سامي النصف

إلى وزير الصحة مع التحية

نوجه رسالتنا الى وزير الصحة عبدالله الطويل المعروف بكفاءته وديناميكيته وتجاوبه السريع مع اي مقترح فيه مصلحة للوطن والمواطنين بعد ان اصبح مسؤولا عن اهم ما يملكه اي انسان، بوعبدالرحمن لقد كتبت قبل مدة قصيرة مقالا عن كيفية انقاذ حياة ما يقارب 500 بريء ستحصدهم شوارعنا حتى نهاية هذا العام.

ان سبب وفاة هؤلاء الضحايا يرجع في البعض منه للمرور والبعض الآخر لوزارة الصحة حيث يتسبب البطء او التعامل الخاطئ في موت الضحية او إعاقتها، وقد شاهدت قبل ليلتين حادثا مروريا مؤسفا على الدائري الرابع وعدة سيارات اسعاف متوقفة في الزحمة المرورية على نفس الشارع محاولة الوصول اليه علما ان الفارق بين الحياة والموت يكمن في سرعة الوصول للمصابين وعلاجهم، ومقترحنا هو تطبيق ما هو معمول به في بعض الدول المتقدمة من استخدام الممرضين لـ«دراجات نارية» يمكن لها المرور بين السيارات وفوق الارصفة مزودة بالاكسجين وكل ما يحتاجه المصاب كي يمكن الوصول السريع للضحايا حتى قدوم سيارات الاسعاف البطيئة.

وإذا كان بعض الشباب يذهب ضحية لحوادث المرور فإن بعضهم الآخر يذهب ضحية للمخدرات وما نقترحه في هذا الصدد هو السماح للمختبرات الاهلية بالقيام بـ «فحوصات المخدرات» بدلا من حصرها بوزارة الداخلية حتى يمكن لكل ولي امر او رب عمل ان يرسل عينة بول لتلك المختبرات ويطمئن بعد ذلك على خلو الابناء او الموظفين المشكوك بهم من تلك الآفة القاتلة بدلا من الانتظار حتى فاجعة موتهم وفوات الاوان، اقتراح بسيط معمول به في الدول المتقدمة ولا يحتاج إلا لقرار وزاري لتفعيله.

ووزارة الصحة كبقية الوزارات يمر عليها وزراء يتركون اثرا ملحوظا وعابرون لا اثر لهم ونرجو ان يكون الوزير الحالي احد المؤثرين في مسارها، فيما يخص العلاج بالخارج، نرجو من الوزير الفاضل ان يقارن فواتير علاج مواطنين ذهبوا لإنجلترا او ألمانيا وغيرهما على حسابهم الخاص والفواتير التي تقدم من نفس المصحات ومن نفس الاطباء لتقديم نفس العلاج لوزارة الصحة الكويتية ومكاتبها في الخارج وسيجد معاليه وبشكل واضح ان الفارق يصل الى 10 اضعاف مما يظهر بشكل جلي ان هناك فسادا مستشريا تستحصل من خلاله الاموال الحرام بدلا من ان يستفيد المرضى من هذه الأموال المهدرة.

آخر محطة:
دعوة لزيارة مكتبة عبدالعزيز البابطين أوجهها لأبنائنا الطلبة بدلا من التكدس في مكتبة الجامعة، وأوجهها للاعلاميين عامة وللمصريين خاصة للاطلاع على الصحافة العربية والمصرية القديمة والاعداد الأولى منها فالقراءة بها متعة وتعلم، كما أوجه الدعوة لأصحاب التخصصات المختلفة حيث تحتوي المكتبة على مخطوطات نادرة في العلوم الإنسانية اضافة الى الانترنت المجاني للبحث والاطلاع والاطلالة الجميلة على البحر والخضرة.

محمد الوشيحي

النفاثات في العقد

يتساقط شعر احداهن، فتصرخ أمها:  عين أصابتها، وتترك لسن وحدهن «البنيّات» من يصاب بالعين، البنايات كذلك…. مبنى المجمع النفطي الواقع في منطقة الشويخ والذي يبلغ ارتفاعه التسعة عشر طابقا، اصابته العين، وتحول إلى نحس و«قبّسة» من النوع الفاخر على كل من تراوده نفسه من الوزراء بافتتاحه، ويبدو ان «العين» هذه جاءت بسبب الكاميرات الموضوعة على بوابات المجمع للسيطرة على دخول وخروج الموظفين والموظفات، الامر الذي يدفع بعض الموظفات هناك لاضاعة الوقت في ترتيب الماكياج قبل الصورة، بينما تقرر اخريات الوقوف امام الكاميرا من دون ماكياج. «ذنب المراقب على جنبه».
قبل سنتين، تقرر تأجيل افتتاح المبنى بسبب موت امير القلوب الشيخ جابر، رحمة الله عليه، إلى ما بعد فترة الحداد، وقبل الافتتاح «المؤجل» حُل البرلمان  وسقطت الحكومة ولم يعد وزير النفط الشيخ احمد الفهد إلى منصبه، بعد ذلك جلس الشيخ علي الجراح (او علي اليرّاح كما يسمي نفسه) على كرسي الوزارة وقرر بكل ثقة ان يكون الافتتاح في يوم ذكرى اطفاء اخر بئر بترولي محترق، اي في السادس من نوفمبر لعام 2007، فاستجوب واستقال، وجاء بعده محمد العليم بصورة موقتة، ثم تبعه بدر الحميضي كوزير اصيل للنفط، لكنهم «استقالوه»، كما جاء في مانشيت جريدة «الراي» يومها، دون ان يفتتح المبنى، ومنذ ذلك الحين والمبنى لم يفتتح رسميا.
الآن، عاد محمد العليم للوزارة، وبصورة موقتة كالعادة، وتقرر افتتاح المبنى في الخامس من فبراير المقبل، وانصح بألا نرفع ايدينا من قلوبنا قبل ان ينتهي الافتتاح على خير، دعواتكم معي ومع معالي الوزير العليم: اللهم لطفك وعطفك، هونها يا ارحم الراحمين.
الجميل في الموضوع، ليس في ارتفاع كلفة افتتاح المبنى بعد سنتين من استغلاله، لا، الجميل هو ان المبنى ورغم فخامته والمساحة الهائلة لصالاته وقاعاته، إلا ان حفل الافتتاح سيقام في خيمة تنصب امامه، خيمة عرس، يبدو انهم يخشون سقوط  المبنى… «قل اعوذ برب الفلق».

 

 


 

وصلتني رسالة، على هيئة مقالة، صيغت بطريقة لفتت نظري، اضافة إلى احتوائها على معلومات نفطية تستحق النشر:

«تحسين بك السُمعة»

تفاعلا مع مقالتكم يوم الخميس قبل الماضي، يبدو ان مؤسسة البترول الكويتية قد اتخذت بالفعل عدة خطوات ضمن مشروع «تحسين السمعة» – اسم المشروع النفطي وليس اسم «حلاق»  -ابتداء بالابنة غير البارة وسيئة السمعة «شركة الناقلات» ذات السيرة غير الحميدة وذلك لكثرة تداول اسمها ونشر عرضها في كافة وسائل الاعلام المقروءة، والمطبوعة والمنتديات الالكترونية المحلية والاقليمية وكذلك مختلف المجالس والدواوين ابتداء من مجالس «إعيال بطنها» الكرام إلى مجالس متوسطي الدخل وذوي الدخل المقرود وانتهاء بابناء الطبقة المسحوقة، وكذلك تسببت تلك المتهورة بأزمة سياسية طاحنة خلال الصيف الماضي اطاحت بوزير النفط، ومازالت الوزارة بلا وزير فعلي منذ ثمانية اشهر حتى الان، طاحت ببطن «العليم» اذا تمت الاشادة فهو المسؤول، واذا حصل انتقاد فهو غير مسؤول.
ومن هذا المنطلق وكما رأت الأم «المؤسسة» فضحيتها واستحالة تقويم سلوك ابنتها «الصايعة» – الناقلات – اتخذت استراتيجية فريدة من نوعها وهي تشويه وفضح  ابنتها بصورة اكبر واشمل لعل ذلك الأمر يردع باقي اخواتها «الشركات الاخرى» لكي لايسلك احد منها هذا السلوك المشين، ولعل خسارة بنت واحدة خير من خسارة عشر بنات «مجموع شركات القطاع النفطي». وذلك تطبيقا لاستراتيجية التفريخ العالمية الشهيرة «بيض الخفقع وفرخ الخعنفق النفطية».
ورجوعا إلى تطبيقات الأم على الابنة غير المحتشمة، بغرض فضحها وتدنيس ما تبقى لديها من شرف اقامت المؤسسة ولذر الرماد في العيون – باعادة تشكيل صورية لمجلس ادارة الشركة في اكتوبر الماضي على طريقة «تيتي تيتي، زي ما رحتي جيتي» حين اعيد تعيين 4 اعضاء من اصل 7 اعضاء المجلس الادارة السابقة الذي اشتهر بالتضارب بالآراء والايدي داخل وخارج قاعات الاجتماع، ولكن في حقيقة الامر تمت اعادة تعيين 6 من اعضاء مجلس الاعيان السابق، اذا استثنينا استبدال نائب رئيس مجلس الادارة السابق «مازال يحضر للشركة من دون اي صفة على الطريقة الحميضية» بشقيقه نائب مجلس الادارة الحالي والمشكوك في قدرة وكفاءة كليهما، «قال: طلقها واخذ اختها، قال: «ولعنة بالاثنين» – كما تم استبدال واخيرا وبعد نجاح منقطع النظير استمر لمدة 16 عاما رئيس مجلس الادارة السابق بقيادي تنفيذي سابق بالشركة وذلك بناء على توصية الرئيس السابق (اشكره) ولا اعلم ماذا يستطيع ان يفعل هذا القيادي حاليا في مجلس الادارة وهي الشركة التي استمر بالعمل فيها لمدة 25 عاما عجز فيها ان يفعل شيئا، وما علاقة عمله الحالي في مجال العقارات الخاصة و«ادارة المنتزهات» بالتطلعات المستقبلية للشركة والتي تحتاج غالبية قيادييها إلى نزهة من نوع آخر طويلة المدى.
المقصود هنا ان الشخصين السابقين يتشابهان بميزة الشلل الاداري، وهما يذكراني بأحد مشاهد الراحل العظيم حسين رياض، حيث يكون مصابا بالشلل الجسدي وفقدان القدرة على  النطق، فقط يسمع ويرى حيث تقوم زوجته الخائنة وامام عينيه بتبادل القبلات ومعانقة عشيقها وهو جالس يتحسر على كرسيه لا يستطيع القيام او الكلام، فقط يسمع ويرى كحال القياديين السابقين، وان قام بعمل اي شيء او تغيير كان إلى الاسوأ دائما.
وبناء على ما سبق وبحسبة بسيطة يتضح ان المؤسسة «الأم» قامت باستبدال عضو واحد فقط وللاسف قد يكون افضلهم، بعضو واحد جديد قد يصبح افضلهم ايضا. وقامت باسترجاع كافة الاعضاء السابقين وخلال المجلسين الماضي وقبل الماضي بطريقة او باخرى بتبادل المراكز بين الاشقاء تارة والاقارب تارة او بضغوط المراجع العليا واصحاب الفكر الرفيع تارة اخرى.
ولتلخيص ما سبق نوجز بان الام «المؤسسة» رأت ان ابنتها سيئة السمعة ترجع ليلا مرتدية عباءة وتلبس تحتها مايوه قطعتين بكيني لونه احمر، فقامت بتعريتها وصفعها امام اخواتها واهل الحي وقالت لها: يا ابنة…، في المرة المقبلة ارتدي بكيني اخضر وليس احمر تحت عباءتك؟!
يجب على الام «المؤسسة» ان تمارس دورها وتقوم باعادة الشركة إلى وضعها السليم ومقارنتها بنظيراتها ذات الصناعة وكيف اصبحت دول الخليج والمنطقة ومدى استفادتهما من ثورة سوق النفط التي قد لا تتكرر – والبدء في اتخاذ اجراءات فعلية لتغيير القيادات الخزعبلية المسيطرة على اهم ادارات الشركة، من اكثر من 15 عاما وذلك من دون اي فائدة تذكر سوى ارضاء للواسطات، او صبيان الادارة او بعض نواب الامة المخربين الذين لا هم لهم سوى تعيين وترقية اقربائهم على حساب مصلحة العمل وعلى حساب الكادحين والمستحقين للترقيات وتولي المناصب بشكل فعلي بالشركة بعدما كان السيد «عبدالنواب» خير معين في تدمير الشركة – والاقتراب من القضاء عليها، ولعل رئيس مجلس الادارة الحالي والذي لم يكن بعيدا عن الشركة بحكم عمله السابق بالمؤسسة يعي ويقدر حجم المسؤولية الملقاة عليه وليس على اي احد غيره في النهوض بالشركة وتحسين سمعتها بطريقته وليس عن طريق مشروع «مشروع تحسين بك السمعة» وإلا سيكون مصير الثلاث سنوات المقبلة لمجلس ادارة الشركة لا يختلف كثيرا عن الماضي في كثر الكلام والتصريحات الصحافية والصور والمقابلات والتسريبات وقلة الاعمال والافعال الحقيقية.

 

سامي النصف

الأمير الإنسان

مع حلول الذكرى الثانية لتسلم سمو أمير البلاد المفدى الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم في البلاد يلحظ الجميع قفزات حضارية مميزة الى الأمام شهدتها تلك الفترة الزمنية القصيرة كاطلاق الحريات الصحافية وتعديل الدوائر الانتخابية وغيرهما من مكاسب وطنية تضاف الى سجل سموه الناصع ابان فترة توليه رئاسة الوزارة بالتفويض وبالاصالة وقبلها تولي وزارة الخارجية والادارات العامة في الدولة منذ الصغر.

وإلى جانب الانجاز العام هناك الجانب الشخصي والانساني الرائع لصاحب السمو الأمير حفظه الله يعلم به من عرف سموه عن قرب أو اشتغل معه والذي قد يخفى على البراعم الكويتية الناشئة بسبب صغر السن واتساع رقعة العمران وزيادة عدد السكان مما قد يحول دون اطلاعها على تلك الجوانب المضيئة لسموه.

وأول ما يلفت النظر في سموه تواضعه الجم ووفاؤه وكراهيته الشديدة للكبر والتصنع، ومن دلالات ذلك قضاء سموه عطلاته في الحداق على سواحل عمان بدلا من التوجه لشواطئ الاثرياء ومنتجعات الأغنياء كالسواحل الفرنسية أو الجبال السويسرية أو بحور الكاريبي وغيرها.

وفي هذا يذكر سموه للاعلامي يوسف الجاسم في لقائهما الاعلامي الشهير على الطائرة أنه كان وأصدقاؤه السبعة يعيشون في غرفة واحدة على ذلك الساحل العماني المتواضع حيث يتولون شؤون أنفسهم بأنفسهم، كما ان سموه هو من يقوم شخصيا بتحضير عدة الحداق والاعتناء بصيده، وان اكثر ما يحبه في الحياة هو البساطة الشديدة والبعد عن التعقيد.

وصاحب السمو الأمير حفظه الله هو رجل حسم وحزم من الطراز الأول حيث يترك سموه عادة المجال وبكل رحابة صدر للآخرين للحديث المسهب والديموقراطي عن القضية المطروحة وشرح المواقف المتباينة، الا ان سموه لا يترك بعد ذلك الأمور سائبة بل يتبعها بقرار يحسم الأمور ويعيدها لنصابها الصحيح.

ويهتم سموه كثيرا بالخيار الاستراتيجي بعيد المدى، فلا يبحث عن الكسب الآني المدغدغ على حساب المصلحة العامة كما يفعل بعض الساسة ومن ذلك عدم رضاه بأن تقاس الأمور بالحسابات الرياضية البسيطة، بل يجب ان تضاف اليها المكاسب طويلة المدى للكويت وشعب الكويت، وهو ما كان خلف دعم سموه لعلاقات الكويت المتوازنة بين الشرق والغرب ودعمه للاخوة في الخليج والتي حصدنا مكاسبها اضعافا مضاعفة ابان رفع الاعلام الأميركية والسوفييتية على ناقلاتنا النفطية، ومرة اخرى عند اتفاق الشرق والغرب كحالة استثنائية في التاريخ على تحرير الكويت ومعها تسخير الأشقاء الخليجيين أرضهم وماءهم وسماءهم خدمة لذلك الهدف السامي مما قصر معاناتنا الى الحدود الدنيا وأنجز تحريرنا خلال 6 أشهر.

ولا يكتفي سموه بتحديد الاهداف ثم تركها للآخرين لتطبيقها بل يتبع دائما القول بالفعل عبر التحرك الديناميكي الذي يصل الليل بالنهار للوصول إلى الانجاز وهو ما كان يفعله ابان اهتمام سموه بالشأن العربي والعالمي حيث لم يعرف عنه توكيل الأمور للوزراء أو السفراء بل كان يتابع القضايا بنفسه مستقلا الطائرة من بلد إلى آخر حتى يتحقق الهدف ويحل الاشكال.

وقد استخدم سموه نفس منهاجية الديناميكية الذاتية في حل الاشكالات السياسية الداخلية – كما حدث قبل ايام قليلة – حيث دعا الاطراف المعنية ولم يخرجوا من مجلس سموه الا وقد حل الاشكال تماما مع متابعة لاحقة لصيقة مستعدة للتدخل في أي وقت لتذليل العقبات التي تطرأ تباعا، ان تلك الديناميكية والنظرة الاستراتيجية البعيدة والقدرة الدائمة على الحسم هي وصفة ناجحة من سمو الامير، حفظه الله، جربها في الخارج فنجحت واستخدمها في الداخل فاطفئت اكثر من مرة الأزمات الحادة المتلاحقة والنيران السياسية المشتعلة.

آخر محطة:
وضمن سيرة حياة سموه يتضح تفعيله الدائم لدورين مهمين أولهما دور «راعي السلم العالمي» لقضايا الخارج، ولو أنصف المجتمع الدولي لقلده أو رشحه لجائزة نوبل للسلام كونه أكثر استحقاقا لها من شخصيات حصدتها رغم ما عرف عنها من مشاركتها في الحروب وقتل الأبرياء، كياسر عرفات وشيمون بيريز واسحاق رابين ومناحيم بيغن.. إلخ، والدور الآخر هو «الاطفائي الفاعل» لاشكالات الداخل، وهذان الدوران لا يتقلدهما أو يتمكن منهما الا رجال الدولة من الطراز الفريد.

سامي النصف

إعلاميات

كنت قد انتهيت للتو من تسجيل حلقة للبرنامج الشائق «على مفترق الطرق» الذي تقدمه الدكتورة الفاضلة كافية رمضان بمشاركة نائب رئيس مجلس الامة د.محمد البصيري حول الذكرى الثانية لتسلم صاحب السمو الامير المفدى مقاليد الحكم والذي سيتم بثه مساء بعد الغد الاربعاء، عندما وصلتني رسالة حول توقيف برنامج الزميل الاعلامي المعروف يوسف الجاسم (6X6).

تحدثت مع الصديق يوسف الجاسم وقد بدا واضحا ألا علم لديه عن خلفيات القرار او اسبابه، كما تسلمت رسالة اخرى عن ايقاف برنامج الاخت كافية رمضان كما قرأنا في الصحف بعد ذلك ما اتى من اخبار ومقالات واسئلة برلمانية حول ذلك الموضوع.

وقد وجدت ان الانصاف يقتضي قبل الكتابة في الموضوع الاستماع للرأي الآخر فاتصلت بوكيل وزارة الاعلام الشيخ فيصل المالك الذي ابدى استغرابه من ردود الفعل المستعجلة على ذلك القرار «المؤقت» المتخذ منذ عدة اسابيع وقبل حلقة اشتباك النيباري والخنة في برنامج (6X6)، ومما قاله الصديق بوعبدالله ان الامر لا يتعدى توجيه الطاقات في الفترة القصيرة المقبلة نحو الاحتفالات الوطنية التي تعزز وحدة الصف واستغلال فترة التوقف لتقييم «كافة» الاعمال التلفزيونية من برامج حوارية وغيرها استعدادا لفترة ما بعد تلك الاحتفالات.

ان برامج (6X6) و«على مفترق الطرق» و«الديوانية» هي النافذة التي تعكس من خلالها الكويت وجهها الحضاري وخيارها الديموقراطي كما انها تدار بحرفنة تامة وبشكل متوازن ويمكن للوزارة بالطبع ان تتدخل وهذا حقها المطلق متى ما رأت ان هناك انحيازا غير مبرر او عدم موضوعية في تناول موضوع ما حيث ان تلك البرامج تبث في النهاية من تلفزيون الكويت الذي يسأل عنه مسؤولو الوزارة آملين بعودة سريعة لتلك البرامج الهادفة.

سيعتقد البعض بأن اختلاف طرفين يعني بالضرورة ان احدهما على حق والآخر على باطل، بينما قد يختلف اثنان كلاهما على حق او كلاهما على باطل، سكوت الاعلام العربي على ممارسات الطغاة الاباديين امثال البائد صدام وغيره هو ما شجعهم على التمادي في جرائمهم ضد الابرياء، لذا لم يكن مستغربا ان يتصدى قلم بارز على الساحة العربية هو قلم الزميل فؤاد الهاشم لإحدى الثوريات العربية بالانتقاد والتعرية.

كذلك لم يكن مستغربا ان تطبق وزارة الاعلام القوانين وتحيل الموضوع للنيابة، الدور الآن على القضاء الكويتي الشامخ في ان يعلن موقفا واضحا لا مواربة فيه من دعم الحريات الصحافية في الدولة وتعرية الطغاة العرب عبر ابراء ذمة الزميلة «الوطن» وكاتبها المتميز فؤاد الهاشم ودون ذلك سيحاول الطغاة رفع الدعاوى في الكويت لوأد الحرية في بلدنا بعد ان اشبعوها موتا في بلدانهم.

آخر محطة:
 (1) التهنئة القلبية للزميلين احمد وسليمان الجارالله بزفاف الابن سطام وادام الله الافراح عليهم.

(2) وامنيات قلبية بالشفاء العاجل لابن الزميل ثامر الدخيل في رحلته العلاجية للولايات المتحدة وعودة مباركة قريبة ان شاء الله مكللة بالنجاح والصحة.

احمد الصراف

الاحتجاج الليبي

من حق سفير أي دولة (صديقة) مخاطبة وزارة الخارجية والاحتجاج لديها إذا ورد في الصحافة المحلية ما يسيء الى دولته.
ولكن لا نعتقد أن من حق وزارة الإعلام إحالة الصحيفة والكاتب للنيابة إذا لم تكن الدولة التي تم التهجم عليها، أو على رئيسها، دولة صديقة للكويت ولقيادتها وتعاملها بالمثل.
منذ ما قبل الغزو بأشهر عدة، مرورا بفترة ما بعد التحرير وحتى اليوم، يمكن القول إن صحافة وتلفزيونات غالبية، إن لم يكن جميع، الدول العربية، لم تقصر أو تتخلف عن التهجم على الكويت وعلى رموزها ومصدر فخرها بمناسبة وبغير ذلك! وعلى الرغم من كثرة عدد المرات التي هوجمت فيها الكويت فإننا، وحسب تواضع علمنا، لم نسمع عن حالة واحدة قام فيها أحد سفراء الكويت في أي من هذه الدول بالاحتجاج لدى وزارات خارجيتها على ما يكتب ويقال ضد الكويت في وسائل إعلامها، أو طالب بإحالتها للقضاء للحكم فيها.
أما القول ان غالبية تلك الدول (الصديقة والشقيقة) محكومة من قبل أنظمة عسكرية ودكتاتورية وبالتالي لا قضاء نزيها أو عادلا لديها، فإنه قول غير مقبول، وليس عذرا.. فالمعاملة بالمثل قانون دولي وإنساني معروف. ولأن لدينا نظاما قضائيا جيدا فهذا لا يعني أن من السهل مقاضاة كتاب الصحافة الكويتية من أي طرف كان.. فمن غير الإنصاف أن يدفع أي طرف ثمن تمتعنا بنظام قضائي مميز، في الوقت الذي لا يحاسب فيه الآخرون على ما يرد في وسائل إعلامهم لأن قضاءهم رديء، فشرط المعاملة بالمثل هو الذي يجب أن يسود!.
إن وزارتي الخارجية والإعلام مطالبتان بالتروي في الهرولة لإحالة قضايا الصحافة المتعلقة بنقد أو التهجم على الدول الأخرى للنيابة في حال تكرار تهجم صحافة تلك الدول علينا، بسبب وبغير ذلك، ما لم تكن تلك الدولة دولة صديقة.
وبهذه المناسبة يمكن القول ان ليبيا، ونظــــامها، لا يمكن أن يصنفا ضمـــــن الدول الصديقة والشقـــــيقة، ليــــــس للكويت فقط، بل ولأي من دول مجـــلس التعاون.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بين الكاتب والنائب يفتح الله

بيني وبين السياسة محاكم وقضايا نفقة، أكرهها وتكرهني من أول نظرة، يصيبني اكتئاب نصفي لو دار الحديث عن السياسة لقناعتي بعدم وجودها في الكويت، ولذا فحديثنا عنها نميمة، و«الغائب حجته معه»، ومع كل هذا تتراءى لي «الخبيثة» في البرد والحر، والعلانية والسر، فأخوض فيها خوض المضطر، وأهاجمها هجوم «المحترّ»، مع يقيني بأنها جبل، إن وقعت عليه حطمني، وإن وقع عليّ، فالسلام عليكم ورحمة الله.
وللزميل، الكبير فكرا، صالح الشايجي «مقولات» تستفز المخ وخلاياه النائمة، كلّ مقولة منها تقول للأخرى: «الزود عندي»… إحدى مقولاته: «لا صاحب للكاتب»، فالكاتب من وجهة نظر الزميل «مبدأه، صاحبه الوحيد»، من وافق هذا المبدأ فهو «صاحبي» لهذا اليوم، ومن عارضه فهو «خصمي» لهذا اليوم أيضا، بصرف النظر عن الأسماء، فصاحبي اليوم قد يكون خصمي غدا والعكس صحيح. متابعة قراءة بين الكاتب والنائب يفتح الله

د. شفيق ناظم الغبرا

أحداث الشرق الأوسط هذا العام!

ليس من السهولة بمكان أن نتوقع كيف سيكون مصير المنطقة هذا العام، ذلك أن المقدمات لهذا العام لا تبشر بالوضوح، كما أنها تساهم بمزيد من التوتر وليس العكس. هذا العام هو عام للتصادم بين المشاريع وبين التوجهات في كل دولة عربية وبين الدول العربية نفسها، وهو عام التصادم بين المشروع الأميركي والمشاريع الرافضة له. إن ما هو قائم اليوم يميل إلى الارتفاع في حدة التصادم بين الأقطاب والأطراف. فكل طرف يتواجه مع الآخر، وكل فئة تقاتل الأخرى، وكل جماعة تقف في المرصاد للجماعة الأخرى. إن ما يقع مرض عربي وإسلامي عارم يحيط بنا من باكستان وإيران، حتى بيروت والعراق وغزة والصومال والسودان. متابعة قراءة أحداث الشرق الأوسط هذا العام!

سامي النصف

اللقاءات كبديل للاستجوابات

أكل اللحوم الحمراء أمر مسموح به في كل الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، إلا انه ليس من الحكمة في شيء اللجوء اليه متى ما ثبت انه يتسبب في الضرر الجسيم لمن يستخدمه كحال من لديه دهون في الدم أو مرض في القلب، ومن ثم فهناك «بديهية» تظهر ان السماح بالشيء لا يعني بالضرورة استعماله، هذا الأمر ينطبق كذلك على الاستجواب الذي وان أباحه الدستور، إلا ان ضرره الواضح على التنمية والوحدة الوطنية يعني وجوب استخدامه كآخر العلاج لا أوله، كما هو الأمر القائم منذ بدء العملية الديموقراطية حتى اليوم.

وتتسبب الاستجوابات والأزمات السياسية شئنا أم أبينا في عرقلة التنمية وتخلف الدول ولا أدل على ذلك من حال دول ديموقراطية عربية، كالعراق ولبنان والسودان والصومال، ابتليت بأزمات سياسية مشتعلة دائما وتنمية متوقفة ابدا، بل تظهر مؤشرات التنمية الاوروبية أن بلدان الأزمات السياسية المتكررة كما في ايطاليا واليونان هي الأقل انجازا مقارنة بالدول الاوروبية المستقرة سياسيا كحال سويسرا ولوكسمبرغ والنرويج وشمال اوروبا بشكل عام.

إن على ناخبينا الواعين أن يلوموا «بعض» النواب ممن يلجأون للاستجواب الكيدي أو المستعجل أو ما يهدفون من خلاله للتكسب الشخصي كونهم يعطلون قضايا التنمية في البلد ويتسببون في الضرر الفادح على المواطنين والناخبين (المتضرر الأكبر من ذلك التعطيل) بدلا من تشجيعهم والتصفيق لهم فرحين بما يسمى كذبا وزورا «عرس النائب» الذي هو في حقيقته «مأتم وطن» شبعنا من مواكب العزاء على قضايا التنمية فيه.

إن الاستجوابات القادمة والتي وُعدنا بها بعد عطلة الربيع ستقسم البلد مرة اخرى – شئنا أم أبينا – على معطى الفئوية كحال الاستجواب الأخير الذي لم يقصد بالقطع مؤيدوه او معارضوه المس بالوحدة الوطنية، إلا ان الشرخ قد تم والوقت هو وقت تضميد الجروح لا فتحها مرة أخرى.
 
إن استجوابا يقدم على معطى اعطاء الجنسية او يوجه لوزير التجارة سيقسم البلد مناطقيا «من تاني» لذا نطرح مقترح حل «اللقاءات بديلا للاستجوابات» كعلاج لهذين الاشكالين ومعروف ان الديموقراطيات المتقدمة «تبتكر» حلولا للاشكالات التي تواجهها.

إن بإمكان سعادة رئيس مجلس الأمة أن يرتب للقاء يضم سمو رئيس مجلس الوزراء والوزير المعني – وطاقم الوزارة إن لزم – والنائب الراغب في تقديم الاستجواب وممثلي الكتل الأربع، وعلى النائب المعني ان يقدم حججه وأدلته وبراهينه في ذلك اللقاء ويعطي بعد ذلك للوزير وطاقم وزارته مجالا للرد.

بعد سماع الرأي والرأي الآخر في غرف مغلقة وبعيدا عن الأضواء الإعلامية المؤججة يتم اتخاذ قرار من قبل المجتمعين، وجميعهم في العادة مخضرمون في السياسة ومشتهرون بالحكمة وحب الكويت، إما بتصحيح الوزير للأوضاع الخاطئة متى ما ثبت صحة طرح النائب أو اقناع النائب بسحب الاستجواب المزمع طرحه متى ما ثبت ان رد الوزير كان مقنعا للحضور، وبذا يمكن خلال ساعتين حل اشكالات توقف عادة حال البلد لمدة شهرين.

يتبقى ان امرا كهذا لا يعني عدم محاسبة المسؤولين التنفيذيين في مختلف المراكز الوظيفية، واول المبادئ التي تحتاج الى اصلاح وتصحيح: الاعتقاد الخاطئ السابق بأن الطعن في مسؤول ما يعني بالضرورة انتقاصا من مكانة من عيّنه، مما يضطره للدفاع عنه للرمق الأخير، ان على المسؤولين ان يكونوا اول المحاسبين لرجال السلطة التنفيذية وألا يسمحوا لهم بالوقوف على أكتافهم وسط بحور السياسة المتلاطمة فيغرقوا ويغرقوهم معهم وكم في بحرنا السياسي من ضحايا لمثل تلك المواقف الخاطئة!

آخر محطة:
الحل المقترح يعتمد على حقيقة ألا يوجد وزير قط يرغب في الوقوف على المنصة ومن ثم يتم اعطاؤه عبر اللقاء فرصة اخيرة لتصحيح الأخطاء لمنع الاستجواب، كذلك لا يوجد نائب قط يرغب في تصعيد الامور ووصولها لحل مجلس الأمة، ومن ثم فهناك كذلك فرصة اخيرة عبر ذلك اللقاء للوصول لحلول تستهدف قطف العنب لا قتل الناطور، وهناك فائدة أخرى لمثل تلك اللقاءات كونها ستكشف بشكل واضح وسريع من يدفع بعمليات التأزيم للتكسب الشخصي، حيث سينفضح أمام ممثلي الكتل البرلمانية وتصبح في حل من دعمه وتحقيق مطامعه.

احمد الصراف

السعر واللذة

قام انتونيو رانغل ومجموعة من العلماء الباحثين في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا بمراقبة عدد من المشاركين في تجربة تتعلق بردات فعل الاشخاص العاديين في ما يتعلق باسعار مختلف البضائع والسلع، وقاموا عن طريق اجهزة تصوير وقياس دقيقة لانشطة المخ MRI بمراقبة الاجزاء المختصة بقياس الرضا واللذة والقبول في المخ، فوجدوا مثلا ظهور اشارات قبول اكثر عند تذوق المشروبات ذات السعر المرتفع، مقارنة بتلك التي تحمل اسعارا اقل قيمة، وهذا ما تم التأكد منه المرة تلو الاخرى، حتى بعد تغيير الاسعار على زجاجات الشراب، حيث اظهر العقل قبولا اكبر للاسعار الاعلى، رغم ان الشخص نفسه سبق ان رفض الشراب نفسه، عندما كان مسعرا بقيمة اقل.
وهذا ما اقنع انتونيو رانغل وزملاءه في المعهد بأن الانطباع لدى المستهلك او مستخدم السلعة عن السعر الاعلى يعني دائما جودة اعلى.. وفي سبيل الوصول الى هذه النتيجة قام انتونيو باختيار عينة من 20 شخصا، واخضعهم لاجهزة القياس الدقيقة، وقيل لهم انهم في سبيل تذوق خمسة انواع مختلفة من المشروبات بأسعار يختلف ايضا بعضها عن بعض، ولكن في الحقيقة لم يكن هناك غير ثلاثة انواع من المشروبات، اثنان منها من النوع نفسه، ولكن بسعرين مختلفين!
فزجاجة وضع لها سعر 90 دولارا، وعرضت اخرى، ومن النوع نفسه تماما، بسعر 10 دولارات! وثالثة تم تسعيرها على اساس 45 دولارا، بينما ثمنها الحقيقي لا يزيد على 5 دولارات.
اشارات مخ المتذوقين العشرين بينت ردود فعل ايجابية، ورضا اكبر، عن المشروبات ذات السعر المرتفع، حتى للنوع نفسه من الشراب، كما ابدوا قبولا واضحا للشراب الرخيص عندما قيم بسعر اعلى بكثير.
وهذا يدل على ان تغيير سعر بضاعة او صنف ما الى الاعلى يعني دائما قبولا اكثر لجودته ونوعيته. وهذا يعني ايضا انك اذا اردت ان تجد منتجاتك رواجا اعلى وتزداد مبيعاتك فما عليك سوى رفع السعر.
ولكن هذا ليس صحيحا بالمطلق بطبيعة الحال، فالامر يختص بسلع محددة وبالافراد ولا علاقة للشراء المؤسسي بالامر، حيث يخضع لاعتبارات عدة اخرى.
كما يجب ألا ننسى حقيقة انه احيانا كثيرة يكون مرتبطا بجودة اعلى، فليس كل ما هو رخيص جيد، والعكس صحيح ايضا، وبالتالي نحتاج الى تحكيم عدة امور قبل الاقدام على الشراء الصحيح، ولكن من يهتم بمثل هذه الامور عند شراء هدية لصديق او صديقة، او عند شراء عطر جذاب الرائحة، او ربطة عنق رائعة الالوان مثلا!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

المعسكران الجديدان: المواطن و«اللا» مواطن!

 

كثيرا ما يضع «بعض» المسئولين كتابات الصحافة التي تحدد مواطن الخلل والتقصير والفساد في خانة «إهانة الحكومة»! وأن هذا النوع من الطرح لا طائل من ورائه إلا الانتقاص من حكومتنا وإظهارها بمظهر الأداء السيئ، وذلك – بحسب ظنهم وقولهم – ليس إلا حالة من حال العداء المقصود والمتراكم لتحقيق مآرب «أخرى».

سيبقى هذا القول، محصورا في دائرة رأي مفرد، أو جمعي، لكنه في اتجاه واحد! هو ذاته الاتجاه الذي لا تريده الحكومة، وأعلنته القيادة في أكثر من مناسبة، أن الصحافة هي المرآة التي تعكس واقع الحال، وأن هذه الصحافة الوطنية هي شريك رئيسي مع الحكومة في التنبيه إلى مواقع الخلل، بكل مسئولية وأمانة، على ألا يكون ذلك على حساب المصلحة الوطنية بتقديم المصالح الشخصية تارة، والنوايا الخبيثة تارة أخرى، تحت شعار الولاء الحقيقي، الذي يفضح دائما الولاء المزيف لطائفة أو لقوى سياسية أو لخطاب ديني «صفوي» مرة، وحاقد مرات مرات!

ومهما يكن من أمر، فقد تسبب الخطاب المؤجج لبعض النواب وبعض الخطباء وبعض الناشطين السياسيين في إثارة حال من الصراع اليومي بدأ يزداد مع ظهور أنموذج جديد من «الوطنية» القائمة على لفت نظر الحكومة إلى شخص أو إلى جماعة أو إلى عينة من المسئولين أو الشخصيات على أنهم الرمز الحقيقي والمثال الأكيد المدافع عن مصلحة الوطن، أما من دونهم من المواطنين فليسوا سوى «قوة» خطرة تعمل في السر والعلن لتقويض الحكم والعبث بمقدرات الدولة والشعب.

ولعل في خطابات النائب الشيخ جاسم السعيدي ما يمكن اعتباره «دينامو» لتشغيل آلة الصراع الاجتماعي الطائفي بعيدا عن أصول رأب الصدع والالتزام بالأدوار الدينية والاجتماعية والوطنية في معالجة قضية حساسة أو اختلاف في وجهات النظر سواء كان ذلك الاختلاف على المسار الديني أو السياسي! فاتخاذ أسلوب الخطب التأجيجية في صلاة الجمعة وإصدار التصريحات الصحافية النارية هو منهج خاطئ من دون شك، وهذا الأمر ينطبق أيضا على غيره من النواب والخطباء والناشطين السياسيين.

ولعل الخطير الملفت، أن هذا الصراع المقيت، المخفي الظاهر، الضعيف القوي، الطيب الشرير، قد أفرز، أو قل، ضاعف من الإفراز الطائفي في المجتمع ليشكل بالتالي معسكرين جديدين: الأول، هو معسكر المواطن المخلص لبلده، والثاني هو «اللا» مواطن الذي ما فتئ يسعى جاهدا لتدمير المشروع الإصلاحي، وهو معسكر لن يرتاح أبدا إلا إذا رأى بأم عينيه البلد، وهي تسير نحو مفترق طرق، أو لنقل مثلما تطرح بعض الخطابات «الخروج على ولاة الأمر».

لا الحكومة ستجني الثمار من وراء هذا اللغط، ولا المواطنين، أيا كان انتماؤهم المذهبي، فالدلائل الواضحة على أرض الواقع تؤكد أن المجتمع مهدد! وهذا التهديد مرده الى الخطابات التفتيتية من كل الأطراف التي تعي ما تفعل أو لا تعي… إذا، ما الحل؟

الحل في ألا تسمح الحكومة بنجاح أية محاولة لزيادة أعداد المنضمين إلى المعسكرين الجديدين: المواطن و «اللا» مواطن، فالدستور يقول إن المواطنين سواسية، وعدا ذلك، من ممارسات تخالف العرف الاجتماعي وتتعدى القوانين، فإن للدولة الحق في تقديم كل من تجاوز حدوده للمساءلة القانونية… ولوزارة العدل والشئون الإسلامية الحق في محاسبة الخطباء والأئمة إن ثبت عليهم الخطأ، وللسلطة التشريعية الحق في ملاحقة من يثبت عليهم الفساد والإضرار بالبلد… أما إن تركت كل القضايا للخطاب الديني اللامسئول أو للتصريحات الصحافية ذات الأبعاد البطولية، فقل… سلاما سلاما