احمد الصراف

خدعة تسويقية جديدة

اتبعت بعض الجهات اساليب تسويق جديدة لترويج مبيعاتها عن طريق الانترنت او الهاتف، وهي جميعها غير قانونية وغير سليمة. وتتمثل الطريقة المخادعة الجديدة في ارسال ملايين الرسائل الالكترونية، التي تم تجميع عناوينها وفرزها وتبويبها على مدى اشهر، او سنوات، وتحديد اصدقاء ومعارف واقرباء كل طرف، ضمن برنامج كمبيوتر محدد، وارسال الرسائل عن طريق الانترنت لمجموعة كبيرة من الاشخاص تظهر وكأنها مرسلة من جهات او اشخاص لهم علاقة ما بمن ارسلت اليهم. فعلى سبيل المثال وردتني شخصيا عدة رسائل من هذا النوع تبين وكأنها مرسلة من اصدقاء واقارب محددين انا على اتصال مستمر بهم عن طريق الانترنت، ونص تلك الرسائل واحد يعلمني فيها الصديق او القريب بتجربته في التسوق عبر موقع الكتروني محدد، وان تجربته كانت سعيدة والاسعار زهيدة، والمعاملة فريدة، وغير ذلك من «البول شت»! كما يطلبون مني في تلك الرسائل زيارة موقع الشركة المروجة او الاتصال بها عن طريق الانترنت او رقم هاتف محدد يظهر رقم الاتصال الدولي (86)! ويخبرونني ان لديهم تشكيلة واسعة من التلفزيونات والقوارب والدراجات النارية وغير ذلك الكثير.
وعليه نحذر من الانسياق وراء مثل هذه الرسائل المخادعة او التورط، او التورق، بالشراء منها، او محاولة الاتصال بأرقام الهاتف التي ترد بها، فلا شك ان شركات نصب كبيرة تقف وراءها! وقد تبدو العملية للبعض ترويجا عاديا لبضائع محددة، ولكن الخدعة تكمن في انتحال شخصية المرسل واظهار الرسالة وكأنها من صديق او قريب!
•••
• ملاحظة: من مزايا الانترنت احتواؤه على مواقع عالية الفائدة مثل الموقع التالي:
http://www.onlinenewspapers.com
الذي يمكن عن طريقه قراءة 15 ألف صحيفة يومية واسبوعية تصدر في العالم اجمع بمختلف اللغات، نصيب الكويت منها 25 فقط، وكان من المفترض ان يكون 90 مطبوعة تقريبا، وهذا احد اهم مؤشرات التخلف العلمي والثقافي.. والأدبي!

أحمد الصراف

احمد الصراف

40 عاما من اليد الطولى

أجرت «الدار» في 8/9 لقاء مع ناصر العمار، مدير الجمعيات الخيرية في «الشؤون»، وردت فيه أمور كثيرة بعيدة عن الحقيقة، وردا على سؤال عما يشاع عن اتهام الجمعيات الخيرية بتمويل الإرهاب، قال إن لها «اليد الطولى»، على مدى 40 عاما، في توصيل الأموال التي جمعتها لمستحقيها في دول العالم! ولا أعلم كيف عرف العمار ذلك وهو الذي لم يشغل منصبه الحالي إلا منذ سنوات أربع تقريبا؟! كما يعرف جيدا أنه ووزارته وحكومته كانوا -ولا يزالون- أعجز عن معرفة حقيقة موارد هذه الجمعيات والكيفية التي تتصرف بأموالها، بعد فشل كل محاولات تدقيق سجلاتها ومراقبة حساباتها، واكتفت أخيراً فقط بمراقبة عملية التحصيل! وخير دليل على عدم وجود أي رقابة على هذه الجمعيات تلك السرقة التي استمرت على مدى ثلاث سنوات في جمعية «إعانة المرضى»، التي لم تنتبه لها أي جهة إلا بعد أن فر الجاني بـ 14 مليون دولار، فكيف يمكن أن يحدث ذلك والوزارة تدعي معرفة حسابات الجمعيات؟!
نحن لم نتهم مباشرة الجمعيات بدعم الإرهاب، ولكن ما يؤكد مخاوفنا أن هذه الجمعيات رفضت، بكل صلافة قيام أي جهة بتدقيق حساباتها ولم تترك بالتالي مجالا لغير الشك في نواياها وأهدافها «السياسية»، بل أيضا في ذمة المشرفين عليها! أما ادعاء السيد العمار أنه وقف وقفة جادة في وجه اتهاماتنا للجمعيات بسوء التصرف فقول غير صحيح أيضا. فقد جف حبر كمبيوترنا ونحن نكتب ونوجه الاتهام تلو الآخر، ومع هذا لم يكلف نفسه يوما الاتصال بنا وشرح الأمر، فنحن لسنا إلا كتّاب، وهو الذي يمتلك السلطة وأدوات البحث والرقابة، وكان حريا به أن يظهر ما يثبت نقاء صفحة الجمعيات وتقديم الدليل الدامغ بأن سجلاتها خالية من أي مخالفات، بدلا من «تحدينا» ومطالبتنا بإبراز الدليل على دعم تلك الجمعيات لأي أنشطة مشبوهة، فهل رأى أحد، وعلى مدى 40 عاما، ميزانية لجمعية خيرية منشورة في أي مطبوعة أو توزع في مقراتها، ليطلع عليها المعنيون بالأمر؟ الجواب: لا «كبيرة» طبعا. فالإصلاح، يا جماعة الإصلاح، والشفافية لا تعجب المتاجرين بالدين، علما بان في مجالس إدارات هذه الجمعيات نواباً لم يكلوا يوما عن مطالبة الحكومة بالبعد عن الفساد واتباع الشفافية في أعمالها، ولكنهم ينسون أنفسهم!
إن ما تم كشفه في رمضان الماضي، وما سبقه، من مخالفات بالجملة لعدة جهات تدعي الخير والتدين ولا تتردد في كسر القوانين وتحدي تعليمات الوزارة وكبار مسؤوليها، إلى الدليل رقم ألف هو دليل يؤكد كل شكوكنا. فما الذي يدفع مثل هذه الجهات لارتكاب كل هذا الكم من المخالفات من دون خوف؟ وكيف تتهمنا الوزارة بصورة غير مباشرة بالتجني عليها ثم تأتي الآن وتستغرب «..استهتارها بالقوانين وانحرافها عن مسيرة التعاون؟!»، «القبس» 22/9. وما الذي يدفع مسؤوليها، وصور الكثيرين منهم تسود صفحات مطبوعاتنا، لارتكاب كل هذه المخالفات الجسيمة؟ لا شك أن الأمر لا يتعلق فقط بشك هؤلاء في قدرة الوزارة على فعل شيء، بل بأمور أكثر خطورة تتعلق بالاستماتة على جمع التمويل اللازم «لعمليات ما» بعد أن جفت ضروع كثيرة! وكان جميلا إقرار الوزارة أن هذه الجمعيات قد انحرفت عن الطريق الصحيح، وكان سخيفا منها القول انها ستطالبها برد ما جمعته بطريقة غير قانونية، فهذه نكتة! كما كان جميلا أيضا إقرارها، أخيرا، أن هذه الجهات المخالفة تحاول إخفاء أمور لا ترغب في أن تعرف الوزارة شيئا عنها (المصدر نفسه)، وهذا ما كنا نكتب عنه ونقوله منذ سنوات عشر!
وهكذا نجد أن الكثير من الجهات التي وصفها العمار قبل أسبوعين أن لها اليد الطولى في عمل الخير ليسوا إلا مجموعة من المستهترين بالقوانين، حسب وصف الوزارة، والمتحايلين على النظم، الذين لم ولن يردعهم شيء عن جمع الأموال السهلة من السذج الطامعين في الجنة!
***
< ملاحظة: قال لي انه التقى في ديوانية بضاحية عبدالله السالم (وها هو اسمها الصحيح، وليس الضاحية)، أحد وكلاء التربية، ودار نقاش عن دوام المدارس وانفلونزا الخنازير وخطر ارسال الاطفال، من عدمه، للدراسة في اماكن مكتظة. وقال ان اكثر المدافعين عن تعطيل الدراسة كان اثنان، ولأجل الصدف التقاهما، وأبناءهما في الليلة التالية في المسجد الكبير يؤدون صلاة العيد ضمن 25 ألف مصل آخرين!

أحمد الصراف

احمد الصراف

ابن الشيخ ومكارثي

«… أيها الاخوان، ان الأمة التي تحسن صناعة الموت، وتعرف كيف تموت الميتة الشريفة، يهب لها الله الحياة العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في الآخرة، وما الوهم الذي اذلنا الا حب الدنيا وكراهية الموت، فاعدوا انفسكم لعمل عظيم، واحرصوا على الموت توهب لكم الحياة، رزقنا الله واياكم كرامة الاستشهاد في سبيله..»!
(حسن البنا)
***
في بداية خمسينات القرن الماضي شنّ السيناتور الاميركي جوزيف ماك آرثر حملة شرسة ضد شيوعيي أميركا، وقضى على مستقبل الكثير من الفنانين والسياسيين ورجال الاعمال لمجرد الاشتباه بوجود ميول يسارية لديهم تخالف المصالح الوطنية الاميركية! وقد كان لقرارات لجنته البرلمانية آثار سلبية حادة في المجتمع الاميركي دفع الكثير من الابرياء ثمنها غاليا، كما تسبب لفترة طويلة في القضاء على اي دعوة يشتم منها رائحة تقارب مع الاتحاد السوفيتي او اي دولة شيوعية، والشك في نواياهم مما نتج عنه اطالة امد الحرب الباردة بين الطرفين التي تضرر منها العالم اجمع.
ما نشاهده الآن في دولنا، كما لاحظ الزميل والاعلامي البارز سليمان الهتلان في مقال له في «شفاف الشرق الاوسط» اننا اصبحنا نمر بالحقبة المكارثية نفسها في اميركا، مع الفارق، حيث يعتقد، وهو محق في ذلك، ان الارهاب لم يعد اشكالية فكرية (بين السلطة والجماعات الدينية) او مسألة قابلة للاخذ والرد، بل الامر يتعلق بضرورة قيام حكومات الدول الاسلامية، والنفطية بالذات، بالاصلاحات التعليمية والاقتصادية والسياسية والتربوية وعلى كل الاصعدة الاخرى لدفع المجتمع للانفتاح الخلاق على العالم، (واعطاء المرأة حقوقها الكاملة، اسريا واجتماعيا وسياسيا)، ولكن ما نشاهده على ارض الواقع ان الحكومات كلما اقدمت على اي حركة اصلاحية سرعان ما تواجه بتحذيرات بان هذه الحركات ما هي الا تلبية لدعوات غربية، ومخالفة للدين، وسينتج عنها فساد عظيم!
نعم، لقد آن الاوان للتخلص من المكارثية الدينية الخليجية والانفتاح التام على العالم بصورة متدرجة مع السير بسرعة قصوى في خطط التنمية واصلاح المجتمع واعطاء التربية والتعليم الاولوية على كل ما عداهما، بعد تطوير المناهج وازالة كل ما له علاقة برفض الآخر وكراهيته والسعي، جهادا، او غير ذلك، للقضاء عليه!
وقد ذكرتني دعوة التحذير من التغريب والتحضر برسالة سبق ان ارسلها الشيخ محمد بن عبداللطيف آل الشيخ المفتي، وحفيد محمد بن عبدالوهاب، والتي ورد نصها في كتاب للتويجري، ووصلتني من صديق، ارسلها للملك عبدالعزيز بن سعود قبل حوالي 75 عاما، ينصحه فيها عدم جلب «الاجانب» للتنقيب عن النفط في المملكة، ومنعهم من التجول لان منظرهم محزن للمؤمنين! وغني عن القول ان الملك لم يستمع لتلك النصيحة، ولو التفت لها ابن سعود لتغير وجه المملكة والمنطقة بشكل كامل! وهذا مثال حي على ان العيش في خوف من الآخر وتحريم الاتصال به وتفسير كل دعوة للتحضر والتآلف والاتصال مع الآخر بانها الشر بعينه والخطر الاكبر على العقيدة، لا يمكن الا ان تجر الى التخلف، وان على الدول الاسلامية، والكويت والسعودية بالذات، عدم الالتفات لدعوات التخويف والتخلف والمضي قدما الى الامام، فالحضارة امامنا ولم تكن يوما خلفنا!

أحمد الصراف

احمد الصراف

قيادة حركة الإخوان وفكرها

من الواضح ان جمعية الإصلاح، او الحركة الدستورية، وما أبعدها عن الدستور، الذراع المحلية للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، قد اصيبت في مقتل نتيجة مجموعة من الأحداث والتطورات السياسية العميقة التأثير، وخاصة بعد وفاة عبدالله العلي المطوع احد كبار مؤسسيها، وآخر قياداتها التاريخية (!!). ومن الواضح كذلك ان شخصيات مثل الصانع والمقاطع والدلال لا يمكن ان يملأوا الفراغ الذي تركه عبدالله العلي بأي شكل، ولأسباب لا نود التطرق اليها هنا لكي يجد هذا المقال طريقه للنشر.
من المعروف ان هذه التنظيمات الدينية، التي تعارض التطور الحضاري والتقدم الإنساني بطبيعتها، وفي اي مجتمع كانت ولأي دين انتمت، لا ترتاح كثيرا لانفتاح المجتمعات وانتشار التعليم الحقيقي والمفيد بين افراده. فقد عارضت القوى الدينية، كما ذكرنا في مقال سابق، قبل 75 عاما، دخول الاجانب السعودية للتنقيب عن النفط فيها، فقط لأنهم نصارى.
كما عارضت قوى دينية اخرى في مصر ادخال المطبعة في القرن 18، بحجة ان الفساد والكفر سينتشران بوجودها! ومنذ ذلك التاريخ، وما قبل ذلك، عارضت هذه القوى كل تطور او تحديث، وتقبلته في نهاية الامر وزايدت الآخرين فيه. فقد عارضت تعليم المرأة وعارضت عملها بجانب الرجل وعارضت، ولا تزال، مساواتها معه في الأجر، وعارضت اعطاءها حقوقها السياسية، وعندما حصلت عليها بالرغم منها كان قادة الإخوان في الصفوف الأمامية لنيل رضاها والتزلف اليها، طمعا في صوتها الانتخابي.
يكمن مقتل الاخوان، وغيرهم من القوى الدينية، في عدم ايمانهم بانتماء الشخص لوطنه بل لدينه، ولكنهم يسعودن اكثر من غيرهم للصراع على مناصب الوطن واحتكارها لأنفسهم وحرمان غيرهم منها، وخاصة من غير المواطنين، والأمثلة في الكويت كثيرة. كما نجد ان اخوان مصر الذين قال زعيمهم محمد مهدي عاكف في احدى المقابلات: «طز في مصر وابو مصر واللي في مصر»!!، ولم يعتذر. لم يقبلوا، ومنذ مقتل مؤسس الجماعة حسن البنا، لم يقبلوا بتولي اي مسلم غير مصري منصب المرشد الاعلى، او قائد التنظيم العالمي، هذا بالرغم من انهم صرحوا، وفي اكثر من مناسبة، انهم يفضلون حاكما صوماليا مسلما لمصر على حاكم قبطي مصري! كما سبق ان اقسمت جماهير «حماس»، الفرع الغزاوي للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، على السمع والطاعة والثقة التامة بقادتها، مما يعني ان الجهاد سيكون في سبيل قيادة الإخوان وليس الإسلام! وان السمع والطاعة لها وليس للقانون ولا للنظام ولا للدستور، وان الجماهير، او الغوغاء، الذين اقسموا، على استعداد لارتكاب اي امر، ولو خالف كل شرع وخلق، ما دام انه صادر عن القيادة!
ويقول الدكتور كامل النجار ان جماعة الاخوان المسلمين منظمة ملأت العالم بالعنف بهدف اخضاعه لسيطرتهم وتطبيق الشريعة الاسلامية، فالجماعة منذ تأسيسها عام 1928 على يد حسن البنا، لم تخف هدفها النهائي ــ وهو السيطرة على العالم كله بالاسلام، وللوصول الى هذا الهدف يطبق الاخوان سياسة ميكافيللي التي تقول ان «الغاية تبرر الوسيلة»، وهم لا يتورعون عن استعمال اي وسيلة حتى ان كانت التعاون مع الشيطان اذا كانت ستوصلهم الى هدفهم المنشود، فقد تعاونوا مع المخابرات الاميركية لمحاربة الشيوعية، وتعاونوا مع المخابرات البريطانية لمحاربة جمال عبدالناصر، وتعاونوا مع النازية للقضاء على اليهود، وتعاون مؤسسهم حسن البنا مع الملك فاروق ضد حزب الوفد في مؤتمر الاخوان الرابع سنة 1936 لمبايعة الملك فاروق، وكتب اليه يقول «وان لنا في جلالة الملك المسلم املا»، وعندما قال زعيم الوفد مصطفى النحاس «الشعب مع الوفد»، قال البنا «الله مع الملك»، نقلا عن مقال «قميص غزة» للامام عبدالعزيز شريف (الشرق الاوسط 23/4/2009). وقد صرح جون لوفتس John Loftus المدعي العام الاميركي السابق ان جهاز المخابرات الاميركية CIA قد دمر في عام 2004 جميع اشرطة التسجيل التي تخص تعاونهم مع الاخوان المسلمين.

أحمد الصراف

احمد الصراف

العضو أبوشامة!

في غمرة الصراع الذي دار قبل فترة بين معارضي ومؤيدي السماح لطائفة البهرة ببناء مسجد لهم في احدى المناطق السكنية، كان صوت احد اعضاء المجلس البلدي وقتها الاكثر ارتفاعا وقسوة وتهجما على ابناء الطائفة، حيث وصفهم بالكفرة وطعن في صحيح عقيدتهم! واعتقد الكثيرون ان موقف هذا العضو ينسجم مع تدينه وغيرته على صحيح العقيدة، وشك آخرون في وجود ثأر أو عداوة سابقة بينه وبين البهرة، بحيث وقف ذلك الموقف غير المتسامح من المشروع، وتبين لاحقا ان ليس في الامر هذا ولا ذلك، حيث لم تمر فترة طويلة حتى «اشتهت جهة ما» كشف احد الرؤوس الكبيرة التي تقف وراء جرائم المتاجرة بالبشر، والتي كثيرا ما شوهت سمعة الكويت لدى كل الدول والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، واذ بنا نكتشف ان السيد العضو السابق وأحد اشقائه، متورطان في المتاجرة بقوت آلاف العمال الفقراء وجلبهم بصورة غير مشروعة للكويت وتحقيق ملايين الدنانير من وراء فعلتهما، معرضين الأمن والسلام الداخليين للبلاد للخطر، وسمعتها في المحافل الدولية للتشويه!
ما نريد التركيز عليه هنا ليس فضح هذا العضو السابق الذي حقق الملايين وشقيقه نتيجة فساد الجهاز الاداري الحكومي، حيث يستحيل على فرد جلب آلاف العمال من دون تواطؤ من داخل احد اجهزة الدولة، بل نود التركيز على ان ثقافة المجتمع الكويتي لا تزال قاصرة عن اعتبار عمل هذا العضو نوعا من الجريمة الامنية البشعة التي تستحق اقصى درجات العقوبة، علما بأننا لم نسمع منذ نصف قرن ان متنفذا عوقب على مثل هذه الجريمة! فبإمكان هذا العضو السابق السير مرفوع الرأس، حتى بعد ادانته، هذا ان أدين أصلا، بين أهله، والعيش بكل فخر ومن دون خجل بينهم وفي مجتمعه الأوسع، فهو أيضا -بعرف مجتمعاتنا وفي ظل أصالة وعراقة عاداتنا وتقاليدنا- لم يرتكب ما تعارف على اعتباره امرا او فعلا مخلا بالشرف والامانة، فهو لم يسرق من بيت فقير ولم ينهب مال يتيم ولم يعتد. على سائل ولا محروم، بل اخذ مالا ممن ارادوا القدوم للكويت والعمل فيها بملء ارادتهم من دون ابتزاز ولا ضغط، اما سمعة الدولة وكرامتها وأمنها الداخلي، فهي امور خلافية وهلامية وغير واضحة المعالم لدى كل من لم يؤمن اصلا ان للوطن حقا عليه، مثل ما له من حقوق عليها، ان لم تكن حقوق الوطن اكثر، فثقافة الماء والكلأ هي السائدة شئنا أم أبينا، وهي نتيجة لفشل سياسة التربية والتعليم في ترسيخ مفهوم الوطن، فلا نزال نكتفي بالضحك والسخرية، او ربما بهز رؤوسنا أسفا، عند رؤية انشغال بعض أعضاء مجلس الامة بهواتفهم النقالة، اثناء وقوف الجميع احتراما للسلام الوطني!

***
ملاحظة: نشكر رئيس الهلال الأحمر، الاخ برجس الحمود، على تعقيبه على ما سبق، وان كتبنا عن تقاعس بعض الجمعيات، ومنها الهلال الاحمر، عن شكر المتبرعين لها، ولكننا وبعد نشر المقال، وردتنا مكالمتا هاتف، على حسابنا، حيث انني خارج الكويت، اضافة لرسالة إنترنت من متبرعين معروفين يؤيدون ما ذكر في المقال عن تقصير الجمعية، ويبدو يا أبا خالد ان الهلال الاحمر مقصر في هذه الناحية، ولست في حل من ذكر اسماء الشاكين، بناء على طلبهم، علما بأنهم أكدوا أن تبرعاتهم للجمعية ستستمر، لثقتهم الكبيرة في شخصكم وبقية الاخوة والاخوات العاملين فيها، أما عن عدم تسلم البعض ايصالات تبرع، فهذا ما لم نتطرق له في المقال.

أحمد الصراف

احمد الصراف

سلمان العودة وفضيلة الاعتذار

لست شخصا استثنائيا في امور كثيرة، ولم يكن الاعتذار عن الخطأ من شيمي.. أيام جاهليتي، ولكن مع الاصرار دربت نفسي، المرة تلو الاخرى، على ان اقول «آسف» عندما ارتكب خطأ ما في حق طرف آخر دون قصد، حتى لو كان الخطأ لا يتعدى تأخر بضع دقائق عن موعد ما.
تقول وفاء سلطان، المفكرة وعالمة النفس، انها تعلمت من تجاربها ان الرجل في منطقتنا ليس سهلا عليه الاقرار او الاعتراف بالخطأ، وإن أقر، فإنه غالبا ما لا يعتذر، لأن الاعتذار، برأيها، ينبع من الاحساس بالمسؤولية، و«رجالنا» لا يعترفون بمسؤولية تتجاوز حدود شهادتهم! وتقول وفاء سلطان ان الاعتذار ليس مجرد ضرورة اجتماعية بقدر ما هو احترام وتعاطف مع الشخص المساء اليه، ووسيلة للاعتراف بالخطأ وتحمل مسؤوليات ذلك الخطأ، كما ان الاعتذار يجرد الشخص المسيء من الذنب والمساء اليه من الاحساس بالغضب وربما الرغبة في الانتقام، وهذه جميعها مشاعر مدمرة للانسان.
اكتب ذلك بمناسبة الخبر الغريب، والمرحب به في الوقت نفسه، الذي تناقلته وكالات الانباء، عن قيام رجل الدين السعودي، المعروف بتشدده، سلمان العودة، بطلب تفادي الدعاء من اجل اهلاك غير المسلمين، وهو الدعاء الذي يختتم به عادة الكثير من الائمة والوعاظ خطبهم وصلواتهم في الغالبية العظمى من الدول الاسلامية والعربية بالذات والسعودية بذات اشد، وقال العودة ان الدعاء بهلاك ودمار كل الكفرة غير مسموح به ويخالف شرع الله الذي ينادي بدعوتهم الى اتباع الطريق القويم، وزاد على ذلك بالقول ان الدعاء بزوال ذريتهم والمنحدرين من اصلابهم ليس مشروعا!
من المعروف ان الشيخ العودة كان واحدا، او ربما على رأس من كانوا يطالبون، ولسنوات طويلة، ومن على المنابر والتلفزيونات والاذاعات، بفناء الكفار، وان ييتم الله ابناءهم ويحرق زرعهم ويرمل نساءهم ويقطع خلفتهم ويبيدهم، ولا شك ان دعواته ودعوات غيره ساهمت في رعاية بذرة الارهاب الحديث في مناطق عدة في العالم، وساهمت من غير شك في تأليب الشباب المسلم، التائه والشارد، على غيره من شعوب الارض والغربيين بالذات، ولا شك ان دماء غالية سالت وارواحا بريئة كثيرة فقدت نتيجة التأثر بمثل هذه الدعوات الصارمة والحادة والتي لم تكن تترك مجالا للتفكير او المفاضلة والتفاوض.. بل القتل والحرق والافناء والابادة.
جميل ان يأتي الآن سلمان العودة ويقول ان الدعاء بهلاك الكفار غير مسموح به، ولو اننا نعتقد ان قلة فقط ستستجيب له، ولكن هذا يجب ان يتبعه شعور وقول واضح بأنه كان مخطئا وكان سببا في تعاسة الآخرين، وانه يعتذر عن ذلك، وهنا فقط تبدأ الخطوة الاولى في محاربة الغلو، وترسيخ مفهوم الاقرار بارتكاب الخطأ والاعتذار عنه، ومن ثم تحمل تبعات ذلك، فلا يكفي ان نأتي بعد كل هذا الاذى والخراب والقتل والتدمير ونقول ان هذه الادعية تخالف «شرعا» ونسكت!
نحن على ثقة ان ما نطالب به يخالف عاداتنا وتقاليدنا التي تقف صامتة خاشعة امام سرقات المال العام وتزوير الملفات والمتاجرة بالبشر، بعد ان اصبحت هذه اعمال «رجال»، وجزءا من ثقافة مجتمعاتنا، صحراوية كانت ام بحرية ام جبلية.

أحمد الصراف

احمد الصراف

المثليون في الصدر والكويت

«عندما تفقد الأمم قدرتها على التقدم وتزول القدرات العقلية اللازمة للتحضر، فإنها تبدأ بالبحث في كل ما هو تافه ومزعج للعقل الإنساني..».
(أحمد البغدادي «السياسة» 1/7/2009)
* * *
اتهمت منظمة هيومان رايتس ووتش، المعنية بحقوق الانسان، بعض الميليشيات العراقية بشن حملة تعذيب وقتل ضد الرجال المشتبه في انهم من المثليين، وورد في تقرير المنظمة ان السلطات لم تحرك ساكنا امام هذه الحملة، ووثق التقرير حالات خطف وتعذيب وقتل وحشي، وان الاعتداءات بدأت مع بداية 2009 من منطقة الصدر في بغداد، وانتقلت منها الى شتى مدن العراق، وافاد التقرير بان ناطقين باسم «جيش المهدي»، الذي له امتدادات ايرانية، غذوا المخاوف من «الجنس الثالث» ومن «تخنث رجال العرق»، وأوحوا ان تحرك الميليشيات ضد هؤلاء هو الحل للقضاء على هذه المشكلة (يا لهم من جهلة مدّعين!)، وقال مدير برنامج المثليين في منظمة هيومن رايتس ان من الصعب معرفة عدد ضحايا هذا النوع من العنف، ولكن ثمة مؤشرات تضع اعداد القتلى بالمئات.
ونقل عن مراقبين وناجين من عمليات القتل والتعذيب ان جثث الضحايا تعلق في الاماكن العامة، وعليها ملصقات تبين سبب قتلهم والتمثيل بهم، كما قتل البعض وألقيت جثثهم في حاويات القمامة، بعد قطع اعضائهم التناسلية وانتزاع اجزاء من حلوقهم، كما وجد البعض الآخر مقتولا ومشوها بوضع صمغ على فتحاتهم الخلفية، كنوع من العقاب!‍‍ وذكرت تقارير طبية ان المستشفيات استقبلت العشرات من الاجساد المشوهة من احياء وقتلى!
لست في معرض الدفاع عن المثليين في العراق، ولو ان هذا من حقي كإنسان، ولم اكن لأكتب عن الموضوع لولا وجود ما يشبه هؤلاء السفّاحين -في تفكيرهم على الأقل- لدينا في الكويت، وهؤلاء هم المرضى العقليون والنفسيون الذين يجب الاهتمام بهم، فقتل الف أو عشرة آلاف أو حتى مليون من المثليين لن يقضي على وجودهم تماما، والى الأبد. فالأسر لا تأتي مواليدها ممن نود تسميتهم بالاسوياء فقط، وقد لا يكونون كذلك، بل وتوجد بينهم نسبة كبيرة من المشوهين وفاقدي الاطراف وغير محددي الجنس، ومن ذوي الاحتياجات الخاصة، وما اكثرهم! هكذا كانت حال البشرية منذ آلاف السنين، وهكذا ستبقى عليه الحال في كل قرية أو مدينة مباركة أو غير ذلك، فهذه سُنة الحياة ولا تبديل لها، ولا استثناء!
ولو علمنا ان عمر المثليين في العراق، أو في اي منطقة في العالم هو من عمر العراق، فكيف انتبه «فحولها» وأسودها وكاملو ذكورها لظاهرة المثليين الآن فقط؟ هل للامر علاقة بالصحوة المباركة التي تعتقد ان اي قضية من هذا النوع يمكن حلها بالقتل؟
لقد ذكرت في مقالات سابقة، وأعيد القول مرة اخرى انني لا اعرف شخصا واحدا من المثليين، ذكرا كان او انثى، ولا يسيئني ان أتعرف على اي منهم. فهم -حسب فهمي- لا يقلون انسانية عن غيرهم، إن لم يزيدوا عنهم لطفا ووداعة ورقيا في الكثير من الحرف والصناعات، ولدي قناعة تامة، اكثر من بديهية، ان القتل ليس حلا، ولم يكن كذلك، ولن يكون ابدا، ويبدو ان الدرب -الذي يجب السير فيه بحيث تكون نهايته تقبلنا للآخر، بكل رحابة صدر- طويل على الكثيرين منا.
* * *
ملاحظة‍: أثار مقال «سقوط الحضارة العربية الاسلامية» للاكاديمي محمد الصندوق، الكثير من الردود، كما طلب الاكثر نص الرسالة.
يمكن عن طريق الموقع التالي الحصول على النص الدراسة، باللغة الانكليزية، لكونها عملا اكاديمي الطابع:
http://philsci
/01/archive.pitt.edu/archive/00004766 ـ
Growth of science 2009.doc
كما يمكن للمهتمين قراءة آخر مقال كتبه الاستاذ الصندوق على الموقع التالي:
http://www.minbaralhurriyya.org/content/view/872/3/5

أحمد الصراف

احمد الصراف

أنا أحب وآسف

سمعت الفتاة طرقا على الباب، فلما فتحته رأت ثلاثة رجال كبار في السن بلحى كثيفة يطلبون مقابلة صاحب البيت، فسألتهم عن طلبهم فقالوا انهم لن يفصحوا عنه الا بوجوده، وهنا وصلت والدتها وعندما اطمأنت إليهم طلبت منهم الدخول وانتظار الاب في الداخل وتناول شيء ما، ولكنهم فضلوا البقاء في الخارج بانتظار الاب الذي لم تطل غيبته كثيرا، وما ان وصل سألهم عن طلبهم ودعاهم للدخول فاعتذروا وقالوا ان واحدا منهم فقط سيدخل البيت ويبقى وعليه ان يختار بينهم، وقال اولهم انا اسمي «ثروة» وهذا اسمه «حب» وصاحبنا الثالث اسمه «صحة» فعليك اختيار احدنا ليدخل البيت ويبقى عندكم.
سارع الرجل وطلب من «ثروة» الدخول، فقفزت الام العليلة وطلبت من «صحة» الدخول فحدثت مشادة بينهما بين من يختارا، الامر الذي استدعى تدخل ابنتهما التي طلبت من «الحب» الدخول، وهكذا كان، ما ان دلف الحب للبيت وجلس على احد مقاعده حتى تبعه «ثروة وصحة» فحيثما يوجد حب يوجد ثراء كبير وتوجد الصحة!

* * *
ارسل لي القارئ عقيل رسالة الكترونية تعليقا على المقال الذي كتبته عن التبرع لمبرة «رقية القطامي لامراض السرطان» قال فيها انه سبق وتبرع لجهات خيرية عدة بالمال. ولكن ايا منهما، دينية أو غير ذلك، لم تكلف نفسها الاتصال به وشكره، سواء عن طريق مكالمة او رسالة هاتفية أو حتى بطاقة بريدية تشكره على تبرعه! وقال انه عندما تبرع لم يكن يقصد سماع الشكر بقدر اهتمامه بالتبرع لمشروع خيري صحيح، ولكن للشكر اثره وللتقدير مفعوله السحري في النفس، وانه من واقع تجربته الشخصية لدى مجتمعات اخرى، وليس بالضرورة في الدول الغربية، لمس اهتمام تلك الجهات بمثل هذه الامور، التي قد نعتبرها شكلية، فالمدح أو الشكر، والعلني منه بالذات، يسر المتبرع من جهة، ويحثه ويشجعه على التبرع اكثر مستقبلا، كما يشجع الآخرين على البذل والعطاء. وبهذه المناسبة اتذكر ان المرحوم عبدالرحمن عبدالمغني (ابو مغني) كنا تحدثنا واياه مرة في جلسة خاصة عن قصة تبرعه لبناء مستشفى في منطقة محددة بالبحرين، حيث سبق ان توفي ابنه في حادث سير مروع، وما ان سمع احد الحضور بموضوع تبرعه حتى عرض الآخر مساهمة في تجهيز المستشفى بكل متطلباته من المعدات والمواد الطبية، وهذا ما حصل، حسبما اتذكر، فقد مرت فترة طويلة على الحادثة! ما قصدته هنا ان الكرم امر معد، كما هو الحال مع اي شيء جميل، فالفرح معد والضحكة معدية. وقال عقيل ان جمعية الهلال الاحمر ربما تكون احدى الجهات التي لا تعطي اهمية كبيرة لموضوع شكر المتبرعين! وهنا اتمنى من المشرفين على الجمعية وجميعهم من الافاضل والمتطوعين الى العمل دون مقابل في الجمعية الالتفات لشكوى القارئ عقيل، ولو ان تجربتي الشخصية مع الجمعية تقول عكس ذلك، وانه مطلوب منها اعلام المتبرعين بوصول تبرعاتهم، واتمنىان يكون في الامر خطأ اداري بسيط.
وتصديقا لرواية القارىء عقيل، بشكل عام، فإنني اتذكر جيدا أنني تبرعت لاول وآخر مرة بمبلغ كبير لاحد مرشحي تجمع سياسي معروف، وما ازال، ومنذ 15 عاما بانتظار ورود كلمة شفهية او رسالة شكر منه، او من حزبه السياسي، في حياته وبعد وفاته.
وربما من الخطأ لوم شخص أو جهة ما على عدم الشكر، فالمسألة تتعلق بثقافة مجتمع ككل، فنحن في جانب نجد صعوبة كبيرة في الاقرار بالخطأ في الوقت المناسب، وفي جانب آخر نستصعب او ننسى تقديم الشكر عندما يتطلب الامر ذلك، وتبدو الغلظة في تصرفاتنا عندما نطلب مثلا من شخص التوقف لنسأله عن امر فلا اعتذار ولا اسف بل نطلب طلبنا ونمضي في حال سبيلنا حتى دون شكر، وقد حدث هذا الامر معي كثيرا، وكنت اقف دائما مشدوها من مثل هذه التصرفات الجافة!
ومن الامور الصعبة علينا كذلك، عودة لقصتنا في بداية المقال، ان نقول «انا احبك» عندما يكون الموقف يتطلب قول ذلك، اما تقدير مواقف الآخرين تجاهنا بطريقة فعالة فحدث ولا حرج، فقلة مثلا ترسل رسالة شكر على معروف أو باقة زهور على صنيع جميل، خصوصا بعد ان اصدر احد مشايخ السعودية فتوى تحرم اهداء الزهور.

أحمد الصراف

احمد الصراف

عسل غصن

أرسل قارئ مثقف المعلومات القيمة التالية عن البلح والعسل، ووجدت من المفيد مشاركة القراء فيها:
يقول القارئ «غصن» ان هناك نوعين فقط من البلح يصلحان للمصابين بالسكر، الخلاص والمكتومي، اما البرحي فلا ينصح به لمرضى السكر. وفي سؤال لموقع مايو كلينك على الانترنت عن فوائد تناول مرضى السكر او غيرهم للعسل بدلا من السكر، على اعتبار انه اقل ضررا، جاء الجواب بالنفي، فلا فرق بين الاثنين، وكلاهما يؤثر على الدم بالدرجة نفسها. وبما ان العسل اكثر حلاوة، فيمكن أخذ كميات اقل منه، مقارنة بحبيبات السكر العادي، ولكن في المقابل، فان العسل يحتوي على كاربوهايدرات اكثر، مما يعني سعرات حرارية اعلى.
أنواع العسل أو ألوانه متعددة، وتتحدد وفق المنطقة، فالعسل الداكن اللون يعني انه من منطقة ذات اشجار طبيعية غامقة اللون وزهور برية، وهذه نجدها في المناطق الجبلية العالية، كالباروك في لبنان مثلا. واذا كان لون العسل ذهبيا، فيكون غالبا من مصدر قريب من الساحل، حيث توجد اشجار الحمضيات والفواكه الموسمية الأخرى. كما يوجد عسل ابيض، كالفرنسي، المتوافر في الأسواق المركزية الفاخرة. وهذا النوع ينتجه نحل يتغذى من حقول زهور بيضاء تمتاز بلونها الابيض البراق. وعلى الرغم من ان العسل يبقى صالحا لفترة طويلة جدا الا ان البعض منه، وخاصة الذي يحتوي على كميات كبيرة من السكر، لا يبقى صالحا الا فترة قصيرة، وهو النوع الذي ينتج في مناحل توجد حولها او أن فيها مياها محلاة بالسكر، والتي لا يتردد النحل من التغذي عليها ليخرج عسلها وبه نسبة سكر عالية. وهذا النوع من العسل لا يبقى صالحا لاكثر من اشهر معدودة، وتظهر حبيبات السكر على السطح بعد اسابيع من فتح المرطبان او قارورة العسل (أعجبتني قارورة!).
ويقول القارئ «غصن» انه في 2007 و2008 بدأ انتاج النحل من العسل بالتناقص حتى وصل اخيرا إلى مستويات خطيرة نتيجة موت مليارات من النحل في الولايات المتحدة وكندا، وبدرجة اقل في اوروبا والشرق الادنى، بما في ذلك لبنان، في ظروف غامضة، حيث اصيب النحل بمرض جعله يفقد القدرة على معرفة الاتجاهات، وبالتالي تسبب غيابه في انهيار خلايا النحل بالجملة، كما نتج عن تناقص اعداد النحل خلق مشكلة اكبر، وهي المتعلقة بالنباتات والزهور التي لا تستطيع التلاقح بمفردها، وتحتاج للنحل ليقوم بتلك المهمة نيابة عنها، وتبلغ نسبة هذه النباتات المغذية في اميركا فقط نحو 30%!
وقد قمت بالبحث في بطن الحاج «غوغل» فوجدت ان «العلماء» الحقيقيين في الغرب توصلوا الى ما يعتقد انه السبب في موت مليارات النحل، فقد ورد في أحد المواقع الالكترونية المختصة بالنحل، ونقلا عن النشرة العلمية. journal Science reports بتاريخ 8 سبتمبر ان النحل اصيب بفيروس the Israeli acute paralysis virus والذي يعتقد انه تسبب في فقد النحل لقدرته على معرفة الاتجاهات، وموت الخلية التي ينتمي إليها تدريجيا، وهذا ما توصل إليه العلماء في مدرسة ميلمان للصحة العامة بجامعة كولومبيا، والتي ذكر متحدث باسمها انهم بصدد التأكد عما اذا كان هذا الفيروس هو السبب بمفرده، ام ان هناك عوامل اخرى كالميكروبات، او المبيدات الحشرية، ساهمت كذلك في دفع النحل للتصرف بتلك الطريقة!
البحث طويل ويتضمن تفاصيل كثيرة، ويمكن للمهتمين بمصير النحل ومستقبله المظلم من عشاق ومربين وغيورين على الجانب الجنسي للنباتات، الاستعانة بـ «غوغل» العظيم.

أحمد الصراف

احمد الصراف

قصة صابونتين

كنت كثيراً ما أداوم صيفاً في محل العائلة الواقع في سوق الطحين القديم، والذي كان مخصصاً لبيع المواد الغذائية والاستهلاكية، وهي التجارة التي تحولت إليها العائلة بعد هجر مهنة الصرافة، وكان ذلك قبل أكثر من نصف قرن. وكنت أساعد والدي وجدي في عملهما، وأحل محلهما أحياناً عند سفر الجميع صيفاً للخارج. وفي أحد المواسم اكتشف مستوردو المواد الغذائية من إيطاليا في سوق الطحين من أمثال عبدالكريم المنيس، وجاسم الوزان، وناصر الصقعبي، وأحمد كمال، وملا يعقوب بن يوسف، وحسين الجاسم، وجاسم وعبدالله الصراف، أنهم تضرروا نتيجة استيراد كميات كبيرة من معجون الطماطم من إيطاليا، حيث دفع الموسم الزراعي السيئ هناك المنتجين لغش المعجون بخلطه بكميات كبيرة من الماء وإرسال ما يشبه عصير الطماطم، وهذا يعني أن الأمر أصبح يتطلب عشر علب للحصول على مفعول علبة واحدة من النوع القديم.
لا أدري ما الذي دفعني لأن أشمر عن ساعدي وأطلب من بعض صبية الحي مساعدتي في بيع ذلك المعجون السائل بعشر ثمنه من خلال «بسطات» على أحد مداخل سوق الخضرة القديم. ولكن على الرغم من السعر المغري فإن البيع لم يكن مشجعاً! وهنا فكرت في طريقة لترويج البيع وذهبت للأنبار، الاسم القديم للمخزن التابع للمحل، وكان يقع في نهاية شارع سعود بن عبدالعزيز، وأخذت معي مقصاً لأطواق الحديد ومفتاحاً للصناديق الخشبية، وقمت بفتح صناديق صابون تواليت كنت أعلم باحتوائها على أكياس بداخل كل منها عشر بالونات هواء ملونة. لم تكن العملية سهلة في مخزن غير مكيف وصيف قائظ وعلى ارتفاع مترين وبعيدا بسنتيمترات عن سقف «شينكو» وتحت حرارة تقارب الخمسين! بعد ساعتين من العمل المجهد تمكنت من فتح عشرة صناديق، وبسبب ما فقدته من سوائل وما أصابني من إجهاد عدت للبيت لأنام اليوم كله.
وفي اليوم التالي توجهت مع فريق البيع نفسه إلى السوق، وقمنا بنفخ البالونات المائة وعرضها للبيع مع المعجون السائل. ونجحت الفكرة وتخلصنا من كمية لا بأس بها من ذلك المعجون اللعين بفضل فكرة تسويق كانت وقتها رائدة، حيث اشترطنا بيع المعجون مع البالون (لا معجون.. لا بالون)، وحيث إن عملية شراء المواد الغذائية في تلك الأيام كانت تتم من قبل ربات البيوت، وحيث إنهن كن يصطحبن معهن أبناءهن، لعدم وجود خدم منازل في بيوت الغالبية، فكان الأطفال يصرون على الحصول على أحد بالوناتنا الملونة، وكان الإصرار مصحوبا دائما ببكاء أو صراخ الطفل، وكنا نصر، بصراخ مماثل، على أن لا «بالون من غير معجون!»، وهكذا نجحنا في تحقيق ثروة صغيرة تقاسمناها جميعا، وساعدت الفكرة المحل في التخلص من بضع كراتين من تلك المادة شبه المغشوشة، والتي كان يصعب بيعها بالطرق التقليدية، ولكن بعد فترة اضطر الناس لقبول الأمر بعد أن انقطع المعجون القديم تماما من السوق!
أما قصة الصابونة الثانية فتختلف قليلا: كان الدكتور (ص.ح) دائم الشكوى من حساسية جلده لأنواع الصابون العادية، الأمر الذي دفع زوجته لأن تفكر في صناعة صابون يخلو من المواد الكيماوية المؤذية. بعد تجارب فاشلة توصلت لإنتاج نوعية لا تسبب الكثير من الحساسية لجلد زوجها، واكتشفت أن الذين قاموا بتجربة ذلك الصابون أبدوا استحسانهم له، وهذا شجعها لأن تقوم بإنتاج كميات كبيرة منه، وأصبح يباع للاستخدام العادي أو يقدم كهدية في علب أنيقة. وقد قمت شخصياً باستخدامه ووجدته يلائم بشرتي الرقيقة «غير الناعمة» أصلاً!
يمكن للمهتمين بالموضوع الاتصال بنا للحصول على مزيد من المعلومات عن هذا الإنتاج الوطني «المنزلي».
***
● عنوان المقال مستوحى من رواية «قصة مدينتين» للروائي الإنكليزي تشارلز ديكنز.

أحمد الصراف