سعيد محمد سعيد

عدو الحكومة!

 

كبيرة هي المسافة الفاصلة بين رؤية قيادة البلاد لترسيخ أسس الديمقراطية وبناء المجتمع المدني، وبين أولئك «الخبراء الجدد» الذين تمرسوا في التأجيج، أو لنقل محاولة تأجيج المواقف، بين مؤسسة الحكم وبين أي ناشط سياسي أو كاتب أو خطيب يبدي الرأي تجاه موضوع معين، ليجعلوه في مرمى الصواريخ الموجهة إليه باعتباره «عدو الحكومة»!

ففي الوقت الذي يجب ألا ننكر فيه مكتسبات لا بأس بها تحققت منذ انطلاق المشروع الإصلاحي في البلاد، وفي صدارتها حرية التعبير والرأي بعيدا عن قضبان «أمن الدولة»، لابد من التحذير من ممارسات الخبراء الجدد الذين لا هدف لهم سوى صنع مجد هلامي لمصلحة شخصية، حينما يتحدثون بخطاب القمع، ويتحركون تحت لواء التخوين، ويتنفسون هواء التآمر الفاسد.

بين الحين والحين، يتصيد خبراء الوطنية الصادقة ورموز الولاء الحقيقي على خلق الله ما يمكن تصيده: كلمة تعبر عن رأي أو موقف أو وجهة نظر في مسألة من المسائل الكبيرة والكثيرة التي تحولت إلى ملفات تهم الحكومة والمواطن على حد سواء، ولا نية لأصحابها من الشرفاء إلا أن يقولوا للحكومة والناس: «إننا جزء منكم لكن وراء الأكمة ما وراءها». وحين يصدر النصح أو الموقف أو الخطاب من رموز سياسية وثقافية ودينية واجتماعية، فليس من الإنصاف أن نضعهم خلف قضبان التخوين والتحريض على كراهية نظام الحكم، والسعي لزعزعة الاستقرار… بل على العكس من ذلك، ثبت أن مواقف وممارسات الخبراء الجدد، من يرفعون راية مزيفة في الولاء الوطني ويرددون شعارات مجوفة لا طائل من ورائها إلا التهريج في صحيفة هنا، أو مؤتمر صحافي «معلب وجاهز للتحضير» هناك، أو ندوة وملتقى ليلفتوا الأنظار إلى حقيقة عملهم لمصلحة البلاد والعباد… ثبت أن أولئك لا تهمهم مصلحة البلد ولا تقع في قلوبهم قضاياه ولا ينوون إلا الشر.

قد يسأل سائل :»من هم أولئك؟»، ولسنا في حاجة إلى جهد جهيد لنقرأ بين الفينة والأخرى مقالا صحافيا يرقص رقصة الغانية في حفلة ماجنة، أو تصريحا صحافيا يزكم الأنوف نفاقا وتملقا وزيفا، وقد نجدهم وقد تصنعوا العفة ولبسوا لباس الأولياء الصالحين لينطقوا باطلا بكلمة باطلة لا يحتاج إليها الوطن، ولا تحتاج إليها القيادة.

وفي ظني، مضى عهد تقريب المنافقين واسباغ النعم والهبات والعطاء الدنيوي على وعاظ السلاطين، وجاءت حقبة العمل من أجل هذه البلاد التي يعتز أهلها بقيادتها الشرعية ويصونون حاضرها ومستقبلها كما صانوا ماضيها… ليس فينا نحن أهل البحرين عدو لحكومته… قد يكون بيننا من خانه النطق وخالفه الأسلوب وضاع في هواه، لكنه لابد ثائب إلى رشده، ومستيقظ من غفوة وغفلة، ولربما كان على أولئك الذين لا يستطيعون العيش إلا في بيئة التآمر واستعداء الناس على حكومتهم من جهة، وتقديم قائمة سوداء بأعداء للحكومة يعيشون على هذه الأرض الطيبة، أن يكفوا عن نفاقهم المكشوف المفضوح.

وأخيرا، كلمة لكل خطيب وكاتب وناشط سياسي تدفعه نواياه الحسنة ومسئوليته الوطنية للقول والبوح… أن يقول ويبوح طالما هو معتقد في صدق نواياه وإخلاصه لبلده، وأما الذين لا يعرفون «إلا الفتن»، فسلام سلاما!

نعم، بيننا من يريد أن يوصل إلى قيادتنا صوته، لكن ليس بيننا عدوا لها… فموتوا بغيظكم!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *