سعيد محمد سعيد

احلف بـ «صلاة أمك وأبيك»!

 

منذ الصباح الباكر، كان الموظف المسكين يشعر بأن أمرا لا محالة واقع في ذلك اليوم الذي بدا منحوسا منذ شروق شمسه والعياذ بالله… فلا إفطار له وللأطفال بسبب اسطوانة الغاز التي سرقت البارحة على ما يبدو، ولا مجال لاستعمال السيارة التي (نامت بطاريتها) فرفضت الاستيقاظ.

تذكر أنه قبل أيام، كان يجلس مع مجموعة من الموظفين والموظفات الذين اجتمعوا لشرب الشاي في الاستراحة، وتناقشوا في معنى كلمة (فساد)، ومرادفاتها ومضامينها ونماذجها، وكان الحديث ممتعا بالنسبة له، هذا ما دار في خلده، لكن لماذا استدعاه الـ (بيك بوس) قبل قليل إلى مكتبه؟

استدعاه ليصفعه بصرخة مدوية هزت أركانه: «ألا تستحي على وجهك يا أسود الوجه؟ تريد أن تفضحني على رؤوس الأشهاد وتتهمني بالفساد وعدم نظافة اليد؟!»

خارت قوى ذلك الموظف المسكين، وكاد يبكي من شدة خوفه وخنوعه فقال: «مو أنا… صدقني مو أنا»، وأراد أن يحلف بصلاته لكنه لم يتمكن لأنه لا يصلي فوجد سبيلا آخر: «بصلاة أمي وأبوي مو أنا»، وأراد أن يضيف أدلة على خفوت صوته فقال: «صوتي لا يسمعه أحد إطلاقا… عمري ما رفعت صوتي… عمري… ولا مرة… ربما كانت المرة الأولى التي رفعت صوتي فيها وأنا أشجع المنتخب… بس والله العظيم صدقني».

كل تلك المحاولات باءت بالفشل، فالكلام كثير، والجيوب التي تمتلئ بالمال و(الظنون) والشكوك تصبح هي الأخرى، من مصائب الحياة الدنيا… لكن، هل يمكن أن تشتعل نار الفضيحة على يد هذا الموظف البسيط، الذي لا تتعدى مهام وظيفته تسجيل الصادر والوارد من البريد!

تقول بـ «صلاة أمك وأبيك أنك لست من تحدث عن (…) في إدارتي!»

هكذا رمقه بنظرة (خاطفة) وجد فيها المسكين لين جانب ففرح قائلا: لا يمكن أن أبوح بالأسرار! وما هي إلا أسابيع حتى ترقى ذلك الموظف «الكتوم» لينال جزاءه بالترقيات والعطاءات والكرامات نظير إخلاصه في العمل!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *