احمد الصراف

نحن عشرة وهم عشرة آلاف

أخبرني صديق بقصة وجيه طلب منه بعض المواطنين في منتصف القرن الماضي، تدخله لعزل المسؤول عن بيع المياه العذبة للمستهلكين لأن ذمته أصبحت كبيرة وسرقاته أصبحت معروفة، وقال إن الوجيه هز رأسه، وقال بعد صمت: هذا سرق وشبع الآن، وإن عزلناه وعيّنّا آخر مكانه، فما الذي يضمن ألا يبدأ بالسرقة؟ وقال الصديق ان هذه حال الكويت، وهكذا كان وضعنا وعلى هذا المنوال نسير، وبالتالي ما تبذلونه، ككتّاب ومصلحين وسياسيين، من جهد لا يمكن أن يقضي على الفساد بل يساهم فقط في إبطاء تسارعه وليس القضاء عليه، وان ما يسري على الكويت يسري على أي مجتمع، بلا استثناء، منذ عصر الفراعنة وممالك قورش وقوانين حمورابي حتى عهد باراك حسين أوباما، بكل ما يمثله من نظافة يده.. اليمنى!
ملابسات وتبعات سؤال النائب السعدون وجواب الوزير الشيخ أحمد العبدالله الصباح لا تخرج عن مسألة كبرى يمكن اختصارها بكلمة واحدة وهي «الفساد»! فالحرب على كيكة التنمية بدأت مبكرا، ومبلغ العشرين مليارا، أكرر 20 مليارا، المخصص للمشاريع النفطية، من أصل ميزانية التنمية البالغة 37 مليار دينار، ليس بالمبلغ السهل الهين ليترك لزيد وعبيد ليلتهماه، فهناك من هم أكثر «أحقية» به! علما بأن الجرأة في الهبش والاستحواذ بلغت مستويات عالية جدا، فلا أحد يعرف اليوم أين ذهبت مئات الملايين التي صرفت على طوارئ الكهرباء عام 2008، ولا الخمسة والعشرون مليون دينار (بس) التي صرفتها وزارة الإعلام على تغيير أنظمة إرسال واستقبال لم تتغير، ولا ضعف ذلك المبلغ الذي صرف على برامج تدريب نفطية لم تتم أصلا، وهو مبلغ كاف لتأسيس 5 جامعات متخصصة وليس تدريب بضع مئات من الموظفين؟
جميل أن يحاول النائب الفاضل السعدون كشف بؤر الفساد في الجهاز الحكومي من خلال أسئلته الجديدة، وفضح عقود كبار الموظفين مع الجهات الخاضعة لهم، ولكن أين كان، وهو النائب المحنك، طوال 30 عاما من هذا النوع من الأسئلة؟ وحتى لو خلصت نيته ومن معه من تكتله، وليس لدينا ما ينفي ذلك، فهل بإمكانهم منفردين فعل شيء دون مساندة بقية أعضاء المجلس؟ وما الجواب الذي سيحصل عليه السيد السعدون لو وجه سؤالا لكل زميل له في المجلس عن تفاصيل ومبالغ العقود التي تحت أيديهم مع الجهات التي يفترض بهم مراقبتها؟ وما الذي سيسمعه السيد السعدون لو سأل كل زميل عن عدد الشركات أو الجهات التي يوجد اسمه على قوائم مدفوعاتها الشهرية أو السنوية؟
وهنا نقتدي بشهرزاد ونسكت عن الكلام المباح وغير المباح، فنحن، إن خلصت نوايانا، فإن عددنا لا يزيد على عشرة، أما هم فبعشرات الآلاف!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ميثاق شرف

بسم الله نبدأ…
بمناسبة الكتابة ابتداء من اليوم في جريدة القبس بعد الإغلاق القسري لجريدة الرؤية أرى أن أتحدث مع القارئ الكريم عن «ميثاق شرف» كان يفترض أن يوقع منذ فترة طويلة من كل الصحافيين والإعلاميين وكتاب الزوايا الثابتة وجميع العاملين في الحقل الصحفي الإعلامي. ولكن مع الأسف حتى اليوم لم يبادر أحد – حسب علمي – لتبني هذا الميثاق!!
وقد ظهرت الحاجة الى هذه الخطوة بعد أن انتشر الفجور في الخصومة بين العاملين في الصحافة، وأخذنا نقرأ عبارات غير موجودة في قاموس الأدب في الحديث، وصرنا نسمع اتهامات باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، وليس لها أساس علمي تستند إليه، لكل ذلك أصبح وجود ميثاق شرف بين الاعلاميين أمرا حتميا.
مما تعلمناه من أدبيات ديننا الحنيف ان المنافق «اذا خاصم فجر»، وأن الحق أحق أن يتّبع «وقل الحق ولو كان ذا قربى»، وأن الرجوع للحق فضيلة. لكن كم كاتبا وإعلاميا يتبنى هذه القواعد الشرعية في تعامله مع القلم؟!
وأنا أكتب مقالي الأول في صحيفة القبس أتمنى أن نلتزم جميعا بالحدود الدنيا لأدب الحوار، خصوصا أننا نكتب في صحيفة جادة وخطها منذ تأسيسها واضح كل الوضوح بالبعد عن الابتذال والاسفاف مع اختلافنا في بعض ما يطرح فيها من توجهات تتبناها الجريدة نفسها، لكن هذا الاختلاف في حدود المقبول ولا يفسد للود قضية.
إن مما يحز في النفس ان نرى هذا المجتمع الصغير الذي عاش عصره الاول والى عهد قريب مترابطا متكاتفا بكل أطيافه وطوائفه، نراه اليوم يتشرذم وينقسم الى مجتمع فئوي طبقي قبلي تنتشر الحواجز النفسية على طرقات التواصل في ما بين أركانه، حتى فقد هويته التي كان يتميز بها والتي كانت سر قوة هذا الكائن الصغير، والغريب أن النخبة المثقفة هم من يمارسون هذا القتل المتعمد في جميع المجالات سواء الكتاب منهم أو الوزراء والنواب أو قادة الفكر وقيادة السياسة!
الأخوة العرب والخليجيون الذين يراقبون الحالة الكويتية يتوقعون أن البلد يأكل نفسه بنفسه وأن فيه من عظائم الأمور ما يهد الجبال، حتى أصبح البعض منهم يتوقع زوال هذا الكيان الصغير في أي لحظة. لم لا.. وإعلامنا يصور لمن يقرأه ان الأمور عندنا وصلت الى حد الانهيار. متابعة لجلسة واحدة من جلسات مجلس الأمة وطريقة الحديث بين السلطتين والانتباه الى مستوى الانحدار في الخطاب السياسي يدرك هذا الواقع المر.
لذلك أعتقد ان الحديث عن ميثاق شرف بين الإعلاميين أصبح أمرا حتميا في هذه الظروف.

لفتة: لا يفوتني أن أشكر أسرة تحرير صحيفة الرؤية والزملاء فيها على تحملي طوال الفترة الماضية والتي أعتز بها، كما لا يفوتني شكر الأخ وليد النصف على دعوتي للكتابة في القبس والتي أتشرف بها.

مبارك فهد الدويلة

سعيد محمد سعيد

خريجة طب وكوثر والكثير من الجامعيين

 

خلال الأسبوع الماضي، تناولت الصحف عدداً من الأخبار التي تتعلق بالعاطلين الجامعيين وتحركاتهم التي أرادوا من خلالها إيصال أصواتهم إلى المسئولين في الدولة، وبناءً على ذلك، اختلفت المواقف وردود الأفعال… فمن قال إن هذا حقهم في التعبير عن رأيهم، ومن وصفهم بأنهم أصحاب مشاكل ومن وصف أسلوب كوثر بأنه (ابتزاز) وأنها ممثلة تريد الإساءة إلى الدولة، ومن قائل إن أولئك العاطلين إنما يريدون إثارة المشاكل فقط.

على أي حال، لطالما أن الأسلوب الذي اتبعه أولئك الجامعيون لإيصال صوتهم هو أسلوب سلمي هادئ، فهذا حقهم، وليس من اللائق أن نلقي الأوصاف والتهم عليهم فهم أنفسهم أدرى بظروفهم وبمعاناتهم أكثر من غيرهم، وإذا كنا نرفض الأساليب العنيفة والتخريبية والفوضوية في المطالب وندعو إلى تعزيز الحق المشروع في التعبير عن المطالب سلمياً، فلاشك أننا أيضاً يجب أن نضم صوتنا مع كل (مواطن أو مواطنة) صاحب (مطلب) اختار أسلوباً سلمياً، ونترك للمسئولين أسلوب التعاطي مع قضية كل واحد منهم وعدم إهمالها، ثم من حق المسئول التحقيق في ملف كل واحد منهم والوقوف على التفاصيل.

أود الإشارة هنا إلى أن أحد المواطنين، يريد إيصال قضيته إلى وزير الصحة بخصوص ابنته التي تخرجت حديثاً في الطب من إحدى الجامعات المصرية، ولأن ظروفها المرتبطة بمرض والدتها تمنعها من السفر لقضاء مدة عام التدريب بعد التخرج، فإنها تقدمت بطلب للسماح لها بالتدريب في مجمع السلمانية الطبي، وحصلت على وعد بأن يتم ترتيب ذلك خلال شهر يوليو/ تموز الماضي، ومر الشهر دون أن يتم إجراء ترتيبات التدريب لها في بلادها وفقاً لظروفها، وحتى الآن، فإن الأبواب مغلقة أمامها مع أن طلبها لا يعد من الطلبات المستعصية غير القابلة للتحقق، فهل ستبادر وزارة الصحة لإيجاد حل لها؟

لنعرج إلى قصة الجامعيين الثلاثة الذين بدأوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام يوم الأربعاء الماضي أمام مبنى ديوان الخدمة المدنية في منطقة الجفير، وذلك احتجاجاً على السياسة التي يتخذها الديوان بعدم توفير وظائف مناسبة إليهم، حسبما قالوا، ولا أعتقد أن المسئولين بالديوان وعلى رأسهم رئيس الديوان أحمد الزايد، سيعجزون عن الالتقاء بأولئك الخريجين والنظر في شكواهم، فلا يوجد ما يمنع من حصول ذلك إطلاقاً، وخصوصاً أن المضربين الثلاثة أعلنوا أن رجال الأمن حاولوا ترتيب لقاء لهم مع أحد المسئولين، لكن المحاولة باءت بالفشل… لماذا؟ هذا سؤال نوجه للمسئولين بديوان الخدمة المدنية مع كامل احترامنا لهم.

ثم، لنأت إلى موضوع مهم أيضاً يتعلق بالجامعيين البحرينيين الذين دائماً ما نقول عنهم بأنهم (ثروة البلد)، فمصير 23 خريجاً وخريجة من تخصص الجغرافيا التطبيقية أصبح مجهولاً بعد صدور قرار إلغاء مركز البحرين للدراسات والبحوث، وإن أولئك الخريجين الذين يعملون في شركة «جيوماتك» التي تعتبر الذراع التجاري لمركز البحرين للدراسات والبحوث تسريحهم بات (مؤكداً) في ظل عدم شمولهم بقرار التعيين في وزارات ومؤسسات حكومية أخرى كونهم يعملون بعقود مؤقتة منذ ثلاثة أعوام.

ولو نظرنا إلى مطالب الخريجين، فقد أعلنوا أنهم لا يطالبون سوى بمساواتهم مع الموظفين الدائمين في الشركة والمركز من الذين تم توزيعهم على وزارات ومؤسسات الدولة، ولا أعتقد أن القائمين على برنامج توظيف الخريجين الجامعيين سيقفون مكتوفي الأيدي أمام هذه الكوادر الوطنية التي يجب أن تحظى بالتقدير والاهتمام، وما فعلوه، مع تعدد الأساليب واختلافها، يبقى حقاً مشروعاً كفلته الدولة لمواطنيها في إيصال أصواتهم إلى أكبر المسئولين… فلا بأس في ذلك. ونسأل الله عز وجل لهم التوفيق