سامي النصف

كويت المركز المالي وخصخصة «الكويتية» (1- 2)

الديموقراطية هي الرأي والرأي الآخر، تكرر في المدة الماضية اتخاذ قرارات يتم النكوص عنها وهو امر ما كان ليتم لو سمع الرأي الآخر فيها، قضية تخصيص «الكويتية» والمسار الذي تسير به لي فيهما رأي تسنده خبرة قاربت العقود الأربعة في مجال الطيران ومعرفة واطلاع واتصال شخصي بمن قام بعمليات الخصخصة في انجلترا والاردن ولبنان واندونيسيا ومصر وغيرها.

في البدء تعني الخصخصة اعادة الهيكلة للوصول في النهاية الى الربحية، لذا فدائما ما تبدأ الخصخصة بالقطاعات «السهلة» مضمونة الربح ثم تنتهي بالقطاعات الصعبة الخاسرة واهمها قطاع الطيران، لدينا وكالعادة بدأنا بالعكس ولاشك في ان فشل عملية تخصيص الكويتية المؤكد سيعني ايقاف مشاريع خصخصة القطاعات الاخرى في الدولة لاجل غير مسمى حيث سيشار دائما لتجربة «الكويتية» الفاشلة.

كذلك اعتادت الدول ان تبدأ عملية الخصخصة عندما تكون الميزانية العامة للدولة في اسوأ حالاتها حيث تتجه الحكومات للسلطات التشريعية والنقابية عبر اعطاء خياري الخصخصة أو افلاس القطاع المعني لعدم توافر الموارد المالية لدعمه، اما نحن فنعرض عملية الخصخصة ونحن في اوج انتعاشنا الاقتصادي، ولدينا فوائض اموال لا نعرف كيفية التصرف بها، كما قامت جميع التجارب الاخرى على عملية تسويق كامل لنهج الخصخصة يتضمن جميع او اغلب المرافق العامة لا قطاعا واحدا هو الاصعب كحالنا.

وفي هذا السياق كنت قد التقيت بالفريق الذي قام بخصخصة «البريطانية» عندما استضافهم مكتب د.محمد مقاطع قبل سنوات وكان مما قالوه انهم بدأوا عملية الخصخصة في عشرات المرافق الصغرى، وعندما نجحت فقط تحولوا الى قطاع الطيران، ومثل هذا ما سمعته من السيد عادل قضاة رئيس برنامج التخصاصيين في الاردن عندما زرته في مكتبه في عمان وهو صاحب احدى التجارب الاكثر نجاحا في العالم حسب تقارير الامم المتحدة حيث تم تخصيص 86 قطاعا منها الكهرباء والاتصالات والفوسفات وجميعها مضمونة الربح قبل التوجه لقطاع الطيران الذي تم توفير حماية له قاربت 8 سنوات حتى يقوى ويقبل القطاع الخاص شراءه ولم يعرض على حاله – كحالنا.

وفي غياب خطة تحديث الاسطول وعقد جميع شركات الطيران الخليجية المنافسة اضافة الى «اليمنية»، صفقات جاوزت 400 مليار درهم في معرض دبي الاخير للطيران لتحديث اساطيلها مما سيتسبب في مزيد من التأخير لعمليات تسليم الطائرات في حال طلب «الكويتية» المستقبلي لها، سيطرح تساؤل محق عن ماهية المستثمر الذي سيرتضي شراء شركة طيران خاسرة تمتلك اسطولا متهالكا ولا تملك خطة او حجوزات مستقبلية لاسطولها او وعودا بتسليم مبكر لتلك الطائرات!

لقد كان بالامكان الالتزام بخطة تحديث الاسطول السابقة (الافكو) التي تبدأ في عام 2008 وتنتهي في 2012 او بديل لها وسيدفع ثمنها تباعا المشتري الجديد حال بدء تسلم الطائرات وتشغيلها كحال الكويتية بعد التحرير والتي انتهت قبل مدة قصيرة من تسديد اثمان تلك الطائرات بدلا من الوضع المجهول القائم الذي يهدد مستقبل الآلاف من العاملين بالمؤسسة، وللعلم عرضت بعض دول اوروبا الشرقية شركات طيرانها ذات الاساطيل القديمة في السوق بسعر «دولار واحد» ولم تجد مشتريا.. والى الغد.

اخر محطة:
وضع «الكويتية» اقرب لمريض تكالبت عليه الامراض ثم أتاه من أوصل اليه الاوكسجين والدم الجديدين (عبر عمليات تحديث الاسطول الماضية) وبدأ يتعافى ويرى ابناؤه الامل في شفائه وفجأة اتى من اوقف شرايين الحياة تلك وسحبها بحجة ان هناك طبيبا قادما بعد سنوات هو من سيقوم بتلك العملية متناسيا ان الطبيب الجديد قد يأتي متأخرا ويرى ان المريض الذي امامه قد اصبح ميتا اكلينيكيا بسبب الاهمال ومن ثم فلا امل ولا رغبة للطبيب الجديد في علاجه.

سامي النصف

حكاية مقاهي كوستا

نشرت بعض الصحف اليومية وكذلك جريدة «الشعب» الاسبوعية خلال الاسابيع الماضية اخبارا وآراء حول مشروع مقاهي «كوستا» التي تملكت وكالتها في الكويت شركة كاسكو الحكومية قبل ما يقارب 7 سنوات، حال تسلمي الرئاسة غير التنفيذية للشركة لم أتدخل قط في أعمال جهازها التنفيذي إلا عندما تحدث إشكالات يتم اللجوء اليّ فيها وهو ما تم مع تلك الوكالة العامة.

ففي الربع الاخير من عام 2006 بدا ان هناك اشكالات تحيط بقسم كوستا في الشركة، حيث تم لقاء للوكالات العاملة في الشرق الأوسط في قبرص وقد تم تكريمها باستثناء فرع كوستا الكويت، تلت ذلك زيارة لإحدى الشركات المحلية للمسؤول الكويتي عن ذلك القطاع في الشركة للتباحث معه في شراء وكالة كوستا الكويت، ثم قام وفد من المكتب الاقليمي لكوستا الدولية الموجود في دبي بزيارة الكويت، وقد اخبرني مدير المكتب القانوني ان المسؤول الكويتي عن ذلك القطاع في الشركة قد طلب تواجده وتسجيله لمحاضر الاجتماع لكون حديثه منذ اليوم مع كوستا يجب ان يمر عبر القانونيين، وقد دل تسلسل تلك الأمور على التوتر الشديد بين وكالة كوستا الأم وشركة كاسكو.

تلا ذلك طلب من وفد كوستا الأم الزائر بأن يلتقوني في وجود المدير العربي لكوستا الذي كان قد تقدم باستقالته لاعتراضه على الطريقة التي تتم بها ادارة ذلك القطاع من قبل مسؤوله الكويتي، وقد تم اللقاء ليبدأ بشكوى طويلة من طريقة التعامل معهم عبر السنوات الطويلة الماضية معطيا ما يراه هو من ادلة وقرائن تدل في نظره على عدم التزام الشركة بالعقد ثم اخبرني بشكل حازم انهم قرروا بعد التشاور مع المكتب الرئيسي في لندن إنهاء عقد وكالة كوستا في الكويت وان الأمر قد قُرر وانتهى، ما اظهر لي على الفور كمّ الضرر الواقع على كاسكو من ذلك القرار، حيث لم يقتصر الأمر على خسارة المشروع منذ بدئه والمقدرة بمئات آلاف الدنانير بل سينتهي بفسخ الوكالة وهو أسوأ ما يمكن ان يحدث.

قمت على الفور بعزل المسؤول عن ذلك القطاع بغض النظر عن قصوره من عدمه وسألت عن الرأي القانوني في عملية الفسخ، وقد تشاور المكتب القانوني مع احد اكبر مكاتب المحاماة في الكويت الذي افاد بأن للوكالة الأم حق الفسخ ولنا في المقابل حق رفع القضايا لطلب التعويض الذي قد يقتنع به القاضي أو لا يقتنع، وفي حال اقتناعه سيأمر بتعويض يساوي ارباح بضع سنوات الى الأمام كأمر معتاد في الحالات المماثلة وهو خيار – ان صدق ذلك الرأي القانوني – غير مجز لعدم وجود ارباح من الأساس، اضافة الى مخاطر التقاضي.

بدأت بعد ذلك بمحاولة بقاء الوكالة في الشركة رغم القرار المتخذ عن طريق ارسال المدير العربي والمدير الكويتي الجديد للمشاريع وهو شخص مشهود له بالكفاءة والنزاهة لتصوير مخالفات وكالات كوستا في المنطقة لإثبات اننا غير مقصرين في الكويت بل المقصرون هم بعض الوكلاء الآخرين، الا ان تلك المساعي لم تُجدِ نفعا كونهم – حسب قولهم – قد أعطوا كاسكو خلال السنوات الماضية تلك الفرص ولم يبق مجال للبقاء بشكل ودي معنا.

ولما لم تُجدِ تلك المساعي وصلنا حسب المعطى القائم اما إلى الفسخ والمحاكم التي قد لا تحقق الكثير وإما البيع بكل شفافية بعيدا عما اقترح في البداية من عرضها في مزايدة على عدد محدد من الشركات قد تتفق فيما بينها على تثبيت السعر، لذا طلبت من مكتب التدقيق الخارجي ان يقوم بعملية تقييم للاسم التجاري وان يضيف له اسعار مواقع المقاهي المختلفة حتى يكون هو سعر البدء للمزايدة، وواضح ان عملية التقييم تلك لا تعنى ولا تلزم بالضرورة بالبيع الذي ترك امره للادارة الجديدة في المؤسسة المالكة للشركة بل هو اجراء كان يفترض ان يتم منذ سنوات عدة، حيث لا يجوز ان تدير الشركة مرفقا لا تعرف قيمته السوقية الحقيقية.

وقد أتى التقييم ولله الحمد مجزيا جدا للمال العام، حيث تمخض عن سعر مبدئي تجاوز الملايين العديدة من الدنانير، بحيث تبدأ المزايدة به حال الرغبة في البيع بكل شفافية ولكل الشركات، وقد أَحلت، ولله الحمد والمنة، في النهاية وخلال الاشهر الماضية – مكسب «الصفر» بسبب قرار الفسخ النهائي العام الماضي، إلى إبقاء الوكالة حتى اليوم ومكسب الملايين العديدة، وهو الوضع القائم عند تركي للشركة قبل ايام.

سامي النصف

تجربة ثرية مع العمل الحكومي

تقدمت امس الأول وزملائي اعضاء مجلس ادارة شركة كاسكو الحكومية باستقالاتنا لإتاحة الفرصة امام رئيس مجلس ادارة «الكويتية» الجديد لإعادة تشكيل الادارة بما يخدم تصوراته وخططه وتلبية لطلبه، وبذا انتهت حقبة قاربت العامين مع العمل الحكومي في شركة كاسكو تمخضت عن تجربة ثرية تستحق المقال.

آمنت منذ اليوم الاول لتقلدي تلك الوظيفة بأن الاصلاح عمل يعمل وليس شعارا يرفع دون مضمون، فتواجدت بالشركة بشكل يومي أو شبه يومي وأسقطت الصورة التقليدية السيئة حول «الاستباحة» المتمثلة في انشاء شركات خاصة تبيع على الشركة العامة تحت ألف مسمى ومسمى، ومنعت التوسع في التعيينات والترقيات وتقبّل الواسطات، وقررت أن النزاهة او نظافة اليد المطلقة تبدأ من النفس لا من الآخرين، لذا لم أتسلم راتبا لقاء عملي اليومي، ولم أستخدم قط قطاع الطلبات الخارجية في الشركة رغم كثرة الزائرين والعزومات في منزلي، وفضلت ان أحضر ما يلزم من الشركات الاخرى في السوق، لذا لم يسجل ديوان المحاسبة ملاحظة واحدة في تلك الطلبات على رئيس مجلس الادارة.

ولم أستخدم في منزلي قط أحدا من عمالة الشركة، بل جميع العاملين هم على كفالتي الشخصية أدفع رواتبهم من جيبي الخاص، لذا ابتدأ الافاضل في ديوان المحاسبة تقريرهم عن الشركة لعام 2006 وضمن المحضر المؤرخ في 28/3/2007 بشكر الجهود الاصلاحية لرئيس مجلس الادارة ولم يثبت في التقرير النهائي للديوان ولله الحمد أي مخالفات على الادارة العليا، وفي هذا ايضاح واجب ورسالة الى براعمنا الشابة ممن تمتلئ أذهانهم بالاعتقاد ان كل مسؤول حكومي فاسد ومتمصلح، والحقيقة والله أبعد ما تكون عن ذلك، فالدنيا بخير، فمقابل كل فاسد التقيته أو أحلته للنيابة هناك مائة شخص مخلص وشريف يخاف الله في عمله ويعشق وطنه.

وضمن تلك التجربة التقيت كثيرا من اعضاء مجلس الامة، واقول انني لم أمرّر لهم شيئا قط، الا أنهم لم يخرجوا غير راضين قط، ففي البدء لم أجد عضو مجلس أمة واحدا يتوسط لشيء له، بل جميع الواسطات أو المعاملات هي لآخرين يستخدمون كثيرا عدم الدقة أو عدم الصدق فيغررون ويحرجون النواب الافاضل، كذلك لاحظت ان النواب لا يزعلون مادمت شرحت امام من طلب منهم التوسط حقائق الامور وتعهدت للجميع بأنك لن تستثني أحدا آخر، ومازلت أذكر لقائي في مكتب احد الوزراء بالعضوين الفاضلين احمد باقر وحسن جوهر حيث قلت لهما لا تزعلا مني ان رفضت، بل ازعلا مني عندما أوافق على الطلبات، بل وأزايد عليها لأني عندها أكون قد ابتدأت بالسرقة والتجاوز على المال العام، وقد قدر النائبان هذا الطرح وخرجا مقتنعين ومكتفيين بما تم.

وتجربة مع احد الوزراء الافاضل، ففي يوم الاربعاء 27/12/2006 وهو آخر يوم عمل قبل العام الجديد أصدرت وزيرة المواصلات د.معصومة المبارك قرارا بتمديد خدمة بعض موظفي «كاسكو» ممن استفادوا من نظام التحفيز وملأت شواغرهم، وكنا قد رفضنا أي استثناء أو تمديد بالمطلق، لذا فقد توجهت للوزيرة الفاضلة عارضا تقديم استقالتي ان طبق ذلك القرار كونه يخل بمبدأ المساواة ويضر بأموال الشركة، ويفتح الباب على مصراعيه للاستثناءات، وقد قامت الوزيرة الفاضلة بإصدار قرار في نفس اليوم يلغي القرار الأول، وقالت تعلمت اليوم درسا مهما ألا أتخذ قرارا إلا بعد سماعي الرأي الآخر، وكان قرارا كبيرا من وزيرة كبيرة بحجم د.معصومة المبارك.

وبعد ذلك بأيام وصلتني مكالمة من نائب رئيس وزراء سابق (كان في موقعه آنذاك) يطلب فيها اعادة موظف مستقيل الى عمله، فرفضت ذلك الطلب كونه يعتبر استثناء وسيفتح الباب لجميع من استقالوا للعودة الى مراكز ملئت بعد تركهم، الا انه أصر على طلبه مذكرا بانه يتكلم بصفته لا بشخصه، وبقيت على الرفض تحقيقا لمبادئ العدالة والمساواة وسيادة القانون، فطلب أن يعرض الطلب على جدول أعمال مجلس الادارة، فرفضت، كونه يعني القبول بمبدأ الاستثناءات، فانتهى الحديث وتم ايصال الامر لسمو رئيس مجلس الوزراء عن طريق رئيس «الكويتية» السابق، فأتى الرد سريعا بالالتزام بقرار عدم الاستثناء، وأثبت سموه أنه مؤمن بالاصلاح عملا لا قولا.

سامي النصف

حريق آخر يُطفَأ وما أكثر حرائقنا!

كان لبادرة قائد سفينة الوطن ووالد الجميع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بالنظر في زيادة عامة للأجور تعم كل قطاعات الدولة أثر الماء البارد الملقى على نيران الاضرابات التي بدأت تضطرم في أساسات الدولة، والتي لو تركت لكان أولى ضحاياها المواطن والوطن الذي سيبتعد عنه الزائر والسائح والمستثمر لما في الاضرابات من أثر سيئ على المقيمين والزائرين، اضافة الى كلفتها المالية الباهظة على الاقتصاد الوطني.

إن علينا الاتفاق على أننا شركاء في وطن واحد يجب أن نفكر في مصلحته العامة قبل مصالحنا الخاصة، ومن ثم فإن اشكالية اقرار زيادة لبعض قطاعات الدولة ستخلق – كما يعلم أي مبتدئ اقتصاد – حركة تضخم وغلاء فوق الغلاء القائم سيعاني منه اخوة آخرون لنا لم يحصلوا على تلك الزيادات، وإن كانوا سيحصدون سلبياتها، لذا فإن قرار النظر في رواتب الجميع هو قرار حكيم ومنصف لكل العاملين في الدولة.

هل يمكن لنا في زمن بعيد أن نربط جزءا من أي زيادات قادمة بالانتاجية التي يسهل قياسها في كل المهن؟ ومن ذلك هل من العدل أن يتساوى في الزيادة الموظف الذي يخلّص مائة معاملة في اليوم للمواطنين مع الموظف المعرقل الذي بالكاد يخلّص معاملة واحدة؟! أمر كهذا معمول به في كندا حيث يدفع للطبيب في القطاع الحكومي بناء على عدد المرضى وعدد العمليات… إلخ.

وفي جميع أنحاء العالم هناك دائما فارق عمودي «ثابت» بين أبناء قطاع العمل الواحد كالفارق بين الطبيب والصيدلي والممرض أو المهندس ومساعد المهندس والعامل، والحال كذلك مع الفارق الافقي الثابت بين أصحاب المهن المختلفة، تلك الفوارق هي أشبه بالاعمدة التي يقوم عليها هيكل الدولة الوظيفي، لذا فما ان يستفرد قطاع بزيادات ضخمة تخصه حتى يختل التوازن ويهتز البنيان، لذا يجب النظر دائما قبل أي زيادات في تأثيراتها الافقية والرأسية في البلد.

ويقال في المثل الانجليزي الشهير «ان التفاح لا يقارن الا بالتفاح»، أي أمر متطابق معه في المواصفات والظروف، لكن عندنا اصبح من الامور الشائعة من يقارن تفاحنا ببطيخ الآخرين بدلا من المقارنة بتفاحهم، أي هناك من يختار أسوأ الظروف لدينا كحال صاحب المهنة المبتدئ ويقارنها براتب استشاري هناك ثم يشكو من الظلم، في الختام الكويت ليست بقرة حلوبا بل هي وطن يجب رفعه عن المصالح الذاتية والاطماع المادية.

آخر محطة:
تحية من القلب لوزير المواصلات والاوقاف الاخ عبدالله المحيلبي على توجهه بالنداء لوطنية المضربين ومناشدتهم عدم الاضرار بسمعة بلدهم. لو استُخدم هذا النهج الحكيم منذ البدء لما تفشت على الاطلاق عمليات التهديد بالاضراب، وكفو يا بوفهد.

سامي النصف

حتى لا نتحول لبلد إضرابات

من عاش في بريطانيا قبل الحقبة التاتشرية يعلم كم كان الوضع مؤلما هناك حيث تفاجأ كل صباح بإضراب موظفي السكة الحديد أو الباصات أو عمال النظافة أو شركات الطيران أو حتى القائمين على خدمات الكهرباء والماء والبريد وعادةما تمتد تلك الاضرابات المدمرة لأشهرأو سنوات عدة.

لذا لم ينطلق الاقتصادان البريطاني والأوروبي ولم يتحررا ويتطورا، ومثلهما اقتصاد الولايات المتحدة ابان عهد الرئيس ريغان، إلا بعد حل مشكلة الاضرابات، التي كان من أشهرها اضراب المراقبين الجويين، من جذورها والتأكد من أن عمليات التفاوض بين الجهات المعنية تتم بعيدا عن منهاجية الاضراب التي تشل البلاد وتزعج المواطنين وتضر بمصالح الطرفين المتفاوضين.

في الكويت بقيت اشكالية الاضرابات محدودة والحكمة سائدة حتى تغيرت المعطيات قبل مدة عندما قام البعض بتشجيع مبدأ «اضربْ تُجَب» أي عليك أن تلجأ للاضراب حتى نستمع لك ونحقق لك كل طلباتك، وهو ما جعل شرارة الاضراب تنتشر كالنار في الهشيم في البلاد، ولم يوقف أكثر من 22 نقابة عن الاضراب، كما أتى في بعض الصحف، الا دخول الشهر الفضيل.

ان الواجب الوطني ومصلحة البلاد والعباد يقتضيان من الجانب التنفيذي أن ينجز الطلبات المحقة للموظفين والعمال عبر التفاوض الجدي والودي، ودون الحاجة لدفعهم للاضراب للحصول على حقوقهم كاملة، كما ان على الجانب النقابي ان يتفهم ضرورة طرح المطالب العقلانية والقبول بالتدرج للحصول على ما يتم طرحه، فما لا يحصّل كله لا يترك جله.

ان كل قطاعات الدولة مهمة، وأي اضراب أيا كانت مهنة منتسبيه سيتسبب في أفدح الضرر للبلاد ولا حكمة من الحج لطرق ووسائل تركتها الدول المتقدمة خلفها لما تتسبب فيه من خسائر فادحة للاقتصاد الوطني وتعطيلها لمصالح المواطنين، لذا نرجو ان نرقب في المرحلة المقبلة تعزيز نهج مفاوضات الغرف المغلقة التي يقوم بها الحكماء من كل الاطراف والتي تؤدي الى النتائج الطيبة، فإضراب يلد اضرابا سيجعلنا نتحسر بشدة على عصر أزمة سياسية تلد أخرى.

آخر محطة:
المقال السابق نشرته في 1/10/2007 واتبعته بمقال آخر في 17/10/2007 اسميته «الإضراب والحكومة الناطقة» والحقيقة ان سبب الإضرابات ليس زيادة أسعار النفط كما يقال فتلك الزيادة حدثت مرارا وتكرارا في الماضي دون مطالبات او اضرابات، الاشكال المدمر سببه الحقيقي إعلان متكرر لاحد المسؤولين في الصحف بأنه سيخرج كادر هذا القطاع أو ذاك من مجلس الخدمة المدنية مما ارسل اشارة وشرارة عاجلة لاصحاب الكوادر المختلفة التي ينتظر اغلبها اقرار كوادرها منذ سنوات طوال بأن السبيل الامثل لتحقيق المراد هو الإضراب ومن ثم حضور الوزير المعني الذي سيضع على عاتقه ضمان موافقة مجلس الخدمة المدنية وبهذا النهج «غير المسؤول» بدأت الشرارة التي كادت ان تشعل البلد.

سامي النصف

لبنان وديموقراطية الكسور المتكسرة

هناك طرف أخطأ للأسف الاجتهاد في المعادلة اللبنانية الحالية وأرى شخصيا ان قوى المعارضة هي المتسبب ليس بالإشكال الحالي بل ما سينتج عنه من إشكالات مستقبلية مدمرة حيث يمكن وبسهولة ان تفوز المعارضة في الانتخابات المقبلة، إلا أن الثقافة السياسية التي خلقتها ستبقي لبنان على صفيح ساخن الى الأبد، حيث أعطت قوى 8 مارس الضوء الأخضر لقوى 14 مارس لتكرار ما تقوم به هي هذه الأيام من احتلال العاصمة وتعطيل أعمال الحكومة ومنع انتخابات الرئاسة.

في ديموقراطيات العالم أجمع تفوز احدى القوى بالأكثرية فتحكم ويصبح لديها ضوء أخضر فيما تقوم به وتفعله دون عرقلة، وتتيح لها المعارضة بالمقابل عمل ما تريد انتظارا للانتخابات اللاحقة التي يقرر فيها الشعب إما الرضا عن مسار الحكومة ومن ثم التجديد لها أو إسقاطها واعطاء الدور والحرية الكاملة للمعارضة كي تحكم وتقوم بما تراه صائبا.

سؤال: هل تبرر حرب الـ 33 يوما الصيف الماضي تشكيل حكومة وحدة وطنية بالإرغام؟!

الجواب: بالقطع لا فجميع دول العالم كأميركا وروسيا والصين واليابان وغيرها دخلت حروبا عالمية أكبر وأخطر واستمرت سنوات عدة بقي فيها الحزب الحاكم في الحكم والمعارضة في المعارضة، فواضح ان مبدأ تشكيل حكومة وحدة وطنية ابان الحرب أو السلم يتم «برضا» الطرفين وليس بالإرغام واحتلال العواصم.

هل يحق للأقلية ان تفرض مبدأ الثلث المعطل على الأكثرية؟! في البدء الثلث المعطل خاص فقط بالموارنة في لبنان ولا يوجد له مثيل في العالم أجمع وقد وضع كترضية لهم كي يتخلوا عن بعض صلاحيات رئيس الجمهورية التي دارت حولها حرب لبنان وكضمانة بأن مجلس الوزراء الذي انتقلت اليه الصلاحيات لن يساهم بالاضرار بهم وتذويبهم عبر طلب الوحدة مع سورية أو إعلان جمهورية إسلامية.. الخ، ان الثلث المعطل، أو حتى 1% المعطل لا فرق، يلغي بالكامل أهم أسس الديموقراطية ولا يصبح للأغلبية الانتخابية حتى لو كانت 99% أي دور وواضح ان قوى 14 مارس عندما تصبح في المعارضة ستطالب بالمثل وستصبح ديموقراطية لبنان العريقة ديموقراطية عبث وتعطيل دائم حيث لن يتفق أبدا الثلث مع الثلثين والا لما كانت هناك توجهات أغلبية ومعارضة متباينة.

هل تصح المطالبة بتوافر نصاب الثلثين لاختيار الرئيس وما الخطأ في طلب المعارضة الحصول على رئيس «توافقي» ينتخبه جميع النواب بدلا من نصفهم؟! في البدء شرط الثلثين سيعطل جميع انتخابات الرئاسة المقبلة حتى الأزل، حيث ستكون هناك دائما أقلية معارضة تزيد على الثلث في لبنان ستحرم الأغلبية من اختيار الرئيس عبر بدعة مقاطعة الجلسات التي لم تحدث قط في تاريخ لبنان.

وكلمة رئيس توافقي هي كلمة خيالية وشرط استحالة إن لم تكن هذه المرة ففي المرات المقبلة، فلو قال طرف اختار توني لقال الطرف الآخر اختار جوني والعكس صحيح، ولم نسمع قط على سبيل المثال ان الأقلية في أميركا تقول لماذا ننتخب رئيسا ديموقراطيا أو جمهوريا بنصف الأصوات، فلنبحث عن رئيس «توافقي» يمثل الجميع وننتخبه بكل الأصوات.

آخر محطة:
1 – نأسف ان تتحول أقدم وأعرق ديموقراطية عربية وإسلامية وشرق أوسطية الى ثقافة الكسور أي الثلث والثلثين والنصف + 1 وننتهي بكسر يكسر الآخر.

2 – حقيقة الإشكال في لبنان هي ان احدى القوى الإقليمية تريد إيصال رسالة واضحة للفرقاء وهي ان بوابة الرئاسة اللبنانية مازالت تمر عبرها.

سامي النصف

حوار ساخن حول القضية الفلسطينية

استضافنا قبل أمس الزميل حمدي قنديل في برنامجه «قلم رصاص» على قناة دبي للحديث عن مؤتمر انابوليس القادم الرامي لحل القضية الفلسطينية، وكان على الطرف الآخر دكتور مقيم في فرنسا، وقد علا صوته فور حديثه مطالبا بالنضال وكسر النصال على النصال – من باريس بالطبع – حتى خشيت على حباله الصوتية الغليظة من الانقطاع ولوزه الحمراء – التي بانت جلية للمشاهدين – من الانفجار.

ومما قاله الدكتور الهمام: ان كنا غير قادرين على الحرب هذه الأيام فلنُرحّل تلك القضية الدموية لأبنائنا وأحفادنا من بعدنا أو على الأصح لأبناء وأحفاد الفلسطينيين، حيث انه وكحال زملائه الأبطال البكري والمسفر وعطوان لا يمانعون النضال من قصورهم الآمنة لآخر قطرة دم تسري في شريان آخر طفل فلسطيني ولا يكتفون بتدمير حاضر من يدّعون الدفاع عنهم بل يفخرون بأنهم سيُرحّلون الحروب المدمرة لأجيالهم القادمة – تطبيقا لمقولة «وراهم وراهم» – بدلا من توريثهم البنيان العامر والمستقبل الزاهر.

وكان ردنا على ذلك النهج الغوغائي الساخن ومطالبات المقاطعة – المعتادة – بأننا قد جربناه مرارا وتكرارا ومنذ اليوم الأول لوعد بلفور الذي صدر في نوفمبر 1917 أي قبل 90 عاما، وان الدولة الفلسطينية التي نستجديها اليوم على جزء صغير من التراب الفلسطيني هي نفسها الدولة «المستقلة» التي منحتنا إياها لجنة بيل في نوفمبر 1937 على 90% من أرض فلسطين وكان يُفترض ان تكون إحدى أُوليات – لا أُخريات – الدول العربية المستقلة، لولا أصحاب الحناجر النحاسية الساخنة صاحبة المطالبات بمقاطعة تقرير اللجنة، وتسير المظاهرات ضدها حتى ألغاها الوزير البريطاني الصهيوني ماكدونالد في كتابه الأبيض ليس بطلب من الحكيم حاييم وايزمن بل من المفتي أمين الحسيني الذي طار بعدها للقاء وتقبيل هتلر وموسليني.

وعودة الى اليوم، وفي الوقت الذي ينصر فيه اليمين الاسرائيلي أولمرت قبل المفاوضات عبر تعديل تشريع التخلي عن القدس لمزيد من التشدد يجتمع المجلس التشريعي الفلسطيني بدعوة من الرئيس هنية لالغاء جميع المراسيم والصلاحيات التي يتمتع بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس حتى يتم إضعافه في المفاوضات القادمة واظهار انه رئيس بلا سلطة يمكن لاسرائيل بالتالي ان تأخذ منه دون ان تعطيه.

آخر محطة:
لو صورت قرب الاهرامات هذه الأيام فلا خصوصية لهذا الفعل، حيث سيصور مثلك وعبر السنين الملايين من السائحين، لكن ماذا لو أتيحت لك فرصة تصوير الأهرامات أو سور الصين أثناء البناء، لا شك ان صورة مثل تلك ستكون نادرة ولن يستطيع أحد تصوير مثلها، بالمثل انصح باصطحاب الكاميرات وتصوير المعجزات اثناء بنائها هذه الأيام في دبي مثل مشاريع: دبي لاند والنخيل وبرج دبي.. الخ، فكمّ البناء ونوعه وسرعة انجازه (وجميع المعجزات هي في النهاية بناء) لا مثيل لها في التاريخ بعيدا عن أي آراء مؤيدة أو معارضة لما يجري.

سامي النصف

حرب ثالثة؟ قنبلة ثالثة؟

رغم ان مصطلح الحرب «العالمية» لايزال يكتنفه الغموض حول ما هو عالمي وما هو غير ذلك، الا ان الرئيس جورج بوش صرح الشهر الماضي في لقاء مع قادة الدول الكبرى بأن منع الحرب العالمية الثالثة يتطلب منع ايران من حيازة السلاح النووي، وفي الوقت ذاته ذكر الرئيس بوتين ان تزويد حلف الناتو پولندا والتشيك بصواريخ نووية دفاعية سيعني مواجهة نووية قريبة مما جرى عام 62 في كوبا.

وفي الافق غيوم حرب داكنة تتجمع فوق منطقة الخليج، وهناك من يرشح تلك الحرب لأن تصبح بداية للحرب العالمية الثالثة، ويحتاج الامر من احدى دول المنطقة لأن ترتكب حماقة كبرى في العراق او على ارض الخليج كي تعطي العالم المبرر لاستخدام اسلحة الدمار الشامل التكتيكية ضد بعض مواقعها العسكرية، وهو ما لا نتمناه او نترجاه، الا ان ظننا يخيب في كل مرة نراهن فيها على حكمة وعقلانية الانظمة الثورية، لقد اصبح مصطلح الحرب الكونية الثالثة مرتبطا بشكل مخيف باستخدام اسلحة الدمار الشامل.

في عام 98 اصدر د.زبينغييف بريجنسكي وزير الخارجية الاميركي الأسبق كتابه «الفوضى» قال فيه ان منطقة «البلقان العالمي» الممتدة من غرب الصين الى تخوم اوروبا والتي تشمل 400 مليون نسمة يعيشون في 25 دولة ستشهد انشطارات وانقسامات وحروبا اهلية وعالمية قد تستخدم بها اسلحة الدمار الشامل. وقد كرر ذلك في كتابيه اللاحقين «رقعة الشطرنج العظمى» و««الفرصة الثانية» الذي صدر قبل اشهر قليلة.

ويعرض هذه الايام في دور السينما الكويتية الفيلم السياسي «أُسود لأجل الخرفان»، وفيه تكتشف صحافية ليبرالية ان الجناح المتشدد في السياسة الاميركية يعتزم ضرب ايران بالاسلحة النووية، لكن الصحيفة التي تعمل بها تمتنع عن نشر تلك المعلومة، وقبل ذلك في عام 81 تنبأ العبقري ارسون ويلز في فيلمه «الرجل الذي رأى الغد» ان الحرب العالمية ستنشب في منطقة الشرق الاوسط وستستخدم بها اسلحة الدمار الشامل في كل الاتجاهات.

آخر محطة:
1 – وجدت على محرك البحث في غوغل 458 مليون سؤال عن الحرب العالمية الثالثة ولا اعتقد ان احدها قد اتى من منطقتنا المرشحة لمثل تلك الحرب.

2 – يقول العالم الشهير اينشتاين «لا اعلم نوع الاسلحة التي ستستخدم في الحرب العالمية الثالثة، لكني على يقين ان اسلحة الحرب الكونية الرابعة لن تزيد على العصيّ ورمي الحجارة».

سامي النصف

لأجل الكويت هذه اللاءات الثلاث

الديموقراطية هي الرأي والرأي الآخر، كنا قد حذرنا في الماضي من التحول إلى منهاجية الدوائر الخمس وقلنا ان علاج أمراض الوضع الانتخابي السابق من واسطات وشراء أصوات وفرعيات هو بمواجهتها بالتشريعات الرادعة والوعي الوطني والابلاغ عنها بدلا من تخبئتها تحت السجادة عبر القفز إلى خيار تغيير الدوائر الذي سيتسبب كما ذكرنا آنذاك في استفحال وانتشار تلك السلبيات وبالمقابل فقدان كثير من الوجوه الخيّرة في المجلس لكراسيها النيابية وقد أتى تحقيق الزميلة «الوسط» امس الأربعاء ليثبت صحة توقعنا الذي كان أقرب للبديهية بنظرنا.

يخبرني صديق من أهل الكويت عمل لمدة ربع قرن في احدى الوزارات التي تولى أمورها ذات مرة وزير شعبي بقصته المأسوية فيقول: تركت عملي يوم الاربعاء وأنا مسؤول كبير في الوزارة ومكتبي عليه صوري وشهاداتي وداومت يوم السبت لاجد احد مفاتيح الوزير الانتخابية ممن يعملون في الوزارة يجلس على مكتبي وبيده قرار تعيينه السريع في ذلك المنصب مما جعلني اطلب احالتي للتقاعد ثم اجلس في البيت، التحول إلى منهاجية الحكومة الشعبية سيعني ضرب تلك التجربة المرة بعدد الوزارات ومن ثم الاستباحة التامة للميزانية العامة للدولة وتفشي المظالم من قبل اتباع التوجه السياسي لرئيس مجلس الوزراء الشعبي لذا «لا» لذلك الخيار بنظرنا.

خطآن لا يعملان صوابا واحدا، اذا كان التحول الى منهاجية الدوائر الخمس خطأ جسيما فان التحول الى خيار الدائرة الواحدة غير المعمول به في جميع الديموقراطيات الأخرى في العالم هو خطيئة كبرى ما بعدها خطيئة، فالديموقراطية في البدء والمنتهى هي تمثيل عادل لجميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والاقتصادي في البلد، مهما صغر وهو ما يحققه بكفاءة وجدارة تعدد الدوائر الانتخابية وتنوعها، اما الدائرة الواحدة فستظهر لونا أو لونين سياسيين متحالفين فقط، في مجتمع لا يحترم حقوق الاقليات، وسيلغي ويعادي ويقمع 51% منه الـ 49% الباقين، لذا «لا» لخيار الدائرة الواحدة.

وتجربة الاحزاب التي دمرت واحرقت لبنان والصومال والعراق (أكثر من مائة حزب طائفي وعنصري والخير لقدام) وفلسطين وافغانستان الخ، يراد لنا وبسذاجة بالغة ان نقبل بها حتى نمهد الارض لحروب أهلية قادمة بين الاحزاب، ان الوقت المناسب لانشاء الاحزاب هو ذلك الزمن البعيد الذي نلحظ فيه بالعين المجردة اختفاء التخندقات الطائفية والفئوية والقبلية القائمة وارتفاع الوعي السياسي والوطني الى درجة نعلم بها ان النفوس قبل النصوص لن تقبل بتكوين الاحزاب على معطى تلك التخندقات الحادة القائمة، ان السماح بتكوين الاحزاب هذه الايام ونحن في عز بروز التخندقات غير الوطنية القائمة سيعني اعطاء تلك الامراض الطارئة صفة الشرعية وبقاءها للابد، لذا فاللاء الثالثة هي ضد انشاء الاحزاب المشتتة للمجتمعات، خاصة في ظل عدم وجود تكافؤ وعدالة بين التجمعات والتكتلات القائمة، حيث يمتلك البعض منها الثروات والملايين والمقرات والآلاف من الاتباع ولم يبق له إلا اللوحة والاشهار ومنافسون لا يملكون شيئا.

آخر محطة:
قلت في برنامج حواري ضمني والدكتور عبدالمحسن جمال وبث من بيروت في 7/11 ان اشكالات الديموقراطية في المنطقة العربية وليس في الكويت فقط تكمن في مفاهيم عدم التسامح المتجذرة في ثقافتنا السائدة التي تغلب عليها مقولة الشاعر «لنا الصدر دون العالمين أو القبر» وقارنت ذلك بديموقراطية الهند ذات الـ 1.2 مليار نسمة التي تقل ازماتها السياسية عن ازمات الكويت ذات المليون نسمة بسبب ثقافة التسامح التي تطغى على المجتمع الهندي، في 11/11 كتب الكاتب الاميركي الاشهر توماس فريدمان مقالا في «الهيرالد تريبيون» وجريدة الشرق الأوسط تطابق تماما مع ما قلناه حيث ذكر ان الديموقراطية العربية يسيطر عليها مفهوم «Rule Or Die» وهو ما يخلق اشكاليتها وقارن ذلك بالديموقراطية الهندية، وقد اثنى على مقالته «لا مقولتي» الزميل د.وائل الحساوي في زاويته بالامس.

الجانب الايجابي فيما حدث انني سبقته بالفكرة ولم يسبقني والا لادخلني الزميل المبدع بدر الكويت ضمن منتداه الالكتروني المختص بمن يقتبس افكار غيره!

سامي النصف

حتى لا ننعى معرض الكتاب

الكويت ليست نفطا، الكويت ثقافة متجذرة وأفكار راقية متعددة، زرت العام الماضي معرض الكتاب بعد عدة ايام من افتتاحه لعدم علمي به.

هذا العام علمت بوجود معرض الكتاب من بعض دور النشر في مصر ولبنان اللتين اعتدت على زيارتهما ومما ذكروه لي انهم توقفوا عن ارسال الكتب الهامة والمثيرة لمعرضنا خوفا من المنع المعتاد واشاروا الى ان السعودية اصبحت اقل رقابة واكثر حرية من الكويت.

وابان معرض الكتاب الاخير في الشارقة عاتب حاكمها المحب للكويت، اثناء زيارته للمعرض، بلدنا على قلة الدعاية والاهتمام بمعرضنا للكتاب الذي يعتبر من اقدم وانجح معارض الكتب العربية واكثرها حرية وانفتاحا في الماضي حيث كانت الكتب تصل من المطار الى ارض المعارض مباشرة ودون رقابة وكانت الجموع الخليجية والعربية تسافر لبلدنا لزيارة معرضنا الشهير آنذاك.

وما نقترحه ان تطلب الدولة، الراعية لكل النشاطات الثقافية في البلد، من شركة ارض المعارض خفض ايجار صالات معرض الكتاب من 350 الف دينار الى 200 الف دينار، وليس في ذلك خسارة حقيقية حيث ان المجلس الوطني وشركة المعارض مملوكان بالكامل للدولة على ان يستغل فارق السعر المقدر بـ 150 الف دينار لعمل حملة اعلانية موسعة لمعرض الكتاب في الشوارع وعلى الباصات وفوق اوراق الصحف وعلى الفضائيات، اضافة الى ضرورة دعوة الكتّاب ومشرفي الصفحات الثقافية لحفل الافتتاح وهو ما لم يتم هذا العام.

آخر محطة:
ذكّرني الزميل غسان بن جدو قبل مدة بمقالي «مجتمع الغضب» الذي اشرت فيه لظاهرة الغضب الكويتية كما اخبرني الصديق جابر الهاجري انه سيشير لتلك الظاهرة في مقاله المقبل وقد ظننت اننا ننفرد بتلك الظاهرة غير المريحة حتى وصلتني رسالة sms من صديق اردني يقول فيها انهم سألوا اردنيا «لماذا دائما مكشر وغضبان؟ فقال ليش ما اكشر وقهوتنا مرّة وبحرنا ميت وخليجنا عقبة وطبختنا مقلوبة واشهر اسمائنا زعل ومهاوش وعدوان ومغنينا الذي يفترض ان يسعدنا اسمه متعب واشهر اغانينا ويلك ياللي تعادينا يا ويلك ويل».