محمد الوشيحي

بحسب الرقبة

ما الذي تحمله أدمغة البعض، عقول أم جلد مغشوش؟ أينما ذهبت يبادرني الناس بسؤالهم القديم الباهت: ما الفرق بين الانتخابات الفرعية للقبائل والانتخابات الفرعية للتكتلات والحركات السياسية؟ فأجيبهم: تماما كالفرق بين موانئ دبي العالمية وموانئ الكويت التي تحولت إلى جاخور، الخالق الناطق توأم.
الفروق كثيرة، وسأضرب لكم الأمثال على بطونها: في الحركات والتكتلات السياسية لك الحرية في التنقل فيما بينها متى ما أردت، أو على الأقل، لك الحق في الاستقالة من التكتل متى ما شئت، أما بالنسبة للقبائل فلا يمكن التنقل من واحدة إلى أخرى، ولا الاستقالة من القبيلة، حتى ولو استصدرت أمرا من هيئة الأمم المتحدة. بمعنى، أن القرار ليس قرارك، أنت وُلدت فوجدت نفسك أحد أبناء قبيلة ما. ثم إن أبناء القبيلة لا يجمعهم فكر واحد. ما يجمعهم فقط هو الدم. ولذلك نجد أكثر الحِكَم انتشارا في أوساط القبائل هي: «ما لك إلا خشمك لو هو عوج». أي أن هذا هو قدرك الذي لا مناص منه. قضي الأمر! في حين أن ما يجمع أعضاء الكتل والحركات السياسية هو الفكر في الغالب الأعم… أقول هذا الكلام وأنا أفخر بانتمائي لقبيلة عرف عنها «قتل الجبان من أبنائها»، قبل ظهور المحاكم الجنائية.
وباعتقادي أن أكثر من يضر القبائل هم أبناؤها الذين يُبرزون «سواد كوع» القبيلة بدلا من إبراز جمالها الأخاذ. فيختارون، في الغالب، الإمعة الذي ما ان ينجح حتى يتوجه إلى الكبار أصحاب القرار ليبلغهم عن حجم رقبته، كي يختاروا له مقاس الحبل المناسب لسحبه مثل الخروف. فتقل حظوظ القبيلة في الدولة، ويُنظر لها بامتهان.
وأتذكر حكاية ذكرها نائب قبلي سابق ومرشح حالي، يقول: «أقسم بالله بأنني سمعت المسؤول فلان يشتم ويعنّف النائب القبلي فلان بكلمات كثيرة إحداها (يا حمار). وأين؟ في قاعة البرلمان أثناء خروج النواب للاستراحة». ولتأكيد مصداقية حديثه عدّد لنا أسماء الشهود من النواب! المضحك، أن النائب الذي نقل لنا الرواية انقلب من صاحب رأي حر إلى حكومي نقي بين ليلة وضحاها، وتحول إلى صاروخ «باتريوت» مضاد لهجمات النواب على الحكومة.
على أن المثير للحنق هو موقف الحكومة المائع من ناحية «الفرعيات». وإذا استمرت في ميوعتها فلن نقبل منها بعد اليوم الحديث عن تقديس القوانين ما لم تلتزم بقانون تجريم الفرعيات، وسنعتبرها «العقل المدبر» لتدمير الوطن ومصالحه، وسنحرّض بعض النواب على استجواب وزير الداخلية.
***
صفقت كثيرا بعد قراءة خبر تعيين المتفائل دائما عبد الرحمن العنجري أمينا عاما للتحالف الوطني الديموقراطي، خلفا للعقل المدبر خالد هلال (أكثر من يتحدث في الموبايل من بين العرب العاربة) الذي عاد إلى مقاعد الأعضاء… كانت الصورة التي ترسخت في أذهاننا عن «قوى اليسار» هي أن الأمين العام، في العادة، يتقمص شخصية «القدر المكتوب» على الجبين. الله وكيلك «ايدز» لا يمكن انتزاعه من الجسد. فجاء هذا القرار ليغيّر العادات البالية والقواعد الصدئة… مبروك للتحالف الوطني هذا النهج، وأعان الله أمينه العام الجديد أبا فهد.

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *