سعيد محمد سعيد

تحذير من تطرف الشباب (2)

 

جاءت خاتمة هذه الزاوية يوم الخميس الماضي بتساؤل هو: «هل يمكن السيطرة على تطرف الشباب مستقبلا؟ والإجابة كانت (لا)! ولكن لماذا الجزم بعدم إمكان السيطرة على حالات التطرف بين قطاع الشباب؟ ذلك ببساطة، لأنه لا توجد على مستوى الساحة الشبابية البحرينية، ما يشير إلى أن هناك اهتماما بهذه الفئة إلا من خلال التصريحات الصحافية، والتي تبدو للاستهلاك الإعلامي فقط، فيما لا يظهر على أرض الواقع إلا الشيء اليسير ما يمكن اعتباره «عملا» أو «خدمة» تدخل تحت مظلة رعاية الشباب وتنمية طاقاتهم وقدراتهم وتوظيفها التوظيف السليم.

وهذه النمطية من الاستهلاكية الإعلامية مضرة للغاية، فهي مع تكدسها على مر السنين، تلحق بقطاع الشباب خيبة أمل كبيرة، ومع أن موجة التطرف المقبلة التي ستنال الكثير من المجتمعات العربية كما يرى المهتمون بهذا القطاع، لا يمكن حصرها فقط في حدود الخدمات المقدمة لهذه الفئة، وإذا طبقنا الأمر على القطاع الشبابي في البحرين، فيمكن القول إنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام من ناحية التشدد، فهناك الشباب المنتمون إلى تيارات دينية متشددة، وهي فئة كبيرة وإن لم توجد بيانات إحصائية تدل على ذلك لنقص الدراسات المحلية في هذا المجال، وهناك فئة من الناشئة والشباب عدوانيي الميول بدأت تظهر ملامح وجودهم بشكل كبير في الحياة اليومية، وهناك فئة ثالثة وهي الشباب الذي ينتمي إلى التيار الديني المعتدل أو الخط المؤمن بالوسطية واحترام الحريات العامة ووجهات النظر المختلفة وهي فئة قليلة مع الأسف.

ولعل الصورة الأكثر وضوحا في المجتمع البحريني، هي تلك الحال التخريبية بين أعداد من الأطفال والناشئة والشباب الذين انخرطوا دونما بوصلة في أعمال العنف والتخريب والتحريق وفي ظنهم إنما هم بذلك يسيرون في مسار المطالبة بالحقوق، وليس من المقبول إهمال هذه الفئة، بل هي الفئة التي تستحق الاهتمام من قبل الدولة وأجهزتها، لكن ذلك لا يعني أبدا التساهل مع الممارسات العنيفة التي لا تستمد حركتها وتطبيقاتها من التحرك السلمي لطرح المطالب، بل والأصعب من ذلك، أنها تضر أكثر مما تنفع، وتثير المشكلات في الأحياء السكنية وفي حدودها وتوقع الضرر بخدمات المواطنين الذين هم منهم، ولا تتعدى مظاهرها حرق الإطارات وحاويات القمامة وتعريض الممتلكات العامة والخاصة للعبث سواء عند مداخل القرى أو داخلها، ذلك كله لا يمكن قبوله فقط من باب حصول هذا الناشئ أو ذلك على تسميات بطولية، وإغداقه بكلمات الفخر والاعتزاز بهذا العمل الصبياني لا أكثر.

لكن، هل هذه الفئة هي الفئة الوحيدة التي تمارس فعلا تطرفا خطيرا؟ أبدا، فقد ظهرت في الآونة الأخيرة أشكال من الممارسات المتطرفة في شكل توزيع منشورات طائفية في بعض المناطق، واستمرار صدور بيانات وخطب على منابر الجمعة وفي بعض المجالس والمحاضرات، تشحن الفئة المستمعة من الشباب ضد الفئة الأخرى، وتدفع الفئة الأخرى لاستمرار النهج العنيف، وتنشط بعض المنتديات ذات الأسماء المستعارة المتخفية وراء مقولات الدفاع عن الدين والوطن، وتنفخ في النار، وكلنا نعلم أن أكثر أعضائها هم من الشباب والناشئة صغار السن، الذين، من كلا الفئتين، يخرجون إلى المجتمع محملين بالشحن البغيض المدمر.

إذن، أين دور الدولة؟ أين دور علماء الدين من الطائفتين… سواء من يتوجب عليهم تحذير الشباب المتطرف… من المخربين ومشعلي الحرائق والاعتداءات المقلقة، أو أولئك المتطرفون من موزعي المنشورات وأشرطة الكاسيت والناشطين في الخفاء في بث نار الفتنة والعداوة بين أبناء الوطن؟

لا يمكن القول إنه لا يوجد دور للدولة أو لعلماء الدين أو للناشطين السياسيين أو للمعلمين والمعلمات، لكن ذلك الدور أقل من الطموح بكثير، ولا يتعدي مجرد لقلقة لسان إن صح التعبير… نحتاج إلى حلول بلا ريب، وربما أسعفنا المجال لطرحها قريبا

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *