للسنة الخمسين على التوالي شكلت وزارة الاوقاف لجانا للسفر إلى الخارج لاختيار ائمة ومؤذنين للعمل في الكويت، ومواجهة العدد المتزايد من الطلبات على شاغلي هاتين المهنتين. كما بين المصدر امكانية استحداث لجان اخرى لاختيار الائمة والمؤذنين من دول غير مصر والمغرب، اختصارا للوقت والجهد. وهذا يعني زيادة تدين المجتمع وزيادة المرافق الدينية، كالمساجد! ولكن اين يذهب كل عام مئات الكويتيين «المتدينين» من خريجي المعاهد الدينية والتعليم الديني الجامعي، ومئات خريجي دور القرآن الذين لا يجدون عملا لعدم اعتراف الديوان بشهاداتهم؟ ولماذا يرفض هؤلاء العمل في افضل واشرف المهن الدينية، ذات الاجر الدنيوي العالي والثواب الاخروي الاعلى؟ ولماذا لم يتساءل كبير مسؤولي وزارة الاوقاف قط عن سبب تدني تواجد الكويتيين بين شاغلي هذه الوظائف عاما بعد آخر؟ واذا كان التدين بمثل هذا الانتشار في المجتمع الكويتي من واقع الطلب المتزايد على الائمة والمؤذنين، فلماذا تزداد في الوقت نفسه اعداد المنحرفين من الشباب؟ ولماذا تكتظ العيادات والاقسام الخاصة في المستشفيات بمدمني المخدرات؟ ولماذا يتكرر تحذير مسؤولي الشؤون من تزايد اعداد الاحداث المنحرفين في دور الرعاية؟
أفهم، وبصعوبة شديدة، عدم رغبة الكويتي في القيام بأعمال جمع القمامة وسلخ الماشية والبناء، ولكن لماذا هذا العزوف عن العمل كمؤذنين وأئمة؟
ولو استعرضنا الائمة الكويتيين، على قلتهم، والمؤذنين، الاكثر ندرة بينهم، لوجدنا انهم ينقسمون الى فئات ثلاث: القسم الاول نجدهم مؤدلجين، سلفيين، وغالبا لهم اهداف سياسية واضحة. وفئة ثانية تبحث عن الشهرة والثراء، اقتداء بما حصل عليه من تولى هذه الوظيفة قبلهم، واصبحوا مسؤولين كبارا واعضاء في مجلس الامة، اما الفئة الثالثة، والتي لا تكاد تذكر، فهي التي تقوم بعملها لوجه الله، او لأن لا عمل آخر تتقنه.
وفي هذه المناسبة نود ان نذكر بأن وزارة الاوقاف تضغط بشدة على ديوان الخدمة المدنية للاعتراف بشهادات «خريجي» دور القرآن! (القبس 6/9) ورفض الديوان مبني على حقيقة ان هؤلاء «الخريجين» لم يتعلموا لا الحساب ولا اي كلمة انكليزية، دع عنك دراسة الكيمياء والفيزياء، وحتى التربية الوطنية، وغيرها من العلوم الضرورية، فكيف تريد الاوقاف من الدولة الاعتراف بشهادات هؤلاء، وهم لا يعرفون غير قراءة القرآن والبعض من قواعده؟ والاهم من ذلك لماذا لا تقوم الوزارة بتوجيه هؤلاء للعمل كمؤذنين وائمة مساجد، اذا كانوا بكل هذا الفهم والعلم؟ ولماذا يصلح صوت المغربي كمؤذن، ولا يصلح صوت خريج دور القرآن للمهمة نفسها؟ واخيرا لماذا لا يود احد من آلاف العاطلين عن العمل، المسجلين لدى جهاز اعادة هيكلة وظائف الدولة، العمل في وزارة الأوقاف؟
أحمد الصراف