سامي النصف

لماذا ستنتصر إيران في الحرب القادمة؟!

يوليو 1956 إبان أزمة تأميم القناة حسبها السياسي المخضرم نوري السعيد «صح»، فثلاث قوى هي: بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، قادرة بالقطع على هزيمة الرئيس عبدالناصر، لذا راهن بقوة على الإنجليز وطلب من انتوني ايدن أن يرسل باخرة محملة بالأسلحة للعراق عبر قناة السويس ليدعي أن قوات ناصر اعتدت عليها لتبرير العدوان.

وفور انتهاء العدوان الثلاثي على مصر أعلن الرئيس عبدالناصر الانتصار وعجل بالانتقام من نوري السعيد عبر إعطاء نفسه حق التدخل في الشأن العراقي ودفع الثعلب العراقي في يوليو 1958، دمه ثمنا لرهانه الخاسر القائم على موازين العقل والقوى العسكرية البحتة في منطقة لا تعتد بمثل تلك الموازين.

يوليو 1990 وحسبة خاطئة أخرى تقوم على موازين القوى البحتة، قام بها صدام عندما قدر أن جيش المليون جندي قادر على هزيمة جيش الـ 10 آلاف جندي، وقد انتهت تلك الحسبة الخاطئة بالهزيمة النكراء للجيش الصدامي عام 91 وتسخير الكويت أرضها عام 2003 للانتقام من صدام مما أدى إلى فضيحة اختبائه كالفأر بالغار، ثم إعدامه بعد ذلك.

يوليو 2006 مع شن إسرائيل حربها على لبنان بعد خطف الجنديين الإسرائيليين، قدرت بعض القوى اللبنانية ان حسبة موازين القوى تعمل لصالح إسرائيل، لذا توعدت بالمحاسبة بعد الحرب التي ما إن توقفت حتى أعلن حزب الله الانتصار وانتقم ممن هدده بشل أعمال الحكومة وإغلاق البرلمان وتعطيل انتخابات رئاسة الجمهورية ثم انتهى الأمر بأحداث 7 مايو 2007.

إن هناك أعمال تهديد ووعيد في الخليج ضد إيران قد تنتهي بحرب أو ضربة عسكرية في مرحلة قادمة يصعب تحديد تاريخها، والحكمة تقتضي التعلم من دروس الماضي والعمل على منع تلك الحرب وعدم الرهان على معطى موازين القوى حيث ستعلن إيران انتصارها مع انتهاء الأعمال العسكرية وستبدأ، كالحال بالأمثلة السابقة، بالتدخل في الشأن الداخلي لمن سيقف ضدها كي تدفعه الثمن.

آخر محطة:

التقيت قبل أيام على هامش منتدى أصيلة بالمغرب بوزير الثقافة الإيراني الأسبق الإصلاحي عطا الله مهاجراني الذي حدثني بأنه أبلغ المسؤولين الأميركيين في واشنطن بأن شن الحرب على إيران يعني تحولهم جميعا إلى أحمدي نجاد.

احمد الصراف

النفايات والضمير المؤمن

أجرت القبس مقابلة مهمة وخطيرة مع السيد سعود العرفج، بصفته صاحب شركة ذات خبرة طويلة وعميقة في مجال مقاولات التنظيف ومعالجة النفايات. ولا أشك أن مضمونها، وما ورد فيها من تحذيرات، مر على مسؤولي النظافة والحكومة والجهات الأهلية والرسمية المعنية بالبيئة مرور الكرام، دون أن يهتز جزء ولو صغيرا من صرصوخ آذانهم، وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب ولا من بعيد ولا حتى بين بين، فالجميع مشغول بحمى «خطة التنمية» وكيفية «الهبش» منها بأسهل الطرق وأكثرها فعالية!!
يقول السيد العرفج إن الكويت تنام على قنابل صحية موقوتة توشك أن تنفجر في أي يوم، تتمثل في مرادم النفايات التي تحتوي عادة على نفايات منزلية وصناعية وكيماوية متنوعة، والتي تقوم حاليا شركات جمع القمامة بطمرها بشكل عشوائي وبطرق شديدة البدائية في مرادم محددة من الحكومة، علما بأن عملية الجمع والردم تكلف الدولة مبالغ طائلة سنويا، لكنها متخلفة، إضافة إلى أن المرادم تحتل مساحات شاسعة من الأراضي في بلد صغير المساحة بشكل مخيف، ويشكو مواطنوه من نقص الأراضي الصالحة للسكن وارتفاع أثمانها.
ويقول السيد العرفج إن الغازات السامة، التي تصدر عن هذه المرادم المطمورة بشكل عشوائي، تمثل خطرا حقيقيا على الصحة، وانه سبق ان أطلق التحذير تلو الآخر ولكن لم ينصت إليه أحد!! ربما لأن الجميع مشغولون في هذه الأيام بخطة التنمية، ولأننا نعيش في دولة اللاتخطيط، فاليوم «شراب فيمتو» أما الغد فأمر آخر.
نكتب ونعيد ونكرر الكتابة في مثل هذه المواضيع لعل وعسى أن يتنبه أحد ما للبيئة والإنسان ضمن برامج وخطط التنمية القادمة التي يبدو أن هذين الأمرين الحيويين لا يعنيان للمسؤولين عنها شيئا. والغريب، أو ربما من الطبيعي، أنه في اللحظة التي نكتب فيها مقالنا هذا تعلن «دبي»، التي لا تزال وستبقى رائدة في مجالات كثيرة، أكبر انجاز حديث على مستوى الشرق الأوسط يتعلق بمعالجة النفايات الصلبة وتدويرها، والذي سينتج عنه القضاء على مخاطر التلوث وخفض نسبة انبعاث الكربون، وفي مرحلة تالية إنتاج وقود بديل لاستخدامات الطاقة الكهربائية وإنتاج مواد البناء المختلفة واستصلاح الأراضي البور، وكل ذلك من نفايات، نصر نحن في الكويت على طمرها بطرق بدائية، لنقوم بعد ذلك ببناء مناطق سكنية عليها، لتنبعث منها بعد بضع سنين غازات سامة، فيشتكي سكانها لنوابهم ليهدد هؤلاء الوزير المعني بالاستجواب، ليسعى، تجنبا للاستجواب، الى التعويض على أصحاب المنازل وإسكانهم في مناطق أخرى ومعالجة مصادر انبعاث الغازات بعشرة أو عشرين ضعفا مما يمكن صرفه الآن لمعالجتها، لكي يعاد تأهيل المنطقة للسكن!!
وهكذا دواليك، أنت يا سيدي أبو خطة تنهب ونحن نجري ونهلل حواليك!

أحمد الصراف