د. شفيق ناظم الغبرا

القمة الإسلامية وحال المسلمين

تنعقد القمة الإسلامية وراء القمة لأجل مناقشة الحال الإسلامية وحل الخلافات والتفكير في المستقبل والتعامل مع المشكلات القائمة. وقبل ان تنعقد كل قمة تغزوها المسائل العربية. فالعرب هم جوهر ولب العالم الإسلامي، ولكن العرب مفككون، يسيطر عليهم الصراع الذاتي وضعف كبير في احترام الحريات وسلطة القانون وحقوق الشعوب. في هذا لم تكن القمة الإسلامية بأفضل من القمة العربية، وبالتالي لن تكون قادرة على أخذ العالم الإسلامي نحو الجديد إلا إذا وقع تفكير جديد وإعادة نظر في طرق التعامل والبناء في القمم المقبلة.
المشكلة الأكبر التي تواجه القمم الإسلامية أنها تقع بين دول (مع بعض الاستثناءات) هي في جلها من العالم الثالث، في معظمها تحكم شعوباً فقيرة وتعاني من مشكلات التنمية. والمشكلة الثانية التي تواجهها القمم الإسلامية أن السياسة في هذه البلاد هي التي تتحكم فيها على كل صعيد. لهذا فالخلافات مازالت على السياسة وليس الاقتصاد، والأسواق مازالت أمراً شكلياً لمعظم هذه الدول، بينما الأولوية للأمن والدفاع والقضايا السياسية. لهذا يقع الخلاف على السياسة، وليس على التنمية وتأمين المستقبل.
مشكلة القمم الإسلامية أنها أساساً قمم بلا شروط للعضوية سوى أن الدول التي يمثلها رئيسها أو رئيس وزرائها هي دول مسلمة يدين جزء كبير من شعبها بالإسلام ديناً. إذاً أساس التجمع للقمم الإسلامية الدين قبل كل شيء. وفي هذا فإن أعضاء المجموعة تجمعهم الديانة وتفرقهم الظروف الاقتصادية واللغة والثقافة والنوعية والأهداف والغايات والنظام السياسي. هذه الفوارق تترك الأثر على قدرات القمم ومستقبل أعمالها ومدى تأثيرها.
مشكلة العالم الإسلامي أنه لا يوجد بين دوله دولة قد تصل إلى مصاف دولة كبرى في مدى زمني منظور، ولا يوجد بين دوله دولة بإمكانها أن تكون دولة رائدة من دول العالم الأول، ولا يوجد من بين دوله دولة تمثل نموذجاً ديموقراطياً إيجابياً متكاملاً نسبياً، باستثناء تركيا، ولا يوجد بين دوله من يستطيع أن يحقق في بلاده واحدة من أرقى الجامعات والمؤسسات في العالم. ومع ذلك توجد بين دوله بعض أغنى دول العالم، كما هو الحال بالنسبة إلى دول الخليج، ولكن هذا لا يكفي لرفع الإطار الإسلامي الأوسع الذي يتطلب الكثير. العالم الإسلامي بينه الحواجز الجمركية الكبيرة، وحواجز الانتقال والسفر. وتعاني معظم الدول الإسلامية ضعفاً كبيراً في البحث العلمي، وفي الحريات، وفي حرية الرأي والفكر، وفي الانتخابات، وفي تداول السلطة، وفي الفوز بجوائز عالمية في الأدب والإبداع والعلوم والرياضة.
كيف يمكن للعالم الإسلامي أن يكون عالماً مختلفاً عن ماضيه، ومتى يمكن أن يكون الانتماء للإسلام عنصر تنمية وقوة وتطوراً لدوله؟ متى تكون حقوق الإنسان لها مكانتها في هذه الدول، والحريات لها منزلتها؟ حتى الآن العوالم الأخرى أكانت بوذية أم هندوسية أم مسيحية أم يهودية قد حققت لذاتها مكاناً تحت الشمس، أما العالم الإسلامي فمازال تحت نير الضعف الذاتي والكثير من الاستبداد الذي تحكّم به طوال القرون الأربعة الماضية.
هل من مؤتمر قمة إسلامية للنقد الذاتي، وهل من قمة إسلامية لإعادة النظر، هل من قمة إسلامية للنهضة الإسلامية ولتفسيرات جديدة وحديثة للإسلام تتناسب والعصر والتقدم والعمل والمساواة بين المرأة والرجل وحقوق الإنسان والحريات؟ كيف ينقلب حال الأمة الإسلامية من حال إلى آخر من دون تغيير في الثقافة وفي الفكر وفي طرق فهم وتطبيق الإسلام في العصر الحديث؟

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

د. شفيق ناظم الغبرا

أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت
twitter: @shafeeqghabra

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *