محمد الوشيحي

قرّبوا مربط الحَجْباء مني


بعد انكشاف حكاية المجلس الأعلى للبترول واستفادة أعضائه من المناقصات البترولية بطريقة "مصلّعة"، وبعد صمت الحكومة ووزير نفطها، وطبعاً بعد صمت "النواب العقلاء"، اتضح لي بما لا يدع مجالاً لحكّ الجبهة أن آبار النفط سيجف ريقها، وستعود الكويت إلى عهد ما قبل النفط.


ويا سلام لو تم ذلك، بشرط أن يمتهن كلّ منا مهنة أجداده التي كانوا يمتهنونها قبل اكتشاف النفط، فالذي كان أجداده طباخين يمتهن الطبخ، والذي كان أجداده حلاقين يمتهن الحلاقة، والقلاليف يصبح ابنهم قلافاً (القلاليف هم صنّاع السفن)، والنجارون يمسك ابنهم المنشار، والحدادون يتعامل سليلهم مع الحديد، والتجار وسيّاس الخيل وبقية المهن يمتهن أحفادهم صنعتهم. وما جرى على الأجداد يجري على الأحفاد، بشرط ألا يهرب التجار إلى الخارج بعد أن يهرّبوا أموالهم… هذه هي اللعبة وهذه شروطها، واللي أوله شرط… الخ.


وطبعاً سأمتهن أنا مهنة أجدادي، فأتحوّل إلى قاطع طريق، فجدّي لأبي "حسين الوشيحي" كان يرأس مجموعة من أبناء القبائل تخصصت في قطع طرق القوافل. منحهُ أصحابه رتبة "عقيد". و"العقيد" هو اسم الدلع لرئيس عصابة. على أن الرتبة هذه لا يحصل عليها من هبّ ودب، بل تنظّمها شروط ولوائح داخلية، منها أن يكون العقيد ذا رأي سديد، ويكون حازماً حاسماً في قراراته، عادلاً في توزيع الغنائم، سريع البديهة، ملمّاً بالطرق والأعراق والقبائل والأفخاذ، شجاعاً غير متهور، واشتراطات أخرى كثيرة. وكم من فارس فشل في "العقادة"، وأولهم جدي لأمي، "بريمان"، واسمه الحقيقي "محمد الوشيحي"، وهو ابن عم "العقيد". لم يحصل حتى على رتبة "عريف" رغم اعتراف الجميع بأنه "الأشجع"، لماذا؟ لأنه متهور أرعن. بل إن "العقيد" طرد ابن عمه بريمان من "الخدمة" بعد أن تسبب في فضح كمينهم أكثر من مرة، وكاد يوردهم المهالك، فهام على وجهه في الصحاري يقطع الطريق بمفرده.


وذاع صيت "العقيد حسين" فطاردته الحكومتان السعودية والكويتية، فترك أطفاله في "الوفرة" (منطقة كويتية تقع على الحدود السعودية) وركب البحر ولجأ إلى البحرين، ومات. وذاع صيت ابن عمه "بريمان"، فطاردته حكومات مجلس التعاون الخليجي كلها، واليمن، والعراق، ولا أدري عن الاتحاد الأوروبي ودول الكونكاكاف، وأخشى أن اسم "بريمان" ما يزال متربعاً على رأس قائمة "المطلوبين" هناك. ومع ذا مات معمراً في مستشفى الأميري.


إذاً على بركة الله، سأقطع الطرق. ولأن "الأقربون أولى بالمعروف"، فسأبدأ بـ"ذي الجيرتين"، الدكتور غانم النجار، جاري في الصفحة، وجاري في مبنى "الجريدة"، وسأفرض أتاوة على كل مسمار في منجرته، وليراجع منظمات حقوق الإنسان إذا أراد. ثم أعرج على جاري الآخر، حسن العيسى، حفيد الأدباء والتجار، فأشفط منه ما تيسّر. أما جاري الثالث عبدالمحسن الجمعة فسأركله على معدته وأتركه، فلا خير وراءه ولا أمامه. وسأسرق مصاغ لمى العثمان، فإذا صرخت وولولت خنقتها. ولن أقترب من الشاعر "وضاح" بسبب تحالفٍ قديم عُقدَ بين أجدادي وأجداده. وسأستعين ببعض الزملاء الكتّاب في الصفحة الداخلية لغزو جريدة "القبس"، جريدة التجار. ابشروا بالخير، وابشروا بالعدل في توزيع الغنائم. وخذوا ما راق لكم واتركوا لي الكاتب علي البغلي، رئيس جمعية حقوق الإنسان، الذي أثرى ثراء مهولاً. ثم "نحرف خيلنا" بعد ذلك على جريدة "الوطن" وكتّابها، وابشروا بالخير، وخذوا ما راق لكم، فإذا وجدتم الكاتب أحمد الفهد فارموا عليه "كسرة خبزه" وامسحوا على رأسه، معلش عشان خاطري، فهو في حمايتي. وأنجزوا أموركم بسرعة قبل أن تتدخل الـ"سي آي إيه"، والـ"إف بي آي"، والـ"خا را طي"، وكل منظمات الاستخبارات العالمية نصرة لعميلها الكاتب الفضائي.


هانت. سنوات قليلة وسيعيدنا المجلس الأعلى للبترول إلى عصر ما قبل النفط، فقرّبوا مربط "الحَجْباء" مني.


آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *