د.فيصل المناور

«بصيص أمل»!

عمت الفرحة الكويت ليلة البارحة بهدف تسعيني للمتألق اللاعب فهد العنزي، معلنا بذلك فوز الكويت على غريمة العراقي في ديربي الخليج، لتنطلق بعدها العديد من المسيرات لجماهير الازرق في مختلف مناطق البلاد.
فعلا انها فرحة افتقدتها الكويت، بعد مرحلة كان عنوانها الصراع والاحباط العام، نعم انها مرحلة سلبية في تاريخ الكويت كان ابرز معالمها ضعف الأداء وتراجع الحريات، مرحلة سحبت فيها الجناسي، وضرب فيها الشعب بمختلف أدوات السلطة، قمعت الحريات، فقدت الامة فيها مجلسها الذي يعتبر متنفسها الرئيسي، اختفت الرقابة، وضعف وتردى التشريع، أقصيت الكفاءات، وسيطر فيها أهل الفساد، مشاريع معطلة، مشكلة صحية، واُخرى إسكانية، وايضا تعليمية، مجلس أمة لا يمثل الامة بل يمثل عليها، باختصار إنها الكويت الآن. متابعة قراءة «بصيص أمل»!

طارق العلوي

مرزوق أرجوك.. افهمني!

يعلم العزيز الرئيس مرزوق الغانم مدى معزّته وغلاته عندي، وقد ساءني ما وردني من أنباء بأن بوعلي قد أخذ على خاطره مما أكتب، واعتبرها اهانة شخصية لإنجازاته التي لا يغطيها منخل، وتجريحا لـ «كريزمته» السياسية التي حار في تدوينها المؤرخون.
لذا واستجابة للتوجيهات الكريمة التي أطلقها معالي الشيخ محمد العبدالله للشعب الكويتي بـ «التناطح الفكري»، أو كما فسرها معاليه قائلا: «تنطحني بفكرة، وانطحك بفكرة ثانية.. ومن بعدها تنولد فكرة ثالثة». ومثل هذا التصريح «الفلتة» لم يسبق معالي الوزير اليه أحد من الانس والجان.. الا اثنان: ولد السلطان، وشيبوب يوم يغازل الجارية التي تشتغل عند عبلة قائلا: «تجي تقلعي لي عين وأقلع لك عين.. ونعيش عوران احنا الاثنين»! متابعة قراءة مرزوق أرجوك.. افهمني!

مبارك الدويلة

احتفالية لها ما وراءها

انتهت احتفالية جمعية الاصلاح الاجتماعي بمناسبة مرور خمسين عاما على تأسيسها، وقد كان الاحتفال رائعاً بكل المقاييس، فمن حيث الرعاية السامية من سمو الامير ـــ حفظه الله ـــ التي تعتبر تقديرا لجهود الجمعية في العمل الاجتماعي والخيري وتزكية لدورها الرائد في توجيه المجتمع وتقويم مسيرته، كما تعتبر تقديرا للجيل الاول المؤسس للجمعية، وتقديرا لتاريخها الناصع والمشرف، الى مشاركة أبناء المؤسسين بالحفل، الى الحضور المميز للشخصيات العامة للمجتمع الكويتي، الى الرسائل المصورة والمكتوبة التي عرضت تاريخ الجمعية وانجازاتها ورموزها، ناهيك عن الحضور الكثيف الذي ميز هذا الحفل من النساء والرجال والشباب، كما ان كلمة العم حمود الرومي رئيس الجمعية كانت معبّرة عن رؤية الجمعية في عملية الاصلاح وأهمية التلاحم الشعبي والوحدة الوطنية، ولعل مشروع «متحف صباح الاحمد للعمل الخيري» مؤشر على بُعد الافق عند المفكرين لهذه الجمعية. فشكراً كبيرة لصاحب القلب الكبير سمو أمير البلاد على هذه الرعاية الكريمة التي تُعتبر خير رد على من يتهم الجمعية وقيادييها بما ليس فيها!
متابعة قراءة احتفالية لها ما وراءها

سعيد محمد سعيد

شتيمة «الشيعة»… الشنيعة المنيعة!

 

هل يمكن أن يصدم الدوّار (راوندبوت يعني) سيارةً بسائقها؟ هكذا رد السائق اللطيف الظريف الذي استقرت سيارته وسط دوار صغير في منطقة الجفير عندما سأله رجل المرور: «ألهذه الدرجة أنت لا تستطيع رؤية الطريق؟»، فأجاب بالقول: «إي. إمبله. أنا أشوف بس الدوار طلع لي؟».

ذلك السائق خانه التعبير، وشرطي المرور تفهم موقفه والتقط معنى عبارته. كان يريد أن يقول بأنه لم يكن منتبهاً في سياقته فتفاجأ بالدوار أمامه! على ذات الوتيرة، تأتي الإدانات الطائفية القسرية على الكثير من الحوادث في المجتمع الخليجي، ما ينبئ عن أن ذات السائق وذات الدوار يظهران لنا بشكل متعدد الأوجه. في حادثة الاحساء الأليمة ، سمعنا مثل هكذا كلام بعد مجزرة الدالوة، ففي الوقت الذي توافد فيه الناس، سنة وشيعة، من المملكة العربية السعودية ومن سائر دول مجلس التعاون الخليجي للقيام بواجب العزاء، ظهرت بعض الأصوات القبيحة التي (عن زعم) تجرح وتداوي!

ألم نسمع مثلاً خطيباً أو إعلامياً أو ناشطاً أو.. آلاف المغردين يسيرون في ذات النهج الأعوج: «نعم.. حادثة الاحساء لا نرضاها ولا نرضى على أهلنا (الشيعة)، لكن الفضائيات الشيعية هي السبب»! فهل يعقل أن يتعرض مواطن شيعي للموت بإطلاق ناري وهو يسير في طريقه ليقول القاتل: «إنهم يشتمون الصحابة في الفضائيات؟»، وهل يعقل أن يتم الهجوم على حسينية بأسلحة نارية أو يحاول أحدهم اقتحام حسينية بسيارته ثم يقول: «لأن الشيعة يدعمون بشار الأسد.. ويقتلون أهل السنة.. ما هم بأمة أحمد لا والذي خلق السماء»!

والأشد من ذلك، تجد أن هناك صمتاً مطبقاً من الأجهزة الحكومية الخليجية المعنية بالإعلام والشئون الإسلامية والأوقاف، ولدينا مثال واضح، ألا وهو المرشح الحالي والنائب السابق جاسم السعيدي.

السعيدي لم يتعدّ مرةً أو مرتين أو ثلاثاً، بل هو في الواقع لا يستطيع أن يقول في اتهامه مفردة (الشيعة) مباشرة، لذلك يستعيض عنها بكلمات ومفردات وأوصاف من قبيل: «أهل الدوار، المجوس، الرافضة، الخونة»، بل واستخدم ذات مرة كلمة لو قالها نائب في أي دولة تحترم شعبها لتم تقديمه إلى المحاكمة. فكلمة «نغول» لا يمكن أن يقولها إنسان محترم ليتهم مكوناً رئيساً في أي مجتمع، إلا أن يكون ذلك الشخص مريضاً نفسياً، ومتشبعاً بالطائفية، ويمتلك نزعة بهيمية لا علاقة لها بالإنسانية ولا بالإسلام. فالدين الإسلامي، ليس دين تلويح بالسيوف في حفلة زار سيئة باسم الدين.

هل تعرض للمساءلة والمحاسبة؟ أبداً. هل شعر أولئك الذين يملأون الصحف والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي بروابط تصريحاتهم الرنانة عن الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي وحقوق المواطن وواجباته والبيت الواحد… هل شعر واحد منهم بأن هذه القائمة من الشتائم هي شكل من أشكال تدمير المجتمع؟ أبداً. يقولون هذا الكلام دراً للرماد في العيون وفي حدود ضيقة، لكن كإجراء، بالعكس، يلقى الشكر والثناء والتقدير والمكافأة على جهده.

ومع الخلاف الدائر في المجتمع البحريني في مسارين: مسار يمثل المعارضة وآخر يمثل الموالاة. في الأول تأتي مظلة المواطن الشيعي وفي الثاني تأتي مظلة المواطن السني، ومع بروز أشكال من الهجوم والتأجيج والإعلام الطائفي خلال السنوات الأربع الماضية، إلا أن كل المبادرات التي تبرز في ظروف قاسية وبإمكانيات محدودة، توأد في مهدها وكأن هناك من يريد للطائفية أن تبقى وتستمر وتحصل على الدعم والتغطية والمكافأة، وأن القانون لا يطبق علينا وعليكم، وهذه أمور في غاية الخطورة يجب أن تضعها السلطة في اعتبارها. يجب أن تستمع للصادقين والمخلصين والأمينين من أبناء البحرين وليس للشتامين والمنافقين والطائفيين والمؤجّجين للفتن.

ماذا عن القانون؟ تطبيق القانون في مواجهة الشتيمة الشنيعة للشيعة يمثل هو الآخر مزاجية تعطي حصناً منيعاً للمتجاوزين. ومن تجربة شخصية، قبل ثلاث سنوات، تقدّمنا بشكوى ضد أحد الطائفيين المشهورين لتجاوزاته وتأجيجه، حتى الآن لم يتم فتح ملف الشكوى، فهل هذا الأمر يسند اللحمة الوطنية وإعادة ترتيب البيت البحريني وتثبيت ميزان الحقوق والواجبات؟

قانون العقوبات في مادته رقم (172) يقول: «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبالغرامة التي لا تجاوز مئتي دينار أو بإحدى هاتين العقوبتين من حرّض بطريق من طرق العلانية على بغض طائفة من الناس أو على الازدراء بها، إذا كان من شأن هذا التحريض اضطراب السلم العام»، والمادة (309) تنص على: «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تجاوز مئة دينار من تعدى بإحدى طرق العلانية على إحدى الملل المعترف بها أو حقّر من شعائرها».

ولا أدري كيف يرضى البعض أن يقبل بالتبريرات المقابلة السخيفة، لأن عصائب في العراق أو لبنان أو أحزاباً في هذه البقعة أو تلك أو هذه الفضائية أو ذلك الخطيب يشتم ويحرّض على أهل السنة فيتوجب قتل الشيعة في أي مكان؟ الحق، إن كان لديكم قوة ورجولة، واجهوا من يفعل. حين تقتل عصائب مسلحة كما تدّعون أهل السنة في مكان ما في العالم، إذهبوا بشنباتكم ورجولتكم إليهم وقاتلوهم؟ وإذا قلتم بأن الخطيب الفلاني أو الفضائية الفلانية تشتم، دونكم القانون. ارفعوا عليها الدعاوى القانونية حتى تغلقوها. أما نظرية «أسدٌ عليّ وفي الحروب نعامة» فهذه من صنيعة وضعكم البائس.

على فكرة، أنت مواطن صالح طيب مؤمن مخلص لوطنك حين تتعرض للانتهاك والهجوم على معتقدك و(تنطم وتسكت)! وتكون خائناً، خطيراً، متآمراً مع الخارج، طائفياً، (ولد متعة)، كافراً.. إن دافعت عن كيانك ووجودك ومعتقداتك وحتى حقوقك الأساسية التي يتمتع بها بقية البشر!

جمال خاشقجي

إنها الديموقراطية… لا الإسلام السياسي

في معركة التحول نحو الديموقراطية في العالم العربي، يلقي سؤال الدين ودوره في الدولة والسياسة ثقله على الحراك فينهكه، فيقسم النخب ويدفعها إلى حال غير صحية من التخندق والاستقطاب تنعكس على كامل المجتمع، وأحياناً – وقد حصل – تعطل عملية التحول نحو الديموقراطية بل حتى تميتها، فهل هي قضية حقيقية أم مصطنعة؟

كنت أعتقد أنها حقيقية، بل شاركت في أكثر من ندوة طوال ربع القرن الماضي، الذي يمكن أن تُؤرخ بدايته بسقوط جدار برلين الذي أطلق سلسلة من عمليات التحول نحو الديموقراطية في كامل أوروبا الشرقية، نجح معظمها خلال فترة قصيرة جداً، وما تعثر منها انتظم عقده في نهاية المطاف. ما أطلق رغبة خافتة في العالم العربي لتحول مماثل، فكان السؤال المطروح بين المثقفين وقتها: هل يمكن «تأهيل» قوى الإسلام السياسي ودمجها في الحياة السياسية شراكة وانتخاباً وتداولاً للسلطة؟ طرح هذا السؤال وكأن الديموقراطية تنتظر العرب في المنعطف التالي، ولكن تبيّن أن الهدف من السؤال ليس إعداد الدول العربية للتحول الديموقراطي المنتظر وإنما للتحذير منه، فروّج لعبارة «شخص واحد، صوت واحد، لمرة واحدة» كي تحذّر الغرب من دفع العرب نحو الديموقراطية، لأن الأحزاب الإسلامية ستنتصر في الانتخابات ثم تلغي المسار الديموقراطي. متابعة قراءة إنها الديموقراطية… لا الإسلام السياسي

فؤاد الهاشم

من شابه «أخاه» و«أباه» ..فما ظلم!

كان وقتا لا ملامح له حين وقعت ثلاثة أو أربعة انفجارات في مناطق متعددة ومختلفة في الكويت بعضها كان في وقت واحد مثل مصفاة الشعيبة – محطة التحويل الكهربائي على الدائري الخامس ,المقاهي الشعبية – ميناء عبد الله في منتصف ذلك العام 1985 والذي كان أيضا بلا ملامح ولا تضاريس ! يقول أحد كبار الإداريين في الديوان الأميري: «كان الراحل الكبير الشيخ جابر الأحمد يستقبل شخصية أجنبية جاءته برسالة من رئيس دولتها عندما أبلغوني بضرورة إيصال خبر هذه التفجيرات المتلاحقة لسمو الأمير دخلت عليه بخلاف ما يقتضيه البروتوكول إذ إن بمعيته ضيف ولكن للضرورة أحكام ووجدتها أكثر من ضرورة أن أبلغ صاحب السمو بهذه الأحداث الجسام التي أصابت الكويت خلال ساعات ..معدودة! التفت باتجاهي الأمير الراحل وسألني باهتمام عن الموضوع فارتأيت أن أهمس بأذنه حتى لا يسمع الضيف وأخبرته بحدوث التفجيرات»!!
يكمل الإداري الكبير في ديوان الأمير الراحل حديثه قائلا:«توقعت أن يقوم من مقعده ويجري اتصالات هاتفية أو يأمر باستدعاء وزير الداخلية أو وزير الدفاع أو رئيس الوزراء أو يطلب مني أن أقوم بتوصيل أوامر ما لأي مسؤول في الدولة لمواجهة ما حدث أو .. أو.. لكن شيئا من هذا لم يحدث واستمر صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد في جلسته وحديثه مع الضيف وكأن شيئا لم يقع …مطلقا!! بعد حوالي نصف ساعة انتهى اللقاء وودعه سموه إلى باب القاعة ثم عاد إلى مكتبه وتحدث عبر الهاتف وطلب تفاصيل عن تلك الحوادث وقد ظهرت نبرات صوته هادئة وواثقة وبعدها أعطاني حزمة من الاوامر لإيصالها كل في اختصاصه »!! متابعة قراءة من شابه «أخاه» و«أباه» ..فما ظلم!

محمد الوشيحي

هذرلوجيا

اقتحمتُ غرفته دون أن أطرق الباب، بدفاشتي المعتادة. أدرتُ مفاتيح الأضواء كلها، وصرخت فيه كما يصرخ ضباط طابور الميدان بنبرة جافة: «انهض»، فاستيقظَ المسكين بتأفف وكسل، ثم تمتم وهو يحمي عينيه بكفّه من نور الإضاءة: «يالله صباح خير، عسى ما شر؟»، فواصلت صراخي: «طالت فترة نومك، وحان وقت الكتابة»، فواصل تمتمته المتذمّرة: «يا أخي مَن منعك من الكتابة؟»، فنزعت بطانيته وألقيتها هناك، وقلتُ وأنا أرفع رأسه من على مخدته: «أحتاج إليك. لا أريد أن تكون مقالاتي مثل الدخان الملون الذي تنفثه الطائرات الاستعراضية، وسرعان ما يتلاشى»، فسخرَ: «إذاً تريد أن تنفث مقالاتك بدلاً من الدخان الملون صواريخ مدمّرة»، قلت وأنا أفتح شبابيك غرفته: «وقنابل نووية إن أمكن»… فنهض خيالي المرهق، وراح يعيد ترتيب شعره المنفوش ويردد جملة الفاكهاني المصري: «يا فتّاح يا عليم يا رزاق يا كريم». متابعة قراءة هذرلوجيا

سعد المعطش

الأصابع الحريرية

دائما ما أتوقف عند بعض المقولات التي نسمعها أو نستخدمها في حياتنا اليومية ولا نعلم لماذا قيلت أو من اخترعها وعلى أي أساس تم إطلاقها؟ وحتما ان كثيرا منكم لديه نفس الشعور تجاه بعض تلك الجمل فهي ليست أمثالا ولا أقوالا مأثورة ولكن نستخدمها لنستشهد بها دون معرفة أساسها.

من تلك المقولات التي احترت بها مقولة «أصابعه تتلف بحرير»، فهل يقصدون الرسام أم الموسيقي أم الخياط؟ وبعد جهد وجدت أنها أطلقت بشكل عام على كل شخص كان له يد بنجاح أي عمل مهما كان. متابعة قراءة الأصابع الحريرية

حسن العيسى

ماذا نفعل؟.. نلطم!

 مضى 19 عاماً بالضبط (عدد أكتوبر نوفمبر 1995) على نشر الباحث الأميركي فاهان زانويان مقالة في دورية "فورن أفيرز" بعنوان "ما بعد بحبوحة النفط، الإجازة تنتهي في الخليج".
 عند الكاتب هي إجازة الاقتصاد للدول الخليجية المفترض نهايتها بعد تدهور أسعار النفط في منتصف التسعينيات من القرن الماضي، فالخطر على المصالح الأميركية في ذلك الوقت لم يكن بقاء صدام في السلطة، ولم يكن هذا الخطر متصوراً في إيران، بل كان متحققاً في التآكل الاقتصادي وجمود المؤسسات السياسية لدول المنطقة.
 ففي دولنا، تمثلت الإجازة من الاقتصاد في غياب ضبط الميزانيات العامة، وتحديد أولويات الإنفاق العام، إضافة إلى ذلك كانت الصور الفذة لهذه الإجازة قد تجلت في ضخامة الكعكة المالية التي أصاب خيرها الكثيرين.
 تلك الإجازة تأصلت على قانون الدخل الريعي، أي دخل الدولة القائم على استخلاص ثروة طبيعية (النفط) من دون جهد إنساني مقابل، مثل ريع صاحب العمارة الذي ينتظر الأجرة من المستأجرين كل شهر، دون عمل وجهد حقيقيين.
هذه الحالة الريعية تأصلت في سبعينيات القرن الماضي، بعد طفرة أسعار النفط، وتحققت أشكالها في اقتصادات دول المنطقة، حين بنت المستشفيات والمدارس والطرق، والكثير من البنى التحتية، دون أن يرافق ذلك تغيير حقيقي للبنية الاقتصادية والسياسية.
 كان الوضع العام ممثلاً في أسر حاكمة وعائلات ثرية لها امتيازات خاصة في الدخل، والآن (الحديث مازال عن أزمة أسعار النفط عام 95) الإشكالية، في ذلك الوقت هي كيف يمكن للحكومات والقطاع الخاص (وهو قطاع توريثي) وللكثيرين المستفيدين من إجازة الاقتصاد، خفض ميزانية الإنفاق العام دون المساس بمصالحهم، وتحقيق بعض الإصلاحات السياسية؟
 فأولويات دول المنطقة انحصرت في الأمن ولا شيء غير الأمن، وهناك قناعة عند الإدارة الأميركية (تذكروا هذا الحديث كان قبل 20 سنة تقريباً) أن أي إخلال في أمن الأنظمة سيوفر للجماعات المتطرفة الدينية منفذاً للهيمنة على الحكم.
الآن، بعد مضي 19 عاماً من المقال الفذ لـ "فاهان" أسأل: ماذا تغيّر علينا،  وماذا تعلمت الكويت، تحديداً، من تجربة منتصف التسعينيات؟!
وما بين الأمس واليوم، ماذا صنعت الإدارة السياسية لإصلاح نفسها وإصلاح مرض الإجازة الممتدة، التي أصابت الديرة بالشلل ومرض النوم والتسويف في الإنجاز والاتكال على عمل الغير، غير إبر المخدر التي كان تضخ في عروق الدولة عبر الهبات والكوادر المالية والامتيازات للبعض، مقابل صمت الناس  عن هدر وفساد ماليين متأصلين في الإدارة السياسية للدولة؟! لا شيء قُدّم!
ما هي أولويات السلطة، وهي تواجه الآن هذا التحدي الكبير في تدهور سعر النفط؟!
اكتب المقال الآن، وأمامي مانشيت جريدة "الجريدة" بعنوان "الاتفاقية الأمنية أولوية حكومية"..!!
ماذا نفعل… نلطم؟! مساكين أطفالنا…

احمد الصراف

جنسيتي قمري!

نجحت قوى الأمن اللبناني، في الصيف الماضي، في إلقاء القبض على انتحاريين ـــ سعودي وفرنسي ـــ اعترفا بانتمائها لــ «داعش» وبإقدامهما على تفجير فندق «دو روي» في بيروت، والتخطيط لعملية انتحارية في مطعم الساحة في الضاحية الجنوبية. واعترف الانتحاري الفرنسي بأنه كان سينفذ عملية انتحارية ضدّ «الشيعة» لتلقينهم درساً بسبب قتالهم في سوريا. وخلال التحقيق تبين أن هذا المتهم، فايز يوسف بوشران، هو من مواليد جزر القمر Comoros Island، وأنه كان يتابع على اليوتيوب ما كان يحصل في سوريا من جرائم بحق السنة، وعرف بوجود إشارات بأن يوم القيامة أصبح قريباً، فتكوّنت لديه قناعة بالذهاب الى سوريا للجهاد. واضاف ان شخصا تواصل معه على موقع على الفيسبوك، يتضمن «أموراً جهادية»، وأخبره بأنه في حال رغب في الجهاد فعليه السفر الى سوريا من ألمانيا او اسبانيا الى تركيا، وهناك ينقله شخص الى الرقة للالتحاق بــ «داعش»، وهذا ما حصل معه، ومع آخرين من جنسيات مختلفة.
وفي الرقة، وبعد تلقّ.ي دروس دينية، إضافة إلى الدروس التي تلقاها في فرنسا على يد شيخين شجّعاه على الجهاد، اختار برغبته القيام بعملية انتحارية ضد الشيعة في لبنان، وأنه أُعطي ألف دولار، وخُيّ.ر بين تنفيذ العملية الانتحارية بحزام أو سترة ناسفة.
وبسؤاله عن المنفعة التي كان سيجنيها بقتل نفسه وأبرياء آخرين، قال إنه تم اقناعه بأن هذا هو الطريق الى الجنة ولقاء «الحور»! وقال الانتحاري إنه قرر القيام بالعملية الانتحارية بعد أن سمع من رجل دين في وطنه فضل الشهادة وميزات الانتحاري الذي يدخل الجنة اثر استشهاده.
وهنا نرى ما لهذه الدروس الدينية من سلبية وخطورة على الشباب، وكيف أن من الغباء الشديد، او شدة الذكاء، السماح بهذه الدروس بحجة أنها «أعمال خير وبركة» ويؤجر من يلقيها ومن يستمع إليها.
الطريف ـــ إن كان هناك ما هو طريف في هذا الموضوع ـــ أن جزر القمر التي قدم منها بوشران إلى لبنان، عن طريق فرنسا، التي حصل على جنسيتها، تقع في منطقة نائية في المحيط الهندي، وبعيداً بآلاف الكيلو مترات عن أي دولة عربية، على الرغم من ذلك وصلت إليها «سوسة التطرف»، ربما لأنها عضو في الجامعة العربية، ولو أن لغتها الرسمية السائدة هي الفرنسية، وأقلية تتكلم القمرية والعربية فيها. ولا تزيد مساحة جزرها على 2200 كلم2، وسكانها على 800 ألف نسمة، ويبلغ دخل %50 منهم أقل من دولار ونصف الدولار يومياً.
والطريف أكثر أن حكومتنا، وفي سعيها الى وضع حد لمشكلة عديمي الجنسية، أو «البدون»، الذين يزيد عددهم على مئة ألف، تسعى الى حصولهم على جنسية جزر القمر. وان هذه «المواطنة الاقتصادية» ستمنح هؤلاء حق الحصول على الإقامة المجانية، إضافة إلى سلسلة من المحفزات، مثل: التعليم المجاني والرعاية الصحية، والحق في الوظيفة.
لا أدري مدى إنسانية هذا الإجراء، وهل حقّاً سيضع حدّاً لمشكلة «البدون»، خاصة أن غالبية هؤلاء وُلدوا ونشأوا في الكويت، ويطالبون بالحصول على جنسيتها، لكن السلطات تؤكد أن 34 ألفاً فقط هم الذين يمكن أن يحصلوا على الجنسية، وأن الباقين هم من جنسيات أخرى؟!

أحمد الصراف