حسن العيسى

نعم تتعسفون في الإبعاد الإداري


يحسب للجنة حقوق الإنسان في المجلس قراءتها لملف الإبعاد الإداري، والتعسف في استعمال تلك "الرخصة" التي خولها القانون لوزارة الداخلية، وكان الأولى أن تخضع مسألة الإبعاد الإداري لولاية القضاء، بدلاً من إخراجها من حيز رقابته هي وقضايا الجنسية ودور العبادة، لكن في مثل ظروف الكويت التي يشكل الوافدون فيها ما يقارب ثلثي عدد السكان، منهم نسب لا بأس بها هم ضحايا لتجار الإقامات، يصبح إخضاع سلطة الإبعاد لرقابة القضاء قضية قد تكون غير عملية حين تغرق المحاكم في قضايا المخالفات لقانون الإقامة، ويضيع الحد الفاصل بين المظلومين من الأجانب وغيرهم من المخالفين.


ما يهم الآن هو تحديد مفهوم التعسف في استعمال رخصة الإبعاد الإداري حين صورها المشرع بأنها من اعتبارات مبدأ سيادة الدولة، والتعسف هنا يظهر حين يتم استغلال مثل تلك الرخصة على غير الهدف والقصد الذي وضعه المشرع. فكم بريء أبعد عن البلاد حتى يتجنب "الكفيل" الكويتي مطالبة مالية حالية أو محتملة من الأجنبي المبعد، وكم مظلوم تم تسفيره إرضاءً لاعتبارات سياسية جوفاء، مثل إبعاد مجموعة من المصريين الذين أبعدوا قبل أشهر، لأنهم أظهروا تأييدهم لمرشح الرئاسة المصرية محمد البرادعي… لنقف هنا ونسأل لماذا تتم معاقبة الأجنبي بالإبعاد حين يتوقف عن دفع "الجزية" السنوية لتاجر الإقامة، بينما يترك الأخير دون حساب لا عقاب؟! ولماذا نثور حين يزج باسم الدولة الكويتية في قائمة الاتجار بالبشر، وكأن الكثيرين لا يمارسون مثل تلك التجارة السوداء؟ ألم يصبح من مأثوراتنا الشعبية حين نقول لغير الكويتي "اسكت ولا أسفرك!" وقد كتب مشكوراً الزميل جاسم بودي افتتاحية في جريدة الراي قبل فترة، منتقداً تلك الممارسة المعيبة في ثقافة الاستعلاء والتكبر من بعضنا ضد الغير.


إذا أردنا أن يكون الكلام منصفاً لمن يخدمون ويشقون في هذا البلد، فالواجب أن يفتح ملف الخدم ووضعهم المبهم في النظام القانوني، فقد تم استبعادهم في السابق من أحكام قانون العمل في القطاع الأهلي، وتم تناسيهم في القانون الجديد، ولا يبدو أن هناك نية لإصدار تشريع ينظم حقوقهم تجاه أرباب العمل في المنازل، فقد جاؤوا من بلاد الفقر والتعاسة من أجل لقمة العيش ليعيشوا هنا تحت ظلال شبح الاستغلال والإبعاد، عند البعض منا من أصحاب النفوس المريضة. هل نتخيل كيف تكون حياة الأسرة الكويتية من دون خادم…؟! وهل سنتصور كيف يمكن أن تسير شؤون البلد من دون "أجنبي"…؟ أغلقوا أبواب الدولة وامنعوا دخول جميع الوافدين القادمين للعمل، ولنر كيف تتفتح همم بني نفط لبناء مدن الحرير!


احمد الصراف

الشعر والرقبة

بعد نجاح فرنسا وبلجيكا في السير خطوات مهمة في إصدار القوانين التي تمنع النساء المسلمات من استخدام الأردية التي تغطي كامل الجسد والوجه في الأماكن العامة، والتي تجعل من الاستحالة التعرف الى هوية المرتدي، رجلا كان أو امرأة، فإن بقية دول أوروبا تفكر جديا في الاقتداء بهما. وبينت الاستقصاءات أن %59 من الاسبان يؤيدون المنع، وبلغت النسبة %62 في بريطانيا، و%71 في ألمانيا، و%82 في فرنسا. ولكنها دون ذلك بكثير في الولايات المتحدة حيث تبلغ %28 لاعتقاد غالبية الأميركيين أن المنع يعتبر تدخلا في الحرية الدينية للإنسان!
وذكر ستيفن بروثيرو في دراسة أعدها لقناة الـ«سي.إن.إن»، أن حجة معارضي البرقع تكمن في صعوبة التعرف الى مرتديته، كما أن مروجي المخدرات قد يستعينون بهذا اللباس لترويج تجارتهم. ونقل عن الأستاذة في جامعة بوسطن، كيسيا علي، قولها ان منع البرقع في أوروبا لا يقصد به الدفع نحو مساواة المرأة بالرجل بقدر ما هو رسالة واضحة يقصد بها: «نحن» أو «أنتم»! وأن الأمر ستنتج عنه في النهاية تبعات دامية، وان هذا التركيز الحالي على قضية البرقع سوف تتبعه إجراءات كثيرة أخرى.
ويقول الباحث بروثيرو انه من الصعب جدا توقع ما سيحدث تاليا في هذه القضية الملتهبة، أو تبعاتها، وان من التغيرات الكبيرة في القضية أن فرنسا، التي طالما افتخرت طوال تاريخها الجمهوري، بكونها الدولة الأكثر ترحيبا بتعدد أعراق شعبها وتنوعه اثنيا أصبحت الآن، وبعد قرون من التسامح، أكثر محافظة، خصوصا عندما وصف وزير الهجرة فيها مرتديات البرقع بأنهن يبدون كأكفان تمشي. وفي هذا السياق تقدم السيد وليد الطبطبائي، أحد نواب مجلس الأمة الكويتي، باقتراح طالب فيه المجلس والحكومة العمل على إصدار قانون «يفرض» على كل موظفي الحكومة من الكويتيين ارتداء الملابس الوطنية! ولا أدري من يحدد ما هو اللباس الوطني، ولكن ألا يشبه هذا الطلب «العظيم» في جزء منه، ما تود الدول الأوروبية، فرضه على مواطناتها من مرتديات النقاب، والطلب منهن ارتداء ما يتسق ولباس الفرنسية العام؟
كما ورد في جريدة الحياة اللندنية في طبعتها السعودية، وفي سياق مقارب، أن الشيخ والمفتي السلفي السعودي صالح البراك، أستاذ العقيدة في جامعة الإمام محمد بن سعود، أفتى بحرمة قيام المرأة بكشف شعرها ورقبتها أمام النساء من بنات جنسها (لماذا رقبتها، وليس صدرها مثلا؟) واعتبر كشف الشعر والرقبه أمام الحريم مدخلا من مداخل الشيطان، (يبدو أن الشيطان ترك العالم أجمع، وأصبح يداوم فقط في بلداننا!). وقال الشيخ في فتواه ان الصحافيين هم «جنود الشيطان»، لأنهم لا يرتضون الستر للمرأة (ربما من خلال إصرارهم على نشر صورها) ولا أدري لماذا نسي الشيخ وسائل الإعلام والترفيه الأخرى كالتلفزيون والسينما، هل لأن العاملين فيها ليسوا من جنود الشيطان مثلا؟!

أحمد الصراف