احمد الصراف

جنرال الدكتور هلال

توجد في أميركا وظيفة فدرالية خطرة تحت مسمى «الجراح العام»،The Surgeon General of the United States إن صحت التسمية، وهو المعني بوضع السياسات الصحية والاهتمام بالصحة العامة وبكونه المتحدث الرسمي نيابة عن الحكومة الفدرالية، والمسؤول الأول عن إصدار التحذيرات عن الأوبئة والأمراض الخطرة والتحذير مما يؤثر في الصحة العامة. ويتم اختياره، اختيارها، من قبل الرئيس الأميركي مباشرة ويصدق الكونغرس على تعيينه لفترة أربع سنوات، وعادة ما يكون طبيبا برتبة جنرال في الجيش، ولكنه مسؤول أمام نائب وزير الصحة. وكمثال على صلاحياته وقوة منصبه نجاحه في إجبار شركات التبغ على تدوين التحذيرات المهمة الموجودة على علب السجائر وبعض المشروبات الروحية. وقد خلق الكونغرس الوظيفة أصلا في عام 1870 للاهتمام بصحة البحرية.
أذكر ذلك بمناسبة تصريحين صحفيين مهمين صدرا قبل أيام عن وزارة الصحة، الأول على لسان الوكيل المساعد لشؤون الصحة العامة، د. يوسف النصف، والذي قرع فيه أجراس الخطر من تزايد الإصابة بالأمراض المزمنة بسبب زيادة استهلاك الوجبات السريعة، واتباع %81 لنظام غذائي خطأ، وتضاعف أعداد المدخنين وارتفاع معدلات السمنة، ومؤشرات كثيرة خطرة أخرى. وجاء التحذير الثاني على لسان د. عمر السيد عمر، الوكيل المساعد لشؤون الأدوية والتجهيزات الطبية، والذي حذر فيه من تعاطي المستحضرات العشبية الخاصة بتخفيض الوزن التي تستورد من الدول الشرقية (ربما يقصد دول شرق آسيا)، حيث كشف الوكيل أن تلك المستحضرات مغشوشة وغير مرخصة وليست عشبية بل تضاف لها مواد كيماوية ضارة بالقلب لاحتوائها على مادة sibutramine التي صدر قرار وزاري يحدد آلية استخداماتها.
حسب علمي، ربما تكون هذه أول مرة يصدر فيها مثل هذا التحذيرات الخطرة من مكتب وكيل الأدوية، ولكني على ثقة بأن لا أحد من المعنيين بالأمر سمعوا عن التحذيرين، أو استوعبوا معانيهما، لأننا تاريخيا لم يكن لدينا ناطق رسمي معروف يهتم العامة بتحذيراته ويعملون بموجبها، فالمجال مفتوح حاليا للجميع. وعليه مطلوب من الوزير الخلاق، د. هلال الساير، العمل على خلق وظيفة «السيرجن جنرال»، والتي من الأفضل أن يتولاها أحد الوكيلين المعنيين أكثر بالصحة العامة، وإعطاء تصريحاته ما تستحق من أهمية من خلال نشرها بشكل واسع في المدارس والمعاهد والجامعات، وبثها تلفزيونيا بصورة متكررة في أوقات الذروة ضمن وسائل الإعلام المرئية لكي تعم الفائدة على الجميع ولا تقتصر المعرفة على بعض قراء الصحف، وأكثرنا لا يكترث أصلا!!

أحمد الصراف

احمد الصراف

البوفيه في خرائط الكويت

أقام الباحث والفلكي عادل السعدون معرضا لمقتنياته الشخصية من الخرائط النادرة. وقد دفعه لإقامة المعرض ما حاول نظام صدام ــ قبل غزو الكويت واحتلالها وبعد تحريرها ــ ترويجه عن تبعية الكويت للعراق. وقد سبقت إقامة هذا المعرض جهود كثيرة أخرى صبت في المسار والهدف نفسيهما.
تضمن المعرض 72 خريطة من وضع رحالة ومكتشفين ورسامي خرائط برتغاليين وأميركيين وهولنديين وإنكليز وفرنسيين، وربما غيرهم. وتبين من غالبيتها العظمى أن الجزيرة العربية، بما فيها الكويت، كانت دائما كيانا منفصلا عن العراق والأجزاء الشمالية. وأن الكويت لم تكن يوما تابعة إداريا أو عسكريا للعثمانيين، كما كان حال العراق لفترة طويلة.
كما بين الكثير من تلك الخرائط ــ من كلوديوس بطليموس (168 بعد الميلاد) وحتى خريطة الموسوعة البريطانية الموضوعة، إصدار سنة 1940، مرورا بخرائط من عدة أطالس ومراجع جادة ــ أن اسم الخليج كان دائما «الخليج الفارسي»!
نكتب ذلك، ربما للمرة العاشرة، ليس فقط دفاعا عما نؤمن به من حقائق التاريخ بل وكذلك دفاعا عن مصداقيتنا كخليجيين عرب. فعندما نتساهل في مثل هذه القضايا والمسائل وننسب لأنفسنا أشياء تخص غيرنا فإننا نعطي هذا الغير بالذات الحق في أن ينسب لنفسه ما يشاء على حسابنا. فالجزر الإماراتية الثلاث التي تسيطر عليها إيران عسكريا منذ 20 سنة تقريبا، وترفض التفاوض بشأنها، هي محل نزاع بين الدولتين. ونميل نحن للاعتقاد بأن للإمارات حقا فيها، وليس هناك غير الجهات الدولية للحكم في صحة تبعيتها، وهذا ما ترفضه إيران وما يضعف موقفها. ولكن إصرارنا على تسمية الخليج الذي يفصل بيننا وبين إيران بما نشتهي من أسماء لا يساعدنا منطقيا وسياسيا في مطالبنا بحق دولة الإمارات العربية في الجزر الثلاث!
كما هو متوقع فإن المعرض لم يحضره الكثيرون بسبب طبيعته المتخصصة، ولكن هذا لا يقلل من أهميته، ويا حبذا لو تبنى الأستاذ خالد الجار الله، الدبلوماسي المخضرم، ووكيل وزارة الخارجية، مسؤولية عرض بعض تلك الخرائط في عدة سفارات عربية وأجنبية والطلب من السفارات دعوة الصحافة والمهتمين للاطلاع عليها.
الطريف في موضوع المعرض أن سيدة قامت بالاتصال بالأخ عادل السعدون لسؤاله عن المعرض، وقد سره الاتصال، وأجاب في البداية بكل جدية عن أسئلة المتصلة إلى أن فاجأته بالسؤال عن نوعية «بوفيه الطعام» المقدم في المعرض، هنا أغلق السماعة وذهب الى بيته وهو يهز رأسه أسفا!

أحمد الصراف
[email protected]

احمد الصراف

أخلاقيات العفاسي

الكل تقريبا يعتقد بمسؤولية شركات النظافة عن مشاكل العمالة والمتاجرة بقوتهم واستغلالهم، وما أدى إليه ذلك من وقوع اضطرابات وإخلال بالأمن وتشويه لسمعة الكويت دوليا. ولكن للأمور وجها آخر. فهناك، كما هو معروف، شركات جادة وملتزمة وأخرى خلاف ذلك، لكن تصرفات السيئة منها هي التي تطغى وتعطي الانطباع بأن الجميع سيئون!
في قانون العمل الحالي يعتبر مبلغ 40 دينارا الحد الأدنى للأجور. ولتعديل الوضع صدر قانون عمل جديد، لم ينشر في الجريدة الرسمية، يرفع الحد الأدنى إلى60 دينارا لرفع الظلم عن كاهل طبقة كادحة طالما حرمت من الكثير، ولكن هل سيتحقق ذلك من دون تبعات قاسية حتى عليهم؟ أشك في ذلك! ففي عقود النظافة مثلا، والتي تتطلب تشغيل آلاف العمال، هناك عقود سارية وعقود تم التوقيع عليها ولكن لم يحن وقت سريانها، وهناك كذلك عقود جار تسعيرها. وحدها الأخيرة لن يتسبب رفع الأجر من 40 إلى 60 بتدمير أوضاع الشركات الملتزمة بها أو الإضرار بعمالتها! أما العقود الحالية، السارية أو التي ستسري بعد فترة قصيرة، فلم يبين القانون الجديد الكيفية التي سيتم بها التعامل مع عمالتها، فمن جهة ليس بإمكان الشركات المنفذة رفع أجور عمالتها بتلك النسبة الكبيرة، وهي التي سبق ان وقعت عقود الحكومة على أساس 40 دينارا. كما أن ليس بإمكانها الحصول على عقود جديدة ودفع 60 دينارا كحد أدنى، ودفع 40 دينارا في عقد آخر. وإن أجبرتها الحكومة على رفع أجر الجميع ل‍ـ 60 دينارا فسيعرضها ذلك لخسائر كبيرة وقد يجبرها على التوقف عن العمل، وإن لم تجبر على رفع الأجر فإن هناك احتمالا كبيرا في لجوء عمال العقود القديمة للعصيان للمطالبة بمساواتهم بعمال العقود الجديدة، أو دفعهم لترك أعمالهم والتسرب للعمل في عقود العمالة الجديدة، علما بأن هناك عقودا حالية لن ينتهي العمل بها قبل ثلاث أو أربع سنوات. وبالتالي لا يتبقى هنا غير حل تدخل الحكومة لسد فرق أجور العقود الحالية إنصافا لشركات وطنية لا ذنب لها، ولحفظ سمعة الكويت وتعهدات مسؤوليها.
معرفتي بالسيد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، أكثر الوزراء زهدا بمنصبه، وأكثرهم خبرة في مجال عمله، تقول إنه لا يمكن أن يقبل بإرضاء طرف على حساب طرف آخر. ومع إيماننا التام بأن العامل يستحق حد اجر أعلى بكثير مما هو سائد حاليا، لكن رفع الأجر يجب ألا ينتج عنه ظلم طرف أو أطراف آخرين من دون ذنب اقترفوه.
كما أن الحكومة مطالبة بوضع نظام مناقصات أفضل من الحالي، وأن تصنف شركات النظافة بطريقة صارمة، وتشطب الشركات المخالفة، مع التحفظ على عروض الشركات التي تتعرض أوضاعها المالية للاهتزاز، ولدينا أمثلة على أن ما يجري هو عكس ذلك!

***
• ملاحظة: بسبب رواسب الشك الساكنة في قلوب البعض، فقد كنا نضطر لتذييل مقالات محددة بنفي وجود مصلحة لنا في ما نكتب، بما في ذلك هذا المقال. ولبدء سريان مفعول تقاعدنا من «حي المال والأعمال» فإننا سنتوقف مستقبلا عن نشر مثل هذا النوع من النفي.

أحمد الصراف
[email protected]

احمد الصراف

ميانة فؤاد الرفاعي الدينية

يقول المثل الشعبي المصري: «إللي عنده قرش محيره.. يشتري حمام ويطيره!».
* * *
يقوم السيد فؤاد الرفاعي، بنشر اعلانات صحفية وتوزيع مطويات مكلفة بين اليوم والآخر، ولو قام أي طرف بحساب تكاليف طباعتها وتوزيعها ونشرها لوصل إلى رقم يكفي لسد جوع مئات الأسر سنويا، ولكن ماذا نقول والرجل حر التصرف في قروشه! وضمن أنشطته «المتعددة» قام السيد فؤاد أخيراً بتركيب لوحة حديدية على ارتفاع شاهق فوق سطح بيته الواقع على طريق الفحيحيل السريع، مقابل مستشفى هادي، وعلى الرغم من خطورة سقوط أي من اللافتات العديدة التي تملأ جوانب وأسطح ذلك المبنى على رؤوس المسلمين، اضافة إلى مخالفتها لانظمة الإعلان والبناء، فإن أي جهة حكومية لم تتحرك لإزالتها، أو على الأقل الطلب منه تقليل علوها غير القانوني فوق بيت سكن، وربما يفسر تصرف السيد الرفاعي بكونه نوعا من «الميانة» على تلك الأجهزة، أو من هم أعلى منها!
ولكن ما لا يمون عليه السيد الرفاعي هو حقوق الآخرين وخصوصياتهم، ففي إعلان مدفوع الثمن غطى ثلاثة أرباع الصفحة الأخيرة من جريدة الوطن(الاثنين 4/19) والذي جاء على شكل رسالة تأييد وتثبيت وشكر موجهة «لفضيلة الشيخ سيد فؤاد الرفاعي»، من 1026 شاباً، والاحتمال الأقوى أنه هو الذي كتب الرسالة وأطلق فيها على نفسه لقب «فضيلة الشيخ»، اكتشف صديق أن اسم ابنته البالغة من العمر 13 قد ورد فيها، وحيث انه صاحب اسم مميز ولا يحمله أي كويتي آخر، ولان اسم عائلته لا تشاركه فيه عائلة أخرى، واسم ابنته مميز أيضاً، فإن من الاستحالة ان تكون هناك من تحمل الاسم الثلاثي نفسه لابنته، ليس في الكويت بل وفي العالم، وبالتالي فإعلان الشكر برمته يشكو من شبهة تلفيق واضحة، خصوصاً ان لا هو ولا أهله ينتمون لفهم ومنهج السيد الرفاعي، وهنا نتمنى ان نسمع منه أو من يمثل جنابه عن الكيفية التي وصل له شكر الفتاة وتأييدها لنهجه، وعلى أي أساس ضمن اسمها كشفه «المشبوه»، وهل حدث ذلك بـ«الميانة الدينية»؟ وهل في الكشف أسماء أخرى ملفقة؟
* * *
ملاحظة: حرصا على خصوصيات الآخرين نمتنع عن نشر الاسم، ولكننا على استعداد للتصريح به ان انكر أحد صحة ما ورد في هذا المقال.

أحمد الصراف

احمد الصراف

سبتيات لطيفة وأخرى غير لطيفة *

قالت الزوجة لصديقتها: إذا كنت تحبين شخصا، أو حتى طيرا حرا، هو ملك يديك، فأطلقي سراحه فإن عاد فسيكون لك ابد العمر، وان لم يعد فهو لم يكن لك اصلا، ولكنه ان عاد وجلس هناك في غرفة المعيشة غير مكترث، مسببا الفوضى في كل مكان، يأكل طعامك ويستخدم هاتفك ويستعين بأموالك ولا يبدو عليه انه مدرك لحقيقة انك سبق ان اطلقت سراحه، فهو في هذه الحالة اما زوجك أو ابنك! وتذكري انه ليس هناك افضل من لبس حذاء ضيق لكي ننسى جميع متاعبنا الأخرى.
* * *
وبمناسبة الحديث عن الاخلاقيات والصداقة، فإن هناك في الشبكة العنكبوتية الموقع الالكتروني التالي: www.sorraq.com  الذي تخصص المشرفون عليه في البحث والكشف وعرض السرقات الادبية والصحفية، وبالذات في الصحافة الكويتية، وقد تمكن هؤلاء حتى ساعة كتابة هذا المقال، من رصد ثلاث سرقات صحفية لكتاب كويتيين معروفين، والبعض منهم سبق ان تكررت منهم السرقة لاكثر من مرة، ولكن بسبب «عرض» وجوههم فإنهم لم يكترثوا لهذه الاتهامات، وتمسكت احزابهم «السياسية الدينية» بهم بنواجذها، ربما لاعتقادهم بأن سرقة مخرجات أفكار الآخرين لا تمثل سرقة حقيقية، وهي لا تختلف، بنظرهم طبعا، عن سرقة الاموال العامة، فالمستولي على المال العام لا يمكن ان يكون سارقا، لانه «ببساطة» يأخذ حصة مما له فيه «حق»!!
ونتمنى على الزملاء الذين وردت اسماؤهم في هذا الموقع الرد، من خلال زواياهم وتوضيح اللبس أو التهمة لكي ترتاح النفوس وتطمئن القلوب.
اما الموقع الالكتروني الثاني فهو: www.Firewallffilter.com  الذي يمكن بواسطته الدخول على اي موقع من خلال طباعة اسمه في الفراغ المخصص لذلك اسفل صفحة الموقع.
و Voila !
(*) من قراءاتي

أحمد الصراف

احمد الصراف

عماد حمدي وسنة 1980

شاهدت وأنا أمارس رياضة المشي في نادي الكورنيش، وبطريق الصدفة، مقطعين تلفزيونيين: الأول لحفلة غنائية بالأبيض والأسود لأم كلثوم، والثاني لفيلم غير ملون أيضا عن قصة حب بين أحمد (عماد حمدي) وفاطمة (شادية)، وربما يكون المقطعان من إنتاج ستينات القرن الماضي. في مقطع حفلة أم كلثوم استرعت نظري أمور كثيرة أهمها ذلك التغير الهائل الذي طال هيئات مرتادي الحفلات وحركاتهم في عاصمة كانت، بالنسبة لنا قبل نصف قرن، رائدة في كل شيء، وأصبحت بفضل «الثورة أو الانقلاب»، ومن بعدها الصحوة المباركة في آخر الركب، وأيضا في كل شيء! ولم أستطع مقاومة مقارنة ما كانت عليه الحال، وما أصبحنا نراه اليوم في شوارع القاهرة من ظواهر شديدة السلبية، ونسبة مرتديات الحجاب الطاغية، والتي لم تمنع الشباب، وحتى العجائز من التحرش بهن بالقول والفعل أمام الجميع، عيني عينك!! قد تكون هذه الأمور غير ذات أهمية لدى البعض، فتقدم الأمم لا يقاس بما ترتديه شعوبها، ولكن بما في عقول أبنائها، ولكن هل أصبحت مصر بالفعل، أو أي عاصمة عربية كبيرة أخرى، أكثر تقدما وفضيلة وعفة مما كانت عليه قبل نصف قرن مثلا؟ الجواب معروف ويمكن الاطلاع عليه في سجلات المخافر والإحصائيات الأمنية، وما يكتب في صحافتها، وصحافتنا الخليجية وزيادة نسبة الجرائم وتنوعها، والأخلاقية منها بالذات، بمعدلات مخيفة عاما بعد آخر. لقد عشت وشفت بما يكفي لكي أؤكد بكل ثقة أن الكويت، وهي ليست استثناء ولا تختلف عن أي دولة عربية أو إسلامية أخرى، كانت قبل الصحوة الدينية المباركة التي تاجر بها واستفاد منها الكثير من ملتحي الأطراف كافة، أكثر أمنا وأكثر اعتدالا ومحبة ووفاء منها الآن، بالرغم من زيادة الثروات في أيدي الأفراد وزيادة تعلمهم، فقد رأينا، وفي وقت قياسي، تطرفا من كل جهة وشحنا طائفيا من كل صوب، وصورا ولافتات دينية تتزايد كل يوم على حوائط البيوت وأمام المداخل وعلى المركبات. كما أصبحنا نرى من يضع لافتات وشاشات سينمائية ضخمة تعرض رسائله حتى لو تضمنت إساءة لمشاعر الغير، وهذا لم يحدث مصادفة، بل مهد له رجال الدين من كل طرف، بعد أن رأوا أن ارتفاع شأنهم في عيون بني ملتهم يكمن في زيادة تطرفهم، ولو على حساب وطنهم.
أما المقطع الثاني المتعلق بفيلم شادية وعماد حمدي، فكان تأثيره أكبر، خاصة عندما طلب بطل الفيلم (أحمد) من حبيبته (فاطمة) أن تخرج معه للمقهى القريب، فرفضت بحجة الخوف من كلام الناس، فقال لها: خلاص بأه، احنا بقينا في سنة ثلاثين، أي أن عليها أن تتشجع وتخرج معه لأن الزمن تغير والأمور اختلفت وأنهما الآن في ثلاثينات القرن العشرين! والآن، وبعد مرور ثمانين عاما على قصة ذلك الفيلم ما الذي نراه حولنا؟ ولماذا حدث كل هذا التغير؟ وهل هو للأحسن حقا؟ وهل بإمكان أحد أن يثبت أن أوضاعنا المعيشية والأمنية والأخلاقية هي بالفعل الآن أحسن مما كانت قبل 30 أو 60 عاماً؟

***
• ملاحظة: صدر في تركيا، وهي اكبر دولة صناعية إسلامية، 88 ألف ورقة بحثية بين عامي 1996 و 2005، ويمثل هذا الرقم عددا أقل من عدد البحوث التي نشرتها جامعة أميركية كبيرة واحدة خلال الفترة ذاتها!

أحمد الصراف

احمد الصراف

ظاهرة الاقتراب من الموت

يعتقد البعض أنهم مروا بتجربة العودة من الموت، أو الاقتراب الشديد منه. وقد دوَّن الكثيرون تجاربهم في كتب ومنشورات، وعلى الرغم من تعدد خلفيات وثقافات أصحاب هذه التجارب، فانهم اتفقوا تقريبا على رواية مشاهد محددة لظواهر معينة. ولهذا بدأ العلماء قبل 100 عام تقريبا بالاهتمام بهذه الظاهرة وتدوين تجارب الأفراد ومراقبة الحالات ومحاولة وزن الأجساد بآلات قياس وزن بالغة الدقة، وادعوا أنهم وجدوا فروقا لا تذكر بين وزن الجسم قبل الوفاة وبعدها، أو خروج الروح، كما يقال.
ومع زيادة وسائل الاتصال وانتشار الانترنت زادت تقارير العودة الى الحياة بعد الموت، وتأسست من أجل ذلك جمعيات وصدرت كتب عدة في هذا المجال المثير والمحير، وعن تجارب الموت التي واجهوها، وكتبوا حتى عن «الحياة في الجانب الآخر»! وتوجد على الانترنت مواقع عدة تعالج هذه الظاهرة التي يؤمن بها عدد متزايد من البشر، وأن الأرواح موجودة ولها وزن يمكن قياسه وأنها عندما تغادر الجسد تجتمع في مكان محدد، وقد تعود مرة أخرى الى الأرض لتتجسد في شكل بشري أو آخر.
هذا في جانب، أما في جانب آخر فقد اكتشف العلماء مؤخرا، بعد سلسلة من الاستطلاعات والاختبارات، أن لظاهرة الموت والعودة الى الحياة سببا آخر لا علاقة له بالأرواح. فعندما يظن المرء أنه يرتفع بروحه عن جسده بحيث يراه ممددًا تحته على السرير، أو يشعر بدرجة من النشوة والطمأنينة «غير الدنيوية» التي لم يشهد مثلها طيلة حياته، أو أنه يسير داخل نفق مظلم في آخره ضوء ساطع، أو أنه يلتقي بأقاربه الموتى، قبل «استيقاظه» من هذه الحالة، وهي الحالات التي أجمع غالبية من مروا بهذه التجربة أنهم مروا بواحدة أو أكثر منها، وهي الحالة أو الظاهرة التي تسمى علميا «تجربة الاقتراب من الموت»، أو«العودة من الموت»، هي ظاهرة يكثر حدوثها خصوصا وسط أولئك الذين يخضعون لمبضع الجرّاح أو في اللحظات التي يعانون فيها ذبحة صدرية. لكن دورية «كريتيكال كير» الطبية البريطانية نشرت قبل أيام بحثا أعده فريق علمي من سلوفينيا يقول انه ربما وجد تفسيرا للأمر، حيث يقول فريق جامعة ماريبور انه وجد رابطا يمكن أن يؤدي الى حدوث هذه التجربة الغريبة، يتمثل في ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الدم. وتبعا له فان هذا الارتفاع يؤدي الى تغيّر التوازن الكيميائي في الدماغ، مما يؤدي بدوره الى خداع صاحبه. فيجد أن روحه ترتفع عاليا فعلاً فوق جسده، أو أنه يسير في نفق يصل بين الحياة والموت، الى آخره من تلك التخيلات الغريبة.
وقد نظر الفريق الطبي في حالات 52 من المرضى الذين عولجوا من أزمات قلبية بالمستشفيات، وكان كل منهم قد أُنعش و«أعيد الى قيد الحياة» بعد توقف قلبه عن الخفقان وانقطاع أنفاسه. وفحص مستوى الكيماويات في أجساد هؤلاء خلال معالجتهم، خاصة ثاني أكسيد الكربون، وطلب اليهم لاحقا الاجابة عما يتعلق بتجاربهم وأحاسيسهم خلال فترة المعالجة.
وتبعا لنتائج هذا الاستطلاع، فقد قال 11 من أولئك المرضى، انهم وقفوا على الحد الفاصل بين الموت والحياة، ومرّوا باحدى الحالات التي اخذت ظاهرة «العودة من الموت» اسمها هذا. وقالت الدكتورة زليخة كيتيس، التي ترأست فريق البحث: «وجدنا أن لدى أولئك المرضى الأحد عشر معدل تركيز ثاني أوكسيد الكربون في دمائهم يزيد كثيرا بالمقارنة مع تركيزه لدى أولئك الذين لم يشهدوا الظاهرة». وأضافت هذه الباحثة أن الأرجح هو أن «تجربة العودة من الموت» لا ترتبط بالعمر أو الجنس أو المعتقدات الدينية أو الخوف من الموت أو العقاقير التي يحقن بها المريض، مع اقرارها بأن مزيدا من التجارب ضروري لقطع الشك باليقين، فقد قالت ان الأمر يتعلق أساسا بزيادة معدلات ثاني أكسيد الكربون في الدم، وان هذا هو المدخل الصحيح الى الفهم الكامل لأسباب تلك الظاهرة.

أحمد الصراف

احمد الصراف

آية الله وتوطين العمل الخيري

لعلم من لم يعلم فقد كانت الكويت، ولقرون، فقيرة يعاني أهلها شظف العيش وقسوة الحياة وقلة في كل مورد وزيادة في الأمراض واتساعا في الأمية، وعلى الرغم من عمري القصير نسبيا، مقارنة بعمر الدول والأمم، فانني «لحقت» أو شاهدت الكثير من قسوة العيش تلك، خصوصا في أوقات الفيضانات والحر الشديد والعواصف الرملية المخربة وحتى القحط. وأثناء تلك السنوات كانت دول كثيرة مثل الهند (باكستان) وإيران والعراق تنعم بالكثير من الخير وصفاء العيش والخاطر مع توافر مختلف الموارد والخيرات لديهم، ومع هذا لم يتذكرنا أحد منهم ويرسل لنا ما يقيم أودنا أو يبعد عنا شر الأوبئة وأخطار المجاعة.
وبناء على قاعدة أن ما يحتاجه البيت يحرم على المسجد، فإن كل الأموال التي جمعت في نصف القرن الماضي، سواء في صورة خمس أو زكاة وأرسلت الى خارج الكويت لصرفها على حوزات علمية أو بناء مساجد أو حفر آبار وتجييش دعاة، ما كان يجب أن تخرج قبل أن تنتهي حاجة أهل البيت، أو الكويت، ومن فيها.
ومن هذا المنطلق كتبنا قبل أيام نؤيد فكرة آية الله الكويتي، الشيخ علي الصالح، المتعلقة بسعيه لإبقاء أموال الخمس داخل الكويت وصرفها على حاجات الناس بدلا من إرسالها للخارج الذي يبدو أنه في غنى عنها. فكيف نرسل أموالنا لخارج الكويت وهناك عشرات الآلاف الذين هم بأمس الحاجة اليها، ومن يقول ان مستوصفا في قرية في باكستان أو جنوب لبنان أو في أي مكان في العالم أكثر أهمية من مستوصف في الصليبية مثلا التي تفتقد كل خدمة؟. ولماذا نهتم بإرسال مئات ملايين الدولارات لمساعدة فقراء الهند وأندونيسيا وبنغلادش، بينما يعيش عشرات الآلاف منهم في الكويت في أسوأ الظروف، وبشهادة وزير الشؤون الاجتماعية والعمل؟ الذي صرح للصحافة قبل أيام أن الوزارة رفعت الحد الأدنى للأجور ليصبح 60 دينارا، وأن هناك من العمال من يتقاضى 18 دينارا فقط في الشهر، هذا غير عشرات آلاف «البدون» الذين يعيش غالبيتهم في ظروف بائسة حقا وهم بأمس الحاجة للمساعدة، فكيف يحرم عليهم ويحل لفقراء أفريقيا وآسيا؟
لقد سبق أن شكلت «الشؤون» لجنة دائمة لتوطين العمل الخيري، ولكن لارتباط مصالح الكثيرين داخل الكويت، ومن مسؤولي الجمعيات، بإرسال الأموال للخارج، حيث لا رقابة على طريقة الصرف، فقد حوربت اللجنة ولم تستطع فعل شيء. وقد أصدر الوزير الكبير العفاسي قرارا بإعادة تشكيلها، ولكن من المتوقع أن يجد التشكيل الجديد مصير سابقه نفسه بفضل جهود أصحاب المصالح الكبيرة في أموال الجمعيات!

***
ملاحظة: صرح آية الله كاظم صديقي في خطبة الجمعة الماضية في طهران ان السبب وراء تزايد حدوث الزلازل في العالم يعود لتزايد العلاقات الجنسية غير المشروعة. وان الكوارث الطبيعية هي نتيجة سلوكنا، وان الكثير من النساء اللواتي لا يرتدين ملابسهن كما يجب يفسدن الشباب!! ربما نسي مولانا أن آخر زلزال كبير ضرب إيران حدث في منطقة قروية نائية لا مجال فيها لما ذكره من أسباب.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الإجرام في حق الأنوثة المسلمة

باستعراض التاريخ البشري في الألفي سنة الماضية، يمكن ملاحظة ان جميع المجتمعات البشرية تقريباً اضطهدت المرأة ومارست مختلف صنوف الظلم والتعسف ضدها، تارة باسم العادات والتقاليد و«تارات» باسم الدين. وقد تخلت كل المجاميع البشرية عن «ذكوريتها» وسعت جاهدة، خاصة في السنوات المائة الأخيرة، لمساواتها مع الرجل، وحدها المجموعة الإسلامية المباركة، باستثناء تونس وتركيا، وإلى حد ما لبنان، لم تكتف بالاستمرار في ممارسة شتى صنوف الاضطهاد والتعسف ضدها، بل وأصبح الظلم أكبر وأشد وطأة على الأنثى بشكل عام. فوضعها مثلاً في أفغانستان وإيران وباكستان (الهند سابقاً) ومصر، وحتى الجزيرة العربية، كان أفضل بكثير قبل نصف قرن منه الآن (!).
والمحزن ان العديد من الدول النفطية الإسلامية ترسل آلاف الدعاة وتطبع ملايين المنشورات وتصرف مليارات الدولارات لنصرة الدين وإعلاء شأنه، ثم تأتي حادثة واحدة ضد طفلة بريئة ترتكب باسم الدين، لكي تنسف جهود سنوات، المأساة ان لا أحد من المعنيين «شرعاً»، وفي أي مذهب، على استعداد للتصدي لهذه الظاهرة المؤسفة والمطالبة بوضع حد لها!
ففي إحدى محافظات اليمن «السعيد» أدخلت طفلة لا يتجاوز عمرها 11 عاماً، أي دون سن المراهقة، المستشفى بسبب تعرضها لتمزق خطير في جهازها التناسلي نتيجة اعتداء زوجها عليها. كما لقيت فتاة أخرى في الثالثة عشرة من العمر حتفها اثر اعتداء زوجها جنسياً عليها. وقد تطرق كثير من وسائل الإعلام الغربية إلى هاتين الحادثتين المؤسفتين بإسهاب كبير، وورد في إحداها ان الضحية الأولى قبل والدها «الفاضل» تزويجها قبل عام شريطة عدم دخول زوجها بها قبل بلوغها (يا لجمال التعبير)، غير ان الزوج لم يستطع الانتظار، كما هو متوقع، فتسبب عنفه الجنسي وجهله في وفاة الفتاة. والمرعب ان زيجات كثيرة مثل هذه تتم في مناطق إسلامية عدة مثل باكستان وموريتانيا وأفغانستان والدول الخليجية ومناطق طالبان وإيران، ولكن بسبب سوء أوضاع اليمن سياسياً واقتصادياً، فإن وسائل الإعلام الغربية ركزت عليها أكثر من غيرها في الفترة الأخيرة.
وتقول أمل باشا، رئيسة مؤتمر النساء العربيات، ان %50 من نساء اليمن يتزوجن قبل سن 18، وبعضهم يتم تزويجهن في سن الثامنة. وورد في وكالة أنباء الاسوشيتد برس ان زوج الفتاة اليمنية التي لقيت حتفها نتيجة قيامه (البالغ من العمر 23 عاماً) باغتصابها، موقوف على ذمة التحقيق! ولا أعتقد شخصياً انه سيتعرض للأذى، فالشرع اليماني يحميه، فهو لم يتصرف بغير حلاله!
* * *
• ملاحظة: يقيم الفلكي عادل السعدون اليوم معرضاً لمجموعته من الخرائط التاريخية، وأقدمها خريطة نادرة رسمها «بطليموس» سنة 100م وأعيدت طباعتها سنة 1482م. وللمعرض أهميته من ناحية تثبيت حقوق الكويت نحو جيرانها، وحسم الجدل حول بعض التسميات المتنازع عليها.
يقام المعرض في صالة أحمد العدواني، ضاحية عبدالله السالم، مركز الضاحية، ويستمر لأسبوع من 9 صباحاً وحتى 1 ظهراً ومن 5 إلى 7 مساء.

أحمد الصراف
[email protected]

احمد الصراف

«الناس تخاف لكن لا تستحي»

كان شارلز بلم Charles Plump يعمل طيارا في البحرية الاميركية خلال حرب فيتنام، وعند قيامه بالطلعة 75 تمكن الفيتناميون من اسقاط طائرته بصاروخ ارضي، ولكنه نجح قبل تحطمها في القفز منها والهبوط بمظلته (براشوته) بسلام على الارض، ولكن الفيتناميين كانوا بانتظاره، حيث ظل مسجونا لديهم 6 سنوات، وبعد معاناة طويلة اطلق سراحه.
وفي يوم كان جالسا وزوجته في احد المقاهي عندما تقدم منه رجل وقال له: انت «شارلز بلم» اليس كذلك؟ وكنت طيارا حربيا في فيتنام، وتم اسقاط طائرتك! فسأله شارلز كيف عرفت ذلك، فرد قائلا: انا الذي وضب وعبأ لك مظلتك الجوية، ويبدو انها عملت بشكل جيد! هنا شعر شارلز بتسارع دقات قلبه ووقف ليشد على يد الرجل شاكرا له اخلاصه في عمله، وابدى شديد امتنانه، فلو اهمل، ولو قليلا، في عمله لما تسنى له ان يعيش يومه!
لم يستطع شارلز النوم في تلك الليلة، وهو يفكر في ذلك الرجل، متخيلا هيئته على حاملة الطائرات تلك وهو بملابسه البحرية الاميركية البسيطة وقبعته المتواضعة، واخذ يتساءل بينه وبين نفسه كم مرة مر بذلك البحار من دون ان يعيره اي اهتمام او ينتبه له او يلقي عليه التحية او حتى يبتسم له؟
فقد كان هو قائد مقاتلة حربية، اما الرجل فبحار بسيط. كما فكر في الساعات التي قضاها ذلك البحار على طاولات خشبية، وهو يعمل على تجهيز المظلات وفك خيوطها وترتيب عملية فتحها والعناية بتفاصيلها الصغيرة والمهمة من دون ان يعرف من الذي سيستعين بها في نهاية الامر، وتكون سببا في انقاذ حياته!
والآن، من الذي وضب لك براشوتك اليوم؟ ففي حياة كل فرد منا هناك من يقوم بتوضيب براشوت او اكثر لنا، وربما يكونون اناسا لم نلتق بهم او نعرفهم، فهم يقومون بعملهم بصمت من دون ان نشعر بذلك، فموظف مراقبة جودة المياه مثلا في اي محطة تقطير مسؤول عن توضيب وتجهيز براشوتاتنا، وفني صيانة المصاعد في اي عمارة، ومهندسو الطيران الذين يسهرون على صيانة طائراتنا، ومراقبو الحركة الجوية في المطار، وجيش آخر من الممرضين والاطباء والمدرسين الذين يعتنون بتعليم ابنائنا والذين يكمن دورهم في تجهيز وتحضير المظلة الجيدة التي نستطيع جميعا من خلالها مواجهة متاعب الحياة ومصاعبها والهبوط بسلام، وجميع المخلصين في عملهم من هؤلاء يستحقون منا كل الشكر ووافر التقدير.
ولكن لو نظرنا إلى الوظائف التي يقوم بها مئات آلاف موظفي الدولة، وتساءلنا كم نسبة ما يؤدى منها بضمير بحيث يمكن لمتلقي الخدمة الشعور بالاطمئنان بان النصيحة التي سمعها هي الصحيحة، لانتابنا الخوف من تواضعها، فنسبة كبيرة ينطبق عليها المثل المصري: ناس تخاف بس ما تختشيش!

أحمد الصراف
[email protected]