سعيد محمد سعيد

نزولاً إلى الشباب… صعوداً إلى الحكومة (4)

 

اختتمت عمود يوم الأحد الماضي بنتائج دراسة حديثة حول أسباب غياب مشاركة منظمات المجتمع المدني في صياغة أمن المجتمع البحريني، وطرحت هذا التساؤل: «هل في مقدور الحكومة والمجتمع المدني إنشاء جسور حقيقية بينهما تسهم في حفظ أمن المجتمع وتستوعب الشباب وتلبي احتياجاتهم وتطلعاتهم وتفتح المجال للحوار البناء في شأن كل الملفات المهمة؟».

ولعل أبسط إجابة يمكن سوقها هنا هي أن عدم إفساح المجال من جانب الدولة للمجتمع المدني للمشاركة الفاعلة في ترسيخ الأمن والسلم الاجتماعي سيؤدي إلى تفاقم المشاكل مستقبلاً، ويتطلب ذلك إنشاء جسور التعاون بين الطرفين للتعاطي مع الملفات الأمنية المهمة، ومعالجتها وفق ما تتطلبه المعالجة… أمنياً إذا ما كانت المشكلة أمنية، وسياسياً إذا ما كانت المشكلة سياسية، وقس على ذلك سائر الملفات والقضايا طبقاً لمسبباتها وآثارها.

إن عدم وجود دور مؤثر لمنظمات المجتمع المدني على الساحة الأمنية له عواقب في غاية الخطورة، ودعونا نلقي نظرة على نتائج الدراسة التي أشرت إليها أعلاه، ففي الجانب المتعلق بكيفية مشاركة منظمات المجتمع المدني في تعزيز الأمن أشارت نسبة 44.4 في المئة من المبحوثين إلى حرص المجتمع المدني على المشاركة الديمقراطية لإنجاح المشروع الإصلاحي وتنمية الوطن، وقالت نسبة 29.6 في المئة بالتعاون مع الدولة في دراسة الظواهر والقضايا الاجتماعية والأمنية، أما من اختار (الكيفية) بقيام تلك المؤسسات بالأنشطة والفعاليات والتوعية لتحقيق المزيد من المكتسبات للسلم الاجتماعي فبلغت نسبتهم 26.0 في المئة.

أما من الذين رأوا أن المجتمع المدني ليس له أي دور في تعزيز الأمن، أرجع 62.4 في المئة من المبحوثين السبب إلى عدم إتاحة الفرصة لتلك المؤسسات لشراكة مجتمعية حقيقية مع وزارة الداخلية، بينما الذين أرجعوا السبب إلى أنها هي ذاتها لا ترغب في أن يكون لها دور وتكتفي بالعمل السياسي فبلغت نسبتهم 25.8 في المئة.

وأرجعت نسبة 11.8 في المئة السبب لاستمرار وجود ممارسات يمكن إدراجها ضمن ما يسمى بعقلية الحرس القديم.

ولعل من أهم التوصيات التي خرجت بها الدراسة هي تأسيس هيئة وطنية مستقلة تضم في عضويتها ممثلين عن الحكومة من جهة، وممثلين عن منظمات المجتمع المدني لتطبيق مفهوم «الشراكة المجتمعية»، على أن تتولى هذه الهيئة مسئولية معالجة الظواهر المضرة بالأمن الوطني بكل حرية وموضوعية وتجرد، وبدعم كامل من الحكومة من خلال تشخيص الوضع الأمني وفق أسلوب علمي مدروس، وتصنيف الظواهر والقضايا الأمنية كل واحدة على حدة، والعمل على دراستها والبحث في أسبابها واقتراح سبل معالجتها، كما أن من التوصيات المهمة هي أن تتصدى الدولة للخطاب الديني والإعلامي المثير للعداء والطائفية والاحتراب بين أبناء المجتمع، وتطبيق القوانين على المتورطين وعدم التهاون معهم، ويشمل ذلك التصدي لظاهرة إصدار الكتب والمطبوعات السرية والتقارير ذات الانعكاس المدمر للوحدة الوطنية.

ومن الضروري، حسب التوصيات، أن تبادر الدولة والمجتمع المدني إلى كشف ممارسات التمييز والتصنيف المذهبي، وتجريم التشكيك في ولاء وانتماء المواطنين البحرينيين لبلادهم وقيادتهم، وإتاحة الفرصة لمنظمات المجتمع المدني والوجهاء وعلماء الدين للتواصل المنجز المدعوم من الدولة لتلبية احتياجات المواطنين، وإنشاء قنوات فاعلة لإنهاء المشاكل الأمنية والاجتماعية، والتصدي لممارسات ذوي النفوذ المتجاوزة لقوانين وأنظمة البلد.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *