الشاب خالد الفضالة، أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي (التيار الليبرالي في الكويت) صدر ضده، أمس الأربعاء، حكم أول درجة بالسجن ثلاثة أشهر وغرامة مالية، في القضية التي رفعها ضده سمو رئيس الوزراء، بعدما قال الفضالة في حملة «ارحل نستحق الأفضل» إن «تخريجات» مصاريف ديوان الرئيس تعتبر غسل أموال.
أذكر المعلومة هذه لمن يقرأ صحافتنا من خارج الكويت…
ومعلش، كنت قد وعدت صديقي، شهر يوليو، بعدم الحديث عن السياسة، إلا أنه سيعذرني وهو يعلم ما حدث للفضالة… والفضالة، لمن لا يعرفه عن قرب، ذو نَفَس طويل يبزّ نفَس المقرئ المرحوم عبدالباسط عبدالصمد إذا تجلّى على مقام النهاوند، وهو صبور كالسدرة(*)…
وبعدما تهاوى التيار الليبرالي في الكويت، وسقط «العَلَم» من أيدي فرسانه، وانقلب بعضهم فانضموا إلى الخصوم، وولى الغالبية الأدبار أمام سطوة ذوي القرار والدينار، التفّ هو ومجموعة معه عائدين، فحمل العلمين، الكويتي والليبرالي، وتقدم الجموع، فتعرض لطعنات في صدره من الخصوم، وأخرى في ظهره من بعض الليبراليين الرخوم، الذين اعتادوا ربط فانيلّاتهم على مؤخراتهم كما تفعل حسناوات أوروبا أثناء التسوق. خالد الفضالة، بحسب موقعه، كان بإمكانه أن يقف أمام المرآة ويعتني بتسريحة شعره، ويتعلم الجلوس على الركب أمام الكبار، فيجني الثمار. كان بإمكان «بو سند»، خالد الفضالة، أن يتبادل الغمزات والتنسيق مع بعض جمعيات النفع العام التي نعرفها ونعرف غمزاتها، ليكنز أموالاً يغار منها قارون، لكنّه سيكون شخصاً آخر غير خالد الفضالة. على أن أول من سيعارضه ويتبرأ منه لو فعل ذلك هو والده الوطني الشهم الدكتور سند الفضالة. فهذا الخالد من ذاك السند.
وأمس الأربعاء، بعد صدور الحكم بسجن الفضالة، تلقيت اتصالاً من زميل عربي: «ماذا لديكم أيضاً؟ ما حكاية (سجن ناشط سياسي كويتي) التي وصلتنا تواً؟»، فأجبته: «الكويت تعاني الزحمةَ، ويبدو أن الحكومة قررت تخفيف الضغط عن الشوارع، فباشرت رفع القضايا على معارضيها. والفضالة ليس ناشطاً عادياً كما هو حال المكدّسين على أرفف الجمعيات، الفضالة يا سيدي أحد أبرز السياسيين بحسب موقعه. والكويت ستستمر تدور في الساقية كما يدور الثور، ما لم تتغير الأوضاع. الكويت يا زميل تتأرجح على حبل غير مشدود، وتفرد ذراعيها كي لا تسقط من علٍ وترتطم بالأرض فيتهشم رأسها، والفضالة وبقية المعارضة يشدون الحبل ويحبسون أنفاسهم ويتضرعون إلى الله أن يحفظها». وأكملت: الفضالة، مذ كان طالباً في أميركا، بدأت صافرات إنذار الفاسدين تنطلق محذرة منه، وبعد عودته إلى الكويت صرخ بأعلى وطنيته «إلا الدستور»، فأزعجتهم الصرخة، وأنيس منصور يقول: «لا يصرخ الإنسان بصوت منخفض»، ثم ساهم في حملة «نبيها خمس» التاريخية، وقاتل لإقرار حقوق المرأة، ولم يكُ يوماً عنصرياً ولا طائفياً، ووو، فأدركوا أنه سيزعجهم، فقرروا أن «يخرّبوا عشّه قبل أن يكبر طيره».
ويا خالد الفضالة ماذا أصاب الكويت؟ وبمَ سنجيب إذا قرأ أمامنا أحفادنا: «بأي ذنب قُتلت»؟
ومنذ اللحظة سيبدأ التنافس على الفزعة لخالد الفضالة وللحريات، ضد نهج الحكومة القمعي، بين أنصار «التكتل الشعبي» وأنصار «التحالف الوطني». والغلبة طبعاً كالعادة ستكون لأنصار الشعبي الذين سيتحملون مؤونة السفر، ويصبرون على وعثائه. وليعذرنا الأصدقاء في التحالف، فالسموم واللواهيب تحرق الجلود وتجفف الحلوق.
***
(*) السدرة: شجرة صحراوية تصبر عن الماء فترات طويلة.