سعيد محمد سعيد

من سجلات جامعة «خليجية»

 

بعيدا عن الجدل الدائر في الوقت الراهن بشأن موقف دولة الكويت الشقيقة من بعض الجامعات الخاصة في البحرين، واقترابا من نماذج الإصرار على تخطي أعتى العواصف التي تمر بها أية مؤسسة أكاديمية في العالم، سنحت الفرصة لزيارة جامعة الخليج العربي في أمسية رمضانية شملت لقاء بين رئيسة الجامعة وأعضاء الهيئتين الأكاديمية والإدارية بها، وكذلك مجموعة من طلبتها وعدد من المدعوين من كبار الضيوف الذين كانت لهم مواقف مشرفة في مساندة هذه الجامعة في أحلك الظروف التي مرت بها، لكن الملاحظة الأكثر إثارة للدهشة والاستغراب، أن رئيسة الجامعة رفيعة عبيد غباش، تمكنت من تحقيق نقلة، كما يقول أساتذة الجامعة وإداريوها وطلبتها، وعلى رغم قوة تلك النقلة لكنها تمت في صمت.

كيف هو الصمت؟ ولماذا الصمت؟

لا يمكن أن يفهم الصمت على أنه حال من الركود والغياب والعزوف عن ديناميكية التجدد العملي، بل هو صمت يصفه أحد الأساتذة بكلمة «القناعة» في أن تنتقل الجامعة من درجة الى درجة أعلى من دون ضجيج إعلامي أو بهرجة خطابية أو ما شابه. وربما اعتبرت أنا، وربما غيري، هذا الكلام من قبيل المديح «النفاقي» أو من باب «مسكة باليس» كما يحلو للكثيرين استخدامها شعبيا لوصف كلام من يكيل المديح! غير أن الأمر اختلف تماما حينما قدم طالب أحد الطلبة وهو أحمد درويش شهادة تجربته في عدد من الجامعات التي واصل فيها دراسته، وهو بالمناسبة يثير الدهشة في إصراره على استكشاف الجامعات، في أوروبا واستراليا وكذلك الصين! ليعبر عن تمثيل حقيقي لمستوى طلبة الجامعة حينما ينقل شهادة طلبة وأساتذة و «بروفيسورية» الجامعات هناك بأن جامعة الخليج العربي، تلك التجربة الخليجية الوحيدة التي نجحت، لها مكانتها العلمية والأكاديمية وكذلك سمعتها التي بلغت الآفاق.

في الحقيقة، لا يسع مثلي، وهناك أيضا غيري من الناس، إلا الشعور بالغبطة لإنجازات هذه الجامعة وإصرارها على المضي قدما وتجاوز صفحة الأزمة المالية التي عصفت بها منذ مطلع التسعينات من القرن الماضي، وتكالب القريب والغريب على إجهاض التجربة! حتى أن الكثيرين توقعوا أن يغلق الفصل الأخير من حياة الجامعة بتعيين رفيعة غباش خلفا لعبدالله مبارك الرفاعي، ‘ذ كانت ستحمل – بلا شفقة – تركة ثقيلة، ثقيلة جدا.

لكن الجامعة لم تمت يا هذا! لقد دبت فيها الحياة من جديد ليعود إليها شبابها الدائم… بعطائها العلمي… إذا، ليس جميلا أن ننكر الجميل، ولا نقول، كما قالت إدارة الجامعة، لكل من ساند هذا الصرح، شكرا جزيلا، سيبقى الأمل في أن يحصل أولاد البلد على فرصة للدراسة في جامعة تحتضنهم ويحتضنونها.

سامي النصف

مبدأ فصل السلطات وحدة واحدة!

السلطات في الدول هي ثلاث حقيقية ورابعة اعتبارية هي سلطة الاعلام وقد جرت العادة في دول العالم الثالث ان تقفز السلطة التنفيذية على مبدأ فصل السلطات العام فترغم اعضاء السلطة التشريعية على رفع الايدي بالموافقة على كل ما يطرح وتجعل من تصطفيه من القضاة سيفا مصلتا على اعناق الابرياء ووسيلة لملء السجون بالمعارضين كما يتحول الاعلام فيها الى اعلام مطبل يرقص للطغاة ويبرر اخطاءهم الجسيمة.

وتظهر تجربتنا المعيشة في الكويت خلال نصف القرن الماضي العكس من ذلك تماما فقد امتدت صلاحيات السلطات الاخرى على حساب السلطة الأولى «التنفيذية» فرأينا التدخل اليومي لبعض النواب في اعمال الوزراء والوزارات كما تفننت بعض الاحكام القضائية في نقض قرارات السلطة التنفيذية دون دفوع منطقية، وفرضت السلطة الرابعة في كثير من الاحيان اجندتها على رجال السلطة الأولى فأبعدت بعض الوزراء على معطى هجوم الصحافة الكاسح عليهم.

وقد اصبح رجال السلطة الأولى تبعا لذلك هم المنفردين بالمحاسبة حيث تكرر عزلهم على معطى الاستجوابات المتلاحقة القائمة على اخطاء بسيطة بينما لم تشهد الكويت خلال نصف قرن من الزمن محاسبة علنية حقيقية لأحد النواب أو أحد رجال النظام القضائي في وضع فريد من نوعه في العالم اجمع حيث تفترض حقيقة كهذه ان رجال السلطة الأولى قد اصبحوا هم فقط من يخطئون بينما أصابت العصمة رجال السلطات الأخرى.

على هذه الخلفية كان «صراع الجبابرة» الفريد الذي شهدناه قبل ايام فقد كبرت لدى بعض رجال السلطة الثالثة (القضائية) عملية انتقاد اعمالهم خاصة انها تحدث للمرة الأولى في تاريخهم من قبل رجال السلطة الثانية (التشريعية)، كما كبرت بالمقابل لدى رجال السلطة الثانية ان يطبق عليهم للمرة الأولى في تاريخهم القانون ويدخلوا النظارة عند رفضهم دفع الكفالة المالية حالهم حال بقية المواطنين.

لذا فالمفروض – استفادة مما حدث – ان نرى فصلا حقيقيا للسلطات لا ان يتم التباكي على ما اعتبر مساسا بالسلطة الثالثة من قبل من يقفز يوميا على صلاحيات السلطات الاخرى، كذلك يجب ان نرى سريعا عمليات محاسبة علنية لمن يخطئ من رجال السلطتين الثانية والثالثة ضمن عملية الاصلاح المطلوبة من قبل الشعب في كل القطاعات ومن ثم التوقف عن اعطاء العصمة لمن لم يمنحهم رب العباد ذلك.

آخر محطة:
مبروك لابن مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية الكفء براك الصبيح تسلمه مقاليد «الكويتية» للسنوات الثلاث المقبلة وفقه الله ومن معه لايصالها الى بر الامان وجعلهم خير خلف لخير سلف.

سعيد محمد سعيد

مبروك… عمك أصمخ!

 

لو تحدثنا مع بعضنا بعضا بصراحة «عابرة»… أي بمستوى من الصراحة الذي لا يمكن أن تكون صراحة حقيقية إن جاز لنا التعبير… لو تحدثنا بتلك الصورة، لوجدنا أنفسنا نهاجم بعضنا الآخر بسبب الاكتشافات المهولة التي نعلم بها في قرارة أنفسنا لكننا لا نظهرها، وطامتنا الكبرى في هذه البلد، أن الشعارات تتقدم وتتسيد وتتصدر كل شاردة وواردة، لكن إن جئت للعمل الحقيقي، فعمك أصمخ يا سيدي، ومبروك علينا هذه النعمة.

كل ما حولنا أصبح يسير وفقا لشعارات المرحلة، وشعارات النائب، وشعارات العضو البلدي، وشعارات المؤسسة الدينية وشعارات الموالين وشعارات المعارضين، وربما ظهرت موجة جديدة من شعارات المجنسين، وأخرى من الباحثين عن المجد والصمود والرفعة بلا «وطنية حقيقية» ولا يحزنون، لكن ما يحزننا حقا، أنه أمام الحقائق، ندير رؤوسنا ونخفيها في التراب!

وبمناسبة إخفاء الرؤوس في التراب، ومن باب الترفيه عن أنفسنا مع قرائنا الأعزاء، أود التنويه إلى معلومة، وأعتقد أن الكثيرين علموا بها، وهي أن مجموعة من علماء الحيوان نفوا أن تكون النعامة، خلاف ما عرفه الناس عنها، تخفي رأسها في الرمال حينما تواجه خطرا.

المدهش في الأمر، أن علماء السلوك راقبوا النعامة جيدا… أخافوها بالسلاح فلم تستجب لهم… هددوها بالقتل وإهدار الدم، فلم تخف! وضعوها في القائمة السوداء… منعوا عنها رزقها ورزق عيالها… أرضخوها لقوانين أمن الدولة… أرهبوها بالتسفير… رغبوها في المناصب… كل هذه الأمور لم تمكن العلماء من إثبات حقيقة أنها تدفن رأسها في الرمال إطلاقا، بل حتى عندما ثبت بالدليل القاطع أنها متورطة في قضايا فساد مالي وأخلاقي، لم تدفن رأسها في الرمال، بل هي كالصخرة!

فعلماء الحيوان يقولون إن النعامة لا تدفن رأسها في الرمال، بل منحها الله القدرة على الجلوس وإخفاء قدميها ثم ضم رأسها تحت جناحها لتصبح لمن يراها من بعيد وكأنها صخرة، لكي تتقي الخطر وتنجو.

في ظني أن تلك القصة القصيرة المقحمة إقحاما، كافية لنفهم السلوك «الزوبعي» الذي يتمتع به الكثيرون في بلادنا! حتى أصبح الظاهر من العمل والمقصود من الفعل هو الكيد والتآمر! ومع شديد الأسف، فإن الكثير من الأسئلة النيابية ولجان التحقيق، والكثير من المنتديات والمحاضرات والملتقيات، بدت وكأنها جزء من كيد خفي، ليس من ورائه تحقيق المصلحة العليا للوطن ولا الأمر يدخل في إطار الحركة المطلبية ولا يحزنون.

الطامة الكبرى، وخصوصا بالنسبة إلى النواب، هي أن الآلاف من الناس المخدوعين اكتشفوا الآن أنهم خدعوا، والويل لمن خدعهم

سامي النصف

مجتمع الغضب

قضيت اجازة الصيف في لبنان وكنت اشاهد في مطاعمها الاخوة والاخوات اللبنانيين يملأ جلساتهم الفرح وتجلجل ضحكاتهم اركان المكان رغم محدودية دخولهم المالية ووفرة الصعوبات الحياتية بينما يكتفي بالمقابل بعض ابناء جلدتنا بالمراقبة بوجوه مكفهرة غاضبة رغم وفرة المادة والصحة الجيدة.

ظاهرة «الغضب الشديد» وعدم السعادة تستقبلك منذ اللحظة الاولى التي تطأ فيها قدمك معبر الدخول الكويتي من مطار وغيره وتعكس نفسها بحالة انفجار كبيرة عند حدوث اي خطأ صغير فتسمع صرخات رجال الامن او الجوازات او الجمارك وغيرهم ويلحظ حالة الغضب تلك الزائر الجديد في الشوارع والمطاعم ولدى موظفي الدوائر الحكومية.

ويندر ان تجد مقر عمل في بلدنا لا تكتنفه الصراعات والكلمات الغاضبة المنطلقة من كل الاتجاهات من زملاء تجاه اخوة لهم مما ينتج عنه عادة ضعف معدلات الانتاج والدفع بالكثير من الكفاءات الى عمليات التقاعد المبكر حيث ينتقل الغضب مع الغاضبين الى البيوت والدواوين والمقاهي.

وتعكس ظاهرة الغضب الكويتي نفسها بوفرة المنازعات في المحاكم وتفشي الطلاق وكثرة امراض السكر والضغط والقلب والقولون والموت المبكر، كما تنعكس بشكل آخر بوفرة حوادث السيارات وانتشار المخدرات لدى الشباب ممن يترجمون غضبهم بزيادة السرعة او تناول الجرعة او حتى القتل على معطى «الخز».

اننا في حاجة ماسة الى علماء اجتماع ونفس يدرسون ظاهرة الغضب المقيتة والمميتة ويرون ان كانت ظاهرة مستقرة تاريخيا في المجتمع الكويتي ام طرأت علينا في وقت لاحق وهل تسببت فيها اي متغيرات سياسية او اجتماعية حدثت لنا خلال الثلاثين عاما الماضية ولماذا؟

يتبقى التحسر الشديد على من لا يعرف معنى الحياة او سر السعادة فيها فيمضي به العمر سريعا الى القبر دون ان يترجم ما حباه الله من نعم الامن والمال والصحة الى سعادة دائمة تجعله لا يتحسر في شيخوخته او رمقات عمره الاخيرة على ما فاته من سنوات لا تعوض قضاها في الغضب والمنازعات التي ينتهي الاجل دون ان تنتهي.

آخر محطة:
يجعل الغربيون من اعياد الكريسماس نقطة تحول في مسار حياتهم فيتعهدون بالتوقف عن هذا الامر او ذاك، بودنا ان نجعل من عيد الفطر المقبل نقطة تحول لمن ابتلي بتلك الظاهرة فيستبدل مسار الغضب الضار بنهج الفرح المطيل للأعمار ولن يندم بالقطع.

سامي النصف

حكايات منتصف الأسبوع

مع القرار الموفق بتغيير العطلة الاسبوعية من الخميس الى السبت، تحول منتصف الاسبوع الذي تكثر فيه عادة الديوانيات من يوم الاثنين الى يوم الثلاثاء، والواجب ان تتحول أيام الدواوين طبقا للعطلة الجديدة، وأن يعلن عن ذلك تباعا بعد العيد مباشرة عبر وسائل الاعلام من صحف ومجلات.

يقال إن أهم مراحل عمر الطفل السنتان الأوليان من حياته، حيث يكتسب خاصية التعلم والذكاء، لذا ينصح بالاكثار من الحديث الهادف والعاقل معه وتدريبه على المهارات المختلفة، لدينا مازالت الجرعة الوحيدة التي يتلقاها الطفل العربي في تلك السن المهمة هي عمليات التخويف المتكرر له واظهار اللسان ومط حرف «الغين» طوال الوقت، ما يسبب له عملية تخلف عقلي شديد يصعب التخلص منه في مراحل لاحقة.

نتاج مثل تلك التربية الضارة ما نراه هذه الايام قائما في بعض برامج المسابقات الرمضانية على الفضائيات العربية المختلفة، فقد ظهر على واحدة منها سؤال مكتوب نصه هكذا «وزير العمل السعودي هو د.(…..) القصيبي، اذكر اسمه الأول».

وقد قرأ المذيع النابغة السؤال بالطريقة التالية «وزير العمل السعودي هو د.غازي القصيبي فما هو اسمه الاول؟! الغريب – كما أخبرني أحد الاصدقاء – ان المتسابق احتار في الاجابة وطلب تغيير السؤال!

مسلسلات الغرب «المادي» لا تستطيع قراءة أسماء ممثليها من سرعة مرورها على الشاشة كونهم لا يحاولون خداع أو غش المشاهد، مسلسلات رمضان العربية يضيع أول ربع ساعة منها في عرض بطيء وممل لكادر الاسماء مع أغنية مكررة ثم يعاد الأمر في نهاية المسلسل، ما بين الاسماء والاسماء نجد أن البطل يتكلم بحديث عادي لمدة دقيقة ثم تضيع أربع دقائق بعدها في «زومات» الكاميرا على وجوه الحاضرين لإظهار استغرابهم الشديد مما قاله.

كما أن المط والغش والتطويل تجعل تحرك الممثلين يصل من البطء أحيانا لدرجة أن بإمكانك أن تبدأ فطورك مع تحرك البطل من منتصف الغرفة باتجاه الباب وتنهي الفطور وهو مازال يمشي ويتوقف لينظر للأرض تارة ثم للسقف تارة أخرى، وكأنه مشغول بتفكير عميق، بينما هو يضحك في سره على خيبة المشاهدين ممن يفترض أن يهجروا من يحاول خداعهم.

آخر محطة:
سمعنا قبل الصيف تهديدات تظهر عواقب استبدال عطلة الخميس بعطلة يوم السبت، تغيرت العطلة هذه الايام فما بدّل أحد دينه لليهودية أو أطال معها زلفه واعتمر القبعة السوداء، فلنحسن الظن قليلا بقوة ديننا وبشدة إيمان أتباعه.

سامي النصف

حتى لا تقطع الرقاب في الكويت

حتى لا نصل إلى يوم نقطع فيه – لا سمح الله – رقاب بعضنا كما يحدث في العراق، أو يفجر بعضنا بعضا كما يحدث في لبنان، أو يقاتل بعضنا بعضا كما يجري في فلسطين، علينا ان نعلم ان شعوب تلك البلدان الشقيقة كانوا يرددون ان تلك الأمور لن تحدث لهم أبدا، فحدثت سريعا حتى قبل أن يجف حبر تصريحاتهم.

نرى أن هناك ظواهر أو حلقات متى ما اجتمعت في أمة انتهى بها الحال الى الدمار والخراب ومن ثم فكلما فككنا حلقة من تلك الحلقات ابتعدنا أكثر وأكثر عن الفوضى العارمة واحتمالات الحروب المدمرة، لذا فإبطال أول تلك الحلقات يقتضي منا العمل جميعا للحفاظ على «هيبة الدولة» واحترام النظام فلم يحترق وطن قط وتنعدم نعمة الأمن فيه إلا عبر هدم مبدأ توقير السلطات.

تفكيك ثاني الحلقات يقتضي ان نركز على ما يجمعنا كأبناء وطن واحد لا ما يفرقنا ومن ثم البعد عن الطرق اليومي على التباينات السياسية والاجتماعية والدينية المعتادة وتحويلها من ظاهرة جميلة موجودة في كل البلدان الى مشكلة مستعصية لدينا، كما علينا الا نستقصد الناس على معطى هوياتهم وانتماءاتهم المذهبية والاجتماعية وان ننأى بأنفسنا حتى عن النكات الفئوية الضارة والمدمرة حتى لا ينتهي المزاح بطعنات الرماح التي تمزق الأمة.

وتفكيك الحلقة الثالثة يوجب علينا الالتفاف حول اهداف واماني وطنية مشتركة فلا يجوز ان يصل التباين بين ابناء الوطن الواحد الى ان يصبح ما يبكي نصف الشعب يفرح نصفه الآخر والعكس صحيح.

أما تفكيك الحلقة الرابعة فيقتضي الحد من الولاءات البديلة التي تسوّق تحت ألف ذريعة وذريعة، فلا يسمح بولاء «فوق الوطن» أي تقديم ولاء أممي على الولاء للكويت، أو ولاء «تحت الوطن» اي تقديم مصلحة العائلة أو الطائفة أو القبيلة على مصلحة الوطن.

وتفكيك الحلقة الخامسة يوجب خلق مواثيق شرف اعلامية تضع نصب اعينها مصلحة الوطن اولا ومصلحة الوطن اخيرا، فالإعلام هو القادر على اطفاء الحرائق وتعزيز الانتماء للأوطان وهو القادر كذلك على العكس من ذلك.

واضعاف الحلقة السادسة يقتضي منع الاستحضار الخاطئ للتاريخ الحديث منه والقديم بحثا عما يفرقنا فقد حل الداهية هنري كيسنغر الإشكال المعقد بين مصر واسرائيل بثلاث كلمات نطقها بالعربية وهي «اللي فات مات» والواجب ان نفشي ونطبق ذلك المفهوم في العلاقة المتبادلة بين الحكومة والمعارضة من جهة والتكتلات السياسية والشرائح الاجتماعية بعضها مع بعض من جهة اخرى.

أما إبطال الحلقة السابعة فيكمن في الحاجة للتوقف عن الاختلاف «الحاد» على معطى ما يحدث في الخارج فما يحدث في العراق أو فلسطين أو أفغانستان أو إيران أو لبنان أو السودان.. الخ، هو شأن خاص بتلك البلدان ولنا بالطبع ان نبدي وجهات نظر متباينة فيه بحدود العقل والحكمة دون جعله اداة للفرقة والشقاق والتناحر فيما بيننا او ارسال «المتطوعين» لتعلم فنون القتل والنحر هناك.

آخر محطة:
يمكن استخدام نظرية «الحلقات السبع» سالفة الذكر لتقييم الأوضاع في الدول الاخرى فكلما زاد تواجد الحلقات في احدى الدول زاد خطر دمارها واقتتالها الداخلي وكلما قلت او انعدمت زادت معها احتمالات رسوخ عمليات التنمية والسلام الاجتماعي فيها.

سامي النصف

الحكومة الذكية

الحكومة الذكية التي نشير لها ليست حكومة الكمبيوتر والانترنت وغيرهما من وسائل الاتصال الحديثة كما تسمى في العادة، الحكومة الذكية التي نعنيها ونحن في وسط مشاورات اكمال الشواغر الوزارية هي التي تنتقي من تثبت سيرته الذاتية الذكاء الحاد والقدرات غير العادية التي تضيع وسط البحث عن التوازنات المختلفة ولإرضاء بعض التوجهات السياسية.

فالذكاء هو إحدى نعم السماء التي تختص بها قلة قليلة ونادرة من الناس تتسابق عادة الدول الاخرى والشركات الكبرى لتوظيفهم والاستعانة بهم لتحقيق الانجاز وتقليل السقطات وحصد النصائح المتميزة تجاه ما يطرح أمامهم من قضايا، ما يحدّ من منهاجية التجربة والخطأ والتصحيحات اللاحقة الواجبة.

في أوطاننا العربية أسيء بشدة فهم حقيقة ان الناس سواسية كأسنان المشط، حيث تناسوا أنها تختص بالمساواة في الحقوق والواجبات الانسانية والدينية حيث لا فرق بين أبيض وأسود أو عربي واعجمي، واعتقدوا بالمقابل أن لا فرق في القدرات الذاتية والمواهب الربانية بين الناس، لذا فلك أن تختار منهم ذوي الرؤية الضيقة المحدودة، وتترك من يمتلك الذكاء والنبوغ دون ضرر أو خسارة على البلدان، وتلك – حقيقة – إحدى مصائب دول العالم الثالث.

وكلما صغرت البلدان وقل عدد السكان قل معهم عدد الناس المتميزين ذوي العقليات الفذة والقرارات الحكيمة التي لا ترتبط بالضرورة بالشهادات الاكاديمية العليا، لذا فهناك حاجة ماسة لخلق مركز معلومات يختص بحصر الاذكياء منذ ايام دراستهم الاولى ومتابعة المتميزين في أعمالهم وأصحاب الكفاءات المحلية النادرة لوضعهم امام المسؤولين كي يختاروا منهم القياديين المستقبليين للدولة، وعندها سنرى القفزات السريعة في البلد والبدء في ملاحقة ركب الآخرين.

ان النهضة السريعة لكثير من البلدان والمؤسسات الخليجية قامت في أحد أهم عناصرها على الاستعانة بالمتميزين والاذكياء من مسؤولين محليين وخبرات وكفاءات عالمية كي يعملوا بتناغم مدروس لتحقيق الانجاز، ولا نحتاج في نظرتنا الاستشرافية للمستقبل الباهر، الا ان نستعين بالكويتيين المتميزين من مستودعات المعلومات وتشجيعهم على الاستعانة بالخبرات الاجنبية المتميزة كذلك للعمل معهم كي تقلع طائرة الوطن محلقة في الاجواء العليا، فتخف الشكوى وينتهي التذمر.

وإحدى مزايا الاذكياء قلة سقطاتهم السياسية، كما أن نتائج أعمالهم وافكارهم ستبهر الشعب، فتقل الاستجوابات والمناكفات الشخصية، كما سيملكون القدرات اللازمة تحت قبة البرلمان لمقارعة الحجة بالحجة، خاصة أن هناك 50 نائبا يقابلهم 16 وزيرا أي أن الكثرة العددية للنواب الافاضل تستوجب قدرات نوعية اضافية للمسؤولين.

آخر محطة:
قبيل ارسال المقال وصلني بريد الجريدة ومن ضمنه كتاب «ديوان المحاسبة مسيرة وتاريخ»، ولما كان الاخوة الاعزاء في الديوان وهم عين الشعب الساهرة على أمواله لا يتركون شاردة أو واردة أو خطأ دون رصده وتسجيله ولهم الشكر الجزيل على ذلك، نذكر لهم بعض الاخطاء البسيطة التي لحظتها خلال دقائق التصفح راجيا تصحيحها في الطبعات المقبلة، ومنها (1) صفحتا الغلاف مقلوبتان فوق تحت، كما أن الغلاف الانجليزي وضع للقسم العربي والغلاف العربي وضع للقسم الانجليزي، (2) صفحة 18 تذكر أن وصول أسرة آل الصباح للكويت عام 1613، وصفحة 47 تذكر أنه تم في عام 1711 (بالعربي والانجليزي)، (3) لا يمكن لوكيل الديوان العزيز عبدالعزيز الرومي ان يولد عام 1974 اذ ما كتب بعده أنه تخرج عام 1971 كما أتى في الطبعة الانجليزية، كما لا يمكن للمرحوم حمود المضيان أن يولد عام 1919 ثم يتخرج من مدرسة المباركية عام 1993 كما أتى في القسم الانجليزي من الكتاب، تلك الملاحظات الاولية والغلطات المطبعية لا تبخس معدي ومراجعي ذلك الكتاب المعلوماتي المهم جهدهم الطيب والمميز، فلهم الشكر المستحق.

سعيد محمد سعيد

حراس المدارس… المحبطون!

 

وردت تعقيبات واتصالات كثيرة من قبل حراس المدارس على العمود المعنون بـ «حراس المدارس… الحلقة المفقودة»، بيد أن نقطة الارتكاز التي اتفقت عليها الردود هي الآمال المعقودة على مسئولي الوزارة في النظر بشكل جدي في «الأزمة القائمة والمستمرة» بين الحراس وإدارتهم!

ونستعرض هنا بعض التعقيبات التي يلزم إيصالها إلى المسئولين في الوزارة، وخصوصا أننا نستبشر خيرا بتواصلهم معنا، فأحد الحراس يقول معقبا: «أتمنى أن تصل الرسالة إلى وزير التربية والتعليم فيما يخص حراس المدارس، نعم… لقد وصلت درجات الإحباط والحال النفسية السيئة للحراس من قرار التدوير المستمر (كعب داير) لفقدان الاستقرار الوظيفي والمعاملة السيئة للحراس. وحقيقة الأمر في تطفيش الحراس ترتكز على غياب تنظيم هذا القطاع على أسس إدارية سليمة، وايجاد قنوات اتصال بين الحراس والإدارة، لكننا نتمنى تدخل الوزير لإنهاء هذا الوضع السيئ».

ويذهب حارس آخر إلى القول إنه أحد الحراس الذين واكبوا بداية التجربة منذ صدور توجيهات سمو رئيس الوزراء لحل مشكلة العاطلين وإعطاء الفرصة للبحريني لإثبات وجوده في هذا المجال… لن أتكلم عن السابق فتلك حقبة ذهبت وذهب معها ماضيها، ولكنني أريد القول إن تجربة التدوير، هي في حقيقتها تعطيل للجهاز! ظهرت آثارها في صورة نفسية سيئة، وليست كثرة الإجازات من الحراس تعود إلى حاجتهم إلى الإجازة، بل بسبب سوء الحال النفسية.

وهناك آراء مضادة، فهذا حارس يقول إنه منذ بدء تجربة التدوير والجهاز يعيش حال اضطراب، ويوجه خطابه إلى زملائه الحراس بالقول: «انتبهوا إلى أنفسكم وإلى أرزاقكم واحمدوا ربكم»، وينتقد تصرفات بعض الحراس في تجميع «الربع» في المدرسة، وهذا لا يشمل كل الحراس طبعا، كما ينتقد أيضا إهمال بعض الحراس مستشهدا بحادث سرقة أربعة مكيفات في ليلة واحدة، وفي الليلة التالية تتعرض أنابيب الحمامات للسرقة، فأين الحارس؟

ومن بين الردود، ما كتبه أحد الحراس مشيرا إلى أن هناك مشكلة جديدة تتعلق بالإجازات السنوية لما مجموعه 12 حارسا، من طلب منهم أن تكون مدة الإجازة شهرا كاملا من دون نقصان أو زيادة.

على أية حال، وعلى رغم كثرة الردود، فإن إجماع العدد الأكبر من الحراس على سوء الحال النفسية، والتذمر المستمر والتخبط الذي يعيشه جهاز حراسة المدارس، يستدعي أن تكون هناك حلول يبادر بتقديمها المسئولون قبل الحراس، ولا نعتقد أبدا أن هناك مشكلة في إيجاد الوسائل التي تمكن المسئولين والممثلين عن الحراس من وضع حد لكل هذه المشكلات، حتى لا نخسر تجربة استبشرنا بها واعتبرناها واحدة من التجارب الرائدة في تشغيل الباحثين عن عمل… علنا نسمع كلاما طيبا بدلا من الصمت المطبق من قبل المسئولين.

سامي النصف

الكويت في فكر أميرها

أتى لقاء أمير الكويت واطفائيها الأول صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، بأبنائه رؤساء تحرير صحفنا المحلية ليلقي بالماء البارد على كثير من النيران التي أُججت في الفترة الأخيرة دون احساس بالمسؤولية أو الحرص على المصلحة الوطنية، ومن ذلك قول سموه «انني لا أرى، حقيقة، مبررا واحدا لكل هذه الممارسات غير المسؤولة، الا ان يُقصد بها جر شعب الكويت الى التصارع والتطاحن، وهذه أمور لن نسمح بها لأنها خط أحمر لا يمكن تجاوزه».

فما ان أُطفئت شائعة تنقيح الدستور حتى لحقتها على الفور أكذوبة حل المجلس حلا غير دستوري دون أن يُسأل من بدأ اسطوانات الزيف تلك عن مقاصده من اثارة البلبلة والفرقة في البلاد وسط الظروف الحرجة القائمة أو أن يحاسب من يكتب ما يسمع دون تدقيق أو تمحيص.

ومما قاله سموه في لقاء السابع من رمضان الهام، في اشارة الى هذه الشائعات المنتشرة والصراعات المتصلة: «ان مثل هذه الممارسات الخاطئة انعكست سلبيا على سمعة الكويت وشوهت نظامها الديموقراطي الذي نعمل جميعا على صيانته وتطويره خدمة للوطن والمواطنين». وقد يكون من الامور المحزنة حقا ان الكثير من الامور التي تسيء للديموقراطية وتشوه سمعتها أمام الآخرين تصدر ممن يفترض ان يكونوا أكثر الناس دفاعا عنها.

وقد ذكّر سموه في اللقاء المثمر ابناءه رؤساء تحرير الصحف بضرورة الحرص على علاقات الكويت بالجيران والاشقاء فمازلنا بلدا صغيرا تكمن مصلحته الاستراتيجية في الحفاظ على الاصدقاء والاكثار منهم لا البحث عن الاعداء، كما بيّن سموه ان توجه الدولة للخصخصة لا يعني تبني نهج الرأسمالية المتوحشة ومن ثم القبول برمي المواطنين دون عمل في الشوارع.

وقد كان تذكير سموه للحضور بأنه أقسم أمام الله والشعب على حماية البلد وصونه من أي شيء يؤدي للضياع أو الابتعاد عن الدستور أمرا حاسما لا يجوز بعده الركون للشائعات والاقاويل المغرضة، وعليه نرجو أن يرقب الشعب الكويتي مسارا جديدا بين الحكومة والقوى السياسية يقوم على نسيان الماضي وخلق أسس جديدة للعلاقة بين السلطات تبنى على الثقة المتبادلة وافتراض حسن النوايا اللذين لا غنى عنهما في أي علاقة انسانية صحية، ومن دون ذلك ستتوقف خطط التنمية ويتخلف البلد ونشغل بأنفسنا عن مخاطر الخارج.

آخر محطة:
نرجو أن يكون خطاب الأمير الكافي والوافي الاطفاء الاخير للنيران التي تشعل بين حين وآخر، كما نود ديمومة وانتظام مثل تلك اللقاءات الحميمة التي بددت كالضوء الباهر في دقائق شائعات مظلمة بنيت في أشهر عدة.

سامي النصف

الحرب قادمة فهل نحن نائمون؟!

هناك 3 سيناريوهات لما هو مقبل من أحداث ومواجهات محتملة بين الولايات المتحدة وإيران، وأعتقد شخصيا ان جميعها يدل على ان الخاسر الاكبر فيما قد يحدث هو أميركا، ومن ثم علينا كحلفاء وأصدقاء لها ان نطالبها بحل اشكالها مع ايران عبر الطرق السلمية والوسائل الديبلوماسية ومنهاجية الغرف المغلقة بعيدا عن التهديد والوعيد المتبادل.

السيناريو الأول هو بقاء الأمور ساخنة دون نزاع مسلح رغم التهديدات والتصريحات الغربية اليومية، وخسارة أميركا واضحة في هذا السيناريو كونه سيضعف من هيبتها في العالم ويظهرها كنمر من ورق خاصة أمام أعداء تقليديين مثل كوريا الشمالية وكوبا وحتى روسيا ممن يعتقدون ان المستنقع العراقي جعل الرأي العام الاميركي وممثليه في الكونغرس يرفضون تورط أميركا في حرب أخرى.

السيناريو الثاني حدوث ضربة عسكرية «جراحية» لأماكن محددة في ايران لا تخلق أي اهتزازات أو أضرار بنظام الحكم في طهران ومن ثم سيظهر بمظهر المنتصر خاصة عند قياس فارق القوى العسكرية والمادية والبشرية بين البلدين، وسيتم استغلال ذلك الانتصار لتلعب إيران دورا أكبر في المنطقة، وبالتالي خسارة أميركا في المحصلة النهائية لمثل تلك المواجهة، وقد يكون هذا السيناريو هو الاكثر احتمالا كونه الاقل ضررا على أميركا من السيناريوهين الآخرين.

السيناريو الثالث هو ضربة أميركية – ولربما بمساعدة اسرائيلية – كاسحة تستخدم بها احدث الاسلحة والقذائف المدمرة على مدى زمني أطول بشكل يهز صورة النظام في طهران ويضعف قبضته على الاطراف ما يمهد لخلق حالة أشبه بعراق ثان ستستغلها القاعدة وغيرها من منظمات ارهابية لاختراق ايران من الشرق والغرب، ومن ثم تخسر اميركا ضمن هذا السيناريو كونها ساعدت على خلق أكثر من قاعدة لتنظيم القاعدة عدوها الاول.

تتبقى قضيتان على هامش الحدث، الاولى هي ان عملية «الخداع الاستراتيجي» تتطلب الكثير من التحركات والتصريحات التي نراها ونسمعها ترسيخا لخديعة تكرار صيحة «الذئب، الذئب» أو «الحرب، الحرب» حتى يطمئن الخصم فتأتيه الحرب على حين غرة وقد حدث مثل هذا الامر مع العراق في الفترة الممتدة من 91 حتى 2003، القضية الثانية وهي الأهم هل نحن في الكويت مستعدون لاحتمالات نشوب مثل تلك الحرب وتداعياتها أم أن صراعاتنا الداخلية ستشغلنا – مرة أخرى – عن الاخطار المحيطة بنا؟!

آخر محطة:
قام الزميل محمد الحسيني بعمل مقارنة معلوماتية جميلة ضمن زاويته الشائقة «مواجهات يشهد عليها التاريخ» بين القائدين تشرشل وهتلر الذي يعتبر أخطر رجل عرفه التاريخ كونه تسبب في حرب عالمية راح ضحيتها 50 مليون انسان، بودي أن أشير في هذا السياق الى ما كتبه تشرشل في مذكراته من كلام خطير عن هتلر، وكيف تم السكوت عن تسلحه تحت سمع وبصر الدول الحليفة المنتدبة على ألمانيا حتى فاق بقوته قواتها مجتمعة، يقال ان دول العالم الثالث تشتهر بالاهمال في اداء أعمالها! على الاقل اهمالها لا يكلف الانسانية 50 مليون ضحية!