سعيد محمد سعيد

تعالوا نستنشق عطرا جميلا

 

لستم، وأنا معكم، نرغب في الكتابات الطاحنة التي أصبحت تشق علينا، لذلك، كتبت وأرسلت هذه القصص إلى مئات الناس، لكنني وددت اليوم أن نعيد قراءتها معا، حتى بالنسبة إلى أولئك الذين قرأوها سابقا، فهي واحدة من القصص التي تزيل عنا الكثير من (عفن النفوس)… من كتاب: «إنها ملكة» للشيخ محمد عبدالرحمن العريفي:

حين أسري بالنبي (ص)، شم عليه الصلاة والسلام ريحا طيبة، فقال: «يا جبريل، ما هذه الريح الطيبة؟»، قال:»إنها ريح قبر الماشطة وبنيها وزوجها»… وهنا القصة:

انتشر أمر موسى (ع) وكثر أتباعه، وأصبح المؤمنون برسالته خطرا مستمرا، يهدد فرعون ومُلكه، وظل فرعون في قصره في حال غليان مستمر يمشي ذهابا وإيابا، يفكر في أمر موسى، وماذا يفعل بشأنه وبشأن أتباعه، فأرسل في طلب رئيس وزرائه هامان؛ ليبحثا معا ذلك الأمر، وقررا أن يقبض على كل من يؤمن بدعوة موسى، وأن يعذب حتى يرجع عن دينه، فسخَّر فرعون جنوده في البحث عن المؤمنين بدعوة موسى، وأصبح قصر فرعون مقبرة للأحياء من المؤمنين باللَّه الموحدين له، وكانت صيحات المؤمنين وصرخاتهم ترتفع من شدة الألم، ووطأة التعذيب تلعن الظالمين وتشكو إلى ربها صنيعهم.

وشمل التعذيب جميع المؤمنين، حتى الطفل الرضيع لم ترحمه يد التعذيب، فزاد البلاء، واشتد الكرب على المؤمنين، فاضطر كثير منهم إلى كتمان إيمانه؛ خوفا من فرعون وجبروته واستعلائه في الأرض، ولجأ الآخرون إلى الفرار بدينهم بعيدا عن أعين فرعون.

وكان في قصر فرعون امرأة تقوم بتمشيط شعر ابنته وتجميلها، وكانت من الذين آمنوا، وكتموا الإيمان في قلوبهم، وذات مرة، كانت المرأة تمشط ابنة فرعون كعادتها كل يوم، فسقط المشط من يدها على الأرض، ولما همَّت بأخذه من الأرض، قالت: بسم اللَّه. فقالت لها ابنة فرعون: أتقصدين أبي؟ قالت: لا. ولكن ربى ورب أبيك اللَّه، فغضبَتْ ابنة فرعون من الماشطة وهددتها بإخبار أبيها بذلك، ولكن الماشطة لم تخف، فأسرعت البنت لتخبر أباها بأن هناك في القصر من يكفر به، فلما سمع فرعون ذلك؛ اشتعل غضبه، وأعلن أنه سينتقم منها ومن أولادها، فدعاها، وقال لها: أَوَلكِ ربٌّ غيري؟! قالت: نعم، ربي وربك اللَّه. وهنا جُنَّ جنونه، فأمر بإحضار وعاء ضخم من نحاس مليء بالزيت وإيقاد النار فيه، وإلقائها هي وأولادها فيه، فما كان من المرأة إلاَّ أن قالت لفرعون: إن لي إليك حاجة، فقال لها: وما حاجتك؟ قالت: أحب أن تجمع عظامي وعظام ولدي فى ثوب واحد وتدفننا، فقال: ذلك علينا. ثم أمر بإلقاء أولادها واحدا تِلْوَ الآخر، والأم ترى ما يحدث لفلذات كبدها، وهى صابرة محتسبة، فالأولاد يصرخون أمامها، ثم يموتون حرقا، وهي لا تستطيع أن تفعل لهم شيئا، حتى أنطق اللَّه عز وجل آخر أولادها – وهو طفل رضيع – إذ قال لها: يا أماه، اصبري، إنك على الحق.

فاقتحمتْ المرأة مع أولادها الزيت المغلي، وهي تدعو اللَّه أن يتقبل منها إسلامها، فضَربتْ بذلك مثالا طيبا للمرأة المسلمة التى تعرف اللَّه حق معرفته، وتتمسك بدينها، وتصبر فى سبيله، وتمُتَحن بالإرهاب، فلا تخاف، وتبتلى بالعذاب فلا تهن أو تلين، وماتت ماشطة ابنة فرعون وأبناؤها شهداء في سبيل الله، بعدما ضربوا أروع مثال في التضحية والصبر والفداء.

(انتهت القصة، أما نحن، أبناء الإسلام اليوم، فدعونا ننشغل بالقتال الطائفي بما فيه من غباء وجهل وتخلف واستعراض لقوة لا تظهر إلا على بعضنا بعضا).

د. شفيق ناظم الغبرا

انعكاسات ردود الفعل على الرأسمالية في ظل العولمة

واحدة من أكبر المخاوف التي تواجه القطاع الخاص والأنظمة السياسية ذات البعد الرأسمالي في العالم حصول ردة فعل شعبية على سياساتها مما يهدد بالإطاحة بالكثير من التطورات التي جاءت مع العولمة المتحركة بقوة القطاع الخاص. ما وقع في العالم العربي في الخمسينات والستينات يجب أن يبقى في الذاكرة. فقد قامت قوى شعبية من الضباط الأحرار مدعومة من قطاعات كبيرة من الفئات الاقتصادية الوسطى والدنيا من المجتمع بالانقلاب على الأنظمة السياسية القائمة، وذلك بسبب ما اعتبر في حينه تفشي الفساد وقيام ملاك الأراضي والمصانع والمؤسسات بخسارة الشارع والمجتمع في ظل البحث عن الربح السريع في كل عمل. هكذا سقطت دول مثل مصر والعراق وليبيا وسورية ضحايا لتلك الحالة من ردة الفعل. لم يكن ذلك الأمر مقصوراً على الدول العربية، بل انتشر لدول شتى في العالم من كوبا إلى أوروبا الشرقية ومن آسيا إلى أفريقيا، مما هدد النظام الرأسمالي برمته وحاصره في مناطق محددة في العالم. متابعة قراءة انعكاسات ردود الفعل على الرأسمالية في ظل العولمة

احمد الصراف

في رثاء الجهراوي عبدالله العجمي

سأرثيك يا عبدالله كما لم ارث احدا من قبلك ولن ارثي احدا مثلك، ومن بعدك. سأرثيك لأنك تركت وراءك اما ثكلى وابا مفجوعا، وارملة باكية ورضيعة يتيمة! وسأرثي فيك من مات من رفاقك قبلك ومعك ومن بعدك، سأرثيك بالرغم من انني لم التق بك ولا اعرف من تكون، سأرثيك لأنك قتلت وغادرت هذه الدنيا دون ان تعرف حقيقة الذين زينوا لك تفجير نفسك، لقد ارسلوك للموصل ليذهبوا هم الى الانتخابات وليتصدروا المجالس.
قتلت غيرك وقتلت، وكان من الممكن ان تكون انسانا آخر، محبا للحياة كمواطنك الجهراوي الاخر وابن قبيلتك الذي اختار ان يكون طبيبا بدلا من ان يكون ارهابيا، ان يكون واهبا للحياة بدلا من ان يكون سالبا لها.
اني ارثيك يا عبدالله لانني اود ان ارثي قلة الحيلة والعقل بيننا، فقد مت لان احدهم اراد لك ذلك، فالقرار لم يكن قراراك، وبالتالي لا ألومك على ما فعلت بالرغم من شر افعالك التي تسببت في فواجع وآلام لا تنسى لاهلك وبيتك ووطنك، واهل ووطن من قتلت.. انني لا الومك، بل الوم من يلومك، فما انت الا ضحية مجتمع أهّلك لهذا الهدف ودفع بك الى طريق الارهاب من خلال كل تلك الجمعيات التخريبية ومدارس التحفيظ التي انتشرت كالفطر البري في بيئتك، بعد ان غيبوا مدارس الفهم ومعاهد الفكر من حولك.
نعم ان مجتمعك هو المجرم الحقيقي، وهو الذي شيد بيني وبينك، انا الشرقاوي وانت الجهراوي، ذلك الجدار العازل لكي لا نلتقي، وانا الذي حذرك رجال الدين من شرور أفكاري، وحذرني منك ومن تخلف مواقفك وسوء افعالك، نعم اني ادين هذا المجتمع الذي ملأ مدينتك بالحفر، وتناساك لعقود طويلة وتركك فريسة سهلة للخطير من الآراء والقاتل من الافكار والبائس من المواقف، فاصبحت طوع بنان مدعي التدين والصلاح والاصلاح والسلف والتراث، وبالتالي أنسوك مستقبلك ووطنك وتقدمك وتطورك، فتركت كل ذلك من اجل اوهام لو كانت حقيقية لسبقوك للفوز بها.
نعم ادين هذا المجتمع، وحكوماته المتعاقبة، عدم اهتمامهم بك وبصحتك وتعليمك وسلامة عقلك، بحيث اقنعتك اقوالهم ان بإمكان جسدك الضئيل محاربة «اعداء الله» والفوز بحور العين من خلال التصدي لاعتى ترسانات اسلحة العالم في افغانستان والشيشان، وانت الذي ربما لم تسمع بأفغانستان من قبل، ولم تعرف يوما اين تقع الشيشان.
ارثيك يا عبدالله لأنهم اختاروا ان يصوروا عودتك من سجنك البغيض كعودة الابطال من معركة عظيمة، ارثيك يا عبدالله لانهم اعادوك لوطن انسوك حقه عليك ووفروا لك طائرة خاصة لكي يبقوا على «ايمانك» بأن ما قمت به كان صوابا وحقا وشرفا لا يضاهى!
نعم اعادوا تشكيلك بطلا منافحا عن قيمهم وافكارهم ومعتقداتهم، التي تتفق تماما مع مصالحهم المادية والدنيوية، ولو كانوا يؤمنون حقا بأن الآخرة خير وابقى لما وجدتهم من حولك، وهم الذين بلغوا ارذل العمر!
نعم ارثيك يا عبدالله، لان الوطن فقد فيك وفي زملائك، مواطنين كانوا من الممكن ان يكونوا اصدقاء لي ومحبين لابنائي وقريبين من اهلي، كما هي حال الكثير من اهل منطقتك وقبيلتك.
لقد فقدت فيك جارا محتملا وشريكا في مصلحة وقارئا لزاوية لولا غلبة آراء ذلك المتشح بعباءة الدين، ذلك المتخلف الحقود، الذي زين لك كرهي ورفضي وحتى طلب فنائي، ودفعك لأن تموت رخيصا من اجل هدف لا يعرف احد اوله ولا آخره.
نعم ارثيك يا عبدالله كما لم ارث احدا قبلك، ولن ارثي احدا بعدك، لكونك ضحية قبل ان تكون مجرما، ومواطنا قبل ان تكون ارهابيا وزوجا صالحا قبل ان تكون قاتلا وابا حنونا قبل ان تكون سفاحا.
انني ارثيك لأن موتك بيّـن مدى ضحالة فكرنا، وهوان حالنا وقلة حيلتنا عندما نقف عاجزين عن تطويع نصوصنا واقوال حكمائنا لأن تكون في خدمتنا كبشر عليين، بدلا من تسخيرها لكي تكون سببا في شقائنا وشقاء الآخرين.
انني ارثيكم جميعا لأن لا احد تعلم او يود ان يتعلم من درس موتكم شيئا، فقد متم ومات قبلك الكثيرون وسيموت من بعدكم الاكثر، وسيستمر المصنع الذي شكل فكركم في الانتاج ما بقي التخلف بيننا، فمتى يتوقف كل هذا الضلال في الموقف والقول؟ ومتى يضمحل الكره ويختفي الحقد من حياتنا؟ لست ادري.
لدي الكثير لأقوله في رثاء عبدالله العجمي ورفاقه، ولكن للاكتفاء ايضا فضائله.

أحمد الصراف
[email protected]

سامي النصف

شئ من السياسة

هل تذكرون ما كنا نسمعه قبل أقل من خمسة أعوام من إخوتنا العراقيين من استحالة تحولهم إلى «اللبننة» أو «الأفغنة» وان العراق لم يشهد حسب قولهم في تاريخه خلافا سنيا – شيعيا، وان عمليات الزواج المشترك متفشية هناك لدرجة يصعب معها معرفة ابن لهذه الطائفة من تلك.

ما حدث بعد ذلك هو عمليات قتل وإبادة وتهجير طالت الملايين من أبناء الطائفتين كونهم خدعوا أنفسهم بمعسول الكلام بدلا من إطفاء مستصغر الشرر الذي كبر وأحرق البلد معه وحول أمن الناس الى خوف.

أواصر الوحدة الوطنية تقطّع هذه الأيام بسبب تكبير الدوائر التي بدلا من ان تصبح وسيلة للوحدة أصبحت أداة للفرقة غير المسبوقة بين أبناء الوطن الواحد مما جعل كل محب للوطن يترحم على الدوائر الـ 25 المفترى عليها، فالقبائل تتكتل ضد الآخرين وضد بعضها البعض، والآخرون يتكتلون ضدها والحال كذلك مع الطوائف، اضافة الى بعض المرشحين ممن نُزعت الوطنية من ضمائرهم فلم يجدوا وسيلة للوصول الى الكراسي الخضراء الوثيرة إلا إشعال الحرائق الحمراء في الوطن عبر ترديد الأكاذيب وتحريض بعض الكويتيين على بعضهم الآخر.

هناك دائما فارق كبير بين النظرية والتطبيق، فكما ان المجتمعات الإنسانية هي كالكائن الحي تبدأ في عملية نمو متدرج لا تستطيع معها ان تخرق مراحل التطور الطبيعي، فكذلك لا نستطيع ان نستخدم أدوات قد تكون مجربة ومناسبة عند مجتمعات أكثر منا رقيا وخبرة وعلما وثقافة، ان التحول الى الدائرة الواحدة والأحزاب وشعبية الوزارة هي خيارات سابقة لأوانها، وتطبيقها – كحال تطبيق خيار الدوائر الخمس – سيؤدي الى نتائج عكسية تماما ومثل ذلك ما حدث عند تحول لبنان المبكر للحزبية أو العراق للديموقراطية الكاملة وهو ما عاق التنمية السياسية الحقيقية في البلدين.
 
ان السكين والبندقية أداتان مفيدتان للكبار إلا أنهما مضرتان كل الضرر بمن لا يحسن استخدامهما ومازالت مجتمعاتنا وتجاربنا السياسية، رغم كل ما يقال، تحبو عند مقارنتها بتجارب الدول الأخرى.

دروس من مصر:
(1) أتى في جريدة «المصري اليوم» ان المحكمة الدستورية المصرية أصدرت مئات الأحكام التي تلغي بها تشريعات صدرت من مجلس الشعب لعدم دستوريتها، وهو أمر شبيه بما تقوم به المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة، نحن في حاجة ماسة لتعديل دستورنا الذي أوصله البعض لمرحلة القدسية، لاخراج محكمتنا الدستورية من بطالتها المقنعة التي وضعناها فيها.

(2) شاهدت ابان تجوالي في مصر مكاتب «مؤجرة» من قبل النواب تسمى مكاتب خدمة المواطن للنائب فلان، ولدينا حاول البعض الاستيلاء على الأراضي العامة للدولة التي يمتلكها الشعب بحجة انها مقار لخدمة المواطنين وليست دواوين، لماذا لا يؤجر هذا البعض مكاتب من ثروته التي تجاوزت الثمانية أرقام ودخلت في التسعة أصفار؟!
 
(3) اغتصب ضابط مصري لاجئة سودانية فصدر عليه حكم بالسجن المؤبد ولم تنفعه واسطة أحد، كم خادمة آسيوية اغتصبها بعض رجال الأمن المنحرفين في سجن الإبعاد ووصلت الى بلدها ونطفة الحرام في أحشائها دون محاسبة الفاعلين بسبب واسطات بعض النواب السابقين ممن نرجو سقوطهم في الانتخابات القادمة بسبب ظلمهم لأولئك النساء المستضعفات.

احمد الصراف

روكفلر والمرور

توقف الملياردير الأميركي ديفيد روكفلر عند مدخل بورصة نيويورك، عند ماسح أحذية ليزيل ما علق بحذائه من وحل. فسأله هذا عن حظ سهم معين في الارتفاع!! وعندما كشف ذلك السؤال لروكفلر ان مساح الاحذية ورفاقاً له يتعاملون بالأسهم، وكانت أسعارها في القمة يومها، قام ببيع كل ما يملك. وما لبث السوق ان انهار بعدها بأيام، وكان واحدا من القلة التي نفذت بجلدها. وعندما سئل عمن اوحى له بالخروج في الوقت المناسب اشار من نافذة مكتبه، الى ماسح الاحذية وقال: عندما يدخل هؤلاء، فعلينا نحن الخروج!!
ملاحظة روكفلر لم تكن طبقية بقدر ما كانت مهنية بحتة!!

بتشجيع من وكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون المرور قمت، وبعض الاصدقاء، وعلى مدى سنة تقريبا، بتصوير كم كبير من مخالفات المرور وطباعتها، وارسالها بالحفظ والصون، لأحد مساعديه ليقوم باتخاذ اللازم. تبين بعد فترة اننا كنا نحرث في البحر، فكمّ المخالفات كان يزداد، وفي الاماكن نفسها ومع الاطراف نفسها تقريباً، مما يعني ان الادارة المعنية إما لم تكن تأخذ عملنا في ضبط المخالفات مأخذ الجد، او ان الناس لم يعودوا يهتمون، وإما يخافون من الغرامات المالية!!
كما وجدنا ان نسبة من يستغل كتف الطريق، او حارة الطوارئ، من الوافدين هي الاعلى، ومن مستويات مادية بسيطة، مما يعني ان الكل اصبح يشعر بان القانون بشكل عام، وليس المرور فقط، لا يطبق بشكل كامل، وهنا مكمن الخطورة. فعندما يبدأ الضعيف والصغير بارتكاب المخالفات، ففي الامر ما يستحق التساؤل!
كما تبين لنا ايضاً ان «مبدأ التعاون» بين المواطن الذي يود ان يساهم في ترسيخ النظام والامن، وبين ضابط الشرطة معدوم تماما. وهذا يعود إما لاعتياد هؤلاء على التعامل مع طبقة معينة من المواطنين او المقيمين! وإما لنقص ثقافة الكثير من منفذي القانون والقائمين عليه، لكي لا نقول نقص تعليم غالبيتهم! ولا يعني هذا اننا اكثر ثقافة وعلما من احد.
فعندما يتجرأ هذا الوافد البسيط على مخالفة القانون جهارا، فهذا يعني ان في الامر خللاً خطيراً. وعندما تتكرر المخالفة نفسها وفي المكان نفسه المرة تلو الاخرى، فهذا يعني ان هناك من يقول «طز» لسبب او لآخر، وعندما يتجاهل رجل الامن ما يبديه المواطن من رغبة في حفظ الامن معه والمساعدة على تطبيق القانون، فكل هذا يعني ان قضية الدواوين المخالفة ستتكرر بأشكال واحجام مختلفة اخرى.
اما قرار وزارة الداخلية الاخير والمتعلق بانهاء اقامة الوافد في حال تكرر تجاوزه للاشارة الحمراء، فلا يمكن وصفه الا بالمجحف وعدم الانساني، وقد يفتح الباب لاستغلاله بطريقة غير قانونية من ضعاف النفوس في السلك الامني.
نحن لسنا بحاجة الى تشديد القوانين بقدر حاجتنا الى تطبيق الموجود منها.
كما ان الامر يتطلب قيام رجال الشرطة بعملهم بأمانة، وهذا غير متوافر الآن لدى نسبة لا بأس بها من المناط بهم تنظيم حركة السير، دع عنك الانشطة الامنية والتنظيمية الاخرى.
نأمل ان نرى تغييرات كبيرة على يد وكيل الوزارة الجديد.

أحمد الصراف

 

علي محمود خاجه

حل الكويتيين

في يوم الاثنين الماضي ومع بداية المنتدى الاقتصادي الإسلامي في الكويت مارست وزارة الداخلية ومن دون سابق إنذار حل الكويتيين السابق ذكره في تطويق الطرق وإغلاقها، مما أدى إلى الشلل التام في حركة المرور مساء الاثنين، فقد أغلقت «الداخلية» بعض الطرق الرئيسة كطريقي الدائري الخامس والسادس، مسببة بذلك تعطيلاً للمرور تجاوز ثلاث ساعات لبعض قائدي المركبات، ونحمد الله أن هذا الإغلاق لم يكن متزامناً مع حظر استخدام الهاتف النقال في السيارة وإلا لكانت المصيبة أعظم.

لن أناقش في هذا المقال الحلول التي كان يستوجب أن تقوم بها «الداخلية» بدلا من هذا الحل الغريب الذي مارسته في ذلك اليوم، كتخصيص إحدى الحارات في الطرق للمواكب مثلا أو على الأقل الإعلان المسبق وبأيام عن الطرق المغلقة، فما حدث من «الداخلية» لا تلام عليه الوزارة، بل هو يعكس حال البلد بشكل عام، فالحكومة عاجزة عن أبسط الأمور وهي استقبال وفود كبيرة في الكويت بانسيابية ومن دون صخب.

إن ما قدمته الحكومة من خلال «الداخلية» في الأيام الماضية هو مثال صارخ على امتهان الدولة للحلول الترقيعية على مدى السنوات الطويلة الماضية، ولن تنصلح هذه الحال ما لم تواجه بصرامة شعبية من خلال قرار جذري ضخم في 17-5.

خارج نطاق التغطية:

لا ألوم اثنين من شباب الكويت الذين غُرّر بهم ليقوما بممارسة الإرهاب والعنف الذي أودى بأرواحهما في العراق في الأيام القليلة الماضية، فمن يستحق اللوم، وليس اللوم فحسب بل أشد العقوبات، هم من خدعوهما في الكويت تحديداً، وأوهموهما بصحة ما يقومان به، فقد ساهموا بقتل تلك الأنفس المفعمة بالحياة والحماس، فمن خدعوهما وأدوا إلى إزهاق أرواحهما كمرّوجي المخدرات بالضبط، فإن كان المروج يستحق الإعدام فهؤلاء يستحقون أيضا الإعدام العلني، والكل يعلم من أقصد، هؤلاء الذين تفتح لهم الصحف ليبرروا جرائمهم بادعاء الجهاد من دون حسيب أو رقيب.

سامي النصف

الحكومة الائتلافية القادمة

ما أهم دروس تشكيل حكومة 2006 التي يمكن تفاديها في الحكومة المقبلة؟

درسان مهمان: الأول هو عدم اقصاء أي طرف من الاطراف الفاعلة على الساحة السياسية المحلية، فمصلحة الكويت والظروف المحيطة تقتضي هذه المرة وأد الخلاف وطلب مشاركة الجميع في الحكومة ومن يرفض من الكتل او خارجها يجب ان يعلن سبب رفضه ويتحمل مسؤوليته امام الشعب والتاريخ عن اي ازمات واستجوابات قادمة.

الدرس الثاني هو ان كثرة المشاورات تضيع الأوقات الثمينة وتصبح اقرب لـ«عدم المشاورات» حيث ان الكلام يضيع الكلام، وما يوصي به طرف يلغيه طرف آخر، والواجب ان يوضع هذه الايام وفي هذا الوقت المبكر تصور واضح لكيفية تشكيل الحكومة القادمة وشخوص المشاركين فيها، فالانتخابات تجري في النهاية على مستوى فردي ولن يكتسح على سبيل المثال الحزب الشيوعي الكويتي الانتخابات حتى ننتظر النتائج لتسليمه مقاليد الحكم.

ونرجو ان تتضمن الاسماء القادمة كثيرا من رجال القطاع الخاص المتحررين من البيروقراطية الحكومية ممن يفرض «الواجب الوطني» عليهم المشاركة دون وضع مطالب تعجيزية او تقديم مطالب مالية لا تتحملها جداول رواتب القطاع العام كما حدث في الماضي القريب، من جانب آخر يجب الوصول الى اتفاق واضح ومعلن مع كل النواب لاعطاء الوزراء فرصتهم كاملة للعمل وخدمة الوطن، لا التسابق على استجوابهم وتعطيل اعمالهم.

كما نريد هذه المرة «حكومة ناطقة ذكية»، والاثنان مرتبطان ببعضهما البعض، فالذكاء الفطري والتفوق او التميّز يؤهلان الوزير المعني لمقارعة الحجج بالحجج والرد على الاتهامات النيابية والاعلامية – وما اكثرها – والشعب الكويتي ذكي ولماح ويستطيع عند سماع الرأي والرأي الآخر ان يميز الغث من السمين وان يعرف الحق من الباطل.

وقد اثبتت تجربة وزارة 2006 صدق مقولة «أُكلت يوم أكل الثور الأبيض» فالتضحية المبكرة باحد الوزراء جعلت السبحة تكرّ ومن ثم يتسابق النواب لاقامة «عروسهم الديموقراطية»، كما تسمى الاستجوابات، عبر اقتناص الوزراء الواحد تلو الآخر بحق او بباطل حتى وقفت لهم «السيدة الحديدية» نورية الصبيح، ولو اظهرت الحكومة العين الحمراء مع اول استجواب كيدي وهددت بالاستقالة ومن ثم احتمال حل المجلس الجديد لوفرنا معاناة سنتين من الازمات الطاحنة المتلاحقة.

ومن متطلبات الانجاز التنموي المعروفة ديمومة البقاء في المنصب ولا شك في أن الحكومة الحالية تضم عددا كبيرا من الوزراء الاكفاء الذين تفترض المصلحة العامة بقاءهم في مناصبهم لاكمال العمل الخيّر الذي بدأوه، كما تضم الحكومة على الجانب الآخر للعملة وزراء ضحوا بسمعة الحكومة لاجل مصالحهم الذاتية ولحفظ خطوط الرجعة لهم مع بعض التوجهات السياسية رافعين شعار «لا أرى، لا اسمع، لا أتكلم» امام انتقادات مست صميم عملهم، متناسين ان صلب العمل السياسي في الدول الديموقراطية يقوم على معرفة حقيقة انه «اذا كان السكوت من فضة فالكلام من ذهب» وليس العكس.

آخر محطة:
وهناك حاجة ماسة لوزير دولة لشؤون مجلس الامة برغماتي ومتمكن من نصوص الدستور وقادر على الحشد والاقناع كحال الوزيرين السابقين والمستشارين الحاليين ناصر الروضان ومحمد ضيف الله شرار.

احمد الصراف

علاقة الموسيقى بالمرض (2 ــ 2)

أحمد الصراف
[email protected]
نستكمل اليوم حديثنا عن تأثير البيئة في ثقافة وفن وأدب أي أمة.
لم تأت شهرة العرب بقول الشعر وحفظه اعتباطاً، بل جاءت انسجاماً مع ظروف البيئة وفقرها بكل متطلبات اتقان، أو حتى أداء الفنون والآداب الأخرى.
فالرسم يحتاج للقماش والريشة واللون والإطار وأمور ضرورية كثيرة أخرى، والنحت يحتاج إلى الحجر والرخام وإلى أدوات محددة، كما ان الكتابة تتطلب وجود قلم ومداد وورق وطرق حفظ من التلف، وهكذا الحال مع كل أدب وفن، اما الشعر فلا يحتاج من الموهوب غير ملكة الحفظ وجزالة الإلقاء، فالشعر لم يكن فقط ديوان العرب وفي مقام الالياذة والأوديسة بالنسبة لهم، بل كان ايضاً سيد فنون المنطقة برمتها التي أبدعوا فيها ايما ابداع، خصوصا انه لا يحتاج إلا إلى عقل خلاق يؤلفه وذاكرة تحفظه ورأس يحمله من مكان الى آخر، فلا ريشة ولا ألوان ولا إطار ولا قماش ولا مطرقة ولا حامل ولا وتر ولا أي شيء مادي آخر يتطلب النقل والحفظ والعناية من عوامل البيئة.
من كل ذلك نجد ان للبيئة أعظم الأثر في تشكيل فكر الإنسان ومعتقده، فمسلمو الجزيرة مثلا أكثر ميلا إلى بساطة العيش وأكثر تقبلا للنوائب بسبب فقر البيئة ورتابة الحياة وشظفها الذي لا مجال فيه للرفاهية في العيش أو في العراء، من سكان المدن، لاسيما الزراعية منها الذين يكثر الوقت عندهم وتتسم حياتهم بالاستقرار وبتعدد ألوانها.
كما نرى في الجانب الآخر ان غنى البيئة الإسلامية خارج الجزيرة، وتعقد علاقات أهلها وتراثهم الحضاري الموغل في القدم قد ساهم في تشكيل التراث الإسلامي الجديد الخاص بهم والمختلف عن تراث الجزيرة، فقد بقيت جميع الدول التي دخلها الإسلام على عاداتها في ما يتعلق بالاهتمام بمناسباتها الدينية القديمة كعيد شم النسيم في مصر والنيروز لدى الفرس والتركمان والافغان والاكراد وعدد من جمهوريات الاتحاد السوفيتي الإسلامية السابقة، نعود ونؤكد ان الطبيعة هي التي كانت دائما تملي التطرف أو التسامح وليس العكس!!
نأتي لموضوع مقالنا هذا لنقول إن ايران، كمثال فقط، كانت طوال تاريخها، وحتى وقت قريب، من المصادر العظيمة لفن الغناء والعزف، وقد نهل الكثيرون من فنها الذي كان له الأثر الواضح على فنون المنطقة.
ولكن عندما جاء الخميني بثورته منع كل أشكال الطرب من عزف وغناء، ولكن توالي الضغوط عليه، وزيادة نسبة التجاوزات، دفعته في فترة لاحقة إلى تليين موقفه والسماح ببث أو الاستماع للبسيط وغير المثير من الموسيقى، ولكن من دون غناء، ثم سمح في مرحلة لاحقة للرجال بغناء أنواع محددة من الأغاني، ولم يسمح للنساء بالغناء لان اصواتهن «عورة»، وستبقى كذلك.
ونجد الأمر ذاته في انحاء كثيرة من الجزيرة العربية، حيث لا يزال الغناء، والعزف الموسيقي بجميع اشكاله، امراً مكروها وجالباً للشر، وهذه الحال مضت عليها اكثر من 14 قرنا، ولكن تخللتها فترات «انحلال» متقطعة.
وقد انحسرت دروس الموسيقى في السنوات الاخيرة في مدارس دول اسلامية كثيرة، ومنها الكويت، لمصلحة دروس تقوية دينية.
وفجأة اكتشف العلماء ان للموسيقى الكلاسيكية، ومقطوعات موزارات السيمفونية على وجه الخصوص، تأثيرا علاجيا ايجابيا على المرضى عموما والمرضى النفسيين والمصابين بالصرع بشكل خاص، فمقاطع قصيرة من سوناتا (ك 448) لموزارات مثلا يمكن ان تؤدي إلى الإقلال من حدوث نوبات المرض، ويقول البروفيسور جون جينكنز في هذا الصدد، وبعد مراجعته لنتائج البحوث الدولية التي اجريت في حقل الموسيقى العلاجية، انه من المحتمل جدا ان تكون لمؤلفات موسيقيين آخرين آثار ايجابية موازية لموسيقى موزارات، وورد في الـ«بي. بي. سي» على لسان البروفيسور نفسه ان مؤلفات باخ تشبه من الناحية التركيبية مؤلفات موزارات، واضاف ان البحوث دلت على ان تعريض المصابين بأمراض محددة إلى موسيقى موزارات لمدة عشر دقائق يوميا يؤدي إلى تحسن ملحوظ على قدراتهم الحركية كطي الورق وتقطيعه.
كما بينت بحوث مشابهة اجريت على الفئران ان الاستماع للموسيقى يجعلها اكثر قدرة على تجاوز العقبات.
وأظهرت تجارب دول اخرى ان الاطفال الذين يتمرسون على العزف على آلة موسيقية لمدة ستة أشهر يتفوقون على نظرائهم الذين يعملون على اجهزة الكمبيوتر، وعبر البروفيسور جينكنز المسؤول في كلية الأطباء الملكية بلندن، عن اعتقاده بأن نتائج هذه البحوث ستكون لها قيمة كبيرة وان التأثيرات الايجابية للموسيقى على مرضى الصرع أمر مشجع جداً، ومن الجدير بالذكر ان مناطق عديدة في المخ تشترك في عملية الاستمتاع بسماع الموسيقى ومنها الجهة اليسرى التي تختص بتحليل الايقاعات، بينما تتكفل الجهة اليمنى بتحليل اللحن، وان الاستمتاع بسماع الموسيقى من شأنه تحفيز تلك الاجزاء من المخ.
كما اكتشفت باحثون من هونغ كونغ ان الاطفال الذين تلقوا دروسا في الموسيقى لديهم ذاكرة لغوية أقوى من هؤلاء الذين لم يتلقوا هذه الدروس، وان الساعات التي يقضيها المرء في تعلم العزف على البيانو أو الكمان لا تضيع هدرا، فدروس الموسيقى تقوي من ذاكرة الاطفال، ويقول هؤلاء العلماء ان اكتشافهم سيساعد الذين أجروا جراحات في المخ على استعادة قوة ذاكرتهم، ومثلهم في ذلك مثل الاطفال الأصحاء.
وهكذا نرى ان تحريم الموسيقى الذي نادى به الكثير من رجال الدين (العلماء)، ولا يزالون، لا يفتقر فقط لأي سند ديني بل ولأي سند عقلي منطقي، فالمنع كان منشأه بيئيا وانطلق من فكر متأثر ببيئة جافة اكثر من أي شيء آخر، فمرحبا بالموسيقى.. ولكن مع من نتكلم نحن؟

د. شفيق ناظم الغبرا

كويت العصر الذهبي… كيف كانت؟

عندما يتساءل الناس والشباب عن العصر الذهبي للكويت تأتي مع هذا التساول جملة من الصور المختلفة من واقع اليوم. أحياناً يتساءل الجيل الجديد: كيف كان حال الكويت في ذلك العصر وكيف كان حال الكويت مختلفاً؟ قد لا تستطيع الأسئلة في هذه المرحلة أن تجيب عن الأساس الذي أعطى الكويت ألقاب مثل لؤلؤة الخليج أو درة الخليج وأعطى فرقها الرياضية وريادتها التعليمية صفة النموذج لشعوب شتى في منطقة الخليج. وكان ذلك عصر خاص تميّزت فيه الكويت عن غيرها، لأنها حكمت العقل والمنطق والطموح في كل شيئ كما حكمت الحكمة والإبداع في قراراتها وطرق بناء فرقها. العصر الذهبي للكويت يعني أن الكويتيين كانوا منفتحين على ذاتهم وعلى العلم والعمل وعلى الجديد بأنواعه كلها. كانوا من بين العرب مجددين، مكتشفين، مقبلين على العالم الذي يتشكل من حولهم بلا خوف أو تردد أو تقييد. في العصر الذهبي كانت التنمية أولوية تنفيذية قبل أن تكون أولوية كلامية، وكان التعليم والتجديد والانفتاح والانعتاق من القيود ممارسة دائمة. وكان هذا العصر بالتحديد عصر ثقة بالنفس وثقة بالمستقبل وتبنٍ للكفاءات والقدرات كلٌ في مكانها وكلٌ في مجالها. لقد اكتسب ذلك العصر لقبه الذهبي، لأنه التزم أولاً بمشروع الدولة وبإنشاء الدستور، بالانفتاح على الآخر، أكان عربياً أو عالمياً، وبمعايير الإنجاز عبر إنشاء البرلمان وبناء المؤسسات وتحديد الصلاحيات. في الزمن الذهبي تصالحت الكويت مع نفسها ومع العالم لتنتج الكثير من الجديد. متابعة قراءة كويت العصر الذهبي… كيف كانت؟