حالة الالتياع والألم على السواحل وما حل بها من مصائب بسبب دفان وتسوير وبيع وشراء قائمة طيلة العام، لكنها تزداد لوعة وأسى عصر عيد الأضحى من كل عام إذ جرت العادة التراثية لأهل البحرين والخليج أن يلقوا (الحيه بيه)، وهي سلة أو علبة معدنية مزروعة ببعض النباتات، في البحر كنوع من الموروث التراثي.
البحث عن مكان مناسب لأخذ الأطفال لإلقاء (الحيه بيه) لم يعد سهلا إطلاقا! اللهم إلا إذا تم استحداث جزء من ساحل هنا أو هناك في المستقبل يكون مخصصا لإلقاء (الحيه بيه) إن سنحت الفرصة أصلا لتوفير ذلك الجزء وإلا فالمتاح هو أجزاء من السواحل المدفونة القريبة من المناطق السكنية هنا أو هناك، أو تحمل مشوار طويل للذهاب إلى بلاج الجزاير لغير أهالي قرية الزلاق والمناطق القريبة منها، أو ساحل الحد لرمي (الحيه بيه) وكأننا نريد أن نتخلص من شيء خطير نلقيه بعيدا ونقفل راجعين.
وعلى رغم ما حل بالسواحل، إلا أن أهل البحرين لم يتركوا هذه العادة التراثية… بل يتحمل الكثير من الناس العناء والمنظر المحزن للكثير من السواحل المدفونة ليثبتوا حضورهم في لقاء جميل لا يمكن إزالة ارتباطه بعيد الأضحى المبارك مهما كانت الظروف، والحاصل، أن الصغار والكبار ما زالوا متعلقين بعصرية عيد الأضحى إذ يجري الأطفال وفي أيديهم (حياتهم) بفرحة وسرور وهم يرددون الأهازيج الشعبية من قبيل: حيه بيه… راحت حيه ويات حيه وما شاكلها.
غير أن هذه العادة التراثية أصبحت تأخذ مسارا آخر بدأ في السنوات الماضية، وهو إصرار أهل البحرين على إثبات ارتباطهم ببحرهم وسواحلهم وحبهم لأرخبيل جزرهم المحاط بالبحر من كل الجهات والفاقد لشاطئ واحد يستطيعون أن يمشوا على رماله الناعمة ويسبحوا في مياهه الجميلة.
المهم، إحياء تراث (الحيه بيه) كان مستمرا لم ينقطع وسيستمر، سواء كان الساحل مهيأ أم لا، لأن الناس يريدون أن يعبروا عن سعادتهم بإتمام الحجيج من ذويهم أو من سائر المسلمين طبعا لمناسك الحج والاحتفال بالعيد من جهة، أو ليلتقوا في اجتماعهم السنوي على سواحلهم المدمرة من جهة أخرى.
وعلى قول المونولوجيست البحريني علي مهنا:
يا أضحى حيه بيه
سواحلنا الضحية
باجر يا حظنا لقشر
نرمي الضحية في البر
عيدكم مبارك، وعساكم من عواده