حسن العيسى

هل ظلمنا رباب؟

ما حكاية الفنانة العراقية رباب؟! وكيف "حاسبها الوقت" ورحلت عن الدنيا مظلومةً بحرمانها دخول وطنها الكويت، الذي عاشت وتربَّت فيه وغنَّت من أجله، فعوقِبت بجريرة جنسيتها العراقية، وماتت بحلم لم يتحقق، هو أن تعود إلى وطن أحلامها!

ما حقيقة "فزّورة" رباب؟ هل كانت مظلومة حقاً أم أنها "تبلَّت" على دولة وزارة الداخلية؟!

نشرت جريدة "الراي" تحقيقاً صحافياً أمس، للزميلين ليلى أحمد وصالح الدويخ، وكان تحقيقاً مُحزِناً عن مأساة البيروقراطية واستبداد سلطة الموظف العام في حقوق الإنسان، متى "زركت" النياشين والنجوم كتفَيه كضابط أمن، فكلامه دائماً يمثِّل الحقيقة كما يُمليها خطاب السلطة، وهي سلطة الأمن والضبط والربط.

في تحقيق "الراي"، يؤكد شهود الفن مثل سليمان الملا وأنور عبدالله والشاعر عبداللطيف البناي، براءة رباب من تهمة التعاون مع الاحتلال، كما أن أحاديث رباب إلى الصحافة قطعت بأنها لم تكُن في الكويت قبل الغزو الصدامي، بل كانت في تونس ضمن مهرجان فني، وحدث الغزو ومرضت بالقلب وعولجت في أميركا على نفقة الأمير السعودي خالد بن فهد، ثم بعدها لم يُسمَح لها بالعودة إلى الكويت، وبقيت في دولة الإمارات، تغني باللحن والصوت الكويتيين… ورُفِضت كل محاولاتها للدخول إلى وطنها الكويتي، وتمنَّت في يوم ليس بعيداً، أن تقف على المسرح في الكويت في ذكرى تكريم المرحوم راشد الخضر، ورُفِض طلبها بدخول الدولة.

كان الرسميون يقولون مرةً إنها "متعاونة" مع الاحتلال الصدَّامي، أو إنها غنَّت له، ومرَّات لا يقولون شيئاً… فهم "أبخص"! وما الدليل وما الإثبات؟ لا شيء غير هواجس الريبة من كل ما يرمز إلى العراق.

في بداية الثمانينيات، حدث أن زارني في المنزل راشد الخضر، وطلب منّا (أنا وناصر أشكناني وسعود الديين والمرحوم نصرالله نصرالله)، أن نسمع لحنه الجديد "حاسب الوقت ولا تحاسبني أنا"، وأخبرنا أن مطربة جديدة يصعد نجمها عالياً اسمها رباب ستُغنّيه، غنّت رباب "حاسب الوقت" ونجحت الأغنية بمعانيها الجميلة، لم نعرف عن رباب غير أنها مطربة كويتية سمراء.

مضت الأيام والسنون… مات راشد، وماتت رباب قبل أيام… حاسبهما الوقت… كما يحاسب كل نفس منّا بالفناء… لكن من سيحاسب مَنْ ظلَمَ رباب وغير رباب؟

احمد الصراف

أسلمة أوروبا

يسمي البعض أوروبا بالقارة العجوز، ولكنها أم الحضارة الحديثة ومركز ثقافة العالم وضميره اليقظ. وعندما تقوم أوروبا، والغربية بالذات، بدورها الإنساني الذي طالما اشتهرت به في محاربة التخلف ووضع حد له، بعد أن فتحت ذراعيها على مدى عقود عدة للبؤساء والمكلومين والمطاردين من أنظمة بلادهم، والمشردين تعسفاً من أوطانهم ومن السياسيين السابقين اليائسين أو المعارضين، عندما تقوم بالدفاع عن هويتها وديموقراطية مجتمعاتها وحرية أفراده، فليس من حقنا الاعتراض، فهي لا تقوم بغير حماية نفسها من هجمة «الفكر الإسلامي» الذي يحاول أن يغير من طبيعة حياتهم وأسلوب معيشتهم، والطعن في صميم عقائدهم الدينية!
يحتاج الأمر منا للحيادية والتجرد الكامل لنفهم سبب غضب ورد فعل الأوروبي السياسي والمواطن العادي لما تتعرض له قارتهم من هجمة «بشرية وثقافية» إسلامية لا يستطيعون لها، بالوسائل الديموقراطية والعادية ردا. وهذا يتطلب منا أن نضع أنفسنا مكانهم، فخلال جيل أو جيلين بالكثير سيفتقد العالم، ونحن أولهم، أوروبا، التي ستتحول الى شيء آخر مع كل هذه الهجرة والتكاثر الإسلامي الطاغي الذي يجتاحها ويريد تحويلها الى بحر إسلامي، ومن حق الأوروبي بالتالي أن يقلق، وأن يشعر بالرعب من التأثير السلبي الذي أحدثته الأقليات، وبالذات المسلمة، في طريقة معيشته، كما نقلق نحن هنا من التأثير السلبي للجاليات الآسيوية في طريقة معيشتنا، مع الفارق الكبير جدا بين الطرفين.
فــ«الغيتوهات» الإسلامية بدأت تتكاثر حول العواصم الأوروبية، وأصبحت التجمعات الإسلامية تحتل أكثر من ربع المدن الأوروبية التاريخية مثل أمستردام ومرسيليا ومالمو وغيرها، كما أصبح الحجاب منظرا طبيعيا والنقاب يزداد عدد مرتدياته يوما بعد يوم، والمساجد تنمو كالفطر في كل زاوية، ويزيد عدد مرتاديها بكثير عن مرتادي الكنائس، كما أن تجمعات العاطلين عن العمل في المناطق الإسلامية في نمو مستمر، ولا يساهم غالبيتهم بشيء في الاقتصاد تقريبا غير العيش عالة على المساعدات الاجتماعية، كما بلغ عدد المسلمين في أوروبا 45 مليونا، وهو رقم لا يعني الكثير لو كان هؤلاء ينوون الاندماج والعيش مع المحيط الأكبر، ولكن الأمر ليس كذلك، فغالبيتهم يدينون بالولاء للإسلام السياسي أكثر من وطنهم الجديد. كما بينت الاستقصاءات أن نسبة كبيرة لا تعارض عمليات القتل الجماعية أو الهجمات الانتحارية، كما تنتشر بينهم جرائم الشرف وظلم المرأة ومعاملتها بطريقة لا تختلف عما كانت تعامل به في وطنها الأصلي، ولا تستطيع السلطات فعل شيء حيال ما تتعرض له مع تزايد إقرارها بحق المسلمين في تطبيق قوانين الشريعة، ومن المرعب أن نرى أن من لجأ الى أوروبا هربا من وطنه بسبب الدكتاتورية السياسية أو الدينية أو العسكرية يود الآن تحويل أوروبا الى شيء يماثل ما سبق له ان هرب منه!
لا نكتب هذا ضد أحد بعينه، ولكن لكي نبدي احتجاجنا على كل هذا «الاستذباح» في الدفاع عن حق المسلمين في العيش في أوروبا بالطريقة التي تناسب معتقداتهم، ونرفض في الوقت نفسه السماح لأي أقلية لدينا، ومنهم الأوروبي، أن يقوم بمجرد التنفس بغير الطريقة التي نختارها له. كما نكتب لنحذر من أن المواطن المسلم الملتزم والفخور بأوروبيته هو الذي سيدفع في نهاية الأمر ثمن تطرف غيره، فالرعاع لن يهمهم ان أعيدوا الى الدول التي سبق أن قدم أهلهم منها، فهم رعاع أولا وأخيرا!

أحمد الصراف