سعيد محمد سعيد

«الخفاش» الأعور… والأصم خلاف خلقته!

 

وفقا لما تعلمناه منذ الصغر في مناهج العلوم، وما شاهدناه ونحن صغار في بعض البرامج التلفزيونية، فإن «الخفاش»، وإن كانت له عينان، لكنه يعتمد على الذبذبات الصوتية التي يصدرها وارتداد موجاتها في حركته وهجومه، لكن «الخفاش» الذي ابتليت به شخصيا، أعور، وفي ذات الوقت… أصم خلاف فطرته التي خلقه الله عليها؟!

لكن مشكلتي معه، أنه ما زال يصدر ذبذباته ثم ترتد إليه ليتحرك بغير هدى! فقبل أن أكتب يوم 12 مارس/ آذار الجاري في هذه الزاوية عمودا بعنوان: «فقأنا عين الخفاش»، كان أحد المجهولين يمطرني بالاتصالات الهاتفية في أوقات مختلفة، فمرة من بقالة، وأخرى من مطعم وثالثة من محطة بنزين أو من هاتف عمومي مدعيا أنه يريد أن يوصل صوته إلى المسئولين في «الوسط» ليكفوا عن الترويج للإرهاب والتخريب والحرق والاعتداءات، والنظر بعين الاهتمام إلى البيان الصادر من إحدى الجمعيات بشأن ازدواجية التعاطي الإعلامي مع حوادث العنف… فرحبت به مؤكدا على أن الطريق الأصح هو أن أقابله وجها لوجه، فمن عادتي ألا أخاطب مجهولين أو أشباح أو خفافيش! بل ولا أميل إلى طرح موضوع يتصل بطرف خفي! ثم ما الذي يمنع؟ كل القنوات المحترمة متاحة، وكلنا نعمل لصالح بلادنا… إن كانت النوايا صادقة وليست من قبيل الكيد المتخفي تحت الشعارات الوطنية.

وللأمانة، وفي ذات يوم نشر العمود، اتصل رئيس الجمعية المقصودة شخصيا، معاتبا تارة، مؤكدا حسن النوايا تارة أخرى، ومرحبا بالعمل معا من أجل المصلحة العامة، فأبلغته أن الصحيفة أيضا ترحب بالمبادرات التي تصب في مصلحة الوطن والمواطنين بالتحاور وتبادل وجهات النظر قبل (وأشدد على قبل) إصدار بيان من الجمعية، فالأبواب مفتوحة، لكنني قصصت عليه قصتي مع «الخفاش الذي فقأنا عينه» بالسمعة الطيبة للصحيفة بين مختلف الأوساط في البلد، فذلك الخفاش يتصل ليشتم ويهدد ويتوعد وليس لديه الشجاعة الكافية ليقول من هو أصلا؟ فأكد رئيس الجمعية أنه ليس من بين أعضائها من لديه هذا السلوك الشائن المتخفي وراء الاتصالات المجهولة، وأنه، أي رئيس الجمعية، يعتز بالعاملين معه، كما يعتز بأسرة «الوسط»، وعلى استعداد للعمل سويا لتقريب وجهات النظر.

لكن مشكلة الخفاش، الأعور والأصم في آن واحد، هي أنه يتمتع بنفس طويل وقدرة خارقة في مواصلة (مساعيه الوطنية المباركة)! لكنه لا يتمتع إطلاقا بشجاعة ولو بنسبة صفر في المئة في أن يظهر للعيان أو على الأقل يتصل من هاتف جوال بدلا من المطاعم والبقالات ومحطات البنزين والهواتف العمومية، بل وليست له الشجاعة لأن يحدد المكان الذي يريده هو للتحاور في الموضوع!فاتصل مجددا مطلقا صرخة مدوية اتبعها بالقول: «هناك خفافيش غيري مسحوا بك البلاط في الإنترنت… تستاهل ومن هذا الوضع وأردى»، فضحكت أنا أيضا وقلت: «لا بأس، فلك ولهم كل الاحترام، ولكن، إظهر وبان عليك الأمان»، فاكتفى بالقول: «سأحول حياتك إلى سواد… راح تشوف».

طبعا أيها الخفاش، أنا الآن (ميت من الخوف)! بل من شدة خوفي، لا تقوى رجلاي على حملي فقد حولت حياتي إلى جحيم لا يطاق… فأنا لا أخرج من البيت وإذا خرجت، استعين بجند مجندة خوفا منك… لكن ما أملكه من شجاعة، يكفيني لأن أعيد على مسامعك ومسامع غيرك: أنني ضد العنف من أي طرف كان… وضد العبث بأمن المجتمع… وضد الظلم والجور بكل أشكاله… وضد الافتراء على الناس… وضد التشكيك في ولاء المواطنين، شيعتهم وسنتهم، وضد تمزيق الوحدة الوطنية… ومع كل مبادرات الحوار واللقاءات مع المسئولين للتباحث في مشاكلنا… وضد… ضد نفسي حين تمنعني من الإستمتاع بمكالماتك الشيقة… فلا تبخل علي اليوم باتصالاتك الجميلة، إن استعدت شيئا من البصر والسمع.

واختتم بالآية الكريمة: «إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا»… صدق الله العلي العظيم.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *