إذا كان يوما الثلاثاء والأربعاء هما الأسوأ للحكومة، إذ تُعقد جلسات البرلمان، فإن أسوأ الأيام بالنسبة للصحف الكويتية، هما السبت والأحد. على أن مصيبة السبت أهون، فهو يأتي بعد يوم عطلة، أما الأحد فيأتي بعد يومَي عطلة، أي أن كارثته كارثتان، وخيبته خيبتان. ولو كان الأمر بيد الصحف لانتزعت هذين اليومين من الروزنامة، ولرمتهما إلى الكلاب الضالة. فأيام الأسبوع العادية ملأى وحبلى بالمشادات والمشاحنات، وغالبية الناس، من وادي الذهب في تشيلي إلى وادي الصفيح في الصين، تبحث عن الإثارة، عن الأكشن، عن الأخبار المالحة، الحامضة، في حين أن يوم الأحد يوم أقرع ماصخ، لا ملح فيه ولا ليمون. وكان الفنان أحمد بدير يؤدي دور السبّاك في أحد الأفلام، عندما مرّت عليه أيام عجاف لم يُرزق فيها، فرفع يديه إلى السماء ودعا بدعاء السبّاكين: «اللهم بوّظ (بوّز) حنفيات الشعب، اللهم اكسر بايباتهم». والصحافة، كأحمد بدير، تنتعش في أيام الحنفيات المكسورة سياسيّاً، والبايبات المطعوجة اجتماعياً.
هذا اليوم، الأحد، أثقل على الصحافيين منه على القراء. والأحد في روزنامة الصحافة هو السبت، أي أنه يوم عمل للصحافيين، ويوم كآبة ليس كمثلها كآبة، لذا تكثر فيه المشاكل بين شباب الصحافة، أو بصورة أخرى «هو اليوم الأكثر تشويشاً»، ولو حاول باحث اجتماعي نشط لهلوب التفتيشَ عن أسباب المشاكل التي تنشأ بين الصحافيين في الكويت وتوقيت حدوثها، لوجد أن معظمها يحدث يوم السبت عصراً ولأسباب سخيفة، بينما السبب الحقيقي هو «قلّة المحصول».
والحمل الأكبر يقع على أكتاف رؤساء التحرير، إذ يحكّون رؤوسهم حكّاً مبيناً، بحثاً عما يملأ بطون المطابع الجائعة، ولو بساندويتش حاف، ويسد رمق عيون القراء الدامعة، ولو بوردة ذابلة. ولو كنت رئيس تحرير، لا قدر الله، لخصصت الأحد، كل أحد، للتحقيقات الصحافية، ولجعلت المانشيت شاملاً أهم أحداث الأسبوع، مثلاً: «عهد الخصخصة… يستيقظ من نومه»، أو «الكويت… بين الاشتراكية والرأسمالية»، أو ما شابه، قبل أن أسطر تحت المانشيت آراء مختلفة للمتخصصين. على أن أحرص على أن أكتب افتتاحيتي في أيام الأحد.
ويمكن التفكير في جعل هذا اليوم خالياً من السياسة وطاهراً من النجاسة. فتطلب الصحيفة من قرائها إرسال مقترحاتهم طوال الأسبوع عن أهم القضايا التي يجب أن تُناقش، أو أن يكتب المانشيت أديب من خارج الوسط السياسي، أو فنان، عبدالحسين عبدالرضا أو سعد الفرج أو سناء الخراز، أو لاعب له جمهوره، أو أو أو، بمساعدة رئيس التحرير طبعاً.
المهم أن أقلب الأمر، وأبدِّل الأحد من يومٍ باهت يتحمّله القراء على مضض ومرض، إلى يوم رشيق ينتظره القراء على جمر الغضى.