حسن العيسى

صور فاشية كويتية


هناك أكثر من ألف صورة للفاشية، ولا يشترط أن تطل علينا بالملابس العسكرية عندما تروج لعقيدتها أو فكرها أو لأي شكل من أشكال عقدة التفوق بسبب العرق أو الدين أو الهوية، ومن ثم تفرض رأيها الأوحد وتدعي فيه الكمال وتنحر الرأي الآخر، وتتأله متعالية برؤيتها على غير المنتمين إلى حزبها ودولتها، فقد تتشكل بصور أخرى تظهر فيها وجه السماحة ومسايرتها لأحكام العادات الاجتماعية المزعومة والاحترام المفترض والحياء العام، و"يالله تزيد النعمة" على هذا الرياء الفاشي.


تلك فاشية حين تنتهج وزارة الداخلية عقوبة حلق رؤوس الشباب الذين يعاكسون الفتيات في الأماكن العامة، هنا لا يهم "الفاشية" ما إذا كانت مثل تلك العقوبة التي تمس الجسد الإنساني متفقة مع حكم القانون وشرعية حقوق الإنسان، كما هي في المواثيق الدولية أم لا! فالقانون هو رهن المزاج الفردي وإعماله في يد القضاة الضباط حين يكونون هم الخصم والحكم في آن واحد. وهي فاشية أيضاً عندما تتجاوب وزارات الدولة مع دعوة النائب وليد الطبطبائي إلى منع إنجاز معاملات المراجعين المرتدين "تي شرت والشورت"، حفاظاً على حياء الموظفات، كما جاء في تبرير الوزارات، كما نشرتها جريدة الوطن…! النائب وليد الطبطبائي يقترح فرض الزي الوطني على الموظفين، وهو يمهد لفرض النقاب والحجاب على الموظفات، والجلباب القصير واللحية الممتدة على الموظفين بداية، ثم كل يقطن في دولة اللا معنى الكويتية في النهاية، والسلطة الحاكمة ستساير رؤية هذا المنهج السلفي الخائب، فلن يضيرها بشيء، فالرافعة الدينية تؤسس وتستكمل شرعية الحكم حين تغيب شرعية الديمقراطية الصحيحة القائمة على الرضاء العام واستنارة الوعي العام بأنوار التقدمية الليبرالية وحقوق الإنسان.


وهي أيضاً فاشية عندما تمتنع وزارة العدل عن تصديق عقود زواج الكويتيين من غير الكويتيات، حتى تروج "غصب على خشومهم" فرض الزواج من الكويتيات، وهي فاشية حين ننسى خدم المنازل ونترك مصيرهم لمجهول الضمير الغائب لأرباب الأسر، وهي فاشية حين "تتحنبل" السلطة وتلاحق أصحاب الرأي في كل صغيرة وكبيرة بحجة هذا هو القانون وهذه "خلاجينه"! وهي فاشية هزيلة حين تدور معارك الرأي بالصحافة ليس على أساس الفكر والنهج وإنما بقذائف السب والقدح في صاحب الرأي الآخر، وتعييره بأصله وفصله… وكأن "المفكر" الكاتب من شعب الله المختار، ثم تأتي ردود قراء الجهل والفاشية النفطية منتشية ترقص فرحاً من عبارات الذم لجهابذة العقل الغائب… أليست تلك بعض صور الفاشية التي نحيا بها، ويتعيش بعضنا على رممها العفنة.


آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *