لم يعتد الناس في الوطن العربي والإسلامي على رؤية صورة حضارية مغايرة لوزارات الداخلية، يمكن أن تطغى أو تغير صورة القمع والنفوذ والتسلط وتجاوز حقوق الإنسان…حتى مع محاولة الكثير من تلك الدول تغيير الصورة النمطية المخيفة والقاهرة، سواء كان ذلك في منطقة الشرق الأوسط أو في شمال أو وسط إفريقيا وبعض الدول الآسيوية، إلا أن الفشل يكون حليفها لأنها لا تزال تعتمد على أقطاب قمعية قديمة في إدارة شئونها الأمنية.
ولعلي أضم صوتي الى صوت الزملاء والمهتمين الذين رأوا في خطوة وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بإعلان جائزة الأبحاث الأمنية 2010 واحدة من الخطوات التي تعكس حاجة المجتمع البحريني، بل وحاجة المجتمع الخليجي والعربي والإسلامي، الى هذا النوع من الخطوات القادرة على استبدال صور التسلط والفرض والقمع، بصورة أخرى هي الصورة الحقيقية لأي تمدن في أي مجتمع…وهي صورة البحث والدراسة والتحليل والنقد البناء.
إن الخطوة التي أعلنها معالي وزير الداخلية تتخذ مسارين من الأهمية من وجهة نظري المتواضعة، وخصوصا على صعيد القضايا والملفات الأمنية والسياسية والاجتماعية التي يعاني منها المجتمع البحريني:
-أولا:وأعني المسار الأول، وهو وجود فكرة قائمة يحملها الكثير من الناشطين السياسيين والحقوقيين والباحثين والكثير من المواطنين الذي لا يرون في فكرة «الشراكة المجتمعية» إلا حال غير حقيقية لا يراد منها التواصل مع فئات المجتمع المختلفة للتعاون في شأن القضايا التي يتطلب فيها التواصل بين الأجهزة الأمنية وبين المواطنين، ويعتبرون الشراكة المجتمعية طريقا واحدا للنيل من المناضلين ومن الذين ينادون ويطالبون بالحقوق، وهنا يصبح الطريق أمام هذه الفئة مفتوحا بقوة لطرح ما يرونه خطأ من خلال الأبحاث والدراسات التي لا يمكن الحجر عليها في المسابقة، وإن تم ذلك فهناك أكثر من خيار لنشرها في الصحافة وفي المواقع الإلكترونية وفي المجلات والدوريات الصادرة عن الجمعيات، لكن تبقى الفرصة مهمة للباحثين، وخصوصا على صعيد الاتجاه الذي يؤكد على ضرورة وضع الحلول السياسية والاجتماعية في حال مناقشة القضايا الأمنية.
-ثانيا:إن وجود مسابقة أبحاث أمنية، تعتبر فرصة سانحة للكثير من الشباب من الجنسين، سواء من العاملين في القطاع الأمني كشرطة المجتمع أو غيرها، أو من طلبة الجامعات والمعاهد، وكذلك مؤسسات المجتمع المدني لتشجيع البحث والدراسة في القضايا والظواهر التي يعاني منها المجتمع البحريني، ومملكة البحرين، وعلى رأسها وزارة الداخلية، في حاجة ماسة الى الأبحاث والدراسات الميدانية المحلية العميقة التي تعالج قضية أو ظاهرة تتطلب عقولا بحثية، وليس سطوة حديدية أو قمع أو حجارة أو حرائق.
يبدو لي أنه من الأهمية الإسراع في وضع شروط المشاركة في المسابقة الأمنية 2010، ونتمنى أن تكون دورتها الأولى موفقة من خلال نوعية الأبحاث التي ستقدم ومضامينها، ونتمنى أن تكون مشاركة الشباب الباحثين قوية، مهما كانت الافتراضات أو المعوقات أو القراءات السلبية