احمد الصراف

أخلاقيات العفاسي

الكل تقريبا يعتقد بمسؤولية شركات النظافة عن مشاكل العمالة والمتاجرة بقوتهم واستغلالهم، وما أدى إليه ذلك من وقوع اضطرابات وإخلال بالأمن وتشويه لسمعة الكويت دوليا. ولكن للأمور وجها آخر. فهناك، كما هو معروف، شركات جادة وملتزمة وأخرى خلاف ذلك، لكن تصرفات السيئة منها هي التي تطغى وتعطي الانطباع بأن الجميع سيئون!
في قانون العمل الحالي يعتبر مبلغ 40 دينارا الحد الأدنى للأجور. ولتعديل الوضع صدر قانون عمل جديد، لم ينشر في الجريدة الرسمية، يرفع الحد الأدنى إلى60 دينارا لرفع الظلم عن كاهل طبقة كادحة طالما حرمت من الكثير، ولكن هل سيتحقق ذلك من دون تبعات قاسية حتى عليهم؟ أشك في ذلك! ففي عقود النظافة مثلا، والتي تتطلب تشغيل آلاف العمال، هناك عقود سارية وعقود تم التوقيع عليها ولكن لم يحن وقت سريانها، وهناك كذلك عقود جار تسعيرها. وحدها الأخيرة لن يتسبب رفع الأجر من 40 إلى 60 بتدمير أوضاع الشركات الملتزمة بها أو الإضرار بعمالتها! أما العقود الحالية، السارية أو التي ستسري بعد فترة قصيرة، فلم يبين القانون الجديد الكيفية التي سيتم بها التعامل مع عمالتها، فمن جهة ليس بإمكان الشركات المنفذة رفع أجور عمالتها بتلك النسبة الكبيرة، وهي التي سبق ان وقعت عقود الحكومة على أساس 40 دينارا. كما أن ليس بإمكانها الحصول على عقود جديدة ودفع 60 دينارا كحد أدنى، ودفع 40 دينارا في عقد آخر. وإن أجبرتها الحكومة على رفع أجر الجميع ل‍ـ 60 دينارا فسيعرضها ذلك لخسائر كبيرة وقد يجبرها على التوقف عن العمل، وإن لم تجبر على رفع الأجر فإن هناك احتمالا كبيرا في لجوء عمال العقود القديمة للعصيان للمطالبة بمساواتهم بعمال العقود الجديدة، أو دفعهم لترك أعمالهم والتسرب للعمل في عقود العمالة الجديدة، علما بأن هناك عقودا حالية لن ينتهي العمل بها قبل ثلاث أو أربع سنوات. وبالتالي لا يتبقى هنا غير حل تدخل الحكومة لسد فرق أجور العقود الحالية إنصافا لشركات وطنية لا ذنب لها، ولحفظ سمعة الكويت وتعهدات مسؤوليها.
معرفتي بالسيد وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، أكثر الوزراء زهدا بمنصبه، وأكثرهم خبرة في مجال عمله، تقول إنه لا يمكن أن يقبل بإرضاء طرف على حساب طرف آخر. ومع إيماننا التام بأن العامل يستحق حد اجر أعلى بكثير مما هو سائد حاليا، لكن رفع الأجر يجب ألا ينتج عنه ظلم طرف أو أطراف آخرين من دون ذنب اقترفوه.
كما أن الحكومة مطالبة بوضع نظام مناقصات أفضل من الحالي، وأن تصنف شركات النظافة بطريقة صارمة، وتشطب الشركات المخالفة، مع التحفظ على عروض الشركات التي تتعرض أوضاعها المالية للاهتزاز، ولدينا أمثلة على أن ما يجري هو عكس ذلك!

***
• ملاحظة: بسبب رواسب الشك الساكنة في قلوب البعض، فقد كنا نضطر لتذييل مقالات محددة بنفي وجود مصلحة لنا في ما نكتب، بما في ذلك هذا المقال. ولبدء سريان مفعول تقاعدنا من «حي المال والأعمال» فإننا سنتوقف مستقبلا عن نشر مثل هذا النوع من النفي.

أحمد الصراف
[email protected]

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *