خلال الأسبوع الماضي، تناولت الصحف عدداً من الأخبار التي تتعلق بالعاطلين الجامعيين وتحركاتهم التي أرادوا من خلالها إيصال أصواتهم إلى المسئولين في الدولة، وبناءً على ذلك، اختلفت المواقف وردود الأفعال… فمن قال إن هذا حقهم في التعبير عن رأيهم، ومن وصفهم بأنهم أصحاب مشاكل ومن وصف أسلوب كوثر بأنه (ابتزاز) وأنها ممثلة تريد الإساءة إلى الدولة، ومن قائل إن أولئك العاطلين إنما يريدون إثارة المشاكل فقط.
على أي حال، لطالما أن الأسلوب الذي اتبعه أولئك الجامعيون لإيصال صوتهم هو أسلوب سلمي هادئ، فهذا حقهم، وليس من اللائق أن نلقي الأوصاف والتهم عليهم فهم أنفسهم أدرى بظروفهم وبمعاناتهم أكثر من غيرهم، وإذا كنا نرفض الأساليب العنيفة والتخريبية والفوضوية في المطالب وندعو إلى تعزيز الحق المشروع في التعبير عن المطالب سلمياً، فلاشك أننا أيضاً يجب أن نضم صوتنا مع كل (مواطن أو مواطنة) صاحب (مطلب) اختار أسلوباً سلمياً، ونترك للمسئولين أسلوب التعاطي مع قضية كل واحد منهم وعدم إهمالها، ثم من حق المسئول التحقيق في ملف كل واحد منهم والوقوف على التفاصيل.
أود الإشارة هنا إلى أن أحد المواطنين، يريد إيصال قضيته إلى وزير الصحة بخصوص ابنته التي تخرجت حديثاً في الطب من إحدى الجامعات المصرية، ولأن ظروفها المرتبطة بمرض والدتها تمنعها من السفر لقضاء مدة عام التدريب بعد التخرج، فإنها تقدمت بطلب للسماح لها بالتدريب في مجمع السلمانية الطبي، وحصلت على وعد بأن يتم ترتيب ذلك خلال شهر يوليو/ تموز الماضي، ومر الشهر دون أن يتم إجراء ترتيبات التدريب لها في بلادها وفقاً لظروفها، وحتى الآن، فإن الأبواب مغلقة أمامها مع أن طلبها لا يعد من الطلبات المستعصية غير القابلة للتحقق، فهل ستبادر وزارة الصحة لإيجاد حل لها؟
لنعرج إلى قصة الجامعيين الثلاثة الذين بدأوا إضراباً مفتوحاً عن الطعام يوم الأربعاء الماضي أمام مبنى ديوان الخدمة المدنية في منطقة الجفير، وذلك احتجاجاً على السياسة التي يتخذها الديوان بعدم توفير وظائف مناسبة إليهم، حسبما قالوا، ولا أعتقد أن المسئولين بالديوان وعلى رأسهم رئيس الديوان أحمد الزايد، سيعجزون عن الالتقاء بأولئك الخريجين والنظر في شكواهم، فلا يوجد ما يمنع من حصول ذلك إطلاقاً، وخصوصاً أن المضربين الثلاثة أعلنوا أن رجال الأمن حاولوا ترتيب لقاء لهم مع أحد المسئولين، لكن المحاولة باءت بالفشل… لماذا؟ هذا سؤال نوجه للمسئولين بديوان الخدمة المدنية مع كامل احترامنا لهم.
ثم، لنأت إلى موضوع مهم أيضاً يتعلق بالجامعيين البحرينيين الذين دائماً ما نقول عنهم بأنهم (ثروة البلد)، فمصير 23 خريجاً وخريجة من تخصص الجغرافيا التطبيقية أصبح مجهولاً بعد صدور قرار إلغاء مركز البحرين للدراسات والبحوث، وإن أولئك الخريجين الذين يعملون في شركة «جيوماتك» التي تعتبر الذراع التجاري لمركز البحرين للدراسات والبحوث تسريحهم بات (مؤكداً) في ظل عدم شمولهم بقرار التعيين في وزارات ومؤسسات حكومية أخرى كونهم يعملون بعقود مؤقتة منذ ثلاثة أعوام.
ولو نظرنا إلى مطالب الخريجين، فقد أعلنوا أنهم لا يطالبون سوى بمساواتهم مع الموظفين الدائمين في الشركة والمركز من الذين تم توزيعهم على وزارات ومؤسسات الدولة، ولا أعتقد أن القائمين على برنامج توظيف الخريجين الجامعيين سيقفون مكتوفي الأيدي أمام هذه الكوادر الوطنية التي يجب أن تحظى بالتقدير والاهتمام، وما فعلوه، مع تعدد الأساليب واختلافها، يبقى حقاً مشروعاً كفلته الدولة لمواطنيها في إيصال أصواتهم إلى أكبر المسئولين… فلا بأس في ذلك. ونسأل الله عز وجل لهم التوفيق