انتهى بالأمس المسلسل الشائق «الملك فاروق» وقد تابعت ما كتب عنه في الصحافة المصرية وما اتى في اللقاءات الإعلامية هناك وقد استغربت من قلة قراءة بعض كبارمثقفي مصر لتاريخ بلدهم الحديث وهو ما جعلهم يذهلون من الحقائق الجلية التي تكشفت في ذلك العمل الدرامي الرائع.
وما لم يقله احد فيما كتب لقلة القراءة ان د.لميس جابر زوجة الممثل يحيى الفخراني التي ادعت انها قضت 15 عاما في كتابة المسلسل قد قامت بالسطو الكامل والسرقة الأدبية المفضوحة على ما كتبه مستشار الملك وصديقه الشخصي الاعلامي كريم ثابت في كتابيه «ملك النهاية» و«نهاية الملكية»، اضافة الى ما اتى على لسانه في 93 صفحة من محاضر محكمة الغدر التي نشرت في ديسمبر 1953م والتي تضمنت وصفا يوميا حيّا لحياة الملك فاروق.
وهناك ضرورة في المسلسلات التاريخية لتطابق الشكل بين الشخصية الحقيقية والممثل المؤدي للدور وقد اساء العمل التلفزيوني لشخصية كريم ثابت الذي كان من اصول لبنانية، شديد البياض والأناقة، طويل القامة، ممتلئ الجسم وصديقا شخصيا لكثير من الملوك والرؤساء العرب وليس هلفوتا كما اظهره المسلسل، وقد كان كريم ثابت وزيرا وباشا وابن باشا ورئيسا لتحرير مجلة المقطم ومؤسسا مع الصحافي الوطني الوفدي احمد أبوالفتوح لجريدة «المصري» التي كانت الاولى في مصر حتى زمن الانقلاب أي قبل «الأهرام» و«الأخبار».
ولم يكن «بوللي» مدير الشؤون الخاصة ايطاليّا قحّا كما اظهره المسلسل، بل كان اقرب للممثل استفان روستي المصري ذي الاصول الايطالية، لذا بقي في مصر بعد ان رحل الملك فاروق الى ايطاليا وافتتح مطعما شهيرا فيها ويقال انه اخ غير شقيق للملك فاروق من علاقة غرامية غير شرعية تمت بين الملك فؤاد وزوجة كهربائي القصر اي والد «بوللي»، وقيل ان «فاروق» كان يعلم بذلك الأمر من والده لذا اصطفاه وجعله اقرب مقربيه.
ويذكر كريم ثابت في محاضر محكمة الغدر ان فاروق الرجل كان العدو الأول لفاروق الملك ويروي ان الملك لم يكن يستطيع النوم قبل بزوغ شمس النهار عندما لم تكن هناك فضائيات 24 ساعة مما جعله يقضي ايامه في الملاهي والمراقص لتمضية الوقت حتى الصباح، وقد تعلم فيما بعد القمار وأدمن عليه واصبح يقضي 10 و12 ساعة يوميا على الطاولة الخضراء دون اهتمام بشؤون الدولة مما كان بداية النهاية له.
ويضيف كريم ثابت في كتابه «ملك النهاية» الذي كتب مقدمته محمد حسنين هيكل ان «فاروق» لم يكن يعتني على الاطلاق بهندامه او ملابسه وكان فوضويا في اكله يعشق الحلو وعصير الفواكه طوال اليوم والمربيات والرز والمعكرونة، كما ان مستوى الاكل في القصر لم يزد حسب قوله على مستوى مطعم درجة ثالثة، ويوضح كريم ثابت ان الملك لم يكن طاغية او يأمر بقتل احد، إلا ان مزاحه السيئ يجعله يتلفظ بألفاظ اعطت عنه صورة خاطئة امام الناس فما ان يطرح احدهم خبر اختفاء احد الاشخاص حتى يبادر بالالتفاف الى كريم ثابت والقول ان هذا جزاء من يعادي الملك او ان الحفرة التي حفرناها قرب قصر المنتزه قد ادت غرضها ولم يكن يقصد الا المزاح، إلا ان تكرار ذلك الأمر اعطى عنه صورة الملك الطاغية او القاتل.
آخر محطة:
تم التطرق لحريق القاهرة في الحلقة الأخيرة ولم يكن ما ذكر حول ذلك الحريق المدمر الذي تسبب في النهاية بسقوط العرش دقيقا على الاطلاق وسنكتب عن الأسباب الحقيقية لذلك الحريق مما جمعناه من الوثائق المصرية ووثائق الخارجية البريطانية ولجنة التحقيق التي شكلتها السفارة البريطانية ومحاضر محاكمة احمد حسين زعيم حزب مصر الفتاة الذي اتهم و20 آخرون بإشعاله واستمرت محاكمتهم في العهدين الملكي والانقلابي.