«غرفتي بكل امتداد، فايضة مثل انحساري، فوضوية مثل حلمي، مخلصة مثل انكساري، معشبة مثل الضلوع، ممطرة مثل الحنين، مزهرة مثل الرجوع عن الصحاب الخاينين.
باكية في كل حزني، دافية، حيل وحميمة مفعمة بالعطر، وأسمى قبل تسع سنين كانت سجن، مثل الزيف بارد بعد عشر سنوات صارت كون مثل الشعر، واعد دنيتي الأكثر أمان، وحضني الأصدق حنان.
عدت للوحدة الصديقة هنا بس أحس نفسي طير له حريته وظبي في محميته!!».
هذه بعض الأبيات التي ارتجلتها الشاعرة السعودية حصة هلال المليحان الشهيرة بــ «ريمية»، وليس مريمية، كما ورد في مقال الزميل علي البغلي الذي سبقنا في الكتابة عنها قبل أسبوعين. وكنا نود الكتابة عن «ريمية» قبل شهر تقريبا، عندما استضافتها الــ «بي. بي. سي» البريطانية، أثناء مشاركتها في مهرجان «شاعر المليون»، لتأثري العميق بشجاعتها وموقفها وكبير تضحيتها. فهي إضافة إلى ما تمتاز به من مقدرة على قرض الشعر ونظمه، صاحبة موقف ورأي حر قلما تتوقعه من امرأة منقبة. فهي مدافعة شرسة عن بنات جنسها، وتتمنى لهن الخلاص من سجن التقاليد التي وضعن فيها قسرا. وعندما سألها المذيع البريطاني، وهي المنقبة، عن رأيها في النقاب، قالت بإنكليزية واضحة وجميلة بأنها لا تؤيده! وبسؤالها عن سبب ارتدائها له قالت بأسى واضح انها تفعل ذلك من باب نكران الذات وتضحية منها لزوجها وإخوانها الذين سيتعرضون حتما لأذى كبير إن هي لم ترتده، بالرغم من عدم اقتناعها به.
وهنا يصعب على البعض، وخاصة من خارج «منظومة» المجتمعات الخليجية، الاقتناع بوجهة نظرها أو تبريرات ارتدائها الحجاب، ولكن من يعلم حقيقة الأوضاع هنا، وخاصة لسيدة في مثل عمرها، بعد أن أصبحت في أربعينياتها، وأم لأربعة أبناء، يعلم ما تعنيه كلماتها.
وقد ثار جدل في بلدها حولها بعد أن أظهرت تأييدها للاختلاط بين الجنسين في مكان العمل وبمجاهرتها بصوتها العورة (!)، ووصل الأمر الى تهديدها بالقتل على بعض المواقع الإلكترونية. وقالت انها ستأخذ التهديد على محمل الجد، وهي في حيرة مما طرأ على تصرفات الناس، فقد كانوا قبل سنوات بسطاء، وكان هناك نوع من الانفتاح، والآن أصبح كل شيء «أثقل» حتى أن البعض لا يسلم على قريباته اللواتي كان يسلم عليهن من قبل.
وورد في الأنباء مؤخرا أنها بصدد رفع قضايا في المحاكم على أولئك الذين هددوها بالقتل، ونحن هنا نؤيدها ونقف معها في مسعاها ونتمنى لها التوفيق في وقف التهديد ومعاقبة من يقف وراءه.
أحمد الصراف