بعيدا عن الجدل الدائر في الوقت الراهن بشأن موقف دولة الكويت الشقيقة من بعض الجامعات الخاصة في البحرين، واقترابا من نماذج الإصرار على تخطي أعتى العواصف التي تمر بها أية مؤسسة أكاديمية في العالم، سنحت الفرصة لزيارة جامعة الخليج العربي في أمسية رمضانية شملت لقاء بين رئيسة الجامعة وأعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية بها، وكذلك مجموعة من طلبتها وعدد من المدعوين من كبار الضيوف الذين كانت لهم مواقف مشرفة في مساندة هذه الجامعة في أحلك الظروف التي مرت بها، لكن الملاحظة الأكثر إثارة للدهشة والاستغراب، أن رئيسة الجامعة رفيعة عبيد غباش، تمكنت من تحقيق نقلة، كما يقول أساتذة الجامعة وإداريوها وطلبتها، وعلى رغم قوة تلك النقلة لكنها تمت في صمت.
كيف هو الصمت؟ ولماذا الصمت؟
لا يمكن أن يفهم الصمت على أنه حال من الركود والغياب والعزوف عن ديناميكية التجدد العملي، بل هو صمت يصفه أحد الأساتذة بكلمة «القناعة» في أن تنتقل الجامعة من درجة الى درجة أعلى من دون ضجيج إعلامي أو بهرجة خطابية أو ما شابه. وربما اعتبرت أنا، وربما غيري، هذا الكلام من قبيل المديح «النفاقي» أو من باب «مسكة باليس» كما يحلو للكثيرين استخدامها شعبيا لوصف كلام من يكيل المديح! غير أن الأمر اختلف تماما حينما قدم طالب أحد الطلبة وهو أحمد درويش شهادة تجربته في عدد من الجامعات التي واصل فيها دراسته، وهو بالمناسبة يثير الدهشة في إصراره على استكشاف الجامعات، في أوروبا واستراليا وكذلك الصين! ليعبر عن تمثيل حقيقي لمستوى طلبة الجامعة حينما ينقل شهادة طلبة وأساتذة و «بروفيسورية» الجامعات هناك بأن جامعة الخليج العربي، تلك التجربة الخليجية الوحيدة التي نجحت، لها مكانتها العلمية والأكاديمية وكذلك سمعتها التي بلغت الآفاق.
في الحقيقة، لا يسع مثلي، وهناك أيضا غيري من الناس، إلا الشعور بالغبطة لإنجازات هذه الجامعة وإصرارها على المضي قدما وتجاوز صفحة الأزمة المالية التي عصفت بها منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي، وتكالب القريب والغريب على إجهاض التجربة! حتى أن الكثيرين توقعوا أن يغلق الفصل الأخير من حياة الجامعة بتعيين رفيعة غباش خلفا لعبدالله مبارك الرفاعي، ‘ذ كانت ستحمل – بلا شفقة – تركة ثقيلة، ثقيلة جدا.
لكن الجامعة لم تمت يا هذا! لقد دبت فيها الحياة من جديد ليعود إليها شبابها الدائم… بعطائها العلمي… إذا، ليس جميلا أن ننكر الجميل، ولا نقول، كما قالت إدارة الجامعة، لكل من ساند هذا الصرح، شكرا جزيلا، سيبقى الأمل في أن يحصل أولاد البلد على فرصة للدراسة في جامعة تحتضنهم ويحتضنونها.