إذا سألتني عن أسعد شخص في الكويت، فسأصحح لك سؤالك كي يصبح «من هما أسعد شخصين في الكويت اليوم؟»، والجواب: وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد ووزير المالية مصطفى الشمالي. ليش؟ لأن النائب النشط خالد الطاحوس، من دون أن يقصد، أهدى للوزيرين «علبة مسامير» ثبّت بها كلّ منهما كرسيه المهزوز، عندما طلب إقالتهما، فالسياسة في الكويت تقوم على العناد وتنام على «الحَرَّة»، والنائب الطاحوس يحتاج إلى كيس مملوء بالمكر والخبث والدهاء يحمله على كتفه في رحلته السياسية.
والطاحوس أحد الذين طرحوا الثقة بالوزراء في كل الاستجوابات، بل هو من الذين يملكون «استجواباً أحمر»، أي استجواب سمو رئيس الوزراء، وإن لم يكتمل. إذاً هو في عين الحكومة، أو ذوي القرار، عدو ظاهر، أو فلنقل «خصم معلَن». ولو كنت أنا مكان الطاحوس، لاستعنت بالنائب مرزوق الغانم، الذي تربطني به صلة رياضة، وهمست في أذنه برغبتي، وتركت الغانم يرتّب حروفه مع زميله النائب صالح الملا، ويضعان مطلبهما أمام كتلتهما «الوطنية»، وخلال يومين ثلاثة سأقرأ خبر «إقالة الوزيرين».
الطاحوس وهو يطلب إقالتهما لم يكن يعلم أنه حتى لو كانت هناك نية لإقالتهما فعلاً فقد أُلغيت. خلاص. على أن الوزير الشمالي كان الأسبق في تثبيت كرسيّه، عندما دخل معه النائب الفذ مسلم البراك في سجال نشرته الصحافة بالطبلة والمزمار. مع أن البراك أدهى وأذكى سبعاً وثلاثين مرة من الشمالي، لكن حكم مباراة الملاكمة رفع يد الشمالي إلى الأعلى، فالبراك كان يبحث عن الضربة القاضية، ولم يجدها، بينما الشمالي كان يجمع النقاط فملأ شليله بها، إذ إن المطلوب الآن هو إشغال المعارضة عن قضية تمويل الخطة التنموية.
والحكومة، أمام قضية التمويل، مثل الزوجة التي وقفت على السلّم، وهددها زوجها بالطلاق إن هي صعدت أو نزلت، ولو كنت أنا مكانها لتزحلقت على «الدرابزين»، وهربت إلى بيت أمي. ولو كنت أنا مكان الحكومة لفعلت ما يمليه عليّ ضمير التجار، فالتجار أقوى من البرلمان، واترك عنك الوهم والحديث عن الدستور والمادة السادسة «الأمة مصدر السلطات…»، فالتجار هم مصدر السلطات، هم المنبع والمصب. وكما يقول السوداني: «الفلوس عليك الله تشدّ الهواء من قرونه».
***
يبدو أن السفيرة الأميركية ديبورا جونز «من الربِع»، أي من جماعتنا. فمن يقرأ لقاءها في منتدى الشبكة الوطنية الكويتية الذي جاء قبل يومين، بعد تأخير استمر نحو ستة أشهر، يشك أنها عضو في حكومة الكويت.
ولو أن أحداً أخفى اسمها من على شاشة الكمبيوتر وسألني من هو صاحب هذه الإجابات، لأجبته مباشرة: «واحد من ثلاثة، إما الوزير روضان الروضان، أو الوزير الدكتور محمد البصيري، أو هو الإطفائي الحكيم رئيس البرلمان جاسم الخرافي». لم يكن ينقص السفيرة إلا أن تطالب بعدم تسييس السياسة، ثم تعيّن زوجها وكيلاً في حكومة الكويت.
ماذا دهاك يا حاجة ديبورا؟ ما هذه الإجابات المدهونة بالـ»نيفيا»؟… دِبور*.
***
لمن تابع المسلسل المحلي التاريخي «اخوان مريم»، الذي يروي سيرة الأسرة الحاكمة، والذي أساء إلى الفن، وأكّد نظريتي «السلق» و»البحث عن الأرخص»، فأظهرنا صغاراً «فنياً» أمام سورية وعملها الدرامي العملاق «باب الحارة»، وغيره من المسلسلات الفخمة… أقول، لمن تابع هذا المسلسل فبكى، اقرأ ما كتبه الزميل الرائع «عامر الفالح» في جريدة الراي يوم أمس الأربعاء، فقد «غسل كبودنا»… شكراً عامر.
* دبور: كلمة بدوية شبه منقرضة، وتعني الخزي، أو الفشل.