلسطين (٣٦٠ كلم مربع)، والذي يقطن فيه ما يقارب مليوني فلسطيني نصفهم من لاجئي ١٩٤٨، في خوض حرب دفاعية/ تحررية ضد استعمار استيطاني مدجج بالسلاح ولا يملك الحد الأدنى من الرحمة والإنسانية. حرب غزة تقع بين صاحب الأرض من جهة وبين الحركة الصهيونية بتعبيراتها الاستيطانية من جهة أخرى، لهذا فهي ليست حرب حدود بل مواجهة حول الوجود والحقوق. هذه الحرب مرتبطة بحصار إسرائيل لغزة والضفة الغربية وسعيها الدؤوب لإبقائهما معزولتين في سجنين كبيرين بحيث تسيطر إسرائيل على كامل فلسطين والملايين الستة من العرب الفلسطينيين الذي يتواجدون على أرضها. متابعة قراءة غزة: بين دموية الاحتلال وتحدي الظلم والحصار

احمد الصراف

مقتطفات من ما قبل العيد

1 – أعلنت نيذرلاند، أو هولندا، مجازا، الحداد على أرواح ضحايا الطائرة الماليزية التي سقطت في أوكرانيا مؤخرا، ربما بصاروخ روسي، والتي راح ضحيتها ما يقارب الـ300 نفس بريئة. والغريب أنها المرة الأولى التي تعلن فيها نيذرلاند الحداد منذ أكثر من نصف قرن! وهذا يعني أنها منذ عام 1962 وهي تعيش في سلام ومحبة، من دون كوارث بيئية او حربية!
ولكن يا ترى لو ولينا وجوهنا شطر المشرق، وبعيدا عن نيذرلاند وغيرها من دول السعادة والمحبة، واستعرضنا كم المصائب والكوارث التي تعرضت لها بلاد «الشرق أوطاني»، منذ نصف قرن وحتى اليوم، فما الذي سنجده؟
سنجد أننا لو حذونا حذو القرار النيذرلاندي فإن أيامنا كلها ستكون حدادا في حداد، وسوادا في سواد!
2 – يقول الفيلسوف اللاهوتي الدانمركي سورين ليركغور: إنهم يكذبون ويسرقون ويغشون ويقومون بكل عمل فاسد، ولكنهم في خضم كل ذلك يسعون بشغف وراء الله.
تذكرت جملته تلك عندما قادتني قدماي إلى مجمع الوزارات، والذي يوجد ما يماثله في أي من دولنا، فوجدته، قبل عطلة العيد، خاليا من نصف موظفيه تقريبا، والنصف الآخر لا يود أن يعمل في غياب النصف الأول، ومتعللا بالصيام، أو بعدم وجود من يساعده في إنهاء المعاملة. ثم يأتي بعدها التصريح بتعطيل الدولة بكامل مصالحها لتسعة ايام، ليصب الماء البارد جدا على كل خطط التنمية وخطط تحويل الكويت لمركز عالمي مالي!
3 – لوحظ أن جميع جرائم داعش، وكل ما اتخذه الخليفة المعين في دولة الموصل، من قرارات عجيبة وغريبة، لم تلق اية إدانة من اي داعية أو إمام مسجد أو مبرة أو جمعية خيرية او جامع او حسينية في أية دولة إسلامية. والسبب معروف طبعا، فما تفعله داعش هو ما فعله من جاء قبله!
4 – قام أحد الممثلين بتسجيل وتصوير نفسه، وهو يقوم بمصافحة شخص ملتح معلنا تحوله للمذهب السني. وهذه أول مرة أعرف فيها أن التحول من مذهب لآخر يتطلب الإشهار، كانتقال لاعب كرة قدم من فريق لآخر مقابل مبلغ من المال.
ألم يكتشف هذا «المطفوق» حتى الآن أن اللي فينا كافينا؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
<

سامي النصف

رحلة خاصة إلى العراق

في مايو 1980 قدت الرحلة الخاصة التي أقلت ولي العهد الشيخ سعد العبدالله رحمه الله في جولة الى بغداد وعمان ودمشق، وقد كانت هناك آمال كبار في حينها ان ينهي الرئيس الجديد صدام حسين ملف الحدود العالق بين البلدين، الا انه ترك العراق بشكل مفاجئ الى يوغوسلافيا للمشاركة في دفن الرئيس تيتو، وكان بإمكانه ان يبعث نائب رئيس الجمهورية طه محيي الدين معروف بدلا منه ولم يكن لديه شيء يعمله على الاطلاق، اتصل صدام من يوغوسلافيا طالبا تمديد زيارة الوفد الكويتي يوما واحدا حتى يلتقيه، وهو ما تم، وقد دعا الرئيس الضرورة الوفد الكويتي للعشاء في نادي الصيد والفروسية ليلة مغادرة الوفد صباح اليوم التالي الى الاردن!

***

وصلنا في سيارة السفارة الكويتية برفقة القنصل مبكرا للنادي، فقرر مرافقنا ان يرينا بعض المناطق المحيطة، وفي الطريق العام شاهدنا الفيلم الكويتي «بس يا بحر» يعرض على شاشة سينمائية ضخمة في حديقة السفارة الروسية، مما جعل السائق يخفف قليلا من سرعة السيارة، وخلال دقائق قليلة كانت عشرات السيارات الامنية تحيط بنا، وتوقفنا، حيث اكتشفنا ان على الجانب المقابل من الطريق يقع منزل امين عام حزب البعث ميشيل عفلق، وقد انتهى الامر بسلام بعد معرفة سبب وجودنا في المنطقة.

***

حضر صدام حفل عشاء نادي الصيد ثم جلس الوفدان وجلسنا نتابع حفلا غنائيا ساهرا تناوب فيه اشهر مطربي ومطربات العراق على إنشاد اغانيهم المعروفة، وتتخللها أغان تشيد بصدام الذي ما ان يذكر اسمه حتى يبادر رجال حراسته الجالسون في الخلف باطلاق صليات من الرصاص في الهواء بجنون، فمن يجرؤ على الا يطلق اذا ما اطلق الجالس بقربه، فيما بعد يقول لي احد رجال الحراسة الكويتية مازحا: لقد كان بالامكان ان نأخذ صدام ومن معه اسرى في تلك الليلة حين نفدت اسلحة حراسته من الرصاص وبقيت أسلحتنا معبأة.

***

كنا خلال ايام الزيارة نزور الاماكن المختلفة مع مرافقينا العراقيين واقوم بالتقاط الصور التذكارية بكاميرتي ومثلها التقاط صور الحفل، وقد اكتشفت لاحقا ان هناك من تسلل الى غرفتي واخرج الفيلم من الكاميرا، وفيما بعد قاموا بشيء اكثر تحضرا ويؤدي الى الشيء ذاته حيث زودوا قاعة المغادرة في مطار بغداد بمكائن اشعاعية، يطلب وضع الشنط والكاميرات خلالها وتتكفل بحرق الافلام.. اوتوماتيكيا!

***

آخر محطة: من قصص القتل بالاشعاع في عراق صدام، في العام 1975 اشرف الرئيس هواري بومدين على اتفاقية سلام وقعها صدام مع شاه ايران الذي كان في اوج قوته تنازل خلالها صدام عن نصف شط العرب، في السنوات اللاحقة بدأ عرش الشاه يهتز وندم صدام على توقيع تلك الاتفاقية، وبدلا من لوم ذاته قام بلوم عرابها الرئيس بومدين، لذا ما ان قام الاخير بزيارة بغداد صيف العام 1978 حتى عرض صدام غرفة نومه لاشعاعات قاتلة جعلته يشعر بالمرض فور مغادرته بغداد لدمشق، وقد توفي بومدين في ديسمبر 1978 بعد ان حار الاطباء في تشخيص المرض القاتل الذي اصاب دمه، وفيما بعد اعترف وزير الخارجية العراقي في تلك الحقبة حامد الجبوري بأن صدام هو من قتل بومدين!

 

سامي النصف

لماذا لا يثور اللبنانيون؟!

 

نفط لبنان وثروته ومصدر رزق شعبه هو السياحة والاستثمار المصاحب، ومازلت أذكر كيف اهتز لبنان وارتجت حكومته وصاحت صحافته ذات يوم لأن العراق هدد بأن يوقف زيارة سائحيه للبنان، وقد تحركت الرئاسة والحكومة اللبنانية بسرعة آنذاك حتى تم حل ذلك الاشكال وقدم السائحون من العراق.. عندما كان العراق يصدر السائحين لا.. اللاجئين!

***

يشهد لبنان للسنة العاشرة على التوالي ضربا متصلا لموسم الاصطياف فيه، فما ان يأتي الصيف حتى تبدأ عمليات تسخين سياسي وامني ينتهي دائما بارعاب المصطافين وتخويف المستثمرين والسائحين، فينتهي الامر باغلاق الفنادق والمطاعم والمحلات ويصطف من قطعت ارزاقهم على ابواب السفارات بحثا عن فيزا للهجرة في وقت يفترض ان يمتد موسم الاصطياف اللبناني للعام بأكمله، فسواح الدول الخليجية والعربية بعد تراكم ثروات البترودولار لديهم قادرون على القدوم في المواسم الاربعة، فالامطار والثلوج تعتبر عوامل اغراء لا طرد لهم.

***

والغريب ان جميع اللبنانيين متفقون على فساد النظام السياسي والحزبي والطائفي والعشائري القائم على المحاصصة والمعمول به منذ عهد الاحتلال الفرنسي والذي لم يأخذ من الديموقراطية الا المسمى فقط، حيث لا يستطيع المواطن اللبناني ان يترشح للانتخابات خارج قوائم الزعامات التقليدية، وكثيرا ما تدفع اتاوات مالية ضخمة لتلك الزعامات كي تضم من يريد الترشح على قوائمها، الا ان الجميع في الوقت ذاته يخشى من «القفز للمجهول» حال الثورة على ذلك النظام والغائه واحتمالية انفراد مكون بحصد كل المراكز والمكاسب ومن ثم ظلمه وتنحيته للآخرين.

***

آخر محطة: 1 ـ لبنان دولة خدمات من الدرجة الاولى، وكان بإمكانه ولايزال ان يصبح احد اغنى دول العالم كحال دول الخدمات الاخرى مثل لوكسمبورغ وسويسرا وسنغافورة لولا الانشغال بالسياسة التي تفرق بدل الاقتصاد الذي يوحد.

2 ـ هل يعقل الا يستطيع شعب حضاري كالشعب اللبناني لديه 70 عاما من الممارسة الديموقراطية ان يختار رئيسا للجمهورية ويشكل حكومة وينتخب مجلسا نيابيا؟! ماذا ترك للشعوب العربية القادمة جديدا للديموقراطية؟!

احمد الصراف

مسيحيو الشرق.. ثانية

يمكنني الادعاء، بفخر أو بغير ذلك، بأن المقال الذي كتبته بعنوان «ايها المسيحيون اخرجوا من أوطاننا» (7/22) أصبح من أكثر المقالات التي عرفت مثل ذلك الانتشار في تاريخ القبس الذي يمتد لأكثر من 42 عاما! وسبب ذلك الانتشار يعود في جزء صغير منه لموضوع وطريقة صياغة المقال، ولكن الجزء الأكبر يعود لتوقيت النشر والوباء الذي نشره «داعش» في المنطقة، وما تعرض له مسيحيوالموصل، وربما العراق تاليا، على يد هذه العصابة من إهانة وتعذيب وتشريد وتهجيروقتل. كما أن فضل الانتشار يعود الى انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من انتقال المقال من قارة لأخرى، خلال ثوان، أمرا يسيرا. والدليل على انتشار المقال أن موقعي الشخصي www.kalamanas.com حظي بأكثر من عشرة آلاف زيارة في يومين، هذا غير مئات رسائل الإيميل والواتس أب والمكالمات الهاتفية التي وردتني. اضافة الى ما تلقته ادارة التحرير من اتصالات من داخل الكويت وخارجها.
وبالرغم من مشاعر النشوة التي غمرتني في البداية على تلك النتيجة، إلا أنني سرعان ما شعرت بغصة، خاصة بعد أن قرأت التعليقات التي وردت على المقال، سواء على صفحة القبس على الإنترنت، أو على الموقع الشخصي، وهذا ما لا أقوم به عادة. فقد تبين منها مقدار تعطش المسيحيين لسماع كلمة حلوة من الطرف الآخر، ولو أنني لا أعتبر نفسي طرفا أصلا! كما بينت ردودهم مدى قلقهم على أوضاعهم وحياتهم ومستقبلهم ضمن هذا المحيط الكبير من المخالفين لهم دينيا، والذين يمكن أن ينقلبوا، بين ليلة وضحاها، إلى أعداء شرسين بعد ان كانوا اخوة متحابين لقرون وقرون، والأمثلة أكثر من أن تحصى، فقد حدث ذلك في السودان وسوريا والعراق ومصر وتونس وميانمار ونيجيريا ولبنان وغيرها الكثير.
والظاهرة الغريبة الأخرى كانت في تعدد الجهات التي وجهت لي سؤالا محددا عما يجب عليها القيام به، في حال وصول وباء داعش إلى أراضيها، وعما إذا كنت أنصحهم بالبقاء والصمود، أو الرحيل إلى حيث الأمان؟ علما بأن هناك دولا عدة ستستقبلهم بكل ترحاب. والحقيقة أنني بذلت جهدا في عدم إعطاء جواب محدد، فالسؤال صعب جدا، وليس بمقدور أي شخص الإجابة عليه من دون الشعور بكبر المسؤولية!
نعم.. مسيحيو بلداننا، وملح أرضها، بحاجة لمن يقف معهم ويطمئنهم، ليس لأنهم ضعفاء، وليس لأنهم بحاجة للعون، بل لوضوح حقوقهم الإنسانية والمعيشية والقانونية، وصيانة للتنوع الذي أعطى بعض بلداننا حضارتها وتقدمها، فهم، والحق يقال، من كانوا اصحاب الأرض، فكيف يأتي اليوم غريب عنهم وعن أرضهم، ويطلب منهم دفع الجزية أو تضرب أعناقهم؟
نعم الإنسانية والمنطق والعقل جميعها تطالبنا بالوقوف مع المسيحي العربي، والمسيحي الأرمني والسرياني والآشوري والكلداني، فهم مواطنون لهم حقوق كاملة، قبل ان يكونوا أهلا وأحبة، فهل لدينا الشجاعة لأن نقف معهم؟! أحمد الصراف

سامي النصف

لماذا ينضم الشباب إلى «داعش»؟!

نشرت صحيفة «الشرق الأوسط» بالأمس القريب تحقيقا اثبت ان سبب انضمام كثير من الشباب وخاصة الاجانب الى «داعش» هو الثراء الفاحش لذلك التنظيم حتى انه يدفع رواتب مغرية بالدولار للمقاتلين ويتم اسكانهم في المنازل التي يتم تهجير ملاكها ومعها علاوات للزواج والأبناء تدفع بالدولار وسيارات وبدل بنزين، وان ما يدفع للشباب الأجنبي ـ كحال لاعبي الكرة الأجانب عند الأندية الرياضية ـ يفوق ما يدفع للمقاتل المحلي أو العربي.

****

واعتقد ان هناك سببا آخر لانضمام بعض الشباب العربي والخليجي الى «داعش»، فكثير من هؤلاء هم أما من العاطلين عن العمل او من المستويات الوظيفية الدنيا في بلدانهم، أي ممن اعتادوا ان يكونوا مأمورين لا آمرين، لذا تجد تلك الشريحة نفسها عند الانضمام الى «داعش» قد اصبحت فجأة تحكم وتأمر في مصائر المدن والقرى والبشر والأموال، ويسمى البعض منهم باسم «أمير» وتقدم له فروض الطاعة العمياء وهو مازال في العشرينيات من عمره، ولا شك في أن الشعور المصاحب لتلك العظمة مغر جدا حتى يسهل للمرء الموت لأجله، خصوصا اذا كانت معه رواتب مغرية و«غنائم حرب»، أي الثروات التي تقع تحت يديه من ذهب وأموال وسبايا تصبح ملكا خالصا له دون ان يعتبر ذلك سرقة!

****

آخر محطة:

(1) يذكر التاريخ طمأنة رسول الانسانية والرحمة محمد صلى الله عليه وسلم لنصارى نجران وبعده خليفته عمر لنصارى القدس، وهذه محجة الإسلام وتعليماته، فمن اين أتت «داعش» بالأعمال القبيحة والتنكيل الذي قامت به ضد نصارى الموصل وكنائسهم؟!

(2) وصمة عار ستبقى في جبين الأمتين العربية والاسلامية كما بقيت افران الغاز والمحارق وصمة في جبين الأمة الألمانية إذا لم يشهد العالم تحركا جادا وإدانة واضحة من القيادات السياسية والمرجعيات الدينية العربية والإسلامية تجاه ما تقوم به «داعش» تجاه نصارى العراق والشام!

(3) اذا قبلنا بتدمير تراث إنساني عمره 1500 سنة، كحال ما قامت به القاعدة في أفغانستان تجاه التماثيل البوذية، وقبلنا بعده بتدمير «داعش» كنيسة عمرها 1800 عام، فهل سيقبل العالم احتجاجنا إذا ما هدمت مساجدنا التاريخية كحال المسجد الأقصى؟!

حسن العيسى

أيُّ عيد؟

ماذا سيفعل النائب السابق عبدالله البرغش والإعلامي أحمد الجبر في أول أيام عيد الفطر وبقية أيام القهر، كيف سيتلقى كل منهما عبارات التهنئة والتبريكات في صبيحة العيد من أبنائهما وأهلهما، وبأى جمل يتيمة سيردان على تحية العيد؟، هل يشعر من ألقى التحية أو من تلقاها ببهجة العيد وفرحته، هل هذا العيد وكل عيد مجرد مناسبات زمنية تتكرر في شريط العمر؟، أم أن تلك المناسبات الجميلة ملتصقة بالمكان؟! لكن أي مكان هذا الذي تمضي فيه مناسبات مشاعر الفرح؟! هل هو الوطن؟! أي وطن هذا الذي تمر عليه مناسبة العيد؟، هل هناك مكان اسمه الوطن، بعد أن سحقت هويتهما القانونية لهذا الوطن بمرسوم هبط من مكان عال، جاء فيه فجأة ومن دون سابق إنذار أنهما وأبناءهما وكل من كسب هذا الانتماء بمناسبتهما ليسوا مواطنين من الآن وصاعدا، وحتى يوم غير معلوم عند المحكومين بقضاء السلطة وحكمها اللذين تنسجهما كيفما تشاء ومتى أرادت، فلا سلطة فوق هذه السلطة، ولا سيادة فوق تلك السيادة؟!
أليست هي صاحبة السيادة، وهذا عمل جليل من أعمال السيادة، كما يهلل ضاربو الدفوف من بعض المواطنين أهل المقامات العالية وأهل "الرخاوة"،  حين هللوا لسحب هوية عبدالله وأحمد وينتظرون، الآن، برجاء مبتهج كي تكمل صاحبة السيادة مشوارها الدامي بسحب وإسقاط جناسي البقية، حتى تتعدل تركيبة المواطنة كما يريدون وكما يدبرون، وكي يصبح الوطن جنتهم الموعودة؟، وبناء عليه تم حذف رقمي المواطنين عبدالله وأحمد من سجلات الوطن!
 فمن كان يمثّل الأمة في يوم مضى، مثل عبدالله البرغش، لم يعد مواطنا ولم يعد أهله مواطنين بدورهم، ومن كان يملك جهازاً إعلامياً يدوي في الوطن لم يعد، هو الآخر، من أبناء الوطن، والحكم ذاته يسري على أهله وأقربائه.  كيف حدث ذلك، ولماذا؟
لا تقل كلمة "كيف"، فقد قررت صاحبة السيادة واتخذت قرارا من أعمال السيادة، فالسيادة في مفاهيم تلك الشاكلة من الدول، هو أن تصنع "الدولة" ما تشاء برعاياها المشمولين بعطفها وكرمها الساميين، تهبهم أرقام الوجود حين ترضى، وتمسح تلك الأرقام وتنفيهم للعدم القانوني حين تغضب، وحين تسمع عبر البصاصين والوشاة ما لا تريد عن أصحاب الأرقام "الموهوبة" لهم مواطنيتهم وهوياتهم، أليس المواطنون مجرد أرقام عند أصحاب هذه اللعبة؟!
 ماذا سيفعل عبدالله وأحمد في أول أيام العيد، وهل سيسمعان كلمتي "عيدكم مبارك" من أبنائهما؟ هل هناك عيد، وهل من حق المظلومين أن يفرحوا بالعيد؟، وهل من حقهم أن يشتكوا من الظلم؟، ولمن يشتكون؟!

احمد الصراف

كومة إنذارات وكومة تجاهل

تقوم وزارة الشؤون، ومنذ عشرين عاما على الأقل، بإصدار تعليمات مشددة للجمعيات والمبرات المسماة بالخيرية، تحذرها من مغبة مخالفة تعليمات الوزارة في ما يتعلق بطريقة جمع التبرعات، عدم جمعها بغير استخدام إيصالات تحمل أختام الوزارة، وتنذرها من مغبة العودة للمخالفات، وتهديدها بالإغلاق وبتجميد حسابات الجمعيات الأم، إن خالفت الأفرع، وعدم التهاون مع المخالفات، وأنه لن تكون هناك استثناءات أو مجاملة لأي جمعية! بالرغم من كل هذه التحذيرات فان غالبية الجمعيات والمبرات، حتى صدور القرار الأخير المتعلق بإغلاق بضعة أفرع تابعة لجمعيتي الإصلاح (الإخوان)، وجمعية التراث (السلف)، كانت منغمسة بجمع التبرعات بطريقة غير قانونية، وفي مخالفة صريحة للتعليمات، عيني عينك، ومنذ سنوات عدة. والوزارة بدورها منغمسة، سنة بعد أخرى، بالكشف عن المخالفات وإرسال الإنذار تلو الآخر، لينتهي موسم القطاف وينسى الجميع كل ما تعلق بالمخالفات، ولتبدأ دورة جديدة في موسم القطاف التالي. ويبدو أن عشرات آلاف المخالفات التي ارتكبتها الجمعيات سيتم نسيانها، ونحن مقبلون على نهاية شهر رمضان، وسيغلق ملفها حتى موسم القطاف التالي، بعد شهرين عندما يحل عيد الاضحى. ما تغير هذا العام هو حجم الهجوم غير المتوقع الذي تعرضت له الحكومة، خاصة من أطراف كانت تعتقد أنهم في «جيبها الخلفي»، كالإخوان وبعض النشطاء والدعاة الدينيين، وبالتالي دفعها خوفها على وضعها لأن تحرك «آلياتها»، ولأول مرة منذ اكثر من ثلاثين عاما، وتقوم بقرص شحمات أذن من تجرأوا على تحديها. ما نتمناه هو أن تستمر الدولة في فرض القانون، وليس الاحتفاظ بالمخالفات واستخدامها عندما يتطلب الأمر ذلك. ما ينطبق ويسري على الجمعيات الدينية يسري على من حصلوا على الجنسية الكويتية بطرق غير قانونية. فهؤلاء معروفون للحكومة، وتقرير ثامر الجابر، حصر غالبيتهم. وبالرغم من المبررات التي قدمتها الحكومة لسحبها حق المواطنة من البعض، وهو قرار نقف معه بكل قوة، فانه كان قرارا كيديا وربما وموجها لأطراف معينة، وليس قرارا «استراتيجيا» تتطلبه المرحلة الحالية، وما تتعرض له الجبهة الداخلية من خطر. فهناك عشرات آلاف المواطنين الذين يدور شك ليس فقط حول الطرق غير القانونية التي حصلوا بها على الجنسية، وبل وحتى لمدى ولائهم للكويت. وبما أن العدد كبير جدا، فإن اختيار أشخاص معينين، تعتقد الحكومة أنهم أساءوا لها، وترك البقية أمر لا يجوز. فكيف سمحت الحكومة مثلا لشخص يحصل على الجنسية الكويتية وينتخب نائبا في البرلمان ويشارك في التشريع، وهي تعلم بحقيقة وضعه؟ وما هو مصير القوانين التي شارك في التصويت عليها؟ كما أن هناك من هو أخطر ممن سبق، ان ارتكبوا أعمال قتل أدينوا عليها باحكام سجن، ولهم أنشطة سياسية مريبة ومخالفة لمصالح الوطن، وأسماؤهم معروفة. وبالتالي من الضروري أن تسير عجلة العدالة في طريقها ويحاسب كل من تثبت عليه تهمة التزوير، وألا يتم الاكتفاء بمعرفة أسماء هؤلاء والسكوت عنهم إلى أن تحين فرصة استخدام التهم ضدهم، وكأن الحكومة بهذا تضع الرصاصة في جيبها لحين وقت اطلاقها، فهذا ابتزاز ممجوج، وهي يجب أن تكون أرفع من ذلك! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com