صرح السيد بدر الحميدي، وزير الأشغال السابق (القبس 7/1)، والمتواجد حاليا في لبنان كسائح، بأن لبنان، الذي يعتمد كثيرا على السياحة، يعيش تحت سقف القرن الثامن عشر دون تطوير للبنية التحتية والكهرباء التي تنقطع لساعات طويلة في اليوم، والطرق المتهالكة التي تفتقد الإنارة، ويعاني من شح المياه، التي لا تزال تنقل بالصهاريج، كما تعاني من نقص التكنولوجيا، وخاصة الإنترنت. وقال ان لبنان يكلف السائح الخليجي أكثر من الدول الأوروبية، خاصة في ما يتعلق برسوم الممتلكات والضرائب.
كلام معقول بالرغم من تحفظنا على لهجة التهديد فيه، حيث كان من المفضل صدوره بلهجة الناصح المحب، إضافة إلى أن للأمر جانبا آخر، فمن يشتك. من وضع بلد فما عليه سوى التوقف عن زيارته، وهذا أكبر عقاب، إلا أن السيد الحميدي يعلم جيدا أن لبنان بلد ذو تركيبة عرقية ودينية خاصة، كما أنه يشكو من خلل ديموغرافي كبير، وقاسى الكثير من حروبه الداخلية لسنوات طوال، وآخرها حربه الأخيرة التي دامت 15 عاما، إضافة لموجة اغتيالات الكثير من قادته، كل هذا إضافة الى فقره في موارد الطاقة والفساد «التاريخي» لبطانته السياسية. كما أن السيد الحميدي كان وزيرا في حكومة الكويت، التي بلغت موازنتها الأخيرة 55 مليار دولار للصرف على شعب يبلغ عدده نصف عدد الشعب اللبناني تقريبا ومتخم بالنقد حتى أذنيه، ومع هذا يعاني من جملة مشاكل ليس من المفترض أصلا وجودها، كانقطاع الكهرباء المستمر في الصيف منذ سنوات، وهي المشكلة التي بدأت عندما كان الحميدي وزيرا في حكومة مسؤولة عن أمن المواطنين ورفاهيتهم في بلد لا تزال فصول مدارسه مكتظة بأكثر مما يجب من الطلبة وكثير منها متهالكة وقذرة، وخاصة في المناطق الخارجية. كما تعمل في الكويت أكثر من 2500 صهريج ماء، وهذا يفوق ما لدى لبنان منها. كما تعاني الكويت الفساد في دعم المواد الغذائية والأعلاف ومواد البناء، إضافة الى فساد القسائم الزراعية وزرائب الماشية. كما أن حكومتها، ومن واقع تجربتي الشخصية، عاجزة منذ سبعة اشهر عن توصيل الخدمة الهاتفية لمناطق حيوية مثل صبحان والشويخ، لأنها لم تقرر توقيع عقد الصيانة مع أي من مقاولي التركيبات، فأية سياسة «حكيمة هذه» وكيف نلوم لبنان وننسى أنفسنا؟ ولماذا لا يرسل السيد الوزير السابق، الذي لا ننكر احترامنا له، تصريحا مماثلا يتكلم فيه عن مشاكل بلده؟ وكيف لم يتردد البعض من شعبه في سرقته جهارا نهارا دون خوف من عقاب في عشرات الحالات المعروفة أطرافها، ومنها السرقة الشهيرة من ميزانية طوارئ الكهرباء التي رصد لها أكثر من 400 مليون دينار، وفضيحة محطة مشرف التي ضاعت فيها المسؤولية، وأرض الدولة المجانية التي تحولت لمشروع أولمبي يدر الملايين سنويا على من لا يستحق، وغير ذلك الكثير مثل الخدمات البريدية الأسوأ في آسيا، والوضع الصحي المتردي، وغيرها الكثير جدا.
من حقنا لوم لبنان لتأثير وضع خدماته السيئ على راحة و«وناسة» البعض منا خلال شهر أو شهرين في السنة، ولكن ماذا يا سيدي الوزير السابق عن معيشة شعب كامل طوال السنة؟ ولك محبتي.
أحمد الصراف