فضيلة الجفال

الأكراد .. وصراع القوميات في المنطقة

تبدو الخرائط التي رسمتها اتفاقية سايكس بيكو في المنطقة بخطوط مستقيمة لكنها في جوهرها معقدة، بعكس الخرائط الأوروبية مثلا، تلك المتعرجة التي تدقق في حواف الحدود والأنهر وغيرها. هذه الخرائط ضمت خليطا من القوميات والأعراق تحت مظلات سياسية محددة. وربما لا يعرف عموم العرب ممن لم يتعايشوا مع الأكراد، التسلسل التاريخي لهذا المكون، هم الذين يعدون رابع أكبر مجموعة عرقية في الشرق الأوسط، لكن لم تكن لهم أبدا دولة مستقلة. وحين يتغنى العرب بالقومية العربية والفرس بالفارسية والأتراك بالتركية، لا يدركون تماما أن بينهم قوميات أخرى هي جزء من مكونات الشعب والدولة. العدد الكلي للأكراد المنتشرين في دول العالم غير معروف، لكنه يقدر بعشرات الملايين (25 إلى 40 مليون كردي). والدولة التي يعيش فيها أكبر عدد من الأكراد هي تركيا، التي تضم نحو عشرة ملايين كردي، تليها إيران بنحو 7.5 مليون كردي، والعراق بنحو 6.5 مليون كردي، وسورية بنحو 2.5 مليون كردي. ويسكن الأكراد المنطقة الجبلية الممتدة على حدود تركيا، والعراق، وسورية، وإيران، وأرمينيا. متابعة قراءة الأكراد .. وصراع القوميات في المنطقة

فضيلة الجفال

هل يمكن «فدرلة» أو تقسيم سورية؟

لا شك أن مغامرة بوتين السورية عززت من موقف موسكو، على الأقل مؤقتا. ولكن عندما يتعلق الأمر بمستقبل سورية، فكلمة بوتين “المهمة أنجزت” لن تكون نهائية، تماما كما قال بوش بعد أشهر من بداية الحرب على العراق عام 2003. مر مصطلحا التقسيم والفدرلة أخيرا في سياق المناقشات بين أمريكا وروسيا، حول وقف الأعمال العسكرية في سورية. بين إدارة القضية وبين حلها مفترق طرق. وقد مرت خمسة أعوام في إدارة قضية سورية الشائكة التي بدت أنها لن تنتهي. في كانون الأول (ديسمبر) 2013، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” وثيقة سياسية زعمت أنها جمعت معلوماتها من مختصين في شؤون الشرق الأوسط بتفكيك المنطقة إلى دويلات إثنية وطائفية وعشائرية والتخلص من أو تصحيح حدود «سايكس بيكو» عام 1916، على أساس أن الحدود لن تصمد أكثر من 100 عام. لكن سيناريوهات التقسيم في سورية تصطدم بواقع جغرافي اجتماعي. متابعة قراءة هل يمكن «فدرلة» أو تقسيم سورية؟

فضيلة الجفال

ظاهرة ترامب .. والمزاج العام

بعض الانتخابات ـــ البرلمانية على الأخص ـــ في العالم يبدأها البعض للتسلية التي تنتهي إلى حقيقة ماثلة يفوز بعدها المرشح بعد حصد الآلاف من الأصوات التي تؤهله للفوز بمقعد. لكن هذه النكتة ـــ دونالد ترامب ـــ تحدث في قوة عظمى أو شرطي العالم كأمريكا، وهذا موطن القلق والإثارة معا. فترامب كما ينظر إليه غالبا هو أشبه بالظاهرة التي تضفي على الجو الانتخابي نوعا من الإثارة التي تحرك الإعلام الأمريكي. فهل يتوقف الأمر عند حد الإثارة أم يتجاوزها إلى الواقع؟ ولا سيما أن الإعلام الأمريكي سجل هبوطا ملحوظا للسجال الرئاسي الأمريكي، من بين ذلك مناظرة ترامب الأخيرة مع المرشح ماركو روبيو. متابعة قراءة ظاهرة ترامب .. والمزاج العام

فضيلة الجفال

«حزب الله» .. ورقصة الموت الأخيرة

وإن رآه البعض قرارا متأخرا نوعا ما، إلا أنه جاء في اللحظة الفارقة: تصنيف حزب الله منظمة إرهابية، بقرار متفق عليه من دول مجلس التعاون وبإعلان من مجلس وزراء الداخلية العرب. التصنيف يشمل جميع القادة والفصائل والتنظيمات التابعة للحزب والمنبثقة عنه. يرتكز تأسيس حزب الله على عقيدة مقاومة إسرائيل، إلا أن الحزب تجاوز جغرافيته إلى حروب إقليمية إضافة للتجنيد في دول عربية وخليجية للقيام بأعمال إرهابية، وتهريب الأسلحة والمتفجرات والتحريض على العنف. هذا يعني أن الأصولية والتطرف والإرهاب مسألة واحدة في أي رداء وتحت أي ذريعة، ومن ذلك الحشد الشعبي الذي أسسته إيران في العراق بينما فرقه تجاوزت جغرافية العراق حتى سورية واليمن.

ظهر حسن نصر الله في خطاب أخير مرة أخرى مملوءا بالتخبط والمفارقات والتناقضات، وبلغة عدائية صريحة. يقول نصر الله إن هناك دولا مستعدة أن تساعد لبنان دون سياسة “تربيح الجميلة”، في إشارة إلى وقف السعودية هبة المليارات لدعم الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي. في العرف السياسي الدولي، حين تقدم الدول مساعداتها للدول الأخرى تحت أي بند فهي على الأقل لا تنتظر سياسية عدائية تجاهها وتجاه مصالحها في المقابل. ولا أعلم حقيقة عن هذه الدول التي يشير إليها. وهل ما يقوم به نصر الله من “تربيح الجميلة” الإيراني يقع ضمن ذلك أم لا؟ لا سيما أن الدعم الإيراني يصب في خانة دعم الميليشيا لا الدولة. وأي “جميلة” قدمتها إيران؟ وماذا كان المقابل؟ هل هي إلغاء الدولة اللبنانية بالتبعية لإيران وسيطرة الميليشيا على قرار الجيش في لبنان، كل ذلك من منفذ عقدي أيديولوجي سياسي مؤطر بـ “ولاية الفقيه” الإيراني، أم في دعم الإرهاب، أم تعميق الشق الطائفي في المنطقة، أم دعم النظام السوري في قتل الشعب وتهجيره، لفرض سياسات إيران التوسعية في البلدان العربية؟ متابعة قراءة «حزب الله» .. ورقصة الموت الأخيرة

فضيلة الجفال

حفلة إيران التنكرية

يذهب المصوتون لصناديق الانتخابات عادة لإنجاح مرشحين معينين، لكن في انتخابات إيران الأخيرة وعلى الرغم من مقاطعة شرائح من الإيرانيين الانتخابات، إلا أن بعضهم ذهب للتصويت لمنع أسماء معينة من الفوز، أو كما يعبر بعض الشباب الإيرانيين بأنها عملية اختيار بين السيئ والأسوأ. حتى الأحوازيون اختبأوا في بيوتهم بعيدا عن صناديق الاقتراع التي خلت من المشاركين. هذه المقاطعة جعلت سماسرة النظام يذهبون إلى القرى والمدن الأحوازية لشراء الأصوات التي راوحت أسعارها بين 300 و800 ألف تومان، كما وظفت عربًا يعرفون أبناء الأحياء المعنية، بسيارات وميكروفونات لدعوة الناس بالإسم للمشاركة.

إذًا فقد تم استكمال مسرحية انتخابات مجلس الشورى وانتخابات مجلس الخبراء، المعني بتحديد خليفة المرشد الأعلى في الدولة الإيرانية. وجمع الانتخابات هو تكتيك من المرشد الأعلى لتحقيق عدد من الأهداف، ومن بينها رفع نسبة المشاركة الانتخابية التي كانت تتسم بتدنيها قياسا على التجربة الانتخابية السابقة. ركزت الصحافة الدولية على العاصمة طهران باستعراض فوز كاسح للإصلاحيين، هي طهران التي عرفت إعلاميا بأنها قلعة الإصلاحيين مقارنة بمدن إيران الأخرى. ومع ذلك قاطع كثير منهم الانتخابات، ما يشير إلى شك الإيرانيين لاسيما الشباب منهم في أن أصواتهم ستغير شيئا من الواقع. لقد استعرضت الصحافة فوز الإصلاحيين، لكن على من فاز الإصلاحيون؟ هل كان على المحافظين؟ المفارقة أن لائحة الأمل التي تحتوي على إصلاحيين كما يسمونها هي في حقيقة الأمر مليئة بمرشحين متطرفين، أسماء منهم عرفوا بآرائهم المتطرفة منها المطالبة بإعدامات لناشطين وإصلاحيين. قائمة الإصلاحيين كانت كحفلة تنكرية بأقنعة بديلة بامتياز. متابعة قراءة حفلة إيران التنكرية

فضيلة الجفال

بين الإعلام السياسي والتعبوي

ربما لم يبد اهتمام الجمهور العربي العام بالإعلام السياسي والوعي به مثلما يحدث ويتبلور الآن. لذا تظهر اهتمامات “العامة” بالإعلام التعبوي كصيغة مرادفة للإعلام السياسي. والإعلام السياسي يهتم في مضمونه بأحداث التأثير في الآراء والأفكار والقناعات، كما يسهم في عملية صنع القرار السياسي وتحقيق الأهداف الاستراتيجية على المستوين المحلي والدولي، لا سيما في حالة الحرب والأزمات. توفر الأحداث والأزمات السياسية بيئة مؤثرة لتفاعل الجماهير مع الأحداث والأزمات والحروب، من خلال متابعة الأخبار والتحليلات والتفاعل معها. وقد يميل البسطاء إلى اللغة العاطفية المقولبة التي تشعل الحماسة ومهاجمة الخصم وشتمه وتحويله إلى مسخ. وهذا إما يؤدي إلى تحطيم الهالة أو تعزيزها، يعتمد على الضبط والتوازن السيكولوجي للكواليس وإتقانها خيوط اللعبة الإعلامية في مواجهة الخصوم. وإن كانت هذه الآلية تترك أثرها لدى المجتمعات بشرائحها المختلفة، فإن التأثير العميق يأخذ مداه حين يخاطب العقول الأكثر تركيبية، تلك التي تميل إلى التأثر من خلال الحقائق أو صياغتها لأنها لا تخاطب الرأي الموحد المتفق معنا الذي ربما لا يكون هدفنا الأول وإلا لأصبحنا ندور حول أنفسنا، بل تخاطب وتستهدف الرأي المخالف والأطراف الأخرى لإحداث التأثير فيها أيضا. لا نستطيع بطبيعة الحال استدراج الرأي المخالف للاستماع لحقيقة مغايرة إن قدمناها على طبق الهجوم البسيط، بل بصيغة استعراض الحقائق والثقة في إبرازها، أخذا في الاعتبار أن للحقائق وجوها عدة مقلقة. متابعة قراءة بين الإعلام السياسي والتعبوي

فضيلة الجفال

بين قصر المهاجرين وقصر بعبدا

يوم واحد فصل بين خطابين لبنانيين، الأول لسعد الحريري، زعيم تيار المستقبل في الذكرى الـ 11 لاغتيال والده الشهيد رفيق الحريري، والثاني خطاب حسن نصر الله أمين عام حزب الله. وثمة نقاط مهمة كثيرة في خطاب الحريري الذي ألقاه في الذكرى الأليمة التي شكلت منعطفا مؤسفا في تاريخ لبنان الحديث. كان خطاب الحريري صريحا للأفرقاء، حمل نقاطا كثيرة عبرت عن هواجس مهمة حول الوضع اللبناني، ومساعي إقصائه عن محيطه العربي والخليجي، أو ربط مصيره بقرارات المرشد الإيراني، وشغور قصر الرئاسة. امتلأ خطاب الحريري بانتقادات لاذعة لحزب الله، دون تسميته، مفادها أن لا زمن الوصاية السوري ولا الإيراني استطاع أن يفبرك أو يصنع أشخاصا أكبر من لبنان، وأن الرئاسة اللبنانية أولى ببذل الجهد من الرئاسة السورية أو العراقية أو اليمنية، وأولى من حصار مضايا والمدن السورية.

أما خطاب نصر الله، فقد كانت التوقعات بأن يحمل مضمونه ردا على خطاب الحريري أو التطرق إلى محتوى طرحه، إلا أنه لم يتطرق إلى شيء منه. بل جاء خطابا متناقضا أغفل الإشارة إلى الداخل اللبناني بملفاته العالقة ومنصبه الرئاسي الشاغر منذ 21 شهرا. وكأن الرسالة هي مقاربة الأزمات من دائرة أوسع من التفاصيل الداخلية باعتبار الداخلية تفاصيل ثانوية. أراد نصر الله أن يقول مرة أخرى إن الوضع السوري أولا وإن أي حلحلة في قصر بعبدا لا بد أن تمر من قصر المهاجرين في سورية. لم يبد نصر الله راغبا برد حاسم في خطابه بل ترك مساحة الرد شاغرة. وبدلا من ذلك اختار الهرب بالتلويح بالعدو الإسرائيلي في اللحظة التي يذكر فيها بامتلاك الحزب سلاح الردع الاستراتيجي الأشبه بالنووي في إشارة إلى حاويات الأمونيا في حيفا، والإشارة إلى أن إسقاط الأسد رغبة إسرائيلية وأن الوقوف مع نظام الأسد هو حماية للبنان. متابعة قراءة بين قصر المهاجرين وقصر بعبدا

فضيلة الجفال

جليد جنيف .. والملفات الساخنة

تشهد سويسرا تاريخا من المفاوضات السياسية، تستقبل طوال الأعوام المتفاوضين والخاسرين والاقتصاديين والسياسيين ومجرمي الحرب والأثرياء. كانت جنيف مقر عصبة الأمم، على الرغم من أنها لم تشارك في الحرب العالمية الأولى. وثاني أكبر مكتب للأمم المتحدة في جنيف منذ عام 1946 على الرغم من أن سويسرا لم تنضم للأمم المتحدة حتى عام 2002. ومقر “أوبك” حتى 1965 على الرغم من أن سويسرا ليست واحدة من الدول المنتجة للنفط. وجنيف مقر لعدد من المنظمات الدولية، وهي البلد الذي وقعت فيه معظم المعاهدات الدولية. سياسة الحياد وعدم التدخل في الشؤون الدولية هي سياسة صارمة في سويسرا. ولما يقرب من 500 سنة رفضت سويسرا أن تكون عضوا في أي تحالف عسكري أو معاهدة دولية، حتى أنها ليست عضوا في الاتحاد الأوروبي على الرغم من موقعها الجغرافي. وغالبا ما تقدم نفسها كوسيط بين الدول المتحاربة، وتتصرف كقوة حماية واستضافة ورعاية للمصالح الخارجية، ولا سيما في السفارات السويسرية في كل مكان. متابعة قراءة جليد جنيف .. والملفات الساخنة

فضيلة الجفال

ازدواجية الخطاب بين إيران الثورة والدولة

في أحد الأسواق في مدينة أوروبية يقف شاب أمام كشك لبيع أجهزة تصفيف الشعر. يسوّق الشاب الأجهزة بلغة إنجليزية جيدة وبلكنة إيرانية واضحة لا يخطئها السمع.. بالطبع إضافة إلى ملامحه التقليدية الحادة.. شعر أسود كثيف مليء بالجل، وعينان سوداوان واسعتان، وقميص مفتوح الأزرار “أنا هنا منذ خمس سنوات، لكنني سأعود قريبا إلى مدينتي طهران، بعد أن تستقر الأمور الاقتصادية، أشتاق إلى بلدي وأحب العيش فيها وأريد أن أسهم في التغيير”. قد يبدو شأنه شأن كثير من الشباب الإيرانيين، سافر محمد كما يقول بهدف الرزق. لم تكن حاله وحيدة، فصور الاحتفالات التي عمت طهران بعد الاتفاق النووي كانت أغلبيتها شبابية، تخللها رقص وهتاف مختلط بين الجنسين.. حيث أخرجت الفتيات شعورهن من تحت غطاء الرأس على مرأى الأمن وتجاهل الشرطة الدينية على غير العادة. إلا أنه يبدو أن تطلعات الشباب الإيراني أبعد من مجرد كليشيهات احتفالية بعد عقود من الكبت الاقتصادي والسياسي. شعب إيران على الرغم من القمع شعب منفتح أكثر حتى مما يبدو على عكس النظام ومريديه، يتقدمه جيل ينظر إلى أمريكا كحلم قديم، فعدد كبير من الإيرانيين حاصلون على الجنسية الأمريكية، هذا عوضا عن غير الشرعيين هناك، وفضلا عن عشرات الآلاف الذين يهاجرون سنويا بسبب ضعف الاقتصاد والقمع السياسي وضبابية المستقبل. متابعة قراءة ازدواجية الخطاب بين إيران الثورة والدولة

فضيلة الجفال

«المارينز» .. و «البروباغاندا» الإيرانية

في العرف الدولي، قد تبدو ردة فعل أي دولة تنتهك أجواؤها أو مياهها الإقليمية مشروعة. إلا أن تحويل الحدث من حدث عسكري إلى لعبة سياسية تتجاوز الحدث نفسه لا بد أن يكون له تداعيات وارتدادات. واحتجاز الحرس الثوري الإيراني لعشرة من أعضاء المارينز الأمريكي هو من الأحداث التي لا تمحى، لأنها تجاوزت الحدث نفسه إلى صورة المارينز في الإعلام وأمام مرأى العالم. القصة غالبا بأنه رغم التأكيدات على وجود خلل تقني وراء دخول الزورقين الحربيين الأمريكيين للمياه الإقليمية الإيرانية، إلا أن الإيرانيين يميلون للاعتقاد إلى أن هذا الخلل وراءه إرادة هدفها استكشاف معالم السياسة الإيرانية ما بعد الاتفاق النووي. لذا فقد أرادت الرد بالتوجس نفسه كما لو كانت تقتل بقفاز من حرير كما بخطاب مزدوج كالعادة، ربما يعكس في حالته الانقسام الداخلي بين المرشد والرئيس روحاني، والأخير ليست له سلطة فعليا.

إذن فالرسالة هي استعراض القوة و”بروباغاندا” مفتعلة لإرسال رسائلها للجيران وعلى رأسهم السعودية ومن ثم أمريكا كما للداخل الإيراني أيضا. هذه الـ”بروباغاندا” قد تدفع إيران بسببها ثمنها باهظا على المستوى الأبعد. فصورة إهانة المارينز لطخة لا يمكن أن تنسى في تاريخ إدارة أوباما، لذا فلا بد أن الحدث جاء مثل المطرقة على الإدارة الأمريكية، ولا سيما على الجمهوريين والمرشحين منهم. وقد ذكرت وكالة أخبار فارس الرسمية أن الأمريكان يعرفون المنطقة جيدا وأن دخولهم كان مقصودا، فيما قال الأمريكان، إن نظام الملاحة كان مكسورا. حل الأمر اعتبر نصرا دبلوماسيا بحسب تعبير كيري. إلا أن الأمر لم يتوقف عند النصر الدبلوماسي، فقد نشرت إيران صورا دعائية للمارينز يركعون على ركبهم واضعين أيديهم إلى الأعلى. كما تم تصويرهم وهم يعتذرون بصحبة مؤثرات سمعية. بعض الصحف الأمريكية حاولت التهوين من القضية كـ “واشنطن بوست”، التي دعمت فيما يبدو موقف إدارة أوباما للملمة الحدث، بعكس أدوات إعلامية أخرى مثل CNN التي رأت أن ما حدث إذلال وإهانة لأقوى جيش في العالم.

ولا شك أن صورة ومعاني هذا له دلالات سياسية حساسة، إنه إحراج للإدارة الأمريكية أمام العالم وشعبها، هي التي نددت باستخدام طهران لتلك الصور لأغراض دعائية، حتى رغم إصرارها على تحسن العلاقات. ختمت أمريكا الأمر بصفقة تبادل السجناء مع إيران. وما أن أقلعت الطائرة بسجناء أمريكا الذين هم وللمفارقة إيرانيو الأصل بجنسيات أمريكية أحدهم جندي، وبعد رفع العقوبات عن إيران، أعلنت أمريكا فرض عقوبات جديدة على 11 شركة وشخصية إيرانية على علاقة ببرنامج طهران للصواريخ الباليستية، متوعدة بفرض المزيد إزاء تهديدات إيران لاستقرار المنطقة.

تبدو إدارة أوباما محرجة لأن العلاقة الجديدة تمثلها بكل تداعياتها. لذا فهي تحاول مداراة ما تقوم به إيران من حماقات وصلت إلى تسويق إعلامي منذ أيام مفاوضات الاتفاق النووي، ومنذ نشر تفاصيل النسخة الأولى من الاتفاقية. ليس هناك مبرر للاحتجاز سوى توجيه رسائل هي على الأرجح تمثل جناح المرشد الأعلى، لا سيما أنه ليس هناك أي تهديدات أو حالة حرب تبرر الحدث. ولطالما كانت هناك علاقات تعاون مهنية بين المارينز والإيرانيين في الخليج العربي. لكن خطأ إذلال المارينز الذي دغدغ مشاعر القوة مؤقتا لا بد أنه سيكلف إيران غاليا.