احمد الصراف

أشياء صديقي العشرة

“>يقول صديقي انه يعتقد، ومن واقع قراءاته وما عرفه من حكيم، أن هناك عشرة أشياء في الحياة لا يمكن شراؤها بالمال، مثل التصرف الحسن والأخلاق والاحترام والشخصية القوية والثقة والمصداقية واللباقة والحس السليم، وأخيرا الحب!
فقلت له انه وحكيمه مخطئان، فقد تغير الزمن وتغيرت مفاهيم كثيرة في الحياة، وأصبح ما يرتديه المشاهير هو الموضة، ولو كان أسمالا بالية، كما نرى في بناطيل الجينز الممزقة. كما أن لوسائل الإعلام سطوتها في تغيير الكثير من المفاهيم الراسخة وجعلها منبوذة أو محبوبة، إن من خلال رسائلها الموجهة لأغراض معينة أو من خلال سيل الإعلانات التجارية التي خلقت ورسخت أنماط معيشة تختلف كثيرا عما كنا نعرف. ولو جلس قوم في حضرة دكتاتور واسع الثراء، يطلب الشيء فيكون، يسجن ويعفو، ويحكم بالموت والصلب، ويثري من يشاء بالملايين، فما الذي سيكون عليه رد فعل من هم حوله ان صدر عن ذلك الزعيم تصرف سيئ أو غبي؟ هل سيعترضون أم انهم سيغضون النظر، وكأن شيئا لم يكن؟ وهل لو «تريع» صاحبنا «أو تجشأ» بصوت عال ومقرف سيبدي الذين حوله امتعاضهم من تصرفه أم سيتصرفون، وكأنهم لم يسمعوا شيئا، وربما سيضحك بعضهم بهبل ويتجشؤون مثله؟ وهل هناك حقا من سيهتم بمدى مصداقية اثرياء مثل بل غيتس أو وارن بوفيت أو كارلوس سليم أو لباقتهم أو حسهم السليم، خاصة ان كانوا من العاملين معهم؟ ولو كنا في حضرة ممثلة مثل انجلينا جولي، فهل سنكترث حقا بعدم إلمامها بإتيكيت تناول الطعام؟ لا طبعا، بل سنكتفي بان نكون معها! فغالبية البشر، إن لم يكن جميعهم، سيتجاوزون مثل هذه الأمور لباقة، أدبا أو خوفا من الأذى، أو تجنبا لجرح مشاعر الآخر. وبالتالي من كل ذلك نجد أن الحب هو الشيء الوحيد الذي لا يمكن شراؤه بكل ذهب الدنيا.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

محمد الوشيحي

الجنسية النووية

دون أدنى مبالغة أقول: استخدام سلاح الجنسية ضد المعارضين في الكويت، أو في أي دولة، أشبه باستخدام الأسلحة النووية المحرمة دولياً. أي أن من يستخدم سلاح الجنسية في حربه مع المعارضة، لا يُستبعد أن يستخدم الأسلحة النووية ضد خصومه لو كانت في حوزته. متابعة قراءة الجنسية النووية

سامي النصف

أسئلة حائرة حول حرب دائرة؟

لمن يريد الحرب في غزة لآخر طفل فلسطيني تحت مسمى ان ما يحدث هو انتصار باهر للمقاومة المشروعة وحرب متكافئة بين الطرفين سينتصر بها كالعادة الطرف الفلسطيني ومن ثم البدء بالتحضير لحروب عديدة قادمة في القطاع، فمن يرفض النصر المتكرر كل عام أو عامين ما دمنا قد ادعيناه وآمنا به في أمة عطشى للانتصارات؟!

***

نسأل المحرضين ومغيبي العقول: هل لدى غزة أي من العناصر التي تحتاجها أي مقاومة في العالم، أو عبر التاريخ؟! اي معين لا ينضب من السلاح والأموال والامدادات المعيشية والمساحات الشاسعة (مساحة غزة 300 كم2)، والجبال والغابات والحدود المفتوحة مع دول النصرة وعبر جبهات تمتد لمئات الكيلومترات، كما كان الحال مع فيتنام والجزائر وجنوب افريقيا وغيرها من حركات التحرر والمقاومة، ان الخيار الآخر للحرب ليس الاستسلام كما يدعى، بل السلام العادل فغزة والضفة وسيناء لم تسترجع بقرقعة السلاح بل عبر طاولة المفاوضات والسلام بعد ان اضاعتها الحروب والهزائم التي تسمى بـ ..«الانتصارات»!

ونستذكر أن اليهود الأذكياء لم يحوزوا عطف العالم عبر ادعاء مقاومة الطاغية هتلر والانتصار على قواته المتجحفلة بل قاموا باظهار حقيقة مظلوميتهم وابادتهم وانهم من قُتلوا وأُحرقوا وقُمعوا، ولو ادعوا الانتصار كما تدعيه جماعتنا لقال لهم العالم كفاكم بالانتصار بديلا وتعويضا عما حدث لكم.

***

ومخجل جدا الأرقام التي وردت من غزة بأن مقابل 1300 قتيل حدثت 1400 حالة ولادة ولو كنا نتحدث عن «ماشية» لما جاز ذلك القول، فكل حالة من 1300 والتي صعدت الى ما يقارب الـ 2000 شهيد، هي حالة انسانية بذاتها لا دخل لها بمولود جديد اتى للدنيا، ولن ينفع الأرامل والثكالى والايتام وجود تلك المواليد من عدمه، بل وحتى في منظور المصلحة الفلسطينية العامة فمن استشهد من البالغين استثمر فيه الآلاف والملايين لتعليمه وتدريبه وتأهيله، بينما سيحتاج القادم الجديد الى مبالغ مماثلة خلال سنوات عمره ليتم بعدها على الارجح قتله في حرب قادمة، ليتم الفخر مرة اخرى بأن هناك.. مولودا مقابل ذلك الشهيد!

***

آخر محطة: (1) الذي سيتكفل بإعمار غزة هي دول الخليج من مداخيل ثرواتها الناضبة، ويجب ان يقابل ذلك نزع خيار الحرب والسلام من المجموعات المغامرة ووضعه بيد السلطة الفلسطينية العاقلة في رام الله كي لا يهدم في لحظات كل ما بني في سنوات ودفعت عليه المليارات.

(2) في العادة كل ما يأتي من اسرائيل كذب وزيف الا عندما يتعلق بأقوال تمس الدول الخليجية واتهامها بالتواطؤ على غزة، حينها يصبح كلامهم في قمة الصدق ولا يأتيه الباطل من أمامه أو خلفه.

(3) ونصيحة مخلصة للإخوة الفلسطينيين.. لا يجوز كلما حلت بكم مصيبة لا شأن للعرب او الخليجيين بها ولم يشاوروا بشأنها أن يوجه لهم الشتم والسباب والاتهام بدلا من توجيهه للمتسبب او.. للفاعل!

@salnesf

حسن العيسى

استغفال النائمين في العسل

تعود إلينا من جديد السلطة الحاكمة – وكأنها لا تريد أن تتوقف – عبر تصريحات وزير الداخلية بالتهديد والوعيد عن قرب سحب جناسي لمواطنين، وكأن المواطنين أحمد جبر الشمري وعبدالله العجمي أو من سبقهما في باب العقوبات دون أحكام من قضاء محايد قد قُذِف بهم إلى هاوية النسيان، وكأن المواطنين الذين لم يعودوا مواطنين مجرد كلمات أو أرقام كُتِبت خطأً من طالب على سبورة صف أطفال بمدرسة، وقرر الأستاذ الولي إصلاحها ومسح الأسماء بالممحاة، فلم يعد لهم وجود قانوني، ولم يعد لهم مكان في هذه "الدولة"، كانوا كلماتٍ وأرقاماً مُسِحت من لوح الوجود. قرر أصحاب السعادة من شيوخنا، فجأةً، أن هناك خطأً ما وقع، حين مُنِحت الجناسي للبعض في زمن قديم، وصحت سيادة القانون من غفوتها الطويلة لتضع الأمور في نصابها الصحيح!
غريب أمر هذا القانون، فهو كان ومازال غائباً عن مصائب كبرى، سرقات ونهب واستغلال نفوذ حدثت منذ عقود طويلة ومازالت تسير على قدم وساق، ومحسوبيات في تنفيع "المُؤلَّفة قلوبهم" من المال العام ومن أملاك الدولة، لم يكن أولها، لا آخرها، توزيعات كعك الأراضي الزراعية، ومع ذلك كان القانون ينظر إليها بعين الرضا، وهي "عن كل عيب كليلة"، مهما كانت ضخامة هذا العيب الجارح، ومهما استنزف من رصيد الباقي من عمر الدولة وأعمار أطفالنا، لكن عين "السخط" على المخالفين للرأي السلطوي المنفرد بالقرار السياسي هزت رجال السلطة كي يصحوا من غفوتهم ليحركوا سياط القانون الآن…  
كيف يمكن وصف ما يجري وما يتداوله الناس اليوم عن سحب وإسقاط الجناسي بغير ممارسة الاستغفال من أصحاب القرار على الناس الغافلين، ليس وصف التخويف أو الترويع كافيين لمن "تسول له نفسه" الاعتراض على أهل الحل والعقد، بل استغفالنا بثرثرة بأن "هؤلاء" الذين "تنعموا" بالجنسية دون وجه حق في السابق، سيدفعون أثمان نكران الجميل عندما تمردوا على النعم.
بهذا الاستعباط لوعي الناس تمرر السلطة مسوغاتها لإعدام الوجود القانوني لمواطنين معارضين، هم وحدهم – حسب موسوعة الحكم القانونية- ودون شريك من كبار السلطة، من قاموا بالتزوير والتلاعب بملفات الجنسية وحصلوا على مفاتيح جنات الجنسية دون معرفة وعلم من الكبار، الذين ندري وبيقين مطلق أنهم هم "أهل القرار السيادي" وليس غيرهم من تلاعب بهويات المواطنة بتاريخ مضى بمنحها لمن لا يستحق أو منعها عمّن يستحق وفقاً لسياسة مصلحة الحكم دون مصالح الأمة… بهذا اللامنطق والتصغير لعقولنا تمرر السلطة أسبابها لإيقاع تلك العقوبات على حرية الرأي… فهل نصدقها؟! كفاية واصحوا يا ناس!      

سامي النصف

أكذوبة الحصار المصري!

تقول نكتة شائعة على الإنترنت إن هناك فتوى تقول «إن للمرأة الفلسطينية ان تخلع الحجاب عندما تترك أرض غزة لأنها ستمر على بلاد لا رجال فيها»، ومعروف ما هذه البلاد المقصودة، ولا تتم أي مقابلة مع متعاطف مع حماس إلا ويضمنها هجوما شديدا على مصر العروبة واتهامها بأنها تقوم بحصار غزة، فما صحة هذا القول الذي له دوافع ايديولوجية لا تنظر للمصلحة الوطنية الفلسطينية؟!

****

الحقيقة المعروفة والتي شاهدناها على الطبيعة ان قطاع غزة لا يزرع ولا يصنع ولا تصل إليه حاجياته عن طريق الجو أو البحر، ولا توجد له منافذ برية إلا مع مصر وإسرائيل، فمن أين يأكل ويشرب المليونا فلسطيني بالقطاع؟! واضح ان اتهام مصر بممارسة الحصار يعني بالتبعية ان إسرائيل هي الأم الحنون التي تمد الشعب الفلسطيني بحاجياته، فأين الحقيقة؟!

****

الحقيقة التي رأيناها رؤية العين المجردة في الطريق الى غزة وحتى في غزة، وكذلك عند زيارتنا لأنفاقها، أن كل تلك الأمور وعبر كل العصور (مبارك، مرسي، السيسي) تأتي من مصر وبموافقة الحكومة المصرية وبأسعار رخيصة مدعومة من الحكومة المصرية والشعب المصري، وقد شاهدنا في الطريق من العريش الى رفح مئات القوافل والمركبات المتجهة إلى غزة، والتي تتميز بتغطيتها بالنايلون لمنع تساقط رمال الأنفاق عليها، وتعلم مصر بمقصدها ولم يوقفها أحد.

****

وقد زرنا الأنفاق، وجميعها قامت بمعرفة الحكومات المصرية، وإبان عهد الرئيس مبارك، وسمح بإحضار المكائن المختصة بالحفر حيث ان الأنفاق الضخمة أكبر من قدرات الأفراد، كما ان من السهولة معرفة مكانها على الجانب المصري كونها قائمة قرب الحدود وتعلوها مبان صغيرة متشابهة، ما ان تدخلها حتى ترى بداية النفق في وسطها والمركبات الكبيرة تنقل لها المؤن من سيارات وأغذية وأدوية.. إلخ، فكفوا ألسنتكم عن مصر.

****

آخر محطة: الوقود والأغذية القادمة من إسرائيل الى القطاع أغلى بكثير من القادمة من مصر ومن ثم ليست في متناول شعب القطاع، فليتر البنزين الإسرائيلي بـ 6 شيكلات، بينما المصري لا يتعدى الشيكل الواحد لليتر، وقس على ذلك باقي المواد.

سعيد محمد سعيد

«الجيش العربي»… وين؟

 

صورتان مدهشتان انتشرتا كثيراً، وربما شاهدهما القارئ الكريم، خلال الأعوام القليلة الماضية، الصورة الأولى لعناصر من جيش «عربي» ينكلون بالمواطنين ويقمعونهم حتى النزيف ثم يصعدون على تلك الأجساد من النساء والرجال والصبية بعد إرغامهم على الانبطاح أرضاً؛ أما الصورة الثانية، فهي لكتيبة من الجيش الياباني وهي تساعد المنكوبين المتضررين من إعصار «تسونامي»، ثم يجعل عناصر من ذلك الجيش أنفسهم جسراً ليتمكن الناس من المشي عليهم والوصول إلى الضفة الأخرى بأمان.

باستثناء الجيشين المصري والتونسي، وهناك من ينتقدهما قطعاً، واجهت الشعوب العربية في فترة الحراكات المطلبية، سمها ربيعاً عربياً إن شئت وأنا أسميها مرحلة المطالبة بالحقوق العربية، واجهت ممارسات مرعبة لا علاقة لها لا بالقيم الإنسانية ولا الدينية ولا الوطنية من بعض الجيوش العربية التي بدا واضحاً أن عقيدتها هي غرس منهج «العصابات المسلحة» وليس «حماة الأوطان». وبالتالي، كانت الصدمة وخيبة الأمل في الأمة كبيرة تجاه تلك الجيوش التي قال عنها المحامي والسياسي ووزير حقوق الإنسان في حكومة حمادي الجبالي بتونس سمير ديلو: «هي في الأغلب جيوش توجه ترسانتها العسكرية لشعوبها وليس لأعدائها».

خيبة الأمل في الأمة كبيرة دون شك، ولربما تتضاعف الآن، أكثر من أي وقت مضى، مع ضراوة أحداث غزة وبسالة المقاومة الفلسطينية في الصمود والتصدي، في حين أن كلمات عبارة أو أغنية من قبيل «الجيش العربي وين.. الشعب العربي وين… وين الملايين»، من الممكن أن تكون مدعاةً للبكاء بفجاعة.

لقد سلبت أحداث الوطن العربي وثوراته، وعلى الخصوص في سورية والعراق وأحداث لبنان، واستمرار الأوضاع القتالية في ليبيا واضطرابات مصر وتونس، سلبت النظر عن القضية الرئيسية (فلسطين)، ثم عادت اليوم من جديد إلى واجهة الأحداث والدماء تنزف في كل الوطن العربي والإسلامي.

إذاً، الولاء المبرمج لدى الجيوش العربية هو الولاء لأنظمة الحكم مهما كان منهج ذلك النظام، والتفاني في خدمته وسحق شعوبهم – الذين هم في الغالب أهلهم وذووهم – ليصبح جهادهم المعقوف هذا بعين الله ولأجل الثواب العظيم والمنزلة الرفيعة زعماً!

وليس غريبًا أن تجد عناصر من تلك الجيوش المبرمجة يتجاوزون حدودهم مع رب العالمين، في حين أنهم لا يرضون أبداً بأن يأتي ذكر سيادة الرئيس أو دولة فلان ومقام علان إلا بالتهليل والتكبير والتبجيل. فعلاً، تلك الفئة، هي منهج «العصابات المسلحة» وليس أبداً لهم علاقة بالفكر الإنساني والوطني والديني.

لكن، ما هي العقيدة العسكرية أو عقيدة الجيش؟ حسب الموسوعة الحرة «ويكيبيديا»، فإن الناتو (حلف شمال الأطلسي)، استخدم التعريف المستخدم بين دوله الأعضاء: «العقيدة العسكرية هي مُجمل المبادئ الأساسية التي تتخذها القوات العسكرية لإنجاز مهامها، وهي قواعد مُلزمة وإن ظلت المواقف القتالية المختلفة الحكم الأساسي لاتباع أي من قواعد العقيدة العسكرية»، وجاء في تعريف الشق الاجتماعي السياسي بجميع المسائل المتعلقة بطريقة الأداء والاقتصاديات والقواعد الاجتماعية والأهداف السياسية المتعلقة بالحرب، وهو بالتالي الجانب الأكثر تأثيراً وثباتاً خلال النزاع العسكري، وعليه يتعيّن على الجانب العسكري التقني الالتزام بتحقيق الأهداف السياسية المتوقعة من الحرب. ويتلخّص هذا الجانب في خلق تكوين عسكري وتسليح القوات المسلحة بأحدث الأساليب التقنية والالتزام بالأساليب العلمية الحديثة في تدريب القوات وتوصيف التشكيلات العسكرية وتوظيفها وإدارة العمليات العسكرية المختلفة والحرب بأكملها». انتهى الاقتباس بخلاصة أن العقيدة تتكامل في مواجهة الأعداء وليس الشعوب.

وفي ذلك المسار، خصص الكاتب والصحافي اللبناني زهير ماجد مساحة كبيرة من أطروحاته لهذا الموضوع المهم، فهو يرى أن الجيش ينتصر لعقيدته، ولكل جيش عقيدة قتالية، يواجه من أجلها كما يموت لأجلها، لكن الطامة الكبرى التي يحددها ماجد هي أن أكثر الجيوش العربية ترهلت، وبعضها أصابه نحس الهزائم أمام «إسرائيل»، فأصيبت بلعنة القتال ضدها. تحول الجيش الاسرائيلي عند البعض إلى بعبع مخيف مهاب قبل أن يتقدّم إلى قتاله أي كان، وهذه الفكرة كسرتها عقيدة «حزب الله» الذي انتصرت به قبل سلاح مقاتليه وصمودهم في أرض القتال مع الصهاينة، ومع الوقت، صار على تلك الجيوش العربية أن تستعد لتكون قوى أمن داخلية، من المؤسف أن عقيدتها العسكرية، صار مشكوكاً بأمرها بعد أن حوّلت سلاحها للداخل، عندما صار أعداء الداخل أشبه بأعداء الخارج لا بل أخطر منهم.

ثم يورد الكاتب جوانب من أوضاع الجيوش اللبنانية والسورية والمصرية والتونسية والليبية والعراقية واليمنية وما يحل عليها وفيها ومنها من بلاء وانكسار ومواجهة ضد أعداء الوطن الداخليين والخارجيين، ومن بينهم المجموعات الإرهابية والعصابات المسلحة، ليشدّد على أن «إسرائيل» هي المحرك الأول والمستفيد الأول والمتآمر الأول لتحطيم تلك الجيوش. وهذا أمر صلاح لها لإعادة تثبيت عقيدتها وإدارة بندقيتها من الشعوب إلى الصهاينة، رغم قوة ونفوذ وأموال أعوان الاستعمار.

احمد الصراف

داعش والمناهج

“>الدولة المسماة بالإسلامية في العراق والشام ليست المحاولة الأولى، ولن تكون حتما الأخيرة في مسلسل إقامة خلافة تهيمن على كل مسلمي العالم، أو العرب على الأقل. وهذه المحاولات لم تأت من فراغ، بل هي تحقيق لتنبؤات ونصوص دينية تبشر بقيام الخلافة يوما، ومن مات دون أن يبايع فقد مات موتة جاهلية، والبيعة لا تكون إلا للخليفة. ولو نظرنا لمناهج مئات آلاف المدارس، وفي أي دولة إسلامية كنت، لوجدناها تزخر بالمواد المتعلقة بالخلافة وتاريخها وضرورة قيامها. كما تدور في الوقت نفسه، ومنذ عقود عدة، مناقشات صاخبة في اروقة «كليات» الشريعة عن شكل دولة الخلافة وشروط قيامها وطريقة إدارتها، وبالتالي من السذاجة القول إن قيام دولة داعش كان مفاجئا للبعض!
لست معنيا هنا بمن يقف وراء هذه الدولة، وإن كانت صنيعة صهيونية إمبريالية تمولها «السي آي أيه»، أو «الكي جي بي»، أو حتى مخابرات جيبوتي، فهذا لن يغير من حقيقة أن الجهل الذي زرعناه في مناهجنا على مدى نصف قرن نحن الآن بصدد حصاد ثماره. فإن كانت داعش حركة نقية تنطلق من ذات القائمين عليها، أو كانت صنيعة دولة ما، فإن ذلك لا يغير من حقيقة أن هناك عشرات آلاف الشباب الجاهزين للقتال في صفوفها، واضعاف اضعافهم الذين لن يبخلوا بالمال في سبيل نجاحها في تطبيق منهاجها، كما يعتقدون!
وبالتالي على حكومات الدول العربية إما «مسايرة» داعش، والسير في ركابها، وبالتالي الاندماج الطوعي فيها، أو أن تباشر فورا بتعديل مناهج المدارس وإغلاق كليات الشريعة، فهي بدعة وتقليد لنظام تدريس اللاهوت، والعمل على جعل تدريس مادة الدين كعقيدة دينية، وليس كأداة لتكفير الآخر، وبث الرعب في النفوس، وتحضير الأمة ليوم الخلاص العظيم.
أقول ذلك وأنا على ثقة بأن دولة الخلافة الجديدة في الموصل إلى انهيار وفشل حتمي، وستكون نهايتها من داخلها أو على يد التنظيمات الدينية الأخرى المخالفة لها، والمشكلة هي في الثمن، المادي والمعنوي، الذي سيدفع لإنهاء هذا الوضع الشاذ. فكما هو معروف ليس هناك اتفاق بين رجال دين هذه التنظيمات الداعية لإقامة الخلافة، والتي تعود جميعها لحركة الإخوان، على تعريف محدد لما تعنيه الدولة الإسلامية، ولا على حدودها، ولا على موقفها من مواضع الشورى والاتفاقيات الدولية والعلاقة مع الدول العظمى وإسرائيل وإيران والعراق وغيرها، وهكذا، وما يعنيه ذلك من أن الدولة الجديدة عليها إما أن تتلون وتتغير وتهادن، وبالتالي تفقد كل ما يجعلها حركة «نقية» في عيون مناصريها، أو أن تبقى دون تغيير وتقضي ايامها في حرب مع كل من يعاديها.
المهم هنا أن السكوت عن هذه الدولة المسخ الجديدة يعني أن موقف الحكومات الإسلامية منها سيكون محل تساؤل.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

علي محمود خاجه

شخصية

أقصر مادة في الدستور وأكثر تلك المواد وضوحاً ومباشرة هي المادة 33 منه، حيث لم يتجاوز نصها كلمتين لا أكثر "العقوبة شخصية" نقطة انتهى النص. من هذه المادة نبدأ ونشرح على خلفية ما حدث في أواخر رمضان من إسقاط لـ"جناسي" بعض المواطنين، أحدهم لاعتبارات المصلحة العليا كما جاء في تعليق الحكومة على الموضوع، وآخرون لحصولهم عليها من دون وجه حق، طبعاً لا حاجة للقول وتحديداً في الحالة الأولى من إسقاط الجنسيات الأخيرة بأن قانون الجنسية منح الحكومة سلطة تقديرية في إسقاط الجنسية تحت شعارات فضفاضة دون أسباب واضحة أو أحكام قضائية نافذة، وهو أمر يعتبر بحد ذاته مصيبة مرت على جميع المجالس دون تعديل أو تقويم لهذا القانون، بالإضافة إلى بعض نصوص هذا القانون المتمثلة باشتراط ديانة واحدة للتجنيس وغيرها، وهو ما يستدعي حتماً المبادرة بتعديل قانون الجنسية أو اللجوء إلى المحكمة الدستورية للبتّ في دستورية بعض مواد القانون. أما الشق الآخر والمتعلق بإسقاط الجنسية عن مجموعة من المواطنين لأن أحدهم حصل عليها بغير حق، وتحصل البقية عليها بالتبعية، فهو الأمر الذي يستحق النظر والمراجعة بشكل أكبر، فلنفترض أنني قمت بتزوير النسب للحصول على الجنسية، وقد انطلى هذا التزوير على المعنيين بإدارة الجنسية، فمنحوني الجنسية وبالتبعية حصل عليها أبنائي من بعدي، ولم يكتشف أحد التزوير فكبر الأبناء وباتوا يعملون في مختلف قطاعات الدولة الحكومية والخاصة، بل إن أحدهم يبلغ من العمر 28 عاماً ومتزوج ويعمل في القطاع الخاص، ويتقاضى راتباً يصل إلى 1800 دينار تقريباً، بما فيها راتب دعم العمالة والعلاوات، وبعد قرار الحكومة أصبح بدون جنسية براتب وقدره 250 دينارا فقط لا غير، والسبب أن والده قام بتزوير نسبه قبل ثلاثين عاما تقريبا، أي قبل أن يولد أصلاً!! الخطأ مشترك حتما بين طرفين: من قام بتزوير بعض البيانات للحصول على الجنسية، ومن منح الجنسية له دون تدقيق عميق يعادل أهمية منح الجنسية، وعلى الرغم من كل ذلك يعاقب المخطئ ومن حصلوا عليها بالتبعية له دون أي أثر فعلي على الطرف الآخر المانح للجنسية من الأساس، وهذا ما يعيدنا إلى أول المقال بأن "العقوبة شخصية" كما نص الدستور، فالمزور يعاقب على تزويره على ألا يمس ذلك أهله وذويه حتى إن كانوا قد تحصلوا على الجنسية نتيجة لذلك التزوير، خصوصاً إن بلغوا سن الرشد، فمن غير المعقول أن يفاجأ الابن أو البنت بعد ثلاثين عاما على تزوير والده بأن يصبح بلا هوية ولا مسكن ولا راتب؛ لأن الدولة وبكل بساطة أخطأت قبل ثلاثين عاماً، وقررت تعديل الخطأ بعد كل تلك المدة… إن ما حدث يعتبر كارثة اجتماعية بكل المقاييس وهو أمر غير مقبول أبداً. أما الحل فيكمن بأن تكون هناك نصوص واضحة في حالات التزوير تحديداً تمنع أن يتأثر الأبناء بعد انقضاء مدة معينة على التزوير عشر سنوات أو أقل مثلاً، كما تمنع أن يتضرر من إسقاط الجنسية من بلغ سن الرشد من الأبناء. أنا من أشد المؤيدين لفتح ملف الجنسية وكم التلاعب الذي حصل فيه طوال السنوات، ولكن لا يكون ذلك على حساب من لا ذنب لهم سوى أنهم أبناء شخص ارتكب جريمة التزوير والغش، القضية شائكة ومعقدة بلا أدنى شك، لكن العلاج لا يعني خلق كوارث اجتماعية لا تحلّ بحجة تعديل الأوضاع. ضمن نطاق التغطية: النص الحالي لقانون الجنسية فيما يتعلق بسحب الجنسية ينص على "إذا كان قد منح الجنسية الكويتية بطريق الغش أو بناء على أقوال كاذبة، ويجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون قد كسبها معه بطريق التبعية"، كما هو واضح بأن النص يجوّز سحب الجنسية ممن كسبها بالتبعية، ولا يلزم بذلك، وهو ما يعني إمكانية تفادي الكوارث الاجتماعية لذوي من غش، إلا أني أعتقد أن قانون الجنسية برمته يجب أن يعاد النظر فيه كاملاً.

سامي النصف

محاربة الإرهاب بالإرهاب!

مع إنهاء الحرب الكونية الثانية، سقطت دول شرق اوروبا تحت اقدام الدب السوفييتي، وتشكلت معها احزاب شيوعية قوية في فرنسا وايطاليا واليونان كانت قاب قوسين او ادنى من الوصول للحكم في تلك البلدان عن طريق الانتخابات، ومن ثم اختراق الناتو والمعسكر الغربي وخلق «حصان طروادة» بينهم تعمل لمصلحة السوفييت.

****

توازى مع ذلك التمدد الشيوعي ظهور مفاجئ لمنظمات ارهابية ماركسية جند قادتها عندما كانوا في السجون مثل بادر ماينهوف الالمانية والألوية الحمراء الايطالية، وقاموا بجرائم ارهابية كبرى كالقتل البارد لرئيس الوزراء الايطالي المعتدل الدو مورو، مما خلق ردود فعل شعبية ضد الاحزاب الشيوعية الكبرى، ولم ينفع انكارها واعتراضها على تلك التنظيمات الارهابية التي لا يعلم احد من يقف خلفها، فانحسر التأييد عن الاحزاب الشيوعية ولم تعد لها فرصة في تشكيل الحكومات في فرنسا وايطاليا، اما اليونان فقد تكفل انقلاب عسكري بمحاربة وتحجيم حزبها الشيوعي.

****

ومع هزيمة الجيوش العربية في حرب 1967، سادت على الساحة العربية والفلسطينية فكرة الحرب الشعبية لتحرير فلسطين، تشكلت العديد من المنظمات الفلسطينية «الشعبية» الداعية لتلك الحرب، وتم لاحقا تدمير تلك الفكرة عبر ظهور منظمات ارهابية كحال منظمة ابو نضال وابو العباس والجبهة العربية لتحرير فلسطين وغيرها ممن ادعوا تبني شعبية حرب التحرير، الا انهم تخصصوا في الأعمال الاجرامية التي نفرت العالم من نصرة القضية الفلسطينية واختفت تلك التنظيمات الغامضة كما ظهرت.

****

هذا الامر او الظاهرة تكررت مع الحركات الاسلامية وتنظيمات المجاهدين التي انتصرت على السوفييت في حرب افغانستان، حيث رأينا ظهور القاعدة والزرقاوي وداعش وجميعها تطبيقات مكررة ناجحة لمحاربة الارهاب بالارهاب والعمل من خلال خطة العدو وقد بدأ انحسار التأييد الشعبي لتلك التنظيمات التي ستختفي فجأة كما ظهرت، وما تنظيم فتح الاسلام وقائده شاكر العبسي ببعيد عنا وستلحقه قريبا داعش وسيختفي البغدادي كما ظهر.

****

آخر محطة: يتبقى تساؤل قائم هو من اين للتنظيمات المتطرفة في اليمن والصومال والعراق وسورية وليبيا الاسلحة والاموال اللازمة لمواصلة تدمير البلدان العربية حتى اصبحت تهزم الجيوش النظامية؟! واضح ان هناك خيطا متصلا يربط بين التنظيمات الارهابية الماركسية والفلسطينية بالامس والاسلامية المتشددة الحالية اليوم!