سامي النصف

المسألة العربية.. الليبرالية هي الحل!

في عهد الليبرالية العربية الزاهر الذي امتد من عشرينيات القرن الماضي حتى تساقطها تحت سنابك الثوريات الهمجية في الخمسينيات وما بعدها، تم توحيد البصرة وبغداد والموصل وخلق مملكة العراق الدستورية، كما وحدت أقضية راشيا وحاصبيا والبقاع الغربي وخلق لبنان الكبير وزيادة مساحته من 3500 كلم2 الى 10452 كلم2 (الشهيرة)، ورفض السنة والدروز والعلويون الحكم الذاتي الذي منح لهم، وتم خلق سورية الحديثة، وحافظ الحكم الليبرالي في مصر على وحدة وادي النيل ممثلا بمصر والسودان، كما قام لاحقا الملك ادريس السنوسي بتوحيد ولايات برقة وفازان وطرابلس (التي كانت لفترة جمهورية مستقلة) في مملكة فيدرالية واحدة حولها لاحقا الى مملكة اتحادية.

****

رفع ثوريو الخمسينيات والستينيات شعارات الوحدة العربية ومزجوها بالاشتراكية وحتى الماركسية العلمية، ودعوا إلى وحدة الطبقة العاملة، واستطاعوا بكفاءة شديدة ان يدمروا وحدة الاوطان العربية التي حكموها عبر اضطهاد الاقليات الدينية والمذهبية والعرقية التي اختارت طواعية البقاء ضمن الدولة القومية، ولم يكن منطقيا على الاطلاق ان يحكم حزب يرفع شعار القومية العربية بلدا به قوميات غير عربية كحال سورية والعراق وليبيا، وان يحكم حزب اسلامي بلدا به مسيحيون او وثنيون، كما حدث للسودان (يوغوسلافيا افريقيا) وأدى في النهاية الى انفصال الجنوب والباقي على الطريق.

****

وتم في حقب لاحقة رفع شعار سياسي لا ديني هو «الاسلام هو الحل» لدغدغة مشاعر البسطاء رغم علم من رفع الشعار انه لن يحل مشاكل الاوطان المختلفة وان الحقائق تكمن في التفاصيل، لذا اختفى الشعار مع وصول حامليه الى الحكم في تونس ومصر وغيرهما، واستبدل بخلق احزاب ترفع شعارات ومشاريع النهضة والعدالة والسلام التي لم يتحقق منها شيء.

****

ان التجربة المعيشة والحقيقة الجلية تظهر ان الليبرالية والقبول بالتعددية هما الحل النهائي لمشاكل اوطاننا العربية المبتلاة هذه الايام بالحروب الاهلية المستترة والمعلنة كونها تبقي الحكومات على مسافة واحدة من جميع الاديان والمذاهب والاعراق، وحقيقة ان الجميع يستطيع ان يتدثر بردائها كونها عملية اختيارية لا امرا يصاحبك منذ مولدك ويضعك قسرا لا اختيارا ضمن هذا التوجه المؤدلج او ذاك، فتصبح دون ارادتك في كثير من الاحيان إما قاتلا او مقتولا.

****

آخر محطة: رفع شعار «الليبرالية هي الحل» يجعلنا «ننتهي» حيث انتهى العالم المتقدم الذي وصل الى تلك النتيجة النهائية ووصل الى السلام الاجتماعي والتقدم وقمة المجد من خلالها، اما الشعارات الاخرى من دينية (جربت في اوروبا ابان العصور الوسطى) أو قومية (جربت في النازية والفاشية والبعثية) أو يسارية (جربت في الاتحاد السوفييتي واوروبا الشرقية) فتجعلنا «نبدأ» من حيث بدأ الآخرون لننتهي بعد عقود وقرون طوال الى النتائج الفاشلة نفسها.

احمد الصراف

سلطة الخلافة وتاريخ المنطقة

حكم الإنكليز والفرنسيون منطقتنا، بعد انهيار العثمانيين، وحتى ما قبل سنوات قليلة. وقسمت المنطقة طبقا لاتفاقية «سايكس بيكو». ثم نالت كل دولة استقلالها، ولكنها بقيت على حالها من التشرذم والتخلف، من دون استثناءات. وسبق حكم الإنكليز والفرنسيين للمنطقة حكم العثمانيين لها، الذي استمر من بداية القرن الرابع عشر وحتى بداية القرن العشرين، وقبل هاتين الفترتين كانت هناك فترة فوضى عارمة تبعت انهيار الدولة العباسية عام 1258، وذلك عندما اقدم هولاكو على نهب وحرق بغداد وقتل الكثير من سكانها، بمن فيهم الخليفة العباسي وأبناؤه، لينتقل من بقي منهم إلى القاهرة، حيث أقيمت الخلافة مجدداً عام 1261، وبحلول هذا الوقت كان الخليفة قد أصبح مجرد رمز ديني، أما في الواقع فإن سلاطين المماليك المصريين كانوا هم الحكّام الفعليين للدولة. واستمرت الدولة العباسية قائمة حتى 1519، عندما اجتاحت الجيوش العثمانية بلاد الشام ومصر وفتحت مدنها، فتنازل آخر الخلفاء عن لقبه لسلطان آل عثمان، سليم الأول، وأصبح هؤلاء خلفاء المسلمين. وقبل الدولة العباسية كانت الدولة الأموية، التي بدأت عام 662 وانتهت في 750. وسبقتها طبعا دول، او دولة الخلافة الراشدة، التي كان نفوذها مقتصرا على بقعة جغرافية محدودة. ومنذ انهيار آخر خلافة، وإلى ما بعد مرحلة الاستعمار الحديث، وحتى هذه اللحظة، وأحلام تسنم سدة الخلافة راودت الكثيرين، ومنهم القاضي تقي الدين النبهاني، مؤسس حزب التحرير الفلسطيني، والملك فاروق، وحسن البنا، مؤسس حركة الإخوان الإرهابية، وربما المهدي في السودان، لتنتهي الحال بنا لنسمع بأبوبكر البغدادي، خليفة القرن الحادي والعشرين. والسبب في طموح كل هؤلاء للوصول للخلافة هو هلامية هيكلها، الذي يختزل كل السلطات في يد الخليفة، كما هو حاصل الآن في إيران الخمينية. وبالتالي فإن كل ما يدعونه عن عدالة دولتهم لا معنى له على أرض الواقع، فما نقاسيه الآن يعود في جزء كبير منه لما لحق بنا من تخلف، وبالتالي فإن ما ينادي به أنصار الشريعة في ليبيا وتونس وسوريا ومصر، وتنظيم «داعش» بالعراق والشام، ومنظمة أبو سياف بالفلبين، والشباب الإسلامي بالصومال، والجماعة المقاتلة في ليبيا، وحركة الجهاديين الباكستانية ومثيلتها عسكر طيبة، وتنظيم القاعدة في المغرب العربي والجزائر واليمن، وعُصبة الأنصار في كردستان، وبوكو حرام بالنيجر ونيجيريا، والجماعة الإسلامية المسلحة، وحركة الجهاد الإسلامي في بنغلادش، وأوزبكستان، وتنظيم الإخوان المسلمين بكل أجنحته، والجبهة الإسلامية للإنقاذ بالجزائر، وحزب الله وعصائب أهل الحق وحماس، وفيلق بدر، وعصابات الشباب في الصومال، لا تعدو أن تكون لغوا، ولن ينتج عنها في نهاية الأمر غير الخراب. ولن ينتج عنه في نهاية الأمر شيء. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

د. أحمد الخطيب

ما نشاهده الآن ليس انقلاباً… بل ثورة كرامة لكل إنسان شريف

لو زارنا ضيف من كوكب آخر، لأخذته الدهشة مما يراه من غرائب في عالمنا هذا. البليونيرية (أصحاب البلايين) يتكاثرون كالفقع بعد أمطار الوسم… حتى إن مجلة فوربس، المعنية بهذه الشريحة من البشر، عجزت عن إحصائهم، فلم يعد هؤلاء الأغنياء كالسابقين لهم من تجار عقار أو إقطاعيين وصناعيين، بل انضمَّت إليهم مجموعات مختلفة من أبطال رياضيين في ألعاب عدة، ككرة القدم والتنس والسيارات والدراجات، وممثلين وعارضات أزياء وملكات جمال وموسيقيين ومغنين وعباقرة وسائل الاتصالات والتكنولوجيا الحديثة، كالمبدع بيل غيتس، وعباقرة الأسواق المالية، ولا ننسى تجار الدين، بطلعاتهم التلفزيونية ومحاضراتهم ومعالجتهم للمرضى، وازدهار مبيعات أشرطة محاضراتهم ومظاهر البذخ البادية على معيشتهم.
واللافت للنظر، كذلك، ازدهار تجارة البضائع الفاخرة، كالسيارات الباهظة الثمن والطائرات والشقق الفاخرة ذات الأسعار الخيالية، والحجز في أفخم الفنادق الراقية، حتى قبل أن يبدأ بناؤها… وكذلك ما يُصرف من أموال مبالغ في ضخامتها في مناسبات احتفالية للمرح أو للزواج. متابعة قراءة ما نشاهده الآن ليس انقلاباً… بل ثورة كرامة لكل إنسان شريف

مبارك بن شافي الهاجري

القائد الانساني

نشهد وكلّ أمة محمد تشهد

انّك لشعبك مثل أبوه الثاني

وان كف جودك يا كريم المحتد

يدري بها قاصي العرب والداني

ما هي غريبة يا صباح الاحمد

لا لقّبوك القائد الانساني

محمد الوشيحي

فشّلتونا يا حبايب

صحيح أن دولة الكويت تكاد “تنفقع” لشدة التخمة المالية، ومع ذلك مشوهبة (لونها أشهب يقطع الخلفة). وصحيح أن مطار هذه الدولة الثرية يستحق الصدقة، بسقفه المهلهل المخلخل، الذي تساقطت أحجاره كأنه أطلال حضارة بادت. وصحيح أن شركة طيرانها هي الأتعس من بين شركات الطيران الخليجية، التي تسيد بعضها الترتيب العالمي.
وصحيح أن أحدث مستشفى عام بُني منذ عهد الدولة الأيوبية. وصحيح أن جدران المستشفيات مصابة بالجدري والحكة. وصحيح أن مواعيد العلاج والفحص تتطلب شهوراً وشهوراً. وصحيح أن صيدليات المستشفيات الرسمية تعاني نقصاً في الدم. متابعة قراءة فشّلتونا يا حبايب

سامي النصف

مخيمات اللاجئين اللبنانيين!

بدأت تنتشر على الارض العربية ظاهرة مدمرة هي مخيمات اللاجئين العرب التي لا ينتج عنها، كما هو معروف، اي امور موجبة، حيث لا يصنع ولا يزرع ولا يتدرب رجالها ونساؤها ولا يذهب اطفالها وشبابها في الاغلب لمعاهد العلم، بل يعيش الجميع على ما تقدمه لهم منظمات الاعاشة الدولية من غذاء ودواء، لذا سهل عبر تاريخنا الحديث استخدام شباب المخيمات في عمليات الخطف والارهاب والترويع واشعال الحروب الاهلية في البلدان التي يعيشون بها كما حدث في الاردن ولبنان الذي قيل ذات مرة ان من احرق لبنان هم.. باعة العلكة.

***

ورغم تعرض لبنان لحرب اهلية لمدة 15 عاما، الا ان العالم لم يشهد مخيمات للاجئين اللبنانيين في الدول المجاورة، بل اعتمد اللبنانيون على انفسهم، فمنهم من بقي في مناطقهم رافضين تركها، ومنهم من هاجر وعمل وانتج ونجح وعاد لاحقا لتعمير بلده، مما يثبت ان الحروب لا تنتج بالضرورة.. مخيمات لاجئين!

***

وفي مصر، تسببت حرب الاستنزاف في تهجير رسمي لسكان مدن القناة، الا ان الامر لم ينتج عنه مخيمات لاجئين مصريين، كما لم يتسبب الغزو الصدامي للكويت في خلق مخيمات لاجئين كويتيين، واذكر انني وغيري كثير من الكويتيين واصلت ممارسة عملي التخصصي في الخارج وادخلنا ابناءنا المدارس ولم نتصور انفسنا نسكن في مخيمات تتكفل المنظمات الدولية بإطعامنا.

***

ان خلق مخيمات للاجئين الفلسطينيين بعد عام 1948 بحجة ضمان عدم ضياع قضيتهم كانت فكرة كوارثية وغير انسانية ساهم في خلقها لاسباب شريرة الامين على القضية الفلسطينية آنذاك المفتي امين الحسيني، بدلالة انه لم يعش بها بل امضى حياته في مدينة القاهرة، وكان يفترض عمل العكس اي التأكد من تحول الشعب الفلسطيني الى شعب مثقف منتج كما عملت الكويت مع نصف مليون فلسطيني استقبلتهم على ارضها ولم تجعلهم يعيشون في مخيمات بل منحتهم فرصة العمل والدراسة في اجل صورها، لذا لا عجب ان تكون اغلب القيادات الفلسطينية المبرزة بمختلف توجهاتها من خريجي الكويت.

***

آخر محطة: 1 ـ في منطقة الشرق الاوسط، شعوب اخرى تعرضت للقمع والقتل والابادة والتهجير من اراضيهم كحال الاكراد والارمن والشركس.. الخ، الا انهم لم يخلقوا مخيمات لاجئين يعيشون فيها بل اصبحوا جاليات منتجة تحظى بعيش كريم في القرية الكونية الصغيرة التي نعيش جميعا فيها.

2 ـ بعد الحرب المدمرة الحالية في غزة، نرجو البدء في تحويلها من مخيم لاجئين كبير يعيش على المساعدات الى هونغ كونغ او دبي او سنغافورة جديدة والتحول من حالة سياسية وامنية غير مستقرة وبيدق شطرنج يتم اللعب به الى شأن اقتصادي متميز منزوع السلاح حفاظا على كرامة وعيش اهله.

حسن العيسى

نضحك أم نبكي على الخيبة؟

هل هي "جناسي" أم أكياس "قرقيعان" رمضانية وُزِّعت على أطفال في منتصف الشهر الكريم… التعليق هنا يخص تصريح النائب صالح عاشور عن قيام الحكومة بتجنيس 200 ألف مواطن منذ التحرير، والذي تصدَّر "مانشيتات" صحيفتي القبس والوطن أمس، هل مثل هذا الرقم المخيف (أو ما يقاربه) صحيح أم أنه من وحي خيالات وأوهام النائب؟! وأين نحن اليوم، هل نستظل بطمأنينة ويقين أكيدين تحت غطاء راسخ لدولة تحتكم إلى سيادة القانون، أم أننا في جاخور أغنام يتاجر أربابه بقطعان الغنم كما يحلو لهم؟!
تصريح خطير، يفترض أن يُحاسَب عليه سياسياً كل المسؤولين السابقين والحاليين، في ما لو صحت معلوماته، دون أن ننسى المساءلة القانونية، هذا إذا كان لدينا قانون ومؤسسات!
ما مناسبة مثل هذا التصريح الفضيحة؟ وإلامَ يرمي من ورائه النائب عاشور؟ ربما وُفِّق في تصريحه، عند أصحاب القرار، إذا كان يقصد أن "يبرد" للسلطة، ويسوِّغ ما يجري الآن في "شو" حفلات سحب "الجناسي" من معارضيها، وكأنه يقول إن آلاف الجناسي مُنِحت لمن ليس له حق فيها، وهذا ليس بأمر جديد في الثقافة السياسية، وما يتم هذه الأيام من عمليات السحب هو "تصحيح" لوضع قديم منحرف، كانت الحكومات السابقة ووزراء الداخلية المتعاقبون تسببوا فيه، والآن يتم تعديل المعوج، بسحب "الجناسي" من مواطنين اغتصبوها على خلاف القانون، لذلك يطلب (عاشور) الصمت وغلق الأفواه من جميع المعترضين على أفعال السلطة، حين تسحب جناسي البعض، أم يريد النائب، "القريب" من مؤسسة الحكم، أن يضع الأمور في نصابها الصحيح، وبالفعل يريد كشف حقائق مؤلمة كي تتم محاسبة مَن تسبب في تلك الجريمة، ويصعب عليّ أن أبتلع مثل تلك "النخوة" المفاجئة لحكم القانون من حضرة النائب، ويا ليتني على خطأ في تقديري.
مهما كانت مرامي النائب، فسنجد أنفسنا مفجوعين بما حدث ويحدث، فإذا صحت معلومات النائب، فهذه جريمة كبرى تضرب خاصرة "المصالح العليا" للدولة، كما تتكرر تلك العبارة، دون كلل، في الخطاب السلطوي حين يبطش أصحابه بحريات الناس وحقوقهم تحت أي ذريعة يجدونها في نصوص قانون يتوسع ويضيق في تفسيره كما يريد فقهاء السلطة، وإن لم تكن تلك المعلومات صحيحة، بل كانت مختلقة، أو مبالغاً فيها، فهذه مسؤولية النائب وناخبيه.
ما مشاعر آلاف "البدون" من المنسيين والمستحقين للجنسية وهم يطالعون مثل هذا الخبر عن الاتجار الحقيقي أو الوهمي بوثائق الانتماء إلى الوطن؟ وكيف لنا أن نطمئن إلى مستقبلنا ومصير أبنائنا، في ظل هذا الفكر السائد في الدولة.

احمد الصراف

سلطة الخلافة المطلقة

يقول الزميل السعودي أحمد عدنان: «..كلما أراد مستبد تشريع استبداده، أو أراد مجرم تبييض صحيفته، أو رغب مختل في فرض جنونه، نادى لنفسه بالخلافة، أو أعلن تطبيق الشريعة، وآخر هؤلاء أبو بكر البغدادي»! كلام الزميل صحيح، والسبب يعود إلى قلة القيود، أو انعدامها، في طريقة الحكم بموجب نظام الخلافة، فالسلطة مطلقة ولا تحدها حدود، وهذا ما رأيناه في نظام حكم المرشد في إيران، وما رغب الإخوان المسلمون، المغرمون بتطبيق نظام الخلافة، في رؤيته، وهم على رأس السلطة. ولكن الداعين لعودة نظام الخلافة يتناسون عمدا ان ما كان يصلح لما قبل ألف أو الفي عام لا يصلح بتاتا لعصرنا هذا، بكل ما فيه من تعقيدات والتزامات دولية وارتباطات اقليمية، لا يمكن القفز عليها من دون الدخول في حروب وصراعات دامية وخسائر ستنتهي بفناء الطرف الأضعف. يعود الزميل ليقول «إن حكم الخلفاء الراشدين لم يصمد لأكثر من ثلاثين سنة، رغم انهم كانوا أفضل العرب والمسلمين صلاحا وخلقا، ومع ذلك اغتيل ثلاثة خلفاء من أصل أربعة»! (انتهى الاقتباس والتعليق). ولو حدث واغتالت جهة ما الخليفة العراقي المزعوم، فمن الذي سيحل محله؟ ألن يكون اقوى أعوانه بأسا وقدرة على سفك دماء رفاقه وإخوته في الحركة والحكم؟ وهل هذا هو النظام الذي يطالب الإخوان المسلمون، منذ أكثر من ثمانين عاما، بتطبيقه؟ ألم تخرج حركات داعش والنصرة والقاعدة وكتائب الزفت والقطران والبؤس والخراب من تحت عباءة الإخوان؟ لقد بذلت شعوب كثيرة أرواح الملايين للتخلص من حكم الفرد، ونأتي اليوم لنطالب بعودة الدكتاتورية، وفي أكثر تطبيقاتها ظلامية وظلما، فالحاكم الجديد هو لا يأتي ليحكم بموجب منافيست شيوعي أو فاشي، ولا على أساس مبادئ اشتراكية، بل سيأتي ليحكم باسم الله باعتقاده، وحسب تفسيره، فمن الذي سيجرؤ حينها على أن يقول له انه على خطأ؟ إن المشكلة لا تكمن في إيجاد الحاكم، ولو كان مستبدا وعادلا، فهناك الكثير من أمثال هؤلاء، ولكن الاستبداد العادل لا يكفي أحيانا كثيرة لإدارة شركة تجارية، أو مدرسة، فما بالك بحكم دولة معقدة، وأين النص الديني الذي ينادي بفصل السلطات، أو إجراءات محاكمة الرئيس، أو الخليفة إن أخطأ او خان وطنه، او ما يجب اتباعه في حال اصابته بالخرف أو العجز التام؟ أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com

سامي النصف

المسألة الدينية في الأوطان العربية وخارجها!

هناك إشكال إنساني حقيقي ومأساوي يتعرض له أتباع الدين الإسلامي خارج الوطن العربي ويحتاج الى حل ناجع وسريع له، حيث انفرد المسلمون دون غيرهم من أتباع الأديان الأخرى المتفاهمة بعضها مع بعض، بتعرضهم لأعمال عنف من قبل المنضوين لتلك الأديان بجميع أشكالها وطوائفها، وجزء مهم من الإشكال المتكرر هو محاولة بعض المسلمين خلق دويلات لهم والانفصال عن أوطانهم القومية بحجة أنهم لا يحكمون بالإسلام وان ديارهم ديار كفر وحرب تحتاج إما الى تغييرها وإما الى الهجرة والانفصال عنها، والحل بداهة يوجب قيام المرجعيات السياسية والدينية العربية والإسلامية بالطلب من الأقليات المسلمة القبول بأوطانهم التي يعيشون فيها كحل نهائي لإشكالاتهم، فلن يأتيهم فتح إسلامي أو دولة خلافة حقيقية ينضمون اليها، وضرورة العمل عبر القدوة الحسنة، فإندونيسيا ونيجيريا- أكبر بلدين إسلاميين في آسيا وأفريقيا- لم تفتحا بالسيف بل بالرفق والموعظة الحسنة.

* * *

في المقابل هناك إشكالات الأقليات الدينية والمذهبية والعرقية التي تعيش في أوطاننا العربية، والتي يلاحظ أن أغلبيتها لجأت تاريخيا الى قمم الجبال لحماية أنفسها من تعسف العثمانيين وغيرهم حتى ارتبطت أسماء الأقليات بالجبال، فهناك جبال الأكراد والدروز والعلويين والموارنة والصابئة والأرمن والأمازيغ والبربر.. إلخ، والواجب يدعو ضمن المخاض العربي الحالي وكوسيلة لمنع انفصالهم القادم لا محالة، الى الاعتراف بالمظالم التاريخية التي تعرضوا لها والوعد بعدم تكرارها وإقناعهم بأن مصالحهم تتم عبر البقاء ضمن الدولة القطرية القائمة بدلا من الانفصال اعتمادا على كسب مؤقت كوجود آبار النفط على أراضيهم والتي ستنتهي فائدتها آجلا أو عاجلا.. خيار بقاء الأقليات يحوج أن تكون الدولة العربية مزدهرة وآمنة، لا مليئة بأعمال العنف والحروب والتدمير الاقتصادي.

* * *

آخر محطة: (1) أحد إشكالات بعض المذاهب المتفرعة من الدين الإسلامي محاولة الأكثرية إرغامهم على تغيير معتقدهم كي يتماشى مع معتقد الأغلبية، قد يكون مناسبا ضمن الفهم الجديد للدولة الوطنية المتعددة الأعراق والديانات والمذاهب إعطاؤهم الحق الكامل في ممارسة عقائدهم بالطريق الذي يرونه أو حتى القبول بتسمية تلك العقائد والمذاهب بديانات منفصلة كي يتوقف الخلاف.

(2) ويمكن ان يكون حصول بعض الأقليات على المناصب القيادية العليا في الدولة كوسيلة للطمأنة جزءا من الحل لبعض الدول العربية، وهو أمر مطبق في لبنان والعراق وحتى سورية، ولو طبق في السودان لما انفصل الجنوب، على ألا يعني ذلك ظلم وتعسف تلك الأقليات تجاه الأكثرية.

احمد الصراف

المزيد من المدنية.. والأقل من الدينية

سبق أن نقلنا عن المفكر العراقي علي الوردي قوله إن المسلمين، والعرب بالذات، لو خيروا بين الدولة الدينية والدولة العلمانية لما تردد غالبيتهم في اختيار الدولة الدينية، وليذهبوا بعدها ليعيشوا في الدولة العلمانية المدنية. ولو كانت البحرين مثلا، والأمثلة كثيرة، دولة علمانية، لما وقعت فيها اي أحداث طائفية، أو على الأقل لما نحت الى منحاها الخطير. والأمر ينطبق، وإن بدرجات أقل او أكثر، على إيران وسوريا وغيرهما. والعلمانية ليست نظاما لدولة كافرة، بل هي الضمان للجميع للعيش بمساواة وسلام تحت ظل القانون، والعبرة في الدول الغربية التي نادرا ما وقعت فيها، في العصر الحديث أحداث مذهبية خطيرة، مع استثناءات قليلة كايرلندا، وقضيتها سياسية أساسا، وتتعلق برغبة كاثوليك ايرلندا الشمالية في الاستقلال ببلادهم، وطرد الإنكليز البروتستانت منها. وحتى لو نجح هؤلاء في مسعاهم، واستقلوا ببلادهم لما ترددوا في جعلها علمانية، حسب النمط السائد في الغرب. إن فكرة حيادية الحكومة وعدم اصطفافها مع فئة ضد أخرى كانت من الممكن أن تكون المنقذ للعراق ووضعه على جادة التقدم، ولكن شيعة العراق، أو الفئة التي تولت الحكم منها، بعد سقوط صدام، لم تصدق أنها أصبحت في القيادة ففعلت بغيرها ما فعله صدام بها، علما بأن الدور السياسي المتواضع للمكون الشيعي في العراق كان، تاريخيا، بخيار الشيعة أنفسهم، أو بإيعاز من قيادتهم الدينية، ولم ينتبهوا لضرورة الانخراط في «اللعبة السياسية» إلا بعد فوات الأوان. بدأت الكويت عصرها الحديث مع حركة التنوير التي قادها الشيخ عبدالله السالم في بداية ستينات القرن الماضي. ويمكن القول ان شخصية «الشيخ» العلمانية، المدركة جيدا لمتطلبات العصر، كانت أبعد ما تكون عن التقليدية أو القبلية، بل كانت سابقة لعصرها، وبالتالي يمكن اعتبارها، من دون تردد، الشخصية السياسية الأهم في تاريخ المنطقة، والأكثر تأثيرا في محيطها. ولم يكن ليصل لهذه المكانة لولا عميق إيمانه بالدولة المدنية، التي يمكن حتى لشديدي الإيمان والمتدينين وغيرهم العيش فيها بسلام وأمان تحت مظلة قانون عادل وواحد، يكون للجميع فيه حق أداء شعائرهم بحرية، ويستتبع ذلك نيلهم لحقوقهم السياسية كاملة، في ظل دستور لا يخفى نفسه العلماني. وقد بدأت مشاكل الكويت السياسية منذ أن قررت الحكومات المتعاقبة التخلي عن علمانيتها في سبيل إرضاء بعض الفئات المتشددة من المجتمع، وبدأ العد التنازلي، الذي أوصلنا لوضعنا السيئ الحالي، والذي كانت بداياته في مجموعة القوانين والأنظمة التي نزعت عن الدستور طابعه المدني العلماني، وما تميز به من تقدمية، وجيرت الصلاحيات بكاملها تقريبا للحكومة التي قامت بدورها بالتنازل عن جزء منها للجهات التي رأت أنها الأكثر ولاء لها، ألا وهي الجهات الدينية، التي كانت في وقت ما الأقوى سياسيا على الساحة والأكثر ثراء وتغلغلا في مفاصل الدولة. وهكذا رأينا سلسلة قرارات المنع والتحريم التي حولت الكويت خلال أربعين عاما الى دولة دينية لفئة واحدة، الأمر الذي دفع الفئة أو الفئات الأخرى، الأصغر والأكثر ضعفا، الى أن تتقوقع بدورها، وتميل أكثر للتطرف، رافضة الدولة المدنية. وبالتالي فإن الخلاص في العلمانية، وليس في المزيد من السلطات للدولة الدينية. أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com