فرض اللباس "المحتشم" من الإدارة الجامعية على الطالبات ليس إلا ممارسة سادية تهدف إلى تدجين الجسد الأنثوي وتوطئة لسجن العقل الإنساني للفتيات بغرض تمهيدهن كي يقرن في منازلهن برسم خدمة مشاريع قوانين حقوق المرأة التي تطبخ على نار التخلف في مطابخ مجلس الأمة بمباركة "الشيف" الحكومي.
يحسب كثير من الواهمين أن "قضية" لباس طالبات الجامعة لا يجوز أن تكون من أولويات الدولة ولا معنى لأن يقف النائب صالح الملا في ندوة الوسط الديمقراطي معترضاً على فرض الزي المحتشم…! هذا التسخيف لقضية حرية اللباس في الواقع هو صورة مبطنة لتسخيف قضية الحرية كلها، فاليوم اللباس المحتشم، وغداً الحجاب، وبعده النقاب، ثم الختام وحسن الخاتمة كما يتجلى في الوجه القبيح للإنسانية في قندهار طالبان حين تمارس عمليات الرجم في ملاعب كرة القدم في فترات ما بين الشوطين، أو كما حاول إظهارها الفيلم الإيراني "يوم رجم ثريا" الذي كتب عنه الزميل علي البغلي.
قضية الحرية واحدة ولا يمكن تجزئتها إلى قضايا أخرى مثل حرية التعبير وحرية العقيدة وغيرها من الحريات الشخصية إلى أن ننتهي بالحريات السياسية، فالفكر الليبرالي الإنساني يرفض التنازل عن الحريات الشخصية مقابل حقوق الأغلبية في ممارسة حق الانتخاب مع بقية الحريات السياسية، والسلطة لا تتمثل في مجرد صورة واحدة هي سلطة الحكم والإدارة السياسية، بل تصور نفسها بوجوه كثيرة، منها ما يسمى حق الأغلبية في البرلمان أو سلطة العادات والتقاليد أو سلطة الفكر الديني، فكلها أشكال متعددة وألفاظ مختلفة لجوهر واحد اسمه سلطة القمع واستلاب الإنسان من وجوده.
الطريق للحريات طويل وشاق في زمن هيمنة الفكر العشائري والطائفي بدول العروبة وفي زمن شعارات من شاكلة أنا الوحيد الذي امتلك الحقيقة الكاملة ونحن دون غيرنا الفرقة الناجية، فالنضال الحقيقي يكون بمواجهة سلطتين للقمع الأولى سياسية والثانية جماهيرية شعبوية مستلب وعيها الحضاري من قبل الأولى، وسبيلنا لتلك المواجهة هي الكلمة الحرة.