سعيد محمد سعيد

ملثمون… مسلحون!

 

إن كان قدرنا، وقدر بلادنا أن نعيش وتعيش في دوامة التلثيم والملثمين، فذلك قدر لا راد له إلا الله سبحانه وتعالى، ثم، بعد الله، يأتي الدور على الجميع… نحن جميعا، الحكومة أولا والشعب أولا والقيادات أولا، ثم نقاط الاختلاف والائتلاف ثانيا، وثالثا ورابعا وخامسا وعاشرا وربما إلى المليون… تتوالى النقاط الأخرى واحدة تلو الأخرى، بدءا بالمطالب الشعبية المشروعة، مرورا بالحال السياسية العامة في البلاد ومشروعية الحكم والنظام والعلاقة بين الحاكم والمحكوم من جهة، والعلاقة بين سلطة الحكم ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى… فلا بأس إن كثرة النقاط المتتالية، لطالما في البلاد قنوات، ومؤسسة تشريعية ونظام حكم وقيادات معارضة، قادرة على تنظيم الإيقاع الإيجابي من العمل في هذا البلد الكريم.

إن كان قدرنا أن نعيش في صورة التلثيم والملثمين، سنفقد هويتنا التي بدأت رويدا رويدا تصاب بالهوان والضعف! شئنا أم أبينا؟ فالمجتمع البحريني، الذي صار خليطا (خطير) الأبعاد، يغلي على مرجل… الآن، المرجل الأكثر اشتعالا وقلقا، تلك الصورة من الأسلحة، في يد أشخاص ملثمين أيضا… وإذا كان المسئولون بوزارة الداخلية قد نفوا أكثر من مرة وجود مجموعات تابعة للوزارة، من المسلحين الملثمين، فمن يكون أولئك؟

المعادلة التي سأسوقها هناك ليست منطقية إطلاقا، لكنها تبدو السائدة، وهي قائمة على سؤال رئيس: “هل ستكون المقايضة هكذا: وزارة الداخلية ومسئولوها يطالبون الأهالي في القرى والمناطق التي تشهد اضطرابات بإيقاف أولئك الملثمين أيا كانت مطالبهم، وردعهم ومنعهم عن الحرق والتخريب والتدمير (المرفوض قطعا وأنا شخصيا ضد هذه الأعمال) + الأهالي يطالبون وزارة الداخلية بإيقاف أولئك الملثمين المسلحين الذين يظهرون في بعض الأحيان في القرى والمناطق التي تشهد اضطرابات، أيا كانت الجهة التي ينتمون إليها وتدعمهم، فيجب ردعهم ومنعهم لأنهم أشد خطرا من العزل؟”… إن وصلنا إلى هذه المعادلة: قل على أمننا السلام؟ ذلك الأمن الذي تحسدنا عليه دول كثيرة، أصبح اليوم يواجه التحدي الأصعب.

تلك السيدة البحرينية، التي كتبت في إحدى المنتديات قصتها مع صديقتها الخليجية التي كانت تتجول معها بالقرب من أحد المجمعات الشهيرة حينما شاهدت مجموعة من الملثمين الذين يحملون الأسلحة ويطلقون النار في كل اتجاه لتصاب ويصاب الناس، كل الناس بالرعب والخوف، وجدت من يعقب على قصتها بكوميديا ساخرة، لا يمكن أن تتلاقى مع الدراما والتراجيديا… فمن معقب عليها بالقول: “هذا فيلم هندي”، وآخر وصفه بأنه فيلم “أكشن” أميركي، وآخر أرادها أن تصحو من نومها وتقول “خير اللهم اجعله خير” حتى تطرد الكابوس… ومن أطلق كلمته بالصوت والكلمة (بووووووووم) كأن ما قالته قذيفة مدوية… لكن هل كذبت؟

لا، لم تكذب تلك السيدة ولم نكذب، فلا نريد أن نكذب على الحكومة ولا نريد أن نكذب على وزارة الداخلية ولا نريد أن نكذب على بعضنا بعضا، ولا نريد حكومتنا أن تكذب علينا أيضا!… أنا باعتباري مواطنا، سأواصل مطالبة حكومتي بكل ما هو مشروع من حقوق وبكل ما هو مشروع من وسائل، لكني لن أتلثم وأحرق!

وفي الوقت ذاته، لن أسمح – كوني مواطنا أيضا – لملثم مسلح، أيا كان انتماؤه وأيا كانت أهدافه، لأن يعيث في بلدي فسادا… فالخروج على القانون لا يقابله إرهاب ملثم… وحرق إطار في شارع، لا يقابله حرق “أمن” بلد بكامله…

إذا كانت وزارة الداخلية ملامة، فقبلها الدولة ملامة، واللوم أيضا على الأبواق التي تصفق لأصحاب النوايا السيئة، والشخصيات الباحثة عن النفوذ والقفز على أكتاف المواطنين… والشارع أيضا ملام، لأن بعض قياداته لا تفرق بين ما ينفع الناس وما يضرهم!

جاء أولئك الملثمون، لا نعلم من أين، لكن، قطعا هناك من يعلم؟ وقد علم، بأن البحرين، لا تقبل الإرهاب أيا كان نوعه.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *